السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
قال الشيخ الحازمي حفظه الله في الشريط الأول من شرحه للمعة الإعتقاد:
"... يا أخي الكريم يا من يريد طلب العلم أنت إذا وضعت قدمك في طلب العلم أنت في عملٍ جليل شريف لا يساويك أحدٌ البتة ، أنت تسلك مسلك الأنبياء والرسل ، الأنبياء والرسل ما بعثوا إلا بالعلم ، والعلم أصل التوحيد ، دعوة الناس قائمة على العلم الشرعي الصحيح ، وهذا لا يُنال بالنوم ، ولا ينال براحة الجسد ، وإنما لا بد من الاحتراق ، ولذلك قيل : من كانت بداياته محرقة كانت نهايته مشرقة . فهذا ينبغي أن يتنبه له طالب العلم أن حاله والمحافظة على وقته والنظر في تعامله مع الناس ، والنظر في قبل ذلك تعامله مع ربه جل وعلا في التمسك بقيام الليل وصيام النهار ونحو ذلك ، ولا يُنْظَرُ نَظَرًا قاصرًا إلى ما يرد عن بعض السلف أنه يقال : ليس بعد الفرائض أفضل من العلم . وهذا صحيح ، ليس بعد الفرائض أفضل من العلم ، يفهمها بعض الناس الآن معناه أترك كل نافلة واشتغل بالعلم ، وليته يشتغل بالعلم صباح مساء لا حضور درس بين المغرب والعشاء ، ثم جلوس إلى الساعة الحادية عشر ، ثم الجوال إلى آخره كما هو المعلوم من حياة كثير من الناس ، هل مراد الشافعي ومراد الإمام أحمد وغيره من أهل العلم هو هذا لطالب العلم يترك جميع النوافل ثم لا يشتغل بالعلم بهذه الحجة أنه ليس بعد الفرائض أفضل من العلم ؟ نقول : لا ، ليس الأمر كذلك ، أعظم دليل يدل على هذا أنهم ما أرادوا به ما يفهمه الكثير من طلاب العلم ، انظر إلى تراجم من قال هذه العبارة ، يعني : الإمام أحمد يرى هذا الكلام ، ونُقِلَ عنه نقولات متعددة مختلفة بألفاظٍ متباينة في كثير ممن ترجم له ، حينئذٍ نقول : انظر في ترجمة الإمام أحمد كيف هو مع التعبد ؟ انظر في ترجمة الإمام الشافعي كيف هو مع التعبد ؟ ترى العجب العجاب كما يقال ، بمعنى أن هذه الترجمة هي التي تفسر هذه الجملة ليس بعد الفرائض أفضل من العلم ، نعم إن وقع تعارض بين طلب تحصيل علم ونافلةٍ حينئذٍ صار العلم مقدمًا ، وأما إذا لم يقع تعارض لا فالأصل أن الإنسان يأتي بالتعبدات يسلك مسلك النبي يسمع النبي كان يحافظ على قيام الليل إحدى عشرة ركعة ثم يقول : لا ، لا أقوم . ما فائدة هذا العلم ؟ نقول : لا . إذًا ليس بعد الفرائض أفضل من العلم يجب فهمها بفهم أحوال من قال هذه العبارة ، وهذا يكون في النظر في تراجم من ذُكر عنه أو نقل عنه هذا اللفظ ...."