يقول في باب ما لحقته ألف التأنيث بعد ألف فمنعه ذلك من الانصراف في النكرة والمعرفة
وذلك نحو حمراء وصفراء وخضراء وصحراء وطرفاء ونفساء وعشراء وقوباء وفقهاء وسابياء وحاوياء وكبرياء. ومثله أيضاً: عاشوراء ومنه أيضاً: أصدقاء وأصفياء. ومنه زمكاَّء وبروكاء وبراكاء ودبوقاء وخنفساء وعنظباء وعقرباء وزكرياَء. فقد جاءت في هذه الأبنية كلَّها للتأنيث. والألف إذا كانت بعد ألف مثلها إذا كانت وحدها إلاّ أنَّك همزت الآخرة للتحريك لأنّه لا ينجزم حرفان فصارت الهمزة التي هي بدلٌ من الألف بمنزلة الألف لو لم تبدل وجرى عليها ما كان يجري عليها إذا كانت ثابتة كما صارت الهاء في هراق بمنزلة الألف. واعلم أن الألفين لا تزادان أبداً إلا للتأنيث ولا تزادان أبداً لتلحقا بنات الثلاثة بسرداحٍ ونحوها. ألا ترى أنك لم تر قطّ فعلاء مصروفةً ولم نر شيئاً من بنات الثلاثة فيه ألفان زائدتان مصروفاً. فإن قلت: فما بال علباءٍ وحرباء فإ َّ هذه الهمزة التي بعد الألف إنمّا هي بدل من ياءٍ كالياء التي في درحايةٍ وأشباهها وإنَّما جاءت هاتان الزائدتان هنا لتلحقا علباء وحرباء بسرداحٍ وسربالٍ. ألا ترى أن هذه الألف والياء لا تلحقان اسماً فيكون أوّله مفتوحاً لأنه ليس في الكلام مثل سرداحٍ ولا سربالٍ وإنما تلحقان لتجعلا بنات الثلاثة على هذا المثال والبناء فصارت هذه الياء بمنزلة ما هو من نفس الحرف ولا تلحق ألفان للتأنيث شيئاً فتلحقا هذا البناء به ولا تلحق ألفان للتأنيث شيئاً على ثلاثة أحرف وأول الاسم مضموم أو مكسور وذلك لأنَّ هذه الياء والألف إنّما تلحقان لتبلغا بنات الثلاثة بسرداحٍ وفسطاط لا تزادان ههنا إلاّ لهذا فلم تشركهما الألفان اللتان للتأنيث كما لم تشركا الألفين في مواضعهما وصار هذا الموضع ليس من المواضع التي تلحق فيها الألفان اللّتان للتأنيث وصار لهما إذا جاءتا للتأنيث أبنية لا تلحق فيها واعلم أنَّ من العرب من يقول: هذا قوباءٌ كما ترى وذلك لأنهم أرادوا أن يلحقوه ببناء فسطاط والتذكير يدلّك على ذلك والصرف. وأما غوغاء فمن العرب من يجعلها بمنزلة عوراء فيؤنث ولا يصرف ومنهم من يجعلها بمنزلة قضقاضٍ فيذكّر ويصرف ويجعل الغين والواو مضاعفتين بمنزلة القاف والضاد. ولا يجيء على هذا البناء إلاّ ما كان مردَّداً. والواحدة غوغاء.
فهل سيبويه يرى أن همزة علباء منقلبة وليست للإلحاق ؟ أرجو أن تقوِّموا فهمي مشكورين