اخسأ أيها الدعي (الكوراني) فلن تعدو قدرك!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على أشرف خلقه، ثم أما بعد..
فلقد رأيت ذاك الخنزير الذي سماه أهله بـ(علي الكوراني) يتبجح بجهله المطقع، وهو يلوك لسانه كما البقرة تلوك، هارفاً بأنه توصل إلى صيدٍ ثمينٍ صاده؛ فإذا هو ميتةٌ وجيفةٌ، وذلك حول تصحيحه _ هزلت والله أن يتكلم في علم الحديث والرواية مثله _ لحديث صوم يوم الثامن عشر من ذي الحجة؛ وجزمه بأن سنده من أصح الأسانيد؛ وأنه مرويٌ في كتبنا.
فأردت أن أبين لهذا الدعي حجمه، وأري هذا الخنزير منزلته؛ وأنه ليس سوى غرابٌ ناعق، وثورٌ خائر، وكلبٌ نابح.
هذا الخبر اختلف في متنه على ثلاثة أضرب:
الضرب الأول: الكلام عن صيام يوم الثامن من ذي الحجة.
الضرب الثاني: الكلام عن صيام يوم التاسع والعشرين من رجب.
الضرب الثالث: الجمع بينهما في نص واحد.
وهو بجميع أضربه الثلاثة لا يعرف إلا من طريق:
(علي بن سعيد بن قتيبة الرملي الشامي النسائي) مجهول الحال لا يعرف، عن (ضمرة بن ربيعة القرشي) ثقة، عن (عبد الله بن شوذب) ثقة، عن (مطر الوراق) مضعفٌ ليس بالقوي؛ سيء الحفظ يهم ويخطئ؛ ويكثر في حديثه النكارة، عن (شهر بن حوشب) مضعفٌ ليس بالقوي؛ تكلم فيه كثيراً؛ وتجنب الرواية عنه أئمة كبار؛ يتفرد بأحاديث لا يرويها غيره، عن (أبي هريرة).
لا يعرف إلا من هذا الوجه لا ثاني له.
ثم حمله عن [علي بن سعيد]؛ كلٌ من:
- (أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الخواص الخلدي) من شيوخ الصوفية الكبار المحترقين؛ تفرد بتوثيقه الخطيب البغدادي؛ وتبعه السمعاني وابن كثير؛ كثير الرواية عمن يعرف ومن لا يعرف؛ ومحله الصدق لا يزيد عن ذلك،.. عند ابن المغازلي في مناقب علي رقم (24)، وابن الشجري في أماليه رقم (1744).
- (أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن أحمد بن العباس بن سالم بن مهران المعروف بابن النيري البزار) مجهول الحال لا يعرف؛ ومحله الصدق،.. عند الشجري في أماليه رقم (188،716،1212)، وابن أخي ميمي في فوائده رقم (468) ومن طريقه الخطيب في تاريخ بغداد (9/221) ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (42/233)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (42/234)، وابن الجوزي في المنتظم (2/349) والتبصرة رقم (132).
- (أبو نصر حبشون بن موسى بن أيوب الخلال) صدوق وثق،.. عند الشجري في أماليه رقم (188،716،1212)، والجورقاني في الأباطيل والمناكير رقم (714)، والخطيب في تاريخ بغداد (9/221) ومن طريقه ابن الجوزي في العلل المتناهية (356) وابن عساكر في تاريخ دمشق (42/233)، الخلال في فضائل رجب رقم (18)، السلفي في أحاديث وحكايات رقم (28 مخطوط) ومن طريقه ابن دحية الكلبي في أداء ما وجب (ص49).
* قال الجورقاني بعد روايته: (هذا حديث باطل، لم يروه عن أبي هريرة إلا شهر بن حوشب، ولا عنه إلا مطر الوراق، قال أبو الحسين القارئ: سمعت عمر بن علي يقول: لم أسمع يحيى بن سعيد يحدث عن شهر بشيء قط، وقال معاذ بن معاذ: سألت ابن عون عن شهر بن حوشب؟ فقال: منكر الحديث).
* قال الذهبي في رسالته في طرق حديث الغدير (ص84): (هذا حديث منكر غير صحيح، فقد ثبت نزول هذه الآية يوم عرفة بعرفة، وصوم هذا اليوم لا فضيلة فيه أبدا على التعيين، كيف والرافضة يتخذونه عيدا ويحتفلون له، وما أدري على من يحمل هذا الحديث، وقد مر في سند علي رواية عميرة بن سعد لما نشد علي الناس فقام أبو هريرة فيمن قام فشهد).
* قال الحلبي في سيرته (3/385): (وقد اتخذت الروافض هذا اليوم عيدا فكانت تضرب فيه الطبول ببغداد في حدود الأربعمائة في دولة بني بويه. وما جاء: من صام يوم ثماني عشرة من ذي الحجة كتب الله له صيام ستين شهرا. قال بعضهم: قال الحافظ الذهبي: هذا حديث منكر جدا أي بل كذب.
فقد ثبت في الصحيح ما معناه: «أن صيام شهر رمضان بعشرة أشهر» فكيف يكون صيام يوم واحد يعدل ستين شهرا؟! هذا باطل. هذا كلامه فليتأمل.
وقد رددت عليهم في ذلك بما بسطته في كتابي المسمى بـ"القول المطاع في الرد على أهل الابتداع" لخصت فيه الصواعق للعلامة ابن حجر الهيتمي).
* قال ابن كثيرٍ في البداية والنهاية (ط هجر 7/680): (فأما الحديث الذي رواه ضمرة، عن ابن شوذب، عن مطر الوراق، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة؛ قال: لما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد علي قال: "من كنت مولاه فعلي مولاه". فأنزل الله عز وجل: "اليوم أكملت لكم دينكم". قال أبو هريرة: وهو يوم غدير خم، من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا» فإنه حديث منكر جدا، بل كذب; لمخالفته لما ثبت في " الصحيحين " عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن هذه الآية نزلت في يوم الجمعة يوم عرفة ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بها كما قدمنا.
وكذا قوله أن صيام يوم الثامن عشر من ذي الحجة وهو يوم غدير خم يعدل صيام ستين شهرا لا يصح ; لأنه قد ثبت ما معناه في " الصحيح " أن صيام شهر رمضان بعشرة أشهر فكيف يكون صيام يوم واحد يعدل ستين شهرا؟! هذا باطل.
وقد قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي بعد إيراده هذا الحديث: هذا حديث منكر جدا، ورواه حبشون الخلال، وأحمد بن عبد الله بن أحمد النيري - وهما صدوقان - عن علي بن سعيد الرملي، عن ضمرة.
قال: ويروى هذا الحديث من حديث عمر بن الخطاب ومالك بن الحويرث وأنس بن مالك وأبي سعيد وغيرهم بأسانيد واهية.
قال: وصدر الحديث متواتر، أتيقن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله، وأما: «اللهم وال من والاه» فزيادة قوية الإسناد، وأما هذا الصوم فليس بصحيح; ولا والله ما نزلت هذه الآية إلا يوم عرفة قبل غدير خم بأيام. والله تعالى أعلم).
* وقال في (11/ 74): (قلت: وفيه نكارة من وجوه، منها:
قوله: نزل فيه {اليوم أكملت لكم دينكم} وقد ورد مثله من طريق أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري ولا يصح أيضا، وإنما نزل ذلك يوم عرفة، كما ثبت في " الصحيحين " عن عمر بن الخطاب وقد تقدم).
* وقال ابن حجر في تبيين العجب (ص 32): (وروينا في جزء أبي معاذ الشاة المروزي، وفي "فصائل رجب" لعبد العزيز الكتاني من طريق حمزة، عن ابن شوذب، عن مطر الوراق، عن شهر بن حوشب، عن أبى هريرة رضي الله عنه؛ قال: من صام يوم سبع وعشرين من رجب كتب له صيام ستين شهرا، وهو اليوم الذي هبط فيه جبريل بالرسالة. وهذا موقوف ضعيف الإسناد، وهو أمثل ما ورد في هذا المعنى).
* وقال ابن دحية الكلبي في أداء ما وجب (ص50): (وهذا حَدِيث لا يصح، أما شهْر بنُ حوشبِ ففي مقدّمة "صحيح مسلم" عن ابن عوْنٍ: أن شهْراً نَزَكوهُ أي قَصّرُوا به، مأخوذ مِنَ النّيزكِ وهو الرمح القصيرُ، يريد أنه طُعن عليه، وقال شعْبة: لقيت شهْراً فلم أعتدَّ به، وقال الحافظ أبو أحمد عبد الله بن عَدي الجُرجاني: شهرٌ لا يحتج بحديثه. وقد رفَعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من طُرُقٍ، وأعظم جُرحْهِ أنه كانَ شُرَطياً للحجاج.
وقال فقيه الشافعية في زمانه أبو يحي زكرِيّاءُ بن يحيى الساجِى في كتاب "التعديل والتجريح" له، والحَافظ الثقةُ أبو جعْفر العُقيلي في كتابِ "الضعفاءِ وَالمتروكين" من تأليفه: إن شهْراً دخل بيتَ المال فسرق خريطةَ فقيل فيه:
لقدْ باع شهرٌ دينه بخريطةٍ ... فمن يأمَنُ القُرّاء بعْدك يا شهْرُ
وأفتى أهْل البصرة بقطع يده على مذهب مالكَ رحمه الله، قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن علي المالكي في كتاب "عيُون المجالس":
مَسْألةٌ: قال مالِكٌ في رواية ابن القاسم وابن عبد الحكم: مَن سَرق من بيْت المال ومن المغنم وإن كانَ السارقُ أحدَ الجيش ما يجبُ فيه القطع = قُطع.
وقال الحافظ أبو حاتِم محمد بنِ حبَّانَ: إن شهْراً كان يَروي عن الثقات المعضلات، وإنهُ عادلَ عبّادَ بن منصور في الحج فَسرق عيبته، وقد نزه الله شريعةَ الإسلام عنْ أن تؤخذ عن السُّرّاقِ وكَذَبَةِ الأقوام.
فإن قيل: إن أحمد بن حنبل ويحيى بن معين كانَا يقبلان حديثه.
قلنا: إلا في رجب؛ فإنه لم يلتفت إليه، قال أحمد: يُكرهُ إفراد رجَب بالصوم.
وشَهادةُ المُجرَّحَ سَاقطة بإجماعٍ وكذلك روايته، مَعَ أنَّ الجرْحَ عند الفقهاءِ أعمل من التعديل لأنه شهد بأمرٍ خاصّ، وَعلم من باطن الحال ما لم يعلمه من شهد بظاهرها، وهو جَمعٌ بين الشاهدتين حتى لا يكون تكذيباً لإحْداهما لأن للمعدِّل شهَادةً بظاهرٍ صحيحةٌ وللمجرّح شهادة بباطنٍ صحيحة، فالجمعُ بينهما معَ العمل بشهادة المجرح لا يكون تكذيباً لشهادة المعدّل لأن كل واحد منهما شهد بما علم، وإن قلنا بترْجيح المعدّلِ فوجهه أن الجُرحَ أمر طار عليه مخالفٌ للأصل المستصْحب وهو العدالة).
فهل هذا حديث صحيح الإسناد يا خوراني؟!!
ملاحظة مهمة: قد حصل تصحيف كثيرٌ في مصادر التخريج للأسماء، فكل ما خالف فيها ما أثبته هنا فبدله وصححه غير مأمور.
فالقوم أعداءٌ له وخصوم
رد مع اقتباس
...
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السكران التميمي
