بارك الله فيكم.
لم يُقَل هاهنا: إن "الخلاف يقتضي الترجيح"، ولم يخالَف في أن الجمع طريقةٌ مسلوكةٌ -بشروطها- في النظر في اختلافات الأسانيد والطرق، ولم يكن هذا محل الن*زاع، وإنما كان الأمر في تقديم الجمع على الترجيح في ذلك، أو تأخيره عنه.
وأما النقول عن الدارقطني في تصحيح الوجهين، فلا تَرِد على كلام الشيخ، ولا تُشكل عليه؛ لأنه قد قال -كما تراه أعلاه-:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحجار
فالنَّاظر في كتب العلل وترجيحات علماء الحديث ، يجد أن نسبة القول بالجمع بين الرِّوايات المختلفة قليلة جداً بالنِّسبة لما رجَّحوه من روايات ، فهذا بيان للواقع الذي استند على أدلة وقرائن أدَّت إلى هذه النَّتيجة الاستقرائية .
وهذا لا شك فيه، وهو من الظهور بمكان، واقتطاع عشر مسائل، أو خمسين، أو مائة؛ من آلاف المسائل التعليلية= لا يعطي قاعدة، ولا يرسم منهجًا.
ويكفي في بيان أن الجمع هو المؤخَّر عند المحدثين في التعامل مع الطرق والأسانيد: وجود الشروط للجمع بين الروايات، وإذا اشتُرط الشرط؛ عُلِم أن الأمرَ خلاف الأصل، وأن الأصل شيءٌ سواه ما لم يتحقق شرطه، وهو هنا: الترجيح؛ ما لم يتحقق شرط الجمع.
وللجمع شروطٌ تجعله آخرَ ما يرى المحدّثُ القولَ به؛ مثل تكافؤ الروايتين وقوَّتهما، وسعة حفظ المختَلَف عليه، وتأييد القرائن لكونه حفظه؛ كأن يروي المنفرد بوجهٍ الوجهَ الذي رواه غيره، أو يجمع أحد الثقات بين الوجهين، أو يكون مرجعُ الخلاف تقصيرَ الشيخ في الإسناد ونشاطَه له، أو نحو ذلك مما ليس هذا محل تفصيله.
وليس من شرط الترجيح: أن يكون أحد الرواة سيئ الحفظ، بل قد رجَّح الأئمة على روايات الثقات، بل على بعض روايات الحفاظ.
والله أعلم.