[ حث الشيخ صالح الخريصي العلماء والرؤساء على القيام بما أوجب الله عليهم من الأمر والنهي ]

وقال الشيخ: صالح بن أحمد الخريصي، رحمه الله :
بعد حمد الله والثناء عليه، والتحذير من حلول العقوبات، فيا معشر العلماء، والرؤساء، والأمراء، ومن ولاه الله أمرا من أمور المسلمين، قوموا بما أوجب الله عليكم، من الأمر والنهي، والدعوة والإرشاد، والتعليم، والتحذير، والإنذار؛ وذودوا الخلق عن المراتع الوخيمة، والأعمال السيئة الذميمة؛ فإنكم مسؤولون أمام الله تبارك وتعالى عن ذلك؛ فأعدوا للسؤال جوابا، وللجواب صوابا، قبل أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله.
واعلموا أن الله قد أخذ عليكم الميثاق، وأن عليكم من الواجب ما ليس على غيركم؛ فإنكم قادات الناس، ودعاة الناس ورعاتهم؛ فإن أصيبوا فبسببكم، وسبب تفريطكم وإهمالكم. والأمر ظاهر لا خفاء فيه، أما علمتم أن الله تبارك وتعالى إذا أطيع رضي، وإذا رضي بارك، وليس لبركته نهاية؟ وإذا عصي غضب، وإذا غضب لعن، ولعنته تبلغ السابع من الولد.
فيا عباد الله، أما ظهرت المنكرات وانتشرت في ناديكم، وفي حاضرتكم وبواديكم؟! فلم يشمئز منها قلب، ولم يتمعر منها وجه، ولم تنكرها فطرة فأين الغيرة الدينية؟ وأين الأنفة الإسلامية؟ وأين الشهامة العربية؟ وأين الغريزة الإيمانية؟
أما هذه الصلاة تقام، هي أعظم شعائر الإسلام، وتصلى، وكل على سبيله؟ أما هذه الأغاني تشاع وتذاع في الإذاعات، والسينمات، من غير نكير؟ أما هذا السفور من بعض النساء قد ظهر وانتشر، ولم يؤمرن بالتحجب والتستر؟ أما تغارون؟ أما تستحيون؟ وهو أعظم داعية إلى الخناء والفجور؟ أما هذه بناتكم يلبسن لباس الإفرنج، ويتزيين بزيهم، من غير مبالاة ولا مخافة؟! أما هذا من المنكرات والسخافة؟ لأن من تشبه بقوم فهو منهم؟ أما أمركم الله بتأديبهن وصيانتهن وأمرهن ونهيهن ؟ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [سورة التحريم آية: 6] أي: مروهم وانهوهم وعلموهم.
أما هذا التتن الخبيث يشرب في كثير من الشوارع، من غير استتار ولا خفاء، ولا منكر ولا رادع؟ أما هذه المصورات المحرمة تصور جهارا، لا يخشى مصورها ومتخذها عتابا ولا إنكارا؟ أما هذه اللحى تحلق علانية في وسط النهار، مع أن حلقها مثلة ومنقصة وعار، ولا يوجد من ينكر ويغار؟!.

وهذه الأشياء وأضعافها، وأضعاف أضعافها ظاهرة في أسواقكم من غير استتار، أتنكرون وتقولون: إنها ليست ظاهرة، فليس الخبر كالعيان؟ أم تقرون وتقولون: لا قدرة لنا؟ كلا والله إن لكم السلطة التامة، والقدرة النافذة، التي لم تكن لغيركم.
ولكن احذروا عقوبة الله وتغييره، فإنه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فإذا غير العباد غير عليهم، جزاء وفاقا. فتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم ترحمون، وقوموا لله مثنى وفرادى بقوة وثبات، وليأخذ بعضكم على يد بعض، حتى يرجع الأمر إلى نصابه، ويكون على السداد والصواب، لتفوزوا غدا بثوابه، وتأمنوا من نقمته وعقابه.
وعلى سامع هذه الكلمة أن يلقي إليها السمع وهو شهيد، وينظر بطرفه إلى الواقع، حتى يتبين له أن ما قلته ليس فيه مجازفة، ولا خروج عن الحالة التي نحن عليها، وأن الهدف والمطلوب، هو: إصلاح حالتنا الراهنة، ومعالجتها مادام العلاج يفيد، قبل أن يحال بيننا وبين ما نحاول ونريد.
والله المسؤول المرجو الإجابة أن يصلح أئمتنا وعلماءنا وقضاتنا، وأن يجعلهم لأهل الخير أئمة وقادة، وأن يجعل لهم العمل بذلك سجية وعادة، وأن ينصر دينه، ويعلي كلمته.