بارك الله فيك..
وهذا التقارب على معنى التعاون على البر والتقوى ،ورعاية المشتركات،وتهدئ ة لهجة الحوار في موارد النزاع،والتركيز في بيان موارد النزاع على الفرق بين التمشعر القديم وتمشعر ما بعد الجويني والرازي ،ونبذ غلاة السلفية وغلاة الأشعرية = هي من أبواب الخير التي أسأل الله أن يتمها ولا تقترن بفساد يغلبها..
وللشيخ كلام جميل فيه من إحقاق الحق ورحمة الخلق وتعبيد طرق المؤالفة بما لا يضيع بيان السنة = شيء كثير..
يراجع في المجلد الثالث من الفتاوى،ومما قال فيه : ((وَالنَّاسُ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ الْحَنْبَلِيَّة ِ وَالْأَشْعَرِيّ َةِ وَحْشَةٌ وَمُنَافَرَةٌ. وَأَنَا كُنْت مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ تَأْلِيفًا لِقُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ وَطَلَبًا لِاتِّفَاقِ كَلِمَتِهِمْ وَاتِّبَاعًا لِمَا أُمِرْنَا بِهِ مِنْ الِاعْتِصَامِ بِحَبْلِ اللَّهِ وَأَزَلْت عَامَّةَ مَا كَانَ فِي النُّفُوسِ مِنْ الْوَحْشَةِ وَبَيَّنْت لَهُمْ أَنَّ الْأَشْعَرِيَّ كَانَ مِنْ أَجَلِّ الْمُتَكَلِّمِي نَ
الْمُنْتَسِبِين َ لَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَنَحْوِهِ الْمُنْتَصِرِين َ لِطَرِيقِهِ كَمَا يَذْكُرُ الْأَشْعَرِيُّ ذَلِكَ فِي كُتُبِهِ. وَكَمَا قَالَ أَبُو إسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ: إنَّمَا نَفَقَتْ الْأَشْعَرِيَّة ُ عِنْدَ النَّاسِ بِانْتِسَابِهِم ْ إلَى الْحَنَابِلَةِ وَكَانَ أَئِمَّةُ الْحَنَابِلَةِ الْمُتَقَدِّمِي نَ كَأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ وَنَحْوِهِمَا يَذْكُرُونَ كَلَامَهُ فِي كُتُبِهِمْ بَلْ كَانَ عِنْدَ مُتَقَدِّمِيهِم ْ كَابْنِ عَقِيلٍ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِي نَ، لَكِنَّ ابْنَ عَقِيلٍ لَهُ اخْتِصَاصٌ بِمَعْرِفَةِ الْفِقْهِ وَأُصُولِهِ وَأَمَّا الْأَشْعَرِيُّ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى أُصُولِ أَحْمَدَ مِنْ ابْنِ عَقِيلٍ وَأَتْبَعُ لَهَا فَإِنَّهُ كُلَّمَا كَانَ عَهْدُ الْإِنْسَانِ بِالسَّلَفِ أَقْرَبَ كَانَ أَعْلَمَ بِالْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ. وَكُنْت أُقَرِّرُ هَذَا لِلْحَنْبَلِيَّ ةِ - وَأُبَيِّنُ أَنَّ الْأَشْعَرِيَّ، وَإِنْ كَانَ مِنْ تَلَامِذَةِ الْمُعْتَزِلَةِ ثُمَّ تَابَ، فَإِنَّهُ كَانَ تِلْمِيذَ الجبائي وَمَالَ إلَى طَرِيقَةِ ابْنِ كُلَّابٍ وَأَخَذَ عَنْ زَكَرِيَّا الساجي أُصُولَ الْحَدِيثِ بِالْبَصْرَةِ، ثُمَّ لَمَّا قَدِمَ بَغْدَادَ أَخَذَ عَنْ حَنْبَلِيَّةِ بَغْدَادَ أُمُورًا أُخْرَى، وَذَلِكَ آخِرُ أَمْرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فِي كُتُبِهِمْ. وَكَذَلِكَ ابْنُ عَقِيلٍ كَانَ تِلْمِيذَ ابْنِ الْوَلِيدِ وَابْنِ التَّبَّانِ الْمُعْتَزِلِيّ َيْن ثُمَّ تَابَ مِنْ ذَلِكَ، وَتَوْبَتُهُ مَشْهُورَةٌ بِحَضْرَةِ الشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ. وَكَمَا أَنَّ فِي أَصْحَابِ أَحْمَدَ مَنْ يُبْغِضُ ابْنَ عَقِيلٍ وَيَذُمُّهُ: فَاَلَّذِينَ يَذُمُّونَ الْأَشْعَرِيَّ لَيْسُوا مُخْتَصِّينَ بِأَصْحَابِ أَحْمَدَ بَلْ فِي جَمْعِ الطَّوَائِفِ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ. وَلَمَّا أَظْهَرْت كَلَامَ الْأَشْعَرِيِّ - وَرَآهُ الْحَنْبَلِيَّة ُ - قَالُوا: هَذَا خَيْرٌ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ وَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِاتِّفَاقِ الْكَلِمَةِ. وَأَظْهَرْت مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي مَنَاقِبِهِ أَنَّهُ لَمْ تَزَلْ الْحَنَابِلَةُ وَالْأَشَاعِرَة ُ مُتَّفِقِينَ إلَى زَمَنِ القشيري فَإِنَّهُ لَمَّا جَرَتْ تِلْكَ الْفِتْنَةُ بِبَغْدَادَ تَفَرَّقَتْ الْكَلِمَةُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِي جَمِيعِ الطَّوَائِفِ مَنْ هُوَ زَائِغٌ وَمُسْتَقِيمٌ. مَعَ أَنِّي فِي عُمْرِي إلَى سَاعَتِي هَذِهِ لَمْ أَدْعُ أَحَدًا قَطُّ فِي أُصُولِ الدِّينِ إلَى مَذْهَبٍ حَنْبَلِيٍّ وَغَيْرِ حَنْبَلِيٍّ، وَلَا انْتَصَرْت لِذَلِكَ، وَلَا أَذْكُرُهُ فِي كَلَامِي، وَلَا أَذْكُرُ إلَّا مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا. وَقَدْ قُلْت لَهُمْ غَيْرَ مَرَّةٍ: أَنَا أُمْهِلُ مَنْ يُخَالِفُنِي ثَلَاثَ سِنِينَ إنْ جَاءَ بِحَرْفِ وَاحِدٍ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ يُخَالِفُ مَا قُلْته فَأَنَا أُقِرُّ بِذَلِكَ. وَأَمَّا مَا أَذْكُرُهُ فَأَذْكُرُهُ عَنْ أَئِمَّةِ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ بِأَلْفَاظِهِمْ وَبِأَلْفَاظِ مِنْ نَقْلِ إجْمَاعِهِمْ مِنْ عَامَّةِ الطَّوَائِفِ. هَذَا مَعَ أَنِّي دَائِمًا وَمَنْ جَالَسَنِي يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنِّي: أَنِّي مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ نَهْيًا عَنْ أَنْ يُنْسَبَ مُعَيَّنٌ إلَى تَكْفِيرٍ وَتَفْسِيقٍ وَمَعْصِيَةٍ، إلَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الرسالية الَّتِي مَنْ خَالَفَهَا كَانَ كَافِرًا تَارَةً وَفَاسِقًا أُخْرَى وَعَاصِيًا أُخْرَى وَإِنِّي أُقَرِّرُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ خَطَأَهَا: وَذَلِكَ يَعُمُّ الْخَطَأَ فِي الْمَسَائِلِ الْخَبَرِيَّةِ الْقَوْلِيَّةِ وَالْمَسَائِلِ الْعَمَلِيَّةِ)) .