بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جزاك الله خيرا .
لا توجد أسباب أخرى للمس كالإنتقام و الأذية . فلن تجد نصا صريحا يقول بهذا و لكن أقوال رقاة و ربما علماء و هي مجرد تفسير و اجتهاد لما يحُدثه الجن من تأثير على االممسوس . أعطيك أمثلة .
مثال 1 ـ قال بعض ممن هم متخصصون في مسائل الجن أنّك إذا رميت ماء ساخنا { لماذا الساخن و لم يقولوا الماء البارد أو أو الماء فقط } في مجاري المياه بدون أن تذكر الله فتكون قد اعتديت على الجن الموجود في ذلك المكان فيمسك و يتلبس بك !! هذا كلام لا أصل له في الشرع.
جعل الله بين الجن و الإنس حجاب ساتر فإذا رميت ماء أو أي شيء فلا يصيب شياطين الجن (( هم المعنيون بالمس و ليس كل الجن )) و إذا رمى الجن ماء أو أي شيء فلا يصيب الإنس : فلماذا إذا رمى الجن ماء لا يصيب به البشر و نحن فقط نصيبهم ؟؟؟؟ يأخي هناك حجاب يحمي الكافر و المؤمن و الملحد ... على سواء . لا الجن يصيب الإنس و لا الإنس يصيب الجن و أنت تعلم أنّ الجن يتكلمون فيما بينهم و يتشاجرون و يقتتلون هل نسمع أو نحس بشيء مما يجري عندهم ؟ لا . هناك حجاب . أتعلم ما مصدر قول رمي الماء الساخن إعتداء على شياطين الجن ؟ مصدره إستنطاق الرقاة الجن المتلبس أثناء الرقية فيقول مسسته لأنه رمى علي ماء ساخن و كذا و كذا ... ما فائدة الجن من هذا الكذب ؟ له فائدتان :
أولا . شياطين الجن في عالم الإنس من وراء الحجاب ، مهامهم التجسس على البشر و التربص بهم و الإعتداء عليهم حينما تتاح لهم الفرص عن طريق السحر يعني الخدع و لكنهم لا يستطيعون الذهاب و البقاء في مكان فيه الملائكة بمعنى آخر في مكان طاهر . فيلجؤون إلى أماكن النجاسات و الأوساخ ... حيث لا ملائكة هناك . هذه الأماكن تضمن لهم الأمن يعني هم في مجاري المياه آمنين . فإذا جاء الإنسان و رمى عليهم الماء الساخن فقد يتأذى الجن لا من الماء و لكن من الحرارة التي يحملها الماء و هي ليست مادة . فمعلوم أنّ الحرارة لا يتحملها الجن و قد تفتك به : جاء في القرآن " إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ " يعني نار حارة . فأصبحت مجاري المياه غير آمنة لشياطين الجن بسبب الماء الحار . فكيف العمل إذن ؟ الحل هو إيصال كذبة أو معلومة خاطئة إلى مسامع البشر فيصدقونها و ترسخ في عقولهم لعلّهم ينتهون عن رمي الماء الساخن على الشياطين . المناسابة ؟ جلسة الرقية أثناء الإستنطاق . ماذا نقول للراقي ؟ مسسناه لأنّه رمى علينا الماء الساخن .
هذه أول فائدة: تأمين مجاري المياه الناجسة للشياطين .
ثانيا . تخويف البشر من الأماكن الناجسة يعني تقديسها .بمعنى الشرك . من المسلمين من تقول له إرمي ماء ساخن في مجاري المياه فيقول لك أنا أخاف أن يمسني جن و قد لا يخاف و يتجرأ على سرقة الأحذياء من المسجد الذي هو بيت الله .
مثال 2 ـ الخوف الشديد سبب في المس . هذا غير صحيح . يقول الله عز و جل : " إِذْ جَآءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ ٱلأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ " . هل يعني هذا أنهم أصيب بالمس بسسب الخوف ؟
مثال 3 ـ الغفلة عن ذكر الله سبب في المس . سبب غير صحيح . قبل أن يبعث الله محمدا صلى الله عليه و سلم بثلاث أو أربع سنين هل كان يحصن نفسه و يقرأ القرآن ؟ ألم يكن الصحابة رضي الله عنهم غافلين عن ذكر الله ؟ هل تلبستهم الشياطين و أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بُعث إلى قوم ممسوسين ؟
ذكر الله و التحصين يمنع أن تتوفر في المؤمن أسباب المس . المبالغة و الخلاف و الغلو في أمور الجن و تصديق القصص التي لا أساس لها في الشرع تصب في مصلحة الشيطان . الشيطان له سلاحان فقط : الوسوسة و السحر يعني الخدع .
أمور أخرى مبنية على تأويل خاطئ لبعض الأيات و الأحاديث جعلتن نجانب الصواب في معرفة حقيقة المس و السحر و الوسوسة . الواقع في أغلب الأحيان يخالف ما أوّلوه .
و الله أعلى و أعلم