ما يمسكهن إلا الله... الواحد القهار
في سورة الحج: الآيات 63-72
ﭧ ﭨ ﭽ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﭼالحج: ٦٣ - ٧٢
ملك الكون لله وإنزاله المطر وإنباته النبات
ويستطرد السياق في استعراض دلائل القدرة في مشاهد الكون المعروضة للناس في كل حين:
(ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء, فتصبح الأرض مخضرة ? إن الله لطيف خبير).
ونزول الماء من السماء, ورؤية الأرض بعده مخضرة بين عشية وصباح. . ظاهرة واقعة مكرورة . قد تذهب الألفة بجدتها في النفوس. فأما حين يتفتح الحس الشاعر , فإن هذا المشهد في الأرض يستجيش في القلب شتى المشاعر والأحاسيس. وإن القلب ليحس أحيانا أن هذا النبت الصغير الطالع من سواد الطين , بخضرته وغضارته , أطفال صغار تبسم في غزارة لهذا الوجود الشائق البهيج , وتكاد من فرحتها بالنور تطير ! والذي يحس على هذا النحو يستطيع أن يدرك ما في التعقيب بقوله: (إن الله لطيف خبير). . من لطف وعمق ومشاكلة للون هذا الإحساس , ولحقيقة ذلك المشهد وطبيعته. فمن اللطف الإلهي ذلك الدبيب اللطيف. دبيب النبتة الصغيرة من جوف الثرى , وهي نحيلة ضئيلة , ويد القدرة تمدها في الهواء , وتمدها بالشوق إلى الارتفاع على جاذبية الأرض وثقلة الطين . . وبالخبرة الإلهية يتم تدبير الأمر في إنزال الماء بقدر في الوقت المناسب وبالقدر المطلوب ويتم امتزاج الماء بالتربة , وبخلايا النبات الحية المتطلعة إلى الانطلاق والنور ! والماء ينزل من سماء الله إلى أرضه, فينشى ء فيها الحياة, ويوفر فيها الغذاء والثراء. . والله المالك لما في السماء والأرض, غني عما في السماء والأرض. وهو يرزق الأحياء بالماء والنبات, وهو الغني عنهم وعما يرزقون:
(وإن الله لهو الغني الحميد). فما به سبحانه من حاجة إلى من في السماء والأرض , أو ما في السماء والأرض فهو الغني عن الجميع . . وهو المحمود على آلائه, المشكور على نعمائه, المستحق للحمد من الجميع.
حفظ الله للكون وتدبيره بقدرته
ويستطرد السياق مرة أخرى إلى استعراض دلائل القدرة المعروضة للناس في كل حين:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (65) وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ (66)
وفي هذه الأرض كم من قوة وكم من ثروة سخرها الله لهذا الإنسان ; وهو غافل عن يد الله ونعمته التي يتقلب فيها بالليل والنهار ! لقد سخر الله ما في الأرض لهذا الإنسان , فجعل نواميسها موافقة لفطرته وطاقاته. ولو اختلفت فطرة الإنسان وتركيبه عن نواميس هذه الأرض ما استطاع الحياة عليها , فضلا على الانتفاع بها وبما فيها . . لو اختلف تركيبه الجسدي عن الدرجة التي يحتمل فيها جو هذه الأرض , واستنشاق هوائها , والتغذي بطعامها والارتواء بمائها لما عاش لحظة . ولو اختلفت كثافة بدنه أو كثافة الأرض عما هي عليه ما استقرت قدماه على الأرض , ولطار في الهواء أو غاص في الثرى . . ولو خلا وجه هذه الأرض من الهواء أو كان هذا الهواء أكثف مما هو أو أخف لاختنق هذا الإنسان أو لعجز عن استنشاق الهواء مادة الحياة ! فتوافق نواميس هذه الأرض وفطرة هذا الإنسان هو الذي سخر الأرض وما فيها لهذا الإنسان . وهو من أمر الله . ولقد سخر الله له ما في الأرض مما وهبه من طاقات وإدراكات صالحة لاستغلال ثروات هذه الأرض , وما أودعه الله إياها من ثروات وطاقات ظاهرة وكامنة ; يكشف منها الإنسان واحدة بعد واحدة - وكلما احتاج إلى ثروة جديدة فض كنوزا جديدة. وكلما خشي أن ينفذ رصيده من تلك الكنوز تكشف له منها رصيد جديد . . وها هو ذا اليوم لم يستنفد بعد ثروة البترول وسائر الفلزات ثم فتح له كنز الطاقة الذرية والطاقة الإيدروجينية . وإن يكن بعد كالطفل يعبث بالنار فيحرق نفسه بها ويحرق سواه , إلا حين يهتدي بمنهج الله في الحياة , فيوجه طاقاتها وثرواتها إلى العمران والبناء , ويقوم بالخلافة في الأرض كما أرادها الله !
(والفلك تجري في البحر بأمره). . فهو الذي خلق النواميس التي تسمح بجريان الفلك في البحر. وعلم الإنسان كيف يهتدي إلى هذه النواميس, فيسخرها لمصلحته وينتفع بها هذا الانتفاع. ولو اختلفت طبيعة البحر أو طبيعة الفلك. أو لو اختلفت مدارك هذا الإنسان . . ما كان شيء من هذا الذي كان !
(ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه). . وهو الذي خلق الكون وفق هذا النظام الذي اختاره له ; وحكم فيه تلك النواميس التي تظل بها النجوم والكواكب مرفوعة متباعدة , لا تسقط ولا يصدم بعضها بعضا . . وكل تفسير فلكي للنظام الكوني ما يزيد على أنه محاولة لتفسير الناموس المنظم للوضع القائم الذي أنشأه خالق هذا النظام. وإن كان بعضهم ينسى هذه الحقيقة الواضحة , فيخيل إليه أنه حين يفسر النظام الكوني ينفي يد القدرة عن هذا الكون ويستبعد آثارها! وهذا وهم عجيب وانحراف في التفكير غريب. فإن الاهتداء إلى تفسير القانون - على فرض صحته والنظريات الفلكية ليست سوى فروض مدروسة لتفسير الظواهر الكونية تصح أو لا تصح, وتثبت اليوم وتبطل غدا بفرض جديد - لا ينفي وجود واضع القانون. وأثره في إعمال هذا القانون . . والله سبحانه (يمسك السماء أن تقع على الأرض) بفعل ذلك الناموس الذي يعمل فيها وهو من صنعه. (إلا بإذنه) وذلك يوم يعطل الناموس الذي يعمله لحكمة ويعطله كذلك لحكمة .
الحياة والموت والبعث بيد الله
وينتهي السياق في استعراض دلائل القدرة ودقة الناموس بالانتقال من الكون إلى النفس ; وعرض سنن الحياة والموت في عالم الإنسان:
(وهو الذي أحياكم , ثم يميتكم , ثم يحييكم , إن الإنسان لكفور). . والحياة الأولى معجزة , تتجدد في كل حياة تنشأ آناء الليل وأطراف النهار. وسرها اللطيف ما يزال غيبا يحار العقل البشري في تصور كنهه . . وفيه مجال فسيح للتأمل والتدبر . . والموت سر آخر يعجز العقل البشري عن تصور كنهه , وهو يتم في لحظة خاطفة , والمسافة بين طبيعة الموت وطبيعة الحياة مسافة عريضة ضخمة . . وفيه مجال فسيح للتأمل والتدبر . . والحياة بعد الموت - وهي غيب من الغيب, ولكن دليله حاضر من النشأة الأولى. . وفيه مجال كذلك للتأمل والتدبر . . ولكن هذا الإنسان لا يتأمل ولا يتدبر هذه الدلائل والأسرار: (إن الإنسان لكفور). .
والسياق يستعرض هذه الدلائل كلها, ويوجه القلوب إليها في معرض التوكيد لنصرة الله لمن يقع عليه البغي وهو يرد عن نفسه العدوان . وذلك على طريقة القرآن في استخدام المشاهد الكونية لاستجاشة القلوب , وفي ربط سنن الحق والعدل في الخلق بسنن الكون ونواميس الوجود . .
تثبيت الرسول على دعوته وعدم التفاته للمشركين وعداوةالمشركينللحق
وحين يصل السياق إلى هذا المقطع الفاصل من عرض دلائل القدرة في مشاهد الكون الكبرى يتوجه بالخطاب إلى رسول الله [ ص ] ليمضي في طريقه , غير ملتفت إلى المشركين وجدالهم له ; فلا يمكنهم من نزاعه في منهجه الذي اختاره الله له , وكلفه تبليغه وسلوكه .
(لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ (67) وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69) . ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض ? إن ذلك في كتاب . إن ذلك على الله يسير). .
إن لكل أمة منهجا وطريقة في الحياة والتفكير والسلوك والاعتقاد. هذا المنهج خاضع لسنن الله في تصريف الطبائع والقلوب وفق المؤثرات والاستجابات. وهي سنن ثابتة مطردة دقيقة. فالأمة التي تفتح قلوبها لدواعي الهدى ودلائله في الكون والنفس هي أمة مهتدية إلى الله بالاهتداء إلى نواميسه المؤدية إلى معرفته وطاعته. والأمة التي تغلق قلوبها دون تلك الدواعي والدلائل أمة ضالة تزداد ضلالا كلما زادت إعراضا عن الهدى ودواعيه. . وهكذا جعل الله لكل أمة منسكا هم ناسكوه , ومنهجا هم سالكوه . . فلا داعي إذن لأن يشغل الرسول [ ص ] نفسه بمجادلة المشركين, وهم يصدون أنفسهم عن منسك الهدى, ويمعنون في منسك الضلال. والله يأمره ألا يدع لهم فرصة لينازعوه أمره, ويجادلوه في منهجه. كما يأمره أن يمضي على منهجه لا يتلفت ولا ينشغل بجدل المجادلين. فهو منهج مستقيم: (وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم). . فليطمئن إذن على استقامة منهجه. واستقامته هو على الهدى في الطريق. . فإن تعرض القوم لجداله فليختصر القول. فلا ضرورة لإضاعة الوقت والجهد: (وإن جادلوك فقل: الله أعلم بما تعملون). . فإنما يجدي الجدل مع القلوب المستعدة للهدى التي تطلب المعرفة وتبحث حقيقة عن الدليل. لا مع القلوب المصرة على الضلال المكابرة التي لا تحفل كل هذا الحشد من الدواعي والدلائل في الأنفس والآفاق وهي كثيرة معروضة للأنظار والقلوب . . فليكلهم إلى الله. هو الذي يحكم بين المناسك والمناهج وأتباعها الحكم الفاصل الأخير: (الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون). . وهو الحكم الذي لا يجادل فيه أحد, لأنه لا جدال في ذلك اليوم, ولا نزاع في الحكم الأخير ! والله يحكم بعلم كامل, لا يند عنه سبب ولا دليل, ولا تخفى عليه خافية في العمل والشعور. وهو الذي يعلم ما في السماء والأرض كله ; ومن ضمنه عملهم ونياتهم وهو بها محيط:
(ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض. إن ذلك في كتاب . إن ذلك على الله يسير). وعلم الله الكامل الدقيق لا يخفى عليه شيء في السماء ولا في الأرض, ولا يتأثر بالمؤثرات التي تنسى وتمحو. فهو كتاب يضم علم كل شيء ويحتويه.
(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (70) وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَا لَيْسَ لَهُم بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ (71) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُ م بِشَرٍّ مِّن ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (72))
وإن العقل البشري ليصيبه الكلال , وهو يتأمل - مجرد تأمل - بعض ما في السماء والأرض , ويتصور إحاطة علم الله بكل هذا الحشد من الأشياء والأشخاص , والأعمال والنيات والخواطر والحركات , في عالم المنظور وعالم الضمير. ولكن هذا كله , بالقياس إلى قدرة الله وعلمه شيء يسير: (إن ذلك على الله يسير). . وبعد أن يأمر الله رسوله [ ص ] ألا يدع للمشركين فرصة لمنازعته في منهجه المستقيم, يكشف عما في منهج المشركين من عوج, وعما فيه من ضعف, وعما فيه من جهل وظلم للحق ; ويقرر أنهم محرومون من عونه تعالى ونصرته. وهم بذلك محرومون من النصير:
(ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا, وما ليس لهم به علم. وما للظالمين من نصير). وما لوضع ولا لشرع من قوة إلا أن يستمد قوته من الله. فما لم ينزل به الله من عنده قوة, هو ضعيف هزيل, خلو من عنصر القوة الأصيل. وهؤلاء إنما يعبدون آلهة من الأصنام والأوثان, أو من الناس أو الشيطان. . وهذه كلها لم ينزل الله بها قوة من عنده, فهي محرومة من القوة. وهم لا يعبدونها عن علم ولا دليل يقتنعون به , إنما هو الوهم والخرافة. وما لهم من نصير يلجأون إليه وقد حرموا من نصرة الله العزيز القدير. وأعجب شيء أنهم وهم يعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا, وما ليس لهم به علم . لا يستمعون لدعوة الحق , ولا يتلقون الحديث عنها بالقبول. إنما تأخذهم العزة بالإثم , ويكادون يبطشون بمن يتلون عليهم كلام الله:
(وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر, يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا). . إنهم لا يناهضون الحجة بالحجة , ولا يقرعون الدليل بالدليل إنما هم يلجأون إلى العنف والبطش عندما تعوزهم الحجة ويخذلهم الدليل. وذلك شأن الطغاة دائما يشتجر في نفوسهم العتو , وتهيج فيهم روح البطش , ولا يستمعون إلى كلمة الحق لأنهم يدركون أن ليس لهم ما يدفعون به هذه الكلمة إلا العنف الغليظ ! ومن ثم يواجههم القرآن الكريم بالتهديد والوعيد:
(قل: أفأنبئكم بشر من ذلكم ?) بشر من ذلكم المنكر الذي تنطوون عليه , ومن ذلك البطش الذي تهمون به . . (النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا). . وهي الرد المناسب للبطش والمنكر (وبئس المصير). .
عجز الآلهة المعبودة من دون الله وعرض بعض صفات الله
ثم يعلن في الآفاق, على الناس جميعا, إعلانا مدويا عاما. . يعلن عن ضعف الآلهة المدعاة ; الآلهة كلها التي يتخذها الناس من دون الله. ومن بينها تلك الآلهة التي يستنصر بها أولئك الظالمون , ويركن إليها أولئك الغاشمون. يعلن عن هذا الضعف في صورة مثل معروض للأسماع والأبصار , مصور في مشهد شاخص متحرك , تتملاه العيون والقلوب . . مشهد يرسم الضعف المزري ويمثله أبرع تمثيل:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74))
. . إنه النداء العام, والنفير البعيد الصدى: (يا أيها الناس). . فإذا تجمع الناس على النداء أعلنوا أنهم أمام مثل عام يضرب, لا حالة خاصة ولا مناسبة حاضرة: (ضرب مثل فاستمعوا له). . هذا المثل يضع قاعدة, ويقرر حقيقة. (إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له). . كل من تدعون من دون الله من آلهة مدعاة. من أصنام وأوثان, ومن أشخاص وقيم وأوضاع, تستنصرون بها من دون الله, وتستعينون بقوتها وتطلبون منها النصر والجاه. . كلهم (لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له). . والذباب صغير حقير ; ولكن هؤلاء الذين يدعونهم آلهة لا يقدرون - ولو اجتمعوا وتساندوا - على خلق هذا الذباب الصغير الحقير ! وخلق الذباب مستحيل كخلق الجمل والفيل. لأن الذباب يحتوي على ذلك السر المعجز سر الحياة. فيستوي في استحالة خلقه مع الجمل والفيل . . ولكن الأسلوب القرآني المعجز يختار الذباب الصغير الحقير لأن العجز عن خلقه يلقي في الحس ظل الضعف أكثر مما يلقيه العجز عن خلق الجمل والفيل ! دون أن يخل هذا بالحقيقة في التعبير. وهذا من بدائع الأسلوب القرآني العجيب !
ثم يخطو خطوة أوسع في إبراز الضعف المزري: (وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه). . والآلهة المدعاة لا تملك استنقاذ شيء من الذباب حين يسلبها إياه, سواء كانت أصناما أو أوثانا أو أشخاصا ! وكم من عزيز يسلبه الذباب من الناس فلا يملكون رده . وقد اختير الذباب بالذات وهو ضعيف حقير. وهو في الوقت ذاته يحمل أخطر الأمراض ويسلب أغلى النفائس: يسلب العيون والجوارح , وقد يسلب الحياة والأرواح . . إنه يحمل ميكروب السل والتيفود والدوسنتاريا والرمد . . ويسلب ما لا سبيل إلى استنقاذه وهو الضعيف الحقير ! وهذه حقيقة أخرى كذلك يستخدمها الأسلوب القرآني المعجز. . ولو قال: وإن تسلبهم السباع شيئا لا يستنقذوه منها . . لأوحى ذلك بالقوة بدل الضعف. والسباع لا تسلب شيئا أعظم مما يسلبه الذباب ! ولكنه الأسلوب القرآني العجيب !
ويختم ذلك المثل المصور الموحي بهذا التعقيب: (ضعف الطالب والمطلوب). ليقرر ما ألقاه المثل من ظلال , وما أوحى به إلى المشاعر والقلوب ! وفي أنسب الظروف . . والمشاعر تفيض بالزراية والاحتقار لضعف الآلهة المدعاة يندد بسوء تقديرهم لله , ويعرض قوة الله الحق الحقيق بأنه إله:
(ما قدروا الله حق قدره, إن الله لقوي عزيز). . ما قدروا الله حق قدره, وهم يشركون به تلك الآلهة الكليلة العاجزة التي لا تخلق ذبابا ولو تجمعت له. بل لا تستنقذ ما يسلبها الذباب إياه ! ما قدروا الله حق قدره , وهم يرون آثار قدرته , وبدائع مخلوقاته , ثم يشركون به من لا يستطيعون خلق الذباب الحقير ! ما قدروا الله حق قدره, وهم يستعينون بتلك الآلهة العاجزة الكليلة عن استنقاذ ما يسلبها إياه الذباب, ويدعون الله القوي العزيز. . إنه تقرير وتقريع في أشد المواقف مناسبة للخشوع والخضوع ! [1]
(وللتجانيين رأي آخر !...)
فماذا يقول التجانيون ؟!...
أورد العلامة محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله في كتابه "الهدية الهادية إلى الطائفة التجانية" نصاً يعرض فيه حقيقة القطبانية في العقيدة التجانية أنقله هنا لعلاقته بهذا الموضوع، وهو ينقله بدوره بالحرف عن كتاب يُعد المرجع الأول عند التجانيين... أنقل إذاً ما نقله بكل أمانة لا أنقص منه حرفاً ولا أزيد عليه حرفاً، يشرح لنا فيه صاحب "جواهر المعاني"[2] (وشهد شاهد من أهلها...) كيف أن شيخهم[3] (بحسب مؤلف الكتاب المذكور) يمسك هذا الكون والسماوات والأرض، ... بل الوجود كله... أنقله وبدون تعليق:
يقول الدكتور محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله: [المسالة الأولى ما يسمى بقطب الأقطاب والغوث الجامع: تقدم بطلان وجود القطب وأنه من عقيدة الجهال وأريد هنا أن أذكر ما نسبه صاحب جواهر المعاني إلى شيخه التجاني في تفسير قوله تعالى : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) } ليطلع القراء ويعلموا إلى أي حد بلغ الضلال ببعض الناس
قال صاحب الجواهر (ج 2 ص 181) ما نصه: وسألته عن معنى قوله تعالى: { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } الآية، فأجاب بما نصه قال الأمانة هي القيام بحقوق مرتبة الحق في كلية معانيها خلقية وإلاهية فلم تطق حمل هذه الأمانة السماوات والأرض، فأشفقن منها، وحملها الإنسان الكامل الذي يحفظ الله به نظام الوجود وبه يرحم جميع الوجود وبه صلاح جميع الوجود وهو حياة جميع الوجود، وبه قيام جميع الوجود، ولو زال عن الوجود طرفة عين واحد لصار الوجود كله عدما في أسرع من طرفة عين، وهو المعبر عنه بلسان العامة ( بقطب الأقطاب والغوث الجامع ) ومعنى قوله ظلوما جهولا يعني ظلوما بتخطيه حدود البشرية وحدود الخلقية وخروجه إلى القيام بحقوق مرتبة الحق حيث لا أين ولا كيف ولا صورة ولا حد، فإن هذا لا قدرة لأحد عليه إلا الله وحده فهذا معنى ظُلْمِه لكونه تخطى مرتبة البشرية من الخلقية وهو لا يقدر لأن الأمر الذي تخطى إليه لا غاية له ولا نهاية، لكون الإحاطة مستحيلة فيه قال سبحانه: { وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا } فهذا معنى الجهل والظلم الذي نسب إليه هو نفي الإحاطة بكنه جلاله، وذلك غاية المعرفة بالله فإن معرفته من وراء خطوط الدوائر كلها يعني دوائر الصديقية . اهـ
ويُعلق الدكتور الهلالي رحمه الله بقوله: «فانظر كيف خلع هؤلاء الضالونعلى الشخص الخيالي المسمى بالقطب صفة الحي القيوم، الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهن من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا ولولا حلمه سبحانه لخسفت الأرض تحت من يقول هذا القول ويعتقد هذه العقيدة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى. والآن دونك التفسير الصحيح للآية : ذكر الإمامان ابن جرير وابن كثير في تفسير هذه الآية أقوالا وأحاديث مروية بالأسانيد إلى الصحابة والتابعين، بعضها مرفوعا، وبعضها موقوف، وقد لخص الجمل في حاشيته على الجلالين الموقوف منها فأحببت أن أنقله مختصرا كراهية التطويل. ونص تفسير الجلالين : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ } الصلوات وغيرها مما في فعلها من الثواب وتركها من العقاب { عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ } بأن خلق فيها فهما ونطقا، { فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ } خِفن { مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ } آدم بعد عرضها عليه { إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا } لنفسه بما حمله { جَهُولًا } به { لِيُعَذِّبَ اللَّهُ } اللام متعلقة بعرضنا المترتب عليه حمل آدم { الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَا تِ وَالْمُشْرِكِين َ وَالْمُشْرِكَات ِ } المضيعين الأمانة { وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ِ } المؤدين الأمانة { وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا } للمؤمنين { رَحِيمًا } بهم. اهـ قال الجمل في حاشيته على هذا الكلام قوله: { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ } قال ابن عباس: أراد بالأمانة الطاعة والفرائض التي فرضها الله تعالى، على عباده عرضها على السماوات والأرض والجبال على أنهم إن أدوها أثابهم وإن ضيعوها عذبهم، وقال ابن مسعود: الأمانة أداء الصلوات وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت وصدق الحديث وقضاء الدين والعدل في المكيال، وأشد من هذا كله الودائع، وقيل هي جميع ما أمروا به ونهوا عنه وقيل هي الصوم وغسل الجنابة، وفي رواية ابن عباس هي أمانات الناس والوفاء بالعهود، فحق على كل مؤمن ألا يغش مؤمنا ولا معاهدا لا في قليل ولا في كثير، فعرض الله هذه الأمانة على أعيان السماوات والأرض والجبال، وهذا قول جماعة من التابعين وأكثر السلف فقال لهن أتحملن هذه الأمانة بما فيها فقلن: وما فيها قال: إن أحسنتن جوزيتن، وإن عصيتن عوقبتن، قلن: لا يا رب نحن مسخرات لأمرك لا نريد ثوابا ولا عقابا، وقلن ذلك خوفا وخشية وتعظيما لدين الله تعالى لئلا يقوموا بها لا معصية ومخالفة لأمره، وكان العرض عليهن تخييرا لا إلزاما، ولو ألزمهن لم يمتنعن من حملها، والجمادات كلها خاضعة لله تعالى مطيعة لأمره ساجدة له. ثم قال: وفي القرطبي واللام متعلقة بحملها أي حملها ليعذب العاصي ويثيب المطيع، وقيل متعلقة بعرضنا أي عرضنا الأمانة على الجميع ثم قلدناها الإنسان ليظهر شرك المشرك ونفاق المنافق ليعذبهم الله وإيمان المؤمن ليثيبه الله. اهـ
قال محمد تقي الدين: ولم يزل يظهر لي أن المراد بالإنسان هنا الجنس، كما قال تعالى: { وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) } وكقوله تعالى: { لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) } ، ولكني تهيَّبت أن أُحدث قولا لم ينقل عن السلف حتى وقفت على كلام القرطبي فرأيته يشير إلى ذلك كما ترى، واتصاف جنس الإنسان بكثرة الجهل والظلم أولى من قصره أحد أفراده، وإبعاد الأنبياء والصديقين واستثناؤهم من الظلم والجهل مستحسن عندي جدا، كما وقع في آية العصر وآية التين، ويا لله العجب كيف يستطيع رجل من بني آدم أن يمسك السماوات والأرض، ويدبر شؤونها بحيث لو غفل عنهما طرفة عين لصرنا عدما ولا تلاشينا ولم يبق لهن أثر، سبحانك هذا بهتان عظيم، أرأيت لو حبس هذا القطب في مكان لا يجد فيه سبيلا لقضاء الحاجة فهل يستطيع أن يخرج من ذلك الحبس الضيق إلى عالم من العوالم التي يدبر شؤونها ويقضي حاجته أم يبقى في (حيص بيص) حتى يتغوط على ثيابه ويبول عليها وحينئذ، يسخر منه الشيطان الذي أغواه وأمره بادعاء ذلك الأمر العظيم، الذي لا يقدر عليه إلا الله، ليس اللوم على هؤلاء الدجاجلة إذا ما ادعوا مثل هذه الدعوى ليسلبوا بها عقول الناس وأديانهم وأموالهم وأعراضهم، ولكن اللوم كل اللوم على شرار الدواب الذين يصدقونهم، ...»] (ص 115) ...
[... وقال صاحب الجواهر في الموضوع نفسه (ج 2 ص 74 ): « وسألته رضي الله عنه عن حقيقة القطبانية فأجاب بقوله: اعلم أن حقيقة القطبانية هي الخلافة العظمى عن الحق مطلقا في جميع الوجود جملة وتفصيلا، حيثما كان الرب إلها كان هو خليفة في تصريف الحكم وتنفيذه في كل من عليه ألوهية الله تعالى، ثم قيامه بالبرزخية العظمى بين الحق والخلق فلا يصل إلى الخلق شيئا كائنا من كان من الحق إلا بحكم القطب وتوليته ونيابته عن الحق في ذلك، وتوصيله كل قسمة إلى محلها، ثم قيامه في الوجود بروحانيته في كل ذرة من ذرات الوجود جملة وتفصيلا، فترى الكون كله أشباحا لا حركة لها إنما هو الروح القائم فيها جملة وتفصيلا، وقيامه فيها في أرواحها وأشباحها، ثم تصرفه في مراتب الأولياء فيذوق مختلفات أذواقهم فلا تكون مرتبة في الوجود للعارفين والأولياء خارجة عن ذوقه، فهو المتصرف فيها جميعا، والمعد لأربابها، وله الاختصاص بالسر المكتوم الذي لا مطمع لأحد في دركه والسلام.». اهـ
قال محمد تقي الدين: وهذا الكلام بلغ من الوضوح حدا لا يحتاج إلى شرح، فحكايته شرحه، ونترك الحكم عليه للقارئ والله المستعان.[4] .../... ] (ص 119) (نقلاً عن: الهدية الهادية إلى الطائفة التجانية)
[2] - إشارة إلى كتاب "جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس التجاني" – لمؤلفه: علي حرازم بن العربي براده المغربي الفاسي.
[3] - يقول العلامة تقي الدين الهلالي (رحمه الله): ... أول ما نقله مؤلف الإفادة الأحمدية عن شيخه التجاني أنه سأله سائل أيُكذبُ عليك ؟ قال نعم ما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله وسنة رسوله فما وافقهما فهو عني سواء أقلته أو لم أقله وما خالفهما فليس عني سواء أقلته أو لم أقله، فنحن حين نعرض هذه المسائل على الكتاب والسنة نكون عاملين بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبوصية الشيخ التجاني نفسه فنقول وبالله التوفيق وهو الهادي بمنه إلى أقوم طريق . (نقلا عن الهدية الهادية، ص 37-38) . ويقول أمل العلمي: عنوان الكتاب المشار إليه: الإفــــادة الأحـمدية لمريــد السعــادة الأبـــــديـــة ومؤلفه هو الطيب السفياني. ولتأكيد ما قاله العلامة تقي الدين الهلالي رحمه الله، رجعت لمقدمة الكتاب المشار إليه الطبعة الثانية الصادرة في السنة 1391هـ/1971م وأنقل منها ما نصه بالضبط من كلام الشيخ التجاني (حسب المصدر) المرتب ترتيباً معجمياً : 1-[إذا سمعتم عني شيئا فزنوه بميزان الشرع فإن وافق فأعملوا به، وإن خالف فاتركوه]." اهـ... ويضيف أمل بن إدريس العلمي : "وبذلك يكون شيخهم تبرأ مما ينسبونه إليه إذا كان مخالفاً للكتاب والسنة".
[4] - محمد تقي الدين الهلالي (رحمه الله) - الهدية الهادية إلى الطائفة التجانية. ص 115 و ص 119 من الطبعة الثانية