السلام عليكم و رحمة الله و بركاته :
أشكلت علي هذه المسألة الفقهية من كتاب المبسوط للسرخسي ، لاحتوائها على كلمات غريبة ، فأرجو من يشرح لي هذا الكلام مع توضيح غريبه ، و هل هذا الكلام له معارض أم لا ، و جزاكم الله خيرا .
كتاب المبسوط للسرخسي
( قَالَ ) أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ أَوْ بَطْنَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْوَلَدَ الْأَكْبَرَ وَالْآخَرُ الْأَصْغَرَ مَعًا فَإِنْ كَانَا فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَهُمَا ابْنَاهُمَا جَمِيعًا ؛ لِأَنَّهُمَا خُلِقَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ فَدَعْوَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَحَدِهِمَا تَكُونُ دَعْوَةً لَهُمَا وَإِنْ كَانَا فِي بَطْنَيْنِ فَالْأَكْبَرُ وَلَدُ الَّذِي ادَّعَاهُ ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى نَسَبَ وَلَدِ جَارِيَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا وَقَدْ حَصَلَ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِهِمَا فَتَسْتَنِدُ دَعْوَتُهُ إلَى حَالَةِ الْعُلُوقِ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَضْمَنُ نِصْفَ عُقْرِهَا وَنِصْفَ قِيمَتِهَا لِمُدَّعِي الْأَصْغَرِ ، فَأَمَّا الْأَصْغَرُ فِي الْقِيَاسِ عَبْدٌ لِمُدَّعِي الْأَكْبَرِ بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ لِمُدَّعِيهِ ؛ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ صَارَتْ أُمَّ وَلَدِ الْمُدَّعِي الْأَكْبَرِ مِنْ حِينَ عَلِقَتْ بِهِ فَمُدَّعِي الْأَصْغَرِ ادَّعَى نَسَبَ وَلَدِ أُمِّ وَلَدِ الْغَيْرِ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ وَيَضْمَنُ جَمِيعَ الْعُقْرِ لِإِقْرَارِهِ بِوَطْءِ أُمِّ وَلَدِ الْغَيْرِ وَقَدْ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْهُ لِلشُّبْهَةِ ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَثْبُتُ نَسَبُ الْأَصْغَرِ مِنْ مُدَّعِي الْأَصْغَرِ ؛ لِأَنَّهَا حِينَ عَلِقَتْ بِالْأَصْغَرِ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا فِي الظَّاهِرِ فَيَصِيرُ ذَلِكَ شُبْهَةً مُعْتَبَرَةً فِي إثْبَاتِ نَسَبِ الْأَصْغَرِ مِنْ مُدَّعِيهِ بِالدَّعْوَةِ ، وَقِيَامُ الْمِلْكِ لَهُ فِي نِصْفِهَا ظَاهِرًا عِنْدَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْرُورِ وَنَسَبُ وَلَدِ الْمَغْرُورِ يَكُونُ ثَابِتًا بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ وَإِنْ تَبَيَّنَ الْأَمْرُ بِخِلَافِهِ ، وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ كَامِلَةً لِشَرِيكِهِ أَمَّا عَلَى أَصْلِهِمَا فَلَا يَشْكُلُ ؛ لِأَنَّ وَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ عِنْدَهُمَا مَالٌ مُتَقَوِّمٌ وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ مُدَّعِي الْأَصْغَرِ أَتْلَفَهُ بِالدَّعْوَةِ عَلَى مُدَّعِي الْأَكْبَرِ وَإِنَّمَا الْإِشْكَالُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالْعُذْرُ أَنْ يَقُولَ سُقُوطُ الْمَالِيَّةِ وَالتَّقَوُّمِ بِاعْتِبَارِ ثُبُوتِ حَقِّ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي هَذَا الْوَلَدِ ؛ لِأَنَّهُ انْفَصَلَ مِنْ أُمِّهِ قَبْلَ ثُبُوتِ حَقِّ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ فِيهَا بِدَعْوَةِ مُدَّعِي الْأَكْبَرِ وَمَا لَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ فِي الْأُمِّ لَا يَسْرِي إلَى الْوَلَدِ فَلِهَذَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا لِشَرِيكِهِ ، أَوْ عُذْرُهُ هُنَا نَظِيرُ عُذْرِهِ فِي الْمَغْرُورِ بِأُمِّ وَلَدِ الْغَيْرِ أَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ حُرَّ الْأَصْلِ وَثُبُوتُ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ فِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى ثُبُوتِ الرِّقِّ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الرِّقُّ فِيهِ أَصْلًا لَا يَثْبُتُ حُكْمُ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ فِيهِ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ حُدُوثَ الرِّقِّ فِيهِ بِسَبَبِ الْغُرُورِ فَهَذَا مِثْلُهُ .
( قَالَ ) وَيَضْمَنُ الْعُقْرَ لِشَرِيكِهِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى يَضْمَنُ نِصْفَ الْعُقْرِ لِشَرِيكِهِ وَلَيْسَ هَذَا بِاخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ لَكِنَّ مُرَادَهُ هُنَا بَيَانُ جَمِيعِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَمُرَادُهُ ثَمَّ بَيَانُ حَاصِلِ مَا يَبْقَى عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَجَبَ لَهُ عَلَى مُدَّعِي الْأَكْبَرِ نِصْفُ الْعُقْرِ ، فَنِصْفُ - ص 163 - الْعُقْرِ بِنِصْفِ الْعُقْرِ قِصَاصٌ ، يَبْقَى لِمُدَّعِي الْأَكْبَرِ عَلَى مُدَّعِي الْأَصْغَرِ نِصْفُ الْعُقْرِ . قَالَ : وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مُدَّعِي الْأَكْبَرِ ذِمِّيًّا وَمُدَّعِي الْأَصْغَرِ مُسْلِمًا ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدٌ فِيمَا ادَّعَى وَالتَّرْجِيحُ بِالْإِسْلَامِ عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ فَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الْمُزَاحَمَةِ تَصِحُّ دَعْوَى الذِّمِّيِّ كَمَا تَصِحُّ دَعْوَةُ الْمُسْلِمِ .