لعل القاسم المشترك الأكبر بين ما تقرأه في الكتب وتطالعه في المجلات وتشاهده في التلفاز وتسمعه في المذياع وتلقاه في الندوات وتحضره في المجالس = هو ذلك اللقب الفخم والفخم جداً والذي يستحيل على سبيل الاختصار إلى (دال) ضخمة فخمة تسبق اسم المتكلم ويقدم بها له.
بل ولعلك تجد أن عدد حملة الدكتوراه في بلادنا العربية بالنسبة لعدد السكان هو أكبر مما يمكنك أن تجده في كثير من بلاد العالم المتقدمة والمتخلفة على حد سواء،وإن كنت في شك فدعني أذكرك أن سدنة العولمة الأمريكية كآدم سميث وغيره ليسوا من حملة هذه الدكتوراه أل... اللعينة.
ولعله قد سبق إلى ذهنك فاستقر فيه وربع رجليه = أن هذه ظاهرة صحية وارتفاع في المستويات العلمية ينم عن مستقبل باهر وغد مشرق...
ودعني أصدمك فأقول: لا يا مولانا فواقع الأمر أنهم وباختصار مخل: ضحكوا عليك
أيها (المضحوك عليه) العزيز دعنا نبتدي من أول المشوار:
انتهى صاحبنا من دراسته المسماه في جل البلدان العرية (بالثانوية) واتجه إلى دراسته الجامعية –دعنا نقول- بملء إرادته الحرة.
درس أربع سنوات أمشاجاً من العلم تتفاوت درجة استفادته منها بحسب قوة المنهج أو ضعفه وبحسب قوة المدرس(الذي هو الآخر دكتور مر بما ذكرنا وانتهى إلى ما سنذكر)...
يمر الطالب بعد ذلك إلى مرحلة الدراسات العليا فيتعمق أكثر في تخصصه...
والآن ما هو غاية صاحبنا في أحسن الأحوال(؟؟؟)
غايته ومنزلته وتوصيفه أنه لايعدو أن يكون –في أحسن الأحوال- طالب علم قوي.
الآن تأمل معي: يظل يبحث سنتين في مسألة غالباً ماتكون فرعية وغالباً ماتكون اجترار وتكرار لما سبق وقرأه دع عنك أنمها تشغله عن تدرجه في الطلب عامين...
ثم ينشغل أربعة أعوام أخرى ليحصل على تلك الدكتوراة...في مسألة أخرى..
الآن ماهو الواقع: طالب علم قوي انشغل ستة أعوام عن متابعة الطلب الشمولي ؛لينشغل ببحث مسألتين..
نعم. قد يكون في ذلك دربة له ومران على البحث...ولكن ستة أعوام(!!!)
نأتي لمشكلة هذا المقال ومربط الفرس فيه: وهو أن هذه الدكتوراه كانت تعادل درجة أزهرية يقال لها (العالِمية) وكان الأزهري يحصل علي العالمية قديماً بشق الأنفس وحين يكون عالماً لايشق له غبار حتى أن عبقرياً كطه حسين لم يستطع الحصول عليها وضعف عنها..
الغريب في الأمر أن هذه الدكتوراه الآن صارت ترادف لقب (عالم) لهل ماله من الثقل على الرغم من أن المراحل التي أوقفتك عليها لا تنبيء بالنتيجة التي انتهينا إليها ...
نعم من حملة الدكتوراه من هو عالم لكن اسمح لي: ليس بسبب الدكتوراه وإنما بسبب طرق الطلب التي اتبعها البخاري وأحمد ...والدكتوراه(جت في السكة) ...
وإذاً ...
فلا الدكتوراه بذاتها تعني أن حاملها عالم...
ولا المراحل التي يمر بها حاملها تصنع عالماً...
المشكلة أن جمهور حاملي هذه اللعين قد تناسوا ذلك وصاروا يتكلمون بمنطق أن الدكتوراه سيف مشهر في أيديهم يصفحوا به وجوه (غير المتخصصين) ممن طلبوا العلم بالطرق القديمة...بل صار بعضهم يداري جهله بتفخيم دال الدكتوراه ولعبكة الكلام...وحتى صار رجل الشارع يعتذر لأنه لم يفهم (العك بتاعهم) ويرد الأمر لجهله هو وأنه لم يصل لمستوى حاملي الدكتوراه.
اللدكتوراه لعنتها على سبيل التغليب لم صارت في أغلب أحوالها يتستر بها الجهلة والمتعالمين-وفي أحسن الأحوال-طالب العلم المتزيي بزي العالم...
يبقى موقفان أختم بهما:
الأول: قال لي الشريف حاتم العوني مرة: سادة المتخصصين في الحديث في العصر الحديث ليسوا أكاديميين.
الثاني: قال لي صاحبي مرة لما شكوت من الدكتوراه:
( ******************** حرر)