بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :
فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في مسألة الإصرار على الصغيرة هل يجعلها كبيرة أم لا ؟ على قولين :
القول الأول : قول جمهور العلماء رحمهم الله أن الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة .
والقول الثاني : قول بعض أهل العلم ورجحه الشوكاني أن الإصرار على الصغيرة صغيرة ولا يجعلها كبيرة .
واستدل أصحاب القول الأول بحديث ( لا صغيرة مع الإصرار ) وهذا الحديث روي مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم من عدة طرق عن عدد من الصحابة منهم ابن عباس وأنس وعائشة وغيرهم ولكن جميع هذه الطرق ضعيفة ضعفها ابن رجب رحمه الله في شرح الأربعين والألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة .
وروي هذا الحديث موقوفاً عن ابن عباس وموقوفاً عن أنس .
أما قول ابن عباس فقد أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيريهما واللاكائي في شرح أصول الاعتقاد وغيرهم من طريق شبل بن عباد المكي عن قيس بن سعد عن سعيد بن جبير أن رجلا قال لابن عباس كم الكبائر أسبع هي ؟ قال إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع غير أنه لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إصرار ) وهذا الإسناد صحيح إلى ابن عباس صححه ابن مفلح في الآداب الشرعية ومشهور حسن سلمان في تحقيقه للإعتصام .
وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه من قوله قال العراقي في تخريج الإحياء : ( وروى أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس عن أنس قوله : لا صغيرة مع الإصرار ، وإسناده جيد ) انتهى ولم أقف في الحقيقة على إسناد أثر أنس .
ولم يعلم لهما مخالف من الصحابة .
واستدل أصحاب القول الثاني بأن هذا لا دليل عليه .
وقد عرضت هذه المسألة على بعض أهل العلم في هذا المجلس المبارك فاستفدت منهم كثيراً واقترح أحد الأفاضل أن أكتب المسألة في المجلس الشرعي ليعلق عليها المشايخ وطلاب العلم بما يفتح الله عليهم .
فما هو الصواب في هذه المسألة ؟
وما هو ضابط الإصرار ؟
وهل أثر ابن عباس وأنس له حكم الرفع ؟ وجزاكم الله خيرا ، ولا أحد يبخل علينا بما عنده لعل هذا الموضوع يكون مرجعاً شاملاً لهذه المسألة .