عـــشـــر ذي الـــحـــجـــة
المجلس الثاني : فضل عشر ذي الحجة –في نفسه- على غيره من أعشار الشهور
قد سبق ذكر حديث ابن عمر المرفوع ( مامن أيام أعظم عند الله و لا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر )
وفي صحيح ابن حبان عن جابر , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مامن أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة ) –صحيح بشواهده , عامر ياسين محقق اللطائف-.
وروي عن كعب رضي الله عنه أنه قال ( اختار الله الزمان , فأحب الزمان إلى الله الشهر الحرام , و أحب الأشهر الحرم إلى الله ذو الحجة , و أحب ذي الحجة إلى الله العشر الأول ).
وقال مسروق في قوله تعالى ( وليال عشر) : هي أفضل أيام السنة , خرجه عبدالرزاق و غيره.
و أيضا , فأيام هذا العشر يشتمل على يوم عرفة , وفيه يوم النحر الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ( أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر ) خرجه الإمام أحمد وأبو داوود وغيرهما –صححه المحقق-.
وهذا كله يدل على أن عشر ذي الحجة أفضل من غيره من الأيام من غير استثناء.
هذا في أيامه , و أما لياليه فمن المتأخرين من زعم أن ليالي عشر رمضان أفضل من لياليه لا شتمالها على ليلة القدر , وهذا بعيد جدا , والتحقيق ماقاله بعض أعيان المتأخرين من العلماء , وهو أن يقال : مجموع هذا العشر أفضل من مجموع عشر رمضان , و إن كان في عشر رمضان ليلة لا يفضل عليها غيرها . والله أعلم.
· ومن فضائل عشر ذي الحجة غير ما تقدم :
1) أن الله تعالى أقسم به جملة و ببعضه خصوصا , قال تعالى ( والفجر , وليال عشر , والشفع والوتر )
فأما الفجر , فقال بعض المفسرين : إنه فجر معين , ثم اختلفوا في هذا الفجر , فقال بعضهم : إنه أريد به فجر أول يوم من عشر ذي الحجة , وقيل : بل أريد به فجر ىخر يوم منه , وهو يوم النحر , وعلى هذه الأقوال فالعشر يشتمل على الفجر الذي أقسم الله به .
و أما الليالي العشر , فهي عشر ذي الحجة , هذا الصحيح الذي عليه جمهور المفسرين , فقد خرج الإمام أحمد والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( العشر عشر الأضحى , والوتر يوم عرفة , والشفع يوم النحر ) –حسنه ابن رجب-
2) أنه من جملة الأربعين التي واعدها الله عز وجل لموسى عليه السلام ,قال تعالى ( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة ) –الأعراف 142- .
روى عبدالرزاق عن معمر عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد قال : مامن عمل في أيام السنة أفضل منه في العشر من ذي الحجة , وهي العشر التي أتمها الله لموسى عليه السلام .
3) أنه خاتمة الأشهر المعلومات أشهر الحج , التي قال الله فيها ( الحج أشهر معلومات ) –البقرة 197- , وهي شوال وذي القعدة وعشر من ذي الحجة .
روي ذلك عن عمر وابنه عبدالله وعلي وابن مسعود وابن عباس وابن الزبير وغيرهم , وهو قول أكثر التابعين ومذهب الشافعي وأحمد وأبي حنيفة و أبي يوسف و أبي ثور وغيرهم.
4) أنه الأيام المعلومات التي شرع الله تعالى ذكره فيها على ما رزق من بهيمة الأنعام.
قال تعالى ( و أذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق * ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على مارزقهم من بهيمة الأنعام ) – الحج 27,28- وجمهور العلماء على أن هذه الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة , منهم ابن عمر وابن عباس وعطاء ومجاهد وعكرمة وقتادة والنخعي , وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأحمد في المشهور عنه.
ماسبق من الكلام فهو في فضل العشر , أما فضل شهر ذي الحجة فما تقدم من كلام كعب يدل على أن شهر ذي الحجة أفضل الأشهر الحرم الأربعة , وكذا قال سعيد بن جبير : مامن الشهور شهر أعظم حرمة من ذي الحجة .
وفي مسند الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع في خطبته يوم النحر ( ألا إن أحرم الأيام يومكم هذا , ألا وإن أحرم الشهور شهركم هذا , ألا وإن أحرم البلاد بلدكم هذا ) –صححه المحقق- وروي ذلك أيضا عن جابر ووابصة بن معبد ونبيط بن شريط وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
· هذه المقالة تلخيص من كتاب لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف , لا بن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى
عبدالله الغامدي – كلية الشريعة بالرياض