تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: قاعدة سد الذرائع ومقاومتها من هواة الانفلات للشيخ العباد

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    109

    افتراضي قاعدة سد الذرائع ومقاومتها من هواة الانفلات للشيخ العباد

    بسم الله الرحمن الرحيم
    وبعد، فهذا مقال لفضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر حفظه الله تعالى بعنوان:
    ((قاعدة سد الذرائع إلى المحرمات ومقاومتها من هواة الانفلات المتبعين الشهوات)) وهذا نصه:
    الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم وبارك على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
    وبعد، فإن الذرائع هي الوسائل التي تؤدي إلى غايات، وما كان من هذه الوسائل مؤدياً إلى حرام فإنه يكون حراماً، والغاية المحرمة تكون الوسيلة إليها محرمة، وهذه القاعدة ـ وهي قاعدة سد الذرائع إلى الحرام ـ دلت على اعتبارها أدلة كثيرة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر جملة كثيرة من أدلتها شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم رحمهما الله، فذكر ابن تيمية منها ثلاثين دليلاً، وأوصلها ابن القيم إلى تسعة وتسعين دليلاً، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في: ((بيان الدليل على بطلان التحليل)) (ص283): ((إن الله سبحانه ورسوله سد الذرائع المفضية إلى المحارم بأن حرمها ونهى عنها، والذريعة ما كان وسيلة وطريقاً إلى الشيء، لكن صارت في عرف الفقهاء عبارة عما أفضت إلى فعل المحرم، ولو تجردت عن ذلك الإفضاء لم يكن فيها مفسدة، ولهذا قيل: الذريعة الفعل الذي ظاهره أنه مباح وهو وسيلة إلى فعل المحرم))، إلى أن قال (ص285): ((أما شواهد هذه القاعدة فأكثر من أن تحصر، فنذكر منها ما حضر: فالأول: قوله سبحانه: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم)، حرّم تعالى سب الآلهة مع أنه عبادة لكونه ذريعة إلى سبهم لله سبحانه وتعالى؛ لأن مصلحة تركهم سب الله سبحانه راجحة على مصلحة سبنا لآلهتهم، الثاني: ما روى حميد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: (من الكبائر شتم الرجل والديه، قالوا: يا رسول الله! وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه) متفق عليه، ولفظ البخاري: (إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قالوا: يا رسول الله! كيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه)، فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الرجل ساباً لاعناً لأبويه إذا سب سبا يجزيه الناس عليه بالسب لهما وإن لم يقصده، وبين هذا والذي قبله فرق؛ لأن سب آباء الناس هنا حرام، لكن قد جعله النبي صلى الله عليه وسلم من أكبر الكبائر لكونه شتما لوالديه لما فيه من العقوق وإن كان فيه إثم من جهة إيذاء غيره)).
    يشير رحمه الله إلى أن ما جاء في الآية من سب آلهة المشركين سائغ، ولكنه مُنع منه لإفضائه إلى غاية محرمة وهي سب المشركين الرب سبحانه وتعالى، وأن ما جاء في الحديث السبب فيه محرم وهو إيذاء الناس بسب آبائهم، وهو يفضي إلى غاية أشد حرمة وهي مقابلتهم إياه بسب والديه، فيكون ذلك من العقوق الذي هو من أكبر الكبائر، ثم ساق رحمه الله هذه الشواهد حتى أكمل الثلاثين.
    وأما ابن القيم فساق الوجوه التسعة والتسعين لسد الذرائع إلى الحرام في كتابه إعلام الموقعين (3/149ـ171)، ومنها قوله: ((الوجه الحادي عشر: أنه صلى الله عليه وسلم حرَّم الخلوة بالأجنبية ولو في إقراء القرآن، والسفر بها ولو في الحج وزيارة الوالدين؛ سداً لذريعة ما يحاذر من الفتنة وغلبات الطباع، الوجه الثاني عشر: أن الله تعالى أمر بغض البصر وإن كان إنما يقع على محاسن الخلقة والتفكر في صنع الله؛ سدا لذريعة الإرادة والشهوة المفضية إلى المحظور))، ومنها قوله: ((الوجه السابع والخمسون: أنه نهى المرأة إذا خرجت إلى المسجد أن تتطيب أو تصيب بخوراً؛ وذلك لأنه ذريعة إلى ميل الرجال وتشوُّفهم إليها؛ فإن رائحتها وزينتها وصورتها وإبداء محاسنها تدعو إليها، فأمرها أن تخرج تفلة وأن لا تتطيب، وأن تقف خلف الرجال، وأن لا تسبح في الصلاة إذا نابها شيء، بل تصفق ببطن كفها على ظهر الأخرى، كل ذلك سداً للذريعة وحماية عن المفسدة)).
    وقد جاءت الشريعة بتحريم نظر الرجال إلى الأجنبيات ونظر النساء إلى الأجانب ووصفه بأنه زنى العينين، قال الله عز وجل: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم)، وقال: (وقل للمؤمنان يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن)، وقال صلى الله عليه وسلم: ((كُتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذِّبه)) رواه البخاري (6243) ومسلم (6753) واللفظ له عن أبي هريرة رضي الله عنه، وسفور النساء عن وجوههن واختلاطهن بالرجال لاسيما في مكاتب العمل وفصول الدراسة وغيرها يتحقق فيه زنى العينين المحرم الذي هو وسيلة إلى الفاحشة المحرمة، ولا يتأتى مع هذا الانفلات غض الأبصار إلا كما تتأتى سلامة من ألقي في الماء من البلل، ومثل هذه الأحكام الشرعية التي فيها حشمة النساء وعفتهن مباينة لحضارة الغرب المستوردة التي من أخص سماتها حرية النساء وانفلاتهن وانغماسهن في أنواع الرذائل.
    ومما قاله ابن القيم قبل إيراده الوجوه التسعة والتسعين لسد الذرائع (3/147): ((فصل في سد الذرائع ـ لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب وطرق تفضي إليها كانت طرقها وأسبابها تابعةً لها معتبرة بها، فوسائل المحرمات والمعاصي في كراهتها والمنع منها بحسب إفضائها إلى غاياتها وارتباطاتها بها، ووسائل الطاعات والقُرُبَات في محبتها والإذن فيها بحسب إفضائها إلى غايتها؛ فوسيلة المقصود تابعة للمقصود، وكلاهما مقصود، لكنه مقصود قصد الغايات، وهي مقصودة قصد الوسائل؛ فإذا حرم الرب تعالى شيئاً وله طرق ووسائل تُفْضِي إليه فإنه يحرمها ويمنع منها، تحقيقاً لتحريمه، وتثبيتاً له، ومنعاً أن يقرب حِماه، ولو أباح الوسائل والذرائع المفضية إليه لكان ذلك نقضاً للتحريم، وإغراءً للنفوس به، وحكمته تعالى وعلمه يأبى ذلك كل الإباء، بل سياسة ملوك الدنيا تأبى ذلك؛ فإن أحدهم إذا منع جنده أو رعيته أو أهل بيته من شيء ثم أباح لهم الطرق والأسباب والذرائع الموصلة إليه لعُدَّ متناقضاً، ولحصل من رعيته وجنده ضد مقصوده، وكذلك الأطباء إذا أرادوا حسم الداء منعوا صاحبه من الطرق والذرائع الموصلة إليه، وإلا فسد عليهم ما يرومون إصلاحه، فما الظن بهذه الشريعة الكاملة التي هي في أعلى درجات الحكمة والمصلحة والكمال؟ ومن تأمل مصادرها ومواردها علم أن الله تعالى ورسوله سد الذرائع المفضية إلى المحارم بأن حرمها ونهى عنها، والذريعة: ما كان وسيلة وطريقاً إلى الشيء)).
    وقاعدة سد الذرائع إلى المحرمات لا تعجب قتلة الأخلاق هواة الانفلات الذين يتبعون الشهوات ويريدون أن تميل هذه البلاد ميلاً عظيماً، فقد تكرر في الصحف تهوين بعض كتَّابها من شأن هذه القاعدة والإنكار على من يستدل بها على منع انفلات النساء وسفورهن واختلاطهن بالرجال، ومن آخر ما قذفته الصحف في ذلك ما نشرته صحيفة الرياض بتاريخ 20/10/1431هـ عن أحد كتَّابها تحت عنوان: ((سعوديلوجيا)) قال: (((لوجيا) لاحقة لغوية تعني علماً أو دراسة أو نظرية باللغة اليونانية القديمة، وبدءا من القرن الثامن عشر أصبحت تلحق في أوروبا باسم الشيء المراد تفسيره أو دراسته أو تقديمه كعلم مستقل، وبمرور الوقت ارتبطت بعلوم جديدة ومدارس حديثة فأصبح هناك مثلا سيكيولوجيا (علم النفس)، وبيولوجيا (علم الأحياء)، وجيولوجيا (علم الأرض)، وتكنولوجيا (علم التقنية)، وبارماكلوجيا (علم العقاقير) ...الخ))، ثم قال متندراً متهكماً ماكراً: ((وطالما أن المسألة (لوجيا في لوجيا) يمكننا نحن أيضاً ابتكار مصطلحات محلية تفسر علوماً ونظريات ودراسات لم يسبقنا إليها أحد من العالمين))، ثم ذكر سبع عشرة كلمة ختمها بـ(لوجيا)، ومنها قوله: ((أما الاختلاطلوجيا: فهي فرضية حدوث لقاء غير شرعي بين رجل وامرأة لا يعرفان مصلحتهما وفشل الأهل في تربيتهما، وبالتالي يحتاجان لوصاية من يسيء الظن بالجميع!!))، وقوله: ((أما الكرسيلوجيا: فابتكار عربي يعني عدم تنازل المسؤول العربي عن الكرسي إلا في حالة وفاته أو توريثه لابنه البكر!))، فإن كان الكاتب يريد هذا الزمان ففي الغربيين الذين فتن بهم المستغربون والتغريبيون من سبق إلى ذلك، وإن كان يريد صدر الإسلام بعد الخلافة الراشدة فقد سبق الفرس إلى ذلك فملّكوا عليهم ابنة كسرى بعد موته وفيهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) رواه البخاري (7099)، وقوله: ((أما التطرفلوجيا: فحالة تتبنى أقصى حدود التشدد والتزمت، وتستقطع من آراء الفقهاء وقصص التراث ما يقنع صاحبها بأنه صاحب رسالة مقدسة! أما العلمانلوجيا: فتهمة مطاطة لا يُعرف معناها بالضبط ولكنها على أي حال تهمة جاهزة يُقذف بها كل من يعارض التطرفلوجيا! أما المرألوجيا: ففوبيا رجالية تفترض بأن المرأة قابلة للفساد والانحراف بمجرد غياب ولي الأمر أو منحها شيئا من الحرية وفرص العمل!))، وقوله: ((وأخيرا ـ أيها السادة ـ هناك مصطلح صعب النطق يدعى (سدالذرائعلوجيا) الذي يهتم بإغلاق كافة أبواب التيسير وضم حتى المباح والمسكوت عنه تحت مظلة سوء الظن واحتمال الانحراف!)).
    وأقول تعليقاً على هذا الهذيان: كفى بالجهل بشرع الله داءً، وكفى باتباع الأهواء والشهوات بلاءً، والله الهادي إلى سواء السبيل.
    وأسأل الله عز وجل أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان وأن يهدي شبابهم ذكوراً وإناثاً إلى ما فيه الصلاح والفلاح وخروج من انحرف منهم من الظلمات إلى النور، وأن يوفق المسؤولين عن الصحف في هذه البلاد وكتًّابها لقول الحق والسلامة من قول الباطل، إنه سبحانه وتعالى جواد كريم.
    وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
    ومن يك سائلاً عني فإني . . بمكة منزلي وبها ربيت

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: قاعدة سد الذرائع ومقاومتها من هواة الانفلات للشيخ العباد

    بارك الله فيك

    وحفظ الله بلادنا من شر التغريب والفساد .....

  3. #3

    افتراضي رد: قاعدة سد الذرائع ومقاومتها من هواة الانفلات للشيخ العباد

    أثابك الله أخي على عنايتك بنشر مقالات شيخنا بقية السلف العلامة عبدالمحسن العباد البدر أمد الله في عمره ومتع به.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    المشاركات
    66

    افتراضي رد: قاعدة سد الذرائع ومقاومتها من هواة الانفلات للشيخ العباد

    هؤلاء المردود عليهم أهل حيل مثل اليهود يغيرون الأسماء الشرعية لكي يتوصلوا لتغيير الأحكام الشرعية مثلهم كمثل أهل السبت و كمثل التيس المستعار

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    73

    افتراضي رد: قاعدة سد الذرائع ومقاومتها من هواة الانفلات للشيخ العباد

    جزاك ربي الفردوس على ما تقدمه من خير

    وتقبل مرور
    مقارعة المنافقين بالحجج وكشف باطلهم من أعظم الأعمال الصالحة قال تعالى (جاهد الكفار والمنافقين) وقال عليه الصلاة والسلام ( جاهدوا بألسنتكم )

  6. #6

    افتراضي رد: قاعدة سد الذرائع ومقاومتها من هواة الانفلات للشيخ العباد

    حفظ الله الشيخ العلامة

    والعجب كل العجب ممن ينساق خلف تلك الشرذمة ممن تلبس بلباس العلم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •