اخواني الكرام :
بعد ذكركم لاقوال العلماء في سند الحديث
ترجح عندي ثبوته وان اقل احواله ان يكون حسنا
وقد صححه عددمن الائمة السابقين والمعاصرين كابن حبان وابن تيمية وابن القيم واحمد شاكر والالباني
رحمهم الله جميعا
وهذا تخريج العلامة الالباني رحمه الله للحديث
“ ما أصاب أحدا قط هم و لا حزن , فقال : اللهم إني عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك , أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك , أو علمته أحدا من خلقك , أو أنزلته في كتابك , أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي و نور صدري و جلاء حزني و ذهاب همي . إلا أذهب الله همه و حزنه و أبدله مكانه فرجا . قال : فقيل : يا رسول الله ألا نتعلمها ? فقال بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها “ .
قال الألباني في “السلسلة الصحيحة” 1 / 337 :رواه أحمد ( 3712 ) و الحارث بن أبي أسامة في مسنده ( ص 251 من زوائده ) و أبو يعلى ( ق 156 / 1 ) و الطبراني في “ الكبير “ ( 3 / 74 / 1 ) و ابن حبان في “ صحيحه “ ( 2372 ) و الحاكم ( 1 / 509 ) من طريق فضيل بن مرزوق حدثنا أبو سلمة الجهني عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن “ عبد الله “ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الحاكم : “ حديث صحيح على شرط مسلم , إن سلم من إرسال عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه , فإنه مختلف في سماعه من أبيه “ . و تعقبه الذهبي بقوله : “ قلت : و أبو سلمة لا يدري من هو و لا رواية له في الكتب الستة “ .قلت : و أبو سلمة الجهني ترجمه الحافظ في “ التعجيل “ و قال : “ مجهول . قاله الحسيني . و قال مرة : لا يدري من هو . و هو كلام الذهبي في “ الميزان “ , و قد ذكره ابن حبان في “ الثقات “ , و أخرج حديثه في “ صحيحه “ , و قرأت بخط الحافظ بن عبد الهادي : يحتمل أن يكون خالد بن سلمة . قلت : و هو بعيد لأن خالدا مخزومي و هذا جهني “ . قلت : و ما استبعده الحافظ هو الصواب , لما سيأتي , و وافقه على ذلك الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى في تعليقه على المسند ( 5 / 267 ) و أضاف إلى ذلك قوله : “ و أقرب منه عندي أن يكون هو “ موسى بن عبد الله أو ابن عبد الجهني و يكنى أبا سلمة , فإنه من هذه الطبقة “ . قلت : و ما استقر به الشيخ هو الذي أجزم به بدليل ما ذكره , مع ضميمة شيء آخر و هو أن موسى الجهني قد روى حديثا آخر عن القاسم بن عبد الرحمن به , و هو الحديث الذي قبله فإذا ضمت إحدى الروايتين إلى الأخرى ينتج أن الراوي عن القاسم هو موسى أبو سلمة الجهني , و ليس في الرواة من اسمه موسى الجهني إلا موسى بن عبد الله الجهني و هو الذي يكنى بأبي سلمة و هو ثقة من رجال مسلم , و كأن الحاكم رحمه الله أشار إلى هذه الحقيقة حين قال في الحديث “ صحيح على شرط مسلم ... “ فإن معنى ذلك أن رجاله رجال مسلم و منهم أبو سلمة الجهني و لا يمكن أن يكون كذلك إلا إذا كان هو موسى بن عبد الله الجهني . فاغتنم هذا التحقيق فإنك لا تراه في غير هذا الموضع . و الحمد لله على توفيقه . بقي الكلام على الانقطاع الذي أشار إليه الحاكم , و أقره الذهبي عليه , و هو قوله : “ إن سلم من إرسال عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه ... “ . قلت : هو سالم منه , فقد ثبت سماعه منه بشهادة جماعة من الأئمة , منهم سفيان الثوري و شريك القاضي و ابن معين و البخاري و أبو حاتم , و روى البخاري في “ التاريخ الصغير “ بإسناد لا بأس به عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال : “ لما حضر عبد الله الوفاة , قال له ابنه عبد الرحمن : يا أبت أوصني , قال : ابك من خطيئتك “ . فلا عبرة بعد ذلك بقول من نفى سماعه منه , لأنه لا حجة لديه على ذلك إلا عدم العلم بالسماع , و من علم حجة على من يعلم . و الحديث قال الهيثمي في “ المجمع “ ( 10 / 136 ) : “ رواه أحمد و أبو يعلى و البزار و الطبراني و رجال أحمد رجال الصحيح غير أبي سلمة الجهني و قد وثقه ابن حبان “ !قلت : و قد عرفت مما سبق من التحقيق أنه ثقة من رجال مسلم و أن اسمه موسى بن عبد الله . و لم ينفرد بهذا الحديث بل تابعه عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم بن عبد الله بن مسعود به , لم يذكر عن أبيه . أخرجه محمد بن الفضل بن غزوان الضبي في “ كتاب الدعاء “ ( ق 2 / 1 2 ) و ابن السني في “ عمل اليوم و الليلة “ ( 335 ) , و عبد الرحمن ابن إسحاق و هو أبو شيبة الواسطي متفق على تضعيفه . ثم رأيت الحديث قد رواه محمد بن عبد الباقي الأنصاري في “ ستة مجالس “ ( ق 8 / 1 ) من طريق الإمام أحمد , و قال مخرجه الحافظ محمد بن ناصر أبو الفضل البغدادي : “ هذا حديث حسن عالي الإسناد , و رجاله ثقات “ . و للحديث شاهد من حديث فياض عن عبد الله بن زبيد عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره نحوه . أخرجه ابن السني ( 343 ) بسند صحيح إلى فياض و هو ابن غزوان الضبي الكوفي قال أحمد : ثقة . و شيخه عبد الله بن زبيد هو ابن الحارث اليامي الكوفي . قال ابن أبي حاتم ( 2 / 2 / 62 ) عن أبيه : “ روى عنه الكوفيون “ . و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . قلت : فهو مستور , و مثله يستشهد بحديثه إن شاء الله تعالى . و الحديث قال الهيثمي : “ رواه الطبراني و فيه من لم أعرفه “ . قلت : و كأنه يعني عبد الله بن زبيد , و عليه فكأنه لم يقف على ترجمته في “ الجرح و التعديل “ , و لو أنه لم يذكر فيه تعديلا أو تجريحا , فإن العادة أن لا يقال في مثله “ لم أعرفه “ , كما هو معلوم عند المشتغلين بهذا العلم الشريف . ( تنبيه ) وقع في هامش المجمع تعليقا على الحديث خطأ فاحش , حيث جاء فيه : “ قلت ( القائل هو ابن حجر ) : هذا الحديث أخرجه أبو داود و الترمذي و النسائي من رواية عبد الجليل بهذا الإسناد , فلا وجه لاستدراكه . ابن حجر “ . و وجه الخطأ أن هذا التعليق ليس محله هذا الحديث , بل هو الحديث الذي في “ المجمع “ بعد هذا , فإن هذا لم يروه أحد من أصحاب السنن المذكورين , و ليس في إسناده عبد الجليل , بل هو في إسناده الحديث الآخر , و هو عن أبي بكرة رضي الله عنه , فأخطأ الناسخ أو الطابع فربط التعليق بالحديث الأول , و هو للآخر , و خفي ذلك على الشيخ أحمد شاكر رحمه الله , فإنه بعد أن أشار لهذا الحديث و نقل قول الهيثمي السابق في تخريج الحديث قال : “ و علق عليه الحافظ ابن حجر بخطه بهامش أصله ... “ . ثم ذكر كلام الحافظ المتقدم ! و جملة القول أن الحديث صحيح من رواية ابن مسعود وحده , فكيف إذا انضم إليه حديث أبي موسى رضي الله عنهما . و قد صححه شيخ الإسلام ابن تيمية و تلميذه ابن القيم , هذا و قد صرح بذلك في أكثر من كتاب من كتبه منها “ شفاء العليل “ ( ص 274 ) , و أما ابن تيمية فلست أذكر الآن في أي كتاب أو رسالة ذكر ذلك .