تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: تسليح الشجعان بحكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان- الشيخ عقيل بن محمد المقطري

  1. #1

    افتراضي تسليح الشجعان بحكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان- الشيخ عقيل بن محمد المقطري

    المؤلف / عقيل بن محمد بن زيد المقطري اليماني
    قدم له: الشيخ العلامة مقبل بن هادي الوادعي - الشيخ العلامة محمد بن عبد الوهاب الوصابي
    تقديم بقلم الشيخ العلامة /مقبل بن هادي الوادعي
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله الذي أكمل لنا دين الإسلام فقال سبحانه وتعالى ممتناً على عباده: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) المائدة: 3
    والصلاة والسلام على نبينا محمد القائل في حقه رب العزة (وإن تطيعوه تهتدوا) النور: 54
    وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبد الله ورسوله.
    أما بعد: فإن سلف الأمة رضوان الله عليهم كانوا ينهلون من منبع صافٍ، فإليه يتحاكمون، وعند التنازع يختصمون، لا يرفعون إلى غير الكتاب والسنة رأساً، حتى فشا الجهل والهوى في المسلمين، اخترعوا لهم نحلاً ومللاً يدافع عنها أصحاب الأهواء ويتخذونها ديناً، فطغت على علم الكتاب والسنة، وصدق على أصحابها قول الله عز وجل (فإن لم يستجيبوا لك فأعلم أنما يتبعون أهوائهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين) القصص: 28
    والبدعة أضر على العبد من المعصية كما قال سفيان الثوري رحمه الله.
    وذلك أن صاحب البدعة يظن أنه على الهدى، فربما يموت على بدعته، بخلاف صاحب المعصية فإنه يعلم أنه على معصية فيوشك أن يتوب. وإن تعجب فعجب تقسيمهم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (كل بدعة ضلالة) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث العرباض بن سارية.
    وإني أحمد الله، فقد قام علماؤنا رحمهم الله بقمع أصحاب البدع وتزييفها، وأفردوا الرد عليها بالتأليف، ومنهم من ضمّن الرد عليها في مؤلفاتهم الحافلة.
    والبدع تتجدد، وكلما بعد الناس عن كتاب ربهم وسنة نبيهم فشت فيهم البدع، وإني أنصح بقراءة كتاب (الاعتصام بالكتاب والسنة من صحيح البخاري) وبقراءة (البدع والنهي عنها) لمحمد بن وضاح الأندلسي، وكتاب (الاعتصام) للشاطبي.
    ومن البدع التي استفحل أمرها في هذا الزمن، ليلة النصف من شعبان، وقد قام أخونا في الله الشيخ عقيل بن محمد المقطري بكتابة رسالة في هذا أرجو أن ينفع الله بها.
    وأرجوا أن يوفق الأخ عقيلاً حفظه الله لمواصلة الكتابة في الرد على أهل البدع وتزييف شبهاتهم.
    وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
    أبو عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي
    تقديم بقلم العلامة محمد بن عبد الوهاب الوصابي
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده: أما بعد:
    فقد طلعت على رسالة أخي في الله أبي عبد الرحمن عقيل بن محمد بن زيد المقطري التي ألفها في بيان بدعية الاحتفال بليلة النصف من شعبان، فوجدتها رسالةً طيبة مباركة.
    أسال الله أن ينفع بها المسلمين، وأن يجعلها قامعةً لهذه البدعة، وأن يجعلها في ميزان حسنات المؤلف.
    وأطلب من الأخ المؤلف أن يواصل الكتابة والتأليف في قمع البدع والانحراف عن طريق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
    وإني أدعوا المسلمين جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها أن يتبعوا كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم. قال تعالى (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون). الأعراف: 3
    أسال الله أن يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه، اللهم آمين.
    وكتبه / أبو إبراهيم محمد بن عبد الوهاب بن علي الوصابي العبدلي
    المقدمة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد:
    فإن مما يُكثر المسلمون فيه الكلام والأخذ والرد ما تعوده كثير من المسلمين في بعض المساجد في ليلة النصف من شعبان من الصلاة بين المغرب والعشاء ، والدعاء وإقامة المحاضرات.
    وهكذا مسألة المولد وما يحدث في شهر رجب.
    والعلماء قديماً وحديثاً ما بين مجّوز ومستحسن لإحياء هذه الليالي وبين مانع ومقبح لذلك، والبعض من الصنف الأول يفسق ويضلل بل وربما كفر من لم يقل بإحيائها، ومن الصنف الثاني كذلك من يضلل ويبدع وهلم جرًا.
    وهذا مما يُظهر الإسلام بصورة مشوهة وينفر من أراد أن يدخل في دين الله لما يرى من حال المسلمين.
    ولو أن المسلمين احتكموا إلى الكتاب والسنة وعملوا بما يرشدان إليه، ونظروا إلى سيرة النبي عليه الصلاة والسلام وإلى سيرة صحابته الكرام من بعده وسلف هذه الأمة الصالحين من بعدهم هل حدثت هذه الأمور في أزمانهم.؟ وإن لم فلماذا تركوها؟.
    لو أخذ المسلمون جميعاً بهذه الاعتبارات ما حصل بينهم شقاق وفرقة وتناحر وتنابز بالألقاب.
    فأي أمر مختلف فيه دل الكتاب والسنة على فعله فعلناه، وإن دلاّ على تركه تركناه وهكذا.
    وعلى كل فالعوام المساكين في مثل هذه المسائل هم الضحية ولا حول ولا قوة إلا بالله.
    ولقد رأيت من واجبي أن أبُيّن حكم الشرع في هذه المسائل نصيحة لله ورسوله وللمؤمنين، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم).
    وأنا إذ أ قدم للمسلمين هذه الرسالة في حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان أسال الله تعالى أن ينفع بها المسلمين وأن يبصرهم بسببها في حكم هذا العمل، وأن يجنبنا وإياهم محدثات الأمور، كما أسأله تعالى أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم.
    هذا وقد سميت هذه الرسالة (تسليح الشجعان بحكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان) وجعلتها من ستة فصول وخلاصة. والله المستعان. سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك.
    وكتب / أبو عبد الرحمن السلفي
    عقيل بن محمد بن زيد المقطري
    تعـــــــز – اليمن

    فصل في الأحاديث الواردة
    في فضل شهر شعبان
    1- قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى (ج4 ص 213):
    حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن أبي النضر عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقل لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم استكمل صيام شهر قط إلاّ شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان).
    وأخرجه أيضاً بلفظ: (لم يكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصوم شهراً أكثر من شعبان، وكان يصوم شعبان كله...).
    وأخرجه مسلم (ج 2ص 810) من طريق ابن عيينة عن ابن أبي لبيد عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها بمعناه.
    ورواه أحمد (ج 6 ص 39، 165، 128، 143، 189، 249)، والنسائي (ج 4 ص 150 – 151)، وأبو داود (ج 2ص 813 برقم 2434)، والترمذي في الشمائل برقم (285، 290)، وفي السنن برقم (737)، وهناك ألفاظ كثيرة للحديث في أبي داود والنسائي.
    2- قال الترمذي رحمه الله (ج 3 ص 113 رقم 736):
    حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي سلمة عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصوم شهرين متتابعين إلاّ شعبان ورمضان).
    ورواه في الشمائل برقم (284)، ورواه أبو داود (ج 2ص 750) رقم (2336)، والنسائي (ج 4 ص 150) رقم (2175).
    3- قال الإمام النسائي (ج 4ص 201 رقم 2357):
    أخبرنا عمرو بن علي عن عبد الرحمن قال حدثنا ثابت بن قيس أبو الغصن شيخ من أهل المدينة قال حدثني أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من الشهر ما تصوم من شعبان قال: (ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأُحب أن يُرفع عملي وأنا صائم) قلت: هذا حديث حسن إن شاء الله من أجل ثابت بن قيس أبي الغصن.
    4- قال ابن حبان في صحيحه (ج 7 ص 470 رقم 5636):
    أخبرنا محمد بن المعافى العابد بصيدا وابن قتيبة وغيره قالوا: حدثنا هشام بن خالد الأزرق قال: حدثنا أبو خليد عتبة بن حماد عن الأوزاعي وابن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن مالك بن يخامر عن معاذ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن).
    وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (512)، وأبو نعيم في الحلية (ج 5 ص 191)، والطبراني في معجمه الكبير (ج 20 ص 108 رقم 215)، قال الهيثمي في المجمع (ج 8 ص 65): رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجالهما ثقات.
    قلت: مكحول لم يلقَ مالك بن يخامر فهو منقطع، لكن الحديث له شواهد كثيرة من حديث أبي ثعلبة وعبد الله بن عمرو وأبي موسى وأبي هريرة وأبي بكر وعوف بن مالك وعائشة، راجعها في سلسلة الأحاديث الصحيحة لشيخنا ناصر الدين الألباني فقد كفانا المؤنة وجزاه الله خيراً.
    فالحديث بمجموع طرقه صالح للاحتجاج والله أعلم.
    فهذه الأحاديث التي ذكرناها يستفاد منها فضل شهر شعبان بكامله مع تخصيص ليلة النصف بفضيلة، فمن أراد أن يتأسى بالنبي عليه الصلاة والسلام فليصم أكثر هذا الشهر دون تحديد أيام بعينها في الصيام لا النصف ولا غيرها، اللهم إلاّ إن كان لا يرغب في صيام أكثره وكانت له عادة في صيام الأيام البيض ثلاث عشر و أربع عشر وخمس عشر فلا مانع، وهكذا إذا كان متعوداً لصيام الاثنين والخميس. ومعلوم أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الصيام بعد أن ينتصف شهر شعبان، ونهى أن يتقدم شهر رمضان بصيام يوم أو يومين، ثم قال إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه، يعني إذا كان له عادة في الصيام فلا مانع ولو كان بعد انتصاف شعبان بل ولو كان قبل رمضان.
    وأما أن يستدل بالأحاديث المتقدمة على إحياء ليلة النصف من شعبان والاحتفال بها وإلقاء المحاضرات وإقامة الموالد المبتدعة فهذا ما لا يفهمه أحد من صغار طلبة العلم فضلاً عن العلماء، لأن هذه الأحاديث عامة وليس فيها أمر بإحياء هذه الليلة أو الحث على قيامها وتخصيص ليلتها بشيء من الأعمال أو الحث على صيام نهارها وحدها. وعلماؤنا رحمهم الله تعالى قد نصوا على بدعية الاحتفال بهذه الليلة وسيأتي كلامهم بذلك، إن شاء الله.
    وإن مما يؤسف له أن نجد كثيراً من طلبة العلم بل من العلماء المتخرجين من الجامعات الإسلامية يحضرون هذه الاجتماعات ويكثرون سواد أهل البدع، بل ويشاركونهم في إحياء هذه الليلة، ولا ينكرون عليهم أبداً، وهذا تردٍ شديد ومداهنة لأهل الباطل – الذين يبغضون الدعاة إلى الله الذين يدعون الناس لنبذ البدع ويدعونهم إلى التمسك بالسنن – بحجة مصلحة الدعوة، أي مصلحة هذه التي تجنونها من فعلكم هذا، إنها تلبيسات الشيطان الرجيم، بل إنهم قد يسمعون أموراً شركية ويتغاضون عنها، ويسمعون طعناً في الدعاة بل وتفسيقهم وتضليلهم – لأنهم لا يرون الاحتفال بهذه الليلة – وهؤلاء الذين يحضرون لا يحركون ساكناً، فالله المستعان على ما ابتلي به المسلمون بهذا الصنف من الناس. فإنك لو أنكرت على العوام قالوا: هذا فلان يحضر ويحتفل بهذه الليلة ويحييها، هل أنت أعلم من فلان وفلان ؟ هذا هو رد العوام ورحم الله من قال:
    عنوا يطلبون العلم في كل بلدة شباب فلما حصلوه وحشروا
    وصح لهم إسناده وأصوله وصاروا شيوخاً ضيعوه وأدبروا
    فمالوا على الدنيا فهم يحلبونها بأخلافها مفتاحها لا يصرر
    فيا علمـاء السـوء أين عقولكم وأين الحديث المسند المتخير
    هذا مع العلم أنه يوجد علماء وطلبة علم عاملين داعين إلى السنة محاربين للبدعة كثّرهم الله.
    ويوجد من يدور مع مصلحته الدنيوية فليلعب على الحبلين، إذا جاءه سني وسأله عن الاحتفال بهذه الليلة قال له: ( لا شك أنها بدعة) وهكذا في بقية المسائل.
    وإذا جاء صوفي (قال: الاحتفال سنة...)، وهكذا إذا دعته الدولة إلى مقابلة تلفزيونية أو إذاعية أو صحفية أفتاها بما تراه، بل يقول لهم ماذا تريدون مني أن أقول كذا أو كذا، فيقول الذي يرونه هم. والله المستعان. ورحم الله الشيخ العلامة البيحاني حيث قال في رباعيته يصف حال هؤلاء:
    يدور مع الزجاجة حيث دارت ويلبس للسياسة ألف لبس
    فعند المسـلمين يعد منهم ويأخذ حظه من كل خمس
    هذا ومما لا شك فيه ولا ريب أن مجيزي الاحتفال عندهم شبه يتمسكون بها ويثبتونها لعوام الناس، منها أحاديث جاءت في هذا وعند التحقيق والتمحيص يظهر أنها أحاديث موضوعة أو ضعيفة جداً أو باطلة، وسيرى القارئ ذلك عند الكلام عليها ونقل أقوال أهل العلم في ذلك.
    ومن هذه الشبه أنهم يفسرون قوله تعالى: (فيها يفرق كل أمر حكيم) (الدخان:44) بليلة النصف من شعبان.
    ولذلك يصلون صلاتهم المبتدعة وهي صلاة الرغائب ركعتين بنية طول العمر وركعتين بنية سعة الرزق...
    وسنتكلم الآن على شبههم التي يحتجون بها.
    فصل في
    شُبه المجوّزين لإحياء هذه الليلة
    ونقل كلام أهل العلم فيها
    1- قوله علية الصلاة والسلام:
    (إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول: ألا من مستغفر لي فأغفر له، ألا من مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر).
    الكلام على هذا الحديث:
    أقول: لو ثبت هذا الحديث فيؤخذ منه الأمر بصيام نهار ليلة النصف من شعبان وقيام ليلها، لكن الحديث لم يثبت، فقد رواه ابن ماجة في سننه (ج 1 ص 444 رقم 1388) باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان.
    قال: حدثنا الحسن بن علي الخلال ثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن أبي سبرة عن إبراهيم بن محمد، عن معاوية عبد الله بن جعفر عن أبيه عن علي بن أبي طالب فذكره.
    قال صاحب الزوائد: إسناده ضعيف لضعف ابن أبي سبرة واسمه أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة، قال فيه أحمد بن حنبل وابن معين: يضع الحديث.
    قلت: بل الحديث موضوع وقد حكم عليه بالوضع الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في ضعيف الجامع (752).
    قال الكتاني في تنزيه الشريعة (ج 1 ص 131) أبو بكر بن عبد الله بن عبيد الله السبري: وضاع.
    قلت: وفي الضعفاء الكبير للعقيلي (ج2 ص 272):
    قال عبد الله بن أحمد قال لي أبي: أبو بكر بن أبي سبرة كان يضع الحديث ثم قال: قال حجاج: قال لي أبو بكر السبري: عندي سبعون ألف حديث في الحلال والحرام. قال أبي: ليس حديثه بشيئ كان يضع الحديث.
    وقال: سمعت معاوية بن صالح قال: سمعت يحيى قال: أبو بكر بن أبي سبرة الذي يقال له السبري هو مدني وكان ببغداد وليس حديثه بشيئ. ا هــ. المراد.
    وانظر العلل المتناهية لابن الجوزي (ج 2 ص 562).
    2- قال الحافظ بن حجر في كتابه (تبيين العجب بما ورد في فضل رجب ص 20):
    قال البيهقي: اخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي أنبأنا محمد بن عبد الله ابن قريش أخبرنا الحسن بن سفيان، أنبأنا أبو زرعه، أنبأنا محمد بن عبد الله الأزدي، أنبأنا يوسف بن عطية الصفار، أنبأنا هشام القروي عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يتم صوم شهر بعد رمضان إلاّ رجب
    وشعبان).
    قال ابن حجر: وهو حديث منكر من أجل يوسف بن عطية فإنه ضعيف جداً.
    قلت: الحديث في شعب الإيمان. وقد أورد هذا الحديث الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (ج 3 ص 191).
    وقال رواه الطبراني في الأوسط، وفيه يوسف بن عطية الصفار وهو ضعيف. انتهى.
    وقال الذهبي في الميزان: مجمع على ضعفه وقال النسائي: متروك، وقال الفلاس: ما علمته كان يكذب لكنه يهم. وكناه البخاري أبا سهل وقال: منكر الحديث. ا هــ.
    وقال الحافظ في التقريب: متروك.
    وقال يحيى بن معين: ليس بشيء.
    وقد ضعفه الدار قطني وابن حبان، وقال النسائي: ليس بثقة.
    (انظر الضعفاء للعقيلي، والكامل لابن عدي، والمجروحين لابن حبان، الجرح والتعديل، والمغني، والميزان والتقريب، والتهذيب، ولسان الميزان، والضعفاء للنسائي، والضعفاء للدار قطني).
    3- حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (يا علي من صلى مائة ركعة ليلة النصف من شعبان يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب و (قل هو الله أحد) عشر مرات إلا قضى الله له كل حاجة...) الحديث، وهو طويل.
    ذكره السيوطي بطوله في اللآلئ (ج 2 ص 57) من رواية الجوزقاني أنه قال:
    أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ، أنبأنا أبو علي الحسين بن أحمد الحداد، أنبأنا أبو بكر أحمد بن الفضل بن محمد المقرئ، أنبأنا أبو عمرو عبد الرحمن بن طلحة الطلحي، أنبأنا الفضل بن محمد الزعفراني، حدثنا هارون بن سليمان، حدثنا علي بن الحسين عن سفيان الثوري عن ليث عن مجاهد عن علي بن أبي طالب عن النبي عليه الصلاة والسلام فذكره.
    وانظر موضوعات ابن الجوزي (ج 2 ص 127 – 128).
    قال الشوكاني في الفوائد المجموعة (ص 50 – 51): هو موضوع، وفي ألفاظه المصرحة بما يناله فاعلها من الثواب ما لا يمتري إنسان له تمييز في وضعه، ورجاله مجهولون، وقد روي من طريق ثانية وثالثة كلها موضوعة ورواتها مجاهيل.
    وفي المختصر: حديث صلاة نصف شعبان باطل.
    ولابن حبان من حديث علي: إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها.
    وقال في اللآلئ: مائة ركعة في نصف شعبان بالإخلاص عشر مرات مع طول فضله. للديلمي وغيره موضوع، وجمهور رواته في الطرق الثلاثة مجاهيل وضعفاء.
    قال: واثني عشرة ركعة بالإخلاص ثلاثين مرة، موضوع.
    وأربع عشرة ركعة، موضوع.
    قلت: ما أشار إليه في اللآلئ سيأتي تباعاً إن شاء الله.
    ثم قال: وقد اغتر بهذا الحديث جماعة من الفقهاء كصاحب الإحياء وغيره وكذا من المفسرين، وقد رويت صلاة هذه الليلة – أعني ليلة النصف من شعبان – على أنحاء مختلفة كلها باطلة وموضوعة. ولا ينافي هذا رواية الترمذي من حديث عائشة لذهابه عليه الصلاة والسلام إلى البقيع، ونزول الرب ليلة النصف إلى سماء الدنيا، وانه يغفر لأكثر من عدة شعر غنم كلب. فإن الكلام إنما هو في هذه الصلاة الموضوعة في هذه الليلة.
    على أن حديث عائشة هذا فيه ضعف وانقطاع. كما أن حديث علي الذي تقدم ذكره في قيام ليلها لا ينافي في كون هذه الصلاة موضوعة على ما فيه من الضعف حسبما ذكرناه. ا هـ.
    قال الإمام الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه المنار المنيف (ص 98 - 99):
    ومنها أحاديث ليلة النصف من شعبان.
    كحديث: (يا علي من صلى ليلة النصف من شعبان مئة ركعة بألف (قل هو الله أحد).... إلخ.
    قلت: هكذا ذكره ابن القيم (بألف) وفي اللآلئ للسيوطي والموضوعات لابن الجوزي وغيرها لفظة (بألف) ليست موجودة فلعله دخلت عليه من حديث آخر وهو (من قرأ (قل هو الله أحد) ألف مرة) وسيأتي.
    يتبع إن شاء الله
    ملتقى المذاهب الفقهية والدراسات العلمية
    www.mmf-4.com

  2. #2

    افتراضي رد: تسليح الشجعان بحكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان- الشيخ عقيل بن محمد المقطري

    تسليح الشجعان 2-4

    ثم قال ابن القيم رحمه الله: والعجب ممن شم رائحة العلم بالسنن أن يغتر بمثل هذا الهذيان ويصليها.

    وهذه الصلاة وضعت في الإسلام بعد الأربع مئة، ونشأت من بيت المقدس فوضع لها عدة أحاديث.

    منها: (من قرأ ليلة النصف من شعبان ألف مرة (قل هو الله أحد) في مئة ركعة – الحديث بطوله – وفيه (بعث الله إليه مئة ملك يُبشرُونه).

    وحديث: (من صلى ليلة النصف من شعبان اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة ثلاثين مرة (قل هو الله أحد) شُفع في كل عشرة من أهل بيته قد استوجبوا النار). وغير ذلك من الأحاديث التي لا يصح منها شيء.

    1- (الجوزقاني):

    وذكر السيوطي أيضاً حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

    أنبأنا محمد بن جابان المذكر، أنبأنا أبو بكر بن أبي زكريا الفقيه، حدثنا إبراهيم بن محمد الدربندي، حدثنا أحمد بن أصرم المربي، حدثنا أبو إبراهيم الترجماني، حدثنا صالح الشامي عن عبد الله بن ضرار عن يزيد بن محمد عن أبيه محمد بن مروان عن ابن عمر مرفوعاً: (من قرأ ليلة النصف من شعبان ألف مرة (قل هو الله أحد) في مائة ركعة لم يخرج من الدنيا حتى يبعث الله في منامه مائة ملك ثلاثون يبشرونه بالجنة وثلاثون يؤمنونه من النار وثلاثون يعصمونه من أن يُخطئ وعشرة يكيدون من عاداه).

    قال السيوطي رحمه الله: قلت: أخرجه الديلمي أنبأنا أبي، أنبأنا أبو الفضل القومساني، أنبأنا العلاء، أنبأنا أبو القاسم العتاكي، حدثنا محمد بن حاتم، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا محمد بن عبد الرحمن العرزمي، حدثنا عمرو بن ثابت عن محمد بن مروان الذهبي عن أبي يحيى حدثني أربعة وثلاثون من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فذكر مثله سواء والله أعلم.

    قلت: (انظر أيضاً ج 2 ص 127 من موضوعات ابن الجوزي رحمه الله).

    5- (أخبرنا) محمد بن ناصر، أنبأنا أبو علي بن البناء، أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر العلاف، حدثنا أبو القاسم الغامي، حدثنا علي بن بندار البردعي، حدثنا أبو يوسف يعقوب بن عبد الرحمن، حدثنا محمد بن عبيد الله سمعت أبي يقول حدثنا علي بن عاصم عن عمرو بن مقدام عن جعفر بن محمد، عن أبيه مرفوعاً: (من قرأ ليلة النصف من شعبان (قل هو الله أحد) ألف مرة في عشر ركعات لم يمت حتى يبعث الله إليه مائة ملك، ثلاثون يبشرونه بالجنة وثلاثون يؤمنونه من العذاب وثلاثون يُقوّمونه أن يخطئ وعشرة أملاك يكبتون أعداءه) ثم قال السيوطي: موضوع وجمهور رواته في الطرق الثلاثة مجاهيل، وفيهم ضعفاء والحديث محال. ا هــ.

    وقال ابن الجوزي (ج 2 ص 129) عن حديث جعفر: هذا حديث لا شك أنه موضوع وجمهور رواته في الطرق الثلاثة مجاهيل، وفيها ضعفاء بمرة، والحديث محال قطعاً وقد رأينا كثيراً ممن يصلي هذه الصلاة، ويتفق قصر الليل فيفوتهم صلاة الفجر، ويصبحون كسالى، وقد جعلها جهلة أئمة المساجد مع صلاة الرغائب ونحوها من الصلاة شبكة لجميع العوام، وطلباً لرياسة التقدم، وملأ بذكرها القصاص مجالسهم، وكل ذلك عن الحق بمعزل.

    6- (أخبرنا) محمد بن ناصر، أنبانا أبو علي بن البنا، أنبأنا أحمد بن علي الكاتب، أنبأنا أبو سهل عبد الصمد بن محمد القنطري، حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الله بن داود، حدثنا محمد ابن حبهان، حدثنا عمر بن عبد الرحيم، حدثنا محمد بن وهب بن عطية الدمشقي عن بقية بن الوليد، عن ليث بن أبي سليم عن القعقاع بن مسور الشيباني عن أبي هريرة مرفوعاً: (من صلى ليلة النصف من شعبان اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة (قل هو الله أحد) ثلاثين مرة لم يخرج حتى يرى مقعدة من الجنة).

    موضوع، فيه مجاهيل، وفيه ليث وبقية، فالبلاء منهم. ا هــ.

    قلت: قال ابن الجوزي في الموضوعات (ج 2 ص 129): هذا موضوع أيضاً، وفيه جماعة مجهولون قبل أن يصل إلى بقية وليث وهما ضعفاء فالبلاء ممن قبلهم.

    7- (الجوزقاني) أنبأنا أبو الحسن علي بن أبي الحسن بن محمد الكرخي، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد الخطيب، أنبأنا الحاكم أبو القاسم عبد الله بن أحمد الحسكاني، حدثنا أبو القاسم عبد الخالق بن علي المؤذن، حدثنا جعفر بن محمد بن بسطام القومسي، حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن جابر، حدثنا أحمد بن عبد الكريم، حدثنا خالد الحمصي، عن عثمان بن سعيد بن كثير، عن محمد بن المهاجر عن الحكم بن عيينة، عن إبراهيم قال: قال علي بن أبي طالب رأيت رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليلة النصف من شعبان قام فصلى أربع عشر ركعة ثم جلس بعد الفراغ فقرأ بأم القرآن أربع عشرة مرة و (قل أعوذ برب الناس) أربع عشر مرة وآية الكرسي مرة (لقد جآءكم رسول) الآية فلما فرغ من صلاته سألته عما رأيته من صنيعه فقال: (من صنع مثل الذي رأيت كان له كعشرين حجة مبرورة، وكصيام عشرين سنة مقبولة، فإن أصبح في ذلك اليوم صائماً كان له كصيام
    سنتين: سنة ماضية وسنة مستقبلة).

    موضوع، وإسناده مظلم، ومحمد بن مهاجر يضع.

    قال السيوطي: (قلت) أخرجه البيهقي في الشعب أنبأنا عبد الخالق به، وقال: يشبه أن يكون هذا الحديث موضوعاً وهو منكر.

    وفي رواية قيل عثمان بن سعيد مجهولون – هكذا – والله أعلم. (وكأنها قبل عثمان).

    قلت: قال ابن الجوزي في الموضوعات (ج 2 ص 130): وهذا موضوع أيضاً، وإسناده مظلم وكان واضعه يكتب من الأسماء ما وقع له ويذكر قوماً ما يعرفون، وفي الإسناد محمد بن مهاجر قال ابن حنبل: يضع الحديث. وقد ُرويت صلوات أخر موضوعة فلم أر التطويل بذكره إلاّ الخفي بطلانه.

    8- قال الترمذي في سننه (ج 3 ص 116) باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان:

    حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا الحجاج بن أرطأه، عن يحيى بن أبي كثير، عن عروة، عن عائشة قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليلة فخرجت فإذا هو بالبقيع فقال: (أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله ؟).

    قلت: يا رسول الله إني ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال: (إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان على السماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب).

    قال الترمذي: حديث عائشة لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه من حديث الحجاج وسمعت محمداً يضعف هذا الحديث.

    وقال: يحيى بن أبي كثير لم يسمع من عروة، والحجاج بن أرطأة لم يسمع من يحيى بن أبي كثير.

    قلت: وأخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية (ج 2 ص 556) برقم (915) وذكر عقبة كلام الترمذي المذكور قبل.

    ثم قال: وقال الدار قطني: قد روي من وجوه، وإسناده مضطرب غير ثابت.

    قلت: وذكر ابن الجوزي لهذا الحديث أربع طرق.

    الأولى: من طريق سليمان بن أبي كريمة وأحاديثه مناكير كما قال ابن عدي وقال ابن الجوزي لا يصح.

    الثانية: من طريق سعيد بن عبد الكريم قال فيه أبو الفتح الأزدي الحافظ: متروك.

    الثالثة: من طريق عطاء بن عجلان قال يحيى: ليس بشيء كذاب كان يوضع له الحديث فيحدث به، وقال الرازي: متروك الحديث. وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات لا يحل كتب حديثه إلا على جهة الاعتبار.

    الرابعة: من طريق الأحوص بن حكيم قال فيه أحمد بن حنبل: لا يُروى حديثه. وقال يحيى: ليس بشيء. وقال الدر قطني: منكر الحديث.

    قال: والحديث مضطرب غير ثابت.

    9- قال ابن الجوزي في العلل المتناهية (ج 2 ص 562):

    أنا أبو بكر محمد بن عبيد الله الزاغوني، قال نا طراد بن محمد، قال: أخبرنا هلال بن محمد فيما أذن لنا أن نرويه عنه أن علي بن محمد المصري حدثهم قال حدثنا يحيى بن عثمان – هو ابن صالح – قال: نا يحيى بن بكر، قال: ثنا المفضل بن فضالة عن عيسى بن إبراهيم القرشي عن سلمة بن سليمان الجزري عن مروان بن سالم , عن ابن كردوس , عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أحيا ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت فيه القلوب) قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وفيه آفات: أما مروان بن سالم فقال أحمد: ليس بثقة. وقال النسائي والدارقطني والأزدي: متروك. وأما سلمة بن سليمان: فقال الأزدي: هو ضعيف. وأما عيسى فقال يحيى: ليس بشيء. ا هـ.

    قال الذهبي: هذا حديث منكر مرسل.

    وقال الحافظ: مروان متروك وشيخه لا يعرف اسمه ولا له ولا لأبيه ذكر إلاَّ من جهة مروان. كما في الفتوحات الربانية (ج 4 ص 235).

    10- قال ابن الجوزي رحمه الله (ج 2 ص124):

    أنبأنا علي بن عبيد الله بن الزاغوني ، أنبأنا أبو زيد عبد الله بن عبد الملك الأصفهاني، أنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن مندة ح و أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ، أنبأنا أبو القاسم بن مندة، أنبأنا أبو الحصين علي بن عبد الله بن جهيم الصوفي، حدثنا علي بن محمد بن سعيد البصري، حدثنا أبي، حدثنا خلف بن عبد الله وهو الصغاني عن حميد الطويل , عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله
    وسلم: (رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي...) وفيه: (فقام شيخ ضعيف قال: يا رسول الله إني لأعجز عن صيامه كله، فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أول يوم منه فإن الحسنة بعشر أمثالها، وأوسط يوم منه وآخر يوم منه فإنك تعطى ثواب من صامه كله...) الحديث.

    قال ابن الجوزي رحمه الله: هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد اتهموا به ابن جهيم ونسبوه إلى الكذب، وسمعت شيخنا عبد الوهاب الحافظ يقول: رجاله مجهولون، وقد فتشت عليهم جميع الكتب فما وجدتهم، انتهى المراد، وانظر تنزيه الشريعة (ج 2 ص 90).

    ***

    مما تقدم تبين لنا ضعف الأحاديث التي يتمسك بها المجيزون لإحياء ليلة النصف من شعبان، بل تبين أن ضعفها شديد بحيث لا ينجبر، فهي إما ضعيفة جدا أو موضوعة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

    ولا يقال: إنه يجوز العمل بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال فإن الذين يجيزون العمل بالضعيف يشترطون أن يكون الضعف يسيراً وهو منعدم هنا، بل الصحيح أنه لا يعمل بالضعيف مطلقاً كما قال الحافظ ابن حجر في كتابه (تبيين العجب) ص 12: (ولا فرق في العمل بالحديث في الأحكام أو الفضائل إذ الكل شرع). اهـ.

    فإحياء هذه الليلة يُعَدُّ من البدع المحدثة في الدين، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ) متفق عليه , من حديث عائشة رضي الله عنها. وقال أيضا: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ)رواه مسلم من حديث عائشة أيضاً. وعلقه البخاري في صحيحه.

    ولا شك أن الذين يحيون هذه الليلة يتقربون بعملهم هذا إلى الله ولا دليل يدل على شرعية عملهم هذا إلاَّ ما تقدم من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، ولو كان هذا العمل قربة إلى الله لوصل إلينا ولو حديث واحد يصرح بشرعية إحياء هذه الليلة وصيام يومها كما ورد في صيام الأيام البيض وقيام ليلة القدر وهكذا .

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في اقتضاء الصراط المستقيم ص 302: فأما صوم يوم النصف – يعني من شعبان – مفرداً فلا أصل له، بل إفراده مكروه وكذلك اتخاذه موسماً تصنع فيه الأطعمة وتظهر فيه الزينة: هو من المواسم المحدثة المبتدعة التي لا أصل لها.

    وكذلك ما قد أحدث ليلة النصف من الاجتماع العام للصلاة الألفية في المساجد الجامعة ومساجد الأحياء والدور والأسواق فإن هذا الاجتماع لصلاة نافلة مقيدة بزمان وعدد وقدر من القراءة مكروه لم يشرع، فإن الحديث الوارد في الصلاة الألفية موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث. انتهى المراد.

    قلت: والذي تقدم ذكره من فضيلة هذه الليلة ليس فيه دليل على إحيائها ولا على إفرادها بالصيام، وإنما ثبت فضيلة شهر شعبان كله، فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يصوم أكثر شعبان. فنحن إذا أردنا أن نقتدي به فعلينا أن نعمل بعمله، وهو عليه الصلاة والسلام لم يُضِفْ إلى صيامه إحياءً لبعض الليالي ولا صلاة زائدة في بعض الليالي، ولا شك أنه خير من عبد الله سبحانه وتعالى، وخير الهدى هدي محمد عليه الصلاة والسلام.

    وسنذكر إن شاء الله تعالى أمثلة على ما ورد وثبت في الشرع من الحث على إحياء بعض الليالي أو صيام بعض الأيام.

    فصل في الأيام التي خصها الشرع بصيام

    وهذه الأيام هي كالتالي:

    1- الاثنين والخميس:

    أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن صوم يوم الاثنين فقال:(ذاك يوم ولدت فيه و يوم بعثت – أو – أنزل عليَّّّّّّ فيه).

    وروى النسائي والترمذي وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها قالت:(كان النبي عليه الصلاة والسلام يتحرى صوم الاثنين والخميس).

    2- صيام عاشوراء:

    روى البخاري ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه).

    وعند مسلم أن النبي سئل عن صيام يوم عاشوراء فقال: (يكفر السنة الماضية).

    3- صيام يوم عرفة لغير الحاج:

    روى مسلم في صحيحه من حديث أبي قتادة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن صوم يوم عرفة قال:(يكفر السنة الماضية والباقية).

    4- صيام السِّتِّ من شوال:

    روى مسلم في صحيحه من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:(من صام رمضان ثم أتبعه ستًّّّّا من شوال كان كصيام الدهر).

    5- صيام الأيام البيض من كل شهر عربي وهي (15،14،13):

    روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال النبي عليه الصلاة و السلام:(صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله).

    وأخرج النسائي وأبو داود في سننهما من حديث قتادة بن ملحان رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يأمرنا بصيام أيام البيض: ثلاث عشرة و أربع عشرة وخمس عشرة).

    ومما لاشك فيه ولا ريب أن يوم الجمعة من أعظم الأيام، وهو خير يوم طلعت عليه الشمس. فقد ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها...) الحديث.

    وهناك أحاديث أخرى في فضل يوم الجمعة، ومع هذا كله فقد نهانا النبي عليه الصلاة والسلام عن تخصيص يومها بصيام وليلها بقيام.

    ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: (لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم).

    وفي البخاري من حديث جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال: (أصمت أمس ؟) قالت: لا، قال: (أتريدين أن تصومي غدا ؟ قالت: لا، قال: فأفطري).

    وفي الصحيحين عن محمد عباد أنه سأل جابرًا رضي الله عنه وهو يطوف بالبيت: (أنهى النبي عليه الصلاة والسلام عن صيام يوم الجمعة ؟ قال: نعم ورب هذا البيت ).

    فتبين من هذا النهيُ عن صيام يوم الجمعة وحده إلا أن يوافق صيامًا لأحد، و إلاَّ أن يصوم يومًا قبله أو يومًا بعده.

    فصل في الليالي التي حضَّ الشَّرع على قيامها

    قبل الشروع بذكر هذه الليالي نحب أن ننوه إلى أنه يستحب قيام بعض الليل من كل ليلة لما في ذلك من الفضل، وخاصة في الثلث الأخير من الليل 0 لما روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فينادي: هل من سائل فأعطيه، هل من مستغفر فأغفر له...) الحديث بمعناه 0 وفيه حتى يطلع الفجر.

    وقد رغب النبي عليه الصلاة والسلام في قيام الليل دون تحديد لأيام معلومة. فروى أبو داود وابن ماجة في سننهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء).

    وأما تحديد ليلة بعينها كليلة الاثنين أو الخميس أو الجمعة أو رأس السنة الهجرية أو ليلة الإسراء والمعراج أو ليلة الثاني عشر من شهر ربيع – وهي التي يسمونها بليلة المولد – وكليلة النصف من شعبان فإن إحياء هذه الليالي لخصوصها يعد من البدع المحدثة في دين الله نعوذ بالله من محدثات الأمور.اللهم إلا قيام ليالي رمضان، فقد جاءت الأحاديث الصحيحة بالحث على قيامها.

    فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه).

    وأما الليالي المعيّنة فلم يردإلاَّ في ليلة القدر قال الله تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر * سلام هي حتى مطلع الفجر *) [القدر]

    وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه).

    بل أمر النبي عليه الصلاة والسلام بتحرٍِِّيها في العشر الأواخر من رمضان بل في الوتر من العشر الأواخر من رمضان , ثبت ذلك من حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين.

    تقدم أن أوضحنا ضعف أدلة المجيزين لإحياء ليلة النصف من شعبان، ولما كانت هذه الصلاة التي يقيمها القوم من جملة البدع المحدثة في الدين، أستحب أن ننبه إلى أن البدعة إما أن تكون حقيقية أو إضافية. قال الإمام الشاطبي في كتابه القيم ((الاعتصام)) (ج2 ص286):

    إن البدعة الحقيقية هي التي لم يدل عليها دليل شرعي لا من كتاب ولا من سنة ولا إجماع ولا استدلال معتبر عند أهل العلم لا في الجملة ولا في التفصيل، ولذلك سميت بدعة – كما تقدم – لأنها شيء مخترع على غير مثال سابق. وإن كان المبتدع يأبى أن يُنسب إليه الخروج عن الشرع إذ هو مدع أنه داخل بما استنبط تحت مقتضى الأدلة، لكن تلك الدعوى غير صحيحة لا في نفس الأمر و لا بحسب الظاهر، أما بحسب نفس الأمر فبالعرض، وأما بحسب الظاهر فإن أدلته شبه ليست بأدلة إن تثبت أنه استدل، و إلاَّ فالأمر واضح.

    وأما البدعة الإضافية فهي التي لها شائبتان:

    إحداهما: لها في الأدلة متعلق فلا تكون من تلك الجهة بدعة.

    والأخرى: ليس لها متعلق إلاَّ مثل ما للبدعة الحقيقية، فلما كان العمل الذي له شائبتان لم يتخلص لأحد الطرفين وضعنا له هذه التسمية وهي (البدعة الإضافية).

    أي أنها بالنسبة إلى إحدى الجهتين سنة لأنها مستندة إلى دليل، وبالنسبة إلى الجهة الأخرى بدعة لأنها مستندة إلى شبهة لا إلى دليل أو غير مستندة إلى شيء.

    والفرق بينهما من جهة المعنى: أن الدليل عليها من جهة الأصل قائم ومن جهة الكيفيات او الأحوال أو التفاصيل لم يقم عليها، مع أنها محتاجة إليه، لأن الغالب وقوعها في التعبديات لا في العاديات المحضة. انتهى المراد.

    ونحن إذا أردنا أن نطبق ما قاله الإمام الشاطبي على صلاة النصف من شعبان نجد أن كونها بدعة إضافية: أنها مشروعة باعتبار، غير مشروعة باعتبار آخر، فإذا نظرنا إلى أصل الصلاة من حيث هي نجد أنها مشروعة، وذلك لحديث (الصلاة خيرٌ موضوعٌ) وإذا نظرنا إلى ما عرض لها من جعلها في وقت مخصوص وقراءة مخصوصة وكيفية مخصوصة وفي مكان مخصوص وجدنا أنها بدعة.

    فكانت مشروعة لذاتها بدعة لما عرض لها.

    وسواء كان أداؤها على الانفراد أو على الاجتماع، وأداؤها بصورة جماعية في المساجد أضر من أدائها على الانفراد، وكلا الأمرين بدعة ضلالة.

    وأود أن أذكٍّر إخواننا المسلمين – ونحن نتكلم في هذا الصدد عن البدع – بضرر البدعة في الدين، فإن ارتكاب البدع يعد حاجزا منيعا بين العبد وبين قبول توبته، فمهما حاول أن يتوب من أي ذنب وهو ما زال مرتكباً لأي بدعة كانت فإن الله تعالى لا يقبل توبته من أي ذنب حتى يدع بدعته، فكيف إذا كان هذا المسكين مرتكباً لبدع كثيرة فإنه يجب عليه أن يترك كل البدع من أجل أن يتقبل الله توبته.

    فقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته).
    ملتقى المذاهب الفقهية والدراسات العلمية
    www.mmf-4.com

  3. #3

    افتراضي رد: تسليح الشجعان بحكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان- الشيخ عقيل بن محمد المقطري

    يتبع إن شاء الله
    ملتقى المذاهب الفقهية والدراسات العلمية
    www.mmf-4.com

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •