تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: التَّعليقاتُ الجليَّة والقَوَاعدُ العِلميَّة عَلَى "مسَائلِ الجَاهِليَّة" للحَازميُّ

  1. #1

    افتراضي التَّعليقاتُ الجليَّة والقَوَاعدُ العِلميَّة عَلَى "مسَائلِ الجَاهِليَّة" للحَازميُّ

    التَّعليقاتُ الجليَّة والقَوَاعدُ العِلميَّة عَلَى "مسَائلِ الجَاهِليَّة" للشَّيخِ : أَحْمدَ بن عمرَ الحَازميُّ -حفظه الله-.

    لأحد "طلبة العلم الفضلاء" -جزاه الله خيراً-

    بسم الله الرحمن الرحيم

    قال الأخ -حفظه الله-:

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته , أما بعد :

    فهذه بعض التعليقات والقواعد العلمية على مسائل الجاهلية للشيخ أحمد الحازمي - حفظه الله من كل شر وسوء وعدو - .

    أسأل الله تعالى أن يحفظ الشيخ وأن يزده علما وعملا وإخلاصا وثباتا على الحق , وأن لايخشى ولايخاف في الله العظيم لومة لائم .
    أشهد الله أني أحب الشيخ في الله .

    مقدمة الشيخ :-
    المغزى والمضمون هو التنصيص على المسائل التي خالف فيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أهلَ الجاهلية وليس البحث والتفصيل في هذه المسائل , ولهذا يمكن جمع هذه المسائل في قاعدة وهي : ( كل واجب تركه المكلف أو محظور فعله المكلف فهو من أمور الجاهلية ) .

    المؤلف :-
    هو محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي ( 1115 – 1226 ) هـ.

    اسم الكتاب :-
    مسائل الجاهلية أو المسائل التي خالف فيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أهلَ الجاهلية " وهذا مأخوذ من بداية الكتاب ".
    المؤلف لم يسم هذا الكتاب كعادته – رحمه الله – لأن غرضه هو التصنيف لأجل إيصال الفائدة , ولذلك اختلف في كتاب التوحيد والأصول الثلاثة والقواعد الأربع , لأنه إمام صاحب دعوة لا يهتم بالتأليف والتصنيف فيريد إيصال الفائدة لعموم المسلمين , ولذلك اعتنى بذكر الدليل والإيجاز والإيضاح .
    وقد يكون سمى الكتاب مشافهة ( جاء في بعض نسخ فتح المجيد ( وهو ليس بمطبوع ) قال عبد الرحمن بن حسن : ولشيخنا مصنف لطيف ذكر فيه ما خالف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية ) ا . هـ .
    وهذا يدل على :- -1- صحة نسبة الكتاب للإمام لأن هذا كلام حفيده .
    -2- جمع ما خالف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية في هذه الرسالة القيمة .
    · والألوسي لم يسمها في شرحه .
    · سبب تأليف الرسائل القصيرة :- ليخاطب بها العوام أولا والخواص ثانيا .

    أهمية الكتاب :-
    هذا الكتاب قائم على أصل من أصول الدين وهو مخالفة الكفار , فهنا أراد المصنف أن يجمع كل كتاباته ومصنفاته , فهذه تعتبر رؤوس أقلام , فدل على أن المسائل التي خالف فيها النبي صلى الله عليه وسلم هي ما كانت النتائج من تلك المقدمات التي ذكرها في كتبه .
    · هذا الكتاب خلاصة لكل ما أمر الله به ورسوله.
    · قال الله تعالى : " اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) " , وقال صلى الله عليه وسلم : " مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ منْهُمْ " [1].
    · فهذا فيه مفاصلة بين صراط المنعوم عليهم وبين المغضوب عليهم والضالين .
    · لفهم هذه الرسالة لا بد من :-
    -1- معرفة الجاهلية ( لغة - اشتقاقا – اصطلاحا – ضدها وهو العلم ).
    -2- أقسام الجاهلية .
    -3- الأصل التي بُنِيت عليها هذه المسائل .
    منهج الرسالة :-
    يخاطب فيه العوام وطلاب العلم والعلماء , ولهذا فإنه يبتدأ بما يريده ( لفائدة استعجال الفائدة ) حتى يسهل على العوام .

    عدد المسائل :-
    في الدرر السنية (2/131) 128 مسألة , وعند الألوسي 100 مسألة , قال الألوسي :" إني وقفت على رسالة صغيرة الحجم ، كثيرة الفوائد ، تشتمل على نحو مائة مسألة "[2] .
    وقال عبد الرحمن بن حسن في بعض نسخ الفتح في باب الاستسقاء بالأنواء : " ولشيخنا -رحمه الله- مصنف لطيف ذكر فيه ما خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه أهل الجاهلية، بلغ مائة وعشرين مسألة " .
    وسبب الاختلاف أن بعض النساخ يجعلون المسألة أو أكثر مسألةً واحدة , ذكر الشيخ صالح العبود في كتاب عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ( 1/214 ) : " وهو مطبوع متداول بتعداد مختلف لهذه المسائل اختلافا سهلا في الزيادة والنقص ولا يضر ذلك لأن الكتاب صحيح النسبة إلى الشيخ، والزيادة والنقص إنما هو في تعداد المسائل فبعض النساخ يجعل المسألتين والثلاث واحدة والبعض الآخر يجعل لكل مسألة عددآ خاصا كما يفعل الشيخ الألوسي في الرابعة والخمسين والخامسة والخمسين وهكذا " .
    إذاً الجوهر واحد والاختلاف في التعداد وأفضل ما قيل فيها هو قول عبد الرحمن بن حسن لأنه ألصق بالشيخ رحم الله الجميع .
    قال الألوسي " بيد أن مسائل تلك الرسالة في غاية الإيجاز ، بل كادت تعد من قبيل الألغاز "[3] .
    · ليس مراد المصنف أن نشرح هذه المسائل في هذه الرسالة , وإنما التنصيص عليها فقط والتنبه لها .
    هذه الرسالة مبنية على أصل من أصول الدين وهي مخالفة الكفار , فيجب أن نؤصل لهذه القاعدة ثم نشرع بالشرح .
    كتابه هذا يدل على أن دعوته قائمة على الكتاب والسنة .
    · لما ناظر المبتدعة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في العقيدة الواسطية قالوا له : " قل هذه عقيدتي " لأنهم لا يريدون أن يدوا عليه لأنها عقيدة السلف الصالح , فإذا ردوا عليه وقعوا في الكارثة .
    · إذا وجّه الناظر نظره إلى قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم من غير فهم كلام أهل العلم السابقين فإنه يقع فيما وقع فيه المبتدعة من الخوارج والروافض والمرجئة , ولهذا اختلاف العلماء في أصول المعتقد إنما وقع في العلميات الغبية , ولكنها ليست كمسائل القدر وإثبات الأسماء والصفات على حقائقها فليس بين السلف خلاف في الأصول وإنما في الفقهيات , ولهذا فمن حاول الفصل بين الدليل وطريقة فهمه فأنه لا بد أن يقع في البدعة .
    · لا يوجد مبتدع منتسب للإسلام إلا ويستدل بالكتاب والسنة .
    شروح الكتاب :-
    -1- الألوسي :- محمود شكري أبو المعالي الألوسي البغدادي السلفي ( 1273 – 1342 ) هـ صاحب كتاب غاية الأماني في الرد على النبهاني وكتاب صب العذاب على من سب الأصحاب وكتاب بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب و ليس صاحب كتاب روح المعاني .
    -2- محمود السعيد : جمع وحقق وشرح الكتاب .

    مسألة : هل المصنف قصد قصر المسائل ؟
    الجواب : أنه لم يقصد الاستيعاب والحصر وإنما أراد ذكر الأمثلة فيما جرى عليه أهل الشرك في زمانه , لأنه نص على ذلك , وهو نفسه رحمه الله في البداية قال " أمور – وفي بعض النسخ مسائل – " وهي ليست من ألفاظ العموم أو الحصر والقصر .
    ثانيا : لأن الحال تشهد على ذلك , وقد قام الكتور محمود الدويش بكتابة ( زوائد على مسائل الجاهلية )وزاد 211 مسألة على الكتاب .
    الشروع في شرح الكتاب

    مسائل " أمور " الجاهلية

    -مسائل : جمع مسألة , مفعلة من السؤال , وقد يراد بهذا الوزن : -1- مصدر -2-اسم مكان -3- اسم آلة .
    والمسألة :- ما يبرهن عليه من العلم , يعني كل كلام يحتاج لدليل وبرهان . وفي المفردات " استدعاء معرفة أو ما يؤدي إلى معرفة " .

    -أمور : الأمر هي ما يصدق على القول أو الفعل ( وإليه يرجع الأمر كله ) و ( قل إن الأمر .....) و ( أمره إلى الله ) .
    -الجاهلية : المعنى اللغوي : مصدر صناعي ( جاهلية ) , والمصدر الصناعي اسم تلحقه ياء مشددة مكسور ما قبلها وبعدها تاء تأنيث مربوطة , فائدته ليدل على معنى لم يكن يدل عليه قبل الزيادة , وهذا معلوم من لغة العرب , أنهم لا يصيفون شيئا إلا لفائدة
    *والياء والتاء هل هما حرفا معنى أم مبنى ؟
    الياء ياء النسبة :- حرف معنى ينفك عن الكلمة , وكذلك تاء التأنيث . ( جاهل – جاهلي – جاهلية ) , ( إنسان , إنساني , إنسانية ) .
    إنسان : حيوان ناطق , إنساني : هي الصفات التي يتصف بها الإنسان من محبة وعطف وحنان وغير ذلك .
    فالجاهلية مأخوذة من الجهل , والجاهل : اسم فاعل وهو مأخوذ من الجهل , والجهل : هو عدم العلم أو فقده أو انتفاءه .


    و الجهل جا في المذهب المحمود ***** هو انتفاء العلم بالمقصود


    ويطلق ويراد به الخفة التي هي خلاف الطمأنينة . ويطلق ويراد به الطيش كما قال عمرو بن كلثوم :-


    ألا لا يجهلـن أحد عليـنا ***** فيجهل فوق جهل الجاهلينا



    مسألة : أنواع الجهل لغة :
    -1- خلو النفس من العلم , وهذا هو الأول ( الجهل البسيط ).
    -2- اعتقاد الشيء خلاف ما هو عليه ( الجهل المركب ) .
    -3- فعل الشيء خلاف ما حقه أن يفعل( سواء اعتقد اعتقادا صحيحا أو فاسدا ) الدليل على هذا ( قالوا أتتخذنا هزوا* قال أعوذ بالله .....) ( فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة ) .
    الجهل يذكر على سبيل المدح تارة وعلى سبيل الذم تارة أخرى : الدليل ( يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ) : فهذا ليس مذموما .
    وتعريفه اصطلاحا :- قال النووي :" وَالْمُرَادُ بِالْجَاهِلِيَّ ةِ مَا كَانَ فِي الْفَتْرَة قَبْل الْإِسْلَام"[4] .
    وهنا ينتقد النووي مع جلالة قدره في هذا الباب على هذا التعريف , أين نذهب بحديث ( إنك امرؤ فيك جاهلية ) ؟ نقول هذا التعريف غير جامع .
    قال ابن حجر : " والجاهليه ما قبل الإسلام وقد يطلق في شخص معين أي في حال جاهليته " . وسنأتي لتفصيل في أقسامها .
    فالأصل فيها أنها مطلقة وهي المرادة غالبا في نصوص الشرع , ولا تقبل أن تكون نسبية إلا إذا جاءت قرينة والدليل أنها وردت أربع مرات في القرآن الكريم :-
    -1- "َظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ "[آل عمران : 154]
    -2-أفحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة : 50]
    -3- و َلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب : 33 ]
    -4-إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ [ الفتح : 26]
    وهذه الأوصاف لا تدل على تخصيص الجاهلية بالجاهلية النسبية بل هي مطلقة وأحوالها ( ظن – حكم – تبرج – حمية ) .
    قال البخاري في باب المناقب ( باب أيام الجاهلية ) ( القسامة في الجاهلية ) ( جاء في سيل الجاهلية ) ( كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية ) .

    إطلاقات الجاهلية :-
    -1- ما قبل الإسلام مطلقا .
    -2- ما قبل إسلام الشخص إن كان كافرا .
    لا توجد أمة تدرك رسول سابق ورسول لاحق .هذا لا وجود له عالإطلاق .
    لا نستطيع إطلاق لفظ الجاهلية بعد الإسلام إلا بعد النظر إلى الجاهلية المطلقة , فحَدّها بعضهم إلى مولد النبي صلى الله عليه وسلم , وينتقد لافتقاده للدليل . وعَمَّمَ بعضهم وأطلقها إلى بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم .
    لا يكفر من اتصف بالجاهلية إلا إذا اقترنت معه قرينة تكفره , فالجاهل قد يكون كافرا أو فاسقا .

    أقسام الجاهلية :-
    -1- عامة مطلقة ( الجاهلية الأولى ) .
    -2-خاصة مقيدة ( الجاهلية الأخرى ) .
    و َلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب : 33 ] :- وصفها بالأولى لأنها سابقة عن الإسلام يقابلها النوع الثاني وهي ما أتت بعد الإسلام .
    الجاهلية المطلقة ارتفعت : إلا عند ابن تيمية باعتبار النظر إلى بلد كل أهله كفر .
    الجاهلية المقيدة :- هي التي يوصف بها أشخاص دون أشخاص و مكان دون مكان وزمان دون زمان .وقد تكون في ديار المسلمين أو كثير من الأشخاص (أَرْبَعٌ فِى أُمَّتِى مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ ) [5] , وحديث (يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ ) .
    مسألة : هل يتصور غير الجاهلية المقيدة بعد ظهور الإسلام أو بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ؟ الجواب : لا . فانتبه !
    مسألة : ما الفرق بين أنت جاهلي و إنك فيك جاهلية ؟
    -أنت جاهلي :- كل صفاتك اتصفت بالجهل .
    -إنك فيك جاهلية :- أنت مسلم اتصفت بصفة الجاهلية .
    · ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه :- هذا في غير مسائل الشرك والتوحيد أما مسائل الشرك التوحيد المناقض للتوحيد فكل من وقع بالشرك وقع الشرك عليه وأما ما عدا ذلك كمن أنكر معلوما من الدين بالضرورة وقد يكون يخفى عليه فهذا لا بد من إقامة الحجة , وما ورد من كلام السلف وغيرهم في إقامة الحجة فهو من هذا النوع وهو أن يكون الشيء قد يخفى على بعض الناس أو يكون الشخص الذي أنكر حديث عهد بإسلام أو نشأ ببادية بعيدة فحينئذ لا بد من إقامة الحجة ولا ينزل حكم الكفر عليه مباشرة , أما الشرك الأكبر والطواف والنذر والذبح لغير الله ونحو ذلك نقول هذا يعتبر كافرا منذ أن فعل الشرك ولا نحتاج إلى إقامة الحجة , والقول في إقامة الحجة في هذا النوع ( قول محدث ) لا أصل له عند السلف أي لا يعرف إلا من جهة كلام ابن تيمية ولم يسبق بهذا القول إن لم يوجد .
    مسألة :- قال الله تعالى " وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولى "[ الأحزاب :33 ] هذه جاهلية أولى فهل هناك ما يقابلها ؟
    قال ابن جرير : " عَنْ عَامِرٍ {وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} قَالَ : الْجَاهِلِيَّةُ الأُولَى : مَا بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ. وَقَالَ آخَرُونَ : ذَلِكَ مَا بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ" . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ بَيْنَ نُوحٍ وَإِدْرِيسَ. وَأَوْلَى الأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ نَهَى نِسَاءَ النَّبِيِّ أَنْ يَتَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى.وَجَائ زٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَا بَيْنَ آدَمَ وَعِيسَى ، فَيَكُونُ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى الَّتِي قَبْلَ الإِسْلاَمِ, فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : أَوَ فِي الإِسْلاَمِ جَاهِلِيَّةٌ حَتَّى يُقَالُ : عَنَى بِقَوْلِهِ {الْجَاهِلِيَّة الأُولَى} الَّتِي قَبْلَ الإِسْلاَمِ ؟ قِيلَ : فِيهِ أَخْلاَقٌ مِنْ أَخْلاَقِ الْجَاهِلِيَّةِ .ا.ه بتصرف يسير . [6]



    بسم الله الرحمن الرحيم





    اقتصر المصنف على البسملة لأنها أوجز الذكر .


    هذه: أمور , خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عليه أهل الجاهلية



    -هذه :- اسم إشارة لشيء معنوي .
    -خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية :- الاختلاف والمخالفة : هو أن يأخذ كل من الفريقين طريقا غير طريق الآخر , والخلاف أعم من الضد لأن كل ضد خلاف ولا عكس ( النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان ) .
    -ما :- سواء من القول والفعل أو الترك .


    خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عليه أهل الجاهلية: الكتابيين ,و الأميين ,و مما لا غنى للمسلم عن معرفتها.





    -الكتابيين والأميين :- بإسقاط ( من ) فإعرابه :- مفعول به لفعل محذوف تقديره :( أهل الجاهلية أعني ) .
    · نص على الكتابيين لأن الجاهلية ليس وصفا يختص لمن لم ينزل عليهم الكتاب , لا , بل الوصف يشمل النوعين .
    · إطلاقنا على أهل الكتاب - وهم النوع الأول من الجاهلية - هذا اللفظ ليس مراعاة لشعورهم كما يظنه بعض المعاصرين الجهلة , لا بل هو تنبيه وتجيه لهم أن يلتزموا الكتاب الذي أنزل عليهم ولم يؤمنوا به وإلا فنحن نعتقد أنهم كفار فهنا فيه نقص وعيب وذم لهم , أي أنكم أهل كتاب ومع ذلك فقد حرفتم وبدلتم ولم تستجيبوا للكتاب الذي تزعمون أنكم تنتسبون إليه ومن باب أولى كتاب الله جل وعلا الذي دعا كتابكم إليه .
    · النوع الثاني هم من ليس لهم كتاب , وهم ما عدا اليهود والنصارى , ولهذا يقال لهم المشركين والكفار ويدخل فيهم المجوس وعبدة غير الله تعالى أيًّا كان معبودهم .
    العهد القديم:- " الأسفار القديمة " هو كتاب موسى عليه السلام " التوراة ".
    العهد الجديد :- الكتاب الذي أنزل على عيسى عليه السلام " الإنجيل ".
    -الأميين:مفردها أميّ و هو الذي لا يقرأ من كتاب . قال الفراء :- الأمي : من نسب إلى أمة أمية ( وهذا بعيد ) ونسبة النبي إلى الأمية ليس بعيب , بل هي منقبة ومفخرة . ا.هـ.
    · أما المجوس : فقد جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال : " سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ "[7] .
    وهذا الحديث كالنص , قال أبو عمر: في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في المجوس "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" يعني في الجزية , دليل على أنهم ليسوا أهل كتاب وعلى ذلك جمهور الفقهاء. [8]


    مما لاغنى للمسلم عن معرفتها


    -مما لا غنى للمسلم عن معرفتها :- والسبب في ذلك أن نقول :- لما كانت المباعدة عن هذه الأقوال والأفعال الجاهلية واجبة , وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب , فدل على أنه يجب على المسلم أن يتعلم أمور الجاهلية حتى يجتنبها .


    عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه ***** ومن لم يعرف الخير من الشر وقع فيه


    قال حذيفة :" إن الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه" ,دل ذلك أن البحث عن الفرق والمذاهب ونحوها من بيان أفكارهم واعتقاداتهم من أهم أمور الدين , وهذا يبين أهمية هذا العلم .


    فالضد يظهر حسنه الضد


    وبضدها تتبن الأشياء


    -هذان بيتان لا بيت واحد كما ظن بعض النساخ .
    -العجز الأول مأخوذ من بيت : ( ضدان لما استجمعا حسنا * فالضد يظهر حسنه الضد )
    يعني معرفة الضد يجعل هذه المعرفة وهذه المعلومة حسنة , وكاملة , فمن كمال معرفة التوحيد معرفة الشرك , وكذلك السنة , لتكون علمك كاملا بها فإنك تتعرف على البدعة .
    -أما العجر الثاني هو من بيت للمتنبي :- ( ونذيمهم وبه عرفنا فضله أو فضلهم * وبضدها تتبين الأشياء ) .
    فلا يجعل هذان البيتان كبيت واحد , فهذا من الأخطاء المطبعية .


    فأهم ما فيها , وأشدها خطراً: عدم إيمان القلب , بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فإن انضاف إلي ذلك استحسان ما عليه أهل الجاهلية , تمت الخسارة؛ كما قال تعالى: (والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون) [العنكبوت: 52].


    · عدم إيمان القلب :- هذا كفر أكبر فإن انضاف استحسان أعمال أهل الجاهلية فتمت الخسارة , وكما أن عدم إيمان القلب كفر أكبر وهو ركن كذلك عدم إيمان الجوارح هو كفر أكبر ولا نشترط قول اللسان أو القلب وفي ذلك إجماعا , ولو اشترطناه لوافقنا الجهمية والمرجئة , كقولهم " لا كفر إلا بالاعتقاد أو التكذيب أو الجحود " .
    · أهم وأشد خطرا :هذا يدل على وجود غيرها وما هو دون ذلك وهذا يؤدي إلى الكفر كما سبق بيانه .
    -انضاف : انجمع , على وزن انفعل .
    -استحسان : أي عدّهُ حسنا لا قبيحا .
    -" والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون " :- قال ابن كثير :" أي: يوم معادهم سيجزيهم على ما فعلوا، ويقابلهم على ما صنعوا، من تكذيبهم بالحق واتباعهم الباطل، كذبوا برسل الله مع قيام الأدلة على صدقهم، وآمنوا بالطواغيت والأوثان بلا دليل، سيجازيهم على ذلك، إنه حكيم عليم"[9] .
    نعيد ونقول : هذه المسائل لا بد من تعلمها وتعليمها حتى لا يشكك المؤمن نفسه ويتردد بين الكفر والإيمان بين الشرك والتوحيد .


    المسألة الاولى: أنهم يتعبدون بإشراك الصالحين , في دعاء الله , وعبادته , يريدون شفاعتهم عند الله , كما قال تعالى: (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) [يونس: 18] وقال تعالى: (والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفى) [الزمر: 3] وهذه: أعظم مسألة , خالفهم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأتى بالإخلاص , وأخبر أنه دين الله , الذي أرسل به جميع الرسل.


    مضمون المسألة الأولى :- بيان دين المشركين المبني على أربعة أمور :-
    -1- يعبدون من دون الله أو يعبدون الله ويشركون معه غيره .
    -2- يريدون شفاعتهم.
    -3- ظنهم أن الله يحب ذلك .
    -4- ظنهم أن الصالحين يحبون ذلك .
    ( ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاءنا عند الله ) : أي أنهم يعبدون من دون الله عز وجل ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقرون بذلك , أنها لا تنفع ولا تضر , إذا هم يعتقدون بهذا و إذا هناك آلهة حقيقة مسؤولة عن ذلك , والسؤال :- لماذا يعبدون هذه الأصنام ؟ يقولون : هؤلاء شفعاءنا عند الله , هذا هو دين المشركين هذه هي شبهتهم قديما وحديثا , يقولون نحن مذنبون والمذنب بعيد عن الله عز وجل , وهؤلاء الصالحون لهم جاه وولاية عبد الله فحينئذ يطلبون منهم أن يتوسطوا في دفع الضر وجلب النفع , ويسمونه شفاعة أو توسلا ولا يسمونه شركا , لأنهم لو أقروا بذلك لعلموا أنهم ليسوا على الجادة الحق . أهل السنة لا ينظرون إلى الاسم وإنما ينظرون إلى المسمى .
    وقال تعالى: (والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفى) [الزمر: 3] : أهم وصف لأهل الجاهلية أنهم جعلوا أولياءهم شركاء مع الله عز وجل وهذه أهم مسألة ولهذا جاء النبي صلى الله عليه وسلم فخالفهم وناقضهم وجاء بالإخلاص ( ألَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ) (قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي [الزمر : 14]) (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء ).
    المشركون عرفوا معنى التوحيد الذي جهله بعض المنتسبين إلى الإسلام (قالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ) .
    وأنه لا يقبل من الأعمال إلا الخالص؛ وأخبر؛ أن من فعل ما يستحسنونه , فقد حرم الله عليه الجنة , ومأواه النار؛ وهذه المسألة , هي: التي تفرق الناس لأجلها , بين مسلم , وكافر؛ وعندها وقعت العداوة , ولأجلها شرع الجهاد , كما قال تعالى: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) [الأنفال: 39].
    ( إنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ ) أن يشرك به :- الشرك الأكبر .
    هذه المسألة هي التي تفرق الناس لأجلها وهي التوحيد (َمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ) (ِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ [الصافات : 35 ) (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) .
    · كل من ليس بمسلم كافر , والكفر يدخل فيه أهل الكتاب وغيرهم (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، مَا يَسْمَعُ بِي مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ) (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ) .
    · إذا وقعت العداوة فلا بد من الافتراق , لأنه من وافق الأنبياء وخالف أعدائهم يستحيل أن يجالس من خالفهم وهو أمر مدرك بالشرع والنظر والواقع (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) .
    · وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة : الفتنة هي الشرك .وقاتلوهم هذا فعل أمر يدل على الوجوب ,وليس الجهاد فقط جهاد دفع , بل جهاد دفع وطلب وهذا لا شك فيه .
    · مايجب علينا ضد المشركين :-
    -1- عداوتهم واعتقاد كفرهم , بالقلب واللسان والجوارح وإطلاق وصف الكفر عليهم .
    -2- دعوتهم للتوحيد .
    -3- جهادهم , إلا أهل الكتاب يؤمرون بالإسلام فإن أبوا فالجزية فإن أبوا فالجهاد .
    · الواقع في الكفر : إما أكبر فهذا كافر خارج من الملة , ولاعذر بالجهل البتة , يسمى مشركا فالاسم والوصف واقع بإجماع السلف , ثم أمور الدنيا المترتبة عليه فبإجماع السلف ترتب عليه فمن وقع من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالشرك الأكبر فهو مشرك نرتب عليه والحكم ولا نعذره في هذه المسألة , كمن قال من منافقي أيامنا أن الشريعة لا تصلح في هذا الزمن وأنه ثمة مباينة ومفارقة فلو سلكنا طريق اليهود والنصارى للحقناهم .
    · وإما من جهة ما علم من الدين بالضرورة فهذه ينظر فيها , فإن كان الفاعل حديث عهد بإسلام , أو ناشئ في دار الكفر , أو في بادية بعيدة فهؤلاء الذين يعذرون بجهلهم إن كانوا مقصرين في البحث عن التوحيد , فلا يكفرون حتى تقان عليهم الحجة , فإن لم يقبل فحينئذ يكْفُر .
    · سئل الشيخ بعد الدرس عن رجل يقول : إن السجود للصنم لا يكون كفرا . قال الشيخ : يخشى عليه هو أن يقع في الكفر. وضحك هنا .
    · من لوازم صدق التوحيد الموالاة للإسلام والبراءة من الشرك والمشركين . وهذه مسألة عظيمة يجب التحدث عنها صباح مساء بمعرفة أحكامها ونواقضها وشروطها وغير ذلك .



    المسألة الثانية: أنهم متفرقون في دينهم , كما قال تعالى: (كل حزب بما لديهم فرحون)[الروم: 32] وكذلك في دنياهم , ويرون ذلك هو الصواب , فأتى بالاجتماع في الدين بقوله: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه)[الشورى: 13] وقال تعالى: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء) [الأنعام: 159] ونهانا عن مشابهتهم بقوله: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات) [آل عمران: 105] ونهانا عن التفرق في الدين , بقوله: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) [آل عمران: 103].



    -متفرقون : مأخوذ من التفريق , على وزن تفعيل , وهي صيغة مبالغة تفيد التكثير وتستعمل لتشتيت الشمل والكلمة , ويكون بين شيئن أو أكثر ( إن الذين فرقوا دينهم ) لزم منه مفارقة الأبدان .
    · قال شيخ الإسلام : " اعلم أن الله سبحانه وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الخلق على فترة من الرسل وقد مقت أهل الأرض : عربهم وعجمهم ، إلا بقايا من أهل الكتاب ماتوا - أو أكثرهم - قبل مبعثه .
    والناس إذ ذاك أحد رجلين : إما كتابي معتصم بكتاب : إما مبدل ، وإما مبدل منسوخ ودين دارس ، بعضه مجهول ، وبعضه متروك ، وإمّا أميّ من عربي وعجمي ، مقبل على عبادة ما استحسنه ، وظن أنه ينفعه : من نجم ، أو وثن ، أو قبر ، أو تمثال ، أو غير ذلك . والناس في جاهلية جهلاء ، من مقالات يظنونها علما وهي جهل ، وأعمال يحسبونها صلاحا وهي فساد . وغاية البارع منهم علما وعملا ، أن يحصل قليلا من العلم الموروث عن الأنبياء المتقدمين ، قد اشتبه عليهم حقه بباطله . "
    العرب مختلفون في عباداتهم فمنهم من يعبد الشمس ومنهم من يعبد القمر ومنهم من يعبد الملائكة أو الأولياء أو الصالحين . وهذه القاعدة الرابعة من القواعد الأربع .
    -كل حزب بما لديهم فرحون : - وهذا هو حقيقة التفرق أن كل حزب فرح بما لديه من عقائد باطلة .
    -ويرون : الرؤيا القلبية .
    -(شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا ... الآية ) : قال ابن كثير : " والظاهر أن الآية عامة في كل من فارق دين الله وكان مخالفًا له، فإن الله بعث رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وشرعه واحد لا اختلاف فيه ولا افتراق، فمن اختلف فيه { وَكَانُوا شِيَعًا } أي: فرقًا كأهل الملل والنحل -وهي الأهواء والضلالات -فالله (6) قد بَرَّأ رسوله مما هم فيه. وهذه الآية كقوله تعالى: { شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ [وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ] } (7) الآية[الشورى :13] ، وفي الحديث: "نحن معاشر الأنبياء أولاد عَلات، ديننا واحد , فهذا هو الصراط المستقيم، وهو ما جاءت به الرسل، من عبادة الله وحده لا شريك له، والتمسك بشريعة الرسول المتأخر، وما خالف ذلك فضلالات وجهالات وآراء وأهواء، الرسل بُرآء منها، كما قال: { لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ }".[10]
    قال ابن عباس :- أمر الله المؤمنين بالجماعة ونهى عن المراء والخصومات في دين الله .
    -أن أقيموا الدين :- هذا هو المطلوب منا .
    -ونهانا عن مشابهتهم والدليل ( ولا تكونوا كالذين فرقوا دينهم ) الكاف كاف تشبيه , وهنا جاء بالصلة وموصولها ولم يأت بالمشتق مباشرة ليبين العلة وسبب النهي ( أي لا تكونوا مثلهم متفرقون ومختلفون ) قال ابن جرير :- " وَلاَ تَكُونُوا يَا مَعْشَرَ الَّذِينَ آمَنُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَاخْتَلَفُوا فِي دِينِ اللَّهِ وَأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ ، مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ مِنْ حُجَجِ اللَّهِ ، فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ، وَعَلِمُوا الْحَقَّ فِيهِ ، فَتَعَمَّدُوا خِلاَفَهُ ، وَخَالَفُوا أَمْرَ اللَّهِ ، وَنَقَضُوا عَهْدَهُ وَمِيثَاقَهُ ، جَرَاءَةً عَلَى اللَّهِ وَأُولَئِكَ لَهُمْ : يَعْنِي وَلِهَؤُلاَءِ الَّذِينَ تَفَرَّقُوا ، وَاخْتَلَفُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ عَذَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَظِيمٌ. ". [11]
    - ونهانا عن التفرق في الدنيا ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) أي في الدنيا فحينئذ تقع العداوة والجدل وغيرها .

    (عذراً لا يسمح المقال بالزايدة عن المكتوب , وتابه البقية في الملف الآتي)
    لمن أردا تحميل الملف :

    http://sub3.rofof.com/010mazpq10/B3d_alt3lyqat.html

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المشاركات
    2,377

    افتراضي رد: التَّعليقاتُ الجليَّة والقَوَاعدُ العِلميَّة عَلَى "مسَائلِ الجَاهِليَّة" للحَازم

    جزاك الله كل خير ونفع بك وأمدّك بتوفيقه وتسديده
    ويمكن من على هذه الصفحة تحميل الشرح مسموعا ومكتوبا
    http://www.alhazme.net/articles.aspx?article_no=918

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •