تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: ما لا يسع المسلم جهله في قضية الاعتداء على الصديقة عائشة رضي الله عنها

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    130

    افتراضي ما لا يسع المسلم جهله في قضية الاعتداء على الصديقة عائشة رضي الله عنها

    ما لا يسع المسلم جهله


    في قضية الاعتداء على الصديقة عائشة رضي الله عنها


    عبد العزيز بن صالح المحمود


    جريمة الاعتداء على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أصبحت موضوع الساعة، فقد شغل هذا الحدث المسلمين جميعا، رغم أن بعضهم ولأسباب سياسية حاول التغاضي عن ذكره والتهرب منه، وحاول آخرون التقليل من شأنه.
    وموضوع أم المؤمنين من المواضيع الجديدة القديمة، فقد وُجد الطعن في أم المؤمنين مع ظهور التشيع في القرن الأول للهجرة، ثم أخذ أشكالا عدة، وما أريده هو التنبيه على أشياء لم تذكر ولم ينبه عليها، أو أشياء لم تعرف أو تشتهر عن موقف الشيعة في أم المؤمنين عائشة.

    بغض عائشة موضع إجماعهم
    * بغض أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها هو موضع إجماع عند كل الشيعة سواء كانوا إثني عشرية، أو زيدية، أو إسماعيلية، ولكنهم يختلفون في طريقة البغض أو الانتقاص بين معتدل وغالٍ، لكن لا يوجد محب لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها رغم أن بعضهم يعترف أنها حبيبة الرسول صلى الله عليه وسلم وزوجته في الجنة. فرغم هذا الاعتراف إلا أنّ جميعهم يرى أنّ عائشة رضي الله عنها كانت تبغض علياً رضي الله عنه وهو يبغضها؛ لذا فهم مع علي رضي الله عنه، وإن استلزم هذا الموقف مخالفة رغبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حُبها، وأن تكون هي رفيقته وزوجته في الجنة.
    وهذا يدفعنا لاعتقاد مهم جديد: أنّ مراد علي رضي الله عنه ورغبته أهم عند الشيعة مِن مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    سبب الكره
    * سبب كره الشيعة لعائشة رضي الله عنها هو خروجها في معركة الجمل على علي رضي الله عنه ومطالبتها مع طلحة والزبير رضي الله عنهما بالقصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه، وسواء فعلت عائشة رضي الله عنها كل المحاسن والفضائل، وسواء مدحها القرآن أو علي رضي الله عنه نفسه فإن كل ذلك لا يجعل الشيعة يحبونها؛ لأن مدار الدين كلَّ الدين عند الشيعة هو علي رضي الله عنه، فحتى سمك الجرّي([1]) حرم الشيعة أكله، لأنه كدر ماء الفرات عندما أراد علي رضي الله عنه أن يتوضأ منه، هكذا يزعمون!! فالدين مداره عند الشيعة موافقة الناس لعلي رضي الله عنه! أي أن الولاء والبراء والحب والبغض هو في شخص علي رضي الله عنه، ثم في شخص الأئمة الإثني عشر.
    وهذا أمر مهم وخطير وهو يفسر لنا سلوك كل الشيعة في نظرتهم وتفسيرهم لأحداث التاريخ.

    التسمي بعائشة
    * يحرم عند الشيعة التسمي باسم عائشة رضي الله عنها، ولذلك لا تجد اسم عائشة في أي منطقة شيعية سواء في إيران أو جنوب العراق أو جنوب لبنان أو غيرها، رغم أن أئمة آل البيت سموا كثيرا من بناتهم باسم عائشة؛ فلعلي الرضا بن موسى الكاظم بنت اسمها عائشة، وكذلك لأبيه موسى الكاظم بنت اسمها عائشة، وفي مصر قبر يزار لعائشة بنت جعفر الصادق، وهناك عائشة بنت جعفر بن موسى الكاظم، وعائشة بنت محمد بن الحسن بن جعفر بن الحسن المثنى، وهذا ثابت في تراجم أئمة آل البيت في كتب الشيعة والسنة. لكن الشيعة كعادتهم في المخالفة يبغضون اسم عائشة رضي الله عنها.
    إذ الحقيقة أن نفسية الفرد الشيعي سيطرت عليها نظريات البغض والكراهية، أكثر من نظرية اتباع المذهب أو الإمام.

    عقيدة وسلوك شعبي
    * في مناطق الشيعة سواء كانت بالعراق أو في الإحساء أو في لبنان، ثمة سلوك شعبي شيعي يندى له الجبين؛ فقد توارث شيعة العراق تسمية عائشة رضي الله عنها بالبقرة، حتى أضحى اسم البقرة في اللهجة العامية العراقية (هايشة) أي عائشة([2])، وإذا ذكر اسم عائشة قالوا: أعوذ بالله هذه جيشت الجيوش على علي، وكان الشاعر الشعبي العراقي ملا عبود الكرخي يذكر في قصيدة اللاءات والمستحيلات:
    إيصيرتصعد للسما ابسلم درج إيصير بالمعدان([3]) اسم عيشة وعمر
    إيصير أموات احتيو من مقبرة ايصير نملة تدفع الملوية[4]

    أي أن شيعة الأهوار من المستحيل بالنسبة لهم أن يسموا أطفالهم باسم عائشة وعمر، كما أن من المستحيل عودة من دفن في المقبرة إلى الحياة ومن المستحيل أن يصعد للسماء بدرج أو نملة تدفع مئذنة فكلها مستحيلات.
    إذاٍ فاحتقار الشيعة لعائشة رضي الله عنها هو موروث شعبي شيعي، ولم يقف عند حد ذكره في بطون الكتب القديمة وحسب.

    والمعاصرون أيضا
    * لم تسلم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، من الشيعة المعاصرين أيضاً، والذين يزعمون تبني دعوة التقريب بين السنة والشيعة، ففي منتصف القرن العشرين قام عبد الحسين شرف الدين الموسوي اللبناني صاحب كتاب (المراجعات)([5])، وكتاب (الفصول المهمة في توحيد الأمة) بانتقاص عائشة رضي الله عنها بوضوح ومهاجمتها، فهذا مرتضى العسكري أحد قياديي حزب الدعوة وأحد مؤسسيه، يؤلف كتاباً مستقلاً ألا وهو "أحاديث أم المؤمنين عائشة" للطعن في أحاديثها، وكل ذلك تم قبل ثورة إيران الخميني، أما بعد الثورة فقد برز نوع من رفع التقية، فطبعت دور النشر الشيعية تحت سمع وبصر حزب الله في لبنان كثيراً من الكتب المعاصرة التي تصرح بأن أم المؤمنين زانية وستدخل النار ولكن في زمهرير جهنم وليس في نارها لأنها لامست جسد النبي صلى الله عليه وسلم!! ومن آخر تلك الكتب، كتاب "خيانة عائشة بين الاستحالة والواقع" لمحمد جميل حمود العاملي، في سنة 2010م.

    ترقيع وتبرير
    * حاول بعض السنة في فلسطين والمغرب وغيرهما القول أن ليس كل الشيعة يبغضون عائشة رضي الله عنها، وأن فيهم من يحترمها، فأقول لهؤلاء:
    - ليس هذا من شأنكم، وإنما أنتم تحاولون الترقيع والتبرير لموقف سياسي اتخذتموه مسبقاً بالتحالف مع إيران، وتحاولون التبرير لكل خطأ يصدر من الشيعة، أنتم تنظرون إلى إيران على أنها داعمة لقضية فلسطين، ولذلك تحاولون تبرئة الشيعة من هذه الجريمة، رغم أنها ثابتة لا مجال للتهرب منها.
    ولكننا نتنزل معكم ونقول: ليكن لإيران مواقف سياسية إيجابية تجاه قضية فلسطين، فهل هذا مبرر مقبول للتغاضي عن اعتداءات الشيعة تجاه عقيدتنا وصحابة رسول صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين؟
    - بعض الطيبين ولا أقول السذج من هؤلاء الكتاب حين يجد ذكراً لعائشة رضي الله عنها في رواية أو مسألة فقهية هنا أوهناك من كتب الشيعة، يظن أنها الدليل على كون الشيعة أو بعضهم يحترمون أم المؤمنين!
    إن هذا كلام منْ لا يعرف أن التشيع دين متطور يؤسسه أصحابه حسب الزمان والمكان والحالة السياسية، وأن التقية هي تسعة أعشار الدين، فهؤلاء لا يدركون أبجديات الفكر الشيعي، وقديما قيل: أن من تكلّم في غير فنّه أتى بالعجائب!
    ولذا ننصحهم بترك الدفاع عن الفكر الشيعي وليكن دفاعهم مقتصراً على سياسة إيران، فهذا أسلم لدينهم، فلا يجوز لهم محاربة ثوابت الإسلام بسبب مصلحة سياسية كما زعموا!!

    السب عند الشيعة وبعض الخوارج
    * عبر تاريخ الأمة الإسلامية لم ينتقص أحد أمَّ المؤمنين أو الصحابة باستثناء الشيعة وفرقها وبعض الخوارج، ولكن الأمة بمذاهبها الفقهية الأربعة وغيرها، والعقدية كالصوفية والسلفية والأشعرية والماتريدية، هبت دوماً للدفاع عنهم والذب عن أعراضهم، فعندما شتم النصراني عساف الرسول صلى الله عليه وسلم، قطع شيخ الإسلام ابن تيمية رأسه، وألف كتابه المشهور "الصارم المسلول على شاتم الرسول"، وقد تعرض شيخ الإسلام للأذى بسبب الكتاب، وكذلك الإمام السبكي مؤلف كتاب "السيف المسلول على من سب الرسول"، والعلامة ابن عابدين مفتي الحنفية له رسالة بعنوان "تنبيه الولاة على شاتم خير الأنام أو أحد أصحابه الكرام عليه الصلاة والسلام"، ولإمام المالكية سحنون "رسالة النهي عن سب الصحابة"، أما الشافعية فقد ألف ابن حجر الهيتمي "الإعلام بقواطع الإسلام".

    معاصرونا للأسف
    ولكن اليوم خالفت أمتنا كل تاريخها السابق، فحزب التحرير لم تكن له أي وقفة أو بيان هنا أو هناك! وكأن أمر أم المؤمنين لا يرقي لشأن السياسة التي كرس نفسه لها، ولم ينتج عن تحليلاته العرجاء إلا أن ساق الأمة للسراب والخراب، ولقد سألت شخصياً أحد قيادات حزب التحرير: لماذ لم تصدروا بياناً بشأن أم المؤمنين؟ فسكت وأطرق رأسه ولم يجب!
    كم أسمعَنا أفراد الحزب وقادته صرخات الحنين للخلافة العثمانية، ولكن شتان بينهم وبين سلاطين دولة الخلافة، فالعثمانيون كانوا يقيمون الدنيا ولا يقعدونها لشتم صحابي، ورفضوا أن يعترفوا لنادر شاه، حاكم إيران، بمذهب الشيعة مذهبا خامسا.
    أم أن حزب التحرير يريدنا أن نسكت عن الشيعة حتى تكون للإسلام دولة؟ أم أن منظرهم الشيعي اللبناني سميح عاطف الزين لا يسمح بذلك! سلهم أيهم بذلك زعيم!!
    وإذا علمنا أن عددا لا بأس به من مؤسسي حزب الدعوة العراقي كانوا منتمين لحزب التحرير في العراق مثل عبد الهادي السبيتي وعارف البصري في سنة 1954م، فهمنا سبب تساهل الحزب مع الشيعة منذ نشأته.
    أم أن حزب التحرير لا يملك الوقت الكافي للتنبه لهذه الجزئية؟! وشغَله هَم إقامة الخلافة عن شتم أم المؤمنين عائشة وعن الشيعة!!
    فلا ندري ما الذي أصابهم، ففي مطلع الخمسينيات والستينيات عندما هاجم الشيعة والمستشرقون والمستغربون من المسلمين السُنة النبوية وأبرز رواتها الصحابي الجليل أبا هريرة رضي الله عنه، قام الدكتور مصطفى السباعي عليه الرحمة والرضوان بتفنيد شبهات عبد الحسين شرف الدين الموسوي والمستشرقين في رسالته للدكتوراة "السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي"([6])، وكتب المفكر الإسلامي العراقي عبد المنعم صالح العلي([7])"دفاع عن أبي هريرة"، و"مناقب أبي هريرة".
    فما للإخوان اليوم قد سكتوا؟ أما لهم قدوة بأسلافهم؟ ومنهم – مع الأسف – من يريد التقليل من شأن هذه الجريمة لأسباب سياسية كذلك، فلماذا هذا الفصل بين الدين والسياسة وكأننا أصبحنا علمانيين في سلوكنا وإنْ رفضناها وحاربناها ظاهراً.
    وأُحذر جماعة الإخوان من هذا السلوك، ومن التساهل مع منتقصي أم المؤمنين، فعِرض رسول الله صلى الله عليه وسلم أهم من غزة ونصرتها، وأهم من العراق ونصرته!! لقد خرجت آلاف المظاهرات منهم من أجل أحداث الدنمارك وغيرها، فلماذا سكتوا عن تطاول الشيعة على عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ هل دعم حركة حماس أهم من بيان تطاول الشيعة على عرض النبي صلى الله عليه وسلم؟
    لكن ماذا عساي أن أقول عن موقف الإخوان من هذه الجريمة الشيعية إلا مردداً قول الشاعر عمر أبو ريشة:
    لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم

    هذا ما أردته في مقالتي هذه: المشاركة في نصرة أمي أم المؤمنين عائشة فداها أبي وأمي كما قال شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت رضي الله عنه:

    فإن أبي ووالدتي وعرضي لعرضِ محمدٍ منكم وقاءُ








    [1] - أحد أنواع السمك المشهورة في العراق وغيره، وهو محرم أيضاً عند اليهود!!

    [2]- وهذا أمر قديم فقد ذكره شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (13/359)، ومنهاج السنة (3/238).

    [3]- المعدان هم: سكان الأهوار (البطائح) جنوب العراق الذين يربون الجاموس وكلهم شيعة.

    [4]- أي يقصد مئذنة الملوية في مدينة سامراء بالعراق.

    [5]- ذكر ذلك في المراجعات (259-270) .

    [6]- من الكلام الجميل للسباعي في الرد على عبد الحسين قوله: "لقد عجبت من موقف عبد الحسين في كلامه وفي كتابه من ذلك الموقف الذي لا يدل على رغبة صادقة في التقارب ونسيان الماضي، وأرى الآن نفس الموقف من فريق دعاة التقريب من علماء الشيعة، إذ هم بينما يقيمون لهذه الدعوة الدور وينشئون المجلات في القاهرة ويستكتبون فريقا من علماء الأزهر لهذه الغاية، لم نر أثراً لهم في الدعوة لهذا التقارب بين علماء الشيعة في العراق وإيران وغيرهما، فلا يزال القوم مصرين على ما في كتبهم من ذلك الطعن الجارح والتصوير المكذوب لما كان بين الصحابة من خلاف، كأن المقصود من دعوة التقريب هو تقريب أهل السنة إلى مذهب الشيعة لا تقريب المذهبين كل منهما للآخر) ا.هـ

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    130

    افتراضي رد: ما لا يسع المسلم جهله في قضية الاعتداء على الصديقة عائشة رضي الله عنها

    سألني صديقي لماذا تنشر مقالات الأخ عبد العزيز ومهتم بها ، قلت هي مهمة وهو شخصيا أخبر أحد معارفي أنه مشغول الآن في مصر ولم يفتح قسم خاص به في هذه المواقع ؛ لأن بعض من يعرفه ذكر له أن يؤسس موقع فاعتذر لعدم التفرغ في مصر
    .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •