بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير
( خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين )
الاعراف الاية \ 199

الهي سبحانك وتعاليت .. في بلاغة القرآن الكريم وصياغته هذه الصياغة التي ما بعدها ولاقبلها صياغة ولا مثلها او قريب منها وحقيق قول الله تعالى (( قل لان اجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا )) . ما اعظم هذه الايه في معناها وسعتها في مغزاها وصغرها في عدد كلماتها فقد فلسفت الحياة الانسانية ورسمت طريق البشرية منذ البداية وحتى نهاية العالم ( خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين ))
آيه كريمة مكونه من ست كلمات رسمت المنهج الانساني في معاملة الناس بينهم وسياستهم الاجتماعية والدينية والخلقية وجمعت كل مكارم الاخلاق في وضوح كالنور سطوعا وسهولة كالماء جريانا الى ان يرث الله الارض ومن عليها .

ذكرت الايه الشريفة ثلاث امور والخطاب فيها خاص وموجه للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وعام لكافة المؤمنين والمسلمين بل واقول بل لكافة البشرية . وهذه الامور هي\

1_ خذ العفو : والعفو هو التجاوز عن كل جهد أو مشقة أو أذى أو حالة غير مرضية وهذا التجاوز يكون باقرب السبل وأسهل وأفضل الوجوه . والعفو عن الناس خلق قويم اساسه التسامح والتجاوز عن كل تقصير ويدخل في هذا الامر صلة الرحم وان تصل من قطعك منهم والعفو عن كل ظلم واذى وكذلك الابتعاد عن الخشونه في التعامل مع الاخرين والتزام التسامح والتسامح والتيسير في كل صغيرة وكبيرة ويدخل فيها الابتعاد عن الغضب والحقد والكراهيه والمين والاخلاف لان من التزم جانب العفو انمحت هذه من قلبه وصغى قلبه لفعل الخير وخلي الا من الحب الخالص والوداد المخص والسيرة الحسنةوالخلق القويم الذي دعى اليه الاسلام .
2_ وأمر بالعرف : وهو ما تعارف عليه الناس في تعاملهم القائم بحيث أصبح عرفا ثابتا وقانونا اجتماعيا وسنة موروثة أثبتها الوقت . فالامر بالعرف التزام ما سار عليه الناس من تقاليد ومزايا واحوال وأمور في ظل مجتمعهم ولما كان هذا المجتمع مجتمعا اسلاميا فقد ترتب بل توجب ان يخضع العرف القائم لتعاليم الدين الاسلامي ولايخرج عن اطارها او يخالفها في شئ وبهذا فأن العرف كفيل بحل كل مشاكل ومنازعات المجتمع والامر بالعرف يوازي الامر بالمعروف فهو هو .
3_ وأعرض عن الجاهلين : وهذه الحاله ينعكس فيها ما يترشح من تنفيذ الامرين السابقين ففي حالة الامر بالمعروف او بالعرف او العفو المطلق ستوجد فئة تستغل هذا الامر او ذاك لتفرض رأيها او تعمل عكس ذلك في سبيل اذى الجهة المقابلة او اعتدادا بانفسهم . وصفهم الله تعالى بأبخس الاوصاف وسماهم ( الجاهلين )
لذا أمر الله تعالى انه اذا تم تنفيذ الامر الاول وهو الاخذ بمدأ العفو أو العمل بالمبدأ الثاني وهو الامر بالعرف وظهر خلال ذلك سفهاء الناس والجاهلون منهم بامور غير موجبة ولا محمودة وخارجة عن العرف وغير امرة بالمعروف او الاصلاح بين الناس فأعرض عنهم وتجاوز عما يقولون وما يصدر عنهم من سفاهة الرأي وسوء الخلق وامض في تحقيق ما أمر الله تعالى به في الامرين الاولين .
وهذه الامور الثلاثة لو استمسك الناس بها ونفذوها بحكمة ودراية والله لايبقى بينهم غيض وتغسل قلوبهم من من كل انواع الغل والحقد والكراهية والضغينه والانانية القاتلة ولحل محلها الرضى والوئام وساد العالم كل العالم السلام وعاش الناس بامان وطمأنينه . واني لارى ان تعلق هذه الكلمات القليلة - بعد ان تكتب بماءالذهب - في كل مجالس الناس وفي الامم المتحدة والجامعة العربية والمؤتمر الاسلام وفوق رؤس كل الناس العاملين في حقوق الانسان والمنظمات الاعالمية والدولية والانسانية وانها لكفيلة بحل كل مشاكل الانسانية في العالم


فالح الحجية الكيلاني
العراق\ ديالى \ بلدروز