تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وموقفه الصحيح من التصوف والمتصوفة ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    بــــلاد الشــــام
    المشاركات
    298

    Arrow شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وموقفه الصحيح من التصوف والمتصوفة ؟


    السلام عليكم

    يُكثر المتصوفة من النقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض المواضع التي امتدح فيها التصوف،،، وعند إمعان النظر في تلك النقول وجدتُ أن الأمر على ضربين : أحدهما : أن تلك النقول مبتورة مما يوهم أن شيخ الإسلام رحمه الله يُثني على التصوف فعند وصل السابق باللاحق ينتفي ما أُوهم عنه رحمه الله، والثاني : أن ذلك الثناء من شيخ الإسلام رحمه الله إنما كان لبعض زهّاد المتصوفة الأوّلين ممن سلك سبيل السلف، وليس ذلك ثناء منه على التصوف كمنهج أو طريق،،، وسؤالي :
    هل ماوصلتُ إليه من تحرير لموقف شيخ الإسلام من المتصوفة صواب أم لا ؟
    فإن كانت الإجابة بلا،،، فما هو الموقف الصحيح لشيخ الإسلام من التصوف والمتصوفة؟


    وبارك الله فيكم ووفقكم لكل خير شيخنا

    الجواب :

    ماوصل إليه السائل هو عين موقف شيخ الإسلام ابن تيمية من التصوف، وهو وجه الجمع بين أقواله المختلفة فهو أحياناً يثني على بعض رموزه المشهورين، وأحياناً يحمل حملة عنيفة على رموز آخرين، كما أنه أحياناً يقول أقوالاً شبيهة بأقوالهم، وأحياناً يهاجم التصوف بشكل عام، والذي يدقق في كلامه كله، وينظر نظرة إنصاف وتأمل في مناسبة عباراته وسياقها وسباقها يجد أن موقفه واضح وجلي، وهو موقف العالم المحقق والباحث المدقق، المنصف المتوسط غير الغالي ولا الجافي، فالتصوف ليس كله شراً كما أنه ليس كله خيرا، وإنما فيه من هذا وهذا، ذلك لأننا بحثنا عن جذور التصوف وأصوله ومصادره نجد أنه اختلط فيها ماهو من مبادئ الإسلام وأصوله، كالزهد في الدنيا وعدم الاغترار بزخارفها وزينتها، وأنها كسراب يوشك أن يزول، وكالاهتمام بتربية النفس وتخليصها من نقائصها وعيوبها، وتحليتها بحلية الإيمان، وصبغها بصبغة الكمالات والفضائل، فهذه المبادئ هي جزء من توجيهات الإسلام ومقاصده العليا.

    ولكن المشكلة في التصوف أنه لم يكتف في التوجيهات الإسلامية في الأمور السابقة، بل أضاف إليها آراء وفدت إلى المسلمين من ثقافات الأمم الأخرى كاليونان والهنود والفرس والنصارى واليهود نتيجة الفتوحات الإسلامية الواسعة، فالأمم الكثيرة التي فتح المسلمون بلادها ودخلت في الإسلام كانت تحمل ثقافات متنوعة كثيره فيها ماله أصل من هدي الأنبياء ومنها ماهو محرف من وضع البشر، ومنها ماهو في أصله من المفكرين والفلاسفة الذين لم يدينوا بدين سماوي أو دانوا بأديان وثنية، فحينما أسلموا حملوا ثقافاتهم السابقة إلى المجتمع الإسلامي، وترجموا كتبهم إلى العربية، فقرأها بعضهم واستحسنوها، وبعضها رأوا فيها ماهو جديد عليهم أو قريب من االإسلام ومنها ما فيه مخالفة، وكلنهم فتنوا به وأعجبوا، فحاولوا التوفيق بينه وبين الإسلام، فخرج نتيجة ذلك كله وأمثاله نظريات المتصوفة وآراءهم فكانت خليطاً من الحق والباطل، والصواب والخطأ، فلما درسها شيخ الإسلام دراسة عميقة منصفة، وفهمها فهما صحيحاً.

    ومن المعلوم أن ابن تيمية كان مدركاً لحقائق المذاهب والأديان المختلفة أكثر من أصحابها، بل كان بعضهم يرجع إليه ليفهم حقيقة مذهبه، أقول : فلما تكلم فيها أثنى على مافيها من خير، وذم مافيها من شر، وميز بين رجالاتها، بين من كانت عقيدته إسلامية صحيحة موافقة للكتاب والسنة وبين ماكان في عقيدته خلل أو اضطراب أو آثار وثنية أو إلهية محرفة، كما ميز بين من كان مخلصاً منهم في طلب الوصول إلى الرشاد فاجتهد وأخطأ أو أصاب، وبين من لم يكن مخلصاً، ولم يرفع بالوحي الإلهي رأساً وإنما كان يذهب مذاهب شتى بحسب مايمليه عليه هواه أو شيطانه، وكذلك ميز شيخ الإسلام بين النقول التي تنقل عن أئمة التصوف بين ماهو ثابت عنهم وبين ماليس بثابت، فقد نقلت أقوال كثيرة وقصص غريبة عن بعضهم، ولكنها في نظر النقاد لم تثبت فطعن بهم بسببها، فلما حقق ابن تيمية أمرها تبين له براءتهم منها، فدافع عنهم ونفاها وأثنى عليهم، وهكذا هو مثال المحقق المنصف المعتدل التي حقق قول الله تبارك وتعالى:( يا أيها الذين أمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط، ولايجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى) المائدة 8، وقوله سبحانه (.. وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى..) الأنعام 152.

    فرحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، فقد كان وقافاً عند كتاب الله وسنة رسوله، ولم يدفعه كرهه وبغضه لأهل البدع والمشركين إلى أن يظلمهم بل أعطى كل ذي حق حقه، ولم يكن ممن تدفعه ردود الأفعال والعواطف والأفكار المسبقة في الحكم على الناس والجماعات، بل كان منصفاً عادلاً مع الإنصاف عزيز عزيز ونادر نادر في بني البشر كما قال ربنا سبحانه : ( وإن كثيراً من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات، وقليل ماهم) "ص" 24 نعم كان شديداً وقاسياً على بعض من يعدون رموزاً كباراً للمتصوفة كابن عربي، ولكن قسوته في محلها لأنه رأى منه أشد الخبث والفجور حينما كشف أكاذيبه المتعمدة، وافتراءاته الباطلة، وسبيل النفاق الذي يسلكه، والكفر الأكبر الذي يحمله ويدسه بين السطور، ويغلفه بغلاف شفاف من الآيات والأحاديث، ويتعمد الكذب الصريح على الله وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فمثل هذا لاينفع فيه إلا كسره وفضحه، كما وجه الله تعالى نبيه في شأن المنافقين فقال : ( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم، ومأواهم جهنم وبئس المصير) التوبة 73، وقال : ( أولئك الذين يعلم الله مافي قلوبهم، فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغا) النساء 63، ومع ذلك كله أنصفه فلم يجزم بخلوده في النار، بل ذكر أنه إن مات على ماكان عليه ولم يتب منه فهو كافر مخلد في النار، وإن رجع عنه وتاب فأمره إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه.

    كان هذا موقفه رحمه الله، وأما الذين يحتجون بكلامه في نصرة بدعهم وتبرير أباطيل منهجهم فلم يكونوا أمناء في نقولهم ولم يكونوا منصفين في فهمهم لكلامه رحمه الله، فقد حرفوا بعض كلامه، وفصلوها عن سياقها وسباقها، وفسروها على غير وجهها، وفعلوا فيها كما فعل الخوارج قديماً في احتجاجاتهم ومعارضاتهم للخليفة الراشد علي رضي لله عنه، فقالوا: لا حكم إلا لله ياعلي، يريدون تضليله في قبول التحكيم بينه وبين معاوية وأهل الشام فقال علي لهم: هذه كلمة حق أريد بها باطل.

    والأمر يحتاج إلى إلى بسط طويل ليس هنا مكانه فأكتفي بما سبق والحمد لله رب العالمين.

    الشيخ محمد عيد العباسي،،، حفظه الله

    مصدر الفتوى :

    http://soufia-h.net/showthread.php?t=6669






  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    المشاركات
    183

    افتراضي رد: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وموقفه الصحيح من التصوف والمتصوفة ؟

    جزاكم الله خيرا ..

    وقد أفاض في هذه المسألة الدكتور مصطفى حلمي في كتابه " ابن تيمية والتصوف "

    وأجاد فيه وأفاد .. فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء ..

    والكتاب موجود على هذا الرابط ..

    http://www.waqfeya.com/book.php?bid=3955
    "والله لا أحل ما حرَّم الله، فالله حرَّم عرضي وحرم غيبتي فلا أحلها لأحد، فمن اغتابني فأنا أقاصه يوم القيامة"ابن المسيب.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •