أحسن الله إليك.
لو خلّصنا أطراف النقاش ، وعدنا لموضوعي الأول ، فهل هناك من جواب محدد للسؤال التالي : هل بلغ "الحسن" درجة الصحة أم لا؟
عندما تفرغ - فضلاً لا أمراً - من الإجابة عليه ، أقول : الفرق قائم بين الصحة والصحيح ، فالأول مصدر والثاني اسم ، لقب لنوع ، والأول أشمل من الثاني فهو مشتمل عليه ولا يجعل الأشمل كبعض أفراده وأنواعه من كل وجه ، ولذلك : الصحة شرط ، لا يقال هذا حديث صحيح لأنه مقبول ، بل يقال مقبول لأنه صحيح ، أي بلغ درجة الصحة بل أعلاها ، والحسن كذلك مقبول لأنه بلغ درجة الصحة ، ولو أدناها ، والمشكل هو في نفي الذهبي لبلوغه درجة الصحة. ولو افترضنا أن الصحيح في كلام الذهبي - وسياق كلامي تحديداً عن "كلام الذهبي في الموقظة" لا خلاف العلماء وكلامهم في المسألة عموماً - كالصحة ، لا مشاحة ، لتولد إشكال جديد في كلام الذهبي ، وهو أنه مرة أدخل الحسن في الصحيح (أو الصحة) ومرة أخرجه منه (أو منها) فمرة قال : ((...فأقول : الحسن ما ارتقى عن درجة الضعيف ، ولم يبلغ درجة الصحة)). [الموقظـة : ص26]. ثم قال ، ص27 : ((وإن شئت قلت : الحسن ما سلم من ضعف الرواة ، فهو حينئذ داخل في قسم الصحيح)). ولكن لما أخرجه من الأول - الصحة - وهو محل الإشكال ، وأدخله في الثاني ، دل ذلك على أنه هو بنفسه يفرق بينهما ، فالأول أعم والثاني أخص وهو النوع الذي "اصطلح" العلماء المتأخرون على تسميته "صحيحاً" ، فكيف يقال : هو من قسم الصحيح ولكنه لم يبلغ درجة الصحة أصلاً...هكذا بإطلاق ؟