الحمد لله.
فقبل سنين خلت صدر كتاب (ثبوت النبوات عقلاً ونقلاً والمعجزات والكرامات) وهو المعروف بـ(النبوات) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، من (تحقيق) العبد الفقير، وقدَّم له شيخنا العلامة الدكتور محمد بن أحمد بن إسماعيل المقدِّم حفظه الله، وصدر عن دار ابن الجوزي بالقاهرة. وهي نشرةٌ لاقت قبولاً لدى البعض، لِما رأوه مِن بذليَ الجهد في خدمتها والتعليق عليها والتقديم لها. غير أنَّ الطبعة شانتها كثرة التصحيفات والأخطاء الطباعية، كما أني لم أكن حينها بالمتأهِّلِ لإخراج كتابٍ بهذا الحجم وهذه المكانة (كنت ابن عشرين سنةً حين انتهيت منه)، فوجدت في نفسي من تلك النشرة ما وجدتُ من الألم والتنغيص، حتى صرت أجمع ما تناثر منها بالشراء من خوف معرَّتها.
ثم رأيت أنَّ أحسن اعتذارٍ يمكنني بذله لشيخ الإسلام وتراثه إعادةُ النظر في تلك النشرة بالكلية، فما زلت أعمل جاهدًا في ذلك الشأن حتى فرغت منه، وسيصدر قريبًا إن شاء الله تعالى في حلة جديدة مضبوطًا مخرجًا مفهرسًا، وبحاشيته تعليقات كثيرة شبه الشرح المتوسط، تكشف غوامضه، وتحل مبهمه، وتبين عن لآليء معانيه، وأزياء أفكاره. كما صدرته بمقدمةٍ جديدة فيها تناول موضوع الكتاب بالتحليل والشرح، وألحقت به مسألتين لشيخ الإسلام متعلقتين بموضوعه لم تنشرا من قبل.
ولما كنت قد وقفت على النشرة السعودية بتحقيق الدكتور عبد العزيز الطويان حفظه الله، قابلته عليها، وأثبتُّ ما فيه من الخطأ والمخالفة للمخطوط، وكذا في نشرة الشيخ محمد منير الدمشقي رحمه الله، بما يصل أحيانًا إلى التصرف في كلام شيخ الإسلام.
وأما ثناء شيخنا على العبد الفقير في مقدمته فقد كان من باب التشجيع وحسن الظن، فأرجو أن أكون أهلاً لذلك.
وأرجو من الإخوة الكرام الذين اقتنوا الطبعة الأولى التي نفدت من المكتبات أن يسامحوني في ذلك، وأنا على استعدادٍ لإهدائهم نسخًا من الطبعة الثانية فردًا فردًا.
أسأل الله السداد في القول والعمل، والتجاوز عن الخطأ والزلل، والحمد لله رب العالمين.