بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء و المرسلين محمد رسول الله و على آله و صحبه و سلّم .. أما بعد :
خشوع و خضوع وسكينة تغشانا معشر المسلمين عند أول خطوة نخطوها في رحاب بيت الله الحرام , خشوع ورهبة وهيبة تفرض نفسها على روحك الوجلة قداسة البيت الحرام -شرفه الله- , فتبدأ أول ما تبدأ به إن كنت معتمراً بتحية بيت ربك بالطواف حول الكعبة فتارةً تسبح و تحمد و تكبر الله و تارةً تذكر إسرافك في أمرك فتسأل الله العفو والمغفرة وتسأله جل و علا ما فيه صلاح دنياك , وكيف لا تفعل و أنت تناجي رباً كريماً سميعاً مجيباً .
وفجاءة وبدون سابق إنذار و في أثناء سكونك ذاك الملتف بالذلة لرب العزة يخترق أذنك أصوات جماعة من الطائفين تردد خلف القائد وهي هائمة على و جهها ربنا .. فيردون ربناااااااا.. إنك فيردون إنننننننك .. عفو ... فيردون خلفه عفوووووووو ... كريم .. كريييييييم , قلت إي والله عفو كريم لكن ليس هكذا , أصوات تجلجل المكان و تخترق الجدران فما بالك بطبلة الأذن, فالسلام على الخشوع بعد هذه الفوضى التي تسببت بها تلك الزوبعة البشرية , وددت ذات يوم أن لي عليهم سلطاناً فلن أتردد - واللهِ - بتكمييم أفواههم تشنيعاً لما هم فيه .
يا طائفين بأشرف مكان .. يا عباد الله قال الله تعالى :" ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ " , أما إستقرأتم من الاية الكريمة قاعدة الدعاء العظمى , أتراها تُطلب الحوائج بالصراخ , الدعاء له آداب منها وجوب الأدب مع الله فيه و عدم الإعتداء , الله جل وعلا وهو في عليائه يسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء , قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لما رفع الصحابة أصواتهم بالتكبير وهم معه في السفر فقال: «ارْبَعُوا على أنفسكم، فإنكم لا تَدْعُون أصمَّ ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريبًا، أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته», وأخيراً فليس مثل التجربة شيء فهل نعطي أنفسنا فرصة لتجريب لذة المناجاة الخافتة فهي بحق أجمع للقلب و أرجى للإجابة بإذن الله .