ملخص كتاب
إدارة الوقت من المنظور الإسلامي والإداري
د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فكلنا نعلم أن من أعظم نِعَم الله - عزَّ وجلَّ - علينا نعمةَ الوقت، فالوقتُ هو أعظم ثروة في حياة الإنسان، وهو من أنفس الأمور التي يجب علينا المحافظةُ عليها، ورحم الله مَن قال:
وفعلاً كما قال النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - في الحديث الذي رواه البخاري: ((نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة، والفراغ)).
وَالوَقْتُ أَنْفَسُ مَا عُنِيتَ بِحِفْظِهِ وَأَرَاهُ أَسْهَلَ مَا عَلَيْكَ يَضِيعُ
وعندما قالوا: "الوقت كالسيف إن لم تقطعْه قطعك"، ما قالوا ذلك إلا عن تجربة ووعي عميق بقيمة هذه النعمة العظيمة، وما أقسم الله في كتابه بالليل والنهار والعصر والفجر والضحى، إلاَّ لتنبيهنا على أهمية الوقت في حياة المسلم.
كما أن الوقتَ هو النعمة العظمى التي ساوَى الله بين عباده فيها، فالوقتُ للجميع بدرجة واحدة، ولكن الناسَ يختلفون في استثماره وإدارته.
في هذه الدنيا بعض الناس يبحثون عن الفراغ ولا يجدونه لكثرة أعمالهم، وبعض الناس يجدون الفراغ بين يديهم ولكنهم لا يعرفون إدارة أوقاتهم.
فكيف يستغلُّ الإنسانُ وقتَه وينظِّمه، ويطبِّق عليه التطبيقاتِ الإدارية؟
وكيف يستطيعُ المسلم أن يمارسَ الإدارة الجيدة في جميع شؤون حياته الدينية والدنيوية؟
وهل يمكن عزلُ الوقت عن حياة الإنسان الشخصية والعملية؟
ماهو تعريف الوقت؟ وما أهميَّته في القرآن الكريم والسنَّة المطهَّرة؟ وكيف يُدِير الإنسانُ وقته في ضوء القرآن الكريمِ والسنَّة النبوية وأقوال السلف؟
ما هي الواجبات الملقاة على عاتق المدير المسلم، وما مسؤولية المسلم عن الوقت؟
ما هي الأدواتُ والوسائل المستخدَمة في تنظيم إدارة الوقت؟ وما هي أبرز المناهج المستخدَمَة للإدارة الفعَّالة للوقت من خلال التطوُّر التاريخي؟ وما هو المنهجُ الجديد في إدارة الوقت بفعالية؟
ما هي الناحيةُ التطبيقية لإدارة الوقت في العالم العربي بعامة، وفي المملكة العربية السعودية بخاصَّة؟
هذه الأسئلة وغيرُها من الأسئلة المشابهة يجيبنا عنها فضيلةُ الدكتور خالد بن عبدالرحمن الجريسي - حفظه الله تعالى - في كتابه القيِّم: "إدارة الوقت من المنظور الإسلامي والإداري".
هذا الكتاب النفيس في مادَّته وموضوعه، والمنطقيُّ في صياغته وطريقة عرضه، ونحن في أشد الحاجة إليه في وقتنا المعاصر، فهو كتاب ديني تربوي، إداري تطويري، بأسلوب ينسجم وثقافةَ المؤمن المعاصر، ويشحذ به الهمَّة، ويساعده على استثمار حياته في ما فيه الخير العميم، والفائدة والمنفعة للجميع، ويستطيع الفرد أن يُدِير حياتَه إدارةً فعَّالة فاعِلة، خاصَّة أن إدارة الوقت في زماننا المعاصر تعتبر واحدةً من أهم موضوعات علم الإدارة الحديث.
وسنقوم بدراسةٍ مُوجَزة عن هذا الكتاب، نستخلص منها شهْده، ونصفِّي فيها عسلَه، حتى يكون الكتاب مادَّة موجزةً مختصرة بين يدي القارئ الكريم، نسير فيها مع الكتاب خطوة بخطوة، من غير إخلال ولا إملال.
بدايةً، المؤلف الدكتور خالد بن عبدالرحمن الجريسي - حفظه الله تعالى - لم ينسَ والديه الكريمين، فهو بارٌّ بهما أشدَّ البر، وأهدى هذا الكتابَ إلى والديه؛ لافتًا نظرنا إلى ضرورة أن نعرف لكلِّ إنسان فضلَه، وأن نقابلَ الإحسان بالإحسان.
يهدي الكتابَ لوالديه بلهجة الولد البارِّ المتواضع، ولجمال الإهداء رأيتُ ألاَّ أغيرَ فيه أيَّ كلمةٍ، وأن أنقلَه للقارئ الكريم كما كتبه فضيلة الدكتور:
"يشرفني أن أضع هذا الجهدَ المتواضعَ بين يدي والديَّ الكريمين، وقد أهديا إليَّ من قبل كلَّ عناية، وأسديَا إليَّ كلَّ تشجيع، وما عملي هذا إلا قطافٌ من فيض أيديهما، اللهم اجزهما عنِّي كلَّ خير، وارزقهما طول عمرٍ في حسن عمل، ووافر نعمة وعافية".
بعد الإهداء وضَع المؤلف مقدمةً للكتاب، ذكر فيها أن الكفاءة والفاعلية مطلبان رئيسان في الإدارة، وهما من تعاليم الدين الإسلامي، فتعاليم الدين الإسلامي تحثُّ المؤمن على أن يكون قويًّا فعَّالاً وفاعلاً، وأن يتحلَّى بالصفات الحميدة، وأن يعطيَ كلَّ ذي حق حقَّه.
ثم تحدَّث فيها عن منهجه في الكتاب، حيث قسَّم الكتاب إلى ستَّة فصول، والفصولَ إلى أبحاث، متَّبعًا منهج البحث العلمي الموثق، وفق قاعدة: (إن كنت ناقلاً فالصحَّة، أو مدَّعيًا فالدليل)، وقد أتى بالمحتويات بعد المقدمة مباشرةً ليسير الإنسان مع الكتاب على بصيرة ونور، مطلعًا على العناوين الرئيسة للفصول والأبحاث قبل أن يخوض غمارها، ويستخرج دُررها.
وستكون لنا وقفةٌ - إن شاء الله - مع كلِّ فصل بأبحاثه، وأهم ما جاء فيه.