تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: ( الغَيْنُ و الراءُ ) ... [ تأمُّلِيٌّ ]

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,901

    افتراضي ( الغَيْنُ و الراءُ ) ... [ تأمُّلِيٌّ ]

    ( الغَيْنُ و الراءُ ) ... [ تأمُّلِيٌّ ]


    ( غَر )


    أصولٌ ثلاثةٌ صحيحة :

    الأول : المثالُ ، مِن قولِ الناسِ : فُلانٌ على غِرارِ فُلانٍ ، أي على مِثالِهِ .

    الثاني : النُّقْصانُ ، مِن قولِكَِ : غارَّتْ الناقةُ ، إذا نقَصَ لبنُها ، و في الحديثِ " لا غِرارَ في صلاةٍ و لا تسليمٍ " أي : لا نقْصَ .

    الثالثُ : الغُرَّةُ ، و غُرَّةُ الشئِ أكرمه ، و منها البياضُ ، و الليالي الثلاثُ الأُوَلُ من الشهرِ .



    * * *




    حيثُ أنَّ المباني مدخلٌ لِفَقْهِ المعاني ، و للحروفِ إشاراتٌ و أسرارٌ ، و للفظِ ذوقٌ يُدرِكُه مَنْ أدرَكَهُ ، فلهذين الحرفين ، بأصولهما الثلاثةِ إشاراتٌ بالغاتٌ ، و معانٍ باسقاتٌ ، أسوقُ شيئاً ، و يُدركُ القارئُ أشياءَ .


    * * *


    المرءُ في حياتِه يطمحُ لأن يكون في حالٍ حسنةٍ ، و في هيئةٍ مُسْتَحْسَنَةٍ ، لا يشوبها شائبة ، و لا يعتريها عَوَرٌ ، و له الحقُّ في ذلك ، فإنَّ مَن منحه اللهُ عقلاً ، و وهبَه فِكراً لا يرتضي بالمقامِ الراكد ، و لا يلتفت إلى المحلِّ الجامد ، بل يسعى للارتقاءِ ، و يرتقي بالانتقاءِ .

    و مسيرتُه لا بُدَّ له فيها مِنْ ( غِرارٍ ) يَحتذي فيها غرارَه ، ليكون الطريقُ أمامه بيِّناً ، و شاراتُه بارزة ، فلا يَتُوْه في بُنَيَّاتِ الطُرُقِ ، و لا يضيع في متاهاتِ الفِرَقِ ، و قَيْدُ الـ ( غِرارِ ) أنْ يكون عارفاً بالطريقِ ، ضابطاً معالِمَهُ ، أميناً ، مُخلِصاً ، ليكون مَن سَلَكَ الـ ( غِرار ) آمناً ، مُطمئناً .

    و على الآخذِ بالـ ( غِرارِ ) أن يُدَقِّقَ حالَ الانتقاءِ ، فليستْ حياته محلَّ التجارب ، و لا موطناً للتنقُّلاتِ .

    فإذا أردتَ أن تكون ناجحاً في شئٍ ، و آتياً به على أتمِّ وجهٍ فاتخذِ الـ ( غِرارَ ) الأكمل ، و الأتمَّ الأجمل ، ليُقالَ : فُلانٌ على ( غِرارِ ) فُلانٍ .

    هذا أصلٌ أولٌ في مسيرةِ التألُّقِ .


    * * *


    الطريقُ طويلٌ ، و الـ ( غِرارُ ) بشَرٌ ، فلا يَخلو الـ ( غِرارُ ) مِن ( غِرارٍ ) ، و ليسَ عيباً ، و إنما العيبُ الإبقاءُ للـ ( غرارِ ) دون إكمالٍ ، و التَّرْكُ دونَ إتمامٍ .
    فالـ ( غِرارُ ) ثلاثٌ :
    الـ ( غِرارُ ) الأولُ : في الـ ( غِرارِ ) [ الذي هو الأصل الأول ] ، بأن يكون فاقداً شيئاً من قُيودِ كونهِ مُتَّخَذَاً لذلك .
    و الـ ( غرارُ ) الثاني : في الطريقِ ، فلا تأخذ طريقاً خاطئة ، فليستْ كلُّ الطرُقِ تؤدي إلى الهدفِ ، و ليسَ مَن رام الخير مُصِيْبَهُ ، فاعرف الطريقَ حقَّ المعرفةِ ليكون مسيرُكَ على ( غرارِ ) الصوابِ .
    و الـ ( غرارُ ) الثالثُ : في الذاتِ ، فكمِّلْ ذاتَك ، و تمِّمْ صِفاتَك ، و أطلقِ القُدُراتِ ، و لا تكونَنَّ مِمَّنْ انتابَهُ ( غرارٌ ) في ذاتِه ، فضَيَّعَ صِفاتَه ، و فرَّطَ في أمرِه .

    و هذا أصْلٌ ثانٍ في مسيرةِ التألُّقِ .


    * * *


    كُنْ في مسيرَتِكَ دوماً ذا :
    (غُرَّةٍ ) في نَفْسِكَ ، و في خُلُقِكَ ، و في مالكَ ، فإنَّ الـ ( غُرَّةَ ) لا تتأتَّى إلا بَعْدَ أن تُحقِّقَ ذلك في ما ذُكِرَ .
    و هذه الـ ( غُرَّةُ ) تَتَطلَّبُ أن يكونَ لونُكَ منطبعاً بياضُهُ على : قلبِك فيكون في بياضِ اللبنِ ، و في ثَوبِكَ ليكون في بياضِ الثلجِ ، و في نفسيَّتِكَ لتكون الدنيا كُلُّها ( غُرَّةً ) و تَكونَ أنتَ ( غُرَّةً ) في جبين الزمانِ .
    و حتَّى تَكونَ ( غُرَّةً ) في الجبينِ كُنْ ( غُرَّةً ) في كلِّ فضيلَةٍ ، وَ ( غُرَّةً ) في الطريقِ ، وَ ( غُرَّةً ) في كلِّ شئٍ و قبلِ كلِّ شئٍ .

    و هذا أصلٌ ثالثٌ في مسيرةِ التألُّقِ .


    * * *


    هكذا تأملْتُ ، بَعْدَ أن تَذَوَّقْتُ ، فَكتبتُ ، فاقرأ بتأمُّلٍ دقيقٍ .



    2/8/1428هـ
    15/8/2007م



    * * *



    [ تنبيهٌ : هذا نموذجٌ لتذَوقاتٍ في أصولِ ألفاظِ اللغةِ ، و فَسْرِ خَفِيِّ المعاني ، تمَّمَ اللهُ المُراد ]
    __________________

    *
    *
    *


    عبدُ اللهِ العُتَيِّق

    منقول .
    http://muntada.islamtoday.net/showthread.php?t=28130

    قل للذي لايخلص لايُتعب نفسهُ

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    749

    افتراضي رد: ( الغَيْنُ و الراءُ ) ... [ تأمُّلِيٌّ ]

    شكر الله سعيك ونقلك ياشيخنا ابن رجب
    كل هذا في حرفين (الغين والراء) لغة كالبحر الزاخر

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    137

    افتراضي رد: ( الغَيْنُ و الراءُ ) ... [ تأمُّلِيٌّ ]

    جزاكم الله خيراً،إنتقاء يدل علي حس أدبي ولغوي عال.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,901

    افتراضي رد: ( الغَيْنُ و الراءُ ) ... [ تأمُّلِيٌّ ]

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لامية العرب مشاهدة المشاركة
    شكر الله سعيك ونقلك ياشيخنا ابن رجب
    كل هذا في حرفين (الغين والراء) لغة كالبحر الزاخر
    واياكم شيخنا ,,, والمعذرة لست شيخا .
    قل للذي لايخلص لايُتعب نفسهُ

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,901

    افتراضي رد: ( الغَيْنُ و الراءُ ) ... [ تأمُّلِيٌّ ]

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد عبد المجيد مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيراً،إنتقاء يدل علي حس أدبي ولغوي عال.

    واياكم اخي الكريم ,, وشكر الله لكم طيب كلامكم وحسن مروركم .
    قل للذي لايخلص لايُتعب نفسهُ

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •