هل كتاب التاريخ للبخاري من كتب العلل ؟
هل كتاب التاريخ للبخاري من كتب العلل ؟
ليس من كتب العلل المؤلفة قصدًا في هذا الباب، وإنما يحتوي في تضاعيفه على إعلالات ونقدات مهمة ونفيسة من إمامٍ في هذا العلم؛ لا يحسن إغفالها.
جزاك الله خيرا لأني قرأت في الفتوى التالي عكس ذلك :
النص الأول المروي عن ابن عمر في هذه الرسالة هو من هذا الباب :
فالقول إن البخاري رواه ، ليس بصحيح ، لأن المراد بذلك أن يكون رواه في صحيحه ، والبخاري إنما رواه في كتاب " التاريخ " ، وكتاب التاريخ ليس من كتب السنن والمسانيد ، بل هو من كتب العلل ، ولذلك لم يقتصر فيه على " الصحيح " كما فعل في "صحيحه" المشهور ، بل كثيرا ما يروي الحديث فيه لبيان علته ، أو التنبيه على ضعفه ، وهو الأمر الذي فعله في هذا الحديث ، فقد قال بعد أن رواه (6/292) : "ولا أراه يصح" اهـ ؛ فتأمل كيف أن البخاري ذكر أنه لا يصح ، وكيف أن الرسالة أوهمت أنه في صحيح البخاري ؟!
وقد عزاه الحكيم الترمذي إلى أبي الدرداء ، من قوله ، موقوفا عليه ، أيضا ، لكن لم نقف على إسناده .
ثم إن هذا الأثر ، لو صح : فليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في رواية البخاري في تاريخه ، بل هو من كلام عبد الله بن عمرو بن العاص ، وقد صرح بذلك البيهقي بعد روايته له في شعب الإيمان (3/29) : "هكذا جاء موقوفا " . انتهى . يعني : أن الرواية إنما وردت عن عبد الله بن عمرو بن العاص من كلامه ، ولم ترد على أنها من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، هذا مع ما سبق من أن الإمام البخاري رحمه الله أشار إلى عدم صحة الرواية الموقوفة أيضا .
وأمر غيبي لا يحكم فيه بمجرد الرأي والاجتهاد ، بل لا بد من أن يكون مبينا على سنة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم .
وأما الحديث الآخر : ( من بات طاهرا بات في شعاره ملك ؛ فلم يستيقظ إلا قال الملك : 'اللهم اغفر لعبدك فلان فإنه بات طاهراً' ) .
وهذا الحديث رواه أبو القاسم في " الطهور" ـ ط مشهور ـ (رقم/70) وابن المبارك في "المسند" (رقم/64) وابن حبان في "صحيحه" (1051) والطبراني في " الكبير" (12/446) من حديث ابن عمر .
ورواه ابن المبارك في "الزهد" (1244) ومن طريقه : البيهقي في "الشعب" (2780) و"الدعوات" (375) من حديث أبي هريرة .
ورواه الطبراني في "الأوسط" (5087) من حديث ابن عباس .
وقد ذكره العقيلي في ترجمة عباس بن عتبة ، وقال : " لا يصح حديثه " ، ثم قال : " وقد روي هذا بغير هذا الإسناد بإسناد لين أيضا " انتهى . " الضعفاء الكبير" للعقيلي (3/362) .
وقد خرجه الشيخ أبو إسحاق الحويني في " الفتاوى الحديثية" له (1/456ـ ترقيم الشاملة) ورجح ضعفه .
وينظر : " السلسلة الصحيحة " للشيخ الألباني رحمه الله (2395) .
ثالثًا :
يغنينا عما سبق في فضل الوضوء عند النوم ما رواه البخاري (247) ومسلم (2710) عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ ، ثُمَّ قُلْ : اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ؛ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ ) .
قَالَ : فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا بَلَغْتُ : اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ ، قُلْتُ : وَرَسُولِكَ . قَالَ : ( لَا ؛ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ) .
قال الإمام الترمذي رحمه الله ، عقب روايته لهذا الحديث في "سننه" (3574) : " ولا نعلم في شيء من الروايات ذكر الوضوء [ يعني : عند النوم ] إلا في هذا الحديث" انتهى .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
قَوْله ( فَتَوَضَّأْ وُضُوءَك لِلصَّلَاةِ ) الْأَمْر فِيهِ لِلنَّدَبِ .
وَلَهُ فَوَائِد : مِنْهَا أَنْ يَبِيت عَلَى طَهَارَة لِئَلَّا يَبْغَتهُ الْمَوْت فَيَكُون عَلَى هَيْئَة كَامِلَة ، وَيُؤْخَذ مِنْهُ النَّدْب إِلَى الِاسْتِعْدَاد لِلْمَوْتِ بِطَهَارَةِ الْقَلْب لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ طَهَارَة الْبَدَن .. ، وَيَتَأَكَّد ذَلِكَ فِي حَقّ الْمُحْدِث وَلَا سِيَّمَا الْجُنُب وَهُوَ أَنْشَط لِلْعَوْدِ ، وَقَدْ يَكُون مُنَشِّطًا لِلْغُسْلِ ، فَيَبِيت عَلَى طَهَارَة كَامِلَة . وَمِنْهَا أَنْ يَكُون أَصْدَق لِرُؤْيَاهُ وَأَبْعَد مِنْ تَلَعُّب الشَّيْطَان بِهِ " . انتهى
ولا أدري عن علمه في علم الحديث !
إطلاق أنه من كتب العلل غلط -فيما يظهر-.
والظاهر من سياق المنقول: أن المتكلم أراد أن تاريخ البخاري كتابُ علل بالنظر إلى أنه يُعِلُّ فيه أحاديث ويبيِّن ضعفها، إلا أن هذا غير كافٍ لنقله من بابة التواريخ والتراجم إلى كتب العلل.
ولعل المتكلم تجوَّز في العبارة؛ لكونه في مَعرِض المقابلة بين صحيح البخاري وتاريخه، والله أعلم.
جزاك الله خيرا
لا تخلو مصادر العلوم من كونها على قسمين:
أساسي ؛ ومساعد (ثانوي).
وكل قسم لا يستغني عنه الآخر، بل هما متلاحمان.
فالأساسي: ما أُلف قصدا في أحد العلوم، ككتاب (تهذيب الكمال) في علم الرجال.
والمساعد: ما احتوى على أكثر من علم، وكثر الكمُّ المنقول من أحد العلوم، مثل: سير أعلام النبلاء، فهو مؤلف قصدا في التراجم، لكنه يحتوي (مثلا) على شيء كثير من (الأدب: الشعر والنثر)، فهو بهذا مصدر مساعد في الأدب.
فإذا نظرنا إلى كتاب التاريخ للبخاري والغرض الأساس البيّن من الكتاب فإذا هو = علم التراجم.
فهو مصدر أساسي من مصادر علم التراجم.
وإذا نظرنا إليه من بابة علم العلل، فهو يتخلله إعلالات نقدية، لكن طريقة عرضه لها بحسب مناسبات المترجم له.
وعليه فيقال: إنه من مصادر العلل المساعدة (الثانوية).
فلا بد من التقييد بـ (مساعدة / ثانوية) لأن المؤلِّف لم يكن غرضه الأساس - فيما يظهر من طريقة العرْض - العلل ابتداء، وإنما جاءت العلل عرَضًا، ولا يحسنُ في هذا الإطلاق.
بارك الله فيكم
قال العلامة عبدالرحمن بن يحيى المعلمي رحمه الله في تحقيقه على الفوائد المجموعة للشوكاني:
((إخراج البخاري الخبر في التاريخ لايفيد الخبر شيئا بل يضره فإن من شأن البخاري أن لا يخرج الخبر في التاريخ إلا ليدل على وهن راويه).ا.هـ
للمذاكرة حوله والفائدة
السلام عليكم
البخاري في تاريخة يذكر الجرح والتعديل والعلل ويبين المراسيل وابن ابي حاتم جعل لكل غرض كتابا .
السلام عليكم ورحمة الله .
السادة الأفاضل : ما أفضل طبعات التاريخ للأمام أبي عبد الله البخاري ؟ أفضلها حتي الآن؟ وجزاكم الله خيرا.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
التاريخ الكبير: طبعة دائرة المعارف العثمانية بالهند ، بتحقيق الشيخ العلامة عبد الرحمن المعلمي رحمه الله تعالى وآخرين.السادة الأفاضل : ما أفضل طبعات التاريخ للأمام أبي عبد الله البخاري ؟ أفضلها حتي الآن؟ وجزاكم الله خيرا.
وهذا رابط تحميلها من الوقفية :
التاريخ الكبير
بارك الله فيكم .
نعم الأصل أن التاريخ الكبير للبخاري كتاب للتراجم ، لكنه يحتوي على ذكر الإعلالات ونقد الروايات ، وذكر السماعات وعدمها ، وذكرَ الأحاديث فيها ليدلل على أنها معللة ، كما في كلام المعلمي اليماني رحمه الله.