تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 68

الموضوع: فوائد وعبر من السير

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي فوائد وعبر من السير ( 101 - 200 )

    - الفوائد المتعلقة بالمرأة

    1- وعائشة بنت طلحة التيمية التي أصدقها مصعب بن الزبير مائة ألف دينار ( 101 )

    2- فاطمة بنت الحسين الشهيد رضي الله عنه التي أصدقها الديباج عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان ألف ألف درهم
    ( 110 )

    3 -توفيت الخيزران زوجة المهدي وأم الهادي والرشيد ولم تلد امرأة خليفتين غير ثلاثة ولادة بنت العباس العبسية تزوجها عبد الملك بن مروان فولدت له الوليد وسليمان فوليا الخلافة والثانية شافهر بنت فيروز بن يزدجرد تزوجها الوليد بن عبد الملك فولدت له يزيد وإبراهيم فوليا الخلافة والثالثة الخيزران اشتراها المهدي ثم أعتقها فولدت له الهادي والرشيد ووليا الخلافة ويلحق بهؤلاء خاتون جارية ملكشاه فإنها ولدت محمداً وسنجراً وكلاهما ولي السلطنة وكان كبير القدر ( 172 )

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي فوائد وعبر من السير ( 101 - 200 )

    8 - الطرائف والملح والعجائب والغرائب

    1 - وكان عامر بن شراحيل الشعبي نحيفا ضئيلا وقيل له مالنا نراك ضئيلا قال إني زوحمت في الرحم وكان ولد هو وأخ له في بطن واحد قال الشعبي لخياط مر به عندنا حب مكسور تخيطه فقال له نعم إن كان عندك خيط من ريح وحدثني بهذا الإسناد أن رجلا دخل عليه ومعه في البيت امرأة فقال أيكما الشعبي فقال هذه وقال له أبو بكر الهذلي تحب الشعر فقال إنما يحبه فحول الرجال ويكرهه مؤنثوهم وقال ما أودعت قلبي شيئا فخانني قط وقال إنما الفقيه من تورع عن محارم الله والعالم من خاف الله تعالى وقال ما كتبت سوداء في بيضاء إلا حفظتها ( 104 )

    2- أبو يحيى عبد الله الأنطاكي أحد الشجعان الذين يضرب بهم المثل وله مواقف مشهودة وكان طليعة جيش مسلمة وله أخبار في الجملة لكن كذبوا عليه وحملوه من الخرافات والكذب ما لا يحد ولا يوصف ( 113 )

    3 - أحد الشجعان والأبطال أبو محمد البطال وله حروب ومواقف ولكن كذبوا عليه فأفرطوا ووضعوا له سيرة كبيرة تقرأ كل وقت يزيد فيها من لا يستحي من الكذب ( 121 )

    4 - وشق ابن خالة سطيح وكانا من أعاجيب الزمان كان سطيح جسدا ملقى بلا جوارح ووجهه في صدره ولم يكن له رأس ولا عنق وكان لا يقدر يجلس إلا إذا غضب فإنه ينتفخ فيجلس قيل وكان يطوي مثل الأديم وينقل من مكان إلى مكان وكان شق نصف إنسان له يد ورجل وولدا في يوم واحد وهو اليوم الذي ماتت فيه طريقة الكاهنة الحميرية زوجة عمرو بن مزيقياء بن عامر بن ماء السماء وحين ولدا تفلت في أفواههما وماتت من ساعتها ودفنت بالجحفة ( 126 )

    5 - واصل بن عطاء المعتزلي المتكلم كان ألثغ يبدل الراء غينا وكان يخلص كلامه بحيث لا تسمع منه الراء حتى يظن خواص جلسائه أنه غير ألثغ حتى يقال إنه دفعت إليه رقعة مضمونها أمر أمير الأمراء الكرام أن يحفر بئر على قارعة الطريق فيشرب منه الصادر والوارد فقرأ على الفور حكم حاكم الحكام الفخام أن ينبش جب على جادة الممشى فيسقى منه الصادي والغادي فغير كل لفظ برديفه وهذا من عجيب الاقتدار ( 131 )

    6 - وكان الاعمش فيه مزاح خرج إلى الطلبة يوما وقال لولا إن في منزلي من هو أبغض إلي منكم ما خرجت وطلبه رجل ليصلح بينه وبين زوجته فقال الرجل لزوجته لا تنظري إلى عموشة عينيه وخموشة ساقيه فإنه إمام فقالت ما لديوان الرسائل أريده فقال ما أردت إلا أن تعرفها عيوبي وقال له حائك ما تقول في شهادة الحائك فقال تقبل مع عدلين وذكر عنده حديث من نام عن قيام الليل بال الشيطان في أذنه فقال ما عمشت عيني إلا من بول الشيطان وكتب إليه هشام بن عبد الملك أن أكتب لي فضائل عثمان ومساوئ علي فأخذ كتابه ولقمه شاة عنده وقال لرسوله هذا جوابك فألح عليه الرسول في جواب وتحمل عليه بإخوانه وقال إن لم آت بالجواب قتلني فكتب بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فلو كان لعثمان مناقب أهل الأرض ما نفعتك ولو كانت لعلي مساوئ ء أهل الأرض ما ضرتك فعليك بخويصة نفسك والسلام ( 148 )

    7 - أشعب الطامع ويعرف بابن أم حميد روى عن عكرمة وسالم وله نوادر وملح في الطمع والتطفيل أشهر من أن تذكر( 154 )

    8 - أبو دلامة زند - بالنون - بن الجون صاحب النوادر
    ونوادره كثيرة جداً وهو مطعون فيه وليست له رواية ( 161 )

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي فوائد وعبر من السير ( 101 - 200 )

    9- الفوائد الإيمانية والتربوية والدعوية

    1- وذلك أن عمر خرج طائفا ذات ليلة فسمع امرأة تقول لبنية لها اخلطى الماء في اللبن فقالت البنية أما سمعت منادى عمر بالأمس ينهى عنه فقالت أن عمر لا يدري عنك فقالت البنية والله ما كنت لا طيعة علانية واعصيه سرا فأعجب عمر عقلها فزوجها ابنه عاصما فهي جدة عمر بن عبد العزيز ( 101 )

    2 - قال عمر بن عبد العزيز أن لي نفسا ذواقة تواقه كلما ذاقت شيئا تاقت إلى ما فوقه فلما ذاقت الخلافة ولم يكن شيء في الدنيا فوقها تاقت إلى ما عند الله في الآخرة وذلك لا ينال إلا بترك الدنيا ومن كلامه رضى الله عنه ( 101 )


    3- ربعى بن حراش أحد علماء الكوفة وعبادها قيل أنه لم يكذب قط وشهد خطبة عمر بالجابية وحلف لا يضحك حتى يعلم أفي الجنة هو أم في النار ( 101 )

    4 - وقال الأعمش كنت إذا رأيت مجاهدا تراه مغموما فقيل له في ذلك فقال أخذ عبد الله يعنى ابن عمر بيدي ثم قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي وقال لي يا عبد الله كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ومات مجاهد بمكة وهو ساجد ( 102 )

    5- خالد بن معدان الكلاعي الحمصي الفقيه العابد قيل كان يسبح كل يوم أربعين ألف تسبيحة سمعه صفوان يقول لقيت سبعين من الصحابة وقال يحيى بن سعيد ما رأيت ألزم للعلم منه وقال الثوري ما أقدم عليه أحدا ( 104 )

    6- دخل سليمان بن عبد الملك الكعبة فرأى سالما واقفا فقال له سلني حوائجك فقال لا والله لا سألت في بيت الله غير الله ( 106 )

    7- ولما ولي عمر بن عبد العزيز كتب إليه طاووس إن أردت أن يكون عملك كله خيرا فاستعمل أهل الخير فقال عمر كفى بها موعظة ( 106 )

    8 - أبو محمد علي بن عبد الله بن عباس جد السفاح والمنصور وكان سيدا شريفا أصغر أولاد أبيه وأجمل قرشي على وجه الأرض وأوسمه وأكثره صلاة ولذلك دعي بالسجاد وكان له خمسمائة أصل زيتون يصلي تحت كل ركعتين فالمجموع ألف ركعة روى أن عليا جاء بن عباس يهنئه به يوم ولد وقال له شكرت الواهب وبورك لك في الموهوب ( 113 )

    9- فقيه الكوفة أبو إسماعيل حماد بن أبي سليمان الأشعري مولاهم صاحب إبراهيم النخعي روى عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيب وطائفة وكان جوادا سريا محتشما يفطر كل ليلة من رمضان خمسمائة إنسان وقال شعبة كان صدوق السان ( 120 )

    10 - أبو يحيى مالك بن دينار البصري الزاهد المشهور كان مولى لبني أسامة بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك وكان يكتب المصاحف بالأجرة أقام أربعين سنة لا يأكل من ثمار البصرة ولا يأكل إلا من عمل يده ووقع حريق بها فخرج متزرا بباريه وبيده مصحف وقال فاز المخففون وقيل له ألا تستسقي لنا فقال أنتم تنتظرون الغيث وأنا انتظر الحجارة وقال له رجل إن امرأتي حبلى منذ أربع سنين وأصبحت اليوم في كرب عظيم فادع الله لها فقال اللهم إن كان في بطنها جارية فأبدلها غلاما فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب فجاء الرجل على رقبته غلام وقد استوت أسنانه وما قطع سراره ( 127 )

    11 - محمد بن المنكدر التيمي المدني قيل له أي الأعمال أفضل قال إدخال السرور على المؤمنين وقيل له أي الدنيا أحب إليك قال الأفضال على الإخوان وكان يحج وعليه دين فقيل له أتحج وعليك دين فقال هو أقضى للدين وكان إذا حج خرج بنسائه وصبيانه كلهم فقيل له في ذلك أعرضهم على الله . قال مالك : كنت إذا وجدت من قلبي قسوة آتى ابن المنكدر فأنظر إليه نظرة فأبغض نفسي أياما وكان من أزهد الناس وأبعدهم وكان له أخوان فقيهان عابدان أبو بكر ابن المنكدر وعمر بن المنكدر وسمع محمد عائشة وأبا هريرة وكان بيته مأوى الصالحين ومجتمع العابدين ( 130 )

    12 - ومنصور بن زاذان البصري زاهد البصرة وشيخها روى عن أنس وجماعة وكان يصلي من بكرة إلى العصر ثم يسبح إلى المغرب ( 131 )

    13 - عبيد الله بن أبي جعفر الليثي مولاهم المصري الفقيه أحد العلماء والزهاد ولد سنة ستين قال محمد بن سعد كان ثقة بقية في زمانه قال ابن ناصر الدين من حكم كلامه ( إذا حدث المرء فأعجبه الحديث فليمسك وإن كان ساكنا فأعجبه السكوت فليتحدث ) ( 132 )

    14- عطاء الخراساني نزيل بيت المقدس وهو كثير الإرسال عن الصحابة وكان يقول أوثق علمي في نفسي نشر العلم وقال ابن جابر كنا نغزو معه فكان يحيى الليل صلاة الأنومة السحر وكان يعظنا ويحثنا على التجهد ( 135 )

    15- منصور بن عبد الرحمن العبدري الحجبي المكي ولد صفية بنت شيبة قال ابن عيينة كان يبكي عند كل صلاة فكانوا يرون أنه يذكر الموت ( 137 )

    16- قال وكيع بقي الأعمش قريبا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى وقال الخريبي ما خلف أعبد منه ( 148 )

    17- والحكم بن أبان العدني روى عن طاووس وجماعة وكان شيخ أهل اليمن وعالمهم بعد يعقوب قال أحمد العجلي ثقة صاحب سنة كان إذا هدأت العيون وقف في البحر إلى ركبتيه يذكر الله حتى يصبح ( 154 )

    18- وأبو مودود عبد العزيز بن أبي سليمان المدني القاص عن سن عالية رأى أبا سعيد الخدري وروى عن السائب بن يزيد وجماعة قال ابن سعد كان من أهل الفضل والنسك يعظ ويذكر ( 162 )

    19- حماد بن سلمة بن دينار البصري الحافظ في آخر السنة سمع قتادة وأبا جمرة الضبعي وطبقتهما كان سيد أهل وقته قال وهيب بن خالد حماد ابن سلمة سيدنا وأعلمنا وقال ابن المديني كان عند يحيى بن ضريس عن حماد بن سلمة عشرة آلاف حديث وقال عبد الرحمن بن مهدي لو قيل لحماد بن سلمة أنك تموت غداً ما قدر أن يزيد في العمل شيئاً وقال شهاب البلخي كان حماد بن سلمة يعد من الأبدال وقال غيره كان فصيحاً مفوهاً إماماً في العربية صاحب سنة له تصانيف في الحديث وكان بطاينياً فروى سوار بن عبد الله عن أبيه قال كنت آتي حماد بن سلمة في سوقة فإذا ربح في ثوب حبة أو حبتين شد جيوبه وقام وقال موسى بن إسماعيل لو قلت أني ما رأيت حماد بن سلمة ضاحكاً لصدقت كان يحدث أو يسبح أو يقرأ أو يصلي قد قسم النهار على ذلك ( 167 )

    20- الحسن بن صالح بن حي الهمداني فقيه الكوفة وعابدها وقال وكيع الحسن بن صالح يشبه بسعيد بن جبير كان هو وأخوه على وأمهما قد جزؤا الليل ثلاثة أجزاء فماتت فقسما الليل سهمين فمات على فقام الحسن الليل كله ( 167 )

    21- صالح المري الزاهد وأعظ البصرة روى عن الحسن وجماعة وحديثه ضعيف قال عفان كان شديد الخوف من الله إذا قص كأنه ثكلى ( 172 )

    22 - بشر بن منصور السليمي الأزدي البصري الزاهد روى عن أيوب وطبقته قال ابن المديني ما رأيت أحدا أخوف لله منه وكان يصلي كل يوم خمسمائة ركعة وقال عبد الرحمن بن مهدي ما رأيت أحدا أقدمه عليه في الورع والرقة ( 180 )

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي فوائد وعبر من السير ( 101 - 200 )

    10 - سير العلماء

    1- أبو قلابة الجرمي عبد الله بن زيد البصري الإمام طلب للقضاء فهرب ونزل الشام فنزل بداريا وكان رأسا في العلم والعمل سمع من سمرة وجماعة ومناظرته مع علماء عصره في القسامة بحضرة عمر بن عبد العزيز مشهورة في الصحيح بخ (6899) م ( 1669) ( 104 )

    2 - ولما ولى ابن هبيرة العراق وخراسان نيابة عن يزيد بن عبد الملك استدعى الحسن وابن سيرين والشعبي وذلك في سنة ثلاث ومائة فقال لهم إن الخليفة كتب إلى بأمر فأقلده ما تقلد من ذلك الأمر فقال ابن سيرين والشعبي قولا فيه بعض تقية فقال ما تقول يا حسن قال يا ابن هبيرة خف الله في يزيد ولا تخف يزيدا في اله فإن الله يمنعك من يزيد ولا يمنعك يزيد من الله ويوشك أن يبعث إليك ملكا فيزيلك عن سريرك ويخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك ثم لا ينجيك إلا عملك يا ابن هبيرة إياك أن تعصي الله فإنما جعل الله هذا السلطان ناصرا لدين الله تعالى وعباده فلا تتركن دين الله وعباده لهذا السلطان فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فأضعف جائزة الحسن عليهما فقالا له قشقشنا فقشقش لنا والقشقشة الردى ء من العطية وكتب إليه عمر بن عبد العزيز يقول له أني قد ابتليت بهذا الأمر فانظروا إلى أعوانا يعينوني عليه فكتب إليه الحسن أما أبناء الدنيا فلا تريدهم وأما أبناء الآخرة فلا يريدونه فاستعن بالله والسلام وله مع ا لحجاج وقعات هائلة وسلمه الله من شره ( 110 )

    3 - لم يشهد ابن سيرين جنازة الحسن البصري لشيء كان بينهما ( 110 )

    4 - وكان ابن سيرين غاية في العلم نهاية في العبادة روى عن كثير من الصحابة وروى عنه الجم الغفير من التابعين وأريد على القضاء فهرب إلى الشام ثم أتى المدينة قال ابن عون لم أر مثله وقال هشام بن حسان حدثني أصدق من رأيت من البشر محمد بن سيرين وقال ابن عون لم أر مثل ابن سيرين وله في التعبير عجائب قال له رجل رأيت على ساق رجل شعرا كثيرا فقال بركبه دين ويموت في السجن فقال الرجل أنت هو فاسترجع ومات في السجن وعليه أربعون ألف درهم قضاها عنه ولده أو بعض اخوانه وقوم ماله بستمائة ألف درهم وقالت له امرأة رأيت كان القمر دخل في الثريا فنادى مناد من خلفي قضى على ابن سيرين فاصفر لونه وقام وهو آخذ ببطنه فقالت له عمته مالك قال زعمت هذه المرأة أني أموت إلى سبعة أيام فدفن في اليوم السابع وقال له رجل رأيت طائرا سمينا ما أعرفه تدلى من السماء فوقع على شجرة وجعل يلتقط الزهر ثم طار فتغير وجه ابن سيرين وقال هذا موت العلماء ( 110 )

    5 - عطية بن سعد العوفي الكوفي روى عن أبي هريرة وطائفة ضربه الحجاج أربعمائة سوط على أن يشتم عليا فلم يفعل وهو ضعيف الحديث قاله الذهبي ( 111 )

    6 - وقال مسلمة الأمير في كندة رجاء بن حيوة وعبادة بن نسي وعدي بن عدي أن الله لينزل بهم الغيث وينصر بهم على الأعداء بلغ يوما عبد الملك قول من بعض الناس فهم أن يعاقب صاحبه فقال له رجاء يا أمير المؤمنين قد فعل الله بك ما تحب حيث أمكنك منه فافعل ما يحبه الله من العفو فعفا عنه وأحسن إليه ( 112 )

    7 - فقيه الحجاز أبو محمد عطاء بن أبي رباح أسلم من مولدي الجند وأمه سوداء تسمى بركة وكان صبيا نشأ بمكة وتعلم الكتاب بها وهو مولى لبني فهر وكان على ما قال ابن قتيبة أسود أفطس أشل أعرج ثم عمى بعد ذلك ومات وله ثمان وثمانون سنة وقال في العبر كان من مولدي الجند أسود مفلفل الشعر سمع عائشة وأبا هريرة وابن عباس قال أبو حنيفة ما رأيت أفضل منه وقال ابن جريج كان المسجد فراش عطاء عشرين سنة وكان من أحسن الناس صلاة ( 113 )

    8 - وعبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة القرشي التيمي المدني عن سن عالية وقد ولى القضاء لابن الزبير ويكنى أبا بكر وأبا محمد روى عن جده وابن عباس وابن عمر في آخرين كان إمام الحرم وشيخه ومؤذنه الأمين وقاضي مكة والطائف زمن ابن الزبير (117 )

    9 - قاضي البصرة أبو واثلة إياس بن معاوية بن قرة المزني الليثي يضرب بذكائه وفطنته المثل روى عن أنس وجماعة ووثقة ابن معين ولا رواية له في الكتب ا الستة كان صاحب فراسة قال الحريري فإذا المعيتي المعية ابن عباس وفراستي فراسة إياس وقال أبو تمام
    أقدام عمرو في شجاعة عنتر @@@ في حلم أحنف في ذكاء إياس ( 122 )

    10 - سيد القراء وعالم البصرة وعابدها محمد بن واسع الأزدي أخذ عن أنس ومطرف بن الشخير وطائفة وهو مقل روى خمسة عشر حديثا ومناقبه مشهورة قال بعضهم كنت إذا وجدت فترة أو قسوة نظرت في وجهه فيذهب ( 123 )

    11 - فقيه أهل البصرة أيوب السختياني أحد الأعلام كان من صغار التابعين قال شعبة كان سيد الفقهاء وقال ابن عيينة لم ألق مثله وقال حماد بن زيد كان أفضل من جالسته وأشده اتباعا للسنة وقال ابن المديني له نحو ثمانمائة حديث وقال ابن ناصر الدين هو أيوب بن أبي تميمة كيسان أبو بكر السختياني البصري كان سيد العلماء وعلم الحفاظ ثبتا من الأيقاظ ( 131 )

    12 - قال الليث رأيت أبا الزناد وخلقه ثلثمائة تابع من طالب علم وفقه وشعر وصنوف ثم لم يلبث أن بقي وحده وأقبلوا على ربيعة قال أبو حنيفة كان أبو الزناد أفقه من ربيعة ( 131 )

    13 - وهمام بن منبه اليماني صاحب أبي هريرة وكان من أبناء المائة قال أحمد كان يغزو فجالس أبا هريرة وكان يشتري الكتب لأخيه وهب ( 131 )

    14 - أبو عتاب منصور بن المعتمر السلمي الكوفي الحافظ أحد الأعلام أخذ عن أبي وائل وكبار التابعين وقال ما كتبت حديثا قط وكان أحفظ أهل الكوفة صام أربعين سنة وقامها وعمى من البكاء وأكره على القضاء أي قضاء الكوفة وقضى شهرين وتوفي بالمدينة ( 132 )

    15 - وربيعة بن أبي عبد الرحمن فروخ الفقيه أبو عثمان المدني عالم المدينة ويقال له ربيعة الرأي قيل له ذلك لأنه كان يتقوى بالرأي سمع أنسا وابن المسيب وكانت له حلقة للفتوى وأخذ عنه مالك وغيره وأدرك جماعة من الصحابة مات بالهاشمية ( 136 )

    16 - إمام الحجاز أبو الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الرومي ثم المكي مولى بني أمية عن أكثر من سبعين سنة أخذ عن عطاء وطبقته وهو أول من صنف الكتب بالحجاز كما أن سعيد بن أبي عروبة أول من صنف بالعراق قال أحمد كان من أوعية العلم قال في العبر ولم يطلب العلم إلا في الكهولة ولو سمع في عنفوان شبابه لحمل عن غير واحد من الصحابة فإنه قال كنت أتتبع الأشعار العربية والأنساب حتى قيل لي لو لزمت عطاء فلزمته ثمانية عشر عاما قال ابن المديني لم يكن في الأرض أعلم بعطاء بن أبي رباح من ابن جريج وقال عبد الرزاق ما رأيت أحدا أحسن صلاة من ابن جريج وقال خالد بن نزار الايلي رحلت بكتب ابن جريج سنة خمسين ومائة لألقاه فوجدته قد مات رحمه الله تعالى انتهى كلامه في العبر وقال ابن الأهدل هو أول من صنف الكتب في الإسلام كان باليمن مع معن بن زائدة قال فحضر وقت الحج وخطر بباله فول عمر بن أبي ربيعة
    بالله قولي له من غير معتبة @@@ماذا أردت بطول المكث في اليمن
    إن كنت حاولت دينا أو نعمت بها @@@ فما أجدت لترك الحج من ثمن
    قال فدخلت على معن فأخبرته إني عزمت على الحج قال لم تذكره من قبل فأخبرته بما بعثني فجهزني وانطلقت انتهى ( 150)

    17 - الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي مولى بني تيم الله بن ثعلبة ومولده سنة ثمانين رأى أنسا وغيره نظم بعضهم من لقي من الصحابة فقال
    لقي الإمام أبو حنيفة ستة @@@ من صحب طه المصطفى المختار
    أنسا وعبد الله نجل أنيسهم @@@ وسميه ابن الحارث الكرار
    وزاد ابن أوفى وابن واثلة الرضي @@@ واضمم إليهم معقل بن يسار
    ولكن لم تثبت له رواية عن أحد منهم وإنما روي عن عطاء بن أبي رباح وطبقته وتقفه على حماد بن سليمان وكان من أذكياء بني آدم جمع الفقه والعبادة والورع والسخاء وكان لا يقبل جوائز الدولة بل ينفق ويؤثر من كسبه له دار كبيرة لعمل الخز وعنده صناع وأجراء رحمه الله تعالى قال الشافعي الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة وقال يزيد بن هارون ما رأيت أورع ولا أعقل من أبي حنيفة وروى بشر بن الوليد عن أبي يوسف قال بينما أنا أمشي مع أبي حنيفة أذ سمعت رجلا يقول لآخر هذا أبو حنيفة لا ينام الليل فقال والله لا يتحدث عن بما لم أفعل فكان يحيى الليل صلاة ودعاء وتضرعا وقد روى أن المنصور سقاه السم فمات شهيدا رحمه الله سمه لقيامه مع إبراهيم قاله في العبر وذكر الحافظ العامري في تأليفه الرياض المستطابة وكذلك ملخصه صالح ابن صلاح العلائي ومن خطه نقلت أن الإمام أبا حنيفة رأى عبد الله بن الحارث بن جزء الصحابي وسمع منه قوله صلى الله عليه وسلم ( من تفقه في دين الله كفاه الله همة ورزقه من حيث لا يحتسب) انتهى وقال ابن الأهدل نقله المنصور عن الكوفة إلى بغداد ليوليه القضاء فأبى فخلف عليه ليفعلن فحلف أن لا يفعل وقال أمير المؤمنين أقدر منى على الكفارة فأمر به إلى الحبس وقيل أنه ضربه وقيل سقاه سما لقيامه مع إبراهيم بن عبد الله بن حسن فمات شهيدا وقيل أنه أقام في القضاء يومين ثم اشتكى ستة أيام ومات وكان ابن هبيرة قد أراده على القضاء في الكوفة أيام مروان الجعدي فأبى وضربه مائة سوط وعشرة أسواط كل يوم عشرة وأصر على الإمتناع فخلى سبيله وكان الإمام أحمد إذا ذكر ذلك ترحم عليه ( 150 )

    18 - قال في الإشباه والنظائر لما جلس أبو يوسف رحمه الله للتدريس من غير اعلام أبي حنيفة أرسل إليه أبو حنيفة رجلا فسأله عن خمس مسائل الأولى قصار جحد الثوب وجاءه به مقصوراً هل يستحق الأجر أم لا فأجاب أبو يوسف يستحق الأجر فقال له الرجل أخطأت فقال لا يستحق فقال أخطأت ثم قال له الرجل أن كانت القصارة قبل الجحود استحق وإلا فلا
    الثانية هل الدخول في الصلاة بالفرض أم بالسنة فقال بالفرض فقال أخطأت فقال بالسنة فقال أخطأت فتحير أبو يوسف فقال الرجل يهما لأن التكبير فرض ورفع اليدين سنة
    الثالثة طير سقط في قدر على النار فيه لحم ومرق هل يؤكلان أم لا فقال أبو يوسف يؤكلان فخطأه فقال لا يؤكلان فخطأه ثم قال إن كان اللحم مطبوخاً قبل سقوط الطير يغسل ثلاثا ويؤكل وترمى المرقة وإلا يرمي الكل
    الرابعة مسلم له زوجة ذمية ماتت وهي حامل منه تدفن في أي المقابر فقال في مقابر المسلمين فخطأه فقال أبو يوسف في مقابر أهل الذمة فخطأه فتحير فقال الرجل تدفن في مقابر اليهود أي لأنهم يوجهون قبورهم إلى القبلة ولكن يحول وجهها عن القبلة حتى يكون وجه الولد إلى القبلة لأن الولد في البطن يكون وجهه إلى ظهر أمه
    الخامسة أم ولد لرجل تزوجت بغير اذن مولاها فمات المولى هل تجب العدة من المولى فقال تجب فخطأه ثم قال : لا تجب فخطأه ثم قال الرجل ان كان الزوج دخل بها لا تجب وإلا وجبت
    فعلم أبو يوسف تقصيره فعاد إلى أبي حنيفة فقال تزبيت قبل أن تحصرم كذا في إجارات الفيض انتهى كلام الأشباه والله أعلم ( 150 )

    19 - - ولما طلب المنصور سفيان الثوري فر سفيان إلى اليمن فكان يقرأ على الناس أحاديث الضيافة الضيافه ليضفوه ويكتفي عن سؤالهم ( 151 )

    20 - مقرئ ء البصرة الإمام أبو عمرو بن العلاء بن عمار التميمي المازني البصري أحد السبعة وله أربع وثمانون سنة قرأ على أبي العالية الرياحي وجماعة وروى عن أنس وإياس قال أبو عمرو كنت رأسا والحسن حي ونظرت في العلم قبل أن أفتن وقال أبو عبيدة كان أبو عمرو أعلم الناس بالقرآن والعربية والشعر وأيام العرب قال وكانت دفاتره ملء بيت إلى السقف ثم تنسك فأحرقها قاله في العبر
    وقال ابن الأهدل فاحترقت كتبه فلما رجع إلى علمه الأول لم يكن عنده إلا ما حفظه وهو في النحو في الطبقة الرابعة من علي قال الأصمعي سألته عن ألف مسألة فأجابني فيها بألف حجة وفيه يقول الفرزدق مفتخرا
    مازلت أفتح أبوابا وأغلقها @@@ حتى أتيت أبا عمرو بن عمار
    وكنيته اسمه على الصحيح وكان إذا دخل رمضان لم ينشد بيتاً حي ينقضي ودخل يوماً على سليمان بن علي عم السفاح فسأله عن شيء فصدقه فلم يعجبه فخرج أبو عمرو وهو يقول
    أنفت من الذل عند الملوك @@@ وأن أكرموني وأن قربوا
    إذا ما صدقتهم خفتهم @@@ ويرضون مني بأن أكذب ( 154 )

    21 - أبو الحارث محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحرث بن أبي ذئب هشام بن شعبة القرشي العامري المدني الفقيه ومولده سنة ثمان روى عن عكرمة ونافع وخلق قال أحمد بن حنبل كان يشبه بسعيد بن المسيب وما خلف مثله كان أفضل من مالك إلا أن مالكاً أشد تنقية للرجال وقال الواقدي كان ابن أبي ذئب يصلي الليل أجمع ويجتهد في العبادة فلو قيل له إن القيامة تقوم غداً
    ما كان فيه مزيد من الاجتهاد وقال أخوه أنه كان يصوم يوما ويفطر يوما ثم سرده وكان شديد الحال يتعشى بالخبز والزيت وكان من رجال العالم صرامة وقولا بالحق وكان يحفظ حديثه لم يكن له كتاب وقال أحمد دخل ابن أبي ذئب على أبي جعفر يعني المنصور فلم يهله أن قال له الظلم ببابك فاش وأبو جعفر أبو جعفر حياه المنصور فلم يقم له فقيل له لا تقوم لأمير المؤمنين فقال إنما يقوم الناس لرب العالمين ( 159 )

    22 - الإمام أبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري الفقيه سيد أهل زمانه علما وعملا وله ست وستون سنة روى عن عمرو بن مرة وسماك ابن حرب وخلق كثير قال ابن المبارك كتبت عن ألف شيخ ومائة شيخ ما فيهم أفضل من سفيان وقال شعبة ويحييى بن معين وغيرهما سفيان أمير المؤمنين في الحديث وقال أحمد بن حنبل لا يتقدم على سفيان في قلبي أحد وقال يحيى قطان ما رأيت أحفظ من الثوري وهو فوق مالك في كل شيء وقال سفيان ما استودعت قلبي شيئا قط فخانني وقال ورقاء لم ير الثوري مثل نفسه وكان سفيان كثير الحط على المنصور لظلمه فهم به وأراد قتله فما أمهله الله وأثنى عليه أئمة عصره بما يطول ذكره وكان أقسم برب البيت أن المنصور لا يدخلها أي الكعبة وفي رواية قال برئت منها يعني الكعبة إن دخلها المنصور ودخل على المهدي فسلم عليه تسليم العامة فأقبل عليه المهدي بوجه طلق وقال نفر وههنا أتظن أن لو أردناك بسوء لم نقدر عليك فما عسى أن نحكم الآن فيك فقال سفيان إن تحكم الآن في يحكم فيك ملك قادر عادل يفرق بين الحق والباطل فقال له الربيع مولاه ألهذا الجاهل أن يستقبلك بهذا ائذن لي في ضرب عنقه فقال المهدي ويلك اسكت وهل يريد هذا وأمثاله إلا أن نقتلهم فتشقى بسعادتهم اكتبوا عهده على قضاء الكوفة على أن لا يعترض عليه فيها حكم فخرج فرمى بالكتاب في دجلة وهرب فطلب فلم يقدر عليه وتولى قضاءها عنه شريك بن عبد الله النخعي ومات سفيان بالبصرة متواريا وكان صاحب مذهب ( 161 )

    23 - ومفضل بن مهلهل السعدي الكوفي صاحب منصور قال أحمد العجلي كان ثقة صاحب سنة وفضل وفقه لما مات الثوري جاء أصحابه إلى المفضل فقالوا تجلس لنا مكانه قال ما رأيت صاحبكم يحمد مجلسه ( 167 )

    24 - فقيه الشام بعد الأوزاعي أبو محمد سعيد بن عبد العزيز التنوخي عن نحو ثماني سنة أحذ عن مكحول و ربيعة القصير ونافع مولى ابن عمر وخلق وكان صالحا قانتا خاشعا قال ما قمت إلى صلاة إلا مثلت لي جهنم وقال الحاكم هو لأهل الشام كمالك لأهل المدينة ( 167 )

    25 - أبو حمزة محمد بن ميمون المروزي السكري ارتحل وأخذ عن زياد بن علاقة ونحوه وكان شيخ بلده في الحديث والفضل والعبادة قال ابن ناصر الدين هو شيخ خراسان كان ثقة ثبتا كريما يقري الضيف ويبالغ في إكرامه ولقب بالسكري لحلاوة كلامه ( 167 )

    26 - - أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمري المدني أخو عبيد الله بن عمر روى عن نافع وجماعة وكان محدثا صالحا قال أحمد لا بأس به قال ابن الأهدل كان آية في العلم غاية في العبادة واجه الرشيد بالإنكار والموعظة الغليظة في المسعى فقال يا هارون قال لبيك يا عم قال انظر هل تحصيهم يعني الحجيج قال ومن يحصيهم قال أعلم أن كلا منهم يسأل عن نفسه وأنت تسأل عن كلهم ثم قال والله إن الرجل ليسرف في ماله فيستحق الحجر فكيف من يسرف في أموال المسلمين( 171 )

    27 - شيخ الديار المصرية وعالمها أبو الحارث الليث بن سعد الفهمي مولاهم الفقيه وأصله فارسي أصبهاني قال في حسن المحاضرة الليث بن سعد ابن عبد الرحمن الفهمي أبو الحارث المصري أحد الأعلام ولد بقرقشندة سنة أربع وستين وروى عن الزهري وعطاء ونافع وخلق وعنه ابن شعيب وابن المبارك وآخرون قال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث صحيحه وكان قد اشتغل بالفتوى في زمانه بمصر وكان سرياً من الرجال نبيلاً سخياً له ضيافة وقال يحيى بن بكير ما رأيت أحدا أكمل من الليث كان فقيه النفس عربي اللسان يحسن القرآن والنحو ويحفظ الحديث والشعر حسن المذاكرة . وقال الشافعي كان الليث أفقه من مالك إلا أنه ضيعه أصحابه قال ابن كثير وقد حكى بعضهم أنه ولى القضاء بمصر وهو غريب . وقال الذهبي في العبر كان نائب مصر وقاضيها من تحت أوامر الليث وإذا رابه من أحد شيء كاتب فيه فيعزل وقد أراد المنصور أن يلي إمرة مصر فامتنع مات يوم الجمعة رابع عشر شعبان سنة خمس وسبعين ومائة انتهى ما قاله السيوطي في حسن المحاضرة وقال ابن الأهدل أراده المنصور لولاية مصر فأبي وتولى قضاءها وروى أن الإمام مالكا أهدى له صينية رطبا فأعادها مملوءة ذهبا وكان يتخذ لأصحابه الفالوذج وكان يدخله في سنته ثمانون ألف دينار وما وجبت عليه زكاة وكان لا يتغذى كل يوم حتى يطعم ثلاثمائة وستين مسكينا انتهى ولعله أراد يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة الحديث وقال في العبر كان اتبع للأثر من مالك وقال يحيى بن بكير الليث أفقه من مالك لكن الحظوة لمالك ( 175 )

    28 - إمام دار الهجرة أبو عبد الله مالك بن أنس الحميري الأصبحي شهير الفضل كان طوالا جسيما عظيما الهامة أبيض الرأس واللحية أشقر أزرق العين يلبس الثياب العربية البيض وإذا اعتم جعلها تحت ذقنه ويسدل طرفها بين كتفيه روى أنه قال [ ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك وقلّ رجل كنت أتعلم منه ومات حتى يستفتيني ] قال اليافعي أخبر بنعمة الله وكان مالك عظيم المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مبالغا في تعظيم حديثه حتى كان لا يركب في المدينة مع ضعفه وكبر سنه ويقول لا أركب في بلد فيها جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم مدفون قال الشافعي قال لي محمد بن الحسن أيما أعلم صاحبنا أو صاحبكم يعني أبا حنيفة ومالكاً رحمهما الله تعالى قلت على الإنصاف قال نعم قلت أنشدك الله من أعلم بالقرآن قال صاحبكم قلت فمن أعلم بالسنة قال صاحبكم قلت فمن أعلم بأقاويل الصحابة قال صاحبكم قلت فما بقي إلا القياس وهو لا يكون إلى على هذه الأشياء وكان مالك يشهد الصلوات الخمس والجمعة ويصلى على الجنائز ويعود المرضى ويقضى الحقوق وأكثر جلوسه في المسجد ثم ترك ذلك فكان يصلي وينصرف وترك حضور الجنائز ثم ترك الكل وسعى به إلى جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس وقيل له أنه لا يرى خلافتكم فضربه سبعين سوطا ومدت يده حتى انخلعت كتفه فلم يزل بعد ذلك في رفعة وعلو كأنما كانت السياط حلياً حلى به ولما ورد المنصور المدينة أراد أن يقيده منه فقال والله ما ارتفع سوط منها عن بدني إلا وقد جعلته في حل لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل ضرب لفتوى لم توافق أغراضهم وقيل أنه حمل إلى بغداد وقال له واليها ما تقول في نكاح المتعة فقال هو حرام فقيل له ما تقول في قول عبد الله بن عباس فيها فقال كلام غيره فيها أوفق لكتاب الله تعالى وأصر على القول بتحريمها فطيف به على ثور مشوهاً فكان يرفع القذر عن وجهه ويقول يا أهل بغداد من لم يعرفني فليعرفني أنا مالك بن أنس فعل بي ما ترون لأقول بجواز نكاح المتعة ولا أقول به ثم بعد ذلك لم يزده الله تعالى إلا رفعة وكان ذلك كالتميمة له فجزأه الله تعالى عن نفسه والأمة خيرا وحدث عتيق بن يعقوب الزبيدي قال قدم هارون الرشيد المدينة وكان قد بلغه أن مالك بن أنس عنده الموطأ يقرؤه على الناس فوجه إليه البرمكي فقال أقرئه السلام وقل له يحمل إلى الكتاب ويقرؤه على فأتاه البرمكي فقال أقرئه السلام وقل له أن العلم يؤتي ولا يأتي فأتاه البرمكي فأخبره وكان عنده أبو يوسف القاضي فقال يا أمير المؤمنين يبلغ أهل العراق أنك وجهت إلى مالك في أمر مخالفك أعزم عليه فبينما هو كذلك إذ دخل مالك فسلم وجلس فقال له الرشيد يا ابن أبي عامر ابعث إليك وتخالفني فقال يا أمير المؤمنين اخبرني الزهري عن خارجة بن زيد عن أبيه قال كنت أكتب الوحي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين ) وابن أم مكتوم عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني رجل ضرير وقد أنزل الله عليك في فضل الجهاد ما قد علمت فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا أدري ) وقلمي رطبٌ ما جف ثم وقع فخذ النبي صلى الله عليه وسلم على فخدي ثم أغمي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم جلس النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا زيد اكتب (غير أولي الضرر) ويا أمير المؤمنين حرف واحد بعث فيه جبريل والملائكة عليهم السلام من مسيرة خمسين ألف عام ألا ينبغي لي أن أعزه وأجله وأن الله تعالى رفعك وجعلك في هذا الموضع بعملك فلا تكن أنت أول من يضيع عز العلم فيضيع الله عزك فقام الرشيد يمشي مع مالك إلى منزله ليسمع منه الموطأ فأجلسه معه على المنصة فلما أراد أن يقرأه على مالك قال لي تقرؤه على قال ما ما قرأته على أحد منذ زمان قال فيخرج الناس عني حتى أقرأه أنا عليك فقال إن العلم إذا منع من العامة لأجل الخاصة لم ينفع الله تعالى به الخاصة فأمر معن بن عيسى القزاز ليقرأه عليه فلما بدأ ليقرأه قال مالك لهارون يا أمير المؤمنين أدركت أهل العلم ببلدنا وأنهم ليحبون التواضع للعلم فنزل هارون عن المنصة وجلس بين يديه وسمعه رحمهما الله تعالى وقال أبو عبد الله الحميدي الأندلسي أنشدني والدي أبو طاهر إبراهيم
    إذا قيل من نجم الحديث وأهله @@@ أشار أولو الألباب يعنون مالكا
    إليه تناهى علم دين محمد @@@ فوطأ فيه للرواة المسالكا
    ونظم بالتصنيف أشتات نشره @@@وأوضح ما قد كان لولاه حالكا
    وأحيا دروس العلم شرقا ومغربا @@@ تقدم في تلك المسالك سالكا
    وقد جاء في الآثار من ذاك شاهد @@@على أنه في العلم خص بذالكا
    فمن كان ذا طعن على علم مالك @@@ ولم يقتبس من نوره كان هالكا
    يشير بقوله وقد جاء في الآثار إلخ إلى حديث ( تضرب الإبل أكبادها إلى عالم المدينة لا ترى أعلم منه ) [ رواه أحمد (2/299) والترمذي (2682 ) والحاكم ( 1 / 91 ) ] وقال الشافعي رضي الله عنه إذا ذكر العلماء فمالك النجم وقال معن الفزاز وجماعة حملت بمالك أمه ثلاث سنين وقيل أنه بكى في مرض موته وقال والله لوددت إني ضربت في كل مسألة أفتيت بها وليتني لم أفت بالرأي وتوفي بالمدينة ودفن بالبقيع عن أربع وثمانين سنة وقيل تسعين ولما مات قال ابن عيينة ما ترك على وجه الأرض مثله ( 179 )

    29 - - إمام أهل البصرة حماد بن زيد بن درهم الأزدي مولاهم البصري الضرير أبو إسماعيل كان من أهل الورع والدين قال ابن مهدي لم أرقط أعلم بالسنة منه وهو أحد الحمادين صاحبي المذهبين المشهورين وقال عبد الرحمن بن مهدي أئمة الناس أربعة الثوري بالكوفة ومالك بالحجاز وحماد بن زيد بالبصرة والأوزاعي بالشام وقال يحيى بن يحيى التميمي ما رأيت شيخا أفضل من حماد بن زيد وقال أحمد العجلي حماد بن زيد ثقة كان حديثه أربعة آلاف حديث يحفظها ولم يكن له كتاب وقال ابن معين ليس أحد أثبت من حماد بن زيد ( 179 )

    30 - الإمام العلم أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك الحنظلي مولاهم المروزي الفقيه الحافظ الزاهد ذو المناقب وله ثلاث وستون سنة سمع هشام بن عروة وحميد الطويل وهذه الطبقة وصنف التصانيف الكثيرة وحديثه نحو من عشرين ألف حديث قال أحمد بن حنبل لم يكن في زمان ابن المبارك أطلب للعلم منه وقال شعبة ما قدم علينا مثله وقال أبو إسحاق الفزاري ابن المبارك أمام المسلمين وعن شعيب بن حرب قال ما لقي ابن المبارك مثل نفسه وكانت له تجارة واسعة كان ينفق على الفقراء في السنة مائة ألف درهم
    قال ابن ناصرالدين الإمام العلامة الحافظ شيخ الإسلام وأحد أئمة الأنام ذو التصانيف النافعة والرحلة الواسعة حدث عنه ابن معين وابن منيع وأحمد بن حنبل وغيرهم جمع العلم والفقه والأدب والنحو واللغة والشعر وفصاحة العرب مع قيام الليل والعبادة قال الفضيل بن عياض ورب هذا البيت ما رأت عيناي مثل ابن المبارك انتهى
    وقال ابن الأهدل تفقه بسفيان الثوري ومالك بن أنس وروى عنه الموطأ وكان كثير الانقطاع في الخلوات شديد الورع وكذلك أبوه مبارك روى أنه نظر بستانا لمولاه فطلب منه رمانة حامضة فجاءه برمانة حلوة فقال له أنت ما تعرف الحلو من الحامض قال لا قال ولم قال لأنك لم تأذن لي فيه فوجده كذلك وعظم قدره عند مولاه حتى كان له بنت خطبت كثيراً فقال له يا مبارك من ترى نزوج هذه البنت فقال الجاهلية كانوا يزوجون للحسب واليهود للمال والنصارى للجمال وهذه الأمة للدين فأعجبه عقله وقال لأمها مالها زوج غيره فتزوجها فجاءت بعبد الله وكان واحد وقته وفيه يقول القائل
    إذا سار عبد الله من مروَ ليلة @@@ فقد سار منها نورها وجمالها
    إذا ذكر الأحبارُ في كل بلدة @@@ فهم أنجمٌ فيها وأنت هلالها
    وقد صنف في مناقبه وعد بعضهم ما جمع من خصال الخير فوجدها خمسا وعشرين فضيلة وكان يحج عاما ويغزو عاما فإذا حج قبض نفقة إخوانه وكتب على كل نفقة اسم صاحبها وينفق عليهم ذهابا وإيابا من أنفس النفقة ويشتري لهم الهدايا من مكة والمدينة فإذا رجعوا اتخذ سماطا عليه من جفان الفالوذج نحو خمس وعشرين فضلا عن غيره فيطعم إخوانه ومن شاء الله ثم يكسوهم جديداً ويرد إلى كل منهم نفقته وذلك أنه كانت له تجارة واسعة قال سفيان الثوري وددت عمري كله بثلاثة أيام من أيام ابن المبارك قيل مات بهيت - بالكسر- بلد بالعراق منصرفا من غزوة وقيل مات في برية سائحا مختار للعزلة وكان كثيرا ما يتمثل بهذين البيتين
    وإذا صاحبت فاصحب صاحباً @@@ ذا حياءِ وعفافٍ وكرم
    قائلاً للشيء لا إن قلت لا @@@ وإذا قلت نعم قال نعم
    وقال في العبر كان أستاذه تاجرا فتعلم منه وكان أبوه تركيا وأمه خوارزمية وقال عبد الرحمن بن مهدي كان ابن المبارك أعلم من سفيان الثوري قلت كان رأسا في العلم رأسا في الذكاء رأسا في الشجاعة والجهاد رأسا في الكرم وقبره بهيت ظاهر يزار رحمه الله تعالى ( 181 )

    31 - شهر ربيع الآخر القاضي أبو يوسف واسمه يعقوب بن إبراهيم الكوفي قاضي القضاة وهو أول من دعي بذلك تفقه على الإمام أبي حنيفة وسمع من عطاء بن السائب وطبقته قال يحيى بن معين كان القاضي أبو يوسف يحب أصحاب الحديث ويميل إليهم وقال محمد بن سماعة كان أبو يوسف يصلي بعدما ولي القضاء كل يوم مائتي ركعة وقال يحيى بن يحيى النيسابوري سمعت أبا يوسف يقول عند وفاته كل ما أفتيت به فقد رجعت عنه إلا ما وافق السنة وكان مع سعة علمه أحد الأجواد الأسخياء قال أبو حاتم يكتب حديثه وقال أحمد بن حنبل صدوق قال جميع ذلك في العبر
    وقال ابن الأهدل تفقه على أبي حنيفة وخالفه في مواضع وروى عنه محمد بن الحسن الشيباني وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأكثر العلماء على تفضيله وتعظيمه ولي القضاء للمهدي وابنيه وذكر المؤرخون أن له استحسانات يخالف فيها وروى أنه قال عند وفاته كل ما أفتيت به فقد رجعت عنه إلا ما وافق الكتاب والسنة وقال اللهم إنك تعلم أني لم أجر في حكم حكمت فيه بين اثنين من عبادك متعمدا ولقد اجتهدت في الحكم فيما يوافق سنة نبيك صلى الله عليه وسلم وكلما أشكل على فقد جعلت أبا حنيفة بيني وبينك وكان عندي والله ممن يعرف أمرك ولا يخرج عن الحق وهو يعلمه وروى أن زبيدة ابنة جعفر امرأة الرشيد أرسلت إليه بمال وعند جلساؤه فقال بعضهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أهديت له هدية فجلساؤه شركاؤه فيها) فقال أبو يوسف ذلك حين كانت الهدايا من الأقط والتمر وقال بعضهم كان أبو يوسف يحفظ التفسير والمغازي وأيام العرب وكان أقل علومه الفقه ولم يكن من أصحاب أبي أبو حنيفة مثله وهو أول من نشر علم أبي حنيفة وسأله الأعمش عن مسألة فأجابه . فقال من أين ؟ قال من حديثك الذي حدثتنيه أنت فقال يا يعقوب إني لأعرف الحديث قبل أن يجتمع أبواك وما عرفت تأويله إلا الآن وتناظر هو وزفر بن الهذيل عند أبي حنيفة فأطالا فقال أبو حنيفة لزفر لا تطمع في رياسة بلد فيها مثل هذا وكان يقول (العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك ) وعاش قريبا من سبعين سنة انتهى ما قاله ابن الأهدل
    وقال ابن ناصر الدين قال أحمد بن حنبل أول ما كتبت الحديث اختلفت إلى أبي يوسف القاضي فكتبت عنه وكان أبو يوسف أميل إلينا من أبي حنيفة ومحمد وقال الفلاس أبو يوسف صدوق كثير الغلط انتهى وقال ابن قتيبة في المعارف هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن حبتة من بجيلة وكان سعد بن حتبة استصغر يوم أحد ونزل الكوفة ومات بها وصلى عليه زيد بن أرقم وكبر عليه خمسا وكان أبو يوسف يروي عن الأعمش وهشام بن عروة وغيرهما وكان صاحب حديث حافظ ثم لزم أبا حنيفة فغلب عليه الرأي وولي قضاء بغداد فلم يزل بها إلى أن مات وابنه يوسف ولي القضاء أيضا بالجانب الغربي في حياة أبيه وتوفي سنة اثنتين وتسعين ومائة انتهى كلام ابن قتيبة
    وقال ابن خلكان هو أول من غير لباس العلماء إلى هذه الهيئة التي هم عليها في هذا الزمان وكان ملبوس الناس قبل ذلك شيئا واحد لا يتميز أحد عن أحد بلباسه انتهى وقال غير واحد كان يحفظ في المجلس الواحد خمسين حديثا بأسانيدها قال ابن الفرات في تاريخه روى على ابن حرملة عن أبي يوسف رحمه الله قال كنت أطلب الحديث والفقه وأنا مقل رث المنزل فجاء أبي يوما وأنا عند أبي حنيفة فانصرفت معه فقال يا بني أنت محتاج إلى المعاش وأبو حنيفة مستغن فقصرت عن طلب العلم وآثرت طاعة أبي فتفقدني أبو حنيفة وسأل عني فلما أتيته بعد تأخيري عنه قال ما خلفك قلت الشغل بالمعاش وطاعة والدي فلما أردت الانصراف أومأ إلي فجلست فلما قام الناس دفع إلي صرة وقال استعن بهذه والزم الحلقة وإذا فقدت هذه فأعلمني فإذا فيها مائة درهم فلزمت الحلقة فكان يتعاهدني بشيء بعد شيء وما اعلمته بنفاد شيء حتى استغنيت وتمولت فلزمت مجلسه حتى بلغت حاجتي وفتح الله لي ببركته وحسن نيته فأنتج من العلم المال فأحسن الله مكافأته وغفر له
    وقال ابن عبد البر كان أبو يوسف القاضي فقيها عالما حافظا ذكر أنه كان يعرف بالحديث وأنه كان يحضر التحديث فيحفظ خمسين حديثا وستين حديثا ثم يقوم فيمليها على الناس وكان كثير الحديث وكان جالس محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ثم جالس أبا حنيفة رضي الله عنهما وكان الغالب عليه مذهبه وربما كان يخالفه أحيانا في المسألة بعد المسألة وكان يقول في دبر كل صلاة اللهم اغفر لي ولأبي حنيفة ثم قال ابن عبد البر ولا أعلم قاضيا كان إليه تولية القضاء في الآفاق من المشرق إلى المغرب إلا أبا يوسف في زمانه وهو أول من لقب بقاضي القضاة وقال محمد بن جعفر أبو يوسف مشهور الأمر ظاهر الفضل وهو أفقه أهل عصره ولم يتقدم عليه أحد في زمانه وكان بالنهاية في العلم والحلم والرياسة والقدر والجلالة وهو أول من وضع الكتب في أصول الفقه على مذهب أبي حنيفة وأملي المسائل ونشرها وبث علم أبي حنيفة في أقطار الأرض وقال الصيمري بلغني أن الرشيد رحمه الله مشى إمام جنازة أبي يوسف رحمه الله وصلى عليه بنفسه ودفنه في مقبرة أهله في مقابر قريش بكرخ بغداد بقرب أم جعفر زبيدة وقال الرشيد حين دفن أبو يوسف ينبغي لأهل الإسلام إن يعزي بعضهم بعضا بأبي يوسف قيل رأى معروف الكرخي ليلة وفاة أبي يوسف كأنه دخل الجنة فرأى قصرا قد فرشت مجالسه وأرخيت ستوره وقام ولدانه قال معروف فقلت لمن هذا القصر فقيل لأبي يوسف القاضي فقلت سبحان الله وبم استحق هذا من الله تعالى فقالوا بتعليمه الناس العلم وصبره على أذاهم قيل مرض أبو يوسف رحمه الله في حياة أبي حنيفة رضي الله عنه مرضا شديدا فقيل له توفي فقال لا فقيل من أين علمت هذا قال لأنه خدم العلم ولم يجن ثمرته لا يموت حتى يجنى ثمرته فاجتنى ثمرته بأن ولي القضاء وتوفي وله سبعمائة ركاب ذهب فصدق أبو حنيفة رضي الله عنه في الفراسة انتهى ما ذكره ابن الفرات ( 182 )

    32 - - الإمام أبو معاوية هُشيم بن بَشير السلمي الواسطي محدث بغداد روى عن الزهري وطبقته قال يعقوب الدورقي كان عند هشيم عشرون ألف حديث وقال عبد الرحمن بن مهدي هو أحفظ للحديث من الثوري وقال يحيى القطان هو أحفظ من رأيت بعد سفيان وشعبة وقال ابن أبي الدنيا حدثني من سمع عمرو بن عون يقول مكث هشيم يصلى الفجر بوضوء العشاء عشر سنين قبل موته وقال أحمد كان كثير التسبيح ( 183 )

    33 - محمد بن الحسن الحنفي كان فصيحا بليغا قال الشافعي لو قلت أن القرآن نزل بلغة محمد بن الحسن لفصاحته لقلت وصنف الجامع الكبير والجامع الصغير وكان منشؤه بالكوفة وتفقه بأبي حنيفة ثم بأبي يوسف قال الشافعي ما رأيت سمينا ذكيا إلا محمد بن الحسن قال في العبر قاضي القضاة وفقيه العصر أبو عبد الله محمد بن الحسن الشيباني مولاهم الكوفي المنشأ ولد بواسط وعاش سبعا وخمسين سنة وسمع أبا حنيفة ومالك بن مغول وطائفة وكان من أذكياء العالم قال أبو عبيد ما رأيت أعلم بكتاب الله منه وقال الشافعي لو أشاء أن أقول نزل القرآن بلغه محمد بن الحسن لقلت لفصاحته وقد حملت عنه وقِر بٌختي وقال محمد خلف أبي ثلاثين ألف درهم فأنفقت نصفها على النحو والشعر وأنفقت الباقي على الفقه ( 189 )

    34 - أبو محمد عبد الله بن وهب الفهري مولاهم المقريء ومولده سنة خمس وعشرين مائة وطلب العلم بعد الأربعين ومائة بعام أو عامين وروى عن ابن جريج وعمرو بن الحارث وتفقه بمالك والليث قال أبو سعيد بن يونس : جمع ابن وهب بين الفقه والرواية والعبادة ( 197 )

    35 - الإمام العلم أبو سفيان وكيع بن الجراح الرؤاسي في المحرم راجعا من الحج بفيد وله سبع وستون سنة روى عن الأعمش وأقرانه قال ابن معين كان وكيع في زمانه كالأوزاعي في زمانه وقال أحمد ما رأيت أوعى للعلم ولا أحفظ من وكيع وقال القعنبي كنا عند حماد بن زيد فخرج وكيع فقالوا هذا راوية سفيان قال إن شئتم أرجح من سفيان وقال يحيى بن أكثم صحبت وكيعاً فكان يصوم الدهر ويختم القرآن كل ليلة وقال أحمد ما رأت عيني مثل وكيع قط وقال ابن معين ما رأيت أحفظ من وكيع كان يحفظ حديثه ويقوم الليل ويسرد الصوم ويفتي بقول أبي حنيفة قال وكان يحيى القطان يفتي بقوله أبضا وقال ابن ناصر الدين وكيع بن الجراح بن مليح بن عدي بن فرس الرؤاسي الكوفي أبو سفيان محدث العراق ثقة متقن ورع قال أحمد بن حنبل ما رأيت رجلا قط مثل وكيع في العلم والحفظ والإسناد والأموات مع خشوع وورع ( 197 )

    36 - أبو محمد سفيان بن عيينة الهلالي مولاهم الكوفي الحافظ قال الشافعي : لولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز وقال ابن وهب : لا أعلم أحد أعلم بالتفسير من ابن عيينة . وقال أحمد : ما رأيت أحداً أعلم بالسنن من ابن عيينة . وحج سفيان سبعين حجة وقال الشافعي ما رأيت أحدا فيه من الفتيا ما فيه ولا أكف عن الفتيا منه ( 198 )

    37 - أبو سعيد عبد الرحمن بن مهدي البصري اللؤلؤي الحافظ أحد أركان الحديث بالعراق وله ثلاث وستون سنة وروى عن هشام الدستوائي وخلق وأول طلبه سنة نيف وخمسين ومائة فكتب عن صغار التابعين أيمن بن نابل وغيره وقال أحمد بن حنبل هو أفقه من يحيى القطان واثبت من وكيع وقال ابن المديني كان عبد الرحمن بن مهدي أعلم الناس لو حلفت بين الركن والمقام لحلفت أني لم أر مثله أعلم منه قلت وكان أيضا أسا في العبادة رحمه الله تعالى قاله في العبر وهو أحد الموالي المنجبين من البصريين وقال ابن ناصر الدين عبد الرحمن بن مهدي بن حسان الأزدي مولاهم وقيل العنبري البصري اللؤلؤي أبو سعيد الحافظ المشهور والإمام المنشور كان فقيها مفتيا عظيم الشأن وهو فيما ذكره أحمد أفقه من يحيى القطان وأثبت من وكيع في الأبواب ( 198 )

    38 - الإمام أبو سعيد يحيى بن سعيد القطان البصري الحافظ أحد الأعلام وله ثمان وسبعون سنة روى عن عطاء بن السائب وحميد وخلق قال أحمد بن حنبل ما رأيت بعيني مثله وقال ابن معين قال لي عبد الرحمن بن مهدي لا ترى بعينيك مثل يحيى القطان وقال بندار واختلفت إليه عشرين سنة فما أظن أنه عصى الله قط وقال ابن معين أقام يحيى القطان عشرين سنة يختم كل ليلة ولم يفته الزوال في المسجد أربعين سنة وقال ابن ناصر الدين يحيى بن سعيد بن فروخ التيمي مولاهم البصري أبو سعيد القطان الأحول سيد الحفاظ في زمانه والمتنهي إليه في هذا الشأن بين أقرانه ( 198 )

    39 - الزاهد معروف الكرخي أبو محفوظ صاحب الأحول والكرامات كان من موالي علي بن موسى الرضى كان أبواه نصرانيين فأسلماه إلى مؤدبهم فقال له إن الله ثالث ثلاثة فقال بل هو الله أحد فضربه فهرب وأسلم على يد علي بن موسى الرضي ورجع إلى أبويه فأسلما واشتهرت بركاته وإجابة دعوته وأهل بغداد يستسقون بقبره ويسمونه ترياقا مجربا قال مرة لتلميذه السري السقطي إذا كانت لك إلى الله حاجة فاقسم عليه بي وكان من المحدثين ومن كلامه علامة مقت الله للعبد أن يراه مشتغلا بما لا يعنيه من أمر نفسه وقال طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب وانتظار الشفاعة بلا سبب نوع من الغرور وارتجاء رحمة من لا يطاع جهل حمق ( 200 )

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي فوائد وعبر من السير ( 101 - 200 )

    11 - الأحداث والوقائع والأوائل والأواخر

    1 - زحف الجراح الحكمي من برذعة إلى ابن خاقان وهو محاصر أردبيل فالتقى الجمعان فاشتد وكسر المسلمون وقتل الجراح الحكمي رحمه الله وغلبت الخزر لعنهم الله على أذربيجان وبلغت خيولهم إلى الموصل وكان بأسا شديدا على الإسلام قال الواقدي وكان البلاء عظيما على المسلمين بمقتل الجراح الحكمي وبكوا عليه روى أبو مسهر عن رجل أن الجراح قال تركت الذنوب أربعين سنة ثم أدركني الورع وكان من قراء أهل الشام وقال غيره ولي خراج خراسان لعمر ابن عبد العزيز وكان إذا مر بجامع دمشق يميل رأسه عن القناديل لطوله ( 112 )

    2 - وعاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الأنصاري شيخ محمد بن إسحاق وكان أخباريا علامة بالمغازي يورى عن جابر وغيره ( 120 )

    3 - قتل الإمام الشهيد زيد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم بالكوفة وكان قد بايعه خلق كثير وحارب متولى العراق يومئذ لهشام بن عبد الملك يوسف بن عمر الثقفي فقتله يوسف وصلبه ويوسف هذا هو ابن عمر أبوه عم الحجاج بن يوسف ولما خرج زيد يدعو إلى طاعته جاءته طائفة وقالوا تبرأ من أبي بكر وعمر حتى نبايعك فقال بل أتبرأ ممن تبرأ منهما فقالوا إذا نرفضك فسموا رافضة من يومئذ وسميت شيعته زيديه وكان من أمر زيد رضي الله عنه أن هشاما لما عرف كماله واستجماعه لخلال الفضل كتب إلى عامله على الكوفة يوسف بن عمر بن أبي عقيل الثقفي بأمره أن يوجه زيدا إلى الحجاز ففعل فلما بلغ زيد العذيب لحقته الشيعة وأخبروه أن الناس مجمعة عليه ولم يزالوا به حتى رجع فأقام بالكوفة سنة يبايع الناس مختفيا وبالبصرة نحو شهر وكان ممن بايعه منصور بن المعتمر ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهلال بن خباب بن الأرت قاضي المدائن وابن شبرمة ومسعر بن كدام وغيرهم وأرسل إليه أبو حنيفة بثلاثين ألف درهم وحث الناس على نصره وكان مريضا وكان قد أخذ عنه كثيرا وحضر معه من أهله محمد بن عبد الله النفس الزكية وعبد الله بن علي بن الحسين وكان ظهوره ليلة الأربعاء من دار معاوية ابن إسحق الأنصاري لسبع بقين من المحرم سنة إحدى أو اثنتين وعشرين ومائة وقتل يوم الجمعة لثلاثة أيام من ظهوره وهو ابن ثلاث واربعين سنة واستخرج بعد دفنه وصلب بالكناسة تربة بالكوفة أربع سنين ونسجت العنكبوت على عورته ثم أنزل وأحرق وذر رماده رضي الله عنه روى عن أبيه وجماعة وروى عنه شعبة ( 121 )

    4 - ومسلمة بن عبد الملك بن مروان الأموي الأميرة ويلقب بالجرادة الصفراء وكان موصوفا بالشجاعة والإقدام والرأي والدهاء ولى أرمينية وإذربيجان غير مرة وإمرة العراقين وسار في مائة وعشرين ألفا فغزا القسطنطينية في خلافة سليمان أخيه وروى عن عمر بن عبد العزيز (( 121 )

    5 - ومن خطبة يزيد بن الوليد بن عبد الملك يوم قتل الوليد أيها الناس والله ما خرجت أشرا ولا بطرا ولا حرصا على الدنيا ولا رغبة في الملك وما بي إطراء نفسي إني لظلوم لها ولكني خرجت غضبا لله ولدينه لما ظهر الجبار العنيد المستحل لكل حرمة الراكب لكل بدعة الكافر بيوم الحساب وأنه لابن عمي في النسب وكفؤي في الحسب فلما رأيت ذلك استخرت الله في أمره وسألته أن لا يكلني إلى نفسي ودعوت إلى ذلك من أجابني حتى أراح الله منه العباد وطهر منه البلاد بحوله وقوته لا بحولي ولا قوتي (126)

    6 - استولى أبو مسلم صاحب الدعوة على ممالك خراسان وهزم الجيوش وأقبلت سعادة بني العباس وولت الدنيا عن بني أمية وكان ابتداء دعوته بمرو وذلك أن أبا مسلم واسمه عبد الرحمن بن مسلم قام بالدعوة الهاشمية وابتداء أمره أن أباه مسلما رأى أنه خرج من إحليله نار وارتفعت في السماء ووقعت في ناحية المشرق فقصها على مولاه عيسى بن معقل العجلي فقال له يولد لك غلام يكون له شأن فمات أبوه ووضعته أمه ونشأ عند عيسى بن معقل ثم حبس عيسى وأخوه إدريس جد أبي دلف العجلي الذي يمدح في بقايا عليهم من الخراج فكان أبو مسلم يختلف إليهما فوافق عندهم يوما جماعة من نقباء الإمام محمد بن علي بن عبد الله بن عباس يدعون إلى بيعته سرا فمال إليهم أبو مسلم وسار معهم حتى قدموا على الإمام محمد بن علي بمكة فشكر فعلهم وأشار لأبي مسلم وقال له أنت ممن يتحرك في دولتنا ومات الإمام عقب ذلك وقد أوصى إلى ابنه إبراهيم فقدمت الدعاة على إبراهيم ومعهم أبو مسلم وهو غلام حزور فسلموا أبا مسلم إليه فكان يخدمه حضرا وسفرا ثم أرسله إلى خراسان فشهر الدعوة وهو ابن ثماني عشرة سنة وقيل ابن ثلاث وثلاثين سنة وكان يدعو إلى رجل من بني هاشم غير معين ثم أظهر الدعوة لإبراهيم بن محمد وكان إبراهيم بحران فقبض عليه مروان وجعل رأسه بحراب نورة وشد عليه فمات غما وهرب أخوه عبد الله السفاح فتوارى بالكوفة حتى أتته جيوش أبي مسلم من خراسان بعد وقعاته العظيمة ( 131 )

    7 - ابتداء دولة العباسيين وبويع أبو العباس السفاح عبد الله بن محمد ابن علي بن عبد الله بن عباس بالكوفة وجهز عمه عبد الله بن علي لمحاربة مروان ابن محمد الجعدي فزحف مروان إليه في مائة ألف إلى أن نزل بالزاب دون الموصل فالتقوا في جمادى الآخرة فانكسر مروان واستولى عبد لله بن علي على الجزيرة وطلب الشام وهرب مروان إلى مصر فاتبعهم أيضا فأدركهم بفلسطين فأوقع بهم بضعا وثمانين رجلا ثم عبر مروان النيل طالباً الحبشة فلحقه صالح بن علي عم السفاح فأدركه بقرية من قرى الفيوم من أرض مصر يقال لها بوصير فوافاه صائما وقد قدم له الفطور فسمع الصائح فخرج وسيفه مصلت فجعل يضرب بسيفه
    فقصدته الخيول من كل جانب وقتلوه وكان أهله وبناته في كنيسة هناك فأقبل خادمه بالسيف مصلتا يريد الدخول عليهم فأخذ وسئل عن مراده فقال أن مروان أمرني إذا تيقنت موته أن أضرب رقاب نسائه وبناته فأرادوا قتله فقال أن قتلتموني لتفقدن ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا فدلنا على ذلك أن كنت صادقا فخرج بهم إلى رمل هناك فكشفوه فإذا فيه القضيب والبرد والقعب والمصحف فأخذوه وكان الذي تولى قتله عامر ابن إسماعيل الخراساني وهو صاحب مقدمة صالح ولما قتله دخل بيته وركب سريره ودعا بعشائه وجعل رأس مروان في حجر ابنته وأقبل يوبخها فقالت له يا عامر إن دهرا أنزل مروان عن فراشه وأقعدك عليه حتى تعشيت عشائه لقد أبلغ في موعظتك وعمل في ايقاظك وتنبيهك أن عقلت وفكرت ثم قالت وأبتاه واأمير المؤمنيناه فأخذ عامراً الرعب من كلامها وبلغ ذلك أبا العباس السفاح فكتب إلى عامر يوبخه ويقول أما في أدب الله ما يخرجك عن عشاء مروان والجلوس على مهاده وقتل مروان وله تسع وخمسون سنة وقيل سبع وستون وإمارته خمس سنين وتسعة أشهر وأيام ( 132 )

    8 - - وهرب عبد الرحمن بن معاوية بن هشام ابن عبد الملك وكثيرون من بني أمية إلى المغرب واستولى على بلاد الأندلس ومخاليفها وورثها بطنا بعد بطن ( 132 )

    9 - أبو عبد الله صفوان بن سليم المدني الفقيه القدوة روى عن أبن عمر وجابر وعدة قال أحمد بن حنبل ثقة من خيار عباد الله يستزل بذكره القطر ( 132 )

    10 - موسى بن عقبة المدني صاحب المغازي روى عن أم خلد بنت خلد المخزومية ولها صحبة وعن عروة وطبقته قال الواقدي كان موسى فقيها يفتي قال ابن ناصر الدين في بديعة البيان /
    موسى فتى عقبة الأديب @@@ إسناده محرر قريب
    أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى عالي السند وقال في شرحها موسى ابن عقبة بن ربيعة بن أبي عياش الأسدي مولاهم المدني أبو محمد مولى آل الزبير ابن العوام روى عن صحابية وعدة من التابعين وكان متقنافقيها حافظا نبيها صنف المغازي فأجاد ووصلت إلينا ولله الحمد بالإسناد ( 141 )

    11 - بلغ محمدا وفاة أبيه ثار بالمدينة وسجن متوليها وتتبع أصحابه وخطب الناس وبايعوه طوعا وكرها واستعمل على مكة واليمن والشام عمالا لم يتمكنوا وأحبه الناس حبا عظيما وكان فيه من الكمال وخصال الفضل ويشبه النبي صلى الله عليه وسلم في الخلق والخلق واسمه واسم أبيه حتى قيل أن خاتمه بين كتفيه وكان أهل المدينة يعدون فيه من الكمال ما لو جاز أن يبعث الله نبيا بعد محمد صلى الله عليه وسلم لكان هو وتكاتب هو المنصور مكاتبات عظيمة ولكليهما قول فصل جزل والحق والتحقيق في جانب محمد وقد كان المنصور والسفاح في خلافة الأمويين من الدعاة إلى محمد بن عبد الله هذا ولما أعيا المنصور أمره جهز إليه ابن عمه عيسى ابن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وقال لا أبالي أيهما قتل صاحبه لأن عيسى ولي العهد بعد المنصور على ما رتبه لهم السفاح فسار عيسى في أربعة آلاف وكتب إلى الأشراف يستمليهم فمال كثير منهم وتحصن محمد بالمدينة وأعمق خنادقها وزحف عليه عيسى وناداه بالأمان وناشده الله ومحمد لا يرعوى لذلك ولما ظهر له وتخاذل أصحابه اغتسل وتحنط وقاتلهم بنفسه قتالا شديدا ومعه ثمانون رجلا وقتل بيده اثني عشر رجلا ثم قتل واستشهد لثنتي عشرة ليلة من رمضان سنة خمس وأربعين وله اثنتان وخمسون سنة وقبره بالبقيع مشهور مزور وبعث برأسه إلى المنصور وكانت مدة قيامه شهرين واثني عشر يوما
    وخرج أخوه إبراهيم بالبصرة في هذه السنة أيضا وقد كان سار إليها من الحجاز فدخلها سرا في عشرة أنفس فدعا غلى نفسه سرا وجرت له أمور وتهاون متولي البصرة في أمر إبراهيم حتى اتسع الخرق وخرج أول ليلة من رمضان ونزل إليه متولي الكوفة بالأمان ووجد إبراهيم في بيت المال ستمائة ألف ففرقها في أصحابه ولما بلغ المنصور خروجه تحول إلى الكوفة ليأمن غائلة أهلها وألزم الناس لبس السواد وجعل يقتل ويجبس من اتهمه وبعث إبراهيم عاملا إلى الأهواز وآخر إلى فارس وسائر البلدان فأتاه مقتل أخيه بالمدينة قبل عيد الفطر بثلاث فعيد منكسراً وجهز المنصور لحربه خمسة آلاف فكان بينهما وقعات قتل فيها خلق عظيم ولم يبرح المنصور حتى قدم عيسى من المدينة فوجهه إلى إبراهيم وجعل المنصور لا يقر له قرار ولا يأوي إلى فراش خمسين ليلة كل ليلة يأتيه فتق من ناحية وعنده مائة ألف بالكوفة ولو هجم عليه إبراهيم بالكوفة لا وقع به ولكنه قال أخاف أن يستباح الصغير والكبير فقيل له إذا كان هذا فلم خرجت عليه فالتقى الجمعان على يومين من الكوفة فظهر جيش إبراهيم وتهيأ له الفتح لولا حملة من عيسى بن موسى وظاهرة ابنا سليمان بن على فكسروا جيش إبراهيم وجاءه سهم فوقع في حلقه فأنزلوه وهو يقول وكان أمر الله قدرا مقدورا وبعثوا برأسه إلى المنصور وقتل وسنة ثمان وأربعون وهرب أهل البصرة بحرا وبرا
    وكان خرج مع إبراهيم كثير من القراء والعلماء منهم هشيم وأبو خلد الأحمر وعيسى بن يونس وعباد بن العوام ويزيد بن هارون وأبو حنيفة وكان يجاهر في أمره ويحث الناس على الخروج معه كما كان مالك يحث الناس على الخروج مع أخيه محمد وقال أبو اسحق الفزاري لأبي حنيفة ما اتقيت الله حيث حثثت أخي على الخروج مع إبراهيم فقتل فقال أنه كما لو قتل يوم بدر وقال شعبة والله لهي عندي بدر الصغرى ( 144 )

    12 - وقال ابن قتيبة في المعارف فأما الحسن بن الحسن بن على فولد عبد الله والحسن وإبراهيم وجعفرا وداود ومحمدا وكان عبد الله بن حسن بن حسن يكنى أبا محمد وكان خيرا فاضلا ورؤى يوما يمسح على خفيه فقيل له تمسح فقال نعم قد مسح عمر بن الخطاب ومن جعل عمر بينه وبين الله فقد استوثق فلما ولي أبو جعفر ألح في طلب ابنيه محمد وإبراهيم ابني عبد الله وتغيبا بالبادية فأمر أبو جعفر أن يؤخذ أبوهما عبد الله وإخوته حسن وداود وإبراهيم وأن يشدوا وثاقا ويبعث بهم إليه فوافوه في طريق مكة بالربذة مكتفين فسأله عبد الله أن يأذن له عليه فأبى أبو جعفر فلم يروه حتى فارق الدنيا ومات في الحبس وماتوا وخرج ابناه محمد وإبراهيم على أبي جعفر وغلبا على المدينة ومكة والبصرة فبعث إليهما موسى بن عيسى فقتل محمدا بالمدينة وقتل إبراهيم بباخمرا على ستة عشر فرسخا من الكوفة وإدريس بن عبد الله ابن حسن أخوهما هو الذي سار إلى الأندلس والبربر وغلب عليهما (وهرب إدريس بن عبد الله بن حسن إلى المغرب فقام معه أهل طنجة وهو جد الشرفاء الإدريسيين ) ( 144 - 169 )

    13 - أمر المنصور فأسست بغداد وابتدئ بإنشائها ورسم هيئتها وكيفيتها أولا بالرماد وفرغت في أربعة أعوام بالجانب الغربي وتحول إليها المنصور في سنة ست وأربعين قبل تمامها وبغداد الآن أكثرها من الجانب الشرقي ( 145 )

    14 - - أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن علي بن الحسين الهاشمي العلوي وأمه فروة بنت القسم بن محمد ابن أبي بكر فهو علوي الأب بكري الأم روى عن أبيه وجده القسم وطبقتهما وكان سيد بني هاشم في زمنه عاش ثمانيا وستين سنة وأشهرا وولد سنة ثمانين بالمدينة ودفن بالبقيع ي قبة أبيه وجده وعم جده الحسن وقد ألف تلميذه جابر بن حيان الصوفي كتابا في ألف ورقة يتضمن رسائله وهي خمسمائة وهو عند الأمامية من الأثني عشر بزعمهم قيل إنه سأل أبا حنيفة عن محرم كسر رباعية ظبى فقال لا أعرف جوابها فقال أما تعلم إن الظبي لا يكون له رباعية وقال في المغني جعفر بن محمد بن علي ثقة لم يخرج له البخاري وقد وثقة ابن معين وابن عدي وأما القطان فقال مجالد أحب إلى منه انتهى ( 148 )

    15 - حماد الراوية بن أبي ليلى الديلمي الكوفي مولى لابن زيد الخيل الطائي الصحابي كان حماد من أعلم الناس بمآثر العرب وأشعارها وهو الذي جمع السبع الطوال قال له الوليد بن يزيد الأموي لم سميت الراوية قال لأني أروى لكل شاعر سمعت به أو لم أسمع وأميز بين قديمها وحديثها قال له كم تحفظ من الشعر قال كثير لكني أنشد على كل حرف مائة قصيدة كبيرة سوى المقطعات من شعر الجاهلية دون الإسلام فامتحنه في ذلك فوجده كما قال فأمر له بمائة ألف و وهبه هشام مائة ألف درهم ( 155 )

    16 - شيخ افريقية وقاضيها وأول من ولد بها من المسلمين عبد الرحمن ابن زياد بن أنعم الشعباني الإفريقي الزاهد الواعظ روى عن أبي عبد الرحمن الحبلي وطبقته وقد وفد على المنصور فوعظه بكلام حسن وليس بقوى في الحديث ( 156 )

    17 - نزل المنصور قصره المسمى بالخلد على دجلة ثم حج وتوفي ببئر ميمون وكانت مدة خلافته إحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرا وأربعة عشر يوما وهو محرم وأخذت البيعة للمهدي انتهى قال في العبر توجه المنصور للحج فأدركه أجله يوم سادس ذي الحجة عند بر ميمون بظاهر مكة محرما فأقام الموسم الأمير إبراهيم بن يحيى بن محمد صبى أمرد وهو ابن أخي المنصور واستخلف المهدي وتوفي وله ثلاث وستون سنة وكانت أمه بربرية وكان طويلا مهيبا اسمر خفيف اللحية رحب الجبهة كأن عينيه لسانان ناطقان تقبله النفوس وكان يخالطه أبهة الملك بزي أولى النسك ذا حزم وعزم ودهاء ورأى وشجاعة وعقل وفيه جبروت وظلم انتهى (158 )

    18 - كان ظهور عطاء المقنع الساحر الملعون الذي ادعى الربوبية بناحية مرو واستغوى خلائق لا يحصون قال ابن خلكان في تاريخه عطاء المقنع الخراساني لا أعرف اسم أبيه وكان مبدأ أمره قصاراً من أهل مرو وكان يعرف شيئاً من السحر والنيرجات فادعى الربوبية من طريق المناسخة وقال لأشياعه والذين اتبعوه إن الله تعالى تحول إلى صورة آدم عليه السلام فلذلك قال للملائكة اسجدوا فسجدوا له إلا إبليس فاستحق بذلك السخط ثم تحول من صورة آدم إلى صورة نوح ثم إلى صورة واحد فواحد من الأنبياء عليهم السلام والحكماء حتى حصل في صورة أبي مسلم الخراساني ثم زعم أنه انتقل منه إليه فقبل قوم دعواه وعبدوه وقاتلوا دونه مع ما عاينوا من عظيم ادعائه وقبح صورته لأنه كان مشوه الخلق أعور ألكن قصيراً وكان لا يسفر عن وجهه بل اتخذ وجهاً من ذهب فتقنع به فلذلك قيل له المقنع وإنما غلب على عقولهم بالتمويهات التي أظهرها لهم بالسحر والنيرجات وكان في جملة ما أظهر لهم صورة قمر يطلع فيراه الناس من مسيرة شهرين من موضعه ثم يغيب فعظم اعتقادهم فيه ولما اشتهر أمر ابن المقنع وانتشر ذكره ثار عليه الناس وقصدوه في قلعته التي كان قد اعتصم بها وحصروه فلما أيقن بالهلاك جمع نساءه وسقاهن سماً فمتن ثم تناول شربة من ذلك السم فمات ودخل المسلمون قلعته فقتلوا من فيها من أشياعه وأتباعه وذلك في سنة ثلاث وستين ومائة لعنه الله تعالى ونعوذ بالله من الخذلان ( 161 )

    19 - لثمان بقين من المحرم ساق المهدي واسمه محمد أبو عبد الله بن أبي جعفر عبد الله ابن محمد بن علي بن عبد الله عباس العباسي خلف صيد فدخل الوحش خربة فدخل الكلاب خلفه وتبعهم المهدي فدق ظهره في باب الخرب لشدة سوقه فتلف لساعته وقيل بل أكمل طعاما سمته جارية لضرتها فلما وضع يده فيه ما جسرت أن تقول هياته لضرتي فيقال كان إنجاصاً فأكل واحدة وصاح من جوفه ومات من الغد عن
    ثلاث وأربعين سنة وكانت خلافته عشر سنين وشهراً وكان جواداً ممدحاً محبباً إلى الناس وصولاً لأقاربه حسن الأخلاق حليماً قصاماً - قصاباً ، قضاباً - للزنادقة وكان طويلا أبيض مليحا يقال إن المنصور خلف في الخزائن مائة ألف ألف وستين ألف ألف درهم ففرقها المهدي ولم يل الخلافة أحدا أكرم منه ولا أبخل من أبيه ( 169 )

    20 - في أحد ربيعيها توفي الخليفة أبو محمد موسى الهادي بن المهدي وكان طويلا ابيض جسيما مات من قرحة أصابته وقيل قتلته أمه الخيزران لما هم بقتل أخيه الرشيد فعمدت لما وعك إلى أن غمته وعاش بضعا وعشرين سنة فالله يسامحه فلقد كان جبارا ظالم النفس قاله في العبر وقال في مروج الذهب كان موسى قاسي القلب شرس الأخلاق صعب المرام كثير الأدب محباً له وكان شديداً شجاعاً بطلاً جواداً سمحاً ( 170 )

    21 - روح بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة وكان روح متوليا على السند وتولى لخمسة من الخلفاء السفاح والمنصور والمهدي والهادي والرشيد ولم يتفق مثل هذا إلا لأبي موسى الأشعري عمل للنبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة بعده ( 170 )

    22 - جمادى الأولى مات صاحب الأندلس الأمير أبو المطرف عبد الرحمن ابن معاوية بن الخليفة هشام بن عبد الملك الأموي الدمشقي المعروف بالداخل فر إلى المغرب عند زوال دولتهم فقامت معه اليمانية وحارب يوسف الفهري متولي الأندلس وهزمه وملك قرطبة في يوم الأضحى سنة ثمان وثلاثين ومائة وامتدت أيامه وكان عالما حسن السيرة عاش اثنتين وستين سنة وولى بعده ابنه هشام وبقيت الأندلس لعقبه إلى حدود الأربعمائة ( 172 )

    23 - هاجت العصبية بين القيسية واليمينة بالشام ورأس القيسية أبو الهيذام المري وقتل بينهما بشر كثير واتصلت فتنتهما إلى زمننا هذا ( 175-180 )

    24 - فوض الرشيد أموره كلها إلى يحيى بن خالد بن برمك ( 178 )

    25 - كانت فتنة الوليد بن طريف الشارى الخارجي وأحد الشراة وهم الخوارج سموا بذلك لقولهم شرينا أنفسنا في طاعة الله أي بعناها بالجنة حين فارقنا الأئمة الجبابرة وكان الوليد أحد الشجعان وندب الرشيد لحربه يزيد بن زائدة ابن أخي معن بن زائدة الشيباني ومكث يزيد مدة يماكره ويخادعه وكانت البرامكة منحرفة عن يزيد فقالوا للرشيد إنه مداهن فأرسل إليه يتوعده فناجزه يزيد فظفر به ولما انهزم تبعه يزيد بنفسه حتى أدركه على مسافة بعيدة فقتله واحتز رأسه ولما قتل لبست أخته الفارعة عدة حربها وحملت فضرب يزيد بالرمح فرسها وقال اغربي غرب الله عنك فقد فضحت العشيرة فانصرفت ولها في أخيها مراث كثيرة شهيرة ( 179 )

    26 - كانت الزلزلة العظمى بمصر التي سقط منها رأس منارة الإسكندرية ( 180 )

    27 - أحدث الرشيد في صدور كتبه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ( 180 )

    28 - فيها كان خروج الخزر لعنهم الله ومن قصصهم إن ستيت ابنة مالك الترك خاقان خطبها الأمير الفضل بن يحيى البرمكي وحملت إليه في عام أول فماتت في الطريق ببرذعة فرد من كان معها في خدمتها من العساكر واخبروا خاقان أنها قتلت غيلة فاشتد غضبه وتجهز للشر وخرج بجيوشه من الباب الحديد وأوقع بأهل الإسلام وبالذمة وقتل وسبى وبدع وبلغ السبي مائة ألف وعظمت المصيبة على المسلمين فأنا لله وإنا إليه راجعون فانزعج هرون الرشيد واهتز لذلك وجهز البعوث فاجتمع المسلمون وطردوا العدو عن أرمينية ثم سدوا الباب الذي خرجوا منه قاله في العبر ( 183 )

    29 - خلعت الروم من الملك الست ريتي وهلكت بعد أشهر وأقاموا عليهم نقفور والروم تزعم أن نقفور من ولد حفنة الغساني الذي تنصر وكان نقفور قبل الملك يلي الديوان فكتب نقفور هذا الكتاب
    من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب أما بعد فإن الملكة كانت قبلي أقامتك مقام الرٌخ وأقامت نفسها مقام البيذق فحملت إليك من أموالها وذلك لضعف النساء وحمقهن فإذا قرأت كتابي هذا فاردد ما حصل قبلك وافتد نفسك وإلا فالسيف بيننا
    فلما قرأ الرشيد الكتاب اشتد غضبه وتفرق جلساؤه خوفاً من بادرة تقع منه ثم كتب بيده على ظهر الكتاب من هارون أمير المؤمنين إلى نفقور كلب الروم قرأت كتابك يا ابن الكافرة والجواب ما تراه دون أن تسمعه ثم ركب من يومه وأسرع حتى نزل مدينة هرقلة وأوطأ الروم ذلاً وبلاءً فقتل وسبى وذل نفقور وطلب الموادعة على خراج يحمله فأجابه فلما رد الرشيد إلى الرقة نقض نفقور فلم يجسر أحد أن يبلغ الرشيد حتى عملت الشعراء أبياتا يلوحون بذلك فقال أوقد فعلها ؟ فكر راجعاً في مشقة الشتاء حتى أناخ بفنائه ونال مراده ( 187 )

    30 - غضب الرشيد على البرامكة وضرب عنق جعفر بن يحيى البرمكي الوزير أحد الأجواد الفصحاء البلغاء وكان قد تفقه على القاضي أبي يوسف فلأجل ذلك كانت توقيعاته على منهج الفقه وكتب إلى بعض العمال أما بعد فقد كثر شاكوك وقل شاكروك فأما اعتدلت وأما عزلت وقال يهودي للرشيد إنك تموت هذه السنة فاغتم وشكا إلى جعفر فقال جعفر لليهودي كم عمرك أنت قال كذا وكذا مدة طويلة فقال للرشيد اقتله حتى تعلم أنه كذب فقتله وذهب ما عنده وكان جعفر يتحكم في مملكة الرشيد بما أراد من غير مشاورة فينفذها الرشيد وأول من ولى الوزارة منهم خالد بن برمك للسفاح وسبب قتله أمور انضم بعضها إلى بعض منها أنه زوج الرشيد جعفراً العباسة لغرض الاجتماع والمحرمية وشرط عليه ألا يجتمع بها فقدر الاجتماع لحصول رغبة من العباسة فواقعها وحملت منه وولدت سراً فأرسلت الولد إلى مكة ثم اتصل خبره بالرشيد ومنها أن الرشيد سلم لجعفر يحيى بن عبد الله بن الحسن المثنى وكان قد خرج عليه وأمره بحبسه عنده فرق له جعفر لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم واتصاله به فأطلقه فلما بلغ الرشيد إطلاقه أضمرها له وقال قتلني الله على البدعة إن لم أقتله ( 187)

    31 - إبراهيم بن ماهان الموصلي التميمي مولاهم المعروف بالنديم صاحب الغناء ومخترع الإلحان فيه ( 187)

    32 - فيها أول ظهور الخرمية ثاروا بجبال أذربيجان فغزاهم حازم بن خزيمة أو عبد الله بن مالك فسبى ذراريهم وبيعوا ببغداد ( 192 )

    33- هارون الرشيد أبو جعفر بن المهدي محمد بن المنصور بن عبد الله العباسي بطوس روى عن أبيه وجده ومبارك بن فضالة وحج مرات في خلافته وغزا عدة غزوات وكان شهماً شجاعاً حازماً جواداً ممدحاً فيه دين وسنة مع انهماكه على اللذات والقيان وكان أبيض طويلا سمينا مليحا قد وخطه الشيب وورد أنه كان يصلي في اليوم مائة ركعة إلى أن مات ويتصدق كل يوم من بيت ماله بألف درهم وكان يخضع للكبار ويتأدب معهم وعظه الفضيل وابن السماك وغيرهما وله مشاركة في الفقه والعلم والأدب قاله في العبر وقال ابن الفرات كان الرشيد يتواضع لأهل العلم والدين
    قال علي بن صالح كان مع الرشيد ابن أبي مريم المدني وكان مضاحكا محداثا فكها وكان الرشيد لا يصبر عن محادثته وكان قد جمع إلى ذلك المعرفة بأخبار أهل الحجاز ولطائف المجان فبلغ من خصوصيته به أنه أنزله منزلاً في قصره وخلطه ببطانته وغلمانه فجاء ذات ليلة وهو نائم وقد طلع الفجر فكشف اللحاف عن ظهره ثم قال له كيف أصبحت فقال يا هذا ما أصبحت بعدُ مُر إلى عملك قال ويلك قم إلى الصلاة فقال هذا وقت صلاة أبي الجارود وأنا من أصحاب أبي يوسف القاضي فمضى وتركه نائماً وقام الرشيد إلى الصلاة وأخذ يقرأ في صلاة الصبح (وما لي لا أعبد الذي فطرني ) وأرتج عليه فقال له ابن أبي مريم لا أدري والله لم لا تعبده فما تمالك الرشيد أن ضحك في صلاته ثم التفت إليه كالمغضب وقال يا هذا ما صنعت قطعت على الصلاة قال و الله ما فعلت إنما سمعت منك كلاما غمني حين سمعته فضحك الرشيد وقال( إياك والقرآن والدين ولك ما شئت بعدهما )
    وكان كثير البكاء من خشية الله تعالى سريع الدمعة عند الذكر محباً للمواعظ قال يحيى بن أيوب العابد سمعت منصور بن عمار يقول ما رأيت اغزر دمعا عند الذكر من ثلاثة فضيل بن عياض وأبى عبد الرحمن الزاهد وهارون الرشيد ودخل الإمام الشافعي رضي الله عنه على الرشيد فقال له عظني فقال على شرط رفع الحشمة وترك الهيبة وقبول النصيحة قال نعم قال أعلم أن من أطال عنان الأمل في الغرة طوى عنان الحذر في المهلة ومن لم يعول على طريق النجاة خسر يوم القيامة إذا امتدت يد الندامة فبكى هارون ووصله بمال جزيل ودخل ابن السماك على الرشيد فاستسقى الرشيد ماء فقال له ابن السماك بالله يا أمير المؤمنين لو منعت هذه الشربة بكم تشتريها قال بملكي قال لو منعت خروجها بكم كنت تشتريه قال بملكي فقال أن ملكاً قيمته شربة ماء لجدير أن لا ينافس فيه وكان للرشيد شعر حسن منه
    ملك الثلاث الغانيات عناني ً@@@ وحللن من قلبي بكل مكان
    مالي تطاوعني البرية كلها @@@ وأطيعهن وهن في عصياني
    ما ذاك إلا أن سلطان الهوى@@@ وبه قوين أعز من سلطاني
    وكان نقش خاتم الرشيد العظمة والقدرة لله انتهى ما قاله ابن الفرات ( 193 )

    34 - - وفيها مبدأ الفتنة بن الأمين والمأمون وكان الرشيد أبوهما قد عهد بالعهد للأمين ثم بعده المأمون وكان المأمون على إمرة خراسان فشرع الأمين في العمل على خلع أخيه ليقدم ولده ابن خمس سنين وأخذ ببذل الأموال للقواد ليقوموا معه في ذلك ونصحه أولو الرأي فلم يرعو حتى آل الأمر إلى أن قتل ( 194-195 )

    35 - في المحرم ظفر طاهر بن الحسين بعد أمور يطول شرحها بالأمين فقتله ونصب رأسه على رمح وكان مليحا أبيض جميل الوجه طويل القامة عاش سبعا وعشرين سنة واستخلف ثلاث سنين وأياما وخلع في رجب سنة ست وتسعين وحارب سنة ونصفا وهو ابن زبيدة بنت جعفر بن المنصور وكان مبذرا للأموال قليل الرأي كثير اللعب لا يصلح للخلافة سامحه الله ورحمه قاله في العبر ( 198 )

    36 - فتنة ابن طباطبا العلوي وهو محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم ابن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ظهر بالكوفة وقام بأمره أبو السرايا السري بن منصور الشيباني وشرع الناس إلى ابن طباطبا وغلب على الكوفة وكثر جيشه فسار لحربه زهير بن المسيب في عشرة آلاف فالتقوا فهزم زهير واستبيح عسكره وذلك في سلخ جمادى الآخرة فلما كان من الغد اصبح ابن طباطبا ميتا فقيل أن أبا السرايا سمه لكونه لم ينصفه في الغنيمة وأقام بعده في الحال محمد بن محمد بن يزيد بن على الحسنى شاب أمرد ثم جهز الحسن ابن سهل جيشا عليهم عبدوس المروذي فالتقوا فقتل عبدوس وأسر عمه وقتل خلق من جيشه وقوى العلويون ثم استولى أبو السرايا على واسط فسار لحربه هرثمة بن أعين فالتقوا فقتل خلق من أصحاب أبي السرايا وتقهقر إلى الكوفة ثم التقوا ثانيا وعظمت الفتنة وفي أول سنة مائتين وفي أولها هرب أبو السرايا والعلويون من الكوفة إلى القادسية وضعف سلطانهم فدخل هرثمة الكوفة وأمن أهلها ثم ظفر أصحاب المأمون بأبي السرايا ومحمد بن محمد العلوي فأمر الحسن بن سهل بقتل أبي السرايا وبعث بمحمد إلى المأمون وخرج بالبصرة بالحجاز آخرون فلم تقم لهم قائمة بعد فتن وحروب ( 199 – 200 )

    37 - فيها أحصى ولد العباس فبلغوا ثلاثة وثلاثين ألفا ما بين ذكر وأنثى قاله ابن الجوزي في الشذور ( 200 )

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي فوائد وعبر من السير ( 101 - 200 )

    12- أقوال مأثورة

    1 - وقال أبو عمرو رحمه الله أول العلم الصمت ثم حسن السؤال ثم حسن اللفظ ثم نشره عند أهله وقال احتمال الحاجة خير من طلبها من غير أهلها وقال ما تساب اثنان إلا غلب ألأمهما وقال إذا تمكن الإخاء قبح الثناء وما ضاق مجلس بمتحابين وما اتسعت الدنيا لمتباغضين وسمع أعرابيا كان مختفيا من الحجاج يقول
    ربما تجزعُ النفوسُ لأمرِ @@@ وله فَرجَة كحلِ العقالِ
    فقال له أبو عمرو وما الأمر قال مات الحجاج قال فلم أدري بأيهما كنت أفرح بموت الحجاج أم بقوله فرجة يعني بفتح الفاء قال الاصمعي هي بالفتح من الفرج وبالضم من فرجة الحائط ونحوه ( 154 )

    2 - عبد الواحد بن زيد البصري الزاهد الذي قيل أنه صلى الغداة بوضوء العشاء أربعين سنة ومن مواعظه قوله [إلا تستحيون من طول مالا تستحيون ] روى عن الحسن وجماعة وهو متروك الحديث قاله في العبر ( 177 )
    3 - قال الفضيل بن عياض : إذا أحب الله عبد أكثر غمه وإذا أبغض وسع عليه دنياه وقال لو عرضت على الدنيا بحذافيرها لا أحاسب عليها لكنت أتقذرها كالجيفة وقال لو كانت لي دعوة مستجابة لما أجعلها إلا للإمام لأنه إذا صلح أمن العباد والبلاد ولد الفضيل رضي الله عنه بسمرقند وقدم الكوفة شابا وسمع من منصور وطبقته ثم جاور بمكة إلى أن مات وقبره بالأبطح مشهور مزور( 187 )


    4 - ومن كلام يحيى بن خالد بن برمك البرمكي ثلاثة أشياء تدل على عقول أربابها الهدية والكتاب والرسول وكان يقول لبنيه اكتبوا أحسن ما تسمعون واحفظوا أحسن ما تكتبون وتحدثوا بأحسن ما تحفظون ( 190 )

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي فوائد وعبر من السير ( 201 - 300)

    1 - الفوائد العقدية

    1 - السيدة نفيسة بنت الأمير حسن بن زيد الحسن بن علي بن أبي طالب الحسنية صاحبة المشهد بمصر ولي أبوها إمرة المدينة للمنصور ثم حبسه دهراً ودخلت هي مصر مع زوجها إسحاق بن جعفر الصادق وتوفيت في شهر رمضان وقال ابن الأهدل وقيل قدمت مصر مع ابنها وكانت من الصالحات سمع عليها الشافعي وحملت جنازته يوم مات فصلت عليه ولما ماتت هم زوجها إسحاق بحملها إلى المدينة فأبى أهل مصر فدفنت بين القاهرة ومصر يقال أن الدعاء يستجاب عند قبرها قال الذهبي ولم يبلغنا شيء من مناقبها وللجهال فيها اعتقاد لا يجوز وقد يبلغ بهم إلى الشرك بالله فإنهم يسجدون للقبر ويطلبون منه المغفرة وكان أخوها القاسم بن حسن زاهداً عابداً قلت وسلسلتها في النسب وسماع الشافعي منها وعليها وحمله ميتاً إلى بيتها أعظم منقبة فلم يكن ذلك إلا عن قبول وإقبال وصيت وإجلال نفع الله بها ومبلغها ( 208 )

    2 - أمر المأمون فنودي برئت الذمة ممن ذكر معاوية بخير وأن أفضل الخلق بعد النبي صلى الله عليه وسلم علي رضي الله عنه ( 211 )

    3 - أظهر المأمون القول بخلق القرآن مع ما أظهر في العام الماضي من التشيع فاشمأزت منه القلوب وقدم دمشق فصام بها رمضان ثم حج بالناس ( 212 )

    4 - الحافظ أسد بن موسى الأموي نزيل مصر ويقال له أسد السنة روى عن شعبة وطبقته ورحل في الحديث وصنف التصانيف وهو أحد الثقات الأكياس ( 212 )

    5 - امتحن المأمون العلماء بخلق القرآن وكتب في ذلك إلى نائبه على بغداد وبالغ في ذلك وقام في هذه البدعة قيام متعبد بها فأجاب أكثر العلماء على سبيل الإكراه وتوقفت طائفة ثم أجابوا وناظروا فلم يلتفت إلى قولهم وعظمت المصيبة بذلك وتهدد على ذلك بالقتل ولم يصبرمن علماء العراق إلا أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح فقيدا وأرسلا إلى المأمون وهو بطرسوس فلما بلغا الرقة جاءهم الفرج بموت المأمون قال ابن الأهدل ومرض محمد بن نوح ومات بالطريق وهو الذي كان يشد أزر أحمد ويشجعه ولما مات المأمون عهد إلى أخيه المعتصم فامتحن الإمام أيضا وضرب بين يديه بالسياط حتى غشى ثم أطلقه وندم على ضربه ولحق من تولى ضربه عقوبات ظاهرة ( 218 )

    6 - بشر المريسي الفقيه المتكلم وكان داعية للقول بخلق القرآن هلك في آخر السنة ولم يشيعه أحد من العلماء وحكم بكفره طائفة من الأئمة روى عن حماد بن سلمة وعاش نيفاً وسبعين سنة قاله في العبر وقال ابن الأهدل كان مرجئاً داعية الأرجاء وإليه تنسب طائفة المريسية المرجئة كان أبوه يهودياً صباغاً في الكوفة وكان يناظر الشافعي وهو لا يعرف النحو فيلحن لحناً فاحشاً ( 218 )

    7 - ورد كتاب الواثق على أمير البصرة يأمره بامتحان الأئمة والمؤذنين بخلق القرآن وكان قد تبع أباه في امتحان الناس ( 231 )

    8 - الأمير إسحاق بن إبراهيم بن مصعب الخزاعي ابن عم طاهر بن الحسين ولي بغداد أكثر من عشرين سنة وكان يسمى صاحب الجسر وكان صارما سايسا حازما وهو الذي كان يطلب العلماء ويمتحنهم بأمر المأمون (( 235 )

    9 - أبو الهذيل العلاف محمد بن هذيل بن عبيد الله البصري شيخ المعتزلة ورأس البدعة وله نحو من مائة سنة قاله في العبر وكان يقول بفناء أهل النار (( 235 )

    10 - أمر المتوكل بهدم قبر الحسين بن علي وكان كثير البعض في على بن أبي طالب رضي الله عنه ولكنه منع من القول بخلق القرآن ( 236 )

    11 - أحمد بن أبي دؤاد على وزن فؤاد قاضي القضاة أبو عبد الله الإيادي وله ثمانون سنة وكان فصيحا مفوها شاعرا جوادا ممدحا رأسا في التجهم وهو الذي شغب على الإمام أحمد بن حنبل وأفتى بقتله قاله في العبر وقال ابن الأهدل كان عالما جوادا ممدحا معتزليا وكان له القبول التام عند المأمون والمعتصم وهو أول من بدأ الخلفاء بالكلام وكانوا لا يكلمون حتى يتكلموا وبسببه وفتياه امتحن الإمام أحمد وأهل السنة بالضرب والهوان على القول بخلق القرآن وابتلى ابن أبي دؤاد بعد ذلك بالفالج نحو أربع سنين ثم غضب عليه المتوكل فصادره هو وأهله وأخذ منهم ستة عشر ألف ألف درهم وأخذ من والده مائة ألف وعشرين ألف دينار وجوهرا بأربعين ألف دينار وقيل أنه صالحه على ضياعه وضياع أبيه بألف ألف دينار ( 240 )

    12 - عبد العزيز بن يحيى الكتاني المكي سمع من سفيان بن عيينة وناظر بشر المريسي في مجلس المأمون بمناظرة عجيبة غريبة فانقطع بشر وظهر عبد العزيز ومناظرتهما مشهورة مسطورة وعبد العزيز هو صاحب كتاب الحيدة وهو معدود في أصحاب الشافعي ( 240 )

    13 - قال السيوطي في كتاب حسن المحاضرة ذو النون المصري ثوبان بن إبراهيم أبو الفيض أحد مشايخ الطريق المذكورين في رسالة القشيري وهو أول من عبر عن علوم المنازلات وأنكر عليه أهل مصر وقالوا حدثت علما لم تتكلم فيه الصحابة وسعوا به إلى الخليفة المتوكل ورموه عنده بالزندقة وأحضروه من مصر على البريد فلما دخل سر من رأى وعظه فبكى المتوكل ورده مكرما وكان مولده باخميم حدث عن مالك والليث وابن لهيعة وروى عنه الجنيد وآخرون وكان أوحد وقته علما وورعا وحالا وأدبا مات في ذي القعدة سنة خمس وأربعين ومائتين وقد قارب التسعين قال السلمي كان أهل مصر يسمونه بالزنديق فلما مات أظلت الطير الخضر جنازته ترفرف عليه إلى أن وصل إلى قبره ( 245 )

    14 - عمرو بن بحر الجاحظ أبو عثمان البصري المعتزلي واليه تنسب الفرقة الجاحظية من المعتزلة صنف الكثير في الفنون كان بحرا من بحورا لعلم رأسا في الكلام والإعتزال وعاش تسعين سنة وقيل بقي إلى سنة خمس وخمسين أخذ عن القاضي أبي يوسف وثمامة بن أشرس وأبى اسحق النظام قال في المغني عمرو بن بحر الجاحظ المتكلم صاحب الكتب قال ثعلب ليس بثقة ولا مأمون انتهى وقال غيره أحسن تأليفه وأوسعها فائدة كتاب الحيوان وكتاب البيان والتبيين وكان مشوه الخلق استدعاه المتوكل لتأديب ولده فلما رأه رده وأجازه وفلج في آخر عمره فكان يطلى نصفه بالصندل والكافور لفرط الحرارة ونصفه الآخر لو قرض بالمقاريض ما أحس به لفرط البرودة وسمى جاحظا لجحوظ عينيه أي نتوءهما وكان موته بسقوط مجلدات العلم عليه (( 250 )

    15 - - السري بن المغلس السقطي أبو الحسن البغدادي أحد الأولياء الكبار وله نيف وتسعون سنة سمع من هشيم وجماعة وصحب معروفا الكرخي وله أحوال وكرامات قال ابن الأهدل هو خال الجنيد وأستاذه وتلميذ معروف الكرخي
    وقال السخاوي في طبقات الأولياء هو إمام البغداديين في الإشارات وكان يلزم بيته ولا يخرج منه لا يراه إلا من يقصده إلى بيته انقطع عن الناس وعن أسبابهم وأسند عن الجنيد قال ما رأيت أعبد من السري أتت عليه ثمان وتسعون سنة ما رؤى مضطجعا إلا في علة الموت وسئل عن المتصوف فقال هو اسم لثلاثة معان وهو الذي لا يطفئ نور معرفته نور ورعه ولا يتكلم بباطن ينقضه عليه ظاهر الكتاب ولا تحمله الكرامات من الله على هتك أستار محارم الله . ( 253 )

    16 - أبو الحسن على بن الجواد محمد بن الرضا على بن الكاظم موسى بن جعفر الصادق العلوي الحسني المعروف بالهادي كان فقيها اماما متعبدا وهو أحد الأئمة الإثني عشر الذين تعتقد غلاة الشيعة عصمتهم كالأنبياء سعي به إلى المتوكل وقيل له أن في بيته سلاحا وعدة ويريد القيام فأمر من هجم عليه منزله فوجده في بيت مغلق وعليه مدرعة من شعر يصلى ليس بينه وبين الأرض فراش وهو يترنم بآيات من القرآن في الوعد والوعيد فحمل إليه ووصف له حاله فما رآه عظمه وأجلسه إلى جنبه وناوله شرابا فقال ما خامر لحمى ولا دمى فاعفنى منه فأعفاه وقال له أنشدني شعرا فأنشده أبياتا أبكاه بها فأمر له بأربعة آلاف دينار ورده مكرما وإنما قيل له العسكري لأنه لما سعي به إلى المتوكل أحضره من المدينة وهي مولده وأقره بمدينة العسكر وهي سر من رأى سميت بالعسكر لأن المعتصم حين بناها انتقل إليها بعسكره فسميت بذلك وأقام بها صاحب الترجمة عشرين سنة فنسب إليها . ( 254 )


    17 - محمد بن كرام أبو عبد الله السجستاني الزاهد شيخ الطائفة الكرامية وكان من عباد المرجئة قاله في العبر
    وقال في المغني محمد بن كرام السجزي العابد المتكلم شيخ الكرامية أكثر عن الجويباري ومحمد بن تميم السعدي وكانا ساقطين
    قال ابن حبان خذل حتى التقط من المذاهب أرداها ومن الأحاديث أوهاها وقال أبو العباس سراج شهدت البخاري ودفع إليه كتاب ابن كرام يسأله عن أحاديث فيها الزهري عن سالم عن أبيه يرفعه (الإيمان لا يزيد ولا ينقص ) فكتب أبو عبد الله على ظهر كتابه من حدث بهذا استوجب الضرب الشديد والحبس الطويل وقال ابن حبان جعل ابن كرام الإيمان قولا بلا معرفة وقال ابن حزم قال ابن كرام الإيمان قول بالسان وأن اعتقد الكفر بقلبه فهو مؤمن قلت هذه أشنع بدعة وقوله في الرب جسم لا كالاجسام انتهى ما قاله الذهبي في المغني في الضعفاء ( 255 )

    18 - ويحيى بن معاذ الرازي الزاهد حكيم زمانه وواعظ عصره توفي في جمادى الأولى بنيسابور وقد روى عن إسحاق بن سليمان الرازي وغيره وقال السلمي في طبقات الأولياء يحيى بن معاذ بن جعفر الرازي الواعظ تكلم في علم الرجال فأحسن الكلام فيه وكانوا ثلاثة إخوة يحيى وإبراهيم وإسماعيل أكبرهم سنا إسماعيل ويحي أوسطهم وإبراهيم أصغرهم وكلهم كانوا زهادا وأخوه إبراهيم خرج معه إلى خراسان وتوفي بين نيسابور وبلخ وأقام يحيى ببلخ مدة ثم خرج إلى نيسابور ومات بها ومن كلامه من استفتح باب المعاش بغير مفاتيح الأقدار وكل إلى المخلوقين وقال العبادة حرفة وحوانيتها الخلوة وآلاتها المخادعة ورأس مالها الاجتهاد بالسنة وربحها الجنة وقال الصبر على الخلق من علامات الاخلاص وقال الدنيا دار الأشغال والآخرة دار الأهوال ولا يزال العبد مترددا بين الأشغال والأهوال حتى يستقر به القرار أما إلى جنة وإما إلى نار وقال على قدر حبك لله يحبك الخلق وعلى قدر شغلك بالله يشتغل في أمرك الخلق ( 258 )

    19 - الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي الحسيني أحد الاثني عشر الذين تعتقد الرافضة فيهم العصمة وهو والد المنتظر محمد صاحب السرداب ( 260 )

    20 - وفيها حنين بن إسحاق النصراني شيخ الأطباء بالعراق ومعرب الكتب اليونانية ومؤلف المسائل المشهورة ( 261 )

    21 - يزيد البسطامي العارف الزاهد المشهور واسمه طيفور بن عيسى وكان يقول إذا نظرتم إلى رجل أعطى من الكرامات حتى يرتفع في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الشريعة قال أبو عبد الرحمن السلمي في طبقاته طيفور بن عيسى بن سروسان البسطامي وسروسان كان مجوسيا فأسلم وكانوا ثلاثة اخوة آدم أكبرهم وطيفور أوسطهم وعلي أصغرهم وكلهم كانوا زهادا عبادا ومات عن ثلاث وسبعين سنة وهو من قدماء مشايخ القوم له كلام حسن في المعاملات ويحكى عنه في الشطح أشياء منها ما لا يصح ويكون مقولا عليه
    وكان أبو يزيد إذا ذكر الله يبول الدم وحكى عنه صاحبه أبو بكر الأصبهاني أنه أذن مرة فغشى عليه فلما أفاق قال العجب ممن لا يموت إذا أذن ( 265 )

    22 - محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضى بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي الحسيني أبو القاسم الذي تلقبه الرافضة بالخلف وبالحجة وبالمهدي وبالمنتظر وبصاحب الزمان وهو خاتمة الإثني عشر إماما عندهم ويلقبونه أيضا بالمتظر فإنهم يزعمون أنه أتى السرداب بسامرا فاختفى وهم ينتظرونه إلى الآن وكان عمره لما عدم تسع سنين أو دونها وضلال الرافضه ما عليه مزيد قاتلهم الله تعالى (( 278 )

    23 - - مبدأ ظهور القرامطة بسواد الكوفة وهو قوم خوارج زنادقة مارقة من الدين قال في الشذور وكان ابتداء أمرهم أن رجلا قدم إلى سواد الكوفة فأظهر الزهد وجعل يسف الخوص ويأكل من كسبه ويصلى ويصوم ثم صار يدعو إلى إمام من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذ من كل من دخل في قوله دينارا فاجتمع إليه جماعة فاتخذ منهم اثني عشر نقيبا وقال أنتم كحوارى عيسى وكان قد آوى إلى بيت رجل يقال له كرميته فسمى باسمه ثم خفف فقيل قرمط ( 279 )

    24 - نودي ببغداد لا يقعد على الطريق منجم ولا تباع كتب الكلام والفلسفة فمنع المعتضد من بيع كتب الفلاسفة والجدل وتهدد على ذلك ومنع المنجمين والقصاص من الجلوس فكان ذلك من حسناته ( 286 )

    25 - ظهر بالبحرين أبو سعيد الجنابي القرمطي وقويت شوكته وانضم إليه جمع من الأعراب فعاث وأفسد وقصد البصرة فحصنها المعتضد وكان أبو سعيد كيالا بالبصرة وجنابة من قرى الأهواز قال الصولي كان أبو سعيد فقيرا يرفو غربال الدقيق فخرج إلى البحرين وانضم إليه طائفة من بقايا الزنج واللصوص حتى تفاقم أمره وهزم جيوش الخليفة مرات وقال غيره ذبح أبو سعيد الجنابي في حمام بقصره وخلفه ابنه أبو طاهر الجنابي القرمطي الذي أخذ الحجر الأسود ( 286 )

    26 - الزاهد الكبير أحمد بن عيسى أبو سعيد الخراز شيخ الصوفية وهو أول من تكلم في علم الفناء والبقاء قال الجنيد لو طالبنا الله بحقيقة ما عليه أبو سعيد الخراز لهلكنا وعن أبي سعيد قال رأيت إبليس في المنام وهو عني ناحية فناديته فقال أي شيء أعمل بكم وأنتم طرحتم ما أخادع الناس به غير أن لي فيكم لطيفة وهي صحبة الأحداث وقال السلمي في التاريخ أبو سعيد إمام القوم في كل فن من علومهم بغدادي الأصل له في مبادئ أمره عجائب وكرامات مشهورة ظهرت بركته عليه وعلى من صحبه ( 286)

    27 - شيخ الصوفية تاج العارفين أبو القسم الجنيد بن محمد القواريري الخزاز بالزاي المكررة صحب خاله السرى والمحاسبي وغيرهما من الجلة وصحبه أبو العباس بن سريج وكان إذا أفحم مناظريه قال هذا من بركة مجالستي للجنيد واصل الجنيد من نهاوند ونشأ بالعراق وتفقه على أبي ثور وقيل كان على مذهب سفيان الثوري وكان يقول من لم يحفظ القرآن ويكتب الحديث لا يقتدي به في هذا الأمر لأن علمنا مقيد بالكتاب والسنة وقال له خاله تكلم على الناس فاستصغر نفسه فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره بذلك فلما جلس لذلك جاءه غلام نصراني وقال ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله فأطرق ساعة ثم رفع رأسه وقال له أسلم فقد حان وقت إسلامك فأسلم الغلام ولما صنف عبد الله بن سعيد بن كلاب كتابه الذي ردفيه على جميع المذاهب سأل عن شيخ الصوفية فقيل له الجنيد فسأله عن حقيقة مذهبه فقال مذهبنا إفراد القدم عن الحدث وهجران الإخوان والأوطان ونسيان ما يكون وما كان فقال ابن كلاب هذا كلام لا يمكن فيه المناظرة ثم حضر مجلس الجنيد فسأله عن التوحيد فأجابه بعبارة مشتملة على المعارف ثم قال أعد على لا بتلك العبارة ثم استعادة الثالثة فأعاده بعبارة أخرى فقال أمله على فقال لو كنت أجرده كنت أمليه فاعترف بفضله وقال الكعبي المعتزلي لبعض الصوفية رأيت لكم ببغداد شيخا يقال له الجنيد ما رأت عيني مثله كان الكتبة يحضرونه لألفاظه والفلاسفة لدقة كلامه والشعراء لفصاحته والمتكلمون لمعانيه وكلامه ناء عن فهمهم وسئل السري عن الشكر والجنيد صبي يلعب فأجاب الجنيد هو أن لا يستعين بنعمه على معاصيه
    ونشأ الجنيد أحسن نشء وحج على قدميه ثلاثين حجة وقال الجريري كنت واقفا على رأس الجنيد في وقت وفاته وكان يوم جمعة ويوم نيروز الخليفة وهو يقرأ القرآن فقلت له يا أبا القاسم ارفق بنفسك فقال لي يا أبا محمد أرأيت أحدا أحوج إليه مني في هذا الوقت وهو ذا تطوي صحيفتي وكان قد ختم القرآن الكريم ثم بدأ بالبقرة فقرأ سبعين آية ثم مات رحمه الله تعالى ومناقبه كثيرة ولو أرسلنا عنان القلم لسودنا أسفارا من مناقبه رضي الله عنه ودفن بالشوينزية عند خاله سري السقطي رضي الله عنهما ( 298 )

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي فوائد وعبر من السير ( 201 - 300)

    2- الفوائد الفقهية

    1 - شيخ الأندلس يحيى بن يحيى بن كثير الفقيه أبو محمد الليثي مولاهم الأندلسي في رجب وله اثنتان وثمانون سنة روى الموطأ عن مالك سوى فوت من الاعتكاف وانتهت إليه رياسة الفتوى ببلده وخرج له عدة أصحاب وبه انتشر مذهب مالك بناحيته وكان إماما كثير العلم كبير القدر وافر الحرمة كامل العقل خير النفس كثير العبادة والفضل كان يوما عند مالك فقدم فيل وخرج الناس ينظرون إليه ولم يخرج فقال له مالك لم لا تخرج تنظره فإنه ليس ببلدك فيل فقال إنما جئت من بلدي لأنظر إليك وأتعلم هديك وعلمك فقال له أنت عاقل الأندلس رحمه الله تعالى ( 234 )

    2 - هدبة بن خالد القيسي البصري أبو خالد الحافظ سمع حماد بن سلمة ومبارك ابن فضالة والكبار فأكثر قال عبدان الأهوازي كنا لا نصلى خلف هدبة مما يطول كان يسبح في الركوع والسجود نيفا وثلاثين تسبيحة وكان من أشبه خلق الله بهشام بن عمار لحيته ووجهه وكل شيء منه حتى صلاته (( 236 )

    3 - وسحنون مفتي القيروان وقاضيه أبو سعيد عبد السلام بن سعيد بن حبيب التنوخي الحمصي الأصل ثم المغربي المالكي صاحب المدونة أخذ عن أبي القاسم وابن وهب وأشهب وله عدة أصحاب وعاش ثمانين سنة ( 240 )

    4 - والزعفراني أبو الحسن بن محمد الصباح وأحمد بن حنبل وأبو ثور والكرابيسي رواة قديم الشافعي وروى الجديد المزني وحرملة والبويطي ويونس بن عبد الأعلى والربيع الجيزي والربيع المرادي ( 260 )

    5 - أبو بكر الأثرم أحمد بن محمد بن هانئ الطائي الحافظ الثبت الثقة أحد الأئمة المشاهير روى عن أبي نعيم وعفان وصنف التصانيف وكان من أذكياء الأمة قال ابن أبي يعلى في طبقاته أحمد بن محمد بن هانئ الطائي ويقال الكلبي الأثرم الإسكافي أبو بكر جليل القدر حافظ إمام سمع حرمي بن حفص وعفان ابن مسلم وأبا بكر بن أبي شيبة وعبد الله بن مسلمة القعنبي وإمامنا في آخرين
    نقل عن إمامنا مسائل كثيرة وصنفها ورتبها أبوابا وروى عن الإمام قال سمعت أبا عبد الله يسأل عن المسح على العمامة قيل له تذهب إليه قال نعم قال أبو عبد الله ثبت من خمسة وجوه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال كنت أحفظ الفقه والاختلاف فلما صحبت أحمد بن حنبل تركت ذلك كله وكان معه تيقظ عجيب حتى نسبه يحيى ابن معين ويحيى بن أيوب المقابري فقالا أحد أبوي الأثرم جنى وقال أبو القاسم ابن الجبلي قدم رجل فقال أريد رجلا يكتب لي من كتاب الصلاة ما ليس في كتب ابن أبي شيبة قال فقلنا له ليس لك إلا أبو بكر الأ ثرم قال فوجهوا إليه ورقا فكتب ستمائة ورقة من كتاب الصلاة قال فنظرنا فإذا ليس في كتاب ابن أبي شيبة منه شى ء وقال الأثرم كنت عند خلف البزار يوم جمعة فلما قمنا من المجلس صرت إلى قرب الفرات فأردت أن اغتسل للجمعة فغرقت فلم أجد شيئا أتقرب به إلى الله عز وجل أكثر عندي من أن قلت اللهم أن نجيتني لأتوبن من صحبة حارث يعني المحاسبي قال الأثرم كان حارث في عرس لقوم فجاء يطلع على النساء من فوق الدرابزين ثم ذهب يخرجه- يعني رأسه- فلم يستطع فقيل له لم فعلت هذا فقال أردت أن اعتبر بالحور العين ( 261 )

    6 - المزني الفقيه أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل المصري صاحب الشافعي في ربيع الأول وهو في عشر التسعين قال الشافعي المزني ناصر مذهبي وكان زاهدا عابدا يغسل الموتى حسبة صنف الجامع الكبير والصغير ومختصره مختصر المزني والمنثور والمسائل المعتبرة والترغيب في العلم وكتاب الوثاق وغيرها وصلى لكل مسألة في مختصره ركعتين فصار اصل الكتب المصنفة في المذهب وعلى منواله رتبوا ولكلامه فسروا وشرحوا وكان مجاب الدعوة عظيم الورع حكى عنه أنه كان إذا فاتته الجماعة صلى منفردا خمسا وعشرين مرة ولم يتقدم عليه أحد من أصحاب الشافعي وهو الذي تولى غسله يوم مات قيل وعاونه الربيع ودفن إلى جنبه بالقرافة الصغرى ونسبته إلى مزينة بنت كلب بن وبرة أم القبيلة المشهورة ( 264 )

    7 - العلامة محمد بن سحنون المغربي المالكي مفتي القيروان تفقه على أبيه وكان إماما مناظرا كثير التصانيف معظما بالقيروان خرج له عدة أصحاب وما خلف بعده مثله ( 265 )

    8 - ومحمد بن شجاع بن الثلجي فقيه العراق وشيخ الحنفية سمع من إسماعيل ابن علية وتفقه بالحسن بن زياد اللؤلؤى وصنف واشتغل وهو متروك الحديث توفي ساجدا في صلاة العصر وله نحو من تسعين سنة قاله في العبر
    وقال في المغني محمد بن شجاع بن الثلجي الفقيه قال ابن عدي كان يضع الأحاديث في التشبيه ينسبها إلى أصحاب الحديث يثلبهم بذلك ( 266 )

    9 - ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم الإمام أبو عبد الله المصري مفتي الديار المصرية تفقه بالشافعي وأشهب وروى عن ابن وهب وعدة قال ابن خزيمة ما رأيت أعرف بأقاويل الصحابة والتابعين منه وله مصنفات كثيرة وتوفي في نصف ذي القعدة ( 268 )

    10 - داود بن على الإمام أبو سليمان الأصبهاني ثم البغدادي الفقيه الظاهري صاحب التصانيف في رمضان وله سبعون سنة سمع القعنبي وسليمان ابن حرب وطبقتهما وتفقه على أبي ثور وابن راهويه وكان ناسكا زاهدا قال ابن ناصر الدين تكلم أبو الفتح الأزدي وغيره فيه ومنعه أحمد بن حنبل من الدخول عليه لقوله المعروف في القرآن بلغه الذهلي لأحمد وكتب به إليه وكان داود حافظا مجتهدا إمام أهل الظاهر وقال ابن خلكان أبو سليمان داود بن علي بن خلف الأصبهاني الإمام المشهور المعروف بالظاهري كان زاهدا متقللا كثير الورع أخذ العلم عن إسحاق بن راهويه وأبي ثور وكان من أكثر الناس تعصبا للإمام الشافعي رضي الله عنه وصنف في فضائله والثناء عليه كتابين وكان صاحب مذهب مستقل وتبعه جمع كثير يعرفون بالظاهرية وكان ولده أبو بكر محمد علي مذهبه وانتهت إليه رياسة العلم ببغداد قيل إنه كان يحضر مجلسه أربعمائة صاحب طيلسان أخضر قال داود حضر مجلسي يوما أبو يعقوب الشريطي وكان من أهل للبصرة وعليه خرقتان فتصدر لنفسه من غير أن يرفعه أحد وجلس إلى جانبي وقال لي سل عما بدا لك فكأني غضبت منه فقلت له مستهزئا أسألك عن الحجامة فبرك ثم روى طريق أفطر الحاجم والمحجوم ومن أرسله ومن أسنده ومن وقفه ومن ذهب إليه من الفقهاء وروى اختلاف طرق احتجام رسول الله صلى الله عليه وسلم وإعطاء الحاجم أجره ولو كان حراما لم يعطه ثم روى طرقا أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم بقرن وذكر أحاديث صحيحة في الحجامة ثم ذكر الأحاديث المتوسطة مثل ما مررت بملأ من الملائكة ومثل شفاء أمتي في ثلاث وما أشبه ذلك وذكر الأحاديث الضعيفة مثل قوله عليه الصلاة والسلام لا تحتجموا يوم كذا ساعة كذا ثم ذكر ما ذهب إليه أهل الطب من الحجامة في كل زمان وما ذكروه فيها ثم ختم كلامه بأن قال وأول ما خرجت الحجامة من أصبهان فقلت له والله لا حقرت بعدك أحدا أبدا وكان داود من عقلاء الناس قال أبو العباس ثعلب في حقه كان عقل داود أكبر من علمه ونشأ ببغداد وتوفي بها سنة سبعين في ذي القعدة وقيل في شهر رمضان ودفن بالشوينزية وقيل في منزله وقال ولده أبو بكر محمد رأيت أبي داود في المنام فقلت له ما فعل الله بك فقال غفر لي وسامحني فقلت غفر لك فبم سامحك فقال يا بني الأمر عظيم والويل لمن لم يسامح رحمه الله ( 270 )

    11 - الربيع بن سليمان المرادي مولاهم المصري الفقيه صاحب الشافعي وهو في عشر المائة سمع من ابن معين وكان إماما ثقة صاحب حلقة بمصر قال الشافعي ما في القوم أنفع لي منه وقال وددت أني حسوته العلم وقال في المزني سيأتي عليه زمان لا يفسر شيئا فيخطئه وفي البويطي يموت في حديده وفي ابن عبد الحكم سيرجع إلى مذهب مالك والربيع هذا آخر من روى عن الشافعي بمصر ( 270 )

    12 - عبد الملك بن عبد الحميد الفقيه أبو الحسن الميموني الرقي صاحب الإمام أحمد في ربيع الأول روى عن إسحاق الأزرق ومحمد بن عبد وطائفة وكان جليل القدر في أصحاب الإمام أحمد بن حنبل وكان سنّه يوم مات دون المائة وكان أحمد يكرمه ويجله ويفعل معه مالا يفعل مع أحد غيره وقال صحبت أبا عبد الله على الملازمة من سنة خمس ومائتين إلى سنة سبع وعشرين قال وكنت بعد ذلك أخرج وأقدم عليه الوقت بعد الوقت قال وكان أبو عبد الله يضرب لي مثل ابن جريج في عطاء من كثرة ما أسأله ويقول لي ما أصنع بأحد ما أصنع بك وقال الميموني قلت لأحمد من قتل نفسه يصلى الإمام عليه قال لا يصلى الإمام على من قتل نفسه ولا على من غل قلت فالمسلمون قال يصلون عليهما وقال المرداوي في أواخر الأنصاف عبد الملك بن عبد الحميد الميموني كان الإمام أحمد يكرمه وروى عنه مسائل كثيرة جدا ستة عشر جزءا وجزءين كبيرين ( 274 )

    13 - أبو بكر المروذي الفقيه أحمد بن محمد بن الحجاج في جمادى الأولى ببغداد وكان أجل أصحاب الإمام أحمد إماما في الفقه والحديث كثير التصانيف خرج مرة إلى الرباط فشيعه نحو خمسين ألفا من بغداد إلى سامراء قاله في العبر وقال في الإنصاف كان ورعا صالحا خصيصا بخدمة الإمام أحمد وكان يأنس به وينبسط إليه ويبعثه في حوائجه وكان يقول كل ما قلتَ فهو على لساني وأنا قلته وكان يكرمه ويأكل من تحت يده وهو الذي تولى إغماضه لما مات وغسله روى عنه مسائل كثيرة وهو المقدم من أصحاب الإمام أحمد لفضله وورعه ( 275 )

    14 - حرب بن اسماعيل الكرماني صاحب الإمام أحمد حافظ فقيه نبيل نقل عن الإمام أحمد مسائل كثيرة قال ابن أبي يعلى في طبقاته كان حرب فقيه البلد وكان السلطان قد جعله على أمر الحكم وغيره في البلد قال حرب سألت أحمد عن قراءة حمزة فقال لا تعجبني قال وقلت لأحمد الإدغام فكرهه وقال سمعت الإمام أحمد يكره إلامالة مثل (والضحى) (والشمس ضحاها) وقال أكره الخفض الشديد والادغام وقال حرب سمعت أحمد بن حنبل يقول الناس يحتاجون إلى العلم مثل الخبز والماء لأن العلم يحتاج إليه في كل ساعة والخبز والماء في كل يوم مرة أو مرتين ( 280 )

    15 - الإمام الحبر إبراهيم بن إسحاق بن بشير أبو إسحاق الحربي الحافظ أحد أركان الدين والأئمة الأعلام ببغداد في ذي الحجة وله سبع وثمانون سنة سمع أبا نعيم وعفان وطبقتهما وتفقه على الإمام أحمد وبرع في العلم والعمل وصنف التصانيف الكثيرة وكان يشبه بأحمد بن حنبل في وقته قال المرداوي في الإنصاف كان إماما في جميع العلوم متقنا مصنفا محتسبا عابدا زاهدا نقل عن الإمام أحمد مسائل كثيرة جدا حسانا جيادا ( 285 )

    16 - مفتي بغداد الفقيه عثمان بن سعيد بن بشار أبو القاسم البغدادي الأنماطي صاحب المزني في شوال وهو الذي نشر مذهب الشافعي ببغداد وعليه تفقه ابن سريج قاله في العبر ( 288 )

    17 - مطين وهو الحافظ أبو جعفر محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي الكوفي في ربيع الآخر بالكوفة وله خمس وتسعون سنة دخل على أبي نعيم وروى عن أحمد بن يونس وطبقته قال الدارقطني ثقة جبل وقال في الانصاف نقل عن الإمام أحمد مسائل حسانا جيادا ( 297 )

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: فوائد وعبر من السير

    3 - الفوائد الحديثية

    1 - علي بن عاصم أبو الحسن الواسطي محدث واسط وله بضع وتسعون سنة روى عن حصين بن عبد الرحمن وعطاء بن السائب والكبار وكان يحضر مجلسه ثلاثون ألفا وقال وكيع أدركت الناس والحلقة لعلي بن عاصم بواسط وضعفه غير واحد لسوء حفظه وكان إماما ورعا صالحا جليل القدر ( 201 )

    2 - أبو بكر بن عبد الحميد بن أبي أويس المدني أخو إسماعيل روى عن ابن أبي ذئب وسليمان بن بلال وطائفة قال في المغني ثقة أخطأ الأزدي حيث قال كان يضع الحديث وقد خرج له الشيخان . ( 202 )

    3 - أبو يحيى عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني الكوفي روى عن الأعمش وجماعة قال أبو داود وكان داعية إلى الإرجاء وقال النسائي ليس بالقوي . ( 202 )

    4 - هشام بن محمد بن السائب الكلبي الإخباري النسابة صاحب كتاب الجمهرة في النسب ومصنفاته تزيد على مائة وخمسين تصنيفاً في التاريخ والأخبار وكان حافظاً علامة إلا أنه متروك الحديث فيه رفض روى عن أبيه وعن مجالد بن سعيد وغيرهما . ( 204 )

    5 - والواقدي قاضي بغداد أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد الأسلمي المدني العلامة أحد أوعية العلم روى عن ثور بن يزيد وابن جريج وطبقتهما وكان يقول حفظي أكثر من كتبي وقد تحول مرة فكانت كتبه مائة وعشرين حملا ضعفه الجماعة كلهم قال ابن ناصر الدين أجمع الأئمة على ترك حديثه حاشا ابن ماجه لكنه لم يجسر أن يسميه حين أخرج حديثه في اللباس يوم الجمعة وحسبك ضعفا بمن لا يجسر أن يسميه ابن ماجه وقال الذهبي في كتابه المغني في الضعفاء محمد بن عمر بن واقد الأسلمي مولاهم الواقدي صاحب التصانيف مجمع على تركه وقال ابن عدي يروي أحاديث غير محفوظة والبلاء منه وقال النسائي كان يضع الحديث وقال ابن ماجه حدثنا ابن أبي شيبة حدثنا شيخ ثنا عبد الحميد بن صفوان فذكر حديثا في لباس الجمعة وحسبك بمن لا يجسر ابن ماجه أن يسميه قلت وقد كذبه أحمد والله أعلم وقال ابن الأهدل الإمام الواقدي أبو عبد الله محمد بن واقد الاسلمي قاضي بغداد كان يقول حفظي أكثر من كتبي وكانت كتبه مائة وعشرين حملاً وضعفه أهل الحديث ووثقوا كاتبه محمد بن سعد من تصانيفه كتاب الردة ذكر فيه المرتدين وما جرى بسببهم وكان المأمون يكرمه ويراعيه روي عنه قال كان لي صديقان أحدهما هاشمي وكنا كنفس واحدة فشكوت إليه عسرة فوجه إلي كيساً مختوماً فيه ألف درهم فما استقر في يدي حتى جاءني كتاب صديقي الآخر يشكو مثل ذلك فوجهته إليه كما هو وخرجت إلى المسجد فبت فيه حياء من زوجتي ثم إن صديقي الهاشمي شكا إلى صديقي الآخر فأخرجه إليه بحاله فجاءني به حين عرفه وقال أصدقني كيف خرج منك فعرفته الحكاية فتواجهنا وتواسيناه بيننا وعزلنا للمرأة مائة درهم ونمى الخبر إلى المأمون فوجه إلى كل منا ألف دينار وللمرأة ألفا وقد ذكر هذه الحكاية الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ( 207 )

    6 - عبد الرزاق بن همام العلامة الحافظ أبو بكر الصنعاني صاحب المصنفات روى عن معمر وابن جريج وطبقتهما ورحل الأئمة إليه إلى اليمن وله أوهام مغمورة في سعة علمه عاش بضعاً وثمانين سنة وتوفي في شوال قال ابن ناصر الدين وثقه غير واحد لكن نقموا عليه التشيع ( 211 )

    7 - أسد بن الفرات الفقيه أبو عبد الله المغربي صاحب مالك وصاحب المسائل الأسدية التي كتبها عن ابن القاسم ( 213 )

    8 - مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن مرعبل بن مطربل بن أرندل ابن سرندل بن غرندل بن ماسك بن المستورد الأسدي بالسكون ويقال بالتحريك كان يحيى بن معين إذا ذكر نسب مسدد قال هذه رقية عقرب قال ابن الأهدل في شرحه للبخاري نسب مسدد إذا أضيف إليه بسم الله الرحمن الرحيم كانت رقية من العقرب والخمسة الأول بصيغة المفعول والثلاثة الأخيرة أعجمية وكان مسدد أحد الحفاظ الثقات وهو ممن نفرد به البخاري دون مسلم ( 228 )

    9 - سعيد بن محمد الجرمي الكوفي روى عن شريك وحاتم بن إسماعيل وطائفة وكان صاحب حديث خرج له الشيخان وأبو داود وغيرهم قال في المغني سعيد بن محمد الجرمي عن حاتم بن إسماعيل وطائفة وكان صاحب حديث خرج ثقة إلا أنه شيعي ووثقه أبو داود وخلق ( 230 )

    10 - أبو بكر بن أبي شيبة وهو الإمام أحد الأعلام عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي صاحب التصانيف الكبار توفي في المحرم وله بضع وسبعون سنة سمع من شريك فمن بعده قال أبو زرعة ما رأيت أحفظ منه وقال أبو عبيد انتهى علم الحديث إلى أربعة أبي بكر بن أبي شيبة وهو أسردهم له وابن معين وهو أجمعهم له وابن المديني وهو أعلمهم به وأحمد بن حنبل وهو أفقهم فيه وقال صالح جزرة أحفظ من رأيت عند المذاكرة أبو بكر بن أبي شيبة وقال نفطويه لما قدم أبو بكر بن أبي شيبة بغداد في أيام المتوكل حزروا مجلسه بثلاثين ألفا قال ابن ناصر الدين كان ثقة عديم النظير وخرج له الشيخان ( 235 )

    11- هناد بن السري الحافظ الزاهد القدوة أبو السري الدارمي الكوفي صاحب كتاب الزهد روى عن شريك وإسماعيل بن عياش وطبقتهما فأكثر وجمع وصنف وروى عنه أصحاب الكتب الستة إلا البخاري ( 243 )

    12 - إسماعيل بن موسى الفزاري الكوفي الشيعي المحدث ابن بنت السدى روى عن مالك وطبقته وروى عن عمر بن شاكر عن أنس بن مالك وخرج له أبو داود والترمذي وغيرهما قال في المغني إسماعيل بن موسى الفزاري السدى يترفض وقال أبو داود يتشيع ( 245 )

    13 - ودحيم الحافظ الحجة أبو سعيد عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي قاضي فلسطين والأردن وله خمس وسبعون سنة سمع ابن عيينة والوليد بن مسلم وطبقتهما وروى عنه البخاري وغيره قال أبو داود لم يكن في زمانه مثله ( 245 )

    14 - الحسن بن الصباح الإمام أبو علي البزار سمع سفيان بن عيينة وأبا معاوية وطبقتهما وكان أحمد بن حنبل يرفع قدره وبجله ويحترمه وروى عنه البخاري وقال البخاري وقال أبو حاتم صدوق كانت له جلالة عجيبة ببغداد رحمه الله تعالىوالبزار بالراء آخره لعله منسوب إلى بيع البزر وكذلك محمد بن السكن البزار وبشر بن ثابت البزار وخلف بن هشام البزار المقرى وكل من في البخاري ومسلم سوى هؤلاء الأربعة فهو البزاز بزايين ( 249 )

    15 - وعبد بن حميد الحافظ أبو محمد الكشي صاحب المسند والتفسير واسمه عبد الحميد فخفف سمع يزيد بن هارون وابن أبي فديك وطبقتهما وكان ثقة ثبتا ( 249 )

    16 - بندار محمد بن بشار بن عثمان بن داود بن كيسان العبدي البصري أبو بكر الحافظ الثقة في رجب سمع معتمر بن سليمان وغندر وطبقتهما قال أبو داود كتبت عنه خمسين ألف حديث ( 252 )

    17 - أحمد بن المقدام أبو الأشعث البصري العجلي المحدث في صفر سمع حماد بن زيد وطائفة كثيرة قال في المغني ثقة ثبت وإنما ترك أبو داود الرواية عنه لمزاحه كان بالبصرة مجان يلقون صرة الدراهم ويرقبونها فإذا جاء من يرفعها صاحوا به وخجلوه فعلمهم أحمد أن يتخذوا صرة فيها زجاج فإذا أخذوا صرة الدراهم فصاح صاحبها وضعوا بدلها صرة الزجاج وقال النسائي ليس به بأس ( 253 )

    18 - الإمام الحبر أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن التميمي الدارمي السمرقندي الحافظ الثقة صاحب المسند المشهور رحل وطوف وسمع النضر بن شميل ويزيد بن هارون وطبقتهما قال أبو حاتم هو إمام أهل زمانه وقال محمد ابن عبد الله بن نمير غلبنا الدارمي بالحفظ والورع وقال رجاء بن مرجي : ما رأيت أعلم بالحديث منه ( 255 )

    19 - وفيها ليلة عيد الفطر الإمام حبر الإسلام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري مولى الجعفين صاحب الصحيح والتاصنيف ولد سنة أربع وتسعين ومائة وارتحل سنة عشر ومائتين فسمع مكي بن إبراهيم وأبا عاصم النبيل وأحمد بن حنبل وخلائق عدتهم ألف شيخ وكان من أوعية العلم يتوقد ذكاء ولم يخلف بعده مثله قاله في العبر
    وقال الحافظ عبد الغني في كتابه الكمال ما ملخصه محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن للغيرة بن بردزبة يكنى أبا عبد الله وبردزبة مجوسي مات عليها والمغيرة أسلم على يدي يمان البخاري وإلى بخارى ويمان هو أبو جد عبد الله بن محمد بن جعفر بن يمان وهذا هو الإمام أبو عبد الله الجعفي مولاهم البخارى صاحب الصحيح إمام هذا الشأن والمقتدى به فيه والمعول على كتابه بين أهل الإسلام رحل في طلب العلم إلى سائر محدثي الأمصار وكتب بخراسان والجبال ومدن العراق كلها وبالحجاز والشام ومصر
    قال ابن وضاح ومكى بن خلف : سمعنا محمد بن إسماعيل يقول كتبت عن الف نفر من العلماء وزيادة ولم أكتب إلا عمن قال الإيمان قول وعمل وعن أبي اسحق الريحاني أن البخاري كان يقول صنفت كتاب الصحيح بست عشرة سنة خرجته من ستمائة ألف حديث وجعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى وقال محمد ابن سليمان بن فارس سمعت أبا عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كأني واقف بين يديه وبيدي مروحة أذب عنه فسألت بعض المعيرين فقال أنك تذب عنه الكذب فهو الذي حملني على إخراج الصحيح وقال أبو حامد أحمد بن حمدون الأعمشى سمعت مسلم بن الحجاج يقول لمحمد بن إسماعيل البخاري لا يعيبك إلا حاسد واشهد أن ليس في الدنيا مثلك
    وقال أحمد بن حمدون الأعمشى رأيت محمد بن إسماعيل في جنازة أبي عثمان سعيد بن مروان
    ومحمد بن يحيى يسأله عن الأسامي والكنى وعلل الحديث ويمر فيه محمد بن إسماعيل مثل السهم كأنه يقرأ (قل هو الله أحد ) وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي يقول ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل البخاري وروى أبو اسحق المستملي عن محمد بن يوسف الفربري أنه كان يقول سمع كتاب الصحيح من محمد بن إسماعيل تسعون ألف رجل وما بقى أحد يروى عنه غيري وقال محمد بن إسماعيل ما أدخلت في كتابي الجامع الا ما صح وتركت من الصحاح لحال الطول وقال النسائي ما في هذه الكتب كلها أجود من كتاب محمد بن اسماعيل وقال بكر بن منير سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول أرجو أن ألقى الله عز وجل ولا يحاسبني أني اغتبت أحدا وقال عبدالقدوس بن عبد الجبار السمرقندي جاء محمد بن إسماعيل إلى خرتنك قرية من قرى سمرقند على فرسخين وكان له أقرباء فنزل عليهم قال فسمعته ليلة من الليالي وقد فرغ من صلاة الليل يدعو ويقول اللهم قد ضاقت على الأرض بما رحبت فاقبضني إليك قال فما تم الشهر حتى قبضه الله عز وجل وقبره بخرتنك ولد البخاري يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة وتوفي ليلة السبت عند صلاة العشاء ليلة الفطر ودفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر لغرة شوال سنة ست وخمسين ومائتين وعاش اثنين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يوما انتهى مالخصته من الكمال
    وقال ابن الأهدل بعد الإطناب في ذكره أجمع الناس على صحة كتابه حتى لو حلف حالف بطلاق زوجته ما في صحيح البخاري حديث مسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو صحيح عنه كما نقله ما حكم بطلاق زوجته نقل ذلك غير واحد من الفقهاءوقرروه
    ونقل الفربري عنه قال ما وضعت في كتابي الصحيح حديثا إلا وقد اغتسلت قبله وصليت ركعتين . ( 256 )


    20 - ومحمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس أبو عبد الله الذهلي النيسابوري أحد الأئمة الأعلام الثقات سمع عبد الرحمن وطبقته وأكثر الترحال وصنف التصانيف وكان الإمام أحمد يجله ويعظمه قال أبو حاتم كان إمام أهل زمانه وقال أبو بكر بن أبي داود هو أمير المؤمنين في الحديث روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وكان ثقة مأمونا وكان سبب الوحشة بينه وبين البخاري أنه لما دخل البخاري مدينة نيسابور شنع عليه محمدبن يحيى في مسألة خلق اللفظ وكان قد سمع منه فلم يمكنه ترك الرواية عنه وروى عنه في الصوم والطب والجنائز والعتق وغير ذلك مقدار ثلاثين موضعا ولم يصرح باسمه لا يقول حدثنا محمد بن يحيى الذهلي بل يقول حدثنا محمد ولا يزيد عليه أو يقول محمد ابن عبد الله فينسبه لجده وينسبه أيضاً لجد أبيه انتهى من ابن خلكان ( 258 )

    21 - أحمد بن عبد الله بن صالح أبو الحسن العجلي الكوفي نزيل طرابلس المغرب وصاحب التاريخ والجرح والتعديل وله ثمانون سنة نزح إلى المغرب أيام محنة القرآن وسكنها روى عن حسين الجعفي وشبابة وطبقتهما قال ابن ناصر الدين كان إماما حافظا قدوة من المتقنين وكان يعد كأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وكتابه في الجرح والتعديل يدل على سعة حفظه وقوة باعه الطويل ( 261 )

    22 - الإمام مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد بن كرشان القشيري النيسابوري صاحب الصحيح أحد الأئمة الحفاظ وأعلام المحدثين رحل إلى الحجاز والعراق والشام وسمع يحيى بن يحيى النيسابوري وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وعبد الله ابن مسلمة وغيرهم وقدم بغداد غير مرة فروى عنه أهلها وآخر قدومه إليها في سنة تسع وخمسين ومائتين وروى عنه الترمذي وكان من الثقات المأمونين قال محمد الماسرجسي سمعت مسلم بن الحجاج يقول صنفت هذا المسند الصحيح من ثلثمائة ألف حديث مسموعة وقال الحافظ أبو علي النيسابوري ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم في علم الحديث وقال الخطيب البغدادي كان مسلم يناضل عن البخاري حتى أوحش ما بينه وبين محمد بن يحيى الذهلي بسببه وقال أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ لما استوطن البخاري نيسابور أكثر مسلم من الاختلاف اليه فلما وقع بين محمد بن يحيى والبخاري وما وقع في مسئلة اللفظ فنادى عليه ومنع الناس من الاختلاف إليه حتى هجر وخرج من نيسابور في تلك المحنة وقطعه أكثر الناس غير مسلم فإنه لم يتخلف عن زياراته فأنهى إلى محمد بن يحيى أن مسلم بن الحجاج على مذهبه قديما وحديثا وأنه عوتب على ذلك بالحجاز والعراق ولم يرجع عنه فلما كان مجلس محمد بن يحيى قال في آخر مجلسه إلا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا فأخذ مسلم الرداء فوق عمامته وقام على رؤوس الناس وخرج عن مجلسه وجمع كل ما كتب منه وبعث به على ظهر حمال إلى باب محمد بن يحيى فاستحكمت بذلك الوحشة وتخلف عنه وعن زيارته ( 261 )

    23 - عمر بن شبة أبو زيد النميري البصري الحافظ العلامة الأخباري الثقة صاحب التصانيف حدث عن عبد الوهاب الثقفي وغندر وطبقتهما وكان ثقة وشبة لقب أبيه واسمه زيد لقب بذلك لأن أمه كانت ترقصه وتقول
    يا رب ابني شبا @ وعاش حتى دبا @ شيخاً كبيراً خباً
    كذا رواه محمد بن إسحاق السراج عن عمر بن شبة ( 262 )

    24 - يعقوب بن شيبة السدوسي البصري الحافظ أحد الأعلام وصاحب المسند المعلل الذي ما صنف أحد أكثر منه ولم يتمه وكان سربا محتشما عين لقضاء القضاة ولحقه على ما خرج من المسند نحو عشرة آلاف مثقال وكان صدوقاً ( 262 )

    25 - أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم القرشي مولاهم الرازي الحافظ أحد الأئمة الأعلام في آخر يوم من السنة رحل وسمع من أبي نعيم والقعنبي وطبقتهما قال أبو حاتم لم يخلف بعده مثله علما وفقها وصيانة وصدقا وهذا مالا يرتاب فيه ولا أعلم في المشرق والمغرب من كان يفهم هذا الشأن مثله وقال اسحق بن راهويه كل حديث لا يحفظه أبو زرعة ليس له أصل وقال محمد بن مسلم حضرت أنا وأبو حاتم عند أبي زرعة والثلاثة رازيون فوجدناه في النزع فقلت لأبي حاتم إني لأستحي من أبي زرعة أن ألقنه الشهادة ولكن تعال حتى نتذاكر الحديث لعله إذا سمعه يقول فبدأت فقلت حدثني محمد بن بشار أنبأنا أبو عاصم النبيل أنا عبد الحميد بن جعفر فأرتج على الحديث كأني ما سمعته ولا قرأته فبدأ أبو حاتم فقال حدثنا محمد بن بشار أنا أبو عاصم النبيل أنا عبد الحميد بن جعفرفأرتج عليه كأنه ما سمعه ، فبدأ أبو زرعة فقال حدثنا محمد بن بشار أنا أبو عاصم النبيل أنا عبد الحميد بن جعفر عن صالح بن أبي عريب عن كثير بن مرة عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله ) فخرجت روحه مع الهاء قبل أن يقول دخل الجنة وقال محمد أبو العباس المرداوي رأيت أبا زرعة في المنام فقلت ما فعل الله بك فقال لقيت ربي عز وجل فقال يا أبا زرعة إني أوتي بالطفل فآمر به إلى الجنة فكيف بمن حفظ السنن على عبادي فأقول له تبوأ من الجنة حيث شئت قال ورأيته مرة أخرى يصلي بالملائكة في السماء الرابعة فقلت يا أبا زرعة بم نلت أن تصلى بالملائكة قال برفع اليدين ( 264 )

    26 - حنبل بن إسحاق الحافظ أبو علي ابن عم الإمام أحمد وتلميذه في جمادى الأولى سمع أبا نعيم الفضل بن دكين وأبا غسان مالك بن إسماعيل النهدي وعفان بن مسلم وسعيد بن سليمان وعارم بن الفضل وسليمان بن حرب وإمامنا أحمد في آخرين وحدث عنه ابنه عبيد الله أو عبد الله وعبد الله البغوي ويحيى بن صاعد وأبو بكر الخلال وغيرهم وذكره ابن ثابت فقال كان ثقة ثبتا وقال الدارقطني كان صدوقا وكان حنبل رجلا فقيرا خرج إلى عكبرا فقرأ مسائله عليهم وخرج إلى واسط أيضا وقال حنبل جمعنا عمي يعني الإمام أحمد أنا وصالح وعبد الله يعني أبناء أحمد وقرأ علينا المسند وما سمعه منه يعني تاما غيرنا وقال لنا إن هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من تسعمائة وخمسين ألفا فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فارجعوا إليه فإن وجدتموه فيه وإلا فليس بحجة ومات حنبل بواسط في جمادى الأولى ( 273 )

    27 - الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه الكبير الشأن القزويني صاحب السنن والتفسير والتاريخ سمع أبا بكر بن أبي شيبة ويزيد ابن عبد الله اليمامي وهذه الطبقة قاله في العبر وقال ابن ناصر الدين محمد ابن يزيد بن ماجه أبو عبد الله الربعي مولاهم القزويني أحد الأئمة الإعلام وصاحب السنن أحد كتب الإسلام حافظ ثقة كبير صنف السنن والتاريخ والتفسير لم يحتو كتابه السنن على ثلاثين حديثا في إسنادها ضعف انتهى وقال ابن خلكان كان إماما في الحديث عارفا بعلومه وجميع ما يتعلق به ارتحل إلى العراق والبصرة والكوفة وبغداد ومكة والشام ومصر والري لكتب الحديث وله تفسير القرآن العظيم وتاريخ مليح وكتابه في الحديث أحد الصحاح الستة وكانت ولادته سنة تسع ومائتين وتوفي يوم الإثنين ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من شهر رمضان وصلى عليه أخوه أبو بكر وتولى دفنه أخواه أبو بكر وأبو عبد الله ( 273 )

    28 - الإمام أبو داود السجستاني سليمان بن الأشعث بن إسحق بن بشير الأزدي صاحب السنن والتصانيف المشهورة في شوال بالبصرة وله بضع وسبعون سنة سمع مسلم بن إبراهيم والقعنبي وطبقتهما وطوف الشام والعراق ومصر والحجاز والجزيرة وخراسان وكان رأسا في الحديث رأسا في الفقه ذا جلالة وحرمة وصلاح وورع حتى أنه كان يشبه بشيخه أحمد بن حنبل قاله في العبر
    وقال ابن خلكان أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحق بن بشير بن شداد بن عمرو بن عمران الأزدي السجستاني أحد حفاظ الحديث وعلمه وعلله وكان في الدرجة العالية من النسك والصلاح طوف البلاد وكتب عن العراقين والخراسانيين والشاميين والمصريين والحرميين وجمع كتاب السنن قديما وعرضه على الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه فاستحسنه واستجاده وعده الشيخ أبو إسحق الشيرازي في طبقات الفقهاء من جملة أصحاب الإمام أحمد بن حنبل وقال إبراهيم الحربي لما صنف أبو داود كتاب السنن الين لأبي داود الحديث كما الين لداود الحديد وكان يقول كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة ألف حديث انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب يعني السنن جمعت فيه أربعة آلاف وثمانمائة حديث ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه ويكفى الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث أحدها قوله صلى الله عليه وسلم ( إنما الإعمال بالنيات ) والثاني قوله ( من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه ) والثالث قوله (لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يرضى لأخيه ما يرضاه لنفسه ) والرابع قوله (الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهات) الحديث بكماله وجاءه سهل بن عبد الله التستري رحمه الله تعالى فقال له يا أبا داود لي إليك حاجة قال وما هي قال حتى تقول قضيتها مع الإمكان
    قال قد قضيتها مع الإمكان قال اخرج لسانك الذي حدثت به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبله قال فأخرج لسانه فقبله وكانت ولادته في سنة اثنتين ومائتين وقدم بغداد مرارا ثم نزل إلى البصرة وسكنها وتوفي بها يوم الجمعة منتصف شوال سنة خمس وسبعين ومائتين رحمه الله تعالى ( 275 )

    29 - حافظ المشرق أبو حاتم الرازي محمد بن إدريس الحنظلي في شعبان وهو في عشر التسعين وكان بارع الحفظ واسع الرحلة من أوعية العلم سمع محمد بن عبد الله الأنصاري وأبا مسهر وخلقا لا يحصون وكان ثقة جاريا في مضمار البخاري وأبى زرعة الرازي وكان يقول مشيت على قدمي في طلب الحديث أكثر من ألف فرسخ وقال ابن ناصر الدين محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران الحنظلي أبو حاتم الرازي كان في مضمار البخاري وأبى زرعة جاريا وبمعاني الحديث عالما وفي الحفظ غالبا واثني عليه خلق من المحدثين وتوفي وهو في عشر التسعين ( 277 )

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: فوائد وعبر من السير

    4 - الفوائد التفسيرية والقرآنية

    1- قاريء أهل البصرة يعقوب بن أسحاق الحضرمي مولاهم المقرئ النحوي أحد الأعلام قرأ على أبي المنذر سلام الطويل وسمع من شعبة وأقرانه تصدر للإقراء والتحديث وحمل عنه خلق كثير وله في القراءة رواية مشهورة ثامنة على قراءة السبعة رواها عنه روح بن عبد المؤمن وغيره واقتدى به البصريون وأكثرهم على مذهبه بعد أبى عمرو بن العلاء وقد حافظ البغوي في تفسيره على رواية قراءته وقراءة أبي جعفر يزيد بن القعقاع وذكر سندهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو حاتم السجستاني كان يعقوب الحضرمي أعلم من أدركنا في الحروف والاختلاف في القرآن العظيم وتعليله ومذاهبه ومذاهب النحويين فيه وكتابه الجامع جمع فيه بين عامة الاختلاف ووجوه القراءات ونسب كل حرف إلى من قرأ به ( 205 )

    2 - أبو عبد الرحمن المقرئ عبد الله بن يزيد شيخ مكة وقارئها ومحدثها روى عن ابن عون والكبار ومات في عشر المائة وقرأ القرآن سبعين سنة ( 213 )

    3 - وقالون القارئ قارئ أهل المدينة صاحب نافع وهو أبو موسى عيسى بن ميناء الزهري مولاهم المدني قال الذهبي في المغني حجة في القراءة لا في الحديث سئل عنه أحمد بن صالح فضحك وقال يكتبون عن كل أحد ( 220 )

    4 - الإمام أبو محمد خلف بن هشام البزار شيخ القراء والمحدثين ببغداد سمع من مالك بن أنس وطبقته وله اختيار خالف فيه حمزة في أماكن وكان عابدا صالحا كثير العلم صاحب سنة رحمه الله تعالى ( 229 )

    5 - وفيها أوفى التي قبلها وجزم به ابن ناصر الدين السمين محمد بن حاتم بن ميمون المروزي ثم البغدادي القطيعي أبو عبد الله وله كتاب تفسير القرآن وكان إماما حافظا من الموثقين وثقة ابن عدي والدارقطني ولينه يحيى بن معين وخرج له مسلم وأبو داود ( 236 )

    6 - أبو يعقوب الأزرق صاحب ورش وكان مقرئ ديار مصر في زمانه واسمه يوسف بن عمرو بن يسار
    قال في حسن المحاضرة أبو يعقوب الأزرق يوسف بن عمرو بن يسار المدني ثم المصري لزم ورشا مدة طويلة وأتقن عنه الأداء وخلفه في الإقراء بالديار المصرية وانفرد عنه بتغليظ اللامات وترقيق الراءات قال أبو الفضل الخزاعي أدركت أهل مصر والمغرب على أبي يعقوب عن ورش لا يعرفون غيرها ( 240 )

    7 - الإمام أبو عمرو عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان المقرئ إمام جامع دمشق قرأ على أيوب بن تميم وسمع من الوليد بن مسلم وطائفة قال أبو زرعة الدمشقي ما في الوقت اقرأ من ابن ذكوان وقال أبو حاتم صدوق قال في العبر قلت عاش سبعين سنة ( 242 )

    8 - أبو عمر الدوري شيخ المقرئين في عصره وله ست وتسعون سنة وهو حفص بن عمر بن عبد العزيز بن صهبان المقرئ قرأ على الكسائي وإسماعيل بن جعفر ويحيى اليزيدي وحدث عن طائفة وصنف في القراءات وكان صدوقا قرأ عليه خلق كثير قال أدركت حياة نافع ولو كان عندي شيء لرحلت إليه ( 246 )

    9 - قال الذهبي في المغني أحمد بن محمد ابن عبد الله البزي مقرئ ء مكة ثقة في القراءة وأما في الحديث فقال أبو جعفرالعقيلي منكر الحديث يوصل الأحاديث ثم ساق له حديثا متنه الديك الأبيض الأفرق حبيب وحبيب حبيبي وقال أبو حاتم ضعيف الحديث سمعت منه ولا أحدث عنه وقال ابن أبي حاتم روى حديثا منكرا انتهى ما أورده الذهبي في المغني ( 250 )

    10 - الإمام بقى بن مخلد أبو عبد الرحمن الأندلسي الحافظ أحد الأئمة الأعلام في جمادى الآخرة وله خمس وسبعون سنة سمع يحيى بن يحيى الليثي ويحيى بن بكير وأحمد بن حنبل وطبقتهم وصنف التفسير الكبير والمسند الكبير قال ابن حزم أقطع أنه لم يؤلف في الإسلام مثل تفسيره وكان فقيها علامة مجتهدا قواما ثبتا عديم المثل ( 276 )

    11 - وقنبل قارى ء أهل مكة وهو أبو عمرو محمد بن عبد الرحمن المخزومي مولاهم المكي وله ست وتسعون سنة شاخ وهرم وقطع الإقراء قبل موته بسبع سنين قرأ على أبي الحسن القواس ورحل إليه القراء وجاوروا وحملوا عنه ( 292 )

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي فوائد وعبر من السير ( 201 - 300)

    5 - الفوائد اللغوية والنحوية
    1 - قطرب النحوي صاحب سيبويه وهو الذي سماه قطرباً لأنه كان يبكر في المجيء إليه فقال ما أنت إلا قطرب ليل وهي دويبة لا تزال تدب ولا تهتدي فغلب عليه وكنية قطرب أبو على واسمه محمد بن المستنير البصري اللغوي كان من أئمة عصره صنف معاني القرآن وكتاب الاشتقاق - وكتاب القوافي - وكتاب النوادر- وكتاب الأزمنة وكتاب الأصول وكتاب الصفات وكتاب العلل في النحو وكتاب الأضداد وكتاب خلق الإنسان وكتاب خلق الفرس وكتاب غريب الحديث وكتاب الهمز وكتاب فعل وأفعل وكتاب الرد على الملحدين في متشابه القرآن وغير ذلك وهو أول من وضع المثلث في اللغة وتبعه البطليوسي والخطيب وكان يعلم أولاد أبي دلف العجلي ( 206 )

    2 - الفراء يحيى بن زياد الكوفي النحوي نزل بغداد وحدث في مصنفاته عن قيس بن الربيع وأبي الأحوص وهو أجل أصحاب الكسائي كان رأسا في النحو واللغة قال ابن الأهدل في تاريخه الإمام البارع يحيى بن زياد الفراء كوفي أجل أصحاب الكسائي هو والأحمر قيل لولاه لما كانت عربيه لأنه هذبها وضبطها وقال ثمامة بن أشرس المعتزلي ذاكرت الفراء فوجدته في النحو نسيج وحده وفي اللغة بحراً وفي الفقه عارفاً باختلاف القوم وفي الطب خبيراً وبأيام العرب وأشعارها حاذقاً ولحن يوما بحضرة الرشيد فرد عليه فقال يا أمير المؤمنين إن طباع الأعراب والحضر اللحن فإذا تحفظت لم ألحن وإذا رجعت إلى الطبع لحنت صنف الفراء للمأمون كتاب الحدود في النحو وكتاب المعاني واجتمع لإملائه خلق كثير منهم ثمانون قاضيا وعمل كتابا على جميع القرآن في نحو ألف ورقة لم يعمل مثله وكل تصنيفه حفظا لم يأخذه بيده نسخة إلا كتاب ملازم وكتاب نافع وعجب له تعظيم الكسائي وهو أعلم بالنحو منه قال الفراء أموت وفي نفسي من حتى شيء لأنها تجلب الحركات الثلاثة ولم يعمل الفراء ولا باعها وإنما كان يفري الكلام وقطعت يد والده في مقتلة الحسين بن علي رضي الله عنه وكان يؤدب ابني المأمون فطلب نعليه يوما فابتدر إليهما يسبق إلى تقديمهما له فقال له المأمون ما أعز من يتبادر إلى تقديم نعليه وليا عهد المسلمين فقال ما كنت أدفعهما عن مكرمة سبقا إليها وشريفة حرصاً عليها وقد أمسك ابن عباس بركابي الحسن والحسين وقد خرجا من عنده فقال المأمون لو منعتهما لأوجعتك لوماً فلا يحسن ترفع الرجل عن ثلاثة والده وسلطانه ومعلمه وأعطاهما عشرين ألف دينار وأعطاه عشرة آلاف وروى أن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة سأل الفراء وهو ابن خالته عمن سها في سجود السهو فقال لا شيء عليه لأن المصغر لا يصغر وروى مثلك عن الكسائي ( 207 )

    3 - وفيها أو في التي قبلها كما جزم به ابن الجوزي وابن ناصر الدين أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي البصري اللغوي العلامة الأخباري صاحب التصانيف روى عن هشام بن عروة وأبي عمرو بن العلاء وكان أحد أوعية العلم قال ابن ناصر الدين حكى عنه البخاري في تفسير القرآن لبعض لغاته وكان حافظا لعلوم إماما في مصنفاته قال الدارقطني لا بأس به إلا أنه يتهم بشيء من رأي الخوارج . وقال ابن الأهدل وفي سنة تسع ومائتين توفي معمر بن المثنى التيمي تيم قريش مولاهم كان مع استجماعه لعلوم جمة مقدوحا فيه بأنه يرى رأي الخوارج ويدخله في نسبه وغير ذلك وكانت تصانيفه نحو مائتي مصنف قرأ عليه الرشيد شيئا منها . قال أبو نواس الأصمعي بلبل في قفص وأبو عبيدة أديم طوي على علم وخلف الأحمر جمع علوم الناس وفهمها وإنما قال ذلك لأن الأصمعي كان حسن العبارة وكان معمر سيء العبارة وحضر أبو عبيدة ضيافة لموسى بن عبد الرحمن الهلالي فوقع على ثوبه المرق فأقبل موسى يعتذر إليه فقال لا عليك فإن مرقكم لا يؤذي أي ما فيه دسم وله كتاب المجاز وسبب تصنيفه أنه سئل عن قوله تعالى ( طلعها كأنه رؤوس الشياطين ) قيل له أن الوعد والإيعاد لا يكون إلا بما عرف وهذا لم يعرف فقال خوطب العرب بقدر كلامهم كقول امرئ القيس
    أتقتلني والمشرفي مضاجعي @@@ ومسنونةٌ زرق كأنياب أغوال
    والغول لم يروها قط ولكنها مما يهولهم وله مع الأصمعي مناظرات وممن أخذ عنه أبو عبيد القاسم بن سلام ( 210 )

    4 - المروذي المؤدب ببغداد ونسبته بفتح الميم وضم الراء مع سكون الواو ويليها ذال مكسورة معجمة بعدها ياء النسبة نسبة إلى مرو الروذ من أشهر مدن خراسان ( 214 )

    5 - العلامة أبو زيد الأنصار ي سعيد بن أوس البصري اللغوي وله ثلاث وتسعون سنة روى عن سليمان التيمي وحميد الطويل والكبار وصنف التصانيف قال بعض العلماء كان الاصمعي يحفظ ثلث اللغة وكان أبو زيد يحفظ ثلثي اللغة وكان صدوقا صالحا وغلبت عليها النوادر كالأصمعي مع أن الأصمعي كان يقبل رأسه ويقول أنت سيدنا منذ خمسين سنة وكان سفيان الثوري يقول الأصمعي أحفظ الناس وأبو عبيدة أجمعهم وأبو زيد أوثقهم ( 215 )

    6 - الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة إمام العربية المجاشعي البصري كان يقول ما وضع سيبويه في كتابه شيئا إلا وعرضه علي وكان يرى أنه أعلم به مني وأنا اليوم أعلم به منه وزاد في العروض بحراً على الخليل وكان أجلع وهو الذي لا تنضم شفتاه على أسنانه والخفش صغر العينين مع سوء بصرهما ومصنفاته بضعة عشر مصنفا
    وأما الأخفش الأكبر فهو عبد الحميد بن عبد الحميد أخذ عنه أبو عبيدة وسيبويه وهو مجهول الوفاة
    وأما الأخفش الصغير فهو علي بن سليمان البغدادي النحوي قاله ابن الأهدل ( 215 )

    7 - وقال أحمد أبو عبيد أستاذ ( 224 )


    8 - يعقوب بن السكيت النحوي أبو يوسف البغدادي صاحب كتاب إصلاح المنطق وتفسير دواوين الشعراء وغير ذلك سبق أقرانه في الأدب مع حظ وافر في السنن والدين وكان قد ألزمه المتوكل تأديب ابنه المعتز فلما جلس عنده قال له يا بني بأي شيء يحب الأمير أن يبتدئ من العلوم قال بالانصراف قال ابن السكيت فأقوم قال المعتز أنا أخف نهوضا منك فقام المعتز مسرعا فعثر بسراويله فسقط فالتفت خجلا فقال ابن السكيت
    يصاب الفتى من عثرة بلسانه @@@ وليس يصاب المرء من عثرة الرجل
    فعثرته بالقول تذهب رأسه @@@ وعثرته بالرجل تبري على مهل
    فلما كان من الغد دخل على المتوكل فقال له قد بلغني البيتان وأمر له بخمسين ألف درهم وقال أحمد بن محمد بن شداد شكوت إلى ابن السكيت ضائقة فقال هل قلت شيئا قلت لا قال فأقول أنا ثم أنشد
    نفسي تروم أمورا لست أدركها @@@ ما دمت أحذر ما يأتي به القدر
    ليس ارتحالك في كسب الغنى سفرا @@@ لكن مقامك ف ضر هو السفر
    وكان ابن السكيت يوما عند المتوكل فدخل عليه ابناه المعتز والمؤيد فقال له يا يعقوب أيما أحب إليك ابناي هذان أم الحسن والحسين فغض من ابنيه وذكر محاسن الحسن والحسين فأمر المتوكل الأتراك فداسوا بطنه وحمل إلى داره فمات من الغد وروى أنه قال له والله إن قنبراً خادم علي خير منك ومن ابنيك فأمر بسل لسانه من قفاه رحمه الله ورضي عنه ويقال أنه حمل ديته إلى أولاده
    ( 244 )

    9 - أبو عثمان المازني النحوي صاحب التصانيف واسمه بكر بن محمد قال تلميذه المبرد لم يكن بعد سيبويه أعلم من أبي عثمان المازني بالنحو قال ابن خلكان كان في غاية الورع ومما رواه المبرد أن بعض أهل الذمة قصده ليقرأ عليه كتاب سيبويه وبذل له مائة دينار في تدريسه إياه فامتنع أبو عثمان من ذلك قال فقلت له جعلت فداك أترد هذه المنفعة مع فاقتك وشدة إضاقتك فقال إن هذا الكتاب يشتمل على ثلاثمائة وكذا وكذا آية من كتاب الله عز وجل ولست أرى أن أمكن منها ذميا غيره على كتاب الله عز وجل وخشية له
    قال فاتفق إن غنت جارية بحضرة الواثق بقول العرجي
    أظلوم إن مصابكم رجلاً @@@ أهدى السلامَ تحيةً ظُلمُ
    فاختلف من بالحضرة في أعراب رجلا فمنهم من نصبه وجعله اسم إن ومنهم من رفعه على أنه خبرها والجارية مصرة على أن شيخها أبا عثمان المازني لقنها إياه بالنصب فأمر الواثق بإشخاصه قال أبو عثمان فلما مثلت بين يديه قال ممن الرجل قلت من بني مازن قال أي الموازن أمازن تميم أم مازن قيس أم مازن ربيعة فقلت من مازن ربيعة فكلمني بكلام قومي وقال باسمك لأنهم يقلبون الميم باء والباء ميما فكرهت أن أجيبه على لغة قومي لئلا أواجهه بالمكر فقلت بكر يا أمير المؤمنين ففطن لما قصدته وأعجب به ثم قال ما تقول في قول الشاعر
    أظلوم إن مصابكم رجلا * البيت أترفع رجلا أم تنصبه فقلت بل الوجه النصب يا أمير المؤمنين فقال ولما ذاك فقلت هو بمنزلة قولك إن ضربك زيدا ظلم فالرجل مفعول مصابكم وهو منصوب به والدليل عليه أن الكلام معلق إلى أن يقول ظلم فاستحسنه الواثق وقال هل لك من ولد قلت نعم يا أمير المؤمنين بنية قال ما قالت لك عند مسيرك قلت أنشدت قول الأعشى
    أيا أبتا لا ترم عندنا @@@ فأنا بخير إذا لم ترم
    أرانا إذا أضمرتك البلاد @@@ نُجفى وتقطع منا الرحم
    قال فما قلت لها قال قلت قول جرير
    ثقي بالله ليس له شريك @@@ ومن عند الخليفة بالنجاحِ
    قال علي النجاح إن شاء الله تعالى ثم أمر لي بألف دينار وردني مكرما قال المبرد فلما عاد إلى البصرة قال لي كيف رأيت يا أبا العباس رددنا لله مائة فعوضنا ألفا ( 247 )

    10 - الحسين بن علي الكرابيسي الفقيه المتكلم أبو علي ببغداد وقيل مات في سنة خمس وأربعين تفقه على الشافعي وسمع من اسحق الأزرق وجماعة وصنف التصانيف وكان متضلعا من الفقه والحديث والأصول ومعرفة الرجال ( والكرابيس الثياب الغلاظ ) ( 248 )

    11 - الربيع بن سليمان الجيزي صاحب الشافعي أبو محمد وهوقليل الرواية عن الشافعي وكان ثقة روى عنه أبو داود والنسائي وتوفي بالجيزة ( 270 )

    12 - كيلجة واسمه محمد بن صالح بن عبد الرحمن أبو بكر الأنماطي ثقة ماجد قاله ابن ناصر الدين ( 271 )

    12 - الإمام أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري وقيل المروزي الإمام النحوي اللغوي صاحب كتاب المعارف وأدب الكاتب وغريب القرآن ومشكل الحديث وطبقات الشعراء وإعراب القرآن وكتاب الميسر والقداح وغيرها وكان فاضلا ثقة سكن بغداد وحدث بها عن ابن راهويه وطبقته روى عنه ابنه أحمد وابن درستويه وكان موته فجاءة قيل إنه أكل هريسة فأصابته حرارة فصاح صيحة شديدة ثم أغمى عليه ثم أفاق فما يزال يتشهد حتى مات قاله ابن الأهدل وقال ابن خلكان كان فاضلا ثقة سكن بغداد وحدث بها عن إسحق بن راهويه وأبى إسحق إبراهيم بن سفيان بن سليمان بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن زياد وأبى حاتم السجستاني وتلك الطبقة وتصانيفه كلها مفيدة منها غريب القرآن وغريب الحديث وعيون الأخبار ومشكل القرآن ومشكل الحديث وطبقات الشعراء والأشربة وإصلاح الغلط وغير ذلك وأقرأ كتبه ببغداد إلى حين وفاته وقيل إن أباه مروزي وأما هو فمولده ببغداد وقيل بالكوفة وأقام بالدينور قاضيا مدة فنسب إليها وكانت ولادته سنة ثلاث عشرة ومائتين وكانت وفاته فجاءة صاح صيحة سمعت من بعد ثم أغمى عليه إلى وقت الظهر ثم اضطرب ساعة ثم هدأ فما يزال يتشهد إلى وقت السحر ثم مات رحمه الله تعالى ( 276 )

    13 - أبو العباس المبرد محمد بن يزيد الأزدي البصري إمام أهل النحو في زمانه وصاحب المصنفات أخذ عن أبي عثمان المازني وأبي حاتم السجستاني وتصدر للاشتغال ببغداد وكان وسيما مليح الصورة فصيخا مفوها أخباريا علامة ثقة توفي في آخر السنة قاله في العبر وقال ابن خلكان كان إماما في النحو واللغة وله التآليف النافعة في الأدب منها كتاب الكامل ومنها الروضة والمقتضب وغير ذلك أخذ الأدب عن أبي عثمان المازني وأبي حاتم السجستاني وأخذ عنه نفطويه وغيره من الأئمة وكان المبرد المذكور وأبو العباس أحمد بن يحيى الملقب بثعلب صاحب كتاب الفصيح عالمين متعاصرين قد ختم بهما تاريخ الأدباء وفيهما يقول بعض أهل عصرهما من جملة أبيات وهو أبو بكر بن الأزهر
    أيا طالب العلم لا تجهلن @@@ وعذ بالمبرد أو ثعلب
    تجد عند هذين علم الورى @@@ فلا تك كالجمل الأجرب
    علوم الخلائق مقرونة @@@ بهذين في الشرق والمغرب ( 285 )

    14 - قال ابن حمدون كنت مع المعتضد يوما وقد انفرد من العسكر العسكر وتوسطنا الصحراء إذ خرج علينا أسد وقرب منا وقصدنا فقال لي يا ابن حمدون[ فيك خير] قلت لا والله يا سيدي قال ولا تلزم لي فرسي قلت بلى فنزل عن فرسه ولزمتها وتقدم إلى الأسد وأنا أنظره وجذب سيفه فوثب الأسد عليه ليلطمه فتلقاه بضربة وقعت في جبهته فقسمها نصفين ثم وثب الأسد ثانية وثبة ضعيفة فتلقاه بضربة أخرى وقعت أبان بها يده ثم وثب المعتضد عليه فركبه ورمى السيف من يده وأخرج سكينا كانت في وسطه فذبحه من قفاه ثم قام وهو يمسح السكين والسيف بشعر الأسد وعاد ركب فرسه وقال إياك أن تخبر بهذا أحدا فإنما قتلت كلبا قال بابن حمدون فما حدثت بهذا إلا بعد موت المعتضد ( 289 )

    15 - والمروزي نسبة إلى مرو زوادوا عليها الزاي شذوذا وهي إحدى مدن خراسان الكبار فإنها أربعة نيسابور وهراة وبلخ ومرو وهي أعظمها وأما مرو الروذ فأنها تستعمل مقيدة والروذ براء مهملة مضمومة وذال معجمة هو النهر بلغة فارس والنسبة إلى الأولى مروزي وإلى الثانية مروروذى بثلاث راءات وقد يخفف فيقال مروذي وبين المدينتين ثلاثة أيام ( 294)

    16 - وترمذ مدينة على طريق نهر جيحون وفيها ثلاثة أقوال الأول فتح التاء وكسر الميم وهو المتداول بين أهلها والثاني كسرهما والثالث ضمهما قال وهو الذي يقول أهل المعرفة ( 295 )

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي فوائد وعبر من السير ( 201 - 300)

    6- الفوائد الشعرية والأدبية والأمثال

    1- قال الشافعي / ماحك جلدك مثل ظفرك @@@ فتول أنت جميع أمرك
    وإذا بليت بحاجة@@@ فاقصد لمعترف بقدرك ( 204 )

    2 - وأبو العتاهية إسماعيل بن القاسم العنزي الكوفي الشاعر المشهور مولى عنزة مولده بعين التمر بليدة بالحجاز قرب المدينة وأكثر الناس ينسبونه إلى القول بمذهب الفلاسفة وكان يقول بالوعيد وتحريم المكاسب ويتشيع على مذهب الزيدية وكان محيراً وهو من مقدمي المولدين ومن طبقة بشار بن برد وأبي نواس
    ومن رائق شعره قوله في عتبة جارية الخيزران وكان يهواها ويشبب بها وهو
    بالله يا حلوة العينين زوريني @@@ قبل الممات وإلا فاستزيريني
    هذان أمران فاختاري أحبهما @@@ إليك أو لا فداعي الموت يدعوني
    إن شئتِ موتاً فأنت الدهر مالكةُ @@@ روحي إن شئتِ أن أحيا فأحييني
    يا عُتبَ ما أنتِ إلا بدعةً خُلقت @@@ من غير طين وخَلقُ الناسِ من طين
    إني لأعجبُ من حبٍّ يقربني @@@ ممن يباعدني منه ويقصيني
    أما الكثيرُ فلا أرجوه منكِ ولو @@@ أطعمتني في قليل كان يكفيني
    قال الشريف العباسي في شرح الشواهد كان أبو العتاهية في أول أمره يتخنث ويحمل زاملة المخنثين ثم كان يبيع الفخار ثم قال الشعر فبرع فيه وتقدم ويقال أطبع الناس بالشعر بشار والسيد الحميري وأبو العتاهية وحدث خليل بن أسد النوشجاني قال أتانا أبو العتاهية إلى منزلنا فقال زعم الناس أني زنديق والله ما ديني إلا التوحيد فقلنا فقل شيئا نتحدث به عنك فقال
    ألا إننا كلنا بائدُ @@@ وأي بني آدمَ خالدُ
    وبدؤهم كان من ربهم @@@ وكلُّ إلى ربه عائدُ
    فيا عجباً كيف يعصي الإله @@@ أم كيف يجحده الجاحد
    وفي كلِ شيءٍ له شاهدٌ @@@ يدل على أنه واحد
    وكان من أبخل الناس مع يساره وكثرة ما جمع من الأموال وأبو العتاهية لقب غلب عليه لأنه كان يحب الشهوة والمجون فكنى بذلك لعتوه ( 211 )

    3 - قال أبو دلف قاسم بن عيسى العجلي صاحب الكرخ
    ولو كنا إذا متنا تركنا @@@ لكان الموت راحة كل حي
    ولكنا إذا متنا بعثنا @@@ ونسأل بعده عن كل شيء ( 225 )

    4 - وقال أبو الفتح بن الأثير في كتاب المثل السائر يصف أبا تمام والبحتري والمتنبي وهؤلاء الثلاثة هم لات الشعر وعزاه ومناته الذين ظهرت على أيديهم حسناته ومستحسناته وقد حوت أشعارهم غرابة المحدثين وفصاحة القدماء وجمعت بين الأمثال السائرة وكلمة الحكماء أما أبو تمام فرب معان وصيقل ألباب وأذهان وقد شهد له بكل معنى مبتكر لم يمش فيه على أثر فهو غير مدافع عن مقام الإغراب الذي يبرز فيه على الأضراب ولقد مارست من الشعر كل أول وأخير ولم أقل ما أقول فيه إلا عن تنقيب وتنقير فمن حفظ شعر الرجل وكشف عن غامضه وراض فكره برائضه أطاعته أعنة الكلام وكان قوله في البلاغة ما قالت حزام فخذ مني في ذلك قول حكيم وتعلم ففوق كل ذي علم عليم
    وأما البحتري فإنه أحسن في سبك اللفظ على المعنى وأراد أن يشعر فغنى ولقد حاز طرفي الرقة والجزالة على الاطلاق فبينا يكون في شظف نجد حتى يتشبب بريف العراق وسئل أبو الطيب عنه وعن أبي تمام وعن نفسه فقال أنا وأبو تمام حكيمان والشاعر البحتري قال ولعمري لقد أنصف في حكمه وأعرب بقوله هذا عن متانة علمه فإن أبا عبادة أتى في شعره بالمعنى المقدود من الصخرة الصماء في اللفظ المصوغ من سلاسة الماء فأدرك بذلك بعد المرام مع قربه من الإفهام وما أقول إلا أنه أتى في معانيه بأخلاط الغالية ورقى في ديباجة لفظه إلى الدرجة العالية وأما أبو الطيب المتنبي فأراد أن يسلك مسلك أبي تمام فقصرت عنه خطاه ولم يعطه الشعر ما أعطاه لكنه حظى في شعره بالحكم والأمثال واختص بالإبداع في وصف مواقف القتال قال وأنا أقول قولا لست فيه متأثما ولا منه متثلما و ذلك أنه إذا خاض في وصف معركة كان لسانه أمضى من نصالها وأشجع من أبطالها وقامت أقواله للسامع مقام أفعالها حتى تظن الفريقين فيه تقابلا والسلاحين فيه تواصلا وطريقه في ذلك يضل بسالكه ويقوم بعذر تاركه ولا شك أنه كان يشهد الحروب مع سيف الدولة بن حمدان فيصف لسانه وما أداه إليه عيانه ومع هذا فأني رأيت الناس عادلين فيه عن سنن التوسط فأما مفرط فيه وأما مفرط وهو وأن انفرد في طريق وصار أبا عذره فأن سعادة الرجل كانت أكبر من شعره وعلى الحقيقة و فأنه كان خاتم الشعراء ومهما وصف به فهو فدق الوصف وفرق الإطراء ( 213 )

    5 - وكان أبو تمام قد قصد البصرة في جماعة من اتباعه وبه شاعرها عبد الصمد بن المعدل فخاف عبد الصمد أن يميل الناس إليه فكتب إليه قبل قدومه
    أنت بين اثنتين تبرز للناس @@@ وكلتاهما بوجه مذال
    أي ماء يبقى بوجهك هذا @@@ بين ذل الهوى وذل السؤال
    فلما وقف عليه رجع وكتب على ظهر ورقته
    أفي تنظم قول الزور والفند @@@ وأنت أنقص من لاشيء في العدد
    أسرجت قلبك من غيظ على حنق @@@ كأنها حركات الروح في الجسد
    أقدمت ويحك من هجوي على خطر @@@ كالعير يقدم من خوف على الأسد
    قيل أن العير إذا شم رائحة الأسد وثب عليه فزعا
    ومدح أبو تمام الخليفة بحضرة أبي يوسف الفيلسوف الكندي فقال
    إقدام عمر في سماحة حاتم @@@ في حلم أحنف في ذكاء إياس
    ومن شعره
    لولا العيون وتفاح الخدود إذاً @@@ ما كان يحسدُ أعمى من له بصر
    قالوا أتبكي على رسم فقلت لهم @@@ من فاته العين يذكي شوقه الأثر
    إن الكرام كثير في البلاد وإن @@@ قلوا كما غيرهم قل وإن كثروا ( 231 )

    6 - وقال ابن الأهدل قيل إن أم المنتصر بالله جاءته عائدة فبكى وقال يا أماه عاجلت أبي فعوجلت ثم أنشأ يقول
    فما فرحت نفسي بدنيا أخذتها @@@ ولكن إلى الملك القدير أصير
    ومالي شيء غير أني مسلم @@@ بتوحيد ربي مؤمن وخبير ( 248 )

    7 - أبو عبادة الوليد بن عبيد الطائي المنبجي البحتري أمير شعراء العصر وحامل لواء القريض أخذ عن أبي تمام الطائي قال المبرد أنشدنا شاعر دهره ونسيج وحده أبو عبادة البحتري قال ابن الأهدل نسبة إلى بحتر جد من أجداده واسمه الوليد بن عبيد أخذ عن أبي تمام الطائي ومدح المتوكل ومن بعده وكان أقام ببغداد دهرا ثم رجع إلى الشام وعرض أول شعره على أبي تمام وهو بحمص فقال له أنت أشعر من أنشدني وكتب له بذلك فعظم وبجل وروى عنه قال لما سمع أبو تمام شعري أقبل على تقريظي والتقريض بالظاء والضاد مدح الإنسان في حياته بحق أو باطل
    وكان البحتري كثيرا ما ينشد لبعض الشعراء ويعجبه قوله
    حمام الأراك ألا فاخبرينا @@@ لمن تندبين ومن تعولينا
    فقد شقت بالنوح منا القلوب @@@وأبكيت بالندب منا العيونا
    تعالى نقم مأتما للهموم @@@ ونعول إخواننا الظاعنينا
    ونسعد كن وتسعدننا @@@ فإن الحزين يوافى الحزينا ( 284 )

    8 - وفيها والصحيح أنه في التي قبلها كما جزم بها ابن الأهدل وقدمه ابن خلكان فقال توفي يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من جمادى الأولى سنة ثلاث وثمانين وقيل ست وسبعين ومائتين أبو الحسن علي بن العباس بن جريج وقيل ابن جرجيس المعروف بابن الرومي مولى عبد الله بن عيسى بن جعفر المنصور صاحب النظم العجيب والتوليد الغريب يغوص على المعاني النادرة فيستخرجها من مكامنها ويبرزها في أحسن صورة ولا يترك المعنى حتى يستوفيه إلى آخره ولا يبقى فيه بقية وكان شعره غير مرتب ثم رتبه أبو بكر الصولي على الحروف وله القصائد المطولة والمقاطيع البديعة وله في الهجاء كل شيء ظريف وكذلك في المديح
    وقال ما سبقني أحد إلى هذا المعنى
    آراؤكم ووجوهكم وسيوفكم @@@ في الحادثات إذا دجون نجوم
    منها معالم للهدى ومصابح @@@ تجلوا الدجى والأخريات رجوم
    وكان سبب موته أن الوزير أبا الحسين بن عبيد الله وزير المعتضد كان يخاف من هجوه وفلتات لسانه فدس عليه مأكلا مسموما في مجلسه فلما أحس بالسم قام فقال له الوزير أين تذهب قال إلى الموضع الذي بعثتني إليه فقال سلم على والدي فقال ما طريقي على النار وخرج إلى منزله فأقام أياما ومات وكان الطبيب يتردد إليه ويعالجه بالأدوية النافعة للسم فزعم أنه غلط في بعض العقاقير ( 284 )

    9 - علامة الأدب أبو العباس ثعلب أحمد بن يحيى بن يزيد الشيباني مولاهم العبسى البغدادي شيخ اللغة والعربية حدث عن غير واحد وعنه غير واحد منهم الأخفش الصغير وسمع من القواريري مائة ألف حديث فهو من المكثرين وسيرته في الدين والصلاح مشهورة قاله ابن ناصر الدين وقال ابن مجاهد المصري قال ثعلب ( اشتغل أهل القرآن والحديث والفقه بذلك ففازوا واشتغلت بزيد وعمر وليت شعري ما يكون حظى في الآخرة ) قال ابن مجاهد فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي أقرى ء أبا العباس ثعلب عني السلام وقل له أنت صاحب العلم المستطيل قال العبد الصالح أبو عبد الله الروذباري أراد صلى الله عليه وسلم أن الكلام به يكمل والخطاب به يجمل وأن جميع العلوم تفتقر إليه صنف ثعلب التصانيف المفيدة منها كتاب الفصيح وهو صغير الحجم كبير الفائدة وكتاب القراءات وكتاب إعراب القرآن وغير ذلك وكان ثقة صالحا مشهورا بالحفظ والمعرفة وكان أصم فخرج من الجامع بعد العصر وفي يده كتاب ينظر إليه وهو يمشى ( 291 )

    10 - قال ثعلب ( اشتغل أهل القرآن والحديث والفقه بذلك ففازوا واشتغلت بزيد وعمر وليت شعري ما يكون حظى في الآخرة )
    قال ثعلب كنت أحب أن أرى أحمد بن حنبل فصرت إليه فلما دخلت عليه قال لي فيم تنظر فقلت في النحو والعربية فأنشدني أبو عبد الله أحمد بن حنبل
    إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل @@@ خلوت ولكن قل على رقيب
    ولا تحسبن الله يغفل ما مضى @@@ ولا أن ما يخفى عليه يغيب
    لهونا عن الأيام حتى تتابعت @@@ ذنوب على آثارهن ذنوب
    فيا ليت أن الله يغفر ما مضى @@@ ويأذن في توباتنا فنتوب ( 291 )

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي فوائد وعبر من السير ( 201 - 300 )

    7- الطرائف والعجائب والغرائب والملح


    1- محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى البغدادي الحافظ البزاز ولقبه صاعقة سمع عبد الوهاب بن عطاء الخفاف وطبقته وكان أحد الثقات الأثبات المجودين . ( 255 )

    2 - العلامة أبو العيناء محمد بن القسم بن خلاد البصري الضرير اللغوي الأخباري وله إحدى وتسعون سنة وأضر وله أربعون سنة أخذ عن أبي عبيدة وأبي عاصم النبيل وجماعة وله نوادر وفصاحة وأجوبة مسكتة قاله في العبر وقال ابن خلكان أصله من اليمامة ومولده بالأهواز ومنشؤه بالبصرة وبها طلب الحديث وكتب الأدب وسمع من أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري والعتبي وغيرهم وكان من أفصح الناس لسانا وأحفظهم وكان من ظرائف العالم وفيه من اللسن وسرعة الجواب والذكاء ما لم يكن في أحد من نظرائه وله أخبار حسان وأشعار ملاح مع أبي علي الضرير
    ودخل أبو العيناء على أبي الصقر إسماعيل بن بلبل الوزير يوما فقال له ما الذي أخرك عنا يا أبا العيناء فقال سرق حماري قال وكيف سرق قال لم أكن مع اللص فأخبرك قال فهلا أتيتنا على غيره قال قعد بي عن الشراء قلة يساري وكرهت ذلة المكاري ومنة العواري وخاصم علويا فقال له العلوي أتخاصمني وأنت تقول اللهم صل على محمد وعلى آله قال ولكني أقول الطيبين الطاهرين ولست منهم ووقف عليه رجل من العامة فلما أحسن به قال من هذا قال رجل من بني آدم فقال أبو العيناء مرحبا بك أطال الله بقاءك ما كنت أظن هذا النسل إلا قد انقطع ( 282 )

  14. #34
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي فوائد وعبر من السير ( 201 - 300 )

    8 - الفوائد التربوية والإيمانية والدعوية

    1-عاصم النبيل الضحاك بن مخلد الشيباني محدث البصرة توفي في ذي الحجة وقد نيف على التسعين سمع من يزيد بن أبي عبيد وجماعة من التابعين وكان واسع العلم ولم ير في يده كتاب قط قال عمر بن شيبة ما رأيت مثله وقال البخاري سمعت أبا عاصم يقول ما اغتبت أحدا قط منذ عقلت أن الغيبة حرام وروى عنه أحمد والبخاري وغيرهما وهو ثقة متقن ( 212 )

    2 - أبو عامر قبيصة بن عقبة السوائي الكوفي العابد الثقة أحد الحفاظ روى عن قطر بن خليفة وطبقته وأكثر عن الثوري وهو أحد شيوخ الإمام أحمد قال إسحاق بن سيار ما رأيت شيخا أحفظ منه وقال آخر كان يقال راهب الكوفة وكان هناد بن السرى إذا ذكره دمعت عيناه وقال الرجل الصالح ( 215 )

    3 - الفقيه هشام بن عبد الله الرازي الحنفي روى عن أبي ذئب ومالك وطبقتهما وكان كثير العلم واسع الرواية وفيه ضعف وقد جاء عنه أنه قال أنفقت في طلب العلم سبعمائة ألف درهم ( 221 )

    4 - أبو حفص النيسابوري الزاهد شيخ خراسان واسمه عمر بن مسلم وكان كبير القدر صاحب أحوال وكرامات وكان عجبا في الجود والسماحة وقد نفذ مرة بضعة عشر ألف دينار يستفك بها السارى وبات وليس له عشاء وكان يقول ما استحق اسم السخاء من ذكر العطاء أو لمحه بقلبه وقال حسن أدب الظاهر عنوان أدب الباطن والفتوة أداء الإنصاف وترك طلب الإنتصاف ومن لم يرب أفعاله وأحواله كل وقت بالكتاب والسنة ولم يتهم خواطره فلا تعده من الرجال ( 265 )

    5 - أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي البصري الحافظ أحد العباد والأئمة في شوال ببغداد روى عن يزيد بن هرون وطبقته ووثقه أبو داود قال أحمد بن كامل قيل عنه أنه كان يصلى في اليوم والليلة أربعمائة ركعة ويقال إنه روى من حفظه ستين ألف حديث ( 276 )

    6 - الحسين بن الفضل بن عمير البجلي الكوفي المفسر نزيل نيسابور كان آية في معان القرآن صاحب فنون وتعبد قيل إنه كان يصلى في اليوم والليلة ستمائة ركعة وعاش مائة وأربع سنين وروى عن يزيد بن هارون والكبار ( 282 )

  15. #35
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي فوائد وعبر من السير ( 201 - 300 )

    9- الكرامات

    1 - آدم بن أبي إياس الخراساني ثم البغدادي نزيل عسقلان روى عن ابن أبي ذئب وشعبة وكان صالحا ثقة قانتا لله لما احتضر قرأ الختمة ثم قال لا إله إلا الله ثم فارق قال أبو حاتم ثقة مأمون متعبد ( 220 )

    2 - وقد عدت ميتة الواثق بالله بن هارون الرشيد هذه من فضائل الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه فأن المعتصم لم امتحنه للمقالة بخلق القرآن كان الواثق يقول له لم لا تقول بمقالة أمير المؤمنين قال لأنها باطلة قال لئن كان ما تقوله أنت حقا أحرقني الله بالنار فما مات حتى حرق بالنار انتهى ما قاله ابن الفرات ( 232 )

    3 - وأبو عمرو نصر بن علي الجهضمي وقيل علي بن نصر الجهضمي الصغير البصري الحافظ الثقة أحد أوعية العلم روى عن يزيد بن زريع وطبقته وعنه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم قال أبو بكر بن أبي داود كان المستعين طلب نصر بن علي ليوليه القضاء فقال لأمير البصرة حتى أرجع فاستخير الله فرجع وصلى ركعتين وقال اللهم إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك ثم نام فنبهوه فإذا هو ميت رحمه الله تعالى مات في ربيع الآخر ( 250 )

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي فوائد وعبر من السير ( 201 - 300 )

    10 - سير العلماء

    1 - النضر بن شميل بن خرشة بن يزيد بن كلثوم المازني مازن بن مالك بن عمرو ابن تيم بن مر أبو الحسن البصري نزيل مرو وعالمها كان أماما حافظا جليل الشأن وهو أول من أظهر السنة بمرو وجميع بلاد خراسان روى عن حميد وهشام بن عروة والكبار وكان رأسا في الحديث رأسا في اللغة والنحو ثقة صاحب سنة قال ابن الأهدل ضاقت معيشته بالبصرة فرحل إلى خراسان فشيعه من البصرة نحو من ثلاثمائة عالم فقال لهم لو وجدت كل يوم كليجة باقلاء ما فارقتكم فلم يكن فيهم من تكفل له بذلك وأقام بمرو واجتمع له هناك مال سمع النضر من هشام بن عروة وغيره من أئمة التابعين وسمع عليه ابن معين وابن المديني وغيرهم وروى المأمون يوما عن هشيم بسنده المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا تزوج المرأة لدينها وجمالها فيها سداد من عوز ) بفتح السين فرده النضر وقال هو بكسر السين فقال له المأمون تلحنني فأقصر فقال إنما لحن هشيم وكان لحانة لأن السداد بالفتح القصد في الدنيا والسبيل وبالكسر البلغة وكل ما سددت به شيئا فهو سداد يعني بكسر السين ومنه قول العرجي
    أضاعوني وأي فتى أضاعوا @@@ ليوم كريهة وسداد ثغر
    فأمر له بجائزة جزيلة ( 203 )

    2 - فقيه العصر والإمام الكبير والجليل الخطير أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المطلبي بمصر وله أربع وخمسون سنة أخذ عن مالك ومسلم بن خالد الزنجي وطبقتهما وكان مولده بغزة ونقل إلى مكة وله سنتان قال المزني ما رأيت أحسن وجها من الشافعي إذا قبض على لحيته لا تفضل عن قبضته وقال الزعفراني كان خفيف العارضين يخضب بالحناء وكان حاذقا بالرمي يصيب تسعة من العشرة وقال الشافعي استعملت اللبان سنة الحفظ فأعقبي صب الدم سنة قال يونس بن عبد الأعلى لو جمعت أمة لوسعهم وقال اسحق بن راهويه لقيني أحمد بن حنبل بمكة فقال تعال حتى أريك رجلا لم تر عيناك مثله قال فأقامني على الشافعي وقال أبو ثور الفقيه ما رأيت مثل الشافعي ولا رأى مثل نفسه وقال الشافعي سميت ببغداد ناصر الحديث وقال أبو داود ما أعلم للشافعي حديثا خطأ وقال الشافعي ما شيء أبغض إلى من الكلام وأهله قاله في العبر
    ولد الشافعي سنة خمسين ومائة بغزة أو بعسقلان أو اليمن أو اليمن أو مني أقوال ونشأ بمكة وحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين والموطأ وهو ابن عشر وتفقه على مسلم بن خالد الزنجي مفتي مكة وأذن له في الإفتاء وعمره خمس عشرة سنة ثم لازم مالكا بالمدينة وقدم بغداد سنة خمس وتسعين فاجتمع عليه علماؤها وأخذوا عنه وأقام بها حولين وصنف بها كتابه القديم ثم عاد إلى مكة ثم خرج إلى بغداد سنة ثمان وتسعين فأقام بها شهرا ثم خرج إلى مصر وصنف به كتبه الجديدة
    كالأم والأمالي الكبرى والإملاء الصغير ومختصر البويطي ومختصر المزني ومختصر الربيع والرسالة والسنن قال ابن زولاق صنف الشافعي نحوا من مائتي جزء ولم يزل بها ناشراً للعلم ملازما للاشتغال إلى أن أصابته ضربة شديدة فمرض بسببها أياما ثم مات يوم الجمعة سلخ رجب سنة أربع ومائتين قال ابن عبد الحكم لما حملت أم الشافعي به رأت كأن المشتري خرج من فرجها حتى انقض بمصر ثم وقع في كل بلد منه شظية فتأوله أصحاب الرؤيا أنه يخرج عالم يخص علمه أهل مصر ثم يتفق في سائر البلدان وقال الإمام أحمد أن الله تعالى يقيض للناس في كل رأس مائة سنة من يعلمهم السنن وينفى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز وفي رأس المائتين الشافعي وقال ابن الربيع كان الشافعي يفتي وله خمس عشرة سنة وكان يحيى الليل إلى أن مات وقال أبو ثور كتب عبد الرحمن بن مهدي إلى الشافعي أن يضع له كتابا فيه معاني القرآن ويجمع مقبول الأخبار فيه وحجة الإجماع وبيان الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة فوضع له كتاب الرسالة قال الأسنوي الشافعي أول من صنف في أصول الفقه بإجماع وأول من قرر ناسخ الحديث من منسوخه وأول من صنف في أبواب كثيرة من الفقه معروفة ( 204 )

    3 - أشهب بن عبد العزيز أبو عمرو العامري صاحب مالك وله أربع وستون سنة وكان ذا مال وحشمة وجلالة قال الشافعي ما أخرجت مصر أفقه من أشهب لولا طيش فيه وكان محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أشهب يفضل أشهب على ابن القاسم قال ابن عبد الحكم سمعت أشهب يدعوه على الشافعي بالموت فبلغ ذلك الشافعي فقال
    تمنى رجال أن أموت وأن أمت @@@ فتلك طريق لست فيها بأوحد
    فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى @@@ تزود لأخرى مثلها فكأن قد ( 204 )

    4 - الإمام أبو داود الطيالسي واسمه سليمان بن داود البصري الحافظ صاحب المسند كان يسرد من حفظه ثلاثين ألف حديث قال الفلاس ما رأيت أحفظ منه وقال عبد الرحمن بن مهدي هو أصدق الناس قال في العبر قلت كتب عن ألف شيخ منهم ابن عون وطبقته وقال ابن ناصر الدين الحافظ الكبير من الحفاظ المكثرين قيل غلط في أحاديث رواها من لفظه وأتى في ذلك من قبل اتكاله على حفظه قال عمر بن شبة كتبوا عن أبي داود من حفظه أربعين ألف حديث وقيل أنه أكل حب البلاذر لأجل الحفظ والفهم فأحدث له جذاماً وبرصاً ( 204 )

    5 - يزيد بن هارون أبو خالد الواسطي الحافظ روى عن عاصم الأحول والكبار قال علي بن المديني ما رأيت رجلا قط أحفظ من يزيد ابن هارون يقول أحفظ أربعة وعشرين ألف حديث بإسنادها ولا فخر وقال يحيى بن يحيى التميمي هو أحفظ من وكيع وقال أحمد بن سنان القطان كان هو وهشيم معروفان بطول صلاة الليل والنهار وقال يحيى بن أبي طالب سمعت من يزيد ببغداد وكان يقال أن في مجلسه سبعين ألفا وقال ابن ناصر الدين كان حافظا إماما ثقة مأمونا مناقبه جمة خطيرة قال شعيب سمعت يزيد يقول أحفظ أربعة وعشرين ألف حديث ولا فخر وأحفظ للشاميين عشرين ألفا لا أسأل عنها ( 206 )

    6 - عالم أهل الشام أبو مسهر الغساني الدمشقي عبد الأعلى بن مسهر في حبس المأمون ببغداد في رجب لمحنة القرآن سمع سعيد بن عبد العزيز وتفقه عليه وولد سنة أربعين ومائة وكان علامة بالمغازي والأثر كثير العلم رفيع الذكر قال يحيى ابن معين منذ خرجت من باب الأنبار إلى أن رجعت لم أر مثل أبي مسهر وقال أبو حاتم ما رأيت أفصح منه وما رأيت أحدا في كورة من الكور أعظم قدراً ولا أجل عند أهلها من أبي مسهر بدمشق إذا خرج اصطف الناس يقبلون يده وقال ابن ناصر الدين هو ثقة ( 218 )

    7 - ومحمد بن نوح العجلي ناصر السنة حمل مقيدا مع الإمام أحمد بن حنبل متزاملين فمرض ومات بغابة في الطريق فوليه أحمد ودفنه وكان في الطريق يثبت أحمد ويشجعه قال أحمد ما رأيت أقوم بأمر الله منه روى عن إسحاق الأزرق ومات شابا رحمه الله قاله في العبر ( 218 )

    8 - فيها وقيل في التي بعدها امتحن المعتصم الإمام أحمد بن حنبل وضرب بين يديه بالسياط حتى غشي عليه فلما صمم ولم يجب أطلقه وندم على ضربه قاله في العبر ( 219 )

    9 - وفيها أبو نعيم الفضل بن دكين الملائي الحافظ محدث الكوفة روى عن الأعمش وزكريا ابن أبي زائدة والكبار قال ابن معين ما رأيت أثبت من أبي نعيم وعفان وقال أحمد كان يقظان في الحديث عارفا وقام في أمر الامتحان بما لم يقم غيره عافاه الله وكان أعلم من وكيع بالرجال وأنسابهم ووكيع أفقه منه وقال غيره لما امتحنوه قال والله عنقي أهون من زري هذا ثم قطع زره ورماه وقال ابن ناصر الدين الفضل بن دكين هو عمرو بن حماد التيمي مولاهم الكوفي الملائي التاجر حدث عنه أحمد وإسحاق والبخاري وغيرهم وكان حافظا ثبتا فقيها واسع المجال شارك الثوري في أكثر من مائة من الرواة وكان غاية في إتقان ما حفظه ووعاه ( 219)

    10 - وعفان بن مسلم الأنصاري مولاهم البصري الصفار أبو عثمان أحد أركان الحديث نزل بغداد ونشر بها علمه وحدث عن شعبة وأقرانه قال يحيى بن معين أصحاب الحديث خمسة ابن جريج ومالك والثوري وشعبة وعفان وقال حنبل كتب المأمون إلى متولي بغداد يمتحن الناس فامتحن عفان وكتب المأمون فإن لم يجب عفان فاقطع رزقه وكان له في الشهر خمسمائة درهم فلم يجبهم وقال ( وفي السماء رزقكم وما توعدون ) وقال ابن ناصر الدين جعل له عشرة آلاف دينار على أن يقف عن تعديل رجل وعن جرحه فأبى وقال لا أبطل حقا من الحقوق ( 220 )

    11 - أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي المدني القعنبي الزاهد سكن البصرة ثم مكة وتوفي بها في المحرم روى عن سلمة بن وردان وأفلح بن حميد والكبار وهو أوثق من روى الموطأ وخرج له أصحاب الكتب الستة قال أبو زرعة ما كتبت عن أحد أجل في عيني من القعنبي وقال أبو حاتم ثقة حجة لم أر أخشع منه وقال الخريبي حدثني القعنبي عن مالك وهو والله عندي خير من مالك وقال الفلاس كان القعنبي مجاب الدعوة وقال محمد بن عبد الوهاب الفراء سمعتهم بالبصرة يقولون القعنبي من الأبدال ( 221 )

    12 - العلامة العلم أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي صاحب التصانيف سمع شريكا وابن المبارك وطبقتهما وقال إسحاق بن راهويه الحق يحبه الله أبو عبيد أفقه مني واعلم وقال أحمد أبو عبيد أستاذ وقال ابن ناصر الدين هو ثقة إمام فقيه مجتهد أحد الأعلام وكان إماما في القراءات حافظا للحديث وعلله الدقيقات عارفا بالفقه والتعريفات رأسا في اللغة ذا مصنفات انتهى وقال ابن الأهدل قيل أنه أول من صنف غريب الحديث وصنف نيفا وعشرين كتابا وعنه قال مكثت في الغريب أربعين سنة ووقف عليه عبد الله بن طاهر فاستحسنه وقال أن عقلا دعا صاحبه لمثل هذا حقيق أن لا يحوج إلى طلب المعاش وأجرى له كل شهر عشرة آلاف درهم ولي القضاء بمدينة طرسوس ثماني عشرة سنة وكان يقسم الليل أثلاثا صلاة ونوما وتصنيفا وكان أحمر الرأس واللحية يخضب بالحناء وكان مهيبا توفي بمكة بعد أن حج وعزم على الانصراف إلى العراق مع الناس قال فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأردت الدخول عليه فمنعت فقيل لي لا تدخل عليه ولا تسلم وأنت خارج إلى العراق فقلت لا أخرج إذا فأخذوا عهدي على ذلك وخلوا بيني وبينه فسلمت عليه وصافحني فأقام بمكة حتى مات وعنه قال كنت مستلقيا بالمسجد الحرام فجاءتني عائشة المكية وكانت من العارفات فقالت يا أبا عبيد لا تجالسه إلا بأدب وإلا محاك من ديوان العلماء والصالحين وقال هلال بن العلاء الرقي من الله سبحانه على هذه الأمة بأربعة في زمانهم الشافعي ولولاه ما تفقه الناس في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحمد ولولاه ابتدع الناس ويحيى بن معين نفى الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي عبيد فسر غريب الحديث ولولاه اقتحم الناس الخطأ وكان أبو عبيد موصوفا بالدين وحسن المذهب والسيرة الجميلة والفضل البارع وأثنى عليه علماء وقته بما يطول ذكره ( 224 )

    13 - الفقيه أصبغ بن الفرج أبو عبد الله المصري الثقة مفتي أهل مصر ووراق ابن وهب أخذ عن ابن وهب وابن القاسم وتصدر للأشتغال والحديث قال ابن معين كان من أعلم خلق الله كلهم برأي مالك يعرفها مسألة مسألة متى قالها مالك ومن خالفه فيها وقال أبو حاتم هو أجل أصحاب ابن وهب وقال بعضهم ما أخرجت مصر مثل أصبغ ( 225 )

    14 - أحمد بن عبد الله بن يونس أبو عبد الله اليربوعي الكوفي الحافظ سمع الثوري وطبقته وعاش أربعا وتسعين سنة قال أحمد بن حنبل لرجل سأله عمن اكتب قال أخرج إلى أحمد بن يونس اليربوعي فأنه شيخ الإسلام ( 227 )

    15 - أبو نصر بشر بن الحارث المروزي الزاهد المعروف ببشر الحافي سمع من حماد بن زيد وإبراهيم بن سعد وطبقتهما وعني بالعلم ثم أقبل على شأنه ودفن كتبه حدث بشيء يسير وكان في الفقه على مذهب الثوري وقد صنف العلماء مناقب بشر وكراماته رحمه الله عاش خمسا وسبعين سنة ( 227 )

    16 - قال الأزدي كان نعيم بن حماد الفارض الأعور يضع الحديث في تقوية السنة وحكايات مزورة في ثلب أبي حنيفة كلها كذب وكان من أعلم الناس بالفرائض ( 228 )



    17 - نعيم بن حماد الخزاعي المروزي الحافظ أحد علماء الأثر سمع أبا حمزة السكري وهشيما وطبقتهما وصنف التصانيف وله غلطات ومناكير مغمورة في كثرة ما روى وامتحن بخلق القرآن فلم يجب وقيد ومات في الحبس ( 229 )

    18 - قتل أحمد بن نصر الخزاعي الشهيد كان من أولاد الأمراء فنشأ في علم وصلاح وكتب عن مالك وجماعة وحمل عن هشيم مصنفاته وما كان يحدث ويزري على نفسه قتله الواثق بيده لامتناعه من القول بخلق القرآن ولكونه أغلظ للواثق في الخطاب وقال له يا صبي وكان رأسا في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فقام معه خلق من المطوعة واستفحل أمرهم فخافت الدولة من فتق يتم بذلك ( 231 )

    19 - العلامة أبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطي الفقيه صاحب الشافعي ببغداد في السجن والقيد ممتحنا بخلق القرآن وكان عابدا مجتهدا دائم الذكر كبير القدر قال الشافعي ليس في أصحابي أعلم من البويطي وقال أحمد العجلي ثقة صاحب سنة وسمع أيضا من ابن وهب وقال الأسنوي في طبقاته كان ابن أبي الليث الحنفي يحشده فسعى به إلى الواثق بالله أيام المحنة بالقول بخلق القرآن فأمر بحمله إلى بغداد مع جماعة من العلماء فحمل إليها على بغل مغلولا مقيدا مسلسلا في أربعين رطلا من حديد وأريد منه القول بذلك فامتنع فحبس ببغداد على تلك الحالة إلى أن مات يوم الجمعة قبل الصلاة وكان في كل جمعة يغسل ثيابه ويتنظف ويغتسل ويتطيب ثم يمشي إذا سمع النداء إلى باب السجن فيقول له السجان ارجع رحمك الله فيقول البويطي اللهم إني أجبت داعيك فمنعوني ( 231 )

    20 - الإمام أبو زكريا يحيى بن معين البغدادي الحافظ أحد الأعلام وحجة الإسلام في ذي القعدة بمدينة النبي صلى الله عليه وسلم متوجها إلى الحج وغسل على الأعواد التي غسل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وعاش خمسا وسبعين سنة سمع هشيما ويحيى بن أبي زائدة وخلائق وحدث عنه الإمام أحمد والشيخان وجاء عنه أنه قال كتبت بيدي هذه ستمائة ألف حديث يعني لمكرر وقال أحمد بن حنبل كل حديث لا يعرفه يحيى ابن معين فليس حديث وقال ابن المدني انتهى علم الناس إلى يحيى بن معين قال في العبر حديثه في الكتب الستة وقال ابن الأهدل كان بينه وبين احمد مودة واشتراك في طلب الحديث ورجاله وقيل لما خرج من المدينة إلى مكة سمع هاتفا في النوم يقول يا أبا زكريا أترغب عن جواري فرجع وأقام بالمدينة ثلاثا ومات رحمه الله وكان ينشد
    المال يذهب حله وحرامه @@@ طوعاً وتبقى في غد آثامه
    ليس التقى بمتق لإلهه @@@ حتى يطيب شرابه وطعامه
    ويطيب ما تحوى وتكسب كفه @@@ويكون في حسن الحديث كلامه
    نطق النبي لنا به عن ربه @@@ فعلى النبي صلاته وسلامه ( 233 )

    21 - علي بن المديني وهو الإمام أحد الأعلام أبو الحسن علي بن عبد الله ابن جعفر بن نجيح السعدي مولاهم البصري الحافظ صاحب التصانيف سمع من حماد بن زيد وعبد الوارث وطبقتهما قال البخاري ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند ابن المديني وقال أبو داود ابن المديني أعلم باختلاف الحديث من أحمد ابن حنبل وقال عبد الرحمن بن مهدي علي بن المديني أعلم الناس بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاصة بحديث سفيان بن عيينة توفي في ذي القعدة وله ثلاث وسبعون سنة ( 234 )

    22 - محمد بن عبد الله بن نمير الحافظ أبو عبد الرحمن الهمذاني الكوفي أحد الأئمة في شعبان سمع أباه وسفيان بن عيينة وخلقا قال أبو إسماعيل الترمذي كان أحمد بن حنبل يعظم محمد بن عبد الله بن نمير تعظيما عجيبا وقال علي بن الحسين ابن الجنيد الحافظ ما رأيت بالكوفة مثله قد جمع العلم والسنة والزهد وكان فقيرا يلبس في الشتاء لبادة وقال ابن صالح المصري ما رأيت بالعراق مثله ومثل أحمد ابن حنبل جامعين لم أر مثلهما في العراق ( 234 )

    23 - إسحاق بن راهويه وهو الإمام عالم المشرق أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي المروزي ثم النيسابوري الحافظ صاحب التصانيف سمع الدراوردي وبقية وطبقتهما وعاش سبعا وسبعين سنة وقد سمع من ابن المبارك وهو صغير فترك الرواية عنه لصغره قال أحمد بن حنبل لا أعلم بالعراق له نظيرا وما عبر الجسر مثل إسحاق وقال محمد بن أسلم ما أعلم أحدا كان أخشى لله من إسحاق ولو كان سفيان حيا لاحتاج إلى إسحاق وقال أحمد بن سلمة أملى علي إسحاق التفسير على ظهر قلبه وجاء من غير وجه أن إسحاق كان يحفظ سبعين ألف حديث قال أبو زرعة ما رؤى أحفظ من إسحاق توفي إسحاق ليلة نصف شعبان بنيسابور قاله في العبر وناظر الشافعي في بيع دور مكة فلما عرف فضله صحبه وصار من أصحاب الشافعي رضي الله عنه ( 238 )

    24 - أبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي البغدادي الفقيه أحد الأعلام تفقه وسمع من ابن عيينة وغيره وبرع في العلم ولم يقلد أحدا قال أحمد بن حنبل أعرفه بالسنة منذ خمسين سنة وهو عندي في صلاح سفيان الثوري انتهى قال ابن الأهدل صنف فجمع في تصنيفه بين الحديث والفقه واستعمل أولا مذهب أهل الرأي حتى قدم الشافعي العراق وصحبه فاتبعه وهو غير مقلد لأحد وقال له محمد ابن الحسن غلبنا عليك هذا الحجازي يعني الشافعي فقال أجد الحق معه ( 240 )


    25 - توفي في ثاني عشر ربيع الأول بكرة الجمعة شيخ الأمة وعالم أهل العصر أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الذهلي الشيباني المروزي ثم البغدادي أحد الأعلام ببغداد وقد تجاوز سبعا وسبعين سنة بأيام وكان أبوه جنديا فمات شابا أول طلب أحمد للعلم في سنة تسع وسبعين ومائة فسمع أحمد من هشيم وإبراهيم ابن سعد وطبقتهما وكان شيخا أسمر مديد القامة مخضوبا عليه سكينة ووقار وقد جمع ابن الجوزي أخباره في مجلد وكذلك البيهقي وشيخ الإسلام الهروي وكان إماما في الحديث وضروبه إماما في الفقه ودقائقه إماما في السنة ودقائقها إماما في الورع وغوامضه إماما في الزهد وحقائقه قاله في العبر
    قال إبراهيم الحربي أدركت ثلاثة لن ير مثلهم أبدا يعجز النساء أن يلدن مثلهم رأيت أبا عبيد القاسم بن سلام ما أمثله إلا بجبل نفخ فيه روح ورأيت بشر بن الحرث ما شبهته إلا برجل عجن من قرنه إلى قدمه عقلا ورأيت أحمد بن حنبل كأن الله عز وجل جمع له علم الأولين من كل صنف يقول ما شاء ويمسك ما شاء وعن الحسن بن العباس قال قلت لأبي مسهر هل تعرف أحدا يحفظ على هذه الأمة أمر دينها قال لا أعلم إلا شابا بالمشرق يعني أحمد بن حنبل وقال قتيبة بن سعيد لو أدرك أحمد بن حنبل عصر الثوري والأوزاعي ومالك والليث بن سعد لكان هو المقدم وقيل لقتيبة يضم أحمد بن حنبل إلى التابعين قال إلى كبار التابعين وقال يحيى بن معين دخلت على أبي عبد الله أحمد بن حنبل فقلت له أوصني فقال لا تحدث المسند إلا من كتاب وقال علي بن المديني قال لي سيدي أحمد بن حنبل لا تحدث إلا من كتاب وقال يوسف بن مسلم قال حدث الهيثم بن جميل بحديث عن جميل بحديث عن هشيم فوهم فيه فقيل له خالفوك في هذا فقال من خالفني قالوا أحمد بن حنبل قال وددت أنه نقص من عمري وزيد في عمر أحمد بن حنبل وقيل لأبي زرعة من رأيت من المشايخ المحدثين أحفظ قال أحمد بن حنبل حزر كتبه اليوم الذي مات فيه فبلغ اثني عشر حملا وعدلا ما على ظهر كتاب منها حديث فلان ولا في بطنه حدثنا فلان وكل ذلك كان يحفظه من ظهر قلبه وروى عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل إمام الحفاظ أنه قال إذا جاء الحديث في فضائل الأعمال وثوابها
    وترغيبها تساهلنا في إسناده وإذا جاء الحديث في الحدود والكفارات والفرائض تشددنا فيه وقال إبراهيم بن شماس خاض الناس فقالوا إن وقع أمر في أمة محمد صلى الله عليه وسلم فمن الحجة على وجه الأرض فاتفقوا كلهم على أن أحمد بن حنبل حجته انتهى ما قاله في الكمال ملخصا وقال ابن الأهدل كان أحمد من خواص أصحاب الشافعي وكان الشافعي يأتيه إلى منزله فعوتب في ذلك فأنشد

    قالوا يزورك أحمد وتزوره @@@ قلت الفضائل لا تفارق منزله
    إن زارني فبفضله أو زرته @@@ فلفضله فالفضل في الحالين له
    رضي الله عنهما وكان أحمد يحفظ ألف ألف حديث قال الربيع كتب إليه الشافعي من مصر فلما قرأ الكتاب بكى فسألته عن ذلك فقال إنه يذكر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقال اكتب إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل واقرأ عليه مني السلام وقل له إنك ستمتحن على القول بخلق القرآن فلا تجبهم نرفع لك علما إلى يوم القيامة قال الربيع فقلت له البشارة فخلع على قميصه وأخذت جوابه فلما قدمت على الشافعي وأخبرته بالقميص قال لا نفجعك به ولكن بله وادفع إلى ماءه حتى أكون شريكا لك فيه وكان يخضب بالحناء خضابا ليس بالقاني وحزر من حضر جنازته من الرجال فكانوا ثمانمائة ألف ومن النساء ستين ألفا وأسلم يوم موته عشرون ألفا من اليهود والنصارى والمجوس وحكى عن إبراهيم الحربي قال رأيت بشر الحافي في النوم كأنه خارج من مسجد الرصافة وفي كمه شيء يتحرك فقلت ما هذا في كمك فقال نثر علينا لقدوم روح أحمد الدر والياقوت فهذا ما التقطته ( 241 )

    26 - الزاهد الناطق بالحكمة الحارث بن أسد المحاسبي صاحب المصنفات في التصوف والأحوال روى عن يزيد بن هارون وغيره قال ابن الأهدل كان أحد الخمسة الجامعين بين العلمين في واحد هو والجنيد وأبو محمد وأبو العباس بن عطاء وعمرو بن عثمان المكي وله مصنفات نفيسة في السلوك والأصول ولم يأخذ من ميراث أبيه شيئا لأن أباه كان قدريا ومن قوله فقدنا ثلاثة أشياء حسن الوجه مع الصيانة وحسن القول مع الأمانة وحسن الإخاء مع الوفاء وهو أحد شيوخ الجنيد ( 243 )

    27 - أحمدبن أبي الحواري الزاهد الكبير أبو الحسن الدمشقي سمع أبا معاوية وطبقته وكان من كبار المحدثين والصوفية وأجل أصحاب أبي سليمان الداراني وله كلام في الحقائق منه ما ابتلى الله عبدا بشيء أشد من القسوة والغفلة وقالت له زوجته رابعة الشامية أحبك حب الإخوان لا حب الأزواج وكانت زوجته أيضا من كبار الصالحات الذاكرات وكانت تطعمه الطيب وتطيبه وتقول اذهب بنشاطك إلى أهلك وتقول عند تقريبها الطعام إليه كل فما نضج إلى بالتسبيح وتقول إذا قامت من الليل
    قام المحب إلى المؤمل قومةً @@@ كاد الفؤاد من السرور يطير ( 246 )

    28 - الإمام العلم أبو جعفر أحمد بن صالح الطبري ثم المصري الحافظ سمع ابن عيينة وابن وهب وخلقا وكان ثقة قال محمد بن عبد الله بن نمير إذا جاوزت الفرات فليس أحد مثل أحمد بن صالح وقال ابن وارة الحافظ أحمد بن حنبل ببغداد وأحمد بن صالح بمصر وابن نمير بالكوفة و النفيلي بحران هؤلاء أركان الدين وقال يعقوب الفسوى كتبت عن الف شيخ حجتي فيما بيني وبين الله رجلان أحمد بن صالح وأحمد بن حنبل ( 248 )

    29 - القدوة العارف أبو محمد سهل بن عبد الله التستري الزاهد في المحرم عن نحو من ثمانين سنة وله مواعظ وأحوال وكرامات وكان من أكبر مشايخ القوم ومن كلامه وقد رأي أصحاب الحديث فقال اجهدوا أن لا تلقوا الله إلا ومعكم المحابر وقيل له إلى متى يكتب الرجل الحديث قال حتى يموت ويصب باقي حبره في قبره وقال من أراد الدنيا والآخرة فليكتب الحديث فإن فيه منفعة الدنيا والآخرة وقال السلمي في الطبقات هو سهل بن عبد الله بن يونس بن عيسى بن عبد الله بن رفيع وكنيته أبو محمد أحد أئمة القوم وعلمائهم والمتكلمين في علوم الإخلاص والرياضات وعيوب الأفعال صحب خاله محمد بن سوار وشاهد ذا النون المصري سنة خروجه إلى الحج وأسند الحديث وأسند عنه أنه قال الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا وإذا انتبهوا ندموا وإذا ندموا لم تنفعهم الندامة وقال شكر العلم العمل وشكر العمل زيادة العلم وقال ما من قلب و لا نفس إلا والله مطلع عليه في ساعات الليل والنهار فأي قلب أو نفس رأى فيه حاجة إلى سواه سلط عليه إبليس وقال الذي يلزم الصوفي ثلاثة أشياء حفظ سره وأداه فرضه وصيانة فقره وقال من أراد أن يسلم من الغيبة فليسد على نفسه باب الظنون فمن سلم من الظن سلم من التجسس ومن سلم من التجسس سلم من الغيبة ومن سلم من الغيبه سلم من الزور ومن سلم من الزور سلم من البهتان وقال ذروا التدبير والإختيار فأنهما يكدران على الناس عيشهم وقال الفتن ثلاثة فتنة العامة من إضاعة العلم وفتنة الخاصة من الرخص والتأويلات وفتنة أهل المعرفة أن يلزمهم حق في وقت فيؤخرونه إلى وقت ثانٍ وقال أصولنا ستة التمسك بكتاب الله والإقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكل الحلال وكف الأذى واجتناب الآثام وأداء الحقوق وقال لامعين إلا الله ولا دليل إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا زاد إلا التقوى ولا عمل إلا الصبر عليه وقال الأعمال بالتوفيق والتوفيق من الله ومفتاحه الدعاء والتضرع وطريقة سهل تشبه طريق الملامية وله كرامات كثيرة وكان يعتقد مذهب مالك رضي الله عنهما ( 283 )

  17. #37
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي فوائد وعبر من السير ( 201 - 300 )

    11 - الأحداث والوقائع والأوائل والأواخر

    1- وفيها أول ظهور بابك الخرمي الكافر فعاث وأفسد وكان يقول بتناسخ الأرواح ( 201 )

    2 - أهل بغداد أصابهم بلاء عظيم في هذه السنوات حتى كادت تتداعى بالخراب وجلا خلق من أهلها عنها للنهب والسبي والغلاء وخراب الدور ( 201 )

    3 - استوثقت الممالك للمأمون وقدم بغداد في رمضان من خراسان واتخذها سكنا ( 203 )

    4 - وفيها في الحجة حدث بخراسان زلازل أقامت سبعين يوما وهلك بها خلق كثير وبلاد كثيرة ( 203 )

    5 - وعلي بن موسى الرضي الإمام أبو الحسن الحسيني بطوس وله خمسون سنة وله مشهد كبير بطوس يزار روى عن أبيه موسى الكاظم عن جده جعفر ابن محمد الصادق وهو أحد الأئمة الاثني عشر في اعتقاد الإمامية ولد بالمدينة سنة ثلاث أو إحدى وخمسين ومائة ومات بطوس وصلى عليه المأمون ودفنه بجنب أبيه الرشيد وكان موته بالحمى وقيل بالسم وكان المأمون أرسله إلى أخيه زيد بن موسى وقد قام بالبصرة ليرده عن ذلك فقال على يا زيد ما تريد بهذا فعلت بالمسلمين الأذى وتزعم أنك من ولد فاطمة والله لأشد الناس عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم يا زيد ينبغي لمن أخذ برسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطي به ولما بلغ كلامه المأمون وبكى وقال في المغني علي بن موسى بن جعفر الرضي عن آبائه قال ابن طاهر يأتي عن آبائه بعجائب قلت الشأن في صحة الإسناد إليه فإنه كذب عليه وعلى جده ( 203 )

    6 - استعمل المأمون على بغداد إسحاق بن إبراهيم الخزاعي فوليها مدة وهو الذي كن يمتحن الناس بخلق القرآن في أيام المأمون والمعتصم والواثق ( 206 )

    7 - جاء سيل بمكة حتى بلغ الماء الحجر والباب وهدم أكثر من ألف دار ومات نحو من ألف إنسان ( 208 )

    8 - وفي سنة عشر ومائتين تزوج المأمون بوران بنت الحسن بن سهل بواسط وكان عرساً لم يسمع بمثله في الدنيا نثر فيه على الهاشميين والقواد والوجوه بنادق مسك فيها رقاع متضمنة لضياع وجوار ودواب ومن وقع في حجره بندقة ملك ما فيها وأقام أبوها الجيش كله بضعة عشر يوماً فكتب له المأمون بخراج فارس والأهواز سنة ودخل عليها في الليلة الثالثة من وصوله فلما قعد عندها نثرت جدتها ألف درة فقال لها سلي حوائجك فقالت الرضى عن إبراهيم بن المهدي ففعل ولما أصبح جلس للناس فقال له أحمد بن يوسف الكاتب باليمن والبركة وشدة الحركة والظفر في المعركة فقال يعرض بحيضها
    فارسٌ ماضٍ بحربته @@@ صادقاً بالطعن في الظلم
    رامَ أن يدمي فريسته @@@ فاتقته من دمٍ بدمِ ( 210 )

    9 - عبد الملك بن هشام البصري النحوي صاحب المغازي هذب السيرة ونقلها عن البكائي صاحب ابن إسحاق وكان أديبا إخباريا نسابة سكن مصر(218 )

    10 - التقى الأفشين والخرمية لعنهم الله وهزمهم ونجا بابك فلم يزل الأفشين يتحيل عليه حتى أسره وقد عاث هذا الملعون وأفسد البلاد والعباد وامتدت أيامه نيفا وعشرين سنة وأراد أن يقيم ملة المجوس بطبرستان واستولى على أذربيجان وغيرها وفي أيامه ظهر المازيار القائم بملة المجوس بطبرستان ( 222 )

    11 - أتى المعتصم ببابك الخرمي قال ابن الجوزي في الشذور أنبأنا محمد بن عبد الباقي أنبأنا على بن المحسن عن أبيه أن أخا بابك الخرمي قال له لما دخل على المعتصم بابك أنك قد عملت ما لم يعمل أحد فاصبر الآن صبرا لم يصبره أحد فقال له سترى صبري فأمر المعتصم بقطع أيدهما بحضرته فبدأ ببابك فقطعت يمينه فأخذ الدم فمسح به وجهه وقال لئلا يرى في وجهي صفرة فيظن أني جزعت من الموت ثم قطعت أربعته وضربت عنقه وقذف في النار وفعل ذلك بأخيه فما فيهما من صاح ( 223 )

    12 - توفي الأمير إبراهيم بن المهدي بن محمد المنصور العباسي الأسود ولذلك ولضخامته يقال له التنين ويقال له ابن شكله وهي أمه وكان أديبا فصيحا شاعرا محسنا رأسا في معرفة الغناء وأنواعه ولي إمرة دمشق لأخيه الرشيد وبويع بالخلافة ببغداد ولقب المبارك ( 224 )

    13 - وفي ذي الحجة توفي الواثق بالله أبو جعفر وقيل أبو القاسم هارون بن المعتصم محمد بن الرشيد بن المهدي العباسي عن بضع وثلاثين سنة وكانت أيامه خمس سنين وأشهرا ولي بعهد من أبيه وكان أديبا شاعرا أبيض تعلوه صفرة حسن اللحية في عينيه نكتة دخل في القول بخلق القرآن وامتحن الناس وقوي عزمه ابن أبي دؤاد القاضي ولما احتضر ألصق خده بالأرض وجعل يقول يا من لا يزول ملكه ارحم من قد زال ملكه واستخلف بعده أخوه المتوكل فأظهر السنة ورفع المحنة
    وكان سبب موته أن طبيبه ميخائيل عبر عليه ذات يوم فقال له يا ميخائيل ابغ لي دواء للباه فقال يا أمير المؤمنين خف الله في نفسك النكاح يهد البدن فقال لا بد من ذلك فقال إذا كان ولا بد فعليك بلحم السبع اغله بالخل سبع غليات وخذ منه ثلاثة دراهم على الشراب وإياك أن
    تكثر منه تقع في الإستقساء ففعل الواثق ذلك وأخذ منه فأكثر لمحبته في الجماع فاستسقى بطنه فأجمع الأطباء أن لا دواء له إلا أن يسجر له تنور بحطب الزيتون وإذا ملى ء جمرا نحى ما في جوفه وألقى فيه على ظهره ويجعل تحته وفوقه الأشياء الرطبة ويودع فيه ثلاث ساعات وإذا طلب ماء لم يسق فأن سقى كان تلفه فيه فأمر الواثق فصنع به كذلك وأخرج من التنور وهو في رأي العين أنه أحترق فلما أصاب جسمه روح الهواء اشتد عليه فجعل يخور كما يخور الثور ويصيح ردوني إلى التنور فاجتمعت جواريه ووزيره محمد بن الزيات فردوه إلى التنور فلما ردوه إليه سكن صياحه وأخرج ميتا ( 232 )

    14 - إسحاق بن إبراهيم الموصلي النديم أبو محمد كان رأسا في صناعة الطرب والموسيقا أديبا عالما أخباريا شاعرا محسنا كثير الفضائل سمع من مالك وهشيم وجماعة وعاش خمسا وثمانين سنة وكان نافق السوق عند الخلفاء إلى الغاية يعد من الأجواد وثقه إبراهيم الحربي قاله في العبر وقال ابن الأهدل كان المأمون يقول لولا ما سبق لإسحاق من الشهرة بالغناء لوليته القضاء فإنه أولى وأعف وأصدق وأكثر دينا وأمانة من هؤلاء القضاة لكن طعن فيه الخطابي كما نقله النووي عنه وقال إنه معروف بالسخف والخلاعة وأنه لما وضع كتابه في الأغاني وأمعن في تلك الأباطيل لم يرض بما تزود من إثمها حتى صدر كتابه بذم أصحاب الحديث وزعم أنهم يروون مالا يدرون ( 235 )


    15 - وفيها على ما قاله في الشذور تم جامع سر من رأى فبلغت النفقة عليه ثلثمائة ألف وثمانية آلاف ومائتين واثني عشر دينار ( 237 )

    16 - غضب المتوكل على أحمد بن أبي دؤاد القاضي وآله وصادرهم وأخذ منهم ستة عشر ألف ألف درهم ( 237 )

    17 - في شوال قتل المتوكل على الله أبو الفضل جعفر بن المعتصم محمد بن الرشيد العباسي فتكوا به في مجلس لهوه بأمر ابنه المنتصر وعاش أربعين سنة وكان أسمر نحيفا مليح العينين خفيف العارضين ليس بالطويل وهو الذي أحيا السنة وأمات التجهم ولكنه كان فيه نصب ظاهر وانهماك على اللذات والمكاره وفيه كرم وتبذير وكان قد عزم على ابنه المنتصر وتقدم إليه بتقديم المعتز عليه لفرط محبته لأمه وبقي يؤذيه ويتهدده إن لم ينزل عن العهد واتفق مصادرة المتوكل لوصيف فتعاملوا عليه ودخل عليه خمسة في جوف الليل فنزلوا عليه بالسيوف فقتلوه وقتلوا وزيره الفتح بن خاقان معه ولما قتلا أصبح الناس يقولون قتل المتوكل والفتح بن خاقان دبر عليهما المنتصر ولد المتوكل وكان الناس على لسان واحد يقولون والله لا عاش المنتصر إلا ستة أشهر كما عاش شيرويه بن كسرى حيث قتل أباه فكان الأمر كذلك وكان قتله ليلة الأربعاء لثلاث خلون من شوال ( 247 )

    18 - فتنة الزنج وخروج العلوي قائد الزنج بالبصرة فعسكر ودعا إلى نفسه وزعم أنه علي بن محمد بن أحمد بن علي بن عيسى بن الشهيد زيد بن علي ولم يثبتوا نسبه فبادر إلى دعوته عبيد أهل البصرة السودان ومن ثم قيل الزنج والتف إليه كل صاحب فتنة حتى استفحل أمره وهزم جيوش الخليفة واستباح البصرة وغيرها وفعل الأفاعيل وامتدت أيامه الملعونة إلى أن قتل إلى غير رحمة الله في سنة سبعين
    قال الصولي قتل من المسلمين ألف ألف وخمسمائة ألف قال وقتل في يوم واحد بالبصرة ثلاثمائة ألف وكان يصعد على المنبر فيسب عثمان وعليا ومعاوية وعائشة وهو اعتقاد الأزارقة وكان ينادي في عسكره على العلوية بدرهمين وثلاثة وكان عند الواحد من الزنج العشر من العلويات يفترشهن وكان الخبيث خارجيا يقول لا حكم إلا الله وقيل كان زنديقا يتستر بمذهب الخوارج وهو أشبه فإن الموفق كتب إليه وهو يحاربه في سنة سبع وستين يدعوه إلى التوبة والإنابة إلى الله مما فعل من سفك الدماء وسبى الحريم وانتحال النبوة والوحى فما زاده الكتاب إلا تجبرا وطغيانا ويقال أنه قتل الرسول فنازل الموفق مدينته المختارة فتأملها فإذا مدينة حصينة محكمة الأسوار عميقة الخنادق فرأى شيئا مهولا ورأى من كثرة المقاتلة ما أذهله ثم رموه رمية واحدة بالمجانيق والمقاليع والنشاب وضجوا ضجة ارتجت منها الأرض فعمد الموفق إلى مكاتبة قواد الخبيث واستمالهم فاستجاب له عدد منهم فأحسن إليهم وقيل كان الخبيث منجما يكتب الحروز وأول شيء كان بواسط فحبسه محمد بن أبي عون ثم أطلقه فلم يلبث أن خرج بالبصرة واستغوى السودان والزبالين والعبيد فصار أمره إلى ما صار ذكر جميع ذلك في العبر ( 255 )

    19 - وفي صفر صاحب الأندلس محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام الأموي الأمير أبو عبد الله وكانت دولته خمسا وثلاثين سنة وكان فقيها عالما فصيحا مفوها رافعا لعلم الجهاد قال بقي بن مخلد ما رأيت ولا سمعت أحدا من الملوك افصح منه ولا أعقل وقال أبو المظفر بن الجوزي هوصاحب وقعة وادي سليط التي لم يسمع بمثلها يقال إنه قتل فيها ثلثمائة ألف كافر ( 273 )

    20 - أمر المعتضد في سائر البلاد بتوريث ذوي الأرحام وإبطال دواوين المواريث في ذلك وكثر الدعاء له وكان قبل ذلك قد أبطل النيروز ووقيد النيران وأمات سنة المجوس ( 283 )

    21- ظهر أبو عبد الله الشيعي بالمغرب فدعا العامة إلى الإمام المهدي عبيد الله فاستجابوا له ( 288 )

    22 - ثابت بن قرة بن هارون ويقال ابن هارون الحاسب الحكيم الحراني كان في مبدأ أمره بحران ثم انتقل إلى بغداد فاشتغل بعلوم الأوائل فمهر
    فيها وبرع في الطب وكان الغالب عليه الفلسفة حتى قال ابن خلكان كان صابئي النحلة وله تآليف كثيرة في فنون من العلم مقدار عشرين تأليفا منها تاريخ حسن وأخذ كتاب اقليدس فهذبه ونقحه وأوضح منه ما كان مشتبها وكان من أعيان أهل عصره في الفضائل وجرى بينه وبين أهل مذهبه أشياء أنكروها عليه في المذهب فرفعوه إلى رئيسهم فأنكر عليه مقالته ومنعه من دخول الهيكل فناب ورجع عن ذلك ثم عاد بعد مدة إلى تلك المقالة فمنعوه من الدخول إلى المجمع فخرج من حران ونزل كفر توثا - قرية كبيرة بالجزيرة الفراتية - وأقام بها مدة إلى أن قدم محمد بن موسى من بلاد الروم راجعا إلى بغداد فاجتمع به فرآه فاضلا فصيحا فاستصحبه إلى بغداد وأنزله في داره ووصله بالخليفة فأدخله في جملة المنجمين فسكن بغداد وأولد أولادا ( 288 )

    23 - أبو الحسن ثابت بن سنان بن قرة وكان صائبي النحلة أيضا وكان في أيام معز الدولة بن بويه وكان طبيبا عالما نبيلا يقرأ عليه كتاب بقراط وجالينوس وكان فكاكا للمعاني وكان سلك مسلك جده ثابت في نظره في الطب والفلسفة والهندسة وجميع الصناعات الرياضية ( 288 )

    24 - فيها زاد أمر القرامطة وحاصر رئيسهم دمشق ورئيسهم يحيى بن زكرويه وكان زكرويه هذا يدعى أنه من أولاد علي رضي الله عنه ويكتب إلى أصحابه من عبيد الله بن عبد الله المهدي المنصور بالله الناصر لدين الله القائم بأمر الله الحاكم بحكم الله الداعي إلى كتاب الله الذاب عن حريم الله المختار من ولد رسول الله فقتل وخلفه أخوه الحسين صاحب الشامة فجهز المكتفي عشرة آلاف لحربهم عليهم الأمير أبو الأغر فلما قاربوا حلب كبستهم القرامطة ليلا ووضعوا فيهم السيف فهرب أبو الأغر في ألف نفس ودخل حلب وقتل تسعة آلاف ووصل المكتفي إلى الرقة وجهز الجيوش إلى أبي الأغر وجاءت من مصر العساكر الطولونية مع بدر الحمامي فهزموا القرامطة وقتلوا منهم خلقا وقيل بل كانت الوقعة بين القرامطة والمصريين بأرض مصر وأن القرمطي صاحب الشامة انهزم إلى الشام ومر على الرحبة وهيت ينهب ويسبي الحريم حتى دخل الأهواز ( 290 )

    25 - دخل عبيد الله الملقب بالمهدي المغرب متنكرا والطلب عليه من كل وجه فقبض عليه متولي سجلماسة وعلى ابنه فحاربه أبو عبد الله الشيعي داعي المهدي فهزمه ومزق جيوشه وجرت بالمغرب أمور هائلة واستولى على المغرب المهدي المنتسب إلى الحسين بن علي أيضا بكذبه وكان باطني الإعتقاد وهو الذي بني المهدية ( 290 )

  18. #38
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي فوائد وعبر من السير ( 201 - 300 )

    12 - أقوال مأثورة

    1- وكان الشافعي يقول وددت أن لو أخذ عني هذا العلم من غير أن ينسب إلى منه شيء وقال ما ناظرت أحدا إلا وددت أن يظهر الله الحق على يديه وكان يقول لأحمد بن حنبل يا أبا عبد الله أنت أعلم بالحديث مني فإذا صح الحديث فأعلمني حتى أذهب إليه شاميا كان أو كوفيا أو بصريا
    ( 204 )

    2 - وضجر شعبة يوما من إملاء الحديث فرأى أبا زيد في أخريات الحلقة فقال
    استعجمت دارُ ميٍّ ما تكلمنا @@@ والدار لو كلمتنا ذات أخبار
    ألا تعال يا أبا زيد فجاءه فتحادثا وتناشدا الأشعار فقال له بعض الحاضرين يا أبا بسطام تقطع إليك ظهور الإبل فتدعنا وتقبل على الأشعار فقال أنا أعلم بالأصلح لي أنا والله الذي لا إله إلا هو في هذا أسلم مني في ذلك كأنه يروح قلبه عند السآمة ومثل هذا ما روى أن ابن عباس كان يقول لأصحابه أحمضوا وكما قال أبو الدرداء إني لأجم نفسي بشيء من الباطل لأستعين به على الحق ( 215 )

    3 - قال أبو سعيد عبد الملك بن قريب الأصمعي : رأيت شيخا بالبادية قد سقط حاجباه وله مائة وعشرون سنة وفيه بقية فسألته فقال تركت الحسد فبقي الجسد ، وبإسناده عن علي رضي الله عنه إنه قال : هذا المال لا يصلحه إلا ثلاث أخذه من حله ووضعه في حقه ومنعه من السرف ( 216 )

    4 - قال عبيد الله بن محمد العيشي البصري الإخباري: ما أعرف كلمة بعد كلام الله ورسوله أخصر لفظا ولا أكمل وضعا ولا أعم نفعا من قول علي كرم الله وجهه قيمة كل امرئ ما يحسن ( 228 )

    5 - حاتم الأصم أبو عبد الرحمن الزاهد صاحب المواعظ والحكم بخراسان وكان يقال له لقمان هذه الأمة قال أبو عبد الرحمن السلمي في طبقاته حاتم الأصم البلخي وهو حاتم بن عنوان ويقال حاتم بن يوسف كنيته أبو عبد الرحمن وهو من قدماء مشايخ خراسان ومن أهل بلخ صحب شقيق بن إبراهيم
    قال حاتم من دخل في مذهبنا هذا فليجعل على نفسه أربع خصال من الموت موت ابيض وموت اسود وموت أحمر وموت أخضر فالموت الأبيض الجوع والموت الأسود احتمال الأذى والموت الأحمر مخالفة النفس والموت الأخضر طرح الرقاع بعضها على بعض وقال من أصبح وهو مستقيم في أربعة أشياء فهو يتقلب في رضا الله أولها الثقة بالله ثم التوكل ثم الإخلاص ثم المعرفة والأشياء كلها تتم بالمعرفة وقال الواثق برزقه هو أن لا يفرح بالغنى ولا يغتم بالفقر ولا يبالي أصبح
    في عسر أو يسر وقال يعرف الإخلاص بالاستقامة والاستقامة بالرجاء والرجاء بالإرادة والإرادة بالمعرفة وقال أصل الطاعة ثلاثة أشياء الخوف والرجاء والحب وأصل المعصية ثلاثة أشياء الكبر والحسد والحرص وقال إذا أمرت الناس بالخير فكن أنت أولى به وأحق واعمل فيما تأمر وكذا فيما تنهى وأسند في الحلية قال مر عصام بن يوسف بحاتم الأصم وهو يتكلم في مجلسه فقال يا حاتم تحسن تصلي قال نعم قال كيف تصلي قال حاتم أقوم بالأمر وامشي بالخشية وادخل بالنية وأكبر بالعظمة وأقرأ بالترتيل والتفكر وأركع بالخشوع وأسجد بالتواضع وأجلس للتشهد بالتمام وأسلم السبل والسنة وأسلمها بالإخلاص لله عز وجل وأرجع على نفسي بالحق وأخاف أن لا تقبل مني وأحفظه عني إلى الموت قال تكلم فأنت تحسن تصلي انتهى ما ذكره السلمي ملخصا قال ابن الجوزي ولم يكن أصم وإنما كانت امرأة تسأله فخرج منها صوت فخجلت فقال ارفعي صوتك حتى أسمع فزال خجلها وغلب عليه هذا الاسم ( 237 )

    6 - ومن كلامه أحمد بن أبي الحواري من عمل بلا اتباع سنة فعمله باطل وقال إني لا أقرأ القرآن فانظر في آية آية فيحار عقلي وأعجب
    من حفاظ القرآن كيف يهنيهم النوم ويسعهم أن يشتغلوا بتدبير الدنيا وهم يتلون كلام الرحمن أما لو فهموا ما يتلون وعرفوا حقه وتلذذوا به واستحلوا المناجاة به لذهب عنهم النوم فرحا بما رزقوا ووفقوا
    وقال الحافظ الذهبي في التهذيب قال محمد بن عوف الحمصي رأيت أحمد بن أبي الحواري صلى العتمة ثم قام يصلي فاستفتح بالحمد إلى إياك نعبد وإياك نستعين فطفت الحائط كله ثم رجعت فإذا هو لا يجاوز إياك نعبد وإياك نستعين ثم نمت ومررت به سحرا وهو يقول إياك نعبد وإياك نستعين فلم يزل يرددها إلى الصبح ( 246 )

    7 - قال ثعلب ( اشتغل أهل القرآن والحديث والفقه بذلك ففازوا واشتغلت بزيد وعمر وليت شعري ما يكون حظى في الآخرة )
    قال ثعلب كنت أحب أن أرى أحمد بن حنبل فصرت إليه فلما دخلت عليه قال لي فيم تنظر فقلت في النحو والعربية فأنشدني أبو عبد الله أحمد بن حنبل
    إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل @@@ خلوت ولكن قل على رقيب
    ولا تحسبن الله يغفل ما مضى @@@ ولا أن ما يخفى عليه يغيب
    لهونا عن الأيام حتى تتابعت @@@ ذنوب على آثارهن ذنوب
    فيا ليت أن الله يغفر ما مضى @@@ ويأذن في توباتنا فنتوب ( 291 )

  19. #39
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي فوائد وعبر من السير ( 201 - 300 )

    13 - الكوارث
    1 - زلزلت مدينة فرغانة فمات منها أكثر من خمسة عشر ألفا قاله في الشذور ( 224 )

    2 - كانت رجفة بالأهواز عظيمة تصدعت منها الجبال وهرب أهل البلد إلى البر وإلى السفن وسقطت فيها دور كثيرة وسقط نصف الجامع ومكثت ستة عشر يوماً ( 225 ))

    3 - فيها كما قاله ابن الجوزي في الشذور رجفت دمشق رجفة شديدة من ارتفاع الضحى أي إلى ثلاث ساعات كما قاله في العبر فانتقضت منها البيوت زالت الحجارة العظيمة وسقطت عدة طاقات من الأسواق على من فيها فقتلت خلقا كثيرا وسقط بعض شرفات الجامع وانقطع ربع منارته وانكفأت قرية من عمل الغوطة على أهلها فلم ينج منهم إلا رجل واحد واشتدت الزلازل على أنطاكية والموصل ووقع أكثر من ألفي دار على أهلها فقتلتهم ومات من أهلها عشرون ألفا وفقد من بستان أكثر من مائتي نخلة من أصولها فلم يبق لها أثر ( 233 )

    4 - زلزلت بلاد المغرب حتى تهدمت الحصون والمنازل والقناطر فأمر المتوكل بتفرقة ثلاثة آلاف الف درهم في الذين أصيبوا بمنازلهم وكانت بانطاكية زلزلة ورجفة قتلت خلقا كثيرا وسقط منها ألف وخمسمائة دار ووقع من سورها نيف وتسعون برجا وسمع أهلها أصواتا هائلة لا يحسنون وصفها فتركوا المنازل وهرب الناس إلى الصحراء وسمع أهل تنيس صيحة عالية دامت فمات منها خلق كثير وذهبت جبلة بأهلها ( 245 )

    5 - ظهرت ظلمة بمصر وحمرة في السماء شديدة حتى كان الرجل ينظر إلى وجه الأرض فيراه أحمر وكذلك الحيطان وغيرها من العصر إلى العشاء فخرج الناس يدعون اله تعالى ويستغيثون إليه ووعد المنجمون الناس بالغرق فغارت المياه واحتاجوا إلى الإستسقاء ( 284 )

  20. #40
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي فوائد وعبر من السير ( 301 - 400 )

    1- الفوائد العقدية

    1 - أدخل الحلاج بغداد مشهورا على جمل وعلق مصلوبا ونودي عليه هذا أحد دعاة القرامطة فاعرفوه ثم حبس وظهر أنه أدعى الالهية وصرح بحلول اللاهوت في الأشراف وكانت مكاتباته تنبى ء بذلك فاستمال أهل الحبس بإظهار السنة فصاروا يتبركون به قاله في العبر ( 301 )



    2 - أحمد بن يحيى بن الراوندي الملحد لعنه الله ببغداد وكان يلازم الرافضة والزنادقة قال ابن الجوزي كنت أسمع عنه بالعظائم حتى رأيت في كتبه ما لم يخطر على قلب إنه يقوله عاقل فمن كتبه كتاب نعت الحكمة وكتاب قضيب الذهب وكتاب الزمردة وقال ابن عقيل عجبي كيف لم يقتل وقد صنف الدامغ يدمغ به القرآن والزمردة يزري بها على النبوات قاله في العبر وقال ابن الأهدل ما ملخصه له مقالات في علم الكلام وينسب إليه الإلحاد وله مائة وبضعة عشر كتابا وله كتاب نصيحة المعتزلة رد فيه عليهم وأصحابنا ينسبونه إلى ما هو أصل من مذهبهم عاش نحوا من أربعين سنة وراوند قرية من قرى قاسان بالمهملة من نواحي أصبهان قيل وهو الذي لقن اليهود القول بعدم نسخ شريعتهم وقال لهم قولوا إن موسى أمرنا أن نتمسك بالسبت ما دامت السموات والأرض ولا تأمر الأنبياء إلا بما هو حق انتهى والعجب من ابن خلكان كيف يترجمه ترجمة العلماء ساكتا عن عوارة ه مع سعة اطلاع ابن خلكان ووقوفه على إلحاده وقد اعترض جماعات كثيرة على ابن خلكان من أجل ذلك حتى قال العماد بن كثير هذا على عادته من تساهله وغضه عن عيوب مثل هذا الشقي والله أعلم ( 301 )


    3 - أبو علي الجبائي بالضم والتشديد نسبة إلى جبي بالقصر قرية بالبصرة وهو محمد بن عبد الوهاب البصري شيخ المعتزلة وأبو شيخ المعتزلة أبي هاشم وعن أبي علي أخذ شيخ زمانه أبو الحسن الأشعري ثم رجع عن مذهبه وله معه مناظرات في الثلاثة الإخوة وغيرها دونها الناس وسيأتي شيء منها في ترجمة الأشعري إن شاء الله تعالى ( 303 )


    4 - قتل أبو عبد الله الحسين بن منصور بن محمى الفارسي الحلاج وكان محمى مجوسيا قال في العبر تصوف الحلاج وصحب سهل بن عبد الله التستري ثم قدم بغداد فصحب الجنيد والنوري وتعبد فبالغ في المجاهدة والترقب ثم فتن ودخل عليه الداخل من الكبر والرياسة فسافر إلى الهند وتعلم السحر فحصل له به حال شيطاني وهرب منه الحال الإيماني ثم بدت منه كفريات أباحت دمه وكسرت صنمه واشتبه على الناس السحر بالكرامات فضل به خلق كثير كدأب من مضى ومن يكون إلى مقتل الدجال الأكبر والمعصوم من عصمة الله وقد جال هذا الرجل بخراسان وما وراء النهر والهند وزرع في كل ناحية زندقة فكانوا يكاتبونه من الهند بالمغيث ومن بلاد الترك بالمقيت لبعد الدار عن الإيمان وأما البلاد القريبة فكانوا يكاتبونه من خراسان بأبي عبد الله الزاهد ومن خورستان بالشيخ حلاج الأسرار وسماه أشياعه ببغداد المصطلم وبالبصرة المحير ثم سكن بغداد في حدود الثلثمائة وقبلها واشترى أملاكا وبنى دارا وأخذ يدعو الناس إلى أمور فقامت عليه الكبار ووقع بينه وبين الشبلي والفقيه محمد بن داود الظاهري والوزير علي بن عيسى الذي كان في وزارته كابن هبيرة في وزارته علما ودينا وعدلا فقال ناس ساحر فأصابوا وقال ناس به مس من الجن فما أبعدوا لأن الذي كان يصدر منه لا يصدر من عاقل إذ ذلك موجب حتفه أو هو كالمصروع أو المصاب الذي يخبر بالمغيبات ولا يتعاطى بذلك حالا ولا إن ذلك من قبيل الوحي ولا الكرامات وقال ناس من الأغتام بل هذا رجل عارف ولى لله صاحب كرامات فليقل ما شاء فجهلوا من وجهين أحدهما أنه ولى والثاني أن الولي يقول ما شاء فلن يقول إلا الحق وهذه بلية عظيمة ومرضة مزمنة أعياء الأطباء داؤها وراج بهرجها وعز ناقدها والله المستعان قال أحمد بن يوسف التنوخي الأزرق كان الحلاج يدعو كل وقت إلى شيء على حسب ما يستبله طائفه أخبرني جماعة من أصحابه أنه لما افتتن به الناس بالأهواز لما يخرج لهم من الأطعمة في غير وقتها والدراهم ويسميها دراهم القدرة حدث الجبائي بذلك فقال هذه الأشياء تمكن الحيل فيها ولكن أدخلوه بيتا من بيوتكم وكلفوه أن يخرج منه جرزتي شوك فبلغ الحلاج قوله فخرج من الأهواز وروى عن عمرو بن عثمان المكي أنه لعن الحلاج وقال قرأت آية من القرآن فقال يمكنني أن أؤلف مثلها وقال أبو يعقوب الأقطع زوجت بنتي بالحلاج فبان لي بعد أنه ساحر محتال وقال الصولي جالست الحرج فرأيت جاهلا يتعاقل وعيبيا يتبالغ وفاجرا يتزهد وكان ظاهره أنه ناسك فإذا علم أن أهل بلد يرون الإعتزال صار معتزليا أو يرون التشيع تشيع أو يرون التسنن تسنن وكان يعرف الشعبذة والكيماء والطب ويتنقل في البلدان ويدعى الربويية ويقول للواحد من أصحابه أنت أدم ولذا أنت نوح ولهذا أنت محمد ويدعى التناسخ وإن أرواح الأنبياء انتقلت إليهم
    وأجمع الفقهاء ببغداد أنه قتل كافرا وكان ممخرقا مموها مشعبذا وبهذا قال أكثر الصوفية فيه ومنهم طائفة كما تقدم أجملوا القول فيه وغرهم ظاهره ولم يطلعوا على باطنه ولا باطن قوله ولما أنشد لأبي عبد الله بن خفيف قول الحلاج ابن منصور
    سبحان من أظهر ناسوته @@@ سرسنا لاهوته الثاقب
    ثم بدا في خلقه ظاهرا @@@ في صورة الآكل والشارب
    حتى لقد عاينه خلقه @@@ كلحظة الحاجب بالحاجب
    فقال ابن خفيف على من يقول هذا لعنة الله فقيل له إن هذا من شعر الحلاج فقال قد يكون مقولا عليه ولما كان يوم الثلاثاء لتسع بقين من ذي القعدة سنة تسع وثلثمائة أحضر الحلاج إلى مجلس الشرطة بالجانب الغربي فضرب نحو ألف سوط ثم قطعت يداه ورجلا ثم ضربت عنقه وأحرقت جثته بالنار ونصب رأسه على سور الجسر الجديد وعلقت يداه ورجلاه إلى جانب رأسه وذكر السلمى بسنده قال أبو بكر بن ممشاد حضر عندنا بالدينور رجل ومعه خلاة فوجدوا فيها كتابا للحلاج عنوانه من الرحيم الرحمن إلى فلان بن فلان يدعوه إلى الضلالة والإيمان به فبعث بالكتاب إلى بغداد فسئل الحلاج عن ذلك فأقر أنه كتبه وعلى هذا جرى ما جرى ( 309 )


    5 - قال أبو يعلى في الطبقات وأنبأنا على المحدث عن أبي عبد الله الفقيه أنه قال إذا رأيت البغدادي يحب أبا الحسن بن بشار وأبا محمد البربهاوي فاعلم أنه صاحب سنة وكان ابن بشار يقول من زعم أن الكفار يحاسبون ما يستحي من الله ثم قال من صلى خلف من يقول هذه المقالة يعيد انتهى ملخصا أي خلافا للسالمية فإنهم يقولون بحساب الكفار كالمسلمين والحق إنهم تحصى أعمالهم ويطالعون عليها ويقرعون بها تقريعا من غير وزن وحساب لقوله تعالى ( فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ) ( 313 )


    6 - الكعبي شيخ المعتزلة أبو القاسم عبد الله بن أحمد البلخي قال ابن خلكان أبو القسم عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي البلخي العالم المشهور كان رأس طائفة من المعتزلة يقال لهم الكعبية وهو صاحب مقالات ومن مقالاته إن الله سبحانه وتعالى ليست له إرادة وإن جميع أفعاله واقعة منه بغير إرادة ولا مشيئة منه لها وكان من كبار المتكلمين وله اختيارات في علم الكلام ( 319 )


    7 - أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي الأزدي الخجري المصري شيخ الحنفية الثقة الثبت سمع هارون بن سعيد الأيلي وطائفة من أصحاب ابن عيينة وابن وهب ومنه أحمد بن القاسم الخشاب والطبراني وصنف التصانيف منها العقيدة السُنية السَنية وبرع في الفقه والحديث توفي في ذي القعدة وله اثنتان وثمانون سنة قال ابن يونس كان ثقة ثبتا لم يخلف مثله وقال الشيخ أبو إسحاق انتهت إليه رياسة الحنفية بمصر وقرأ أولا على المزني قيل وكان ابن أخته فقال له يوما والله لا جاء منك شيء فغضب وانتقل إلى جعفر ابن عمران الحنفي ففاق أهل عصره وكان يقول بعد رحم الله أبا إبراهيم يعني المزني لو كان حيا لكفر عن يمينه وصنف كثيرا ونسبته إلى طحا قرية بصعيد مصر ( 321 )


    8 - أبو هاشم عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب البصري الجبائي شيخ المعتزلة وابن شيخهم توفي في شعبان ببغداد(321 )


    9 - الإمام العلامة البحر الفهامة أبو الحسن الأشعري على بن إسماعيل ابن أبي بشر المتكلم البصري صاحب المصنفات وله بضع وستون سنة أخذ عن زكريا الساجي وعلم الجدل والنظر عن أبي علي الجبائي ثم رد المعتزلة ذكر ابن حزم أن للأشعري خمسة وخمسين تصنيفا وأنه توفي في هذا العام وقال غيره توفي سنة ثلاثين وقيل بعد الثلاثين وكان قانعا متعففا . قلت ومما بيض به وجوه أهل السنة النبوية وسود به رايات أهل الاعتزال والجهمية فأبان به وجه الحق الأبلج ولصدور أهل الإيمان والعرفان أثلج مناظرته مع شيخه الجبائي التي بها قصم ظهر كل مبتدع مرائي وهي كما قال ابن خلكان سأل أبو الحسن المذكور أستاذه أبا علي الجبائي عن ثلاثة إخوة كان أحدهم مؤمنا برا تقيا والثاني كان كافرا فاسقا شقيا والثالث كان صغيرا فماتوا فكيف حالهم فقال الجبائي أما الزاهد ففي الدرجات وأما الكافر ففي الدركات وأما الصغير فمن أهل السلامة فقال الأشعري إن أراد الصغير أين يذهب إلى درجات الزاهد هل يؤذن له فقال الجبائي لا لأنه يقال له أخوك إنما وصل إلى هذه الدرجات بسبب طاعته الكثيرة وليس لك تلك الطاعات فقال الأشعري فإن قال ذلك التقصير ليس مني فإنك ما أبقيتني ولا أقدرتني على الطاعة فقال الجبائي يقول الباري جل وعلا كنت أعلم لو بقيت لعصيت وصرت مستحقا للعذاب الأليم فراعيت مصلحتك فقال الأشعري فلو قال الأخ الأكبر يا إله العالمين كما علمت حاله فقد علمت حالي فلم راعيت مصلحته دوني فانقطع الجبائي ولهذه المناظرة دلالة على أن الله تعالى خص من شاء برحمته وخص آخر بعذابه وإلى أبي الحسن انتهت رياسة الدنيا في الكلام وكان في ذلك المقدم المقتدي الإمام
    قال في كتابه الإبانة في أصول الديانه وهو آخر كتاب صنفه وعليه يعتمد أصحابه في الذب عنه عند من يطعن عليه فصل في إبانة
    قول أهل الحق والسنة فإن قال قائل قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافضة والمرجئة فعرفونا قولكم الذي به تقولون وديانتكم التي بها تدينون قيل له قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها التمسك بكلام ربنا وسنة نبينا وما روى عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون وبما كان يقول أبو عبد الله أحمد بن حنبل نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون ولما خالف قوله مخالفون لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان الله به الحق ودفع به الضلال وأوضح المنهاج وقمع به بدع المبتدعين وزيغ الزائغين وشك المشاكين فرحمة الله عليه من إمام مقدم وجليل معظم وكبير مفهم وجملة قولنا إنا نقر بالله وملائكته وكتبه ورسله وبما جاء من عند الله وبما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرد من ذلك شيئا وإنه واحد لا إله إلا هو فرد صمد لم يتخذ صاحبة ولا ولدا وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق وأن الجنة حق وأن النار حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وأن الله مستو على عرشه كما قال الرحمن على العرش استوى وأن له وجها كما قال ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام وأن له يدين بلا كيف كما قال بل يداه مبسوطتان وأن له عينين بلا كيف كما قال تجري بأعيننا وأن من زعم أن أسماء الله غيره كان ضالا وندين بأن الله يقلب القلوب بين أصبعين من أصابع الله عز وجل يضع السموات على أصبع والأرضين على أصبع كما جاءت الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ونسلم الروايات الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي رواها الثقات عدلا عن عدل ونصدق بجميع الروايات التي رواها وأثبتها أهل النقل من النزول إلى السماء الدنيا وأن الرب عز وجل يقول هل من سائل هل من مستغفر وسائر ما نقلوه وأثبتوه خلافا لأهل الزيغ
    والتضليل ونقول إن الله يجيء يوم القيامة كما قال ( وجاء ربك والملك صفا صفا ) وأن الله يقرب من عباده كيف شاء كما قال ( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) وكما قال ( ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ) انتهى ملخصا وقد ذكر ابن عساكر في كتابه الذب عن أبي الحسن الأشعري ما يقرب من ذلك إن لم يكن بلفظه ولعمري إن هذا الإعتقاد هو ما ينبغي أن يعتقد ولا يخرج عن شيء منه إلا من في قلبه غش ونكد وأنا أشهد الله على أنني أعتقده جميعه وأسأل الله الثبات عليه وأستودعه عند من لا تضيع عنده وديعة ولحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وصلى الله على سيدنا محمد معلم الخيرات ( 324 )


    10 - أبو محمد المرتعش عبد الله بن محمد النيسابوري الزاهد أحد مشايخ العراق صحب الجنيد وغيره وكان يقال إشارات الشبلي ونكت المرتعش وحكايات الخلدي قاله في العبر وقال السخاوي في طبقاته عبد الله بن محمد النيسابوري من محلة بالحيرة صحب أبا حفص وأبا عثمان والجنيد وأقام ببغداد حتى صار أحد مشايخ العراق كانوا يقولون عجائب بغداد في التصوف ثلاث إشارات الشبلي ونكت المرتعش وحكايات الخلدي وكان مقيما في مسجد الشونيزية مات ببغداد ومن كلامه سكون القلب إلى غير المولى تعجيل عقوبة من الله في الدنيا وقال ذهبت حقائق الأشياء وبقيت أسماؤها فالأسماء موجودة والحائق مفقودة والدعاوي في السرائر مكنونة والألسنة بها فصيحة والأمور عن حقوقها مصروفة وعن قريب تفقد هذه الألسنة وهذه الدعاوي فلا يوجد لسان صادق ولا مدع صادق وقال الوسوسة تؤدي إلى الحيرة والإلهام يؤدي إلى زيادة فهم وبيان وقال أصول التوحيد ثلاثة أشياء معرفة الله تعالى بالربوبية والإقرار له بالوحدانية ونفى الأنداد عنه جملة وسئل بماذا ينال العبد حب الله تعالى قال بغض ما أبغض الله وهو الدنيا والنفس وسئل أي الأعمال أفضل فقال رؤية فضل الله عز وجل ( 328 )


    11 - توفي البربهاري أبو محمد الحسن بن علي الفقيه القدوة شيخ الحنابلة بالعراق قالا وحالا وكان له صيت عظيم وحرمة تامة أخذ عن المروذي وصحب سهل بن عبد الله التستري وصنف التصانيف وكان المخالفون يغلظون قلب الدولة عليه فقبض على جماعة من أصحابه واستترهو في سنة إحدى وعشرين ثم تغيرت الدولة وزادت حرمة البربهاري ثم سعت المبتدعة به فنودي بأمر الراضي في بغداد لا يجتمع اثنان من أصحاب البربهاري فاختفى إلى أن مات في رجب رحمه الله تعالى قاله في العبر وقال القاضي أبو الحسين بن أبي يعلى في طبقاته الحسن بن علي بن خلف أبو محمد البربهاري شيخ الطائفة في وقته ومتقدمها في الإنكار على أهل البدع والمباينة لهم باليد واللسان وكان له صيت عند السلطان وقدم عند الأصحاب وكان أحد الأئمة العارفين والحفاظ للأصول المتقنين والثقات المأمونين صحب جماعة من أصحاب إمامنا أحمد رضي الله عنه منهم المروذي وصحب سهل التستري وصنف البربهاوي كتبا منها شرح كتاب السنة شذرات الذهب
    وكانت له مجاهدات ومقامات في الدين كثيرة وكان المخالفون يغلظون قلب السلطان عليه ففي سنة إحدى وعشرين وثلثمائة تقدم ابن مقلة بالقبض على البربهاري فاستتر وقبض جماعة من كبار أصحابه وحملوا إلى البصرة فعاقب الله ابن مقلة على فعله ذلك بأن سخط عليه القاهر ووقع له ما وقع ثم تفضل الله عز وجل وأعاد البربهاري إلى حشمته وزادت حتى إنه لما توفي أبو عبد الله بن عرفة المعروف بنفطويه وحضر جنازته أماثل أبناء الدين والدنيا كان المقدم على جماعتهم في الإمامة البربهاري وذلك في صفر سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة في خلافة الراضي وفي هذه السنة زادت حشمة البربهاري وعلت كلمته وظهر أصحابه وانتشروا في الإنكار على المبتدعة فبلغنا أن البربهاري اجتاز بالجانب الغربي فعطس فشتمه أصحابه فارتفعت ضجتهم حتى سمعها الخليفة ولم تزل المبتدعة يوغرون قلب الراضي على البربهاري حتى نودي في بغداد أن لا يجتمع من أصحاب البربهاري نفسان فاستتر وتوفي في الاستتار رحمه الله تعالى وحدثني محمد بن الحسن المقرئ قال حكى لي جدي وجدتي قالا كان أبو محمد البربهاري قد اختفى عند أخت توزون بالجانب الشرقي في درب الحمام في شارع درب السلسلة فبقي نحوا من شهر فلحقه قيام الدم فقالت أخت توزون لخادمها لما مات البرهاري عندها مستترا انظر من يغسله فجاء بالغاسل فغسله وغلق الأبواب حتى لا يعلم أحد ووقف يصلي عليه وحده فاطلعت صاحبة المنزل فرأت الدار ملأى رجالا بثياب بيض وخضر فلما سلم لم تر أحدا فاستدعت الخادم وقالت اهلكتني مع أخي فقال يا ستي رأيت ما رأيت فقالت نعم فقال هذه مفاتيح الباب وهو مغلق فقالت ادفنوه في بيتي وإذا مت فادفنوني عنده في بيت القبة فدفنوه في دارها وماتت بعده بزمان فدفنت في ذلك المكان ومضى الزمان عليه وصار تربة ( 329 )


    12 - الشبلي أبو بكر دلف بن جحدر وقيل جعفر بن يونس وهذا هو المكتوب على قبره الزاهد المشهور صاحب الأحوال والتصوف قرأ في أول أمره الفقه وبرع في مذهب مالك ثم سلك وصحب الجنيد وكان أبوه من حجاب الدولة قال السخاوي في تاريخه أصله من أسروشنة من قرية من قراها يقال لها شبلية ومولده بسر من رأى كان خاله أمير الأمراء بالإسكندرية وكان الشبلي حاجب الموفق وكان أبوه حاجب الحجاب وكان الموفق جعل لطعمته دماوند ثم حضر الشبلي يوما فجلس خير النساج فتاب فيه ورجع إلى دماوند وقال أنا كنت حاجب الموفق وكان ولايتي بلدتكم هذه فاجعلوني في حل فجعلوه في حل وجهدوا أن يقبل منهم شيئا فأبى وصار بعد ذلك واحد زمانه حالا ويقينا وقال شيخه الجنيد لا تنظروا إلى الشبلي بالعين التي ينظر بعضكم إلى بعض فإنه عين من عيون الله وكان الشبلي فقيها عالما كتب الحديث الكثير وقال محمد بن الحسن البغدادي سمعت الشبلي يقول أعرف من لم يدخل في هذا الشأن حتى أنفق جميع ملكه وغرق في هذه الدجلة التي ترون سبعين قمطرا مكتوبا بخطه وحفظ الموطأ وقرأ بكذا وكذا قراءة عني به نفسه وقال كتبت الحديث عشرين سنة وجالست الفقهاء عشرين سنة وصحب الجنيد ومن في عصره وصار أوحد العصر حالا وعلما وتوفي في ذي الحجة ودفن بالخيزرانية ببغداد بقرب الإمام الأعظم وله سبع وثمانون سنة وورد أنه سئل إذا اشتبه على المرأة دم الحيض بدم الاستحاضة كيف تصنع فأجاب بثمانية عشر جوابا للعلماء ( 334 )


    13 - أبو نصر الفارابي صاحب الفلسفة محمد بن محمد بن طرخان التركي ذو المصنفات المشهورة في الحكمة والمنطق والموسيقى التي من ابتغى الهدى فيها أضله الله وكان مفرط الذكاء قدم دمشق ورتب له سيف الدولة كل يوم أربعة دراهم إلى أن مات وله نحو من ثمانين سنة قاله في العبر وقال ابن الأهدل قيل هو أكبر فلاسفة المسلمين لم يكن فيهم من بلغ رتبته وبه أي بتآليفه تخرج أبو على بن سينا وكان يحقق كتاب ارسطاطاليس وكتب عنه في شرحه سبعون سفرا ولم يكن في وقته مثله ولم يكن في هذا الفن أبصر من الفارابي وسئل من أعلم أنت أو أرسطاطا ليس فقال لو أدركته لكنت أكبر تلامذته ويقال أن آلة الصابون من وضعه قال الفقيه حسين هؤلاء الثلاثة متهمون في دينهم يعنى الفارابي والكندي وابن سينا فلا تغتر بالسكوت عنهم
    والفارابي بفتح الفاء والراء وبينهما ألف وبعد الألف الثانية باء موحدة نسبة إلى فاراب وتسمى في هذا الزمان أترار وهي مدينة فوق الشاش قريبة من مدينة بلاساغون وجميع أهلها على مذهب الشافعي رضي الله عنه وهي قاعدة من قواعد مدن الترك ويقال لها فاراب الداخلة ولهم فاراب الخارجة وهي في أطراف بلاد فارس
    وبالجملة فأخباره وعلومه وتصانيفه كثيرة شهيرة ولكن أكثر العلماء على كفره وزندقته حتى قال الإمام الغزالي في كتابه المنقذ من الضلال والمفصح عن الأحوال لا نشك في كفرهما أي الفارابي وابن سينا وقال فيه أيضا وأما الآلهيات ففيها أكثر أغاليطهم وما قدروا على الوفاء بالرهان على ما شرطوا في المنطق ولذلك كثر الاختلاف بينهم فيه ولقد قرب مذهب أرسطاطاليس فيها من مذهب الإسلاميين الفارابي وابن سينا ولكن مجموع ما غلطوا فيه يرجع إلى عشرين أصلا يجب تكفيرهم في ثلاثة منها وتبديعهم في سبعة عشر ولإبطال مذهبهم في هذه المسائل العشرين صنفنا كتاب التهافت أما المسائل الثلاث فقد خالفوا فيها كافة الإسلاميين وذلك قولهم أن الأجسام لا تحشر وأن المثاب والمعاقب هي الروح روحانية لا جسمانية ولقد صدقوا في إثبات الروحانية فإنها كائنة أيضا ولكن كذبوا في إنكار الجسمانية وكفروا بالشريعة فيما نطقوا به ومن ذلك قولهم إن الله يعلم الكليات دون الجزئيات وهذا أيضا كفر صريح بل الحق أنه لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ومن ذلك قولهم بقدم العالم وأزليته ولم يذهب أحد من المسلمين إلى شيء من هذه المسائل وأما ما وراء ذلك من نفيهم الصفات وقولهم أنه عالم بالذات لا بعلم زائد وما يجري مجراه فمذهبهم فيه قريب من مذهب المعتزلة ولا يجب تكفير المعتزلة
    وقال فيه أيضا القسم الثالث الآلهيون وهم المتأخرون مثل سقراط وهو أستاذ أفلاطون وأفلاطون أستاذ أرسطاطاليس وهو الذي رتب لهم المنطق وهذب العلوم وخمر لهم ما لم يكن مخمرا من قبل وأوضح لهم ما كان انمحى من علومهم وهم بحملتهم ردوا على الصنفين الأولين من الدهرية والطبيعية وأوردوا في الكشف عن فضائحهم ما أغنوا به غيرهم وكفى الله المؤمنين القتال بتقابلهم ثم رد أرسطاطاليس على أفلاطون وسقراط ومن كان قبله من الآلهيين ردا لم يقصر فيه حتى تبرأ عن جميعهم إلا أنه استبقى أيضا من رذائل كفرهم وبدعتهم بقايا لم يوفق للنزوع عنها فوجب تكفيرهم وتكفير شيعهم من الإسلاميين كابن سينا والفارابي وأمثالهما على أنه لم يقم بعلم أرسطاطاليس أحد من المتفلسفة الإسلاميين كقيام هذين الرجلين وما نقله غيرهم ليس يخلو عن تخبيط يتشوش فيه قلب المطالع حتى لا يفهم ومالا يفهم كيف يرد أو يقبل ومجموع ما صح عندنا من فلسفة أرسطاطاليس بحسب نقل هذين الرجلين ينحصر في ثلاثة أقسام قسم يجب التفكير به وقسم يجب التبديع به وقسم لا يجب انكاره أصلا انتهى ما قاله حجة الإسلام الغزالي فرحمه الله تعالى رحمة واسعة فانظر ما يجر إليه علم المنطق وما يترتب عليه للمتوغل فيه ولهذا حرمه أعيان الإجلاء كابن الصلاح والنواوي والسيوطي وابن نجيم في أشباهه وابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهم وإن كان أكثر الحنابلة على كراهته قال الشيخ مرعي في غاية المنتهى مالم يخف فساد عقيدة أي فيحرم والله تعالى أعلم بالصواب ( 339 )


    14 - اطلع الوزير المهلبي على جماعة من التناسخية فيهم رجل يزعم أن روح على رضي الله عنه انتقلت إليه وفيهم امرأة تزعم أن روح فاطمة رضي الله عنها انتقلت إليه وآخر يدعي أن جبريل فضربهم فتستروا بالانتماء إلى أهل البيت وكان ابن بويه شيعيا فأمر بإطلاقهم ( 341 )


    15 - فيها يوم عاشوراء ألزم معز الدولة أهل بغداد بالنوح والمأتم على الحسين رضي الله عنه وأمر بغلق الأسواق وعلقت عليها المسوح ومنع الطباخين من عمل الأطعمة وخرجت نساء الرافضة منشرات الشعور مضمخات الوجوه يلطمن ويفتن الناس وهذا أول ما نيح عليه اللهم ثبت علينا عقولنا قاله في العبر وفيها في ثامن عشر ذي الحجة عملت الرافضة عيد الغدير خم ودقت الكوسات وصلوا بالصحراء صلاة العيد ( 352 )


    16 - وأبو الحسن بن سالم الزاهد أحمد بن محمد بن سالم الزاهد البصري شيخ السالمية كان له أحوال ومجاهدات وعنه أخذ الأستاذ أبو طالب صاحب القوت وهو آخر أصحاب سهل التستري وفاة وقد خالف أصول السنة في مواضع وبالغ في الإثبات في مواضع وعمر دهرا وبقي إلى سنة بضع وخمسين ( 360 )


    17 - النعمان بن محمد بن منصور القيرواني القاضي أبو حنيفة الشيعي ظاهرا الزنديق باطنا قاضي قضاة الدولة العبيدية صنف كتاب ابتداء الدعوة وكتابا في فقه الشيعة وكتبا كثيرة تدل على انسلاخه من الدين يبدل فيها معاني القرآن ويحرفها مات بمصر في رجب وولي بعده ابنه ( 363 )


    18 - مات ملك القرامطة الحسن بن أحمد بن أبي سعيد الجنابي القرمطي والجنابي بفتح الجيم وقيل بضمها وتشديد النون آخره موحدة نسبة إلى جنابة بلد بالبحرين وكان الحسن هذا قد استولى على أكثر الشام وهزم جيش المعز وقتل قائدهم جعفر بن فلاح وذهب إلى مصر وحاصرها شهورا قبل مجيء المعز وكان يظهر طاعة الطائع لله وله شعر وفضيلة ولد بالأحساء ومات بالرملة قاله في العبر والقرمطي بكسر القاف وسكون الراء وكسر الميم وبعدها طاء مهملة والقرمطة في اللغة تقارب الشيء بعضه من بعض ويقال خط مقرمط ومشي مقرمط إذا كان كذلك لأن أبا سعيد والد هذا المذكور كان قصيرا مجتمع الخلق أسمر كريه المنظر فلذلك قيل له قرمطي ونسبت إليه القرامطة ( 366 )


    19 - الجعل واسمه حسين بن علي البصري الحنفي العلامة صاحب التصانيف وله ثمانون سنة وكان رأس المعتزلة قاله أبو إسحق في طبقات الفقهاء ( 369 )


    20 - في شوالها مات عضد الدولة فناخسرو بن الملك ركن الدولة الحسن بن بويه ولي سلطنة فارس بعد عمه عماد الدولة علي ثم حارب ابن عمه عز الدولة كما تقدم واستولى على العراق والجزيرة ودانت له الأمم وهو أول من خوطب بشاه شاه في الإسلام وأول من خطب له على المنابر ببغداد بعد الخليفة وكان من جملة ألقابه تاج الملة وهو الذي أظهر قبر الإمام علي كرم الله وجهه بالكوفة وبنى عليه المشهد الذي هناك وعمر النواحي وحفر الأنهار وأصلح طريق مكة وهو الذي بنى على مدينة النبي صلى الله عليه وسلم سورا وبنى المارستان العضدي ببغداد وأنفق عليه أموالا لا تحصى وكان أديبا مشاركا في فنون من العلم حازما لبيبا إلا أنه كان غاليا في التشيع ( 372 )


    21 - أبو بكر الرازي محمد بن عبد الله بن عبد العزيز شادان الصوفي الواعظ والد المحدث أبي مسعود أحمد بن محمد البجلي الرازي روى عن يوسف بن الحسين الرازي وابن عقدة وطائفة وهو صاحب مناكير وغرائب ولا سيما في حكايات الصوفية قاله في العبر وقال في المغنى طعن فيه الحاكم ولأبي عبد الرحمن السلمي عنه عجائب ( 376 )


    22 - محمد بن أحمد بن العباس أبو جعفر الجوهري البغدادي نقاش الفضة كان من كبار المتكلمين وهو عالم الأشعرية في وقته وعنه أخذ أبو علي بن شاذان علم الكلام توفي في المحرم وله سبع وثمانون سنة روى عن محمد بن محمد الباغندي وجماعة (379 )


    23 - إسحاق بن حمشاد الزاهد الواعظ شيخ الكرامية ورأسهم بنيسابور قال الحاكم كان من العباد المجتهدين يقال أسلم على يديه أكثر من خمسة آلاف ولم أر بنيسابور جمعا مثل جنازته ( 383 )


    24 - أبو طالب صاحب القوت محمد بن عطية الحارثي العجمي ثم المكي نشأ بمكة وتزهد وسلك ولقي الصوفية وصنف ووعظ وكان صاحب رياضة ومجاهدة وكان على نحلة أبي الحسن بن سالم البصري شيخ السالمية روى عن علي بن أحمد المصيصي وغيره
    قال محمد بن طاهر المقدسي في كتاب الأنساب أن أبا طالب المكي لما دخل بغداد واجتمع الناس عليه في مجلس الوعظ خلط في كلامه وحفظ عنه أنه قال ليس على المخلوقين أضر من الخالق فبعده الناس وهجروه وامتنع من الكلام بعد ذلك وله كتب في التوحيد وتوفي سادس جمادى الآخرة ببغداد ودفن بمقبرة الملكية بالجانب الشرقي وقبره هناك يزار رحمه الله ( 386 )


    25 - أبو الحسين بن سمعون الإمام القدوة الناطق بالحكمة محمد بن أحمد ابن إسماعيل البغدادي الواعظ صاحب الأحوال والمقامات روى عن أبي بكر ابن أبي داود وجماعة وأملى عدة مجالس ولد سنة ثلثمائة ومات في نصف ذي القعدة ولم يخلف ببغداد مثله قال ابن خلكان كان وحيد دهره في الكلام على الخواطر وحسن الوعظ وحلاوة الإشارة ولطف العبارة أدرك جماعة من المشايخ وروى عنهم منهم الشيخ أبو بكر الشبلي رحمه الله وأنظاره ومن كلامه ما رواه الصاحب بن عباد قال سمعت ابن سمعون يوما وهو على الكرسي في مجلس وعظه يقول سبحان من أنطق باللحم وبصر بالشحم واسمع بالعظم إشارة إلى اللسان والعين والأذن وهذه من لطائف الإشارات ومن كلامه أيضا رأيت المعاصي نذالة فتركتها مروءة فاستحالت ديانة وله كل معنى لطيف كان لأهل العراق فيه اعتقاد كثير ولهم به غرام شديد وإياه عنى الحريري صاحب المقامات في المقامة الحادية والعشرين وهي الرازية بقوله رأيت بها بكره زمرة أثر زمرة وهم منتشرون انتشار الجراد ومستنون استنان الجياد ومتواصفون واعظا يقصدونه ويحلون ابن سمعون دونه ولم يأت في الوعاظ مثله دفن في داره بشارع العباس ثم نقل يوم الخميس حادي عشر رجب سنة ست وعشرين وأربعمائة ودفن بباب حرب وقيل أن أكفانه لهم تكن بليت بعد رحمه الله تعالى ( 387 )


    26 - تمادت الشيعة في هذه الأعصر في غيهم بعمل عاشوراء باللطم والعويل وبنضب القباب والزينة وشعار الأعياد يوم الغدير فعمدت غالية السنة وأحدثوا في مقابلة يوم الغدير يوم الغار وجعلوه بعد ثمانية أيام من يوم الغدير وهو السادس والعشرون من ذي الحجة وزعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر اختفيا حينئذ في الغار وهذا جهل وغلط فإن أيام الغار إنما كانت بيقين في صفر وفي أول شهر ربيع الأول وجعلوا بإزاء يوم عاشوراء بعده بثمانية أيام يوم مصرع مصعب بن الزبير وزارو قبره يومئذ بمسكن وبكوا عليه ونظروه بالحسين لكونه صبر وقاتل حتى قتل ولأن أباه ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم وحواريه وفارس الإسلام كما أن أبا الحسين ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وفارس الإسلام فنعوذ بالله من الهوى والفتن ودامت السنة على هذا الشعار القبيح مدة سنين ( 389 )


    27 - أمر نائب دمشق الأسود الحاكمي بمغربي فطيف به على حمار ونودي عليه هذا جزاء من يحب أبا بكر وعمر ثم ضرب عنقه رحمه الله ولا رحم قاتله ولا أستاذه الحاكم ( 393 )


    28 - فيها كانت فتنة هائلة ببغداد قصد رجل شيخ الشيعة ابن المعلم وهو الشيخ المفيد وأسمعه ما يكره فثار تلامذته وقاموا واستنفروا الرافضة وأتوا دار قاضي القضاة أبا محمد بن الأكفاني والشيخ أبا حامد بن الأسفرائيني فسبوهما وحميت الفتنة ثم إن السنة أخذوا مصحفا قيل أنه على قراءة ابن مسعود فيه خلاف كثير فأمر الشيخ أبو حامد والفقهاء بتحريقه فأحضر بمحضر منهم فقام ليلة النصف رافضي وشتم من أحرق المصحف فأخذ وقتل فثارت الشيعة ووقع القتال بينهم وبين السنة واختفى أبو حامد واستظهرت الروافض وصاحوا الحاكم يا منصور
    فغضب القادر بالله وبعث خيلا لمعاونة السنة فانهزمت الرافضة وأحرقت بعض دورهم وذلوا وأمر عميد الجيوش بإخراج ابن المعلم من بغداد فأخرج وحبس جماعة ومنع القصاص مدة ( 398 )


    29 - هدم الحاكم العبيدي كنيسة القيامة بالقدس لكونهم يبالغون في إظهار شعارهم ثم هدم الكنائس التي في مملكته ونادى من أسلم وإلا فليخرج من مملكتي أو يلتزم بما آمر ثم أمر بتعليق صلبان كبار على صدورهم وزن الصليب أربعة أرطال بالمصري وبتعليق خشبة كيد المكمدة وزنها ستة أرطال في عنق اليهودي إشارة إلى رأس العجل الذي عبدوه فقيل كانت الخشبة على تمثال رأس عجل وبقي هذا سنوات ثم رخص لهم الردة لكونهم مكرهين وقال ننزه مساجدنا عمن لا نية له في الإسلا ( 398 )

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •