بسم اللم الله الرحمن الرحيم
عند النظر في الأحاديث التي في تحفة الأشراف و التي يرويها عطاء عن أبي الزبير عن جابر، نجد أن هناك 3 أحاديث يرويها فقط على حسب ما ذكر الحافظ المزي.
قال الحافظ المزي ( 2/333 ):
( 2886 – حديث (( من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر ))
س في الوليمة ( في الكبرى ) عن إسحاق عن معاذ بن هشام عن أبيه عنه به .
2887 – حديث (( من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر ))
س في الطهارة ( 247 ) بإسناد الذي قبله .
2888 – حديث أن عائشة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه و سلم : إني أجد في نفسي من عمرتي أني لم أكن طفت . (( قال: يا عبد الرحمن ! أعمرها من التنعيم )) .
س في الحج ( لعله الكبرى ) عن هناد بن السري عن ابن أبي زائدة عن ابن جريج عنه به .
ز المحفوظ حديث ابن جريج [ م. د ] عن أبي الزبير نفسه ، و قد مضى ح ( 2812 ) ) ا.هـ
هذه ثلاثة أحاديث ذكرها المزي.
و لكن في حقيقة الأمر ليسا ثم إلا حديثان، بل حديث واحد فقط.
فإما الحديث الأخير ( 2888 ) فان الحافظ المزي قد بين أن المحفوظ هو رواية ابن جريج عن أبي الزبير و ذلك في قوله :
( ز المحفوظ حديث ابن جريج ( م .د ) عن أبي الزبير نفسه، و قد مضى ( ح 2812 ) )
فالمراد بـ ( ز ) أي من قول المزي .
و هذا صحيح فان الحديث عند مسلم و أبي داود من رواية ابن جريج عن أبي الزبير
و أما في النسائي ( كتاب الحج ، باب العمرة من التنعيم 2/473 ح 4230) فهو هكذا : ( حدثنا ابن جريج عن عطاء و عن أبي الزبير عن جابر ..) .
فالحديث من رواية ابن جريج عن عطاء عن جابر ، و ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر ، و ليس من رواية عطاء عن أبي الزبير .
و هو كذلك في المنتخب من مسند عبد بن حميد ( 3/24 ح 1040 ) .
فبقي معنا الحديثان (2886، 2887 ) و هما في الحقيقة حديث واحد أيضا، و ذلك لان الحافظ المزي قد ذكر أن إسنادهما عند النسائي واحد، وهو إنما فرقهما لان النسائي قد قطع الحديث ، فذكر جزءا منه ؛ في الكبرى، و الآخر في السنن الصغرى .
أما في الكبرى فقد رواه في كتاب آداب الأكل، باب النهي عن الجلوس على مائدة يدار عليها الخمر ( 4/171 ح 6741 ) : ( حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنبا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن عطاء عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال:(( من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر))
و أما في الصغرى فقد أخرجه في كتاب الغسل و التيمم، باب الرخصة في دخول الحمام ( 399 ) سنن النسائي بشرح السيوطي و حاشية السندي ) ( بنفس السند بلفظ : (( من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر )) .
و قد أخرج الحديث الحاكمُ في مستدركه ( 4/320 ) باللفظ كاملا :
( من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يدخل حليلته إلى الحمام
من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر
من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر )
قال: و هو على حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه ) ا . هـ
و رواه البيهقي في شعب الإيمان ( 5/12 ح 5596 ) ، و الطبراني في الأوسط ( 2/ 415 تحقيق الطحان) (1715) .
فمن هو عطاء الذي في هذا الإسناد ؟
اختلف أهل الحديث في هذا على أقوال :
القول الأول – أنه عطاء بن أبي رباح :
ذهب إلى هذا القول :
1- الحافظ المزي كما مر معنا في تحفة الأشراف، و كذا في تهذيب الكمال ( 26/405 ) حيث ذكر في تلاميذ أبي الزبير؛ عطاء بن أبي رباح، و قال: ( س ) يعني عند النسائي ، فهو يشير إلى هذا الحديث، و كذلك ذكر في شيوخ عطاء بن أبي رباح؛ أبا الزبير ( 20/75 ) و قال أيضا: ( س ) .
2- الشيخ الالباني كما في الإرواء ( 7/7 ).
3- الشيخ شعيب الارنؤوط كما في تحقيق المسند ( 23/19 ) .
4- الشيخ محمد الأثيوبي كما في ذخيرة العقبى ( 5/500) .
و احتج هؤلاء بـ :
1- أن أبا الزبير من شيوخ عطاء بن أبي رباح ، بخلاف عطاء بن السائب .
2- أن الحاكم قال عقب تخريج الحديث : ( صحيح على شرط مسلم ) و معلوم أن عطاء بن السائب ليس من رجال مسلم بخلاف ابن أبي رباح فهو من رجاله، بل من رجال البخاري أيضا .
هكذا قال الشيخ الالباني كما في الإرواء .
و سوف يأتي مناقشة هذا الكلام عند ذكر القول الثاني.
القول الثاني – أنه عطاء بن السائب:
ذهب إلى القول :
1- الطبراني كما في الأوسط حيث قال: الأوسط ( 2/ 415 تحقيق الطحان) (1715)
( يقال أن عطاء الذي روى هذا عنه هشام الدستوائي هذا الحديث هو عطاء بن السائب ، و لم يروه عنه إلا هشام ، و لا عن هشام إلا ابنه ، تفرد به إسحاق ) و مثله في ( 9/100) ( 8210).
2- جعل الشيخ دبيان الدبيان كما في كتابه أحكام الطهارة ( 11/440 ) هذا محتملا جدا .
و قد ذكر الشيخ الدبيان عدة أدلة على هذا القول ؛ منها :
1- أن عطاء بن أبي رباح من شيوخ أبي الزبير ، و ليس من تلاميذه .
2- لم يذكر الحافظ المزي من تلاميذ عطاء بن أبي رباح هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، كما لم يذكر المزي من تلاميذ عطاء بن أبي رباح هشامَ بن أبي عبد الله الدستوائي ، كما لم يذكر المزي أيضا من شيوخ هشام عطاءَ بن أبي رباح .
3- أن هشام الدستوائي يروي عن عطاء بن السائب فيما ذكره أبو داود في مسائل أحمد.
4- أن حديث هشام في صحيح مسلم وفي غيره ، بينه و بين عطاء دائما أما قتادة كما في الحديث ( 901) ، أو مطر كما في ( 997 ) أو قتادة و بديل كما في ( 1674).
و كما نلاحظ من خلال هذا الكلام أن فيه ردا على القول الأول بأنه : عطاء بن أبي رباح ، و مما يزيد الأمر وضوحا؛ ما ذكر الشيخ دبيان ( أن عطاء بن أبي رباح لم يوجد له رواية في الكتب التسعة عن أبي الزبير ، و إنما هناك أحاديث كثيرة يرويها عطاء بن أبي رباح و أبو الزبير معا عن جابر، و هناك أحاديث يرويها أبو الزبير عن عطاء كما عند النسائي وأحمد و مالك ، و أما رواية عطاء بن أبي رباح عن أبي الزبير ، فلم يقف على إسناد واحد إلا أن يكون هذا الإسناد) ا. هـ بتصرف
و أما أنه عطاء بن السائب فهو بعيد أيضا قال الشيخ دبيان: ( إن عطاء بن السائب ليس معروفا بالرواية عن أبي الزبير، و قد بحثت في الكتب التسعة عن رواية لحديث يرويه ابن السائب عن أبي الزبير فلم أجد إلا هذا الإسناد المبهم).
القول الثالث: أنه عطاء بن عجلان:
وقد ذهب إلى هذا الحافظ ابن حجر كما في المطالب العالية ( 2/394) حيث قال: ( قال (خ): عطاء بن عجلان بصري نَسَبه عبد الوارث، منكر الحديث).
تنبه: (نَسبه) كذا في الأصل للمطالب و قال المحقق: كذا في البخاري و في الأصلين ((سبقه))
و في مختصر ابن عدي ((يشبه)).
و الأقرب (نسبه )لأنها في نسخة البخاري التي حققها المعلمي و كذا في التاريخ الأوسط تحقيق محمد اللحيدان .
القول الرابع: أنه عطاء بن دينار:
و هذا قول الحافظ العراقي و رجحه الشيخ دبيان الدبيان
فقد وجد محقق تحفة الأشراف ( 2/333) تعليقا للحافظ العراقي فقال : ( في حاشية ل : ذكر شيخنا العراقي أن س قال في الوليمة : إن عطاء هذا : هو ابن دينار مديني.
و في حاشية ل أيضا : عطاء بن دينار عن أبي الزبير عن جابر، يذكر معه الحديثان الأولان من الترجمة التي قبل هذا ، كما ذكره شيخنا أبو الفضل العراقي ) ا. هـ
و هذا النقل عن النسائي لم أجده في الكبرى المطبوع .
و هذا هو الأقرب ، فقد ظفرت بهذا الإسناد عند الأصبهاني في الترغيب و التهيب ( 1/77)(27) و انه عطاء بن دينار .
لكن هناك اثنان كما ذكر الحافظ المزي في تهذيب الكمال ( أحدهما مصري ثقة، و الأخر ذكره تمييزا، وقال: مولى قريش).
و مال الشيخ دبيان إلى انه الثاني و هو فعلا كذلك، لان النسائي قال مدني .
عسى الله أن ينفع بهذا البحث.