السلام عليكم
كتاب البديع لعبد الله بن المعتز:
يعد كتاب "البديع" لـ:عبد الله بن المعتز أول مؤَّلف في البديع و صَنْعَة الشعر، كما أجمع على ذلك جميع الباحثين، فهو على رأس قائمة كتب "ابن المعتز" بالنظر إلى اختصاصه لهذا الفن، و يعد فاتحاً جديد و يعترف بذلك "ابن المعتز" نفسه من خلال قوله:
"و ما جمع فنون البديع ولا سبقني إليه أحد"[1] كما يعد سببا من أسباب تأليف "ابن المعتز" لكتابه "البديع".
أما عن موضوع كتاب "البديع"؛ فهو ذكر لألوان البديع، وشواهدِها فنجد المؤلف يذكر ما أُثِرَ للون البديعي من شاهد في كتاب الله ، ثم في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم في كلام الصحابة و سواهم ثم يليهم كلام الأعراب و بلغاء الكُتاب، ثم يذكر كثيرا مما أُثِرَ من شواهد في الشعر العربي:" الجاهلي، الإسلامي، شعر المحدثين" و ينتهي في الأخير يذكر ما عِيب من شواهد الكلام على هذا اللون المتكلفة و الخارجة عن حدود البلاغة و سحر البيان[2].
يرى الدكتور "إبراهيم سلامة " أن رقة "ابن المعتز" في شعره و حياة النعمة و الرفاهية اللتين كان يتقلب في عطفيهما أحد أسباب تأليفه لهذا الكتاب[3] .
إضافة إلى ما تقدم نجد من أسباب تأليف "ابن المعتز" لهذا الكتاب، هو محاولة تحديده أصول هذا الفن، الرد على "أبي تمام" و من لفَّ لفَّه في دعواهم اختراع هذه الأنواع البيانية و البديعية([4]) و نجد "ابن المعتز " ذكر هذا في كتابه فيقول :" ليعلم أن بشارًا و مسلماً و أبا نواس، و من تقيلهم(*) و سلك سبيلهم، لم يسبقوا إلى هذا الفن ، و لكنه كثر في أشعارهم، فعُرِفَ في زمانهم، حتى سمي بهذا الاسم، فأعرب عنه ودلَّ عليهم[5] .
-و قد قدم هذا الكتاب "البديع" للدرس البلاغي فائدتين هامتين:
-أولهما: تقديم هذا المنهج النقدي الماثل في الموازنة بين الأمثلة الجيدة و الغير جيدة، و هو المنهج الذي سار عليه البلاغيين بعده.
-ثانيهما: الدلالة على أن البديع فن عربي خالص أصيل له جذوره الموروثة في التراث العربي القديم من القرآن و الحديث، أشعار القدماء.
و قد قَسم الكتاب إلى قسمين :
1-أبواب البديع: و يشمل هذا القسم على خمسة أبواب تحدّث فيه "ابن المعتز" عن أصول البديع الكبرى من جهة نظره و هي : الاستعارة، التجنس، المطابقة، رد العجز على الصدر، و المذهب الكلامي[6].
2-محاسن الكلام و الشعر: و هي كثيرة ذكر منها ثلاثة عشر نوعاً و هي:
الالتفات، الاعتراض، الرجوع، حسن الخروج، تأكيد المدح بما يشبه الذم، تجاهل العارف، الهزل الذي يراد به الجد، حسن التضمين للشعر، التعريض و الكناية، الإفراط في الصفة، حسن التشبيه، إعنات الشاعر نفسه في القوافي، حسن الابتداء و قد ذكر هذه الأبواب رغبة منه في أن تكثر فوائد كتابه للمتأدبين([7]).
يمتاز كتاب البديع بأنه ينحوا في دراسة ألوان البديع و فنون دراسة تطبيقية واسعة لها أثرها في تكوين الملكة و الذوق و دعم الفكرة في نفس القارئ بالحجّة كما يمتاز بسعة الاطلاع و حسن الاختيار في جميع شواهد الكتاب[8].


[1] عبد الله بن المعتز"كتاب البديع"، ص 58.

[2] د/ محمد عبد المنعم خفاجي"ابن المعتز تراثه في الأدب و النقد و البيان" ، ص574.

[3] د/ طالب محمد الرويغي، ناصر حلاوي"البلاغة العربية البيان البديع" دار النهضة العربية ، بيروت ، ط 1، 1996، ص 133.

[4] د/سعد سليمان حمودة، "البلاغة العربية "، ص 87.

* تقبل الوالد اباه :نزع اليه في الشبه احثني حذوة

[5] عبد الله بن المعتز"كتاب البديع"، ص 1.

[6] د/ زيد كامل الخويسكي، محمد مصطفى أبوا شارب"دراسات في تاريخ البلاغة"ط1 ، سنة 2004، ص 15-16.

[7] د/ عيد العزيز عتيق"في تاريخ البلاغة العربية" دار النهضة العربية للطباعة و النشر (بيروت) بدون سنة نشر، ب ط، ص 53.

[8] د/ محمد عبد المنعم خفاجي"ابن المعتز تراثه في الأدب و النقد و البيان" ، ص 604.