مشايخ الإعلام!!
الذين يعلنون الفتوى بالاختلاط ورضاع الكبير وحل السحر عن المسحور وحلّ الغناء وترك صلاة الجماعة
من الذين يتبعون ما تشابه منه ...... فيجب الحذر منهم!
قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الأَلْبَابِ)(آل عمران:7)
ثبت في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: تلا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : (هُوَ الَّذِي أنزَلَ علَيْكَ الكتابَ منه آياتٌ محكماتٌ) - وقرأَتْ إلى – (ومَا يَذَّكَّرُ إلا أُولُو الألبابِ) (آل عمران: 7) فقال :«فإذا رَأَيْتُمُ الَّذِين يَتَّبِعُونَ ما تشابَهَ منه ، فأُولئكَ الذين سمَّى اللَّهُ فاحذَرُوهم» رواه البخاري ومسلم وأبو داود.
ومعاذ الله أن يُنكر ما ثبت من اختلاف العلماء، ولكن عندما تَسْتَقِر الأمة على قولٍ -وهو الراجح– لا يجوز أن يُلبّس على الناس أمر دينهم ببث قولٍ آخر – حتى لو كان راجحا فكيف بالمرجوح؟- فتختلف مذاهبهم، واختلاف المذاهب يقضي باختلاف القلوب، واختلاف القلوب يلزم منه اختلاف الصفوف، فيدخل بذلك الفساد على البلاد والعباد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولئن كان النبي صلى الله عليه وسلم ترك ما هو مشروع باتفاق وهو الأفضل، ورضي بالأدنى مراعاة لمصلحة الوفاق، ودفع تنافر الناس، فكيف بما هو محل اختلاف، وصريح السنة وجماهير العلماء على السائد عند العامة والخاصة؟
فقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها : أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لها: «ألم تَرَيْ أنَّ قومَكِ حين بَنَوْا الكَعبةَ ، اقْتصروا عن قواعد إبراهيم ، فقلت : يا رسول الله ، ألا تَرُدَّها على قواعِدِ إبراهيم ؟ فقال رسول الله : لولا حدْثانُ قومِكِ بالكُفرِ لفعلتُ».
فالأمة –وأخص ما أقصد هم المجتمع السعودي- توافق أمرهم على:
= نبذ السحرة، والاستعانة بالطب الشرعي المباح في علاج السحر.
= وعلى كفر الرافضة ومنابذتهم.
=وعلى كفر عباد القبور، ومنابذتهم.
=وعلى التحذير من تعظيم الآثار، وإحيائها.
= وعلى نبذ الغناء، واعتباره من المنكرات.
= وعلى الصلاة مع الجماعة.
=وعلى نبذ الاختلاط بين الرجال والنساء.
= وعلى إنكار قيادة المرأة للسيارة، وأنه لا يجوز.
=وعلى عدم اعتبار رضاع الكبير، وأنا ما روي في إباحة ذلك من الحكم الخاص أو الاجتهاد المرجوح.
فكيف يأتي متهورٌ بدعوى سعة الأفق، واعتبار الاختلاف، وتمام الاجتهاد، فينادي في الأمة بأن ما أنتم عليه خلاف الصحيح، وأنه لا يجوز كذا، ويجوز كذا؟
إن فتح هذا الباب؛ وخاصة من غير جهة الإفتاء الرسمية –كهؤلاء- سوف يفتح باب شرٍّ عظيمٍ يجب تداركه وإغلاقه، وإلا فسوف يأتينا غداً من يقول:
= ترك الصلاة ليست كفراً، ومن باب أولى من ترك بقية الشعائر مسلم فاسق! وهذا قول عند بعض من ينتسب إلى السنة.
= وتحكيم غير شرع الله، وتعطيل حكم الله لا يكفر صاحبه مطلقاً، وهو قول متداول!!
= وكل مجتهد من أرباب الملل والنحل مصيب!!!! وهذا قول محكي!
= وصلاة الجماعة ليست واجبة! وهذا قول مروي!
= وسفر المرأة بغير محرم جائز، وهذا قول منقول!
= وكشف وجه المرأة جائز، وهو قول محكي!
= وأن التعري في الأعراس جائز سوى ما بين السرة والركبة!!، وهو قول محدث منقول!
= وقيادتها للسيارة جائزة، وهذا قول مذاع!
= والاختلاط مباح! وهذا قول محدث!
= والزواج بغير ولي ولا شهود جائز! وهذا قول منقول!
= وإتيان المرأة في الدبر جائز! وهذا مذهب معروف أصحابه!!
= والغناء حلال! وهذا قول مشهور!
= والمتعة حلال! وهذا مذهب منقول قديماً!
= وشرب الدخان حلال! وهذا مذهب عند بعضهم!!
= وأن الخمر المحرم هو ما كان من العنب أم الهروين وبقية المخدرات فلا، وهو قول له أصلٌ كوفي مشهور!!
= وأن غسل الرجلين في الوضوء ليس بواجب، وهو قول منقول!
فبالله عليكم أي دينٍ سيبقى في بلادنا عندما تتوارد هذه الأقوال على العامة، فيأخذون بساقطة كلّ واحدٍ من أمثال هؤلاء؟
قال الإمام ابن القيم في "مدارج السالكين" (2 / 58): (من ترخص بقول أهل مكة في الصرف، وأهل العراق في الأشربة، وأهل المدينة في الأطعمة، وأصحاب الحيل في المعاملات، وقول ابن عباس في المتعة، وإباحة لحوم الحمر الأهلية، وقول من جوز نكاح البغايا المعروفات بالبغاء، وجوز أن يكون زوج قحبة، وقول من أباح آلات اللهو والمعازف : من اليراع والطنبور والعود والطبل والمزمار، وقول من أباح الغناء، وقول من جوز استعارة الجواري الحسان للوطء، وقول من جوز للصائم أكل البرد، وقال : ليس بطعام ولا شراب، وقول من جوّز الأكل ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس للصائم، وقول من صحح الصلاة بمدهامتان بالفارسية، وركع كلحظة الطرف، ثم هوى من غير اعتدالٍ وفصلٍ بين السجدتين بارتفاع كحد السيف، ولم يصل على النبي، وخرج من الصلاة بحبقة، وقول من جوز وطء النساء في أعجازهن، ونكاح بنته المخلوقة من مائه الخارجة من صلبه حقيقة إذا كان ذلك الحمل من زني، وأمثال ذلك من رخص المذاهب وأقوال العلماء فهذا الذي تنقص بترخصه رغبته ويوهن طلبه ويلقيه في غثاثة الرخص) انتهى.
وقال الحافظ الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(8 / 90): (ومن تتبع رخص المذاهب، وزلات المجتهدين، فقد رق دينه، كما قال الأوزاعي أو غيره: "من أخذ يقول المكيين في المتعة، والكوفيين في النبيذ، والمدنيين في الغناء، والشاميين في عصمة الخلفاء، فقد جمع الشر" وكذا من أخذ في البيوع الربوية بمن يتحيل عليها، وفي الطلاق ونكاح التحليل بمن توسع فيه، وشبه ذلك، فقد تعرض للانحلال، فنسأل الله العافية والتوفيق) انتهى كلام الذهبي.
فليت شعري ما يريد هؤلاء من ذلك (التمييع) للدين؟ والله ما هذا إلا ابتغاء الفتنة في دين الله، وابتغاء إحداث الفرقة والبلبلة بين أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
ونحن في زمن اشتدت فيها الغربة، وغلب فيه الجهل، وندر من يجرد اللسان والبنان نصرة لدين الله تعالى، وكنا كما قال الإمام عبدالله بن المبارك: (اعلم أي أخي! إنَّ الموت كرامة لكل مسلم لقي الله على السُّنَّة، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، فإلى الله نشكو وَحْشَتَنَا وذهابَ الإخوان، وقلة الأعوان، وظهور البدع، وإلى الله نشكو عظيم ما حَلَّ بهذه الأُمة من ذهاب العلماء وأهل السُّنَّة، وظهور البدع).
فمثل هذا الزمان يحمل عقلاء العلماء وطلاب العلم أن لا يتجهوا إلى البحث عن الرخص في زمنٍ يسعى أهله إلى طلبها، وإنما يحمد الاتجاه إلى الرخص عندما يغلب على الناس مبالغة الحرص على التمسك بالدين، وتحمل المشقة في القيام بشعائره، فيرشدون إلى الرخص تبياناً لسعة الدين، وسماحة الشريعة، أما والأمر كما هو اليوم من شدة الحملة على السنة النبوية، والتشكيك فيها، والانفلات الديني والأخلاقي، وجرأة الناس على المحرمات، فلا تكاد تسمع إلا منكراً، ولا ترى إلا منكراً، حتى صار صاحب الدين في وحشة وغربة لا يعلم قدرها إلا الله، فلا يجوز لعاقل بله عالم أن ينادي الناس إلى مزيد من التساهل، وتأييد ما هم عليه من انحلال، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله،،،

كتبه
بدر بن علي بن طامي العتيبي
11 جمادى الآخرة 1431هـ