أبو حامد الغزالي، وكتابه "إحياء علوم الدين"
قال الشيخ المحدث العلامة عبد الكريم بن عبد الله الخضير، حفظه الله ورعاه:
(الغزّالي الأصل فيه التشديد، ولكن اشتهر على ألسنة الناس بالتخفيف، يسمى حجة الإسلام، وهو صاحب المستصفى، والإحياء (إحياء علوم الدين)، ولا شك أن الرجل معروف ببدعته في التصوف والأشعرية وغيرها، ومعروف بأخطائه العقدية، فهو مخالف في العقيدة لما عليه سلف هذه الأمة في كثير من أبواب الاعتقاد، وتصوفه ممزوج بنوع من الفلسفة القديمة، فالرجل عنده أمور عظائم، وبدع، وطوام، فأمره شديد في كثيرٍ من القضايا تُؤخذ منه على حذرٍ شديد.
وكتابه "إحياء علوم الدين" كتاب معروف ومشهور ومتداول وله شأن عظيم في جميع الأقطار الإسلامية، بل هو ديدن عند كثير من المسلمين في كثير من الأقطار، أورد فيه من الأحاديث الضعيفة والموضوعة والواهية وما لا أصل له الشيء الكثير، لذا هو يقول عن نفسه: (بضاعتي في الحديث مزجاة)، وفيه أيضاً شوب البدعة واضحة، والخروج عن منهج السلف الصالح في كثير من المباحث العقدية.
ولكن الكتاب فيه فوائد لا سيما فيما يتعلق بأمراض القلوب،وطالب العلم المتأهِّل الذي يميز بين الحق والباطل، والذي يُدرك مثل هذه الأمور، ويستطيع أن يستفيد من هذا الكتاب ولا يتأثر بما فيه من بدع، لا يمنع من الإفادة منه، لكن مع ذلك ينبغي أن يُقرأ على حذر.
وأما الذي لا يستطيع أن يأخذ منه ما يفيده إلا بشيء من التأثر، أو يخشى يعلق في ذهنه شبه لا يستطيع ردها، فإن مثل هذا ينصح بأن لا يقرأ في الكتاب، وفي نظري أن الكتاب بوضعه الحالي دون تعليق عليه وبيان للأخطاء التي فيه، أن طالب العلم المتوسط قد لا يتخلص من كثير من مخالفاته.
ومن هنا جاء التشديد في أمره بالنسبة لشيوخنا، وأئمة الدعوة، كلهم لا يرون القراءة في هذا الكتاب لما فيه من مخالفات عقدية، وأحاديث باطلة.
وسماه بعضهم "بإماتة علوم الدين"؛ باعتبار ما فيه من بدعة، وما فيه من أحاديث ضعيفة وموضوعة، ولا شك السلامة لا يعدلها شيء، وأما فيه من معالجة لبعض أمراض القلوب ورقائق فإنه يستفاد من كتب ابن القيم من غير هذه المفسدة).