عندما يموت العناق
يا نائم الليلِ الطويلْ
مهلاً ,فهذا العُمْر راحْ
لا تحسبنَّ الفوزَ في
نومٍ وغانيةٍ وراحْ (1)
إن أظلمتْ فيك القبورْ
ونسيتَ أيام القصورْ
وذكرتَ أياماً مضتْ
ولكمْ خططتَ بها السطورْ
كم تشتكي ألم النَّوى
وتذوبُ إنْ حلَّ الفراقْ
ودَّعتَ أصحاباً مَضَوْا
وجلستَ تنتظرُ التلاقْ
أنَّى تعانقُ راحلاً؟!
فبموته مات العناقْ
فغداً مصيرُك في التراب
يا راكضاً خلف اليبابْ
قل لي: أتُروى من سرابْ؟!
لم تدرِ يوماً يا أخي
أمراً يُخبِّؤُهُ الغيابْ
إن سرتَ عُمْراً في الدُّنى
بين الفيافي والهضابْ
فغداً مصيرُك يا أخي
بين الجنادلِ والترابْ
جلسة مع الماضي
وجلستُ والذكرى معي
حزني يمزِّق أضلعي
هلا رأيت تَقلبي
والنومُ يجفو مضجعي
والجَفنُ داعبَ أنْجُماً
خُسفتْ لأجل توجُّعي
ناديتُ أياماً مضتْ:
هيا ارجعي هيا ارجعي
مضيقٌ يوصِل إلى الآخرة
ومشيْتُ وحدي في الطريقْ
لم يبقَ خِلٌّ أو صديقْ
أودعتُهم جوفَ الثرى
فالتُرْبُ للأخرى مضيقْ
وتكاثرت مني الدموعْ
والروحُ كَللها الخشوعْ
إني إذا رقَد الجميعْ
لم أدرِ ما طعمُ الهُجوعْ
فالشوقُ ألهبَ مقلتي
وبخافقي شبَّ الحريقْ
والدمعُ يجري أنهُراً
وأنا بدمعي كالغريقْ
ولُجَينُ عيني مجمِرٌ
واللونُ أضحى كالعقيـقْ
لم يلتئمْ جرحُ الأسى
جرحُ الأسى جرحٌ عميقْ
يا صاحِ إن كثر العويلْ
في ظلمة الليل الطويلْ
فالجأ لربك قائلا :
مولايَ يا نعم الوكيل
مختارات رائعة من ديوان بدر الدجى للشيخ الشاعر مصطفى قاسم عباس