تحقيق كنية الإمام عبد العزيز الكناني صاحب كتاب الحيدة
ولقبه
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد اختلف الناس في كنية المصنف لكتاب الحيدة علي ثلاثة أقوال :
الأول : أنها " أبو الحسن " وهو الأشهر، وقال به صاحب (معجم المؤلفين) وصاحب (كشف الظنون) وصاحب (هدية العارفين) والشيخ ناصر الفقيهي والدكتور صليبا النصراني وبقية محققي الكتاب والباحثين الذين تناولوه بالدراسة، ووجدت علي طرة كثير من نسخ الكتاب المخطوطة والمصورة .
وقد اجتمعت تلك الكنية مع النسبة إلي كنانة (الكناني) لجماعة من الأعلام منهم: أبو الحسن علي بن منقذ الكناني [ سديد الملك ] ( ت : 479 هـ)، وأبو الحسن علي بن مرشد بن علي الشيزري الكناني ( ت : 520 هـ)، وأبو الحسن علي بن عمر القبجاقي الكناني النحوي (ت: 730 هـ)، وأبو الحسن علي بن إبراهيم الكناني (ت: 720 هـ) وغيرهم.... فلعل هذا داعي الوهم والله أعلم.
الثاني : أنها " أبو العباس" ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية :
قال رحمه الله([1]):" وكلام أبى العباس عبدالعزيز المكى صاحب (الحيدة) فى الرد على الجهمية وكلام نعيم بن حماد الخزاعى وكلام غيرهم " انتهى
ومما لا يخفاك أن (أبا العباس) هي كنية ابن تيمية نفسه فيصعب في العادة أن يكون نحلُهُ عبدَ العزيزِ إياها وهماً أو توهماً .
الثالث : أنها "أبو محمد" مذكور علي لسان الأصمعي في كتاب الحيدة نفسه ؛ قال عبد العزيز الكناني :" وسمعت الأصمعي عبد الملك بن قريب، وقد سأله رجل أتدغم الفاء في الياء؟ فتبسم الأصمعي وقبض على يدي وكان لي صديقاً، فقال لي أما تسمع ( يا أبا محمد )، ثم أقبل على السائل وهو يتعجب من مسألته وقوله فقال له: تدغم الفاء في الياء في لغة إخواننا بني الأنباء- بني ساسان- يقولون: كيصبحت، فيدغمون الفاء في الياء، أما العرب فلا تعرف هذا " انتهى
قلت : وقد سقطت " يا أبا محمد " من طبعة الشيخ الفقيهي وأثبتُّها من طبعة عبد العزيز آل الشيخ كما ترون .
ولعل للكناني كنى شتي ولو تعينت واحدة مما سبق لتعينت (أبو محمد) لأنها جاءت علي لسان عبد العزيز نفسه، وتليها (أو العباس) لأنها تقرير النابغة العبقري شيخ الإسلام ابن تيمية وهو كما قال ابن القيم:

وله اطلاعٌ لم يكن من قبله*** لسواه من متكلمٍ بلسانِ
وأما (لقبه) ففيه قولان لا يتضادان بل يتفقان ويأتلفان :
الأول : أنه ( الغول ) : قاله جميع من ذكر لقبه ممن ترجم له([2]) .
الثاني : أنه ( الغولي ) وهو نسبة إلي الغول : ذكره السمعاني، قال([3]) :" الغولي: بضم الغين المعجمة هو عبد العزيز بن يحيى المكي المعروف بالغولي وكان يشبه بالغول لقبح وجهه إلا أنه كان شديد المذهب والسيرة وكان يناظر بشر بن غياث المريسي في مسأله القرآن ويثبت الصفات أدركه أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم وأبو محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي الأستاذ. هكذا ذكره الحافظ أبو كامل البصيري في كتاب (المضاهاة) " انتهى
هذا، والله أعلم.




[1] - مجموع الفتاوي ( 5 / 24 ).

[2] - ترجمته في ( تهذيب الكمال 18 / 220 ) و ( تهذيب التهذيب 14 / 324 ) و(تقريب التهذيب : 359) و (تاريخ بغداد 10 / 449) و (ميزان الاعتدال 2/ 639 ) و ( تهذيب طبقات الفقهاء : 103 ) و ( الفهرست : 261 ) و(الأعلام 4 / 29 ) وغيرها .

[3] - الأنساب(4 / 320).