بارك الله فيك ..
ما فهمته صحيح إن شاء الله ..
فإن العقلاء يفرقون - ولا بد - بين الصفة وصفة الصفة (وهي المعنى الزائد على الصفة الذي يصف حقيقة تلك الصفة وكيفية تحقق معناها في الموصوف بها: هل هي بعض مركب؟ هل هي جزء من أجزاء؟ هل هي جارحة؟ هل هي ماكينة؟ فكيف تعمل وما هيئتها؟... الخ).. وتعيين صفة الصفة ليس بلازم من مجرد فهم معنى الصفة! فإن زعم قوم أن من صفة الإله المعبود عندهم ما يجب أن تتوقف فيه العقول = فما فائدة مخاطبة الوحي لهم بتلك الصفة "اللا معقولة" أصلا؟؟ وهل جاء خبر السماء بصفات لا تطيق عقولنا فهمها؟؟ لماذا خلقت تلك العقول فينا أصلا إن كانت تعجز عن القيام بأول واجب تكليفي لها على الإطلاق = فهم ما خاطبها به الرب الخالق من صفاته حتى تعرفه حق المعرفة، ثم عقد القلب عليه والتسليم به بيقين؟؟
وكيف يطالب البشر ببناء عقيدتهم في ربهم على معنى متناقض لا يستقيم في عقولهم أن يكون صفة لشيء من الموجودات أصلا؟؟ كل هذا الكلام في معنى الصفة نفسه لا في صفة تلك الصفة وطبيعتها وحقيقتها، فإن هذا الأخير معنى إضافي ليس لنا الخوض فيه ولا نطيقه!
ومن هنا يتبين لك وهاء قياس النصراني لمعنى التجسد والحلول عندهم على معنى نزول الرب عندنا! فإننا نقول إن هذا النزول لا يلزم منه حلول في المخلوقات ولا خلو العرش منه ولا أن يكون شيء من خلقه فوقه، ولا شيء من ذلك، وهذا هو وجه تنزيه ذلك المعنى من النقيصة المعنوية، فلا نجد إشكالا عقليا في قبول معناه كصفة والتسليم به، ونتوقف في تصور صفة تلك الصفة وكيف يكون تحققها في ذات الله، فإن مجرد معرفة معنى تلك الصفة وفهمها كما جاء الخطاب بها لا يلزم منه التزيد بمعرفة صفة تلك الصفة أو تصورها على وجه من الوجوه!
أما هم فالمعنى الفاسد عندهم تراه جليا في أصل الصفة نفسها لا في صفة الصفة! إذ وصفهم الرب بأنه يتجسد أو يحل في المخلوقات = نقيصة للرب جل وعلا شديدة القدح في كماله تبارك وتعالى.. يزعمون قاتلهم الله أن الرب حل في رحم امرأة ثم خرج مخلوطا بقاذورات الناسوت من فرجها ثم نصب على الصليب وبصق عليه وامتهن ثم دفن في التراب وقام من بين الأموات، متلبسا في جسد يسوع ... هذه معانٍ ذميمة يغني ذكرها عن بيان وجه النقص فيها، فلا يقبل العقل السوي أن يجعلها صفة للرب جل وعلا أصلا إذ لازمها المعنوي = النقيصة والمسبة! لا يقبل العقل السوي معنى اختلاط اللاهوت بالناسوت كصفة ابتداءا، بصرف النظر عن المعنى الزائد الإضافي لصفة ذلك الاختلاط والكيفية التي بها حل اللاهوت في الناسوت وما إلى ذلك مما يزعمون التوقف فيه!
وهم قد أفاضوا في الحقيقة في تحرير ذلك الاختلاط وصفته والخوض فيه في كنائسهم وتنازعوا فيه أشد النزاع فيما بينهم وهم يزعمون التوقف في الكيفيات، فيالله الكذب!!!