لا يوجد مرجع للعقيدة السلفية يشرح كلام أئمة السلف وأقوالهم ويقرر العقيدة السلفية بوضوح وجلاء وتوسع معتمدا على الكتاب والسنة ويرد على شبهات المخالفين بشتى أصنافهم دون مواربة أو مداهنة مثل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
هذا الإمام الجبل الذي أراد الله لكتبه الظهور بعدما أحرقت في الميادين العامة وأوذي من يقتنيها وأتلفت، هذا الإمام الذي أشرق الكفر وأهلة والباطل وحزبه حتى قال بعض ساسة الكفر: زرع ابن تيمية ألغاما فجر بعضها ابن عبد الوهاب.
هذا الإمام الذي نصر الله به السنة في غربتها في زمنه ونصرها حتى بعد زمنه وأراد الله له الظهور بعد مرور مئات السنين على وفاته رحمه الله تعالى.
أقلق هذا العالم أعداء الإسلام في الداخل والخارج في وقته، والآن تقلق كتبه كل مبطل وكل محب للمبطل لأنه صادق في جهادة لهم فلم تتسع صدورهم له ولما أعطاه الله من العلم الشرعي النقلي السمعي المتين الذي فاق به أقرانه وكذلك قوته المنطقية التي أفحهم بها مناظريه.
مثل هذا العالم السني الكبير لا بد وأن يبتلى بالصنفين المشهورين لكل من أتى بمثل ما أتى به رحمه الله فسيبتلى بالمخالفين لمنهجه وعقيدتة ودينه ويبتلى بمن ليسوا كذلك بل من ابتلاهم الله بالحسد وكل ذي نعمة محسود، فأخذوا يحيكون المؤامرات في حياته حتى أدخل السجن مرتين بل توفي فيه رحمه الله.
ولازالت مسيرة الجهاد بين الحق والباطل تتوالى كتائبها ولا زال أعداء شيخ الإسلام يحاولون النيل منه ومن مدرسته الذي أصبح هو مؤسسها وأصبح تلامذته لا تخلوا أطروحاتهم الدينية من شيء من كلامه رحمه الله .
ولما لم يفلح أعداء الإسلام وأعداء السنة من المبتدعة بشتى أصنافهم، لما رأو أن المواجهة الصريحة لهذا العالم ومؤلفاته لا تزيد الأمر إلا سوءا وأصحابة إلا تمسكا بمنهجة وللعامة إلا اعتقاد صدقه، طفقوا يبحثون عن وسيلة أخرى للنيل من مؤلفاته والتي امتلأت بها أرفف المكتبات في العالم الاسلامي ولله الحمد .
فعدلوا عن أسلوب المواجهة إلى أسلوب آخر ألا وهو محاولة تشوية مؤلفاته والدس فيها بحجة التحقيق وبحجة إخراج مؤلفات ابن تيمية في حلة قشيبة وورق صقيل وألفاظ صحيحة .
شارك هؤلاء من حيث يشعرون أو لا يشعرون قوم قصدهم نبيل، وهدفهم كريم، فأخذوا يرددون هتافات مفادها أن كتابات ابن تيمية فيها خلل يجب الوقوف عنده يجب إعادة النظر في كلام ابن تيمية ؟! يجب إعادة النظر في مؤلفات ابن تيمية لكي يتلافى الخلل ونسلم من الزلل ؟! وما هو هذا الخلل يا ترى ؟ وما هو هذا الضلال الموجب لإعادة تحقيق بل غربلة فتاوى ابن تيمية ؟؟ ما الخلل العقدي الذي نجم عن الخلل في مؤلفات ابن تيمية وتتابعنا عليه حتى نعيد طباعة مؤلفات ابن تيمية ؟! ما الضلال البعيد الذي قرره علماؤنا من فتاوى ابن تيمية طيلة السنين الماضية والذي توارثة علماؤنا الكبار كابن باز زابن عثيمين وغيرهم ؟ أين الخلل والضلال العقدي الناجم عن السقط في فتاوى ابن تيمية ؟ لم ينتبه له علماء السنة من قبل ......! لم ينتبه له علماء السنة لأمر يوجب إعادة طبع فتاوى ابن تيمية وتحقيقها .
أقول ظهر في الآونة الأخيرة دعاية تقول إن فتاوى شيخ الإسلام والمطبوعة في خمسة وثلاثين مجلدا لا يمكن الاعتماد عليها بشكل كلي فيما يخص آراء شيخ الإسلام الاعتقادية بالذات .
وأرجع أصحاب هذا الرأي الخلل إلى وجود سقط في نسخ الرسائل التي بداخل هذه الفتاوى.
هذه هي الخلاصة، ففتاوى ابن تيمية وكلام ابن تيمية بالأمس وعند وجود العلماء الكبار ابن باز وابن عثيمين كان كلام شيخ الإسلام حجة وكلامه صحيح ولا سقط في النسخ ....!!!
وبعض المؤلفات والرسائل التي في الفتاوى والتي يدعى أصحاب هذه الدعاية (دعاية السقط) أقول بعض هذه الرسائل قد قُريء على الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله عشرات المرات ولم يأمر الشيخ بتعديل النسخة وإعادة طبعها وإن وجد خلل بسيط فهو لا يعدو كلمة أو كلمتين أو سطر أو سطرين لا يمس العقيدة السلفية بخلل يوجب إعادة موسوعة كاملة ..!
إن الذين ينادون بإعادة طباعة الفتاوى لا نشكك في نوايا بعضهم ممن قد يكون مراده الخير لكن يجب أن ينتبه لما ذكرت.
ثم من أراد أن يقدم على مشروع إعادة طباعة الفتاوى وتحقيقها ليعلم أنه يقدم على أمر خطير وعظيم وأي زلة منه في ذلك فهي زلة في عقيدة السلف لأن هذا العالم صار لقوله قبولا عظيما عند أهل السنه لذا يجب على من يتصدر لمثل هذا الأمر أن يتصف بأمرين مهمين :
الأول : الأمانة والتقوى فهو أمين على عقيدة أهل السنة فلا يدخل في كلام شيخ الإسلام ما ليس منه ولا يحذف ويسقط من كلام شيخ الإسلام ما يخالف رأية أو مذهبه.
الثانية : العلم المحقق بعقيدة السلف في المحقق نفسه أو يستعين بعالم محقق كالشيخ صالح الفوزان حفظه الله مثلا.
كان كلام شيخ الاسلام في العقيدة كلاما يقينيا أما الآن فو مشكوك فيه عند بعض طلبة العلم السلفيين أنفسهم ..!!
لم يفهموا كلامه رحمه الله فاتهموا النص بالسقط والخلل.
كان كلام ابن تيمية محل قبول في الغالب عند أهل السنة السلفيين أما الآن فأصبح محلا للأخذ والرد فمن هو ابن تيمية هو رجل ونحن رجال .....!
لا أدعي العصمة لابن تيمية فهو بشر يصيب ويخطيء ومحكوم إلى لكتاب والسنة ولكن يجب أن يعرف قدرة وقوله حجة في باب العقيدة لا مجال للنقاش فيه.
ولا يعني هذا صواب كل ما قاله ولكن الأغلب إن لم يكن الكل ما قاله صواب ولم يعرف له مخالفة عقدية لإجماع السلف ولا يخرج من دائرتهم رحمه الله .
أصبحنا نسمع من يتجرأ على ابن تيمية وأن عنده أخطاء وأنه ليس بمعصوم وأننا رجال وهو رجل ..... الخ
رحمه الله ابن تيمية ورحم الله علماؤنا الذين مضوا وفي البقية خير والحمد لله.