مسألة صلاة التطوع في السفر

أولاً النوافل المطلقة:
1- قال النووي: " اتفق العلماء على استحباب النوافل المطلقة في السفر" (شرح مسلم).
2- لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي النوافل على راحلته في السفر حيث توجهت به. متفق عليه
3- قال ابن القيم: " ولم يكن صلى الله عليه وسلم يدع قيام الليل حضرا ولا سفرا" زاد المعاد

ثانياً: السنن الررواتب: اختلفوا في استحبابها في السفر على أقوال:

القول الأول: ذهب جمهور العلماء أنها مستحبة في السفر لكنها في الحضر آكد ، لأدلة:
1- الأحاديث لمطلقة في ندب النوافل.
2- وحديث صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم الضحى يوم الفتح بمكة ثماني ركعات. متفق عليه، وكان على سفر.
3- حديث أبي قتادة أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فناموا عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس ، فساروا حتى ارتفعت الشمس ، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ ، ثم أذن بلال بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ، ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم. متفق عليه
4- والقياس على النوافل المطلقة.

القول الثاني: الحنابلة: يخير بين فعل النوافل وتركها إلا في سنة الفجر والوتر فيحافظ عليهما سفراً وحضراً.

القول الثالث: ذهب ابن عمر أنه لا يصلي الرواتب في السفر:
1- ثبت عنه في الصحيحين ، قال حفص بن عاصم : صحبت ابن عمر في طريق مكة فصلى لنا الظهر ركعتين ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله وجلس وجلسنا معه فحانت منه التفاتة نحو حيث صلى ، فرأى ناسا قياما فقال : ما يصنع هؤلاء ؟ قلت : يُسَبِّحون . قال : لو كنت مُسَبِّحا لأتممت صلاتي ، يا ابن أخي إني صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله ، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله ، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين ، حتى قبضه الله ، ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله ، وقد قال الله تعالى : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة }.
قال النووي: "قوله لو كنت مسبحا أتممت صلاتي المسبح هنا المتنفل بالصلاة والسبحة هنا صلاة النفل وقوله لو كنت مسبحا لأتممت معناه لو اخترت التنفل لكان اتمام فريضتي أربعا أحب إلى ولكني لا أرى واحدا منهما بل السنة القصر وترك التنفل"
2- ورواه الترمذي من وجه آخر بلفظ: "سافرت مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يصلون الظهر والعصر ركعتين ركعتين لا يصلون قبلها ولا بعدها" فدل أنه يقصد السنن الرواتب لا التطوع المطلق.
قال النووي: "جوابه أن الفريضة متحتمة فلو شرعت تامة لتحتم اتمامها وأما النافلة فهي إلى خيرة المكلف فالرفق أن تكون مشروعة ويتخير ان شاء فعلها وحصل ثوابها وأن شاء تركها ولا شيء عليه"شرح مسلم
3- قال ابن القيم "لم يحفظ عنه أنه صلى سنة الصلاة قبلها ولا بعدها إلا ما كان من الوتر وسنة الفجر فإنه لم يكن ليدعهما حضرا ولا سفرا" زاد المعاد.
قال ابن حجر "ويرد على إطلاقه ما رواه أبو داود والترمذي من حديث البراء بن عازب قال: "سافرت مع النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سفرا فلم أره ترك ركعتين إذا زاغت الشمس قبل الظهر " وكأنه لم يثبت عنده، لكن الترمذي استغربه ونقل عن البخاري أنه رآه حسنا، وقد حمله بعض العلماء على سنة الزوال لا على الراتبة قبل الظهر، والله أعلم" (الحديث في راو اسمه أبو بُسرة لم يعرفه البخاري ، وقال الذهبي لا يُعرف، وذكره ابن حبان في الثقات، وضعفه الألباني، والمقصود بسنة الزوال ما ورد في حديث السنن "أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم تفتح لهن أبواب السلام" رواه أبو داود وحسنه الألباني، وتكون إما قبيل دخول وقت الظهر أوة بعد دخوله لكنها غير الراتبة قبل الظهر فيصلي أربعا دون تسليم ثم الراتبة أربعاً بتسليمتين)

قلت: الأرجح والله أعلم أن لا يقال هي غير مشروعة، لكن المحافظة عليها ليست سنة، لأنه لو كان صلى الله عليه وسلم يحافظ عليها لما خفي على ابن عمر رضي الله عنه، أما فعلها أحيانا فيستدل له بصلاته صلى الله عليه وسلم سنة الفجر وهي راتبة في السفر وصلاته غير الرواتب كذلك في السفر، والقياس أن غيرها كذلك، وربما فعلها النبي أحيانا ولم يره ابن عمر وعدم العلم ليس علما بالعدم، أما قول ابن عمر "لو كنت مسبحاً أتممت" فكما قال النووي "الرفق أن تكون مشروعة ويتخير" بدلاً من أن تكون الزيادة واجبة لو شرع إتمام الفريضة.


والله أعلم