تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: نظرات في مصطلحات ( 1 ) : الإسلام السياسي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    964

    افتراضي نظرات في مصطلحات ( 1 ) : الإسلام السياسي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    هذه نظرات شرعية في بعض المصطلحات المعاصرة التي يكثر تداولها في الإعلام ؛ لمعرفة مالها وماعليها ، مستفيدًا من أهل الخبرة بها :
    ( 1 ) : الإسلام السياسي
    قال الأستاذ عطية الويشي: "أول من استخدم هذا المصطلح هو هتلر، حين التقى الشيخ أمين الحسيني مفتي فلسطين آنذاك، إذ قال له: إنني لا أخشى من اليهود ولا من الشيوعية، بل إنني أخشى الإسلام السياسي"( 1)!! قلت: وهتلر وأضرابه من أعداء الإسلام يريدون معاملة الإسلام كدينهم النصراني المحرف الذي حصروه في الكنيسة فلم تعد له هيمنة على أمور حياتهم. وفاتهم أن الإسلام لا يقبل هذا الفصام النكد. بل هو يوجه جميع أطوار حياة المسلم.
    وقال الدكتور جعفر شيخ إدريس: "عبارة (الإسلام السياسي) كأختها (الأصولية) صناعة غربية استوردها مستهلكو قبائح الفكر الغربي إلى بلادنا وفرحوا بها، وجعلوها حيلة يحتالون بها على إنكارهم للدين والصد عنه. فما المقصود بالإسلام السياسي عند الغربيين؟ كان المقصود به أولاً الجماعات الإسلامية التي انتشرت في العالم العربي وفي باكستان والهند وأندونيسيا وماليزيا وغيرها تدعو إلى أن تكون دولهم إسلامية تحكم بما أنزل الله تعالى.
    ما الذي يأخذه خصوم الإسلام السياسي عليه ؟
    أما الغربيون فاعتبروه أولاً ظاهرة غريبة بعد سني الحكم الاستعماري الذي ظنوا أنه وطَّد الحكم العلماني على المنهاج الغربي، ووضع أسساً متينة للتبعية وضمان المحافظة على المصالح الغربية، فشق عليهم أن تنبت في بلاد المسلمين نابتة تعارض هذه العلمانية التي يرونها تعم العالم بأسره. كيف تنشأ جماعات تسير عكس هذا التيار العالمي، وتدعو إلى الرجوع إلى حكم ديني إسلامي ؟
    وثانياً: لأن الرأي السائد بينهم ـ لا أقول الذي يعتقده كل واحد منهم ـ هو أن الدين ينبغي أن يكون شأناً فردياً بين العبد وربه، لا مدخل له في الحياة العامة ولا سيما السياسية منها التي يرون أن تكون متروكة لما يراه الناس، وأن تكون مبنية على المساواة الكاملة بين المواطنين بغض النظر عن معتقداتهم.
    وثالثاً: لأن الرأي الشائع بينهم أن النصوص الدينية محدودة بزمانها ومكانها الذي ظهرت فيه، وأنها لذلك ينبغي أن لا تفهم على ظاهرها، بل يجب أن تؤول تأويلاً يجعلها متناسبة مع ثقافة العصر.
    ورابعاً: لأن منهم من ظن أن الدعوة إلى الحكم بما أنزل الله ـ تعالى ـ ظاهرة جديدة لم تكن في الإسلام من قبل؛ فلذلك ناسب أن توصف بالإسلام السياسي تمييزاً له عن الإسلام الديني.
    وخامساً: لأنهم رأوا فيها صورة من صور استغلال الدين للمآرب السياسية.
    لهذه الأسباب وأمثالها كانوا وما يزالون شديدي العداوة الفكرية والعملية للجماعات التي تتسم بما أسموه بالإسلام السياسي، يحرشون الحكومات عليها، ويدعونها لكبتها حتى لو كان ذلك على حساب الديمقراطية التي كانت سائدة آنذاك في العالم الإسلامي، والتي استفادت منها تلك الجماعات، ويكتبون الكتب والمقالات، ويسخرون سائر وسائل الإعلام لحربها. ينصرهم في هذه الحرب أذنابهم المنافقون في بلاد المسلمين الذين يقتاتون على فضلات فكرهم ودعاياتهم، وقد امتدت حربهم في أيامنا هذه للدول التي تؤمن بمبدأ تطبيق الشريعة.
    ولما كان الغربيون يرون أن ما هم عليه من دين أو فكر أو ثقافة أو حتى عادات في المأكل والملبس والجد واللعب، بل وما كان لهم من تاريخ وما مارسوه من تجارب، وسائر ما ألفوا من جوانب الحياة، هو الأمر الطبيعي، وأن ما خالفه هو الشذوذ الذي يحتاج إلى تفسير؛ فقد اجتهد بعضهم في أن يجد تفسيراً لهذه (الظاهرة). فكان مما سلُّوا به أنفسهم أنها نتيجة لظروف طارئة هي الحكم القهري والتخلف الاقتصادي والضعف العسكري الذي ابتليت به البلاد التي ظهرت فيها هذه الحركات ولا سيما العالم العربي، وأن علاجها لذلك هو الضغط على تلك الحكومات لتكون أكثر انفتاحاً وديمقراطية، ومساعدتهم على شيء من النمو الاقتصادي يحسن من أوضاع الشباب المتذمرين؛ فإذا ما حدثت هذه الإصلاحات، وزالت الأوضاع القديمة زالت بزوالها نتائجها التي من أهمها ظاهرة الإسلام السياسي.
    ونقول إن ما ذكروه من أسباب ربما كان فعلاً من عوامل تشجيع ما يسمونه بظاهرة الإسلام السياسي، لكن مما لا شك فيه أنه ليس منشأها. فكل من له أدنى معرفة بدين المسلمين وتاريخهم يعلم أن قضية الالتزام بما أنزل الله في شؤون السياسية والحكم هي أمر عريق فيه: في نصوص كتابه، وسنة نبيه، وأقوال علمائه، وأن تصديق ذلك في واقعه التاريخي الذي لم يعرف شيئاً اسمه الحكم العلماني، وأن هذا الحكم إنما فرض عليه من خارجه يوم استولت جيوش الغرب على بلاده. وحتى هذه العلمانية الدخيلة لم تبلغ مبلغ علمانيتهم في مدى بُعدها عن الدين، حتى إن الكثيرين منهم لينفون أن تكون حكومة من حكومات العالم الإسلامي علمانية، ويرون أنه من الخطأ لذلك أن توضع الإسلامية (بمعنى النشاط السياسي للحركات الإسلامية) في مقابل العلمانية.
    وإذن فالقول بأنه مجرد استغلال للدين لتحقيق أهداف سياسية ليس بصحيح أيضاً: أولاً: لأن من أعظم من دعا إلى الحكم بما أنزل الله وبين أنه جزءٌ لا يتجزأ عن دين الإسلام علماء أعلام لم تكن لهم أطماع سياسية، ولا كانت لهم في يوم من الأيام علاقة بالأحزاب الإسلامية السياسية؛ علماء من أمثال: الشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ محمد أبو زهرة، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي، والشيخ عبدالعزيز بن باز.
    هل استغل بعض الأفراد وبعض الجماعات الدين لتحقيق أهداف دنيوية سياسية أو غير سياسية؟ نعم! وقد ظل كثير منهم يفعل ذلك على مر التاريخ، ومع كل رسالات السماء، ولا أعرف كتاباً تطرَّق لهذه المشكلة وبيَّن أسبابها وأنواع مرتكبيها ونتائجها وحذر منها مثل كتاب الله تعالى. فعلى الذين يتحدثون عن هذه المشكلة أن يعلموا أنهم لم يأتوا بجديد. إن هؤلاء يدعوننا لأن نترك ديننا؛ لأن بعض الناس استغله لأسباب سياسية، ولو تابعنا منطقهم هذا لتركنا بناء المساجد؛ لأن بعض المنافقين استغل بناءها لأسباب سياسية، فاتخذها: ( ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين .. ) ، وكانوا مع ذلك يحلفون بأنهم ما أرادوا إلا الحسنى: ( وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى ) ولو اتبعناه لتركنا الإنفاق في سبيل الله؛ لأن بعض الناس يتخذ ما ينفق مغرماً (أي غرامة) ويتربص بنا الدوائر، ولقررنا أن لا يكون لنا علماء؛ لأن بعض علماء السوء يستغل علمه لأغراض دنيوية : ( ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرمًا .. الآية ) ، وكما أن بعض الناس يستغل الدين لتحقيق أهداف سياسية فيكون انحرافه بسبب سوء قصده، فإن آخرين ينحرفون بسبب سوء فهمهم وقلة علمهم، فيحاولون تحقيق بعض الأهداف السياسية بوسائل وطرق مخالفة لدين الله وتحريفاً له وفتنة للناس عنه؛ فهل نترك العمل السياسي على أساس ديني؛ لأن بعض الناس يسيء فهم الدين؟
    يقول بعض الغربيين: (لكن المشكلة أن كل إنسان يمكن أن يدَّعي أن فهمه هو الفهم الصحيح للتوراة أو الإنجيل أو القرآن، بل يزعم بعضهم أنه ـ يعني القرآن ـ كالكتاب المقدس: العهد القديم والعهد الجديد بإمكانك أن تجد فيه أياً ما تريد لتسوغ به كل ما تريد تقريباً)، نقول فرق بين أن يدّعي مدّع أن ما استدل به من قول يدل على ما يريد وأن يكون دالاً فعلاً على ما يريد. أما القرآن فنحن نعلم أنه ـ وهو كتاب الله ـ لا يمكن أن يدل على الشيء ونقيضه ( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا ) .
    يقول بعضهم: "إذا سلّمنا بهذا فتبقى مشكلة هي أن النص بحسب معناه الذي تدل عليه ألفاظه ويدل عليه سياقه لا يتناسب مع ثقافة العصر؛ فلا بد إذن من تأويله لجعله مناسباً معها"، لكن أليست هذه دعوة إلى خداع النفس؟ أنت تقرأ نصاً تقول: إنه كلام الله، وتفهمه على وجهه الصحيح، ثم تقول: إن هذا الذي فهمته لا يتناسب مع ما أريد، لذلك يجب أن أغيِّره لكي أجعله مناسباً مع ما أهوى، ثم تقول: إن هذا الذي هويت هو ما عناه الله تعالى بكلامه. هل يقول هذا إنسان مؤمن؟ بل هل يقول هذا إنسان أمين يحترم نفسه؟ إنك إما أن تعتقد أن ما يقوله الله هو الحق كما قاله، وإما أن تعتقد أنه ليس بالحق أو ليس بالعدل، فتقول: إنه لا يمكن أن يكون كلام الله، فتكفر بالكتاب الذي كنت تظن أنه كلام الله. أما أن تجمع بين الفهم الصحيح والتحريف فلا. وهذا الأمر المنكر خُلُقاً وديناً هو الذي حذرنا الله تعالى من الاطمئنان إلى ممارسيه : ( أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون )
    تأمل قوله تعالى : ( ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ) أي إنهم فهموا ما قال الله تعالى وتصوروه على وجهه الصحيح، ثم عمدوا إلى تحريفه وهم يعلمون أنهم محرفون له.
    ثم نقول: إن الدين الحق إنما جاء لنفع الناس في دنياهم وآخرتهم، فلا يمكن أن يكون فيه ما يمنع من الأخذ بشيء هو من ضرورات العصر، أما أهواء العصر وما يشيع فيه من قيم وأفكار وعادات وتقاليد فإن الدين لم يأت لموافقتها، بل جاء لإقرار ما فيها من حق وإنكار ما فيها من باطل؛ فالمعيار هو كلام الله لا أهواء البشر.
    ثم إن كثيراً مما يسمى بثقافة العصر مما يخالف الدين الحق ليس هو في حقيقته بالأمر الجديد الذي يقال إنه مما امتاز به عصرنا، وإنما هو الثقافة التي اتسمت بها الجاهلية على مر العصور. خذ مثلاً استبشاعهم للحدود ـ ولا سيما حد الزنا ـ ودعوتهم إلى تغييره. هذا الحد موجود في التوارة، لكن اليهود غيروه حتى قبل مجيء النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكان الذي دعاهم إلى ذلك هو فُشُوُّ الزنا بينهم ولاسيما في أشرافهم. وهذا هو عين السبب الذي يدعو الغربيين وأمثالهم إلى استبشاع هذا الحد. إن الناس إذا فشت فيهم الفاحشة واعتادوها مات فيهم الشعور بأنها فاحشة، ودعك أن تكون جريمة تستحق هذه العقاب الأليم!" (2 ).
    وقال الدكتور محمد عمارة في كتابه "الإسلام السياسي والتعددية السياسية من منظور إسلامي": "إنني لا أستريح كثيراً لمصطلح الإسلام السياسي، رغم شيوع هذا المصطلح، وصدور كثير من الكتابات حول هذا الموضوع، وتحت هذا العنوان، وفيما أذكر وفي حدود قراءتي؛ فإن أول من استخدم مصطلح الإسلام السياسي هو الشيخ محمد رشيد رضا، لكنه استخدمه في التعبير عن الحكومات الإسلامية التي سماها الإسلام السياسي، ويعني الذين يسوسون الأمة في إطار الأمة الإسلامية، لكن مصطلح الإسلام السياسي يستخدم الآن ومنذ العقود الثلاثة الماضية وصعود المد الإسلامي والظاهرة الإسلامية بمعنى الحركات الإسلامية التي تشتغل بالسياسة. وهذا المصطلح "الإسلام السياسي" شبهة اختزال الإسلام في السياسة؛ لأنه ليس هناك إسلام بدون سياسة"( 3).

    1- حوار الحضارات 210
    2-مجلة البيان ، العدد 202
    3-الإسلام السياسي 5-6

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    3

    افتراضي

    جزاك الله خيرا
    اسأل الله أن ينفع بما كتبتم

    وللتنبيه شيخنا الفاضل هناك رسالة لفضيلتكم بخصوص قضيه للدعاه للنظر فيها ، وما يكتبه البعض باسممهم وهو مخالف منهجهم
    لا أدري هل اطلعتم عليها أم أعيد الإرسال؟ للأهمية

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    510

    افتراضي

    هذا موضوع آخر مفيد حول نفس الفكرة:
    الإسلام السياسي
    بقلم د. أحمد عبدالعال

    يقال : إن أول من استخدم مصطلح " الإسلام السياسي " هو الزعيم الألماني النازي هتلر المعروف حين التقى الشيخ أمين الحسيني رحمه الله مفتي فلسطين آنذاك إذ قال له : إنني لا أخشى من اليهود ولا من الشيوعية ، بل إنني أخشى من الإسلام السياسي .


    وسواء صدقت نسبة هذا القول إلى الزعيم النازي هتلر أم لم تصدق ، فقد شاع في وسائل الإعلام بل وعلى ألسنة القادة السياسيين في العالم وصف الحركات العاملة للمشروع الإسلامي بحركات " الإسلام السياسي " وفي الحقيقة أن الزيف والتضليل في هذا الوصف هو أنه ليس ثمّة إسلام سياسي بل مسلمون وحسب وإسلام وحسب ، يتمثل ذلك في منظومة كلية من العقائد والمفاهيم والقيم والمبادئ والمناهج والتصورات والمعايير الربانية التي يقوم عليها وتتركز عليها حركة الحياة في المتجمع المسلم وفق إطار تعبدي دون تجزيء أو فصل بين تلك العناصر جميعا إلى يرث الله الأرض ومن عليها .


    وبناء على هذا فإن الظاهرة الإسلامية كانت ولا تزال أوسع بكثير من أن تحشر في المصطلح المذكور " الإسلام السياسي " ، وهو في الحقيقة ينطوي على أبعاد سلبية تشير إلى أن السلطة هي الهدف الرئيسي للإسلاميين وليس أي شيء آخر .


    والذي يستعرض التاريخ الإسلامي - ولا سيما في جانبه السياسي - يجد أن حركات كثيرة خاصة ، ومحاولات لا حصر لها كانت ترمي إلى الخروج على الخليفة أو السلطان أو الحاكم بيد أنها لم توصف بما وصفت به الحركات الإسلامية اليوم بحركات " الإسلام السياسي " .


    ويرجع ذلك إلى أن إشكالية الفصل بين الدين والدولة ، أو بعبارة أدق تغييب الإسلام كمرجعية للدولة والمجتمع هي إشكالية حديثة لم تعرف قبل سقوط الخلافة الإسلامية عام 1924 م ، فرغم التنازع على السلطة خلال التاريخ الإسلامي الطويل من قبل أطراف مختلفة بيد أن أحدا لم يكن يماري في أن الإسلام هو مرجعية الدولة والمجتمع أما المسألة الحديثة فبدأت عندما اكتشف الغرب - أن تأكد بتعبير أدق - أن الإسلام بظل نقطة الارتكاز الأولى في حياة الأمم وأن تغييبه على نحو ما يشكل ضرورة أساسية لنجاح مخططاته الساعية إلى شرذمة الأمة والسيطرة عليها .


    ومن هنا بدأت عملية استهداف مبرمجة للدين كمرجعية لحياة المسلم من خلال المرجعية العلمانية للدولة مكان المرجعية الإسلامية ، مع التحرك على نحو ماكر من أجل جعل تعاليم الإسلام مظهراً للتخلف والتعصب بل والإرهاب والتطرف وكراهية الآخر ووصف حملة المشروع الإسلامي بأنهم طلاب حكم وهواة سلطة .


    صحيح أن رفع شعار " الإسلام دين ودولة " قد فهم منه النزوع إلى السلطة ولكن هذا النزوع من طبيعة الإسلام وأصوله الراسخة وإن قيام أنظمة الإسلام وفق تعاليم الشريعة في كل يمت إلى حياة المسلمين بصلة اجتماعية واقتصادية وروحية وتربوية وسياسية .. إلخ ، لم يكن ذلك مثار جدل أو تنازع بين الأمة حكاما ومحكومين من عصر الرسالة الأول ولا أحد من المسلمين اليوم يرفض أن تقوم السلطة السياسية للدولة وفق دستور القرآن وتعاليم الشريعة الغراء .


    نعم لا أحد يرفض ذلك وإن لم يكن ذلك متاحاً سواءً بنوع النخبة السياسية الحاكمة وقناعاتها أم بسبب الضغوط الخارجية القوية التي لم تكن تقبل العودة إلى ذلك المربع القديم مما ينطوي عليه من مخاطر وحدة الأمة وقوتها ، وإذا ما فكر أحد في ذلك فالأسلوب الوحيد للتعامل معه هو القمع والتشويه والتشكيك فإذا تبني المشروع الإسلامي دولة ما تغيرت اللهجة وتطور الأسلوب إلى اتهام بالرجعية والتخلف والتفريط بحقوق الإنسان ومعاداة السامية ومناهضة الديمقراطية إلى آخر هذه الاتهامات المقولبة والجاهزة .


    إن نزول أمريكا على خط المواجهة مع الإسلاميين بعد 11 أيلول زاد من شراسة المواجهة وقوتها وإن كانت عملية المطاردة الأمريكية للظاهرة الإسلامية ماضية قبل ذلك بسنوات ولكن وفق نسق بطيء .


    لقد اتخذت أمريكا من 11 أيلول ذريعة قوية للإعلان حرب شاملة على الإسلام باسم مكافحة الإرهاب على طريقة " المستنقع والبعوض " وتتلخص هذه الطريقة في القول بأنك لا تستطيع محاربة البعوض إلا بتجفيف المستنقع وإذا كان البعوض هو الإرهاب فإن المستنقع هو الإسلام ذاته ومظاهر التدين في المجتمع فما دام ثمّة حضور للدين في نشاطات الدولة والمجتمع من التدين سيزداد ، وهذا ما يمنح القوة للحركات الإسلامية المعتدلة والعنيفة حسب الظروف الموضوعية المحيطة .


    إن الاعتراف بالخصوصية الحضارية للأمة المسلمة وإقرار التميز في المجالات السياسية والاجتماعية والتربوية وسائر مظاهر الخصوصية هو الأسلوب الأمثل للتعامل مع الآخرين أم أسلوب الهيمنة والإرهاب والاستكبار فلا يعكس الأسلوب الحضاري الذي ينادي به كثير من العقلاء اليوم بما يسمى " حوار الحضارات " .


    إننا المسلمين ما زلنا نعاني من قصور في نظر الاخر إلينا فلا تسمع سوى وصف الأصولية تارة ، والإرهاب تارة أخرى ، مما كون بعدا سلبيا في عمق الثقافة الغربية رغم كون ذلك لا مبرر له بشهادة أشد المستشرقين عداوة للإسلام حيث يقول المستشرق الإنجليزي هاملتون جب : " لا نجد اليوم عالما او كاتباً أو ضميرا يستبيح لنفسه يعيد على القارئ ما كان يكال للإسلام من تهم وبهذا أصبح الخوض في الشئون الإسلامية على النحو القديم أمرا مخزيا لا يغفره أحد " *


    ----------


    * : عن كتاب ث . كويلرينج الشرق الأدنى مجتمعه وثقافته ، عبدالرحمن محمد أيوب صفحة 35 .

    رابط المقال:

    http://www.alqlm.com/index.cfm?metho...&contentID=103

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    214

    افتراضي رد: نظرات في مصطلحات ( 1 ) : الإسلام السياسي

    بسم الله

    شكر الله لك يا شيخ سليمان الخراشي هذا الجهد العلمي المبارك ، ولا ريب أن الأمة أشد ما تكون إلى التصدي لأفكار الليبراليين اعداء الإسلام بالعلم والدليل واللغة الواضحة الصارمة .

    16/7/1428

  5. #5

    افتراضي رد: نظرات في مصطلحات ( 1 ) : الإسلام السياسي

    بوركتم وجزاكم الله كل خير .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    342

    افتراضي رد: نظرات في مصطلحات ( 1 ) : الإسلام السياسي

    أعتقد والله أعلم ,ان من أنشأ هذا الاسم(الاسلام الاسياسي) لأجل أمرين:
    1_تحذير من تأثير الاسلام على النواحي السياسية
    2_فيه إشارة على ان الاسلام لايتدخل في الاصل فيما يتعلق بالسياسة

    نسأل الله أن يرد كيد الكافرين والمنافقين....

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    26

    افتراضي رد: نظرات في مصطلحات ( 1 ) : الإسلام السياسي

    سبحان الله
    لم ار مثلك من يغوص فى هذه الدقائق النافعة للغاية
    بارك الله فيك وزادك حرصا وعلما

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    58

    افتراضي رد: نظرات في مصطلحات ( 1 ) : الإسلام السياسي

    الشيخ الخراشي جزيت خيراوكفيت شرالأعداء :والأسلام والسياسة ثنائية لاتنفك عن بعضها البعض ولذلك ألف كثير من علماءالسلف رسائل تتعلق بهذا الموضوع وتكلم القران عن ذلك وحددسياسة الدولة الأسلامية .فحدد العلاقات مع الدول سواء كانت هذه العلاقة سياسية أو أقتصادية وحدد حالة الحرب والسلم....الخ والمحاولات المستمية من بعض الأحزاب لإبعاد الإسلام عن الأحداث النازلة بالأمة والتي مع الأسف يقودها الكثير من الدعاة وما يسمى بالمفكرين الأسلامين المدعومين من العلمانين والعقلانيين بل قل المنافقين فهذه الحملات على خطورتها وشدة ضررها على الأسلام والمسلمين إلا أنك لاتجد من يهتم بفضح أهلهاويكشف عورهم للناس بل تجد الهجوم عليه من كل ناحية وأن الموضوع لايستحق هذا العناء وهذا ناتج عن عدم إدراكهم لخطورة هذه الأفكار والمصطلحات.فواص ولاتكل ولاتمل واعلم أن هذا من أعظم الجهاد إذا حسنت النية ولك تقديري وتحياتي
    والله ماعزذو باطل ولوكان القمر بين عينيه ولاذل ذو حق ولو أطبق العالم عليه

  9. #9

    افتراضي رد: نظرات في مصطلحات ( 1 ) : الإسلام السياسي

    جزاك الله خيراً شيخنا الحبيب
    ورفع الله قدركم ونفع بعلمكم .
    جرِّد الحجة من قائلها، ومن كثرة القائلين وقلّتهم بها، ومن ضغط الواقع وهوى النفس، واخلُ بها والله ثالثكما، تعرف الحق من الباطل .

  10. افتراضي رد: نظرات في مصطلحات ( 1 ) : الإسلام السياسي

    مقالٌ رائعٌ شيخنا الفاضل ، لا حرمنا الله من علمكم النافع .
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •