تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: محاور الغزو الثقافي للغة العربية في مصر.الشيخ: سليمان النتيفي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المشاركات
    92

    افتراضي محاور الغزو الثقافي للغة العربية في مصر.الشيخ: سليمان النتيفي

    محاور الغزو الثقافي للغة العربية في مصر
    1 / 5
    الشيخ: سليمان بن عبدالله النتيفي

    تمهيد:
    الاستشراق هو نتاج فكري للحروب الصليبية، ويُعرَّف بأنَّه دراسةُ العلوم الشرقية لأهداف تنصيرية.
    وعند التتبع لتاريخ الاستشراق نجده تاريخاً عريقاً في الشر، وليس وليدَ هذه الساعة.
    ففي القرن السابع الهجري اشتدت حملات النصارى على المسلمين في الأندلس، فدعا ملكُ قشتالة أحدَ رجالِه، وطلب منه أن يتولى دراسةَ العلوم الإسلامية، وترجمةَ مايقدر على ترجمته إلى لغة الإفرنج، فأسند الرجل بدوره هذه المهمة الكبرى إلى بعض الرهبان الذين بذلوا ما استطاعوا من جهد، وقام ملك طليطلة بدور مماثل.
    وقد ظهرت مؤخراً وثيقة تدل على تحوُّل الصليبيين عن الغزو العسكري إلى الغزو الثقافي بوصية من القديس (لويس) قائدِ الحملة الصليبية الثامنة ، وهي وصية خطيرة .
    وفي مطلع القرن الثالث عشر الهجري ( أواخر القرن الثامن الميلادي ) عمد المستشرقون إلى تغيير أساليبهم في الاستشراق وذلك بتوجيه الاستشراق وجهةَ البحث العلمي البحت زاعمين بذلك أنهم حرَّروا الاستشراق من الأغراض التبشيرية ، وهيهات، وبهذا التوجه استطاع المستشرقون أن يتسلَّلوا في وضح النهار إلى الدوائر العلمية والجامعات في الدول الإسلامية، بل دخلوا إلى المجامع العلمية في القاهرة ودمشق وبغداد.
    وقد مهّد المستشرقون لهذا الغزو الثقافي وخصوصاً ما يتعلق بجانب اللغة العربية فأعدوا له العدة، وخططوا له فلم يكن عملهم ارتجالياً، وقد اهتموا بدراسة اللهجات العربية منذ القرن التاسع عشر الميلادي ومن مظاهر هذا الاهتمام مايلي:
    1- إدخالهم تدريس اللهجات العامية العربية في مدارسهم وجامعاتهم مستعينين في ذلك بالشرقيين والمستشرقين، ومن تلك الأمثلة:
    أ - في إيطاليا دُرِّست العاميةُ العربية في مدرسة نابولي للدروس الشرقية التي أُنشئت سنة 1727م .
    ب - في النمسا أُنشئت مدرسةٌ في فينّا سنة 1754م تسمى مدرسة القناصل، تعلمهم لغات الشرق ومنها العربية مهتمة بلهجاتها.
    ج - وفي فرنسا دُرست اللهجاتُ العامية العربية في مدرسة باريس للغات الشرقية الحيّة التي أنشئت سنة 1759م .
    د - وفي ألمانيا أنشئ مكتب في برلين لتدريس اللغات الشرقية ومنها العربية ولهجاتها المحلية .
    هـ - وفي إنجلترا أَنشأت جامعةُ لندن فرعاً فيها لتدريس العربية الفصحى والعامية .
    2 - اهتمامهم بالتأليف في اللهجات العامية العربية ، وهي قسمان :
    أ - منها ما ألفه أبناء العربية بإيعاز منهم ، ومن تلك المؤلفات :
    - أحسن النخب في معرفة لسان العرب / لمحمد عياد الطنطاوي .
    - الرسالة التامة في كلام العامة والمناهج في أحوال الكلام الدارج / لميخائيل الصباغ .
    ب - ومنها ما قام المستشرقون أنفسهم بتأليفه ، ومن أمثلة ذلك :
    - قواعد العربية العامية في مصر / للدكتور ولهلم سبيتا .
    - اللهجة العربية الحديثة في مصر / للدكتور كارل فولرس .
    - العربية المحكية في مصر / لسلدن ولمور .
    وليس هدفهم من دراسة اللهجات العربية المحلية هو البحث العلمي كما زعموا، ولا من أجل حاجتهم إلى معرفة لهجات البلاد العربية التي تقتضي مصالحهم أن يعيشوا فيها ويتعاملوا مع أهلها، وإنما من أجل القضاء على العربية وإحلال العامية محلها، فهم ليسوا أهلاً لأن يُحسنَ الإنسانُ فيهم الظن، فكم لسعوا وكم لدغوا، ولا يُلدغ المؤمنُ من جحر مرتين .
    وللاستشراق آثار عامة في البلاد العربية والإسلامية، وفي مختلف العلوم الإسلامية، ومن هذه الآثار ما يلي:
    1 - كان الاستشراق وراء كل شبهة أو دعوة خطيرة أَحدثت تحولاً في المجتمع الإسلامي في العصر الحديث، فقد كانوا يُلقون الشبهة ثم يَتْبعهم الكتاب والمفكرون جاهلين أو متجاهلين أو مغرضين وهذا يذكر بقول المتنبي :
    أنام ملءَ جفوني عن شواردِها ويسهرُ الخلقُ جرَّاها ويختصمُ
    ومن أوضح ما يمثل هذه المسألة قضية الدعوة إلى العامية، والدعوة إلى القوميات والإقليميات الضيقة كالفينيقية والفرعونية .
    2 - العمل على إخضاع النصوص للفكرة التي يفرضونها ، فالنتيجة عندهم هي المقدمة على الأدلة وهذا خطأ في المنهج العلمي للبحث، فعلى القارئ لكتب هؤلاء أن يتنبه لهذه القضية ولا يغتر بالأدلة التي يسوقونها فهم يلوون أعناق النصوص لتساير مرادهم ولا يخضعون للنصوص في حكمهم .
    3 - نجد المستشرقين يتحكمون في المصادر التي يختارونها فهم ينقلون من كتب الأدب ما يحكمون به في تاريخ الحديث النبوي، ومن كتب التاريخ ما يحكمون به في تاريخ الفقه، ويصححون ما ينقله الدميري في كتاب الحيوان ويكذبون ما يرويه مالك في الموطأ، ولقد جرى بعض المسلمين على مسلكهم فوجدنا من يخرج الحديث من كتاب العمدة لابن رشيق.
    4 - الحرص على التشويه، والخلط، والتدليس مثال ذلك ما قام به المستشرق الألماني (ولهلم هور نباخ) فقد جمع قطعاً ونُتَفَاً من كتاب ( الإصابة ) لابن حجر ثم نشرها على أنها كتاب (الردة) لابن حجر الذي ألَّفه أبو زيد بن الفرات المتوفى عام 237ه- وهو فارسي الأصل وقد ضاع هذا الكتاب فأشار إليه ابن حجر في بعض المواضع، فجمع هذه القطع التي تضم أسماء الصحابة على أنها تراجم لأشخاص ارتدوا عن الإسلام.
    وشبيه بهذا ما أورده أحدُ المستشرقين من الزعم بأن العرب كانوا قبل البعثة النبوية على حضارة ونهضة، وأن دورَ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يزد على أنه نهض بهم فنهضوا .
    5 - حرص المستشرقون على التنويه ببعض الفرق الضالة المفسدة في تاريخ الإسلام كالقرامطة، فهم يحاولون إظهارهم بمظهر طلاب العدل والإصلاح.
    6 - عملَ المستشرقون على إحياء التراث الباطني المجوسي بهدف تحطيم أصالة الفكر الإسلامي، وذلك كإحيائهم للمخطوطات التي تحمل سموم الإلحاد والإباحية، أمثال شعر بشار بن برد، وأبي نواس، وكتب الحلاج، وابن عربي، وابن سبعين، وكتب غلاة الرافضة والإسماعيلية والفاطميين.
    7 - ولا ريب أنَّ أخطرَ آثارِ الاستشراق هو اعتبارُ كتبِ المستشرقين وبحوثهم مراجعَ أساسيةً في التاريخ، والسيرة، والفقه، والعقائد، وغير ذلك، فقد عملوا على نشر الموسوعات ودوائر المعارف لتكون مراجع سهلة للباحثين وملؤوها بالسموم والشبهات مثل:
    - دائرة المعارف الإسلامية .
    - المنجد في العلوم واللغة والآداب .


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المشاركات
    92

    افتراضي رد: محاور الغزو الثقافي للغة العربية في مصر.الشيخ: سليمان النتيفي


    محاور الغزو الثقافي للغة العربية في مصر
    2 / 5
    الشيخ: سليمان بن عبدالله النتيفي
    المحور الأول:

    الدعوة إلى استبدال الحرف العربي بالحرف اللاتيني
    حجج الداعين إلى الكتابة بالحرف اللاتيني:
    سعى المستشرقون وأذنابهم من العرب إلى إثارة زوبعة من الشبه حول الحرف العربي لعلهم يستطيعون أن يضربوا الأمة الإسلامية والعربية بسهم لا يندمل جرحه، ولا يرقأ دمه حتى الموت كما هو الحال في تركي، وكانت النتيجة مستقرة في أذهانهم قبل إثارة الشبه فلا بد من فك هذا الرباط الوثيق بين أبناء الأمة الإسلامية فوضعوا بعض الشبه التي تثير الشك في صلاحية الحرف العربي مع الحضارة المعاصرة، وذلك لكسب الأنصار من أبناء هذه الأمة نفسه، وقد أفلحوا في ذلك إذ إن غالبية من دعا إلى ذلك كانوا من أبناء العربية، وقد كنت هيأت نفسي لكتابة الحجج، وفرغت لها عددا من الصفحات فلم أجد حججا تستحق الذكر وإنما ألفيتها تدور حول ما يلي:
    1- صعوبة الكتابة العربية، وذكروا لذلك بعض الأمثلة في القواعد الإملائية.
    2- كثرة التكاليف في الطباعة، لأن الحرف قد يكون في أول الكلمة أو وسطها أو آخرها وفي كل حالة له صورة، كما أن وجود الحركات الإعرابية يزيد التكاليف المادية بخلاف اللغات الأخرى.
    فالحرف العربي معقد بخلاف اللاتيني، وقد تبنى هذه الدعوة حثالة عميلة للاستعمار، والهدف هو القضاء على العربية، وممن دعا لذلك أنيس فريحة في كتابه نحو عربية ميسرة ومن أقواله في ذلك: ( يطالب مثلا بعض الناس بتبني الحرف اللاتيني تسهيلا للقراءة وتخفيفا لنفقات الطباعة، ونحن من المؤمنين بهذه النظرية، ولا نرى حلاً للكتابة إلا بتبني الحرف اللاتيني وضبط الكلمات فيه مرة واحدة.
    ويقول: ( إن وضع لهجة عربية موحدة سلسة لينة مكتوبة بالحرف اللاتيني يعجل في تحرير الفكر ونقل المصطلحات والتعابير التي لا غنى عنه. ويقول: ( إن كتابة اللغة العربية بالحرف اللاتيني يضبط لفظ اللغة مرة واحدة لجميع الناس. ويؤكد هذه الدعوة في كتابه ( الخط العربي نشأته ومشكلته ) فيقول: ( إن الحرف اللاتيني جميل متناسب الأشكال متباعدها مطوع تكثر فيه الحروف المصوتة المستقلة، وحرف شائع معروف في العالم وطباعته ميسورة ) [1].
    وما أنيس فريحة إلا بوق من هذه الأبواق، ولكنا آثرنا التمثيل به لحماسه وشهرته. وأول داعٍ معاصر لمحاولة القضاء على الحرف العربي وإبداله باللاتيني هو القاضي الإنجليزي ( سلدن ولمور ) في كتابه لغة القاهرة الذي أصدره سنة 1901- 1902 م.
    وقد تبعه على ذلك عدد من الكتاب مابين جاهل ومتجاهل، ولا نستطيع أن نصم كل من دعا إلى ذلك بسوء النية وخبث الطوية فقد عرف عن بعض من دعا إلى الكتابة باللاتينية حبَّ العربية والحرص عليه، لكن التيار جرفه، والموج شمله، وهو مخطىء ولاشك.

    مناقشة هذه الحجج والدعاوى:
    1- إن أخطر ما تحمله هذه الدعوة هو الحيلولة بين الأجيال القادمة وبين تراث هذه الأمة العريق، وأما إن أرادوا الاستفادة من التراث مع تغيير حروف العربية فلن يتمكنوا من ذلك إلا بأمرين، وكل منهما أصعب من الآخر:
    أ- يلزم كل من يريد قراءة التراث أن يتعلم العربية التي قطع عنه، وعن رسمها وإن تعلمها بعض الناس فلا شك أن الجاهلين بها سيكونون أكثر. فهذا الأمر سيؤدي بلا شك إلى قطع الأجيال عن ماضيه، وهي جريمة لا تغتفر في قلب الأمة. فتصبح حال المسلمين كحال النصارى الذين يقرؤون كتبهم المقدسة باللاتينية أو الأروام الذين يقرؤون إنجيلهم باليونانية.
    ب- وإن عدلنا عن ذلك إلى نقل الكتب التراثية إلى الكتابة الجديدة فإن هذا يتطلب جهدا لا يوفيه الكلام فضلا عن العمل والتنفذ، فنحن حتى الآن لم نستطع تحقيق جميع كتب التراث مع أنها مكتوبة بالعربية فكيف ننقلها إلى نمط جديد من الكتابة ؟ المستحيلات كما يقول أحد الشعراء ثلاثة: الغول والعنقاء والخل الوفي فلعل هذا الأمر يضم إليها ويوقع منها موقع الصدارة.
    وليلحظ أن الأجيال التي ستتفرغ للنقل - إن تفرغت - لابد أن تكون ملمة بالطريقتين جميع.
    2- وأما دعوى صعوبة الكتابة فهي قد أعطيت أكبر من حجمه، وصعوبة بعض قواعد الإملاء لا تعني صعوبة الكتابة والتخلي عنها إلى غيره، لقد نظروا إلى الكتابة بالعين العوراء، وسقطوا على داء وتناسوا الأدواء:

    *** مثل الذباب يراعي موضع العلل
    وإننا عندما نحاول أن نوصل للمتعلم اللغة دون أن يبذل جهداً في تعلمها فإننا بذلك نخالف ما يقوله علماء التربية، إذ لابد من بذل الجهد في التعلم وإن اختلف حجم هذا الجهد من زمن إلى آخر.
    3- وأما تكاليف الطباعة، فلا أدري أهذا حرص على ثروة الأمة أو دعم للحجج ليكون لها تأثير عند ذوي الجاه والسلطان ؟ طباعة حروف العربية وحدها هو الأمر الذي لا تحتمله نفقة، ولا يقوم به مال! في الوقت الذي تهدر فيه ثروات الأمة ليس فيما لا يفيد بل فيما يعود عليها بالمضرة.
    4- ثم ما هي تلك الكتابة التي يقترحون أن تنقل لها الكتابة العربية، وما هي خصائصها التي تفوقت بها على العربية ؟ إنها لا تملك من المميزات ما تملكه الكتابة العربية التي تفوق اللاتينية وتفوق كثيراً من الكتابات الأوربية أيضاً.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المشاركات
    92

    افتراضي رد: محاور الغزو الثقافي للغة العربية في مصر.الشيخ: سليمان النتيفي

    محاور الغزو الثقافي للغة العربية في مصر
    3 / 5
    الشيخ: سليمان بن عبدالله النتيفي

    من مميزات الكتابة العربية على اللاتينية والفرنسية والإنجليزية:
    1 - نستخدم في العربية الشدة علامة على تضعيف الحرف بينما نكرر الحرف نفسه في كثير من اللغات اللاتينية .
    2 - في العربية نكتب الحرف كما نلفظه بخلاف الفرنسية أو الإنجليزية، ففي الإنجليزية نكتب (sh) ونلفظ (ش)، ونكتب (tion) ونلفظ (شن )، هذا لانجده في العربية إلا في نطاق الحروف المتقاربة عند عملية الإقلاب والإدغام، فمطابقة الصوت المسموع للصورة المقروءة هي في العربية أوضح منها في الإنجليزية والفرنسية اللتين يتقنهما بعض المتذمرين وصانعي الفتن، فالفرنسي يسقط من النطق أربعة حروف من أواخر الكلمات في كثير من الأحيان.
    3 - يمتاز الحرف العربي حال تركيب الكلمة أو الجملة بالإيجاز المحكم وفي ذلك يقول يعقوب بكر : ( إذا ترجمنا إلى العربية كلاما مكتوبا بإحدى اللغات الأوربية كانت الترجمة العربية أقل من الأصل بنحو الخمس أو أكثر ) [1].
    4 - الحرف العربي لايقرأ إلا على صورة صوتية واحدة، وليس كذلك الحرف الإنجليزي، فحرف (c) مثلا ينطق (س) حين، وينطق (ك) حينا آخر، فهو ذو وجهين لايستقر على حال، كما قال عمران بن حطان - شاعر الخوارج - :
    يوما يمانٍ إذا لاقيت ذا يمنٍ وإن لقيت معدياً فعدناني

    اللاتينية في عيون أصحابها:
    في الوقت الذي يدعو فيه بعض العرب - تبعا للمستشرقين - لترك الكتابة العربية نسمع أحد الأمريكان يقول الأمريكان آخر من يجب عليهم أن يخوضوا في الكلام على الحروف العربية وتبديلها بحروف لاتينية، لأن لغتهم نفسها في حاجة إلى الإصلاح . إذن ففاقد الشيء لايعطيه كما يقال .
    وذكر الأستاذ سيد إبراهيم في محاضرته التي ألقاها في معهد المخطوطات بالقاهرة : أن المستشرق الذي يعمل أستاذا للغات الشرقية بجامعة إستنبول يقول : إن اللغة العربية أسهل لغات العالم وأوضحه، فمن العبث إجهاد النفس في ابتكار طريقة جديدة لتسهيل السهل وتوضيح الواضح . ثم قال : إن الطلبة قبل الانقلاب الأخير في تركيا كانوا يكتبون ما أملي عليهم من المحاضرات بالحروف العربية وبالسرعة التي اعتدت عليه، لأن الكتابة العربية مختزلة من نفسه، أما اليوم فإن الطلبة يكتبون ما أمليه عليهم بالحروف اللاتينية ولذلك لايفتؤون يسألون أن أعيد عليهم العبارات مرار، وهم معذورون في ذلك، لأن الكتابة الإفرنجية معقدة والكتابة العربية واضحة كل الوضوح فإذا ما فتحت أي خطاب فلن تجد صعوبة في قراءة أردأ خط فيه، وهذه هي طبيعة الكتابة العربية : السهولة والوضوح [2].

    إن الخليل والقريب إذا جار وظلم فلا يُنتظر من البعيد الإحسان والشفقة:
    إذا ما تخلى الخل أو جار واعتدى فليس غريبا حين يبغي غريبها
    وإن إنصاف الأعداء الكتابة العربية دليل على قيمتها العالمية، ومكانتها بماتحمله من خصائص ومميزات، وحق لنا أن نردد مع الشاعر قوله :

    شهد الأنام بفضله حتى العدى * والحق ما شهدت به الأعداء
    وإن من يعرف قدر العربية لايحتاج إلى شهادة هؤلاء، غير أن هذا القول نحتاج إليه لمحاولة إقناع من افتتن بالتبعية للغرب وتأثر بالاستشراق .
    إذا أتاك الشر ممن توقعه فلاتستغرب ولاتتألم كما لو أتاك ممن تتوقع نصرته لك وغيرته على حقوقك، ولذا كانت دعوات أبناء العربية إلى هجر الكتابة العربية أشد على النفس من وقع الحسام المهند:
    وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على الحر من وقع الحسام المهند
    وفي ختام هذا المحور أسدل الستار على دعوة استشراقية كادت أن توقع الأمة في خطأ لاتفي بوصفه كلمة خطير أو فادح، ولكن الله حال بينهم وبين ما يشتهون بفضله تعالى ثم بفضل رجال مخلصين نذروا أوقاتهم وأقلامهم لنصرة لغة القرآن وتراث العربية، وذود كل ما قديعرض هذا التراث للخطر، أو يحول بين الأجيال وبين تاريخهم، رحم الله تلك الأعظم الطاهرات، ومتّع من بقي منهم بالصحة والعافية، إنه سميع قريب

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المشاركات
    92

    افتراضي رد: محاور الغزو الثقافي للغة العربية في مصر.الشيخ: سليمان النتيفي

    محاور الغزو الثقافي للغة العربية في مصر
    4 / 5
    الأستاذ/ سليمان بن عبدالله النتيفي


    الدعوة إلى العامية
    مؤلفات علماء العربية القدامى في العامية:

    لقد قام علماء العربية قديما بتأليف بعض الكتب في العامية بهدف مطاردة بعض الكلمات العامية التي تسللت إلى أقلام الكتاب والفصحاء ، فهي مؤلفات تهدف إلى الحفاظ على اللغة العربية خلافا لما قد يشعر به العنوان ، ومن هذه المؤلفات ما يلي :
    1 - ما تلحن به العوام / للكسائي ( 189هـ) .
    2 - ما تلحن فيه العامة/ لأبي نصر الباهلي - صاحب الأصمعي (321هـ) .
    3 - البهاء فيما تلحن فيه العامة/ للفراء (207هـ) .
    4 - ما تلحن فيه العامة/ لأبي العباس ثعلب (291هـ) .
    5 - لحن العامة/ لأبي عبيدة (209هـ) .
    6 - لحن العامة لأبي عثمان المازني (248هـ) .
    7 - لحن العامة/ لأبي حاتم السجستاني (255هـ) .
    8 - لحن العامة/ لأبي حنيفة الدينوري (290هـ) .
    9 - لحن الخاصة/ لأبي هلال العسكري (395هـ) .
    10 - درة الغواص في أوهام الخواص/ لأبي القاسم الحريري ( 516 هـ) .
    وهذه أمثلة وليست كل ما ألف في ذلك، وكما يلحظ فهي مؤلفة في وقت مبكر حفاظاً على اللغة ونفيا للعاميّ عنها .


    مؤلفات المستشرقين في العامية:

    وهي صورة مقابلة لما سبق ومضادة لها في المصدر والوقت والأهداف، وموافقة لها من حيث أنها أسبق ما ألّف في مجالها، ومن هذه المؤلفات مايلي:
    1 - أصول اللغة العربية العامية والفصحى / الفرنسي دي سفاري، ألفه سنة 1784م وقدمه إلى الحكومة الفرنسية.
    2 - بحث في لغة نجد الحالية / المستشرق هس ، ألفه سنة 1912م وقدمه لمؤتمر المستشرقين في أثينا.
    3 - الكلام الدارج بمصر القاهرة / أُلف سنة 1892م وقدم لمؤتمر لندن.
    4 - كتاب الفوائد في العوائد والقواعد والعقائد / للدكتور سيارمي، ألفه سنة 1905 م.
    5 - العربية ولهجاتها/ الكنت لا ندبرج، ألفه سنة 1906 م.
    ولقد حرصت على تدوين تأريخ التأليف ليُعلم أنها ألفت قبيل الاستعمار الفعلي، ومنها ما ألف أثناء الاحتلال، وكلها توضح حقيقة أطماع الغرب وأهدافه المحددة في نشر العامية في الوطن العربي كله، ويشد الانتباه أن بعضها ألف وقدم إلى وزارات الخارجية للبلدان والدول ذات الاهتمام بذلك مما يدل على أن هناك أهدافا أخرى وراء هذا العمل.
    وتلاميذ المستشرقين قد قاموا بالمهمة الآن خير قيام مما أربى على جهود المستشرقين، وهؤلاء التابعون منهم من تأثر بالأجانب تأثرا كبيرا فهو يكِنُّ أهدافا وينفذ مخططات يعلمها، وكثير منهم همج رعاع يقلدون الغربيين في كل صغيرة وكبيرة وهم يجهلون خطورة هذا التقليد ومغبته.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المشاركات
    92

    افتراضي رد: محاور الغزو الثقافي للغة العربية في مصر.الشيخ: سليمان النتيفي

    -5-
    حجج الداعين إلى العامية والدعوة إلى تيسير قواعد اللغة العربية وإصلاحها نشر

    الأستاذ/ سليمان بن عبدالله النتيفي

    حجج الداعين إلى العامية

    1- أنها-أي العربية الفصحى-تبعثر الوطنية المصرية وتجعلها شائعة في القومية العربية، فالمتعمق في اللغة الفصحى يشرب روح العرب ويعجب بأبطال بغداد بدلا من أن يشرب الروح المصرية ويدرس تاريخ مصر، وليس من مصلحة الأمة المصرية أن ينزع شبابها نحو الشرق، وإنه لأنفع للشرق أن ينزع إلى مصر لا أن تنزع مصر إليه.
    2- أن لغة مصر الأصلية هي القبطية، وإنما انتشرت العربية بعد فتح العرب لمصر سنة 19 هـ، وبذلك تلاشت القبطية التي لم يبق من آثارها سوى بعض المفردات.
    3- أن التمسك بالفصحى هو السبب الذي يعوق بين المصريين وبين الاختراع، فقد ألقى المستشرق ولكوكس محاضرة في سنة 1893 م بعنوان ( لِمَ لم توجد قوة الاختراع عند المصريين الآن ) ونشرها باللغة العربية في مجلة الأزهر وبيّن أن عائق الاختراع عندهم هو تمسكهم بالفصحى.
    4- اختلاف اللغة المكتوبة عن اللغة المحكية، وهو ما يسمى بالازدواجية فيجب أن يقضى على تلك الازدواجية بالتحول إلى العامية لصعوبة العربية على أفهام الناس.
    5- أن جعل التعليم باللغة العربية مانع من متابعة العلوم العصر.
    6- أن العربية فقيرة في الاصطلاحات الفنية جامدة في التراكيب معقدة في العبارة.
    7- أن اللغات الأوربية قد تطورت فيجب أن تتطور لغتنا كما تطورت لغاتهم.



    أمثلة لمحاولات تنفيذ هذه الدعوة
    لم تقف الدعوة عند الكلام النظري بل سعى المستشرقون ومن تأثر بهم من العرب إلى القيام ببعض الأعمال في سبيل تدعيم العامية الضيقة، والنعرة المحلية، ومن تلك الأعمال ما يلي :
    1- الإشادة ببعض الأعمال العامية الموجودة من قبل على قلتها مثل ( هز القحوف في شرح قصيدة أبي شادوف ) و( مجلة أبي نظارة ) وبعض أعمال محمد عثمان جلال.
    2- تأليف بعض الكتب بالعامية المصرية مثل :
    أ-مجموعة أزجال مصرية، قام بجمعها ونشرها م بوريان ( مدير بعثة الآثار الفرنسية في القاهرة.
    ب-مجموعة من الأغاني الشعبية في مصر العلي، جمعها ونشرها م جاستون ماسبيرو.
    3- إدخال العامية في نماذج أدبية رفيعة أو نماذج علمية ومن ذلك :
    أ- ترجم المهندس الإنجليزي ولكوكس إلى العامية قطعا من روايات شكسبير نشرها في مجلته الأزهر التي اتخذها مسرحا للدعوة إلى العامية، ولعلي أستميح القارىء عذراً لأسود هذه الأوراق بشىء من تلك الترجمة، بداية الترجمة هكذا :
    - يقول اللورد ورك للقاضي : إزيك ياقاضي بتعمل إيه دلوقت؟
    - القاضي لورك : إزي الملك ؟
    - ورك : الملك ارتاح وهمومه راحت.
    - القاضي : هو لسا حي.
    - ورك : هو خلص الزمن بتاعه وبالنسبه لنا غير حي.
    ب- كما ترجم الإنجيل إلى المصرية.
    ج- ألف كتابا بالعامية بعنوان : الأكل والإيمان.
    4- اتخاذ اللهجة السوقية في المسرح الهزلي، وانتقالها منه إلى المسرح الجدي، وظهرت بعد ذلك الخيالة ( السينما ) فاتخذت هذه اللهجة.
    5- ظهرت اللهجة السوقية في الأدب المكتوب حيث استعملها بعضهم في كتابة القصة والحوار



    مناقشة آراء الدعاة إلى العامية
    من المعروف فطرة أن عدوك لايريد بك الخير، وإن بدر منه ما تظن أنه خير فلك أن تشك فيه أو أن تفسره بالحرص على مصلحته الخاصة ولاتثريب عليك، وإن تأبّى عليك هذا وذاك فردد مع الشاعر-غير ملام-قوله :
    لاتعجبوا إن يزل الخير من يده الكوكب النحس يسقي الأرض أحيانا[1]
    وكما يقول العوام : من لم يكن على دينك فلن يعينك.
    ومع اقتناعنا بما سبق فإننا سنناقش بعض هذه الآراء اتباعا للمنهج العلمي، ومحاورة لمن اغتر بهذه الدعوة، وبهره.بريق التجديد من أبناء المسلمين فنقول :
    1- العربية ليست غريبة على أفهام الناس كما يدعون والدليل على ذلك أن لغة الإنشاء العصرية شائعة في الصحف والمجلات ومع ذلك فلم يشتك أحد من عدم فهمه، بل ترى الأطفال الصغار يتابعون البرامج الكرتونية المدبلجة ويفهمونها ويتفاعلون معه، ولو فات العاميّ فهم بعض الألفاظ من الفصحى فإنه يفهم المعنى الإجمالي ولاشك.
    2- أن التقعر في الكلام واستجلاب الغريب ليس عيباً في العربية بل هو عيب في المتحدث.
    3- ليست اللغة العربية بدعا في اللغات بامتياز اللغة المكتوبة فيها عن اللغة المحكية، والزعم بانفرادها بذلك زعم باطل فالإنجليزيون والألمان والفرنسيون كذلك.
    4- أن الدعوة إلى العامية دعوة تحمل بين طياتها معاول تفريق الأمة العربية والإسلامية، لأن هذا يؤدي إلى القومية والحزبية المقيتة.
    5- ثم ماهي اللهجة العامية التي يمكن الاتفاق عليه، وهل سيتم الاتفاق على لهجة معينة ؟ وكيف يتم نشرها ؟؟؟ أسئلة كثيرة في هذا الجانب.
    6- ما الحل في تراث المسلمين ؟ وكيف يقرأ المسلمين كتاب ربهم وسنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ؟ أيظل يقرأ في المساجد كما تقرأ اللاتينية في الكنائس الكاثوليكية، إن هذه الدعوة دعوة خطيرة ذلك أن الدعوات التي تستهدف هدم الدين والأخلاق قد تضل جيلا من الشباب ولكن الأمل في إنقاذ الجيل القادم يظل كبيرا ما دام القرآن حيا مقروءا وما دام الناس يتذوقون حلاوة أسلوبه وجمال عبارته، أما هذه الدعوة فهي ترمي إلى قتل القرآن نفسه-وهيهات-والحكم عليه بأن يصبح أثرا ميتا كأساطير الأولين، أو بأن يصبح أسلوبه عتيقا باليا بتحويل أذواق الأجيال الناشئة عنه، وتنشئتهم على تذوق ألوان أخرى من الأساليب المستجلبة من الغرب [2].
    7- أن صعوبة اللغة ترجع في حقيقة الأمر إلى بعض المستشرقين الذين حاولوا تعلم اللغة العربية وهي شديدية البعد عن لغتهم الأروبية في بناء الكلمات، ونظام التأليف وعادات النطق.
    8- أن كثيرا من الحجج التي ذكروها غير مفسرة ومعلوم في علم الجرح والتعديل أن الجرح لايقبل إلا إذا كان مفسر، فماذا يقصدون في قولهم : إن اللغة عاقة المصريين عن الاختراع ؟ وما علاقة اللغة بالاختراع ؟ ها هم العوام يتحدثون العامية التي رضعوها مع اللبن فأين التقدم الذي حققته لهم ؟ وأين الاختر

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •