قد يكون الوقت متأخرا بعض الشيء في طرح هذه الأفكار التي تحتاج لتحقيقها إلى بعد زمني أوسع , ولكنّ طرحها قرب سخونة الحدث يعطيها وهجاً أكبر لتتبلور إلى برامج عملية .
وسأنطلق في طرح هذه المعالجات من إبداء بعض الجوانب السلبية في أساليب الاحتساب السالفة ، والتي منها :
- الانتظار إلى افتتاح المعرض وممارسة الاحتساب حال وقوع المنكر ، دون استباقه لتخفيف منكراته ، ونتناسى أن الإعداد المسبق له طويل .
- التعامل الاحتسابي السطحي وأحياناً الساذج ، من قبل بعض شرائح المحتسبين الذين هم دون الإدراك اللازم لمنكرات النشر الثقافية ، وبعد ذلك يقوم التشويه الإعلامي بإهداره ، وتخسر الهيئات وفئام المتدينين المزيد من سمعتهم .
& وعلى ذلك فنحن نحتاج إلى أساليب مدروسة ، وحلول طويلة الأمد : استباقية ؛ واستدراكية , وعلاج جذري لمكامن الخلل ومنابته لا لأعراضه .
= من المعالجات على المدى الطويل :
- معالجة شأن وزارة الثقافة والإعلام والجهة المشرفة على المعارض وذلك بـالأساليب التالية :
1- توجيه الخبراء والمختصين - والنابغين من الخريجين – في الشأن الإعلامي إلى الدخول وظيفياً إلى الوزارة ونيل الثقة المهنية والتدريج في المناصب حتى يبلغوا مواقع التأثير .
وكذلك استقطاب الذين ليس لهم فكر وتوجيهات ليبرالية ، وتعميق العلاقات معهم ومحاولة التأثير فيهم ، ولنتذكر أنهم يستخدمون نفس الأسلوب ونجحوا في ذلك .
2- الضغط بالوسائل المناسبة لإبعاد أصحاب التوجهات التغريبية الإفسادية ، وإدانتهم بمخالفة الجوانب النظامية فيما يتعلق بسياسة الإعلام وغيرها ، لإبعادهم أو إنزالهم عن مواقع التأثير ، ولا نقلل من شأن هذه الخطوة ، لأنها إن لم تفد في إبعادهم فلا أقل من كونها تقلل من سوئهم ، بحيث تجعلهم يحسبون حساباً لتلك المواقف .
3- الضغط بالاتجاه المقابل لإعادة من تم تنحيتهم وتصفية الوزارة منهم أيام سيء الذكر إياد مدني وقد علمنا أنه تم تصفية الوزارة بمنهجية من الأمناء والوطنيين بوسائل مختلفة ، وبعضهم ذا تأثير ملموس .
4- إقامة التظلمات النظامية لإعادة الهيبة والالتزام بساسية الإعلام ، ورد كل الخروقات والانتهاكات مهما أصحبت في عداد المسلمات ، ومهما عفا عليها الزمن .
# ترى لوكنا نبذل جهوداً منظمة في تلك الاتجاهات منذ أن برزت ظواهر التغريب في معرض الكتاب ألم نكن الآن نرى بوادر جني الثمار! ثم تكون الثمار في القادم أينع وأنضج !!
= معالجات على مدى أقصر :
تتفاوت هذه الخطوات في مرحليتها ، ولكنها جميعاً بالتأكيد تحتاج إلى أن تكون مدروسة ؛ تراجع وتراقب نتائجها وتقيم :
1- الدخول في اللجان المنظمة للمعرض ، وخاصة تلك الجهات التي لها الأثر في تكوين شخصية المعرض كالمعنية بالتواصل مع دور النشر , والرقابة ، وتنظيم الفعاليات الثقافية ...
2- إن لم يُتوصل لذلك فلا مناص من المزج بين التواصل المستقل – أي غير الرسمي – مع الدور الجيدة التي لا تشارك ، بحيث تتهيأ بجميع متطلبات المشاركة وتتقدم بالطلب ، مع التواصل مع اللجان المعنية لفسح المجال لها ، وقد ثبت أن هناك نوع انتقائية في إتاحة المشاركة لدور النشر حسب توجهاتها ونوع معروضاتها سواء من الداخل والخارج .
3- ممارسة الضغوط بالكيفيات المناسبة لفسح كتب الفكر الإسلامي التي حجبت منذ زمن بممارسات إرهابية فكرية مستنفرة ...
فيا للعجب كيف دار الزمان دورته حتى أصبحت وأمثالها الكثير.. ؛ مجرّمة ؛ محرّمة , بينما كتب مركز دراسات الوحدة ، والساقي ، والجمل , ورياض الريس ... وغيرها مما كان كثير من مطبوعاتها محجوبة إذا بها تجد الفسح والصدارة والترويج الإعلامي ...!!
وإن كنت ألوم أولئك ، فإني أرجع بعتب محب على المعنيين بالإصلاح والاحتساب كيف جيشوا كل طاقة الاحتساب لمنع كتب الزندقة والإلحاد والشهوات ؛ بينما لم يوجهوا قدراً من الجهد للدعوة إلى فسح كتب الفكر الإسلامي التي لا يوجد ما يبرر منعها سوى دعاوى الأفاكين والحاقدين .
ومن المهم أن ندرك أن في فسح الكتب الفكرية الإسلامية إعادة تنوير بصائر الناس وخاصة الشباب بعد موجات عاتية من الشبه .
وهناك عامل مهم في فسحها وهو أن في عودتها استحواذ على صدارة المبيعات والتداول , ولعل من أسباب حجبها العكس من ذلك .
4- إيجاد معيار وضابط دقيق للكتب التي يحتسب على منعها , ويكون لذلك توصيف شرعي بيّن , لأن دائرة الانحراف واسعة جداً وهناك من الكتب المنحرفة ما يمكن السكوت عنه , وهو من الغثاء الذي كان متواجداً قبل التغوّل الليبرالي , وهناك – بالمقابل - قدر من الانحراف الذي يلزم شرعاً ونظاماً منعه .. , فما المعيار الفاصل في ذلك ؟
أقول ذلك لأني رأيت – أثناء متابعات مواقف وكتابات المحتسبين – تفاوتاً وخلطاً في ذلك فأحياناً يشار إلى كتب عفا الزمن على وجودها في المكتبات, والخطب فيها هيّن , بينما لا يوجد حصر جامع على معيار واضح للكتب الخطرة حقاً .
والمقصد من ذلك ألا تضطرب وتتفاوت جهود المحتسبين , ويظهر التباين الذي يضعف قوة التأثير .
& لا بد من تغيير الأساليب على هذا النحو : ليس لأن الجهود السابقة عديمة الفاعلية ... بل لأن التأثير محدود ، وأساليب القوم تتغير وتجدد ، وهم يحاولون إيجاد مناعة ضد الأساليب الاحتسابية التقليدية الوقتية بتطبيع المنكرات وترسيمها .
علينا أن نعى استمرار منكرات المعرض دون مقاومة منهجية مؤثرة يعطيها ذلك التطبيع وتلك المناعة بحيث يصبح تكرار تواجد الكتب المنحرفة , والاختلاط , والفعاليات الثقافية مع أساطين التغريب ، واختلاط الجنسين من مثقفي التغريب بصورة فجة ، والنشر والتصوير الإعلامي لكل ذلك , يصبح جزءاً من شخصية المعرض في أذهان الناس ومألوفاً لهم إن لم يكن محبباً لشريحة تتشرّبُه ، وحينها لن يكونوا سنداً لنا في رفض تلك الممارسات إن لم يكونوا العكس بفعل الشحن والتزوير الإعلامي الخبيث .