تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الشيخ عبد الرزاق عفيفي-رحمه الله- وجهوده العلمية والدعوية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    39

    افتراضي الشيخ عبد الرزاق عفيفي-رحمه الله- وجهوده العلمية والدعوية

    فضيلة الشيخ عبد الرزاق عفيفي
    http://www.afifyy.com/
    إن العلم حياة القلوب ونور البصائر وشفاء الصدور ورياض العقول ولذة الأرواح وأنس المستوحشين ودليل المتحيرين وهو الميزان الذي توزن به الأقوال والأعمال والأحوال وهو الحاكم المفرق بين الشك واليقين والغي والرشاد والهدى والضلال به يعرف الله ويعبد ويذكر ويوحد وبه تعرف الشرائع والأحكام ويتميز الحلال من الحرام وهو كل لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك ، يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة وفي السلوك سادة .
    ومن هذا يتبين ما للعلم من مزية وفضيلة ومكانة في الحياة العاجلة والآجلة ولهذا سارع في طلبه العقلاء وتنافس فيه المتنافسون وبه تفاوت الكثير من الناس في منازلهم ودرجاتهم حسب تفاوتهم في مداركهم وتحصيلهم وإنتاجهم وبه انتظم أمر الكون ونهضت الأمم وكان لمن برز فيه القدح المعلي والمقام الأسمى وإنما يكون ذلك لمن شدد الله خطاه وبصره بشؤون دينه ودنياه فعلم وعلم وكان مثالا يحتذي في قوله وعمله وسيرته وخلقه .
    ومن هؤلاء العلماء – ولا نزكي على الله أحداً – فضيلة الشيخ عبد الرزاق عفيفي – يرحمه الله – فقد كان من العلماء الذين عرفوا بجهودهم ودعوتهم إلى الله وبذلهم أنفسهم أوقاتهم وزهرة شبابهم دفاعاً عن دينهم وذباً عن عقيدتهم وقد اشتغل – يرحمه الله – بالعلم منذ نعومة أظافره حتى صار عالما فحلا وصار العلم شغله الشاغل فلا تراه إلا دارساً متعمقاً محباً للعلم منكبا عليه ، صاحب بصر نافذ ونفس طلعة لا تكاد تشبع محباً للعالم ولا تمل من البحث ولا تروي من المطالعة ، مع التوفر على ذلك وقطع النفس له وصرف الهمة نحوه ، يصيب الإنسان عنده العلم الذي لا يصيبه عند غيره .
    وبالجملة فقد ربي الشيخ عبد الرزاق عفيفي تربية عالية فتعلم كثيراً من العلوم التي كانت رائجة في عصره ومن ثم احتل مكانة بارزة بين أقرانه من رجال العلم وعلماء الدين وحملة الشريعة .
    وقد تميز الشيخ – يرحمه الله – عن كثير من علماء عصره بزهده في الدنيا وتقلله من متاعها وحرصه الشديد على نشر العلم وتعليمه والعمل بمقتضاه .
    وكان يرى أن من أوجب الواجبات إرشاد المسلمين وإفتاء المستفتين ونصح الطالبين وإظهار العلم للسائلين . وقد أبان عن هذا كله وحرره في كلمته الوافية التي ألقاها عند توليه لرئاسة جماعة أنصار السنة المحمدية بمصر ذاكراً في كلمته وموضحا واجب العالم نحو أمته ودينه فقال :
    " لقد كان العالم من سلف هذه الأمة يجد نفسه وقد أنعم الله عليه بنعمة العلم وعهد إليه أن يبلغه للناس مضطراً إلى القيام بهذا العلم فلا يعتريه في نشر الثقافة الدينية والمبادئ الإسلامية فتور ولا خور ولا يقعده عن البلاغ رغبة ولا رهبة ولا خوف من سلطان ، لأن القلب الذي أشرب حلاوة الإيمان يكتسب قوة روحية وحصانة دينية ونوراً ربانياً فلا يجد أحد إلى إغوائه سبيلا فمهما جاهد الشيطان هذا المخلص فلن يتاح له أن يوهن عزيمته أو أن يمس عقيدته .
    وإن قلبا قد صبغ بصبغة الله وتشبع بتعاليم الإسلام حتى ملكت سويداءه ليأبى أن يخضع لسلطة ربه واشتد خوفه منه وعلم أنه ملك قهار جبار بيده نواصي العباد وأن ذلك ليخلق منه سيفا مسلطا ونارا متأججة يقذف بها من عاد الله وبارزه بعصيان . لا يخاف في الله لومة لائم .
    كان العلماء بذلك قوامين على الدين حفظاً ونشراً وبلاغاً ونصيحة وإرشاداً وكانوا خير قدوة للناس ومثلا عليا في إصابة الحق وتأييده وكشف الباطل وإزهاقه قولا وعملا ، يقصدهم الناس ليكشفوا لهم وجه الصواب بما ورثوه عن نبيهم –صلى الله عليه وسلم- فيجدوا لديهم ما يروي غلتهم ويزيل شبهتهم ويزيد يقينهم وإيمانهم وتعلقهم بشريعة سيد المرسلين ولم يكن يدخل في أمر الفتيا من ليس من أهله فعرف كل قدره ووقف عند حده . .
    " .
    قلت : وقد ثبتت له الإمامة في كثير من الجوانب العلمية فهو إمام في العقيدة ومن المبرزين في هذا الباب وإمام في السنة لشدة تمسكه بها ودفاعه عنها وإمام في الفقه وأصوله لا يشق له غبار وإمام في التفسير وقد ذكر ذلك عنه كثير من تلاميذه وأبانوا عنه في كتاباتهم .
    يقول الدكتور صالح بن آل سعود بن علي : كان رحمه الله ذا باع طويل في الشريعة وله القدح المعلى في التفسير وعلوم القرآن . وقل أن يوجد له نظير في التوحيد وعلوم العقائد والمذاهب والملل والنحل أما في علم أصول الفقه فهو علم من أعلامه ، له في ميدانه اليد الطولي وأما الفقه فإليه فيه المنتهى .
    بداية تلقيه للعلم :
    تعتبر البداية الحقيقية لطلب الشيخ للعلم عندما وجهه والده إلى كتاب القرية لحفظ كتاب الله تعالى ذلك أن الناشئ من العلماء ينشأ مرتبطا بكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
    وقد أكب الشيخ – رحمه الله – على حفظ كتاب الله فأحسن تلاوته وحفظ كثيرا منه وقد أوتي سرعة في الحفظ وقوة في الفهم وجودة في الخط كثيرا منه وكل هذا وغيره مكنه من حفظ كتاب الله تعالى والإقبال عليه بكليته على الرغم من صغر سنه وحق للقرآن أن تفنى فيه الأعمار وأن تعمر به الأزمان لقد كان حفظ الشيخ لكتاب الله في سن مبكرة هي الخطوة الأولى للدخول في طلب العلم الشرعي بصورة جادة ومنتظمة ثم واصل الشيخ بعد ذلك دراسته في همة لا تعرف الكلل ونفس طلعة لا تعرف الملل .
    وقد أكد هذا الكلام فضيلة الشيخ عبد الحميد بن عبد المطلب الهلالي من أعيان قرية ( شنشور ) في كلمته التي تناول فيها نشأة الشيخ ووضح فيها بداية تلقيه للعلم قائلا : لقد نشأ فضيلة الشيخ عبد الرزاق عفيفي نشأة طيبة وسط أسرة طيبة الأعراق حسنة السمعة ، درس القرآن الكريم منذ نعومة أظافره على يد كل من والده الشيخ عفيفي عطية النوبي ثم في كتاب القرية حيث كان نابغاً في حفظ كتاب الله تعالى وقد أعفى من الجندية ( الخدمة العسكرية ) حسب النظام المعمول به وقتئذ لحفظه القرآن الكريم كاملا .
    قلت : وإلى جانب حفظ الشيخ للقرآن ، كان يحفظ بعض المتون كما هي عادة طلبة العلم الذين كانوا يدرسون في الكتاتيب في هذا الوقت ، فضلا عن ذلك فقد كان يعطي جل وقته – على الرغم من حداثة سنه – لمراجعة محفوظاته ولتعلم قواعد النحو والإملاء والحساب بتوجيه من والده .
    نبوغه المبكر وتقدمه على أقرانه
    لقد عرف الشيخ عبد الرزاق عفيفي منذ صغره بالألمعية النادرة والنجابة الظاهرة والذكاء المفرط والنبوغ المبكر حتى بز أقرانه وفاق أترابه وعلى الرغم من حداثة سنه فقد كان صاحب همة عالية ونفس أبية جعلته موضع تقدير ومحل تبجيل من كل من عرف الشيخ وخالطه وزامله .
    شيوخه ومؤهلاته
    ومن العلماء الذين تتلمذ الشيخ لهم ونهل من علمهم واستفاد من دروسهم .
    الشيخ محمد بن حسن عافية والشيخ محمد بن عبود عافية وهما من علماء قريته ( شنشور ) وأما أشهر شيوخه وأكثرهم تأثيرا فيه فمنهم الشيخ احمد نصر شيخ السادة المالكية والشيخ دسوقي العربي والشيخ عبد المعطي الشربيني والشيخ يوسف الدجوى والشيخ محمد العتريس والشيخ إبراهيم الجبالي والشيخ مصطفى المراغي وغيرهم .
    وأما أقران الشيخ ومعاصروه فهم أمم لا يحصون ومنهم على سبيل المثال لا الحصر :
    الشيخ محمد رشيد رضا صاحب مجلة المنار والشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر والشيخ محمد حامد الفقي رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية في مصر آنذاك والعلامة الشيخ احمد محمد شاكر والشيخ العلامة محمد الخضر حسين والشيخ الإمام حسن مأمون مفتي مصر في زمنه والشيخ الدكتور محمد عبد الرحمن بيصار الأمين العام للمجلس الأعلى للأزهر سابقا رحمهم الله جميعا . ومن أقرانه أيضا : فضيلة الدكتور محمد حسن فايد – رحمه الله – والدكتور عبد المنعم النمر والدكتور محمد الطيب النجار – حفظهما الله – وكذلك فضيلة الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية سابقا وفضيلة الشيخ عبد الظاهر أبو السمح مدير دار الحديث ومؤسسها بمكة المكرمة وإمام وخطيب المسجد الحرام وفضيلة الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة والشيخ محمد علي عبد الرحيم والشيخ محمد عبد الوهاب بحيري والشيخ محمد خليل هراس والشيخ عبد الله بن يابس والشيخ عبد العزيز بن راشد وفضيلة الشيخ العلامة محمد بن عبد العزيز بن مانع رحمهم الله جميعا .
    ومن أبرز أقرانه وأشهر معاصريه :
    - سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم المفتي السابق للمملكة العربية السعودية ورئيس الكليات والمعاهد العلمية – رحمه الله .
    - وسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء حفظه الله .
    - ومنهم سماحة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي رحمه الله .
    - وسماحة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد رحمه الله .
    - ومنهم فضيلة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله .
    - ومنهم فضيلة الشيخ عبد الرحمن الأفريقي رحمه الله .
    - ومنهم فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني حفظه الله .
    - ومنهم فضيلة الشيخ محب الدين الخطيب صاحب المكتبة السلفية رحمه الله.
    - ومنهم فضيلة الشيخ محمد بهجت البيطار رحمه الله .
    - ومنهم فضيلة الشيخ سعدي ياسين رحمه الله .
    - ومنهم فضيلة الشيخ إسماعيل الأنصاري – رحمه الله .
    وأمم يصعب حصرهم واستقصاؤهم .
    مؤهلاته العلمية :
    وأما مؤهلات الشيخ العلمية فهي على النحو التالي :
    لقد تحصل الشيخ عبد الرزاق – رحمه الله – على عدد وافر من الشهادات والإجازات العلمية وأعلى هذه الشهادات والمؤهلات التي نالها الشيخ حفظه المتقن والمجود لكتاب الله والذي أتاح له فرصة الالتحاق بالأزهر في عصره الذهبي حيث التقى الشيخ في ساحته وبين أروقته وباحته بجبال العلم وشيوخ المعرفة وأفذاذ الطلبة وجهابذة المحدثين .
    وقد تخرج الشيخ في الأزهر من أعلى مستوياته فقد تحصل على الشهادتين الابتدائية والثانوية ثم تحصل على شهادة العالمية في الرابع والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة 1351 هـ الموافق السادس عشر من شهر أغسطس سنة 1923 م .
    وفي الرابع عشر من شهر رمضان المبارك سنة 1355 هـ الموافق الثامن والعشرين من شهر نوفمبر سنة 1936 م منح شهادة التخصص في الفقه وأصوله وهي التي تعرف اليوم بشهادة ( الدكتوراه ) .
    ثم واصل الشيخ تحصيله العلمي حتى أضحى من العلماء الفحول والحفظة العدول .
    ومما تجدر الإشارة إليه : أن الشيخ عبد الرزاق – يرحمه الله – لم يكن يعبأ بهذه الشهادات ولم يفاخر بها وما سمعته قط يتحدث عنها ذاكراً أو آثرا .
    ويؤكد هذا فضيلة الدكتور محمد بن سعد الشويعر قائلاً : كان الشيخ عبد الرزاق رحمه الله ممن يزهد في الشهادات الدراسية والتشدق بذكرها وإنما يراها وسيلة لحمل العلم وثقل الأمانة التي يجب أن تؤدي ولم نسمعه يوماً يتحدث عن المؤهل الذي تحصل عليه .
    فرحم الله هذا العالم المحقق والحافظ المدقق والمحدث الجهبذ والعالم الجليل والفقيه النبيل .
    تلاميذه ومؤلفاته ورأيه في التأليف
    تلاميذه :
    من الصعب جدا حصر الطلاب الذين تلقوا العلم على فضيلة الشيخ عبد الرزاق عفيفي – رحمه الله – وقعدوا منه مقعد الدرس والتحصيل ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله .
    لقد تخرج به أعداد كبيرة من العلماء والدعاة والمحصلين تسلموا مناصب علمية وعملية مرموقة في داخل المملكة العربية السعودية وخارجها زمن هؤلاء العلماء الذين تخرجوا به – رحمه الله – وأصبحوا أنجما متألقة في سماء العلم والمعرفة :
    - صاحب الفضيلة الشيخ : صالح بن محمد لحيدان ، رئيس مجلس القضاء الأعلى وعضو هيئة كبار العلماء .
    - صاحب الفضيلة الشيخ : ناصر بن حمد الراشد رئيس ديوان المظالم بالمملكة العربية السعودية .
    - صاحب الفضيلة الدكتور : عبد الله عبد المحسن التركي ، وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد .
    - صاحب الفضيلة الشيخ : عبد الله بن عبد الرحمن البسام ، رئيس هيئة التمييز بالمنطقة الغربية .
    - صاحب الفضيلة الشيخ : عبد العزيز السعيد ، الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
    - صاحب الفضيلة الشيخ : عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ، عضو هيئة كبار العلماء وإمام وخطيب جامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض .
    - صاحب الفضيلة الشيخ : عبد العزيز بن محمد عبد المنعم ، الأمين العام لهيئة كبار العلماء .
    - صاحب الفضيلة الشيخ : ناصر بن عبد العزيز بن محمد الشثري ، المستشار بالديوان الملكي .
    - صاحب الفضيلة الشيخ : عبد الله بن عبد الرحمن بن إديان ، عضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية وعضو هيئة كبار العلماء .
    - صاحب الفضيلة الشيخ : صالح الفوزان آل فوزان ، عضو هيئة كبار العلماء .
    - صاحب الفضيلة الشيخ : محمد بن عبد الله السبيل ، الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وعضو هيئة كبار العلماء .
    - صاحب الفضيلة الشيخ : محمد بن خليل القطان ، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام سابقاً .
    - صاحب الفضيلة الشيخ : محمد بن عبد الله العجلان ، مدير جامعة الإمام سابقاً وعضو مجلس الشورى .
    - صاحب الفضيلة الدكتور : محمد بن لطفي الصباغ ، الأستاذ بجامعة الملك سعود بالرياض .
    - صاحب الفضيلة الشيخ : عبد الله بن سليمان بن منيع ، القاضي بمحكمة التمييز بمكة المكرمة وعضو هيئة كبار العلماء .
    - صاحب الفضيلة الشيخ : عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء بالرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء .
    - صاحب الفضيلة الشيخ : عبد الله بن حسن بن قعود من علماء المملكة العربية السعودية .
    - صاحب الفضيلة الدكتور : عبد العزيز كامل وزير الأوقاف المصري سابقاً .
    - صاحب الفضيلة الشيخ : راشد بن خنين ، المستشار بالديوان الملكي .
    - صاحب الفضيلة الدكتور : صالح الأطرم ، عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية .
    وأما تلاميذه بالمعهد العالي للقضاء فمنهم :
    فضيلة الشيخ : إبراهيم بن محمد\ سلطان وفضيلة الشيخ علي بن حمد التركي وفضيلة الشيخ محمد العسكري وفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن إبراهيم العريني وفضيلة الشيخ محمد بن حمد الحناكي وفضيلة الشيخ سعيد بن محمد بن رشيد وفضيلة الشيخ محمد بن مرزوق بن معيتق وفضيلة الشيخ إبراهيم بن عيسى العود وفضيلة الشيخ عبد الله بن محمد العجلان وفضيلة الشيخ سالم بن محمد السالم وفضيلة الشيخ صالح بن محمد النجيدي وفضيلة الشيخ محمد بن عبد الله الأمير وفضيلة الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم الهويش وفضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الراشد وفضيلة الشيخ مسفر البحري وفضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم بن قعود وأمم لا يحصون كثرة قد تخرجوا به في المملكة العربية السعودية ومصر والشام وغيرها من البلاد .
    مؤلفاته ورأيه في التأليف :
    كان الشيخ عبد الرزاق – يرحمه الله – لا يرى التأليف ولا يرغب فيه مع غزارة علمه وسعة إدراكه ووفرة مادته وكان يعلل ذلك بأن الناس عامة وطلبة العلم خاصة بحاجة ماسة إلى القراءة والاطلاع أكثر من حاجتهم للتأليف والتصنيف .
    وللزيادة من ترجمة وسيرة الشيخ زيارة موقعه
    http://www.afifyy.com/
    .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    39

    افتراضي رد: الشيخ عبد الرزاق عفيفي-رحمه الله- وجهوده العلمية والدعوية

    جهود الشيخ الدعوية في مصر :
    قضى الشيخ عبد الرزاق عفيفي – رحمه الله – حياته في خدمة العلم والدين ، مجاهداً في سبيل الدعوة إلى الله وطلب العلم وتعليمه .
    لقد أمضى الشطر الأول من حياته في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وكان داعية من أبرز دعاة جماعة أنصار السنة المحمدية في مصر والأسكندرية ومن المؤسسين لها .
    كان داعية متميزا في علمه ودعوته وكان لسعة اطلاعه وقوة حجته وثباته على الحق أبلغ الأثر في نجاح دعوته .
    يتحدث عنه أحد زملائه بالأزهر وأحد رفقاء دربه ( يوسف الضبع ) فيقول : " وفي الإسكندرية وضواحيها المترامية بسط نطاق دراسته الدينية ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) .
    فكان الشيخ يلقي فيها عظات ودروساً دينية حسبة لله وابتغاء وجهه وكانت هذه العظات وتلك الدروس إلى جانب جدوله الدراسي في المعهد الديني بالإسكندرية وقد تتلمذ له وآوى إلى حلقاته كثير من شيوخ الإسكندرية وشبابها وأشهد أنه بلغ من الورع والتقوى والكرم والشجاعة وأصالة الرأي ورسوخ القدم ما جعله أشبه بعلماء السلف الصالح ، لقد كانت دروسه اليومية في الإسكندرية وضواحيها بمثابة مدرسة كبرى يجتمع فيها الجم الغفير من الناس على اختلاف مستوياتهم للاستماع والنقاش والحزار مع عالم مبرز وفقيه ثقة ، إذا جادل أقنع ولم تقتصر دروسه ومواعظه على مكان بعينه في الإسكندرية ، بل كان يغشى معظم معظم مساجد هذه المدينة الكبيرة وغيرها من المدن من وقت لآخر لإلقاء دروس في التوحيد والعقيدة الإسلامية التي كان حريصا أشد الحرص على تنقيتها وتصفيتها من شوائب الشرك والبدع والمعاصي والخرافات والخزعبلات وما أكثرها في مجتمعه " .
    لقد عرف الشيخ عبد الرزاق – رحمه الله – من خلال دروسه بسعة علمه وعمق فهمه وصحة معتقده فكان زملاؤه المدرسون يعتبرونه مرجعا أمينا لهم .
    وفي رحلته العلمية وجهوده الدعوية ، كانت له عناية خاصة بتربية تلاميذه على العقيدة السلفية ونبذ البدع والضلالات والأخذ بأيديهم إلى هدي الكتاب والسنة وسلف هذه الأمة فاحتضن نخبة متميزة من هؤلاء التلاميذ وتعهدها منذ الطفولة واصطحبها معه حتى نمت وشبت عن الطوق ونهجت نهجه . وغدا هو وهم يجوبون القرى والنجوع ويتجولون في الضواحي والأحياء المتعددة لأداء رسالة هي من أعظم الرسالات ألا وهي رسالة الدعوة إلى الله وهداية الناس .
    وحيث كانت معظم المساجد لا تخلو من البدع ويجهل عامة الناس مسائل العقيدة الصحيحة فقد ركز – غفر الله له – على الجوانب العقدية والعودة إلى منابع أصولها الصافية والتمسك بالسنة الصحيحة وما كان عليه أمر المسلمين في القرون المشهود لهم فيها بالخير وكان إذا تعذر عليه تغيير المنكر سعى في إقامة مسجد خاص يقوم عليه من هداهم الله لدعوته ويتخذون منه منطلقا للدعوة .
    ويتحدث فضيلة الشيخ مناع بن خليل قطان منوها بجهود الشيخ الدعوية في محافظة شبين الكوم بمصر قائلا :
    1- عين شيخنا مدرسا بالمعهد الديني بشبين الكوم التابع للأزهر سنة 1355 هـ - 1973 م .
    2- استأجر بيتا لسكناه ( وهو عزب ) فأسكن معه طلاب ( شنشور – منوفية ) .
    3- ثم تزوج وسكن في بيت مستقل ولكنه كان يدعو طلابه بالجامعة ويرعاهم كما يرعى الأب أبناءه .
    4- قام بتدريس مادة الحديث المقررة في المرحلة الثانوية " صفوة صحيح البخاري " فكان أستاذا متميزاً بترتيب الموضوع وجودة العرض وحسن التعليق ورجاحة العقل ويسجل النابهون من طلابه إضافاته العلمية على هامش الكتاب المقرر .
    5- يهاب الطلاب شخصيته وينصتون لسماع درسه ويحرصون على الأستفادة منه .
    6- اتفقت معه الجمعية الشرعية بشبين الكوم برئاسة الشيخ احمد الزيات على أن يلقي درساً أسبوعياً منتظماً في مسجدها ، فكان هذا الدرس مدرسة يجتمع فيه الجم الغفير للاستماع والنقاش والحوار .
    7- كان يغشي المساجد الأخرى من وقت لآخر لإلقاء دروس فيها .
    8- كان منهجه السلفي سمة بارزة فيه بأسلوب شائق جذاب يدعمه الدليل والحجة ولا يمس أحداً بتجريح مما جعل استجابة الناس عن حب وقناعة .
    9-توثقت علاقته بمدير المعهد آنذاك ( الشيخ عبد الجليل عيسى ) فكان موضع شوراه .
    10- كان يزن طلابه بميزان دقيق في الجوانب المتعددة ولا يخفي حبه لمن يتوسم فيهم الخير فيعاملهم – وهم بمنزلة أبنائه – معاملة الأخ الأكبر لاخوته الصغار .
    11- عرف بسعة علمه وعمق فهمه فكان زملاؤه المدرسون يعتبرونه مرجعا لهم .
    12- أضفى عليه تواضعه حلة من زيادة التقدير والاحترام لدى كل من عرفه .
    وفضلا عن ذلك كله فقد كان له القدح المعلى في تخليص قريته ( شنشور ) من العادات الجاهلية التي هدمها الإسلام كالنياحة وإقامة السرادقات . . . إلخ
    لقد كانت جهوده في هذا الميدان لها أبلغ الأثر في نفوس العامة فضلا عن المتعلمين لما يعلمونه عن الشيخ من علم واسع ورفق في الدعوة وحرص على هداية الناس وقد تحقق ما أراد بإذن الله وتوفيقه ، فهدى الله على يده آلافا من الناس وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
    إن حياة الشيخ عبد الرزاق وجهوده الدعوية المباركة جديرة بالتأمل فقد أوقف حياته على نشر العلم والدعوة إلى هذا الدين وإظهار محاسنه والدفاع عن ساحته وترسيخ مبادئه وتعميق التوعية بمعانيه .
    والواقع الذي لا يماري فيه أحد من دعاة هذا الدين وإظهار محاسنه وحملته في مصر وغيرها هو إجماعهم على أن فضيلة الشيخ عبد الرزاق قد بلغ من العلم والفضل والفقه في الدين منزلة عظيمة لا يجحدها إلا حاسد أو حاقد وفي هذه الكلمات المشرقة والنصائح القيمة التي يوجهها الشيخ إلى الدعاة أكبر شاهد على ما ذكرت فقد قال – رحمه الله - :
    [ وخير طريق يحتذيه الدعاة في القيام بمهمتهم وأمثل منهاج يسلكونه في استمالة قلوب الناس إلى الخير والإعذار إلى من لم يستجب للحق بعد بيان الحجة وإقامة البرهان هو طريق الرسل عليهم الصلاة والسلام ومنهاجهم في دعوتهم إلى الله بقولهم المفضل وسيرتهم الحميدة .
    وعقب ذلك يلقي الشيخ الضوء على سيرة رسول الله وخليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام فيقول :
    كان إبراهيم الخليل ( عليه الصلاة والسلام ) مثلا أعلى في صدق اللهجة والإيمان بما يدعو إليه من التوحيد وشرائع الإسلام والتصديق به على وجه اطمأنت به نفسه ورسخ في سويداء قلبه وقد أثنى الله عليه بذلك في محكم كتابه في مطلع الحديث عنه حينما قام يدعو أباه إلى التوحيد فقال :
    (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً) .
    فعلى الداعي إلى الحق أن يكون مؤمنا به ، مخلصا لما يدعو إليه صادق اللهجة فيه وإلا انكشف سره وافتضح أمره فإن ثياب الزور تشف عما وراءها وعند ذلك يكون وبالا على الدعوة .
    بدأ إبراهيم الخليل بأبيه في الدعوة إلى التوحيد فإنه أقرب الناس إليه وألصقهم به فكان أولى بمعروفه وبره وإحسانه وإلى جانب ذلك يكون ردا له إذا استجاب لدعوته وظهرا له يحميه بدافع أخوة الإيمان وعصبية النسب .
    قال تعالى في وصفه لإبراهيم في دعوته : ( إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) .
    وقد تلطف معه في الدعوة فذكره بما بينهما من الرحم ووشائج النسب استمالة لقلبه وتنبيها له إلى أنه لو كذب الناس جميعا ما طابت نفسه بالكذب عليه وأنه لو غشهم جميعا لم يكن منه إلا النصح له لما بينهما من أواصر القربى والنسب .
    وبدأ دعوته لأبيه بالتوحيد الذي هو أصل الدين وجوهر الشرائع السماوية وعليه تقوم فروع الإسلام وبه صلاح القلب وبصلاحه تصلح سائر الجوارح وتستقيم أحوالها .
    " ألا وإن الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " .
    وسلك في دعوته إلى التوحيد طريق الاستدلال عليه بأن ما يعبده أبوه وقومه لا يسمعهم إذا دعوه لكشف غمة أو تفريج كربة ولا يراهم إذا عبدوه وتضرعوا إليه ولا يجلب لهم نفعا ولا يدفع عنهم ضراً وإذا كان لا يرجى نفعه ولا يخشى بأسه فكيف يستحق أن يعبد أوو يتقرب إليه وبذلك أقام عليهم الحجة وقطاع عذرهم .
    فيجب على من يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر أن يقتفي أثر إبراهيم الخليل في دعوته فيتلطف مع من يدعوهم ويسوسهم حسب ما تقتضيه أحوالهم ويبدأ بأقرب الناس إليه وأولادهم بإرشاد ويقدم الإرشاد إلى عقيدة التوحيد ويركز الحديث فيها ويقيم على ذلك الدليل ليقنعهم بالحجة ويسقط أعذارهم .
    ادعى إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام أن الله آتاه من العلم ما لم يؤت أباه ، لا ليفخر بذلك أو يتعالى على أبيه حتى يكون خلقا ذميما ينفر الناس من حوله ويمقتونه من أجله ، بل ادعى ذلك ليلفت النظر إلى وجوب الإصغاء إليه واتباعه فيما جاء به من الحق المبين ليهديهم به إلى الصراط المستقيم .
    قال تعالى في وصفه لإبراهيم في دعوته :( يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً) .
    نهى إبراهيم ( عليه الصلاة والسلام ) أباه عن طاعة الشيطان في وسوسته واتباعه فيما يسوله ويزينه إليه من الشرك بالله وسائر المنكرات فإن طاعته له وإسلام قياده إليه عبادة له من دون الله ونبه أباه إلى عصيان الشيطان لربه وتمرده عليه وإذن فليس على هدى في وسوسته ولا يزين للناس إلا ما هو شر وضلال .
    قال تعالى في وصفه دعوة الخليل : (يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً) .
    فعلى الداعية إلى الحق أن يكشف الغطاء عن معنى العبادة ويزيدها إيضاحا حماية لعقيدة التوحيد وبيانا لأصولها ويستعمل أسلوب التنفير من عبادة غير الله اقتداء بخليل الرحمن ( عليه الصلاة والسلام ) .
    أنذر إبراهيم أباه إنذار المتلطف معه المشفق عليه بأنه يخشى عليه مغبة شركه وعاقبة عبادته للشيطان وطاعته له فيعذبه الله على ذلك ولا يجد ممن تولاهم بالعبادة من يدفع عنه بأس الله وعذابه .
    قال تعالى في وصف إبراهيم في دعوته :(يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً) .
    فعلى الداعية أن يستعمل أسلوب الإنذار والتخويف من سوء العواقب والتذكير بعذاب الله وأليم عقابه يوم يتبرأ دعاة السوء ممن غرروا بهم ويتمنى المخدوعون بزخرف القول أن لو عادوا إلى الدنيا فيتبرءوا من دعاة السوء كما تبرؤوا منهم يوم القيامة وأني لهم ذلك .
    لا تأثير للدعوة إلى الحق وإن كانت صادقة إلا إذا وجدت آذانا صاغية وقلوبا واعية وفطرة سليمة لم تفسها الأهواء ولذا لم يستجب لإبراهيم أبوه بل أنذره لئن لم ينته ليرجمنه وأمره بهجره مليا فصبر إبراهيم على أذاه وقابل سيئته بالحسنة وقال له : (قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً) .
    واعتزلهم وما يدعون من دون الله ، بعدا عن الفتنة إذ لم يستطع القضاء عليها وأملا في أن يجد لدعوته أرضا خصبة فوهب الله له إسحاق ويعقوب وجعل كلا منهما نبيا ، جزاء وفاقا لصدقة في الدعوة وإخلاصه فيها وصبره على الأذى في سبيل نشرها وهجره للشرك وأهله إتقاء للبشر وبعداً عن مواطنه ومظاهره .
    فعلى الدعاة أن يتذرعوا بالصبر وسعة الصدر وأن يقابلوا السيئة بالحسنة وأن لا ينتقموا لأنفسهم ما استطاعوا إلى العفو سبيلا لكن إذا انتهكت حرمات الشريعة انتصفوا لها وأخذوا على أيدي العابثين وعليهم أن يهجروا الشر وأهله إذا لم يمكنهم إزالته أو تخفيفه ، خشية أن تصيبهم الفتنة أو يعمهم البلاء أو تكون مخالطتهم حجة عليهم أو معرة لهم وذريعة للنيل منهم وعدم الاستماع لنصائحهم وعليهم أن يتحروا المجالس التي يرجى فيها قول الحق وقبوله والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.]

    جهوده الدعوية في المملكة العربية السعودية :
    وأما جهوده الدعوية في المملكة العربية السعودية فهي بحر لا ساحل له وهي جديرة بأن يفرد لها دراسات ومؤلفات خاصة به .
    قدم العلامة الشيخ عبد الرزاق عفيفي – غفر الله له ورحمه – إلى المملكة العربية السعودية – بلاد الحرمين الشريفين – سنة 1368 هـ بعد أن قضى شطر عمره في ميادين العلم والدعوة والتربية في مصر .
    لقد جاء إلى المملكة العربية السعودية على سجيته ، لم يجتذبه طمع في مال أو جاه أو منصب ، لم يأت إلى المملكة ليكون سلفياً بل كان سلفيا قبل مجيئه إليها وأدل دليل على هذا أن نشر الكتب السلفية التي تعني بأمر المعتقد كان شاغله الشاغل وعمله الدؤوب ومن أوائل هذه الكتب التي قام على تحقيقها ونشرها في مصر : كتاب " العلو " للذهبي .
    والشيخ عبد الرزاق عفيفي يعتبر من أوائل من جاؤوا للتدريس في هذه المملكة المباركة قبلة العلماء العاملين وملاذ الأئمة المصلحين والدعاة المخلصين جاء الشيخ إلى بلاد استجابة لرغبة كريمة من مؤسس هذه الدولة الغراء الملك عبد العزيز آل سعود – يرحمه الله – فقد وجه أمره الكريم إلى صاحب الفضيلة الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع ، معتمد المعارف السعودية آنذاك وأحد أبرز رجال التعليم في المملكة العربية السعودية بأن يذهب إلى مصر لترشيح واختيار نخبة ممتازة من العلماء الذين عرفوا بصحة المعتقد وسلامة المنهج وهدفه من ذلك تنفيذ سياسته الصارمة في محاربة الجهل واقتلاع جذوره بعد أن خيم ردها من الزمن على أجزاء من هذه الجزيرة . وفي مصر وقع الأختيار على فضيلة الشيخ عبد الرزاق عفيفي ليكون في طليعة من يذهبون إلى المملكة العربية السعودية للمشاركة في النهضة العلمية بها وإزاء تلك الثقة الغالية من الملك عبد العزيز – يرحمه الله – والأمراء من أبنائه آثر الشيخ عبد الرزاق الاستقالة من الأزهر وقدم إلى هذه البلاد مع كوكبة من علماء الأزهر منهم فضيلة الشيخ محمد على عبد الرحيم وفضيلة الشيخ محمد خليل هراس وفضيلة الشيخ الشيخ محمد عبد الوهاب بحيري وفضيلة الشيخ حسين محمد مخلوف وفضيلة الشيخ محمد حسين الذهبي وفضيلة الشيخ عبد المنعم النمر وفضيلة الشيخ يوسف الضبع والشيخ احمد القط والشيخ محمد عبد الدائم وغيرهم وقد امتاز – رحمه الله – عن غالب زملائه وأقرانه الذين درسوا في الأزهر وفي غيره من المؤسسات العلمية بشدة متابعته لكتاب الله وسنة رسوله r .
    ويشيد الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد بجهود فضيلة الشيخ عبد الرزاق عفيفي – رحمه الله – فيقول :
    لقد استمر عطاؤه في الكليات والمعاهد العلمية بعد وفاة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم – عليه رحمة الله – ثم في مجال الإفتاء والدعوة في رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد . وقد أفنى عمره في نشر العلم والدعوة إلى الله والدفاع عن دينه .
    لقد أدى الشيخ عبد الرزاق عفيفي – غفر الله له ورحمه – على مدار تسعة وأربعين عاماً دوراً مهماً وفعالاً في الحياة العلمية والاجتماعية يمكن إجماله فيما يلي :
    1)- جهوده التعليمية والتربوية والدعوية في دار التوحيد بالطائف ( 1368 – 1370 هـ ) .
    2)- محاضراته القيمة ودروسه العلمية في معهدي عنيزة العلمي والرياض ( 1370 – 1371 هـ ) .
    3)- تأسيسه وتدريسه في كليتي الشريعة واللغة العربية بالرياض .
    4)- معاصرته لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض منذ نواتها الأولى واستمرار عطائه لها إلى أن توفاه الله .
    5)- جهوده المخلصة وعمله الدؤوب إبان إدارته للمعهد العالي للقضاء ( 1385 – 1390 ) وتخريج أفواج من طلبة العلم والدعاة على يديه .
    6)- مشاركته في اللجان العلمية التي كان من ثمرتها إنشاء الكليات والمعاهد العلمية بالمملكة .
    7)- عضويته الفاعلة وجهوده المتواصلة في وضع مناهج ومقررات الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية .
    8)- تحريره وصياغته لآلاف الفتاوي والبحوث التي تتسم بالعمق والأصال والدقة وذلك خلال عمله نائبا لرئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
    9)- دروسه العلمية ومحاضراته وندواته المفيدة في مسجد الشيخ محمد بن إبراهيم وفي منزله وفي بعض المعاهد التربوية ودور العلم .
    يقول أحد تلامذته : كان الشيخ – رحمه الله – ذا باع طويل في علوم الشريعة وقل أن يوجد له نظير في التوحيد وعلوم العقائد أما في علم أصول الفقه فإليه فيه المنتهى وقد شرفت بأن أكون أحد تلاميذه في كلية الشريعة ثم في المعهد العالي للقضاء وخبرته عن قرب ورأيت فيه ما كنت أقرأ عن علماء السلف من العلم الجم والفقه في الدين والتحلي بمباديء هذا الدين من تواضع وتقى وزهد وورع وصبر وحب لهذه الأمة وحرص على أن تظل كما هو مؤمل منها منارة هدى ومصدر إشعاع ومئل عز للإسلام والمسلمين .
    ويقول آخر : كان الشيخ عبد الرزاق – يرحمه الله – مسار إعجاب طلبة العلم وكان الطلاب ينقلون أخباره لأهاليهم وذويهم موضحين مواقفه وجهوده في التعليم والتربية وتفوقه في علم الشريعة ودقة فهمه لأحكامها وحسن تنزيله للأحكام على الوقائع في التدريس والفتوى وقوة شخصيته وسداد توجيهه وحسن تربيته وعرفته الساحة في المملكة في كل مجال من مجالاتها في التعليم والتربية والتوجيه والوعظ والإرشاد وفي الفتوى والمجالس العلمية ، ذا علم غزير ورأي متميز وأدب جم ، جمع الله له بين العلم النافع والعمل الصالح والقبول عند الناس والاحترام في المجتمع .
    10)- إشرافه على عشرات الرسائل العلمية ( دكتوراه وماجيستير ) ومناقشته للمئات منها فضلا عن مئات البحوث والدراسات المتخصصة التي قومها وأبدى رأيه الصائب فيها ومن هذه الرسائل العلمية التي أشرف عليها :
    • رسالة الدكتوراه للشيخ عبد القادر بن حبيب الله السندي وموضوعها ( ابن قدامة وتخريج أحاديث كتاب " الكاف " ) .
    •رسالة الدكتوراه للشيخ عبد العزيز بن إبراهيم الشهوان وموضوعها ( تحقيق ودراسة كتاب التوحيد وإثبات صفات الله عز وجل لابن خزيمة ) .
    • رسالة الدكتوراه للشيخ صالح الفوزان وموضوعها ( الأطعمة ما يحل منها وما يحرم ) .
    •رسالة الدكتوراه للشيخ سعود بن عبد الله الفنسيان وموضوعها ( اختلاف المفسرين أسبابه وآثاره ) .
    • رسالة الدكتوراه للشيخ محمد بن سعيد القحطاني وموضوعها ( اهتمام المحدثين بنقد الحديث سندا ومتنا ) .
    وأما رسائل الماجستير والبحوث الشرعية الأخرى فهي لاا تحصى كثرة .
    11)- تقويمه للأعمال العلمية والأبحاث التي تتسم بالأصالة والابتكار لكثير من الأساتذة طلبا للترقية إلى درجة العلمية التي يستحقونها .
    12)- إلقاؤه للعديد من المحاضرات والندوات والكلمات وعقد مئات المجالس العلمية في المساجد وفي بيته .
    هذا غيض من فيض وقليل فيما يتعلق بجهود الشيخ رحمه الله .
    والحق يقال : لقد أفنى الشيخ حياته في العلم والتعليم والإفتاء وانتفع بعلمه ودروسه أمم لا يحصون كثرة واعترفوا له بالفضل بعد فضل الله سبحانه وتعالى وافتخروا بالانتماء إلى تعليمه وما تلقونه عليه من خلال دروسه في المعاهد العلمية والمساجد وغيرها .
    دروسه العلمية :
    لقد كان الشيخ عبد الرزاق عفيفي – رحمه الله وغفر له – من أعلا العلماء علما وتقى وزهداً وفصاحة ، مواعظة تصل إلى القلوب وألفاظه ترسخ في الأذهان ، كان منظره وفق مخبره وعلانيته وزن سريرته ، يجمع مجلسه ضروب الناس وأصناف اللباس لما يوسعهم من بيانه ، هذا يأخذ عنه الحديث وهذا يلقن منه التفسير وآخر يتعلم منه اللغة وهو في كل هذا كالبحر العجاج تدفقا وكالسراج تألقاً
    كان في دروسه عف اللسان ، لا يعترض لأحد بأذى ولا يسمح لأحد أن يغتاب أحداً في مجلسه وسواء أكان ذلك في دروسه الخاصة أو العامة وفي حلقة الدرس يقرر العلم ويحقق المسائل ويوضح الغامض ويحل المشاكل ويقدم البراهين والأدلة على صحة قوله ولا ينتصر لرأيه وكان ذا هيبة ووقار يفرض احترامه على جالسيه ، كان كثير من طلبة العلم ومحبي المعرفة يحرصون أشد الحرص على مجالسته وحضور دروسه .
    وكان في مجلسه صاحب روح خفيفة ، قلما يخلو مجلسه من إلقاء نكتة مهذبة تنشط السامع وتسره وتؤدي في نفس الوقت غرضا توجيهيا وكان بعيد النظر ، عميق الفكر ، له جولات نقدية موجزة ، يدركها الماعي من جلسائه . كما كان بعيدا عن التكلف والتشدق فتم له إحكام الضبط وإتقان الأداء فجاء لفظه مشبعا ولسانه ذرباً ومنطقه عذبا
    يقول أحد تلامذته : كان الشيخ عبد الرزاق – رحمه الله – في أخلاقه محل القدوة والأسوة ، شديد التواضع ، تغلب عليه البساطة في مجلسه ودروسه . صحبته ما يزيد على اثنين وثلاثين عاماً وما تركت مجلسه في أسبوع إلا أن يكون أحدنا مسافراً ولقد تعلمت في هذه الصحبة أمورا كثيرة منها ما يتعلق بالناحية السلوكية ومنها ما يتعلق بالناحية الشخصية ولقد أكرمه الله بالعقل المسدد والعلم الواسع والرأي الحكيم .
    قلت : وكانت له دروس منتظمة في مسجد سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في " دخنه " بالرياض وكان يحرص على حضور هذه الدروس أكابر طلبة العلم والعلماء وعنما انتقل الشيخ إلى ( حي الوشام ) كانت له عدة دروس بين المغرب والعشاء بالمسجد المجاور لداره وكان يعرف بمسجد العفيفي ، هذا فضلا عن إمامته للمصلين في هذا المسجد مدة خمسة عشر عاما .
    كما كان له رحمه الله درس أيام الملك العالم عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود – تغمده الله بواسع رحمته – كل يوم أربعاء وكان الملك يحضره معجبا بعلم الشيخ يعقد دروسا مكثفة في بيته يخصص بعضها لطلبة العلم المتميزين في فهمهم وإدراكهم ومن الكتب التي قام بشرحها وتدريسها كتاب " إيضاح المبهم من معاني متن السلم " تأبف احمد الدمنهوري وهو المنطق .
    وكتاب " روضة الناظر " لابن طاهر . " العقيدة الحموية " و " الواسطية " و " الرسالة التدمرية " لابن تيمية و " إحكام الأحكام " للآمدي وغيرها .
    وقد كان في موسم الحج مقصد الناس من كل مكان يجيب على أسئلتهم ويحل مشكلاتهم . وصفوة القول أن الشيخ – رحمه الله – جمع علما وفضلا وانتفع بعلمه أمم لا يحصون كثرة واجتمع في دروسه ما لم يحدث عند غيره .
    ويصف ولد الشيخ عبد الرزاق – وهو الأستاذ محمود – مجلس أبيه فيقول :
    كان مجلس الشيخ مهيبا ، لا مجال فيه للهو الحديث ولا الخوض في الأعراض وانتهاك الحرمات وكثرة القيل والقال وانتقاض الناس .
    مجلس يغلب فيه التوجيه والإرشاد والنصيحة وحسن المشورة والبحث العلمي فيما يعرض من مسائل والإجابة عما يقدم من استفتاءات فإذا ما أخذوا في الحديث عن الدنيا كان الحديث بريئا كالحديث عن الأمطار والزروع والثمار وأمثال هذه الأمور من الكونيات التي يثير البحث فيها العبرة ويعرف الإنسان نعم ربه عليه .
    وقد طبع الشيخ على الخلال الحميدة والأخلاق والصفات الكريمة فكان – رحمه الله – صادق اللهجة عف اللسان حليما واسع الصدر كثير الصمت أمينا على السر ، متهملا في حديثه ، متأنيا في البحث وإبداء الرأي مع بعد نظر ، يجب أن يسمع أكثر مما يقول ، يرى أن ما يفوت بالتأني أخف خطرا وأقل ضررا مما ينجم في الغالب من سوء عاقبة العجلة ووخيم مغبتها .
    يسعى في الخير للفرد والجماعة ويجتهد في تحصيل ما يراه محققا للمنفعة دون أن يعلن عن عمله أو يتحدث عن نفسه حديث فخر وإعجاب بما له من محامد ومآثر .
    قلت : ومن ثمار هذه المجالس العلمية المباركة ما قام به طلبة الشيخ من تسجيل بعض دروسه ومحاضراته حتى يعم بها النفع وتعظم بها الفائدة وقد قمت بحمد الله وتوفيقه بتفريغ أشرطة هذه الدروس وتلك المحاضرات وقد استغرق ذلك وقتا كبيرا رغبة في نشر العلم النافع إن شاء الله .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    39

    افتراضي رد: الشيخ عبد الرزاق عفيفي-رحمه الله- وجهوده العلمية والدعوية

    اللهم ارحم الشيخ رحمة واسعة واخلفنا فيه خيراً

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    الدولة
    السعودية (الرياض)
    المشاركات
    1,295

    Exclamation رد: الشيخ عبد الرزاق عفيفي-رحمه الله- وجهوده العلمية والدعوية

    هو العالم حقًا، والإمام صدقًا ...
    رحمه الله تعالى، وأسكنه فسيح جناته ...
    أخي المسدد (عيووووون) ...
    آمل مراجعة المشاركة الأولى وتحديثها؛ فمن الواضح أنها كتبت منذ سنوات قديمة !!
    فنجد أن البعض من العلماء قد توفّاهم الله، وقد ذكر بعدهم عبارة (حفظه الله) !!
    ونجد كذلك أن بعض المشايخ والعلماء كمفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء قد تغيرت وظيفته،
    وغيره الكثير من المشايخ والعلماء كذلك !!
    آمل التصحيح ...
    شكرا لك ... بارك الله فيك ...

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •