من تحقيق جزء من علل ابن أبي حاتم للدكتور /علي الصياح
أنقل لكم تخريج الحديث التالي

نص الحديث
عن الْمُسْتَوْرِدَ بْنَ شَدَّادٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : " مَنْ وَلِيَ لَنَا عَمَلًا وَلَيْسَ لَهُ مَنْزِلٌ ، فَلْيَتَّخِذْ مَنْزِلًا ، أَوْ لَيْسَتْ لَهُ زَوْجَةٌ فَلْيَتَزَوَّجْ ، أَوْ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ فَلْيَتَّخِذْ خَادِمًا ، أَوْ لَيْسَتْ لَهُ دَابَّةٌ ، فَلْيَتَّخِذْ دَابَّةً ، وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ غَالٌّ "

قال المحقق مانصه
التخريج:
ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن عبد الرحمن بن جبير، عن المستورد، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
لم أقف على من أخرجه من طريق ابن وهب.
وقد تابع ابنَ وهب:
- حسنُ بن موسى، أخرجه: أحمد في مسنده (4/229) قال: حدثنا حسن بن موسى.
- وزيد بن الحباب، أخرجه: ابن أبي شيبة في مسنده (2/281رقم778) قال: ثنا زيد بن الحباب.
-وعبدُ الله بن مسلمة القعنبي، أخرجه: الطبراني في المعجم الكبير (20/304رقم725)، وابن بشران في أماليه (1/77-78رقم140) كلاهما من طريق القعنبي.
-وعمروُ بن طارق، أخرجه: أبوعبيد في الأموال (ص279رقم654) قال: حدثنا عمرو بن طارق.
-وموسى بنُ داود، أخرجه: أحمد في مسنده (4/229) قال: ثنا موسى بن داود.
-ويحيى بنُ إسحاق، أخرجه: أحمد في مسنده (4/229) قال: ثنا يحيى بن إسحاق.
جميعهم عن ابن لهيعة قال ثنا الحارث بن يزيد الحضرمي عن عبد الرحمن بن جبير أنه كان في مجلس فيه المستورد بن شداد وعمرو بن غيلان بن سلمة فسمع المستورد يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :((من ولي لنا عملا فلم يكن له زوجة فليتزوج، أو خادما فليتخذ خادما، أو مسكنا فليتخذ مسكنا، أو دابة فليتخذ دابة، فمن أصاب شيئا سوى ذلك فهو غال أو سارق))، وفي رواية موسى بن داود، ويحيى بن إسحاق جَمَعَ ابنُ لهيعة بين ابن هبيرة والحارث بن يزيد.
ورواه ابن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة، عن عبد الرحمن بن جبير، رواه عنه:
-أسدُ بن موسى ، أخرجه: الطبراني في المعجم الكبير (20/304رقم725) قال: حدثنا المقدام بن داود ثنا أسد بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا ابن هبيرة عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير قال كنت في مجلس فيه المستورد بن شداد وعمرو بن غيلان فسمعت المستورد يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ولي لنا عملا فلم يكن له زوجة فليتزوج أو خادم فليتخذ خادما أو مسكن فليتخذ مسكنا أو دابة فليتخذ دابة فمن أصاب سوى ذلك فهو غال أو سارق.
- حسنُ بن موسى، أخرجه: أحمد في مسنده –في الموضع السابق- قال: حدثنا حسن بن موسى قال ثنا ابن لهيعة قال ثنا عبد الله بن هبيرة عن عبد الرحمن بن جبير قال: كنت في مجلس..الحديث.
-وعمروُ بن طارق، أخرجه: أبوعبيد في الأموال –في الموضع السابق- قال: حدثنا عمرو بن طارق، عن ابن لهيعة، قال: وأخبرني عبد الله بن هبيرة، عن عبد الرحمن بن جبير…الحديث.
-والنضرُ بن عبد الجبار أبوالأسود، أخرجه: ابن زنجوية في الأموال (2/594رقم978) قال: حدثنا أبوالأسود، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن عبد الرحمن بن جبير قال: كنت في مجلس..الحديث.
وهذا الاختلاف من ابن لهيعة نفسه، فتارةً يجمع بين الحارث، وابن هبيرة، وتارة يحدث به عن أحدهما.
ورواه ابن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة، عن علي، أخرجه: المعافى بن عمران في الزهد (ص273رقم159) قال: حدثنا ابن لهيعة، عن بكر بن عمرو، عن ابن هبيرة، عن علي، وأحال المعافى على المتن السابق الذي رواه الأوزاعي عن الحارث بنحو لفظ ابن لهيعة السابق، وذكر زيادة في آخر المتن-، وهذا الرواية من اضطراب ابن لهيعة بالحديث.
وتابع ابنَ لهيعة في روايته عن الحارث بن يزيد الأوزاعيُّ، أخرجه:
- المعافى بن عمران في الزهد (ص272رقم158)- وفي المسند أيضاً كما قال ابن الأثير في أسد الغابة (5/163)-.
ومن طريقه:
-النسائي في السنن الكبرى، كتاب الجهاد –في رواية ابن الأحمر كما قال ابن حجر في النكت الظراف (8/377)، ورواه ابن يونس في تاريخه عن النسائي-.
-وابن خزيمة في صحيحه (4/70رقم2370) كتاب الزكاة، باب إذن الإمام للعامل بالتزويج واتخاذ الخادم والمسكن من الصدقة.
كلاهما عن يحيى بن مخلد.
- والطبراني في المعجم الكبير (20/305رقم727) عن جعفر الفريابي.
كلاهما (يحيى بن مخلد، وجعفر الفريابي) عن موسى بن مروان الرقي.
-والحاكم في المستدرك (1/406)، وأبونعيم في الحلية (8/291)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/355) كتاب قسم الفيء والغنيمة، باب ما يكون للوالي الأعظم ووالي الأقليم من مال الله، جميعهم من طريق محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي.
- وأبونعيم في معرفة الصحابة (5/2604رقم6273) من طريق عبد الكبير بن المعافى.
جميعهم (موسى بن مروان، ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، عبد الكبير بن المعافى) عن المعافى بن عمران الموصلي عن الأوزاعي حدثنا الحارث بن يزيد عن عبدالرحمن بن جبير بن نفير عن المستورد بن شداد قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:((من كان لنا عاملا فليكتسب زوجة فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادما ومن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنا)) ، قال أبوبكر -يعني المعافى- أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من اتخذ غير ذلك فهو غال أو سارق))، هذا لفظ محمد بن عبدالله بن عمار، وموسى بن مروان-عنه: جعفر الفريابي- قالا: عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، وقال عبد الكبير: عن عبد الرحمن بن جبير.
وقال الحاكم:((هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه)) ، وقال أبونعيم:((تفرد به الحارث، عن عبد الرحمن، وروى ابن لهيعة عن الحارث مثله، ورواه: من أصاب سوى ذلك فهو غال أو سارق)) ، والمعافى بن عمران ثقة عابد فقيه من كبار التاسعة –التقريب (ص537رقم6745)-.
وأخرجه: أبوداود في سننه (3/354رقم 2945) كتاب الخراج والإمارة، باب في أرزاق العمال،-ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (6/355)- قال: حدثنا موسى بن مروان الرقي ثنا المعافى ثنا الأوزاعي عن الحارث بن يزيد عن جبير بن نفير عن المستورد بن شداد قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:((من كان لنا عاملا فليكتسب زوجة فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادما فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنا)) ، قال: قال أبوبكر:أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من اتخذ غير ذلك فهو غال أو سارق.
وموسى بن مروان صدوق في الأصل كما قال أبوحاتم، والذهبي – انظر: الجرح (8/165رقم730)، الكاشف (3/188رقم5827)-، ولكنه اضطرب في اسم شيخ الحارث بن يزيد على ثلاثة أوجه:
فقال في رواية أبي داود: عن جبير بن نفير.
وقال في رواية يحيى بن مخلد: عن عبد الرحمن بن جبير.
وقال في رواية جعفر الفريابي: عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير.
قال المزيُّ في تحفة الأشراف (8/378) عن رواية عبد الرحمن بن جبير:((وهو أشبه بالصواب)) ، وقال ابن حجر في النكت الظراف –الموضع السابق من تحفة الأشراف في الهامش-:((يحتمل أن يكون في أصل أبي داود: ابن جبير بن نفير، فسقطت ابن)).
وتقدم أنّ محمد بن عبد الله بن عمار -وهو ثقة حافظ كما تقدم في المسألة رقم (1225)- قال: عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير.
وقال عبدُ الكبير بن المعافى -وهو ثقة رضى يعد من الأبدال قاله أبوحاتم كما في الجرح (6/63رقم333)-: عن عبد الرحمن بن جبير.
وأقوى مَنْ روى الحديثَ عن المعافى بن عمران محمدُ بنُ عبد الله بن عمار فهو ثقة حافظ كما تقدم، وهو بلديّ المعافى فكلاهما من الموصل، وابن عمار له خصوصية في المعافى فمسند المعافى يُروى من طريق- انظر: أسد الغابة (1/25)-، فقوله: عن عبدالرحمن بن جبير بن نفير هو الأقوى.
ومما تقدم يتبين أنّ قول ابن حجر في النكت الظراف –الموضع السابق-:((رواه أحمد من طريق ابن لهيعة، عن ابن هبيرة والحارث بن يزيد، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، فيحتمل أن يكون في أصل أبي داود: ابن جبير بن نفير، فسقطت ابن، ثم وجدت الحديث في تاريخ ابن يونس أخرجه: عن النسائي، عن يحيى بن مخلد، عن موسى بن مروان بسند أبي داود، ولكن قال فيه: عن عبد الرحمن بن جبير حسب، وكذلك ساقه النسائي في كتاب الجهاد من رواية ابن الأحمر، وهو مما أغفله المزي فيستدرك كنظائره، وعلى هذا فذكر نفير في هذا الإسناد غلط ممن ذكره، فإنَّ الذي جده نفير شامي، وصاحب هذا الحديث مصري، والمستورد أيضا مصري )) فيه نظر إذ نسبة عبد الرحمن بن جبير من رواية ابن عمار وهو من أوثق الناس في المعافى، وكذلك وقعت نسبته في رواية جعفر الفريابي، عن موسى بن مروان كما تقدم، والله أعلم.
الليث بن سعد، عن الحارث بن يزيد، عن رجل، عن المستورد، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
لم أقف على من أخرجه من هذا الوجه.
وقد رُوي عن الليث بن سعد على وجه آخر، أخرجه:
أبوعبيد في الأموال (ص279رقم653).
وابن زنجوية في الأموال (2/594رقم 979).
كلاهما عن عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، عن عياش بن عباس، عن الحارث بن يزيد، عن رجل، عن المستورد بن شداد، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:((من ولي لنا شيئاً…))، الحديث، وعياش بن عباس ثقة –التقريب (ص437 رقم5269)، وفي السند إليه عبد الله بن صالح تأتي ترجمته في المسألة رقم (1232) وفيه ضعف، ورواية المتقدمين عنه أقوى من رواية المتأخرين، وكتابه صالح، وهو في نفسه رجل صالح، وكانت فيه غفلة.
ولكن يبدو أن الراوي الوجه الأوَّل عن الليث بن سعد أقوى من عبد الله بن صالح لذا رجح أبوحاتم روايته.


الدراسة والحكم على الحديث:
اختلف في الحديث عن الحارث بن يزيد على أوجه:
الوجه الأوَّل: رواه ابن لهيعة، والأوزاعيّ، عن الحارث بن يزيد، عن عبد الرحمن بن جبير، عن المستورد بن شداد، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثاني: رواه الليث بن سعد-لم أقف على من رواه عنه- عن الحارث بن يزيد، عن رجل، عن المستورد بن شداد، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثالث: رواه الليث بن سعد-عنه: عبد الله بن صالح- عن عياش بن عباس، عن الحارث بن يزيد، عن رجل، عن المستورد بن شداد، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وقد رجح أبوحاتم الوجه الثاني من رواية الليث بن سعد، مقابل رواية ابن لهيعة في الوجه الأوَّل، فقال:((هذا حديث خطأ إنما هو كما رواه الليث عن الحارث بن يزيد عن رجل عن المستورد عن النبي صلى الله عليه وسلم)) ، ونحو ذلك قال في المسألة رقم (636).
ولا شك أنّ الليث بن سعد يقدم على ابن لهيعة، ولكن لم يتعرض أبوحاتم لمتابعة الأوزاعي لابن لهيعة وهي متابعة صحيحة إلى الأوزاعي، والأوزاعي تقدمت ترجمته في المسألة رقم (1105) وهو ((ثقة فقيه جليل، وفي روايته عن الزهري شيء)) فروايته تقوي رواية ابن لهيعة.
ولعل الرجل المبهم في رواية الليث بن سعد هو: عبد الرحمن بن جبير المذكور في رواية الأوزاعي، والله أعلم.
والحديث من الوجه الراجح صحيح وقد رواه ابن خزيمة في صحيحه، وصححه الحاكم.

.