الحمد لله وحده
هذه هي الحلقة الثانية من سلسلة المناظرات الفقهية
نتعلم منها :
أدب العلماء في مجالس النظر
أدب الخلاف والمناظرة
معرفة طرق الفقه والتفقه
معرفة مآخذ الأحكام والأدلة
التدرب على استعمال الأقيسة
الكشف عن الفروق الفقهية
الكشف عن النظائر والأشباه
الكشف عن علل ومعاني ومقاصد الأبواب والأحكام
المهارة في دفع ما يرد على الحجج والبراهين
المهارة في دفع ما يرد على الحجج والبراهين
معرفة مراتب الأدلة عند الفقهاء وأهل النظر
وغير ذلك
وهنا تجدون السلسلة الأولى:مناظرات فقهية رائعة رائقة شائقة(1)
وكان ختامها أن نكون على موعد مع مناظرة بين:
الغضنفرين شيخ الحنفية أبي الحسين القُدُوري وشيخ الشافعية أبي الطيب الطبري
وقبل أن نمتع أبصارنا بالنظر فيها ونفسح عقولنا بالوقوف على معانيها نقدملها بمعلومات عن الأمامين المنتاظرين تتعلق بما نحن فيه وتبين مكانة كلمنهما.
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــــــــ
أما القاضي أبو الطيب فهو:
طاهر بن عبد الله الطبري كان إماما في الفقه والأصول
تفقه على أبي علي الزُجاجي صاحب ابن القاص وأبي الحسن الماسرجسي صاحب أبي إسحاق المروزي وعلى أبي القاسم بن كج وعلى أبي محمد البافي وحضر عن الشيخ أبي حامد الإسفراييني ولم يأخذ عنه
وكان محدثا أخذ الحديث عن أبي الحسن الدارقطني وأسند عنه كثيرا في كتابه المنهاج وأبي أحمد الغطريفي والمعافى وغيرهم
تتلمذ له الكبار كالشيرازي والخطيب وابن عقيل وغيرهم
قال شيخه البافي: أبو الطيب أفقه من أبي حامد الإسفراييني
وقال أبو حامد الإسفراييني:أبو الطيب أفقه من البافي
وقال أخص تلامذته أبو إسحاق الشيرازي: هو شيخنا وأستاذنا، ولد سنة 348هـ، وتوفى سنة 450هـ، وهو ابن مائة وسنتين، لم يختل عقله، ولا تغير فهمه، يفتى مع الفقهاء، ويستدرك عليهم، ويقضى ويشهد، ويحضر المواكب بدار الخلافة إلى أن مات....ولم أر فيمن رأيت أكمل اجتهادًا وأشد تحقيقًا وأجود نظرًا منه.
شرح مختصر المزنى، وَصَّف فى المذهب، والأصول، والخلاف، والجدل، كُتبًا كثيرة ليس لأحد مثلها، ولازمت مجلسه بضع عشرة سنة، ودرست أصحابه فى مسجده سنين بإذنه، ورتبنى فى حلقته، وسألنى أن أجلس فى مسجده للتدريس ففعلت ذلك فى سنة ثلاثين وأربعمائة، أحسن الله عنى جزاءه ورضى عنه وأرضاه.
وقال أبو الوفاء ابن عقيل وهو يعدد شيوخه:وأكبرهم سنًا وأكثرهم فضلاً: أبو الطيب الطبريّ حظيتُ برؤيته، ومشيت في ركابه. وكانت صحبتي له حين انقطاعه عن التدريس والمناظرة، فحظيت بالجمال والبركة.ا.هـ
ابتدأ القاضي أبو الطيب يدرس الفقه ويتعلم العلم وله أربع عشرة سنة فلم يخل به يوما واحدا إلى أن مات
فلا غرو أن يقول هذه الأبيات:
ألابس علم الفقه وهْو مرامُه ****** شديد وفي إدراكه الكذ والكد
فتاويه ما بين المضيء طريقه ***** وبين خفي في طرائقه جهد
إذا اجتهد المفتون فيه تباينوا ***** فيدركه عمرو ويخطئه زيد
لقد كدني مأثوره وفروعــــه ***** وتعليله والنقض والعكس والطرد
له شعب من كل علم تحوطه ***** وما ليس منه فهو مستبعد رد
وعادته مذ لم يَزَل فقرُ أهلِهِ ***** ومن كان ذا وجد فمن غيره الوجد
وأنى يكون الُيسر منه وإنه ***** لداع إلى الإقلال غايته الزهد
وله شعر آخر كشعر الفقهاء
وله مساجلة شعرية بينه وبين أبي العلاء المعري تدل على ذكائهما
وكان القاضي أبو الطيب حسن الخلق مليح المزاح والفكاهة حلو الشعر قيل إنه دفع خفه إلى من يصلحه فأبطأ به عليه وصار القاضي كلما أتاه يتقاضاه فيه
يغمسه الصانع في الماء حين يرى القاضي ويقول الساعة أصلحه
فلما طال على القاضي ذلك قال: إنما دفعته إليه لتصلحه لا لتعلمه السباحة
وقال القاضي أبو بكر الشامي قلت للقاضي أبي الطيب شيخنا وقد عمر لقد متعت بجوارحك فقال لم لا وما عصيت الله بواحدة منها قط
وعن القاضي أبي الطيب أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وقال له يا فقيه وأنه كان يفرح بذلك ويقول سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيها