تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 16 من 16

الموضوع: لزوم التَّفريق عند مطالعة السِّير بين وصف (الجهميَّة) و(التَّجهُّم) وتقييده بـ(كذا).

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - مدرس بدار الحديث بمكة
    المشاركات
    6,863

    افتراضي لزوم التَّفريق عند مطالعة السِّير بين وصف (الجهميَّة) و(التَّجهُّم) وتقييده بـ(كذا).

    الحمدلله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبيَّ بعده، وعلى صحبه وآله، ومن تبعه... أمَّا بعد
    فقد اشتهر عند أهل السُّنَّة والجماعة أتباع السَّلف الصَّالح -رضي الله عنهم- نسبة من خالف نهجهم، وأعرض عن سلوك سبيلهم في أبواب من الاعتقاد، كالأسماء والصفات، والقدر، وأفعال العباد، والإيمان، وغيرها =إلى (الجهميَّة).
    وقد حفظت كتب التاريخ أنَّ هذه النِّسبة كانت لجهم بن صفوان، أبو محرز الرَّاسبي مولاهم، الخزري، وقيل: التِّرمذي، وقيل: السَّمرقندي، المقتول سنة 128هـ.
    وقد كثرت في كتب التَّراجم والسِّيَر نسبة بعض من وقع في زلل هذا الرَّجل بأنَّه (جهميٌّ) ومن (الجهميَّة)، أو وصفه بأنَّ (فيه تجهُّمٌ)، أو بأنَّه (جهميٌّ في كذا وكذا).
    وكما جعل الله لكلِّ باطلٍ إمامًا يهديهم إلى النَّار، فجعل لهؤلاء النفَّاة جهمًا يسلك بهم طرق الضَّلال، ويهوي بهم درك الهلاك، كما قال سبحانه: ((وَجَعَلْنَاهُم ْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ)).
    وعلى ما سيأتي بيانه فينبغي لطالب العلم أن يعلم أنَّ ثَمَّ فرقًا في تراجم الرجال بين إطلاق القول بأنَّ (فلانًا جهميٌّ) أي: موصوف بمحْض الجهميَّة أوصِرْفه.
    وبين القول بأنَّ (فلانًا فيه تجهُّمٌ)، أي: في أبواب.
    أوالقول بأنَّ (فلانًا جهميٌّ في كذا وكذا) يعني: عنده قضايا وافق فيها الجهميَّة.
    إذ لا شكَّ أنَّ كلَّ من وافق جهمًا في قضيَّةٍ ما فإنَّه لا يخلو؛ إمَّا أن يكون عنه قد أخذ إعجابًا بما ابتدع، وانتسابًا، وحبًّا، وانتصارًا.
    أوموافقةً عن غفلةٍ، ومصادفةً عن قدَر.
    وحين يُقال: (فلانٌ جهميٌّ) أي: عن أصوله أخذ، أوله وافق، قلَّ ما وافقه فيه أوكثر.
    فهو إمام أهل التَّعطيل، وقائد أهل البِدع، والمؤسِّس الأوَّل، والمنظِّر لهم، ومن وافقه في شيءٍ ممَّا أحدثه فهو ذيلٌ من ذيوله، وتبعٌ من أتباعه.
    وهذا ليس خاصًّا بالجهم وأتباعه وموافقيه، بل في كلِّ ضلالةٍ خلقها الله في هذه الخليقة، والشرُّ ليس إليه تعالى.
    كما بيَّن ذلك سبحانه وتعالى في مواضع كثيرةٍ من كتابه؛ فمن ذلك قوله: ((وَقَالَتْ الْيَهُودُ لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتْ النَّصَارَى لَيْسَتْ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)).
    وقال عزوجلَّ: ((وَقَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)).
    وقال جلَّ شأنه: ((وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ)).
    وقد تقدَّم تفصيل القول في هذا الباب في موضوع (لا جديد في شبهات أهل العصر):
    http://majles.alukah.net/showthread....t=%CC%CF%ED%CF

    والمقصود ههنا أنَّه يتبيَّن صحَّة هذه النِّسبة -بإطلاقٍ أوتقييدٍ- بمعرفة أنَّه ما من مذهب من مذاهب أهل البدع التالية للجهم إلاَّ وقد استلَّت من قواعده أموراً، ومن أقواله قضايا، فمقلٌّ ومستكثر؛ كما قال ابن القيِّم في نونيَّته الرَّائعة (الكافية الشَّافيَّة في الانتصار للفرقة النَّاجية) في كلامه عن جهم وأتباعه، من جمعهم لـ( جيمات البدعة والضلالة ) -الجبر والتجهم والإرجاء- =قال:
    تالله ما استجْمَعْنَ عند مُعَطِّلٍ جيماتها ولديه من إيمان
    والجَهْمُ أصَّلَها جميعاً فاغتدت مقسومةً في النَّاس بالميزان
    والوارثون له على التَّحقِيق هم أصحابها لا شيعة الرَّحمن
    لكن تقسَّمت الطَّوائف قوله ذو السَّهْم والسَّهْمين والسُهْمَان
    وقد قال قبل ذلك في الكلام عن أقحاح الجهميَّة وذكورهم في نفس المنظومة:
    هذي مقالة كل جهمي وهم فيها الشيوخ معلمو الصبيان
    لكن أهل الاعتزال قديمهم لم يذهبوا ذا المذهب الشيطاني
    وهم الألى اعتزلوا عن الحسن الرضا الـ البصري ذاك العالم الرباني
    وكذاك أتباع على منهاجهم من قبل جهم صاحب الحدثان
    لكنَّما متأخِّرُوهم بعد ذ لـك وافقوا جهمًا على الكفران
    فهم بذا جهميَّةٌ أهل اعتزا لٍ ثوبهُمُ أضحى له عَلَمان

    ولقد تقلَّد كفرَهم خمسون في عشرٍ من العلماء في البلدان
    واللَّالكائي الإمام حكاه عنـ ـهم بل حكاه قبله الطبراني

    فصلٌ:
    ولقد كان أهل العلم -ولا يزالون- يستعملون هذه الألفاظ بإطلاق أوتفصيل، بما تقدَّم بيانه من التفصيل =في الكلام عن مذاهب النَّاس واعتقادهم.
    قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله في مجموع الفتاوى (2/230): "والبدع دهليز الكفر والنفاق، كما أنَّ التَّشيع دهليز الرَّفض، والرَّفض دهليز القَرْمطة والتَّعطيل.
    فالكلام الذي فيه تجهُّمٌ هو دهليز التَّجَهُّم، والتجهُّم دهليز الزَّندقة والتَّعطيل".
    وقال رحمه الله أيضًا في مجموع الفتاوى (2/437): "وخالف في حقيقته قومٌ من الملحدة المنافقين، المضارعين للصَّابئين، ومن وافقهم، والمضارعين لليهود والنَّصارى، من الجهميَّة أو من فيه تجهُّمٌ وإنْ كان الغالب عليه السُّنَّة...".
    وقال رحمه الله أيضًا في مجموع الفتاوى(6/52): "وأمَّا في الصِّفات القرآنيَّة فلهم قولان؛ فالأشعريُّ والباقلانيُّ وقدماؤهم يثبتونها، وبعضهم يقرُّ ببعضها وفيهم تجهُّمٌ من جهةٍ أخرى...".
    وقال رحمه الله في درء تعارض العقل والنَّقل (7/33-34): "... من يسلك في العقليات مسلك الاجتهاد، ويغلط فيها كما غلط غيره، فيشارك الجهميَّة في بعض أصولهم الفاسدة، مع أنه لا يكون له من الخبرة بكلام السَّلف والأئمَّة في هذا الباب ما كان لأئمة السُّنة، وإن كان يعرف متون الصحيحين وغيرهما...".

    فصلٌ:
    وأمَّا وجهُ ما وقع من إطلاق القول عن بعض النَّاس بأنْ يُقال (فلانٌ جهميٌّ) دون تقييدٍ أوتفصيلٍ وإن لم يكن موافقهم في كلِّ أصولهم كما تقدَّم في البيان =فهذا إنَّما وقع من السَّلف رحمهم الله على سبيل التَّنفير ممَّن أطلقوه عليه.
    لذا.. فما تجده من إطلاق الأئمَّة من مثل هذا فليس خطأً بل تنفيرًا وتحذيرًا.
    والتَّمثيل بهذا أمثلته كثيرةٌ لا يحصرها موضوع، فما وقع في كلام الإمام أحمد وغيره رحمهم الله على بعض من وافق الجهميَّة في شيءٍ بأنَّه (جهميٌّ) هو من هذا الباب، أي: أنَّه وافقهم فيه.
    وإنَّما أرد أحمد وغيره تنفير النَّاس من قوله، ومثال هذا مقالته المشهورة: "من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهميٌّ"، أي: متابعٌ لهم في ذي المسألة.
    مع ما في هذه العبارة (أي: لفظي بالقرآن مخلوق) من احتمالٍ وتفصيلٍ، بعضه حقٌّ وبعضه باطلٌ.
    ولكن كما قال ابن مالك: (..................... .... وليُقَسْ ما لم يُقَلْ )

    فصلٌ:
    فإنْ قيل: فما الفرق بين كون الرجل جهميًّا محض التجهُّم وخالصه، أو أن يكون موافقهم في الشيء بعد الشيء.
    والجواب: أنَّ ثَمَّ فرقًا بين مَن كان من الجهميَّة الذُّكور الخُلَّص، ومن لم يكن كذلك ممَّن وافقهم أوأخذ عنهم، شاء أم أبي، عرف أوغفل.
    إذ من كان من الأوائل فلا شَكَّ في كفره، وخروجه عن ملَّة الإسلام.
    كما تقدَّم في أبيات ابن القيِّم السَّالفة الذِّكر عن الجهميَّة:
    ولقد تقلَّد كفرَهم خمسون في عشرٍ من العلماء في البلدان
    واللَّالكائي الإمام حكاه عنـ ـهم بل حكاه قبله الطبراني
    وكلُّ النُّصوص التي جاءت عن السَّلف في تكفير الجهميَّة وإخراجهم من ملَّة الإسلام، وأنَّهم ليسوا من الثنتين والسَّبعين فرقة، وأنَّهم شرٌّ من اليهود والنَّصارى، وأنَّهم لا يناكحون ولا يرثون... =فهي متنزِّلةٌ على هذا الباب.
    وبالله تعالى التوفيق، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّد وآله وصحبه أجمعين.
    مدرّس بدار الحديث بمكة
    أرحب بكم في صفحتي في تويتر:
    adnansafa20@
    وفي صفحتي في الفيس بوك: اضغط على هذا الرابط: عدنان البخاري

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,642

    افتراضي رد: لزوم التَّفريق عند مطالعة السِّير بين وصف (الجهميَّة) و(التَّجهُّم) وتقييده بـ(كذ


    أحسنتم البيان يا شيخ عدنان
    نفع الله بكم

    يسرني متابعتك لصفحتي على الفيسبوك
    http://www.facebook.com/profile.php?...328429&sk=wall

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    187

    افتراضي رد: لزوم التَّفريق عند مطالعة السِّير بين وصف (الجهميَّة) و(التَّجهُّم) وتقييده بـ(كذ

    جزاكم الله خيراً ونفع بكم وبارك فيكم .
    كلام جاء في وقته وموضعه .

  4. #4

    افتراضي رد: لزوم التَّفريق عند مطالعة السِّير بين وصف (الجهميَّة) و(التَّجهُّم) وتقييده بـ(كذ

    شكر الله لكم .وبارك فيكم
    نعم . لا جديد في شبهات أهل العصر . . . المعركة هي هي ، تختلف الوجوه والعقول هي هي . ( كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم ) . وهي سوق معقودة .. أموال تبذل ونفوس تزهق وأوقات تقضى . . . هداة مهديين .. وضلال مضلين .. وغدا تنتهي السوق وتطير الطيور بأرزاقها . فاللهم لا تحرمنا شرف الدعوة إلى سبيلك .

    هنا إضاءة بسيطة جدا على عقلية الجهم ومن تبعه بعنوان .
    http://www.islamlight.net/index.php?...2673&Itemid=25

  5. #5

    افتراضي رد: لزوم التَّفريق عند مطالعة السِّير بين وصف (الجهميَّة) و(التَّجهُّم) وتقييده بـ(كذ

    وفقك الله أخي ، صحيح أنه فرق بين هذا وذاك ، لكن في كلامك ما يحتاج إلى تأمل :
    أولاً : الثمرة التي ذكرتها فيها نظر : إذ من حيث التكفير ليس ذلك راجعاً لتمحض التجهم من عدمه وإنما راجع إلى نفس البدعة ، ولهذا كفر السلف (على العموم والخصوص بحسب قيام الحجة) من قال بخلق القرآن ولو كان في سائر الأبواب على السنة .
    وشيء آخر : إن التاريخ لم يسجل لنا على الحقيقة شخصاً معيناً غير الجهم يمكن القول إنه تمحض التجهم فيه بمعنى القول بكل أقوال الجهم الكفرية ..في كل الأبواب !
    بل حتى بعض الأقوال الكفرية التي تُنسب له (كقوله في الإيمان ) قال شيخ الإسلام وغيره إنها تُحكى هكذا لكن لا يُعرف عنه القول بها ..

    ثانياً : مقصود السلف بوصف الرجل بأنه جهمي أو فيه تجهم أو جهمي كله واحد وهو تنفير الناس ونحذيرهم من المبتدع .
    والتفريق في الألفاظ هو من باب الدقة أحياناً أي لبيان أنه وافق الجهمية في قول ما هذا إن كان معروفاً بالسنة في سائر الأبواب .. فيُقال : فيه تجهم ، جهمي في الصفات ، فيه تصوف ، فيه تمشعر ، ونحو ذلك .
    أما إن كان غير معروف بالسنة وأثر عنه قول يوافق الجهمية أو غيرها من الفرق فيُقال في جقه اللفظ بمعناه العام ، وربما يقصر عن ذلك تورعاً فيقول عبارة أخف مثل : فيه تجهم .
    قد يخرج شيء من أقوال السلف عن هذا لأنها وقائع ليست محكومة بقانون ، والإمام منهم يعبر باللفظ الذي يظنه يبرئ ذمته ..

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - مدرس بدار الحديث بمكة
    المشاركات
    6,863

    افتراضي رد: لزوم التَّفريق عند مطالعة السِّير بين وصف (الجهميَّة) و(التَّجهُّم) وتقييده بـ(كذ

    بارك الله فيك، كلامك له وجه
    ولعلِّي أعقِّب بملحظ بعد إن شاء الله
    مدرّس بدار الحديث بمكة
    أرحب بكم في صفحتي في تويتر:
    adnansafa20@
    وفي صفحتي في الفيس بوك: اضغط على هذا الرابط: عدنان البخاري

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - مدرس بدار الحديث بمكة
    المشاركات
    6,863

    افتراضي رد: لزوم التَّفريق عند مطالعة السِّير بين وصف (الجهميَّة) و(التَّجهُّم) وتقييده بـ(كذ

    الحمدلله، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمَّد وآله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين، وبعد.
    نعم (قد) لا يوجد من يتبنَّى أصول الجهم كلَّها، لكن الكلام ههنا ليس عن وجود الجهميَّة المحضة أو عدم وجودهم =بقدر ما هو بيان ما يترتَّب (بالإجماع) على وصف شخصٍ ما بأنَّه (جهميٌّ).
    وبيان هذا أنَّه لا يفرِّق كثيرٌ من النَّاس بين من يستحقُّ هذه التسمية فيكون كافرًا بإجماع من نقل عنهم اللَّالكائي والطبراني ممَّا نقله عنهما ابن القيِّم رحمهم الله.
    كما في بيته السَّابق عن جمع الجيمات الثَّلاث:
    تالله ما استجْمَعْنَ عند مُعَطِّلٍ جيماتها ولديه من إيمان
    إذْ يُقال: فإن لم يستجمع هذا عند معطٍّلٍ؟
    وقد وجدُّتُ ممَّن يتكلَّم في الدعوة ويخطب في المساجد من يكفِّر الأشاعرة على الملأ؛ بحُجج منها حُجَّة أنَّهم جهميَّة في كذا وكذا، وأنَّ الإجماع قد قام على تكفير الجهميَّة! فههنا موضع سوء الفهم.
    وقد نجد -أيضًا- من الغلط من يكفِّر من يوافق الجهميَّة في بعض المسائل، دون تفصيل متَّكلًا على الإجماع السَّالف.
    وأمَّا استجماع أصول الجهميَّة فإنَّ الدَّاعي لذكره ههنا أنَّه لا يتصوَّر إنسان يقول بمثل هذا إلَّا وقد أُجمع على تكفيره، بغضِّ النَّظَر عن وجود ذلك أوعدمه.
    وأيضًا.. فإنَّ بعض السَّلف ممَّن صرَّح بكفر الجهميَّة قد بيَّن وصرَّح سبب تكفيره الجهميَّة بأنَّ ذلك لتمحُّض نفيهم في الصِّفات، بحيث يؤول حاصل مقالهم إلى ما يسمَّى في هذا العصر بـ(الإلحاد) وهو إنكار الذَّات الإلهيَّة، ولا يُعلَم أحدٌ ينكر بتمحُّضٍ الصِّفات الإلهيَّة فيُحكم عليه بحكم الجهميَّة.
    ولا شكَّ أنَّ النَّظَر من هذه الحيثيَّة صحيحٌ.
    وليست الأشاعرة -مثلًا- ممَّن تمحَّض في نفي الصِّفات الإلهيَّة، فليس قولهم يؤول إلى مآل الجهميَّة، فلا يأخذون حكمهم من هذه الجهة.
    وهذا يتبيَّن ببخلاف من يوافقهم في بعض أصولهم كالمعتزلة والأشاعرة وغيرهم فإنَّ تكفير هؤلاء على أفراد المكفِّرات كخلق القرآن أوغيرها محلٌّ نظَر، من جهة التأوُّل، ومن كون أنَّه لا إجماع فيه.
    ولا شكَّ أنَّ الحكم بكفر الشَّخص من حيث الجملة شيءٌ، وتكفيره بخصوص بعض الأشياء شيءٌ آخر.
    وهذا مثل من يوافق (الرَّافضة) المتمحِّضين فيه في بعض أقوالهم فإنَّه لا ينزَّل عليه نقول السَّلف النَّاطقة بكفرهم، وهكذا...
    ويتبيَّن كلُّ ما تقدَّم بمعرفة أنَّ من أراد تكفير شخصٍ لأجل مفردات الكفر فإنَّه غير محتاجٍ لنسبته للتجُّهم، بل يطلق فيقول من قال بخلق القرآن فهو كافر، ومن أنكر الرؤية فهو كافر، ولا يلزمه أن يقول لأنَّه وافق الجهميَّة في كُلِّ أوبعض.
    بخلاف ما لو قال فلانٌ كافرٌ لأنَّه جهميٌّ، فقط.
    --------------------------
    أمَّا القضيَّة الثَّانية؛ وهي مراد استعمال السَّلف وإطلاقهم التجهُّم على مَن أطلقوه عليه فهذه محلُّ نظَرٍ تختلف الفهوم فيه، إذ لا نصَّ في ذلك، بل قرائن، والذي يظهر لي ما تقدَّم ذكره، والله أعلم.
    مدرّس بدار الحديث بمكة
    أرحب بكم في صفحتي في تويتر:
    adnansafa20@
    وفي صفحتي في الفيس بوك: اضغط على هذا الرابط: عدنان البخاري

  8. #8

    افتراضي رد: لزوم التَّفريق عند مطالعة السِّير بين وصف (الجهميَّة) و(التَّجهُّم) وتقييده بـ(كذ

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عدنان البخاري مشاهدة المشاركة
    فصلٌ:
    وأمَّا وجهُ ما وقع من إطلاق القول عن بعض النَّاس بأنْ يُقال (فلانٌ جهميٌّ) دون تقييدٍ أوتفصيلٍ وإن لم يكن موافقهم في كلِّ أصولهم كما تقدَّم في البيان =فهذا إنَّما وقع من السَّلف رحمهم الله على سبيل التَّنفير ممَّن أطلقوه عليه.
    لذا.. فما تجده من إطلاق الأئمَّة من مثل هذا فليس خطأً بل تنفيرًا وتحذيرًا.
    [JUSTIFY]إذا المحصلة واحدة عند من بريء من الغلو في التكفير ولا يمكن لك أن تجد مبتدعا وافق من أسس تلك البدعة في كل أصوله بل حتى جلها يعرف هذا كل من له عناية بهذا الباب بل لا تجد ذلك حتى في مسائل الفروع عند المتمذهبين بمذهب أحد الأئمة قال الإمام محمد بن عبد الوهاب وأكثر مافي الإقناع والمنتهى يخالف نصوص الإمام أحمد .
    والملاحظ عليك ياشيخ عدنان أنك في أكثر مقالاتك تتكلف في تسليك الواقع كي يوافق كلام السلف وإن تعكس تصب .

    الشيخ الدكتور أبا عمر الكناني تشكر على تعقيبك وفقك الله .
    [/JUSTIFY]

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,453

    Lightbulb رد: لزوم التَّفريق عند مطالعة السِّير بين وصف (الجهميَّة) و(التَّجهُّم) وتقييده بـ(كذ

    الشيخ الحبيب عدنان، قولك في الجهم بأنه: (المؤسِّس الأوَّل، والمنظِّر لهم، ومن وافقه في شيءٍ ممَّا أحدثه فهو ذيلٌ من ذيوله، وتبعٌ من أتباعه).
    محل نظر.
    قال الإمام البخاري رحمه الله: (قال قتيبة: بلغني أن جهما كان يأخذ الكلام من الجعد بن درهم).اهـ
    وقال شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى»: (أخذ هذا المذهب عن الجعد بن درهم: الجهم بن صفوان، فأظهره، وناظر عليه، وإليه أضيف قول الجهمية).اهـ
    وقال ابن القيم في «إجتماع الجيوش الإسلامية»: (وأول مَن عُرِفَ عنه في هذه الأمة أنه نفَى أن يكون الله في سمواته على عرشه، هو جهم بن صفوان، وقبله الجعد بن درهم، ولكن الجهم هو الذي دعا إلى هذه المقالة، وقرَّرها، وعنه أُخِذَت).اهـ
    وقال فضيلة الشيخ عمر الأشقر في «الأسماء والصفات» ص160-161، وأنظر ما بعدها ...: (الجهمية أول مَن ذهب مذهب النفي في الإسلام، وزعماء هذه الفرقة هم: الجعد بن درهم، وهو أول من جاء بهذه البدعة، والجهم بن صفوان، وهو الذي نشرها وبثَّها بعد أن أخذها عن شيخه الجعد بن درهم؛ ولذا نُسِبَت إليه، وبشر المريسي الذي قعَّد هذا المذهب وأصَّله وناظر عليه ...). إلخ.
    وغير ذلك من النقول تجدها عند الأشقر، فانظرها غير مأمور.
    {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12].

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - مدرس بدار الحديث بمكة
    المشاركات
    6,863

    افتراضي رد: لزوم التَّفريق عند مطالعة السِّير بين وصف (الجهميَّة) و(التَّجهُّم) وتقييده بـ(كذ

    الأخ الفاضل الكريم أشرف بن محمَّد... وفقه الله وإياي
    قصدُّتُ بالمؤسِّس الأوَّل: المؤسِّس الحقيقي، والذي أشرتُ له بـ(المنظِّر)، ولذا صارت النِّسبة إليه، وأهمل ذكر الجعد.
    وإلَّا فلم يخْفَ عليَّ ما نبَّهتم إليه.
    وقد ذهب بعض المؤرِّخين إلى نسبٍ أبعد فزعمُوا أنَّ جعدًا أخذها عن بيان بن سمعان، وأخذها بيانُ عن طالوت ابن أخت لبيد بن الأعصم اليهودي الخبيث، ثمَّ عن الجهم أخذها (بشر بن غياث المريسي) الذي ناظره أئمَّة الحديث، وردَّ عليه عثمان بن سعيد الدَّارمي، فهي سلسلة ضلالة وفتنة، لكن الحظوة بالنِّسبة كانت لجهمٍ...
    وهذا كثيرٌ في المذاهب، يكون قول المنظِّر لها أشهر من قول إمامه أوشيخه، أوالشيخ الأبعد، و(قد) يكون بينهما تباينًا في قضايا.
    مدرّس بدار الحديث بمكة
    أرحب بكم في صفحتي في تويتر:
    adnansafa20@
    وفي صفحتي في الفيس بوك: اضغط على هذا الرابط: عدنان البخاري

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,453

    افتراضي رد: لزوم التَّفريق عند مطالعة السِّير بين وصف (الجهميَّة) و(التَّجهُّم) وتقييده بـ(كذ

    النسب الأبعد مشهور معلوم ... وإنما أردت الاختصار
    وألَّف القاسمي في «تاريخ الجهمية والمعتزلة»، وليس تحت يدي لأنظره.
    والجهم ليس هو المؤسس الأول ولا الحقيقي، فانتشار المقالة من جهته، لا تجعله مؤسسها الأول أو الحقيقي ..
    {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12].

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,453

    افتراضي رد: لزوم التَّفريق عند مطالعة السِّير بين وصف (الجهميَّة) و(التَّجهُّم) وتقييده بـ(كذ

    ومن دقائق المباحث: تتبع أصول الأشياء، ومبادي الأمور، وكذا تتبع مراحل تطورها سواء في الشكل أو المضمون، وفقني الله وإياك لكل خير.
    {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12].

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - مدرس بدار الحديث بمكة
    المشاركات
    6,863

    افتراضي رد: لزوم التَّفريق عند مطالعة السِّير بين وصف (الجهميَّة) و(التَّجهُّم) وتقييده بـ(كذ

    يا أخي.. بارك الله فيك.. أعلمُ أنَّ تلك السلسلة مشهورة معلومة ((كشهرة الجعد بن درهم)) لكن.. الدَّاعي لذكر تسلسل أخذ البِدعة أنَّه لا يلزم كون الجعد شيخًا لجهمٍ أن يكون هو المؤسِّس الحقيقي للمذهب (المنظِّر والنَّاشر له)، وإلَّا فلِم لا يُقال إنَّ المؤسِّس هو بيان بن سمعان، أوطالوت، وما يُجاب به عن هؤلاء يُجاب بمثله عن الجعد.
    وأمَّا كون الجهم هو المؤسِّس الحقيقيِّ بالمعنى الذي تقدَّم فقد عنيتُ ما قلتُ، وتأمَّل ما نقلْتَه بنفسك عن ابن تيميَّة قوله: "أخذ هذا المذهب عن الجعد بن درهم: الجهم بن صفوان، فأظهره، وناظر عليه، وإليه أضيف قول الجهمية"، ثم قول ابن القيِّم: "الجهم هو الذي دعا إلى هذه المقالة، وقرَّرها، وعنه أُخِذَت".
    والشَّاهد من هذه النقول ومثيلاتها أنْ تنظر وتلاحظ لِمَ نُسِبَت الفرقة إلى (الجهم) ولم تُنسب إلى الجعد شيخه، ولم تُنسب إلى من هو أشهر منهما في النَّشاط الدَّعوي، وهو تلميذ جهمٍ: بشر بن غياث المريسي، لتعلم دقَّة ما أرمي إليه، بورك فيك ووفَّقك.
    مدرّس بدار الحديث بمكة
    أرحب بكم في صفحتي في تويتر:
    adnansafa20@
    وفي صفحتي في الفيس بوك: اضغط على هذا الرابط: عدنان البخاري

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,453

    افتراضي رد: لزوم التَّفريق عند مطالعة السِّير بين وصف (الجهميَّة) و(التَّجهُّم) وتقييده بـ(كذ

    أخي الحبيب
    أولا: أنا لم أدَّع أن الجعد هو المؤسس الأول أو الحقيقي، فلا يَرد عليَّ قولك: (وإلَّا فلِم لا يُقال إنَّ المؤسِّس هو بيان بن سمعان، أوطالوت، وما يُجاب به عن هؤلاء يُجاب بمثله عن الجعد).اهـ
    ولإثراء البحث، قال شيخ الإسلام:
    (أول من حُفِظَ عنه أنه قال هذه المقالة فى الإسلام، أعنى: أن الله سبحانه وتعالى ليس على العرش حقيقة، وأن معنى استوى بمعنى: استولى، ونحو ذلك، هو: الجعد بن درهم، وأخذها عنه الجهم ابن صفوان، وأظهرها، فنسبت مقالة الجهمية إليه.
    وقد قيل: أن الجعد أخذ مقالته عن أبان بن سمعان ...).اهـ
    ثانيا: أنت تفسِّر (المؤسِّس الحقيقي للمذهب) بـ : (المنظِّر والنَّاشر له)، وأصول اللغة لا تساعدك على هذا التفسير، قال ابن فارس في «معجم المقاييس»: («أسّ» الهمزة والسين يدلّ على: الأصل. و: الشيء الوطيد الثابت. فـ: الأُسّ: أصل البناء).اهـ
    وما ذكرته أنه من دقيق القول، هو بفضل الله ومنِّه وكرمه، عندي جليّ ...
    ثم أعيد ما قلته آنفا:
    الجهم ليس هو المؤسس الأول ولا الحقيقي، فانتشار المقالة من جهته، لا تجعله مؤسسها الأول أو الحقيقي ..
    والله أعلم، وجزاك خيرا.
    {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12].

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    556

    افتراضي رد: لزوم التَّفريق عند مطالعة السِّير بين وصف (الجهميَّة) و(التَّجهُّم) وتقييده بـ(كذ

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أخي الكريم أشرف محمد بالنسبة إلى كتاب تاريخ الجهمية والمعتزلة للقاسمي رحمه الله موجود في موقع المكتبة الوقفية وهذا كتاب عليه بعض الملاحظات والاستدراكات الهامة منها دفاع القاسمي عن جهم بن صفوان تحت مبرر الأنصاف والموضوعية حتى انه قال في وصف جهم :(وكان جهم داعية للكتاب والسنة ناقماً على من انحرف عنهما مجتهداً في أبواب من مسائل الصفات) إهـ تاريخ الجهمية (صـ18).
    وقد نقل القاسمي في كتابه تاريخ الجهمية كثير من الروايات المكذوبة من كتاب الأغاني للشيعي الأموي الأصفهاني.

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    المملكة العربية السعودية - مدرس بدار الحديث بمكة
    المشاركات
    6,863

    افتراضي رد: لزوم التَّفريق عند مطالعة السِّير بين وصف (الجهميَّة) و(التَّجهُّم) وتقييده بـ(كذ

    ثم قرأت للتوِّ كلام الذَّهبي رحمه الله في تاريخ الإسلام (8/66) في ترجمة الجهم حيث وصفه بقوله: "المتكلِّم، الضَّال، رأس الجهميَّة، وأساس البِدعة".
    مدرّس بدار الحديث بمكة
    أرحب بكم في صفحتي في تويتر:
    adnansafa20@
    وفي صفحتي في الفيس بوك: اضغط على هذا الرابط: عدنان البخاري

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •