بسم الله ، و الحمد لله ، و الصلاة و السلام على رسولِ الله ..
كثيراً ما يُتّهمُ نجم الدين سليمان بن عبد القوي الطوفي [657 هـ - 716 هـ] - رحمهُ الله تعالى - ، بترجيحِ المصلحةِ على النصّ ، و لما لهذا الرأي من مآلاتٍ خطيرة ، أحببتُ أنْ أرجعَ إلى كلامِهِ في كُتبهِ و مؤلفاتِهِ ذات الشأن ، و الحقيقة أنني كنتُ أتعنى في دراسةٍ لكلامِهِ في هذا الموضوع في (شرح مُختصر الروضة) ، فالطوفي يُفهم من شرحه لهذا المختصر أكثَر من غيرهِ ، ففيهِ كان أكثر وضوحاً و جلاءً .
و لكنْ - و لله الحمد - وجدتُ في كلامه في (رسالة المصلحة) ما يدفعُ عنه هذه التُهمة الشنيعة - وأيُ تهمة كتهمةِ ردّ النص ؟ - ..
فوجدتهُ يقول - رحمهُ الله - : " ثُم هما (أي : النصُّ و الأجماع) إما أنْ يوافقا رعاية المصلحة أو يخالفاها ، فإن وافقها فبها و نعمتْ و لا تنازُع ؛ إذْ قد اتفقت الأدلةُ الثلاثة على الحكم ، و هي : النص ، و الإجماع ، و رعاية المصلحة المُستفادة من قولهِ عليه السلام (لا ضرر و لا ضِرار) ، و إنْ خالفاها وجبَ تقديم المصلحةِ عليهما بطريقِ التخصيص و البيان لهما ، لا بطريقِ الافتئاتِ عليهما و التعطيلِ لهما ، كما تُقدم السُنة على القرآن بطريقِ البيان " [رسالة في رعايةِ المصلحة / 23-24] .
++ الطوفي يَعتبر المصلحة تابعة للنصوص في أصلِ شرعيتها .
++ يترتب على ما سَبَق ، أنَّ التعارض - إنْ تمّ - هوَ تعارضٌ بينَ نصٍّ عام و نصٍّ خاص ، و عند حملِ كلامهِ على المحمل الحَسَن ، فالمصلحة التي يُقدمها هيَ مصحلة منصوصة ، فهيَ إذن في قوةِ النص .
++ في قوله : " هذه الأدلة التسعة عشر (بعدَ أن ذَكرها) أقواها النصُّ و الإجماع " دليلٌ على احترامهِ الجمّ للنصوص .
++ لا ينبغي عندَ توهم رد النصوص من شخصٍ ما أن يُتّهم بالرَفض و ما شابههُ من البِدع المُكفرة أو المُفسقة بسببِ شُبهة حديث ، فالرجل حنبلي ، و من هم أتبع من الحنابلةِ للنصوص ؟
++ الرسالة كُلها تتحدث عن المصلحة ، فوجبَ عليهِ أنْ يُفصّل ..
و صلى اللهُ على نبينا مُحمد و على آله ِ و صحبهِ و سلم ..