تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: فن الاستشهاد بالقرآن الكريم عند ابن هشام

  1. #1

    Post فن الاستشهاد بالقرآن الكريم عند ابن هشام

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه والمتبعين لهم بإحسان .
    ما زالت مذ عرفت النحو معنيًّا بكتب ابن هشام ، حريصاً عليها ، كَلِفاً بها ، ترغّبني فيها أشياء لم أكن أتبيّنها على التفصيل أول الأمر ، ثم عرفتها ، وتبيّنت أن أظهرها شيئان : التفنّن في النظام ، والعناية بالاستشهاد بالقرآن الكريم .
    أما الأول فحقه أن تُفرد له كلمة تشرح معالمه وطرائقه ، وأما الآخِر فأنواع ، أشرح منها في هذه الكلمة نوعاً واحداً ، هو التفنّن في إيراد الشواهد القرآنية .
    فقد كان ابن هشام - رحمه الله - كثير الاستشهاد بالقرآن الكريم إكثاراً مُعْجِباً ، لا يكاد يترك الشاهد القرآني إلى غيره من الأمثلة الموضوعة من زيد وعمرو والضرب والإكرام ونحوها . ولا شك أن هذا يثبّت المسألة بشاهدها في الذهن ، ويصدّق القاعدة ويؤكدها ، ويرغّب في دراسة النحو وتذوقه ، ويزيد المعرفة بمعاني القرآن وإعرابه .

    (1) تفريع
    وهذه الكلمة شرح لافتنانه في سَوْق الشواهد القرآنية ، بإيرادها على وجوه من الخصوصية والتناسق الفني يتجاوز الاستشهاد المألوف إلى شيء آخر ، هو ما سميته : فن الاستشهاد .
    ومن هذا الفن أن يستشهد لأكثر من فرع من المسألة بموضع واحد من القرآن ، أو بأكثر من موضع بينها اتصال .
    · فرعان في موضع :
    فالنوع الأول - وهو أن يأتي بالشاهد فيه أكثر من فرع من المسألة التي يتكلم عليها - قسمان : ما فيه فرعان ، وما فيه فروع .
    وما فيه فرعان قسمان : قسم يكون في أكثر من كلمة في الموضع ، وقسم يكون في كلمة واحدة .
    - فما فيه فرعان في أكثر من كلمة من الموضع له أمثلة كثيرة ، منها :
    1- اجتماع ( إن ) الشرطية و( إن ) النافية في قوله - تعالى - : ) ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ( ([1]) .
    2- واجتماع لحاق ( ما ) الكافة بـ ( إنّ ) المكسورة ولحاقها بـ ( أنّ ) المفتوحة في قوله - تعالى - : ) قل : إنما يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد ( . وفيه أيضاً أن الأولى لقصر الصفة على الموصوف ، والآخرة لقصر الموصوف على الصفة ([2]) .
    3- واجتماع ( إذا ) الفجائية و( إذا ) الظرفية في قوله - تعالى - : ) ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون( ، وقوله : ) فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون( ([3]) .
    4- واجتماع مجيء ( في ) للظرفية المكانية ومجيئها للظرفية الزمانية في قوله - تعالى - : ) غُلبت الروم في أدنى الأرض ، وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين( ([4]) .
    5- واجتماع مجيء كاف الخطاب في محل نصب ومجيئها في محل جر في قوله - تعالى - : ) ما ودَّعك ربك( ، وكذا ياء المتكلم في قوله تعالى : ) ربي أكرمني( ([5]).
    6- واجتماع إسكان لام الأمر بعد الفاء وإسكانها بعد الواو في قوله - تعالى - : ) فلْيستجيبوا لي ولْيؤمنوا بي( ([6]) .
    7- واجتماع زيادة ( مِنْ ) في المنصوب وزيادتها في المرفوع في قوله - تعالى - : ) ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله ( ([7]) .
    8- واجتماع العطف على السابق والعطف على اللاحق في قوله - تعالى - : ) ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم ( ([8]) ، ومثله : ) وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ( ، فهذا على الترتيب ، ثم عطف بعكس الترتيب فقال : ) وعيسى وأيوب ( ([9]) .
    9- واجتماع حذف المبتدأ وحذف الخبر في قوله - تعالى - : ) سلام ، قوم منكرون ( ؛ أي : سلام عليكم ، أنتم قوم منكرون ([10]) .
    10- واجتماع الاعتراض بين القسم وجوابه ، والاعتراض بين الموصوف وصفته في قوله - تعالى - : ) فلا أقسم بمواقع النجوم ، وإنه لقسم - لو تعلمون - عظيم ، إنه لقرآن كريم ( ([11]) .
    11- واجتماع تعلق الظرف بالفعل وتعلقه بما فيه معنى الفعل في قوله - تعالى - : ) أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم( ([12]) .
    12- واجتماع مجيء الجار والمجرور صلة ومجيء الظرف كذلك في قوله - تعالى - : ) وله مَنْ في السموات والأرض ومَنْ عنده لا يستكبرون ( ([13]) .
    13- واجتماع حذف عامل الفاعل وحذف عامل نائب الفاعل وجوباً في قوله - تعالى - : ) إذا السماء انشقت ، وأذنت لربها وحُقّت ، وإذا الأرض مُدَّت ( ([14]) .
    14- واجتماع الماضي والمضارع من ( زال ) التامة في قوله - تعالى - : ) إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ، ولئن زالتا ( ([15]) .
    15- واجتماع الفاصل الملفوظ والفاصل المقدر بين الفعل ونون التوكيد في قوله - تعالى - : ) لتُبْلوُنَّ في أموالكم وأنفسكم ولتسمعُنّ ( ([16]) .
    16- واجتماع زيادة ( مِنْ ) مع النكرة المنفية وزيادتها مع النكرة المستفهم عنها في قوله - تعالى - : ) ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ، فارجع البصر هل ترى من فطور ؟ ( ([17]) .
    17- واجتماع مجيء ( أولو ) بالواو للرفع ، ومجيئها بالياء للنصب في قوله - تعالى - : ) ولا يَأتَلِ أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى ( ([18]) .
    18- واجتماع ذكر الضمير الرابط للصلة وحذفه وهو في موضع جر في قوله - تعالى - : ) يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون ( ([19]) .
    19- واجتماع مجيء ( عند ) للقرب المعنوي ومجيئها للقرب الحسي في قوله - تعالى - : ) قال الذي عنده علم من الكتاب : أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك ، فلما رآه مستقرّاً عنده ( ([20]) .
    20- واجتماع تمام ( أصبح ) وتمام ( أمسى ) في قوله - تعالى - : ) فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ( ([21]) .
    21- واجتماع اتحاد الفاعل واختلافه في المفعول له وعاملِه في قوله - تعالى - : ) لِتركبوها وزينة ( ؛ ولهذا جُرّ ما تخلف فيه شرط الاتحاد باللام ([22]) .
    22- واجتماع الفصل بالضمير المنفصل وبـ ( لا ) في العطف على الضمير المتصل المرفوع المحل في قوله - تعالى - : ) ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم( ([23]) .
    23- واجتماع مجيء ( رأى ) للرجحان ومجيئها لليقين في قوله - تعالى - : ) إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً( ([24]) .
    24- واجتماع جرّ الحرف للظاهر وجره للمضمر في قوله تعالى : ) ومنك ومن نوح ( ، ) وعليها وعلى الفلك تحملون ( ([25]) ، ) قل : الله ينجيكم منها ومن كل كرب( ، ) فقال لها وللأرض ( ([26]) .
    25- واجتماع الطلب والنفي قبل فاء السببية التي يُنصب بعدها المضارع في قوله - تعالى - : ) ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ، ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء ، فتطردهم ، فتكون من الظالمين ( ([27]) ؛ لأن ) فتطردهم ( جواب النفي ، وهو : ) ما عليك ( وما عطف عليه ، و) فتكون ( جواب النهي ، وهو : ) ولا تطرد ( . ويجوز أن يكون ) فتكون( معطوفاً على ) فتطردهم ( .
    26- واجتماع التذكير والتأنيث في العدد في قوله - تعالى - : ) سخّرها عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيام( ([28]) .
    27- ومن أطرف ذلك اجتماع فرعين ، ثم فرعين على فرع ، وذلك اجتماع مجيء الهاء في موضع نصب ومجيئها في موضع جر ، ثم مجيئها في موضع جر بالحرف ، وفي موضع جر بالإضافة ، وذلك في قوله تعالى : ) قال له صاحبه وهو يحاوره ( ([29]) .
    - وما فيه فرعان في كلمة واحدة من أمثلته :
    1 - اجتماع التأخر والفرعية في العامل - وهما سبب زيادة لام التقوية - في قوله - تعالى - : ) وكُنَّا لحكمهم شاهدين ( ([30]) .
    2- واجتماع الإنشائية والجمود في جواب الشرط في قوله تعالى : ) إن تبدوا الصدقات فنِعمَّا هي ( ، ) ومن يكن الشيطان له قريناً فساء قريناً ( ([31]) .
    3- واجتماع انتفاء الاتحاد في الفاعل وانتفاء الاتحاد في الزمن في المفعول له وعاملِه في قوله تعالى : ) أقم الصلاة لدلوك الشمس( ([32]) .
    4- واجتماع الاسمية والطلبية في جملة جواب الشرط ـ ولذا ارتبطت بالفاء ـ في قوله تعالى : ) وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده ؟ ( ([33]) .
    · فروع في موضع :
    ويترقّى في الافتنان فيأتي بالشاهد فيه ثلاثة فروع للمسألة ، من ذلك :
    1- أن ( إذْ ) تلزم الإضافة إلى جملة اسمية ، أو فعلية فعلها ماضٍ ، أو فعلية فعلها مضارع لفظاً ماضٍ معنى ، واجتمعت الثلاث في قوله - تعالى - : ) إلاّ تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه : لا تحزن ؛ إن الله معنا( ([34]) .
    2- وأن الضمير ( نا ) مشترك بين مواضع الرفع والنصب والجر ، واجتمع استعماله فيهن في قوله تعالى : ) ربنا إننا سمعنا( ([35]) . ويصلح هذا شاهداً أيضاً لاتصاله بالكلم الثلاث ، واستشهد ابن هشام لاتصال ياء المتكلم بالكلم الثلاث بقوله - تعالى - : ) إنني هداني ربي ( ([36]) .
    للبحث صلة ، إن شاء الله .
    [1]- المغني 35 ، والإعراب 78 .

    [2]- المغني 59 ، والأوضح 1/347 ، وشرح القطر 149 .

    [3]- المغني 127 ، والموضع الأول في الإعراب 68 .

    [4]- المغني 223 ، والأوضح 3/38 ، وشرح اللمحة 2/244 .

    [5]- المغني 240 ، والأوضح 1/86 .

    [6]- المغني 294 .

    [7]- المغني 426 .

    [8]- المغني 463 .

    [9]- شرح الشذور 445 .

    [10]- المغني 501 و 787 ، وشرح القطر 125 .

    [11]- المغني 510 ، والإعراب 44 .

    [12]- المغني 566 ، والإعراب 55 .

    [13]- المغني 581 ، وشرح الشذور 141 .

    [14]- شرح بانت 29 ، وشرح الشذور 165 .

    [15]- شرح بانت 84 ، والأوضح 1/237 ، وشرح الشذور 185 .

    [16]- شرح القطر 35 .

    [17]- شرح القطر 246 .

    [18]- شرح الشذور 61 ، وشرح القطر 49 .

    [19]- المغني 655 .

    [20]- شرح بانت 11 .

    [21]- الأوضح 1/254 ، وشرح القطر 136 .

    [22]- شرح القطر 229 .

    [23]- الأوضح 3/390 .

    [24]- الأوضح 2/41 .

    [25]- الأوضح 3/16 ، وشرح الشذور 317 .

    [26]- شرح الشذور 449 .

    [27]- الأوضح 4/184 .

    [28]- الأوضح 4/243 ، وشرح اللمحة 2/364 .

    [29]- المغني 454 ، والأوضح 1/86 .

    [30]- المغني 287 .

    [31]- تخليص الشواهد 442 .

    [32]- الأوضح 2/228 .

    [33]- الأوضح 4/210 .

    [34]- المغني 116-117 .

    [35]- الأوضح 1/86 .

    [36]- شرح اللمحة 1/173 .


    محمد خليل الزَّرُّوق

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    86

    افتراضي رد: فن الاستشهاد بالقرآن الكريم عند ابن هشام

    بارك الله فيكم أخي الكريم.
    بحث جيد.
    مكتب المدقق اللغوي
    تدقـيق لغـوي * نسخ مخطوطـات
    تـخريج أحاديث * ضـبط عـلمـي
    Arabic_LC@yahoo.com
    www.ArabicLC.com

  3. #3

    افتراضي رد: فن الاستشهاد بالقرآن الكريم عند ابن هشام

    · فرعان على قراءتين :
    ويكون الفرعان في موضع واحد ، ولكنهما على قراءتين . وهو قسمان : واقع في قراءة عشرية ، وواقع في قراءة شاذة .
    - فالواقع في قراءة عشرية من أمثلته :
    1- اجتماع ذكر الضمير الرابط لجملة الصلة وحذفه في قوله - تعالى - : ) وما عملته أيديهم ( ، ) وفيها ما تشتهيه الأنفس ( ، وقرئ : ) وما عملت أيديهم ( ، ) وفيها ما تشتهي الأنفس ( ([1]) .
    2- واجتماع فتح همزة ( إن ) وكسرها في قوله - تعالى - : ) إنّا كُنَّا من قبل ندعوه أنه هو البر الرحيم ( ؛ وذلك لوقوعها موقع العلة ، فالفتح على تقدير الحرف ، والكسر على الاستئناف ([2]) .
    3- واجتماع فتحها وكسرها في قوله - تعالى - : ) إن لك ألاّ تجوع فيها ولا تعرى، وإنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ( ، المراد الآخرة ؛ وذلك لوقوعها بعد واو مسبوقة بمفرد صالح للعطف عليه ، فالكسر على الاستئناف أو العطف على جملة ( إن ) السابقة ، والفتح على العطف على : ) ألاّ تجوع ( ([3]) .
    4- واجتماع النصب والاتباع في المستثنى في كلام تام غير موجب والاستثناء متصل في قوله - تعالى - : ) ما فعلوه إلا قليلٌ منهم ( ، ) ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك ( ([4]) .
    5- واجتماع تقدير ( أنْ ) مخففةً وتقديرها ناصبة - وذلك لسبق الظن - في قوله - تعالى - : ) وحسبوا ألا تكون فتنة( ، قرئ برفع ) تكون ( وبنصبه ([5]) .
    6- واجتماع النصب والجر بالإضافة في الاسم التالي للوصف العامل في قوله - تعالى- : ) إن الله بالغ أمره( ، ) هل هُنّ كاشفات ضره ؟ ( ([6]) .
    - وأما الواقع في قراءة شاذة فأمثلته :
    1- اجتماع التعدية بالباء والتعدية بالهمزة في قوله - تعالى - : ) ذهب الله بنورهم ( ، وقرئ : ) أذهب الله نورهم ( ([7]) .
    2- اجتماع النصب بـ ( إذاً ) وإهمالها ؛ وذلك لوقوعها بعد واو أو فاء ، في قوله تعالى : ) وإذاً لا يلبثون ( ، ) فإذاً لا يؤتون ( ، وقرئ بالنصب : ) وإذاً لا يلبثوا ( ، ) فإذاً لا يؤتوا ( ([8]) .
    3- واجتماع الرفع والنصب في قوله - تعالى - : ) جنات عدن يدخلونها ( ، وهي مسألة الاشتغال ([9]) .
    · فروع على قراءات :
    ويكون في الموضع الواحد قراءات تصلح شاهداً لفروع من المسألة ، من ذلك :
    1- اجتماع إعراب ( قبل ) و( بعد ) منوّنين ، وغير منوّنين ، وبنائهما على الضم، في قوله تعالى : ) لله الأمر من قبل ومن بعد ( ، فقد قرئ بكل ذلك ([10]) .
    2- واجتماع الرفع على الاستئناف ، والجزم بالعطف ، والنصب بـ ( أنْ ) مضمرة ، في المضارع المقرون بالفاء أو الواو بعد انقضاء جملتي الشرط والجواب ـ في قوله تعالى : ) وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر ( ، وقوله : ) من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم ( ، وقرئ بكل ذلك ([11]) .
    · فرعان في سورة :
    ويجمع ابن هشام شاهدين لفرعين من مسألة ، والشاهدان في سورة واحدة ، ومن ذلك :
    1- اجتماع مجيء اللام في جواب ( لو ) المثبت وتركها في سورة الواقعة ، في قوله - تعالى - : ) لو نشاء لجعلناه حطاماً( ، ) لو نشاء جعلناه أجاجاً( ([12]) .
    2- واجتماع مثال ظرف المكان ومثال ظرف الزمان في أول سورة يوسف ، في قوله - تعالى - : ) أو اطرحوه أرضاً( ، ) وجاؤوا أباهم عشاءً( ([13]) .
    3- واجتماع مثال ( أهلون ) بالواو ومثالها بالياء في سورة الفتح ، في قوله - تعالى - : ) شغلتنا أموالنا وأهلونا( ، ) إلى أهليهم أبداً ( ([14]) .
    · فرعان في المتشابه :
    ومن الاستشهاد المعجب الرائق أن يكون الفرعان في موضعين متشابهين من القرآن، ومن أمثلته :
    1- تسويغ الابتداء بالنكرة بالعطف ، بأن يكون أحد المتعاطفين يجوز الابتداء به، فشاهد ما فيه المعطوف يجوز الابتداء به : ) طاعة وقول معروف( ، وشاهد ما فيه المعطوف عليه يجوز الابتداء به : ) قول معروف ومغفرة خير( ([15]) .
    2- وجواز ذكر ( أن ) الناصبة للمضارع بعد اللام وحذفها ، فشاهد الحذف : ) وأُمِرْنا لنُسْلم لرب العالمين( ، وشاهد الذكر : ) وأُمِرْتُ لأن أكون أول المسلمين( ([16]) .
    3- وتثنية الحال وجمعها لمتعدد إذا اتحد اللفظ ، فشاهد التثنية : ) وسخر لكم الشمس والقمر دائبين ( وشاهد الجمع : ) وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخراتٍ بأمره ( ([17]) .
    4- وإضافة ( إذ ) إلى الجمل ، فشاهد الاسمية : ) واذكروا إذ أنتم قليل ( ، وشاهد الفعلية : ) واذكروا إذ كنتم قليلاً( ([18]) .
    5- وتأنيث العدد وتذكيره ، فشاهد التأنيث : ) آيتُك ألاَّ تُكلّم الناس ثلاثة أيام( ، وشاهد التذكير : ) آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليالٍ سويّاً( ([19]) .
    6- وجواز المخالفة في البدل في التعريف والتنكير ، فشاهد الموافقة : ) اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين( ، وشاهد المخالفة : ) إلى صراط مستقيم صراط الله( ([20]) .
    7- وتعدِّي بعض الأفعال إلى اثنين بنفسه ، وإلى أحدهما بالحرف ، فشاهد التعدي إلى اثنين بنفسه : ) زوّجناكها ( ، وشاهد التعدي إلى أحدهما بالحرف : ) وزوجناهم بحور عين ( ([21]) .
    8- وتمييز المائة والألف بمفرد مجرور ، فشاهد المائة : ) بل لبثتَ مائة عام( ، وشاهد الألف : ) فلبث فيهم ألف سنة( ([22]) .
    9- وجمع الْخُلة بمعنى الصداقة على خِلال ، فشاهد المفرد : ) يومٌ لا بيع فيه ولا خلة ( ، وشاهد الجمع : ) يومٌ لا بيع فيه ولا خلال ( ([23]) .
    10- ومجيء ( لولا ) و( لوما ) للتحضيض فيختصان بالفعلية ، نحو : ) لولا أُنزل علينا الملائكة ( ، ) لوما تأتينا بالملائكة( ([24]) .
    11- واختصاص ( إذا ) بالفعلية ، ويكون الفعل ظاهراً ، نحو : ) فإذا انشقت السماء ( ، ومضمراً ، نحو : ) إذا السماء انشقت ( ([25]) .
    12- وفصل الضمير إذا لم يتأتَّ اتصاله ، وذلك بتقدمه على عامله ، نحو : ) إياك نعبد ( ، أو مجيئه بعد ( إلا ) ، نحو : ) أَمَر ألا تعبدوا إلا إياه( ([26]) .
    13- وتخلّف شرط القلبية في المفعول له في قوله - تعالى - : ) ولا تقتلوا أولادكم من إملاق ( ، ولذلك جُرَّ بالحرف ، وحصوله في : ) ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق( ، ولذلك نُصب ([27]) .
    14- وترجح النصب في المشتغَل عنه لإيهام الرفع أن الفعل صفة ، نحو : ) إنَّا كلَّ شيء خلقناه بقدر ( ، ووجوب الرفع إذا كان الفعل صفة ، نحو : ) وكلُّ شيء فعلوه في الزبر ( ([28]) .
    15- ومجيء الشرط والجواب مضارعين ، نحو : ) وإن تعودوا نعد( ، وماضيين ، نحو : ) وإن عُدتم عُدْنا ( ([29]) .
    16- ومن طريف هذا الضرب أنه جاء به في مسألة بلاغية ، وذلك اختلافهم في حذف أداة التشبيه أيكون تشبيهاً أم استعارة ؟ وهو نوعان : أن يكون المشبه به خبراً لمذكور ، نحو : ) والذين كذبوا بآياتنا صمٌّ وبكم ( ، وأن يكون خبراً لمحذوف ، نحو : ) صمّ بكم( ([30]) .
    · فروع في المشابه :
    ويكون في المتشابه شواهد لعدة من الفروع ، ومثاله في كلامه على جواب ( لما )، إذ يكون جوابها فعلاً ماضياً ، وشاهده : ) فلمّا نجّاكم إلى البرّ أعرضتم ( ، وجملة اسمية مقرونة بـ ( إذا ) الفجائية ، وشاهده : ) فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون ( ، أو مقرونة بالفاء ، وشاهده : ) فلمّا نجّاهم إلى البرّ فمنهم مقتصد( ، وفعلاً مضارعاً ، وشاهده : ) فلمّا ذهب عن إبراهيم الرَّوْعُ وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط ( ([31]) . والأخيرة لا تشبه سابقاتها .
    للبحث صلة ، إن شاء الله .
    [1]- المغني 654-655 ، وشرح القطر 108 .

    [2]- الأوضح 1/338 ، وشرح بانت 38 .

    [3]- الأوضح 1/338 .

    [4]- الأوضح 2/257 ، وشرح الشذور 265 ، وشرح القطر 245 .

    [5]- الأوضح 4/161 .

    [6]- الأوضح 3/230 .

    [7]- المغني 138 .

    [8]- الأوضح 4/167 .

    [9]- شرح القطر 196 .

    [10]- الأوضح 3/154 ، وشرح الشذور 103 ، وشرح القطر 19 .

    [11]- الأوضح 4/213 ، وشرح الشذور 351 .

    [12]- المغني 358 ، والأوضح 4/231 .

    [13]- الإعراب 62 .

    [14]- شرح القطر 67 .

    [15]- المغني 610 .

    [16]- الأوضح 4/191 ، وشرح الشذور 297 ، وشرح القطر 67 .

    [17]- الأوضح 2/336 .

    [18]- الأوضح 3/124 ، والإعراب 69 ، وشرح الشذور 126 .

    [19]- شرح الشذور 458 .

    [20]- شرح الشذور 444 .

    [21]- شرح الشذور 376 .

    [22]- شرح اللمحة 2/368 .

    [23]- شرح بانت 27 .

    [24]- الأوضح 4/237 .

    [25]- الإعراب 67 .

    [26]- الأوضح 1/94-95 .

    [27]- الأوضح 4/226 .

    [28]- الأوضح 2/169 .

    [29]- الأوضح 4/205 .

    [30]- شرح بانت 13-14 .

    [31]- المغني 37 .
    محمد خليل الزَّرُّوق

  4. #4

    افتراضي رد: فن الاستشهاد بالقرآن الكريم عند ابن هشام

    · فرعان في كلمة :
    ويأتي بفرعين ويستشهد لهما بكلمة واحدة في موضعين ، ومن أمثلته :
    1- جَرُّ الممنوع من الصرف بالفتحة ، نحو : ) فحيّوا بأحسنَ منها ( ، ما لم يُضف ، نحو : ) في أحسنِ تقويم( ([1]) .
    2- وإضافة المصدر إلى الفاعل بغير ذكر المفعول ، نحو : ) ربَّنا وتقبّل دعاءِ ( ، وإضافته إلى المفعول بغير ذكر الفاعل ، نحو : ) لا يسأمُ الإنسان من دعاء الخير( ([2]) .
    · فروع في كلمة :
    ويأتي بفروع ويستشهد لهنّ بكلمة واحدة في مواضع ، ومن أمثلته :
    1- أنّ في المنادى المضاف إلى الياء لغاتٍ ، منها : حذف الياء والاكتفاء بالكسرة، نحو : ) يا عبادِ فاتّقون( ، وثبوت الياء ساكنة ، نحو : ) يا عبادي لا خوف عليكم ( ، وثبوتها مفتوحة ، نحو : ) يا عباديَ الذين أسرفوا ( ([3]) .
    2- وأن الفعل يُوحَّد مع تثنية الفاعل وجمعه كما يُوحَّد مع إفراده ، نحو : ) قال رجلان( ، ) وقال الظالمون( ، ) وقال نسوة( ([4]) .
    · فرعان في مادة :
    ويستشهد لفرعين بمادة واحدة في موضعين ، ومن أمثلته :
    1 ـ أن فعل الشرط لا يُقرن بحرف النفي إلا ( لم ) ، نحو : ) وإن لم تفعل فما بلّغت رسالاته ( ، و ( لا ) ، نحو : ) إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض ( ([5]) .
    2 ـ وأن النون تُبْدَل ميماً إذا لقيتها الباء في كلمة ، نحو : ) انبعث( ، أو كلمتين ، نحو : ) من بعثنا( ([6]) .
    · فروع في مادة :
    ويستشهد لفروع بمادة واحدة في مواضع ، ومن أمثلته : أنه يُذْكَر في باب ( أعطى ) المفعولان ، نحو : ) إنا أعطيناك الكوثر ( ، ويحذفان ، نحو : ) فأما من أعطى ( ، ويُحذف الآخِر منهما ، نحو : ) ولسوف يعطيك ربك ( ، ويُحذف الأول ، نحو : ) حتى يُعطوا الجزية ( ([7]) .
    · فرعان على احتمال :
    ويكون فرعان في موضع واحد ، ولكن ذلك على وجه الاحتمال ، ومن أمثلته :
    1- جواز كينونة الهمزة للاستفهام وللنداء في قراءة التخفيف في قوله - تعالى - : ) أَمَنْ هو قانتٌ آناء الليل ( ([8]) .
    2- وجواز إرادة الاستفهام الحقيقي والتقرير في قوله - تعالى - : ) أأنت فعلت هذا ؟ ( ([9]) .
    3- وجواز أن تكون ( ما ) موصولة ومصدرية في قوله - تعالى - : ) إنَّ ما صنعوا كيدُ ساحر ( ، بتقدير : إن الذي صنعوه ، أو : إنَّ صُنْعهم ([10]) .
    4- وجواز أن تكون ( حتى ) للغاية وللعلة في قوله - تعالى - : ) فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ( ([11]) .
    5- وجواز أن تكون ( أم ) متصلة ومنقطعة في قوله - تعالى - : ) قل : أتخذتم عند الله عهداً فلن يخلفَ الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون ؟ ( ([12]) .
    · فروع على احتمال :
    ويكون في الموضع الواحد فروع على وجه الاحتمال ، ومن أمثلته :
    1- جواز أن تكون ( كان ) ناقصة وتامة وزائدة في قوله - تعالى - : ) إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ( ، وقوله : ) فانظر كيف كان عاقبة مكرهم ( ([13]) .
    2- وجواز أن يكون ) مُنْزَلاً ( من قوله - تعالى - : ) ربِّ ، أنزلني مُنْزَلاً مباركاً( مصدراً واسم زمان واسم مكان ؛ من أجل أن صيغة اسم المفعول تصلح لذلك ([14]) .
    · فروع باتفاق الفواصل :
    ويأتي لفروع بشواهد تتفق في الفاصلة ، نحو استشهاده في إعراب أسماء الاستفهام والشرط - لوقوعها على زمان بقوله - تعالى - : ) أيّان يُبعثون ؟ ( ، ولوقوعها على مكان بقوله : ) فأين تذهبون ؟( ، ولوقوعها على حدث بقوله : ) أيَّ منقلب ينقلبون ؟ ( ([15]) .
    للبحث صلة ، إن شاء الله
    [1]- الأوضح 1/72 ، وشرح الشذور 38 ، وشرح اللمحة 1/194 .

    [2]- الأوضح 3/214 .

    [3]- الأوضح 4/37 .

    [4]- الأوضح 2/98 .

    [5]- شرح الشذور 340 .

    [6]- الأوضح 4/401 .

    [7]- المغني 830 ، وشرح اللمحة 2/78 .

    [8]- المغني 18 .

    [9]- المغني 26 .

    [10]- شرح الشذور 280 .

    [11]- المغني 169 ، والإعراب 72 ، وشرح اللمحة 2/343 .

    [12]- المغني 68 .

    [13]- المغني 726 .

    [14]- نزهة الطرف 106 .

    [15] - المغني 607 .
    محمد خليل الزَّرُّوق

  5. #5

    افتراضي رد: فن الاستشهاد بالقرآن الكريم عند ابن هشام

    (2) تمثيل

    وما سميته التفريع ذاك فن على حدة ، وهذا فن آخر من استشهاد ابن هشام بالآي القرآنية ، أسمّيه التمثيل ، وهو أن يأتي بالموضع الواحد فيه غير مثال للمسألة .
    · مثالان في موضع :
    فيأتي بالموضع فيه مثالان ، وهذا النوع قسمان : قسم يكون فيه المثالان متلاصقين ، وقسم يكون فيه المثالان متباعدين .
    - فمما فيه المثالان متلاصقان :
    1- كسر همزة ( إن ) بعد عامل عُلِّق باللام ، نحو : ) والله يعلم إنك لرسوله ، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ( ([1]) .
    2- وكينونة ( أل ) موصولاً بدخولها على مشتق ، نحو : ) إن المصّدّقين والمصّدّقات( ، ) والسقف المرفوع ، والبحر المسجور( ([2]) .
    3- وحذف العائد المنصوب ، نحو : ) ويعلم ما تُسِرُّون وما تُعلنون ( ([3]) .
    4- ومجيء ( مِنْ ) لبيان الجنس ، نحو : ) مِنْ أساور مِن ذهب ( ([4]) .
    5- وعطف الفعل على الفعل ، نحو : ) وإن تؤمنوا وتتّقوا يؤتكم أجوركم ولا يسألْكم أموالكم ( ([5]) .
    6- وحذف المفعولين في باب ( ظن ) اقتصاراً ، نحو : ) والله يعلم وأنتم لا تعلمون ( ([6]) .
    7- ونصب باب ( أعلم ) لثلاثة مفاعيل ، نحو : ) إذ يُريكهم الله في منامك قليلاً ولو أراكهم كثيراً ( ([7]) .
    8- وتقدّم المفعول جوازاً ، نحو : ) فريقاً كذبوا وفريقاً يقتلون ( ([8]) .
    9- ونيابة المفعول به عن الفاعل ، نحو : ) وغيض الماء وقضي الأمر ( ([9]) .
    10- وإضافة المصدر إلى الفاعل ، نحو : ) وَأَخْذِهم الرِّبا وقد نُهوا عنه وأكلهم أموالَ الناس بالباطل ( ([10]) .
    11- ومجيء الباء بمعنى ( مع ) ، نحو : ) وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به ( ([11]) .
    12- وترك حذف العائد مرفوع الموضع بالابتداء إذا لم تطل الصلة ، نحو : ) أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ؟ ( ([12]) .
    13- ومجيء ( كان ) بمعنى ( صار ) ، نحو : ) فكانت هباءً منبثّاً ، وكنتم أزواجاً ثلاثة ( ([13]) .
    14- ومجيء اسم المكان من غير الثلاثي ، نحو : ) ربِّ ، أدخلني مُدْخَلَ صدق وأخرجني مُخْرَجَ صدق ( ([14]) .
    15- وتذكير ( السبيل ) ، نحو : ) وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً ، وإن يروا سبيل الغيِّ يتخذوه سبيلاً ( ([15]) .
    16- ومجيء ( أل ) للعهد الذكري ، نحو : ) فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دُرِّيّ ( ([16]) .
    17- ونصب المضارع بـ ( أنْ ) مضمرة بعد لام الجحود ، نحو : ) ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب ، وما كان الله ليُطلعكم على الغيب( ([17]) .
    18- واقتران جواب الشرط بالفاء لأنه ماضي المعنى ، نحو : ) إن كان قميصه قُدَّ من قُبُل فصدقت وهو من الكاذبين ، وإن كان قميصه قُدَّ من دُبُر فكذبت وهو من الصادقين ( ([18]) .
    19- وتعدّي ( أنبأ ) إلى أحد المفعولين بالباء ، نحو : ) أنبئهم بأسمائهم ، فلمّا أنبأهم بأسمائهم ( ([19]) .
    20- وإعمال ( أفعل ) في التمييز ، نحو : ) أنا أكثر منك مالاً وأعزّ نفراً( ([20]).
    21- ومجيء ( أفعل ) من غير الثلاثي ، نحو : ) ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة( ؛ فهما من ( أقسط ) و( أقام ) ([21]) .
    22- وحذف المبتدأ جوازاً بعد فاء الجواب ، نحو : ) من عمل صالحاً فلنفسه ، ومن أساء فعليها( ([22]) .
    23- وحذف المضاف ، نحو : ) فاسأل القرية التي كنا فيها ، والعير التي أقبلنا فيها ( ، أي : أهل القرية ، وأهل العير ([23]) .
    24- وتعدّي الفعل بصيغة ( أفعل ) ، نحو : ) ربَّنا أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين( ([24]) .
    25 ـ ودخول لام الابتداء على ضمير الفصل بعد ( إنَّ ) ، نحو : ) وإنّا لنحن الصافّون ، وإنّا لنحن المسبّحون ( ([25]) .
    ومعلوم أنه في هذا الضرب لا يتلو الآية كلها في الغالب ، ولكن يتلو أولها ويقول : الآية ، اعتماداً على حفظ الحافظ .
    - ومما فيه المثالان متباعدان :
    1- خلوُّ ( إذا ) من معنى الشرط ، نحو : ) وإذا ما غضبوا هم يغفرون ( ، ) والذين إذا أصابهم البغيّ هم ينتصرون ( ، بدليل ترك الفاء ([26]) .
    2- وتسويغ الابتداء بالنكرة بالوصف ، نحو : ) ولأَمَةٌ مؤمنة خير من مشركة ( ، ) ولَعَبْدٌ مؤمن خير من مشرك ( ([27]) .
    3- وحذف المبتدأ في جواب الاستفهام ، نحو : ) ما أصحاب اليمين ؟ في سدر مخضود ( ، ) ما أصحاب الشمال ؟ في سموم وحميم ( ([28]) .
    · أمثلة في موضع :
    ويأتي بأمثلة في موضع واحد ، وهذا أيضاً يكون على تلاصق ، وعلى تباعد . فأمثلة المتلاصق منه - وهو أدعى لأن يترك تلاوة تتمة الآية للطول - :
    1- ياء المخاطبة متصلة بالأمر ، نحو : ) فكلي واشربي وقرِّي عيناً ( ([29]) .
    2- وحذف المبتدأ بعد القول ، نحو : ) سيقولون : ثلاثة رابعهم كلبهم ، ويقولون : خمسة سادسهم كلبهم ، ويقولون : سبعة وثامنهم كلبهم ( ([30]) .
    3- وتعدية الفعل بصيغة ( أفعل ) ، نحو : ) والله أنبتكم من الأرض نباتاً ، ثم يُعيدكم فيها ويُخرجكم إخراجاً ( ([31]) .
    4- وحذف عائد الصفة ، نحو : ) واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ، ولا يُقبل منها شفاعة ، ولا يُؤخذ منها عدل ، ولا هم يُنصرون ( ([32]) . ومثلها الآية الأخرى في السورة نفسها .
    5- وتقدير جملة القسم قبل ( لأفعلن ) ، نحو : ) لأعذّبنه عذاباً شديداً ، أو لأذبحنّه ، أو لَيَأْتِيَنِّي بسلطان مبين( ، وقبل ( لئن ) ، نحو : ) لئن أُخرجوا لا يخرجون معهم ، ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ، ولئن نصروهم ليولُنّ الأدبار ( ([33]) .
    6- ومن أطرف تعدد الأمثلة في الموضع الواحد استشهاده في الجملة الحالية بقوله - تعالى - : ) ما يأتيهم من ذِكْر من ربهم مُحْدَث إلا استمعوه وهم يلعبون ، لاهيةً قلوبهم ( ، فـ ) استمعوه( حال من مفعول ) يأتيهم( أو من فاعله ، وقرئ في الشاذ : ) مُحْدَثاً( ، فهو حال من الذِّكْر ؛ لأنه مختص بصفته ، ولسَبْق النفي . ) وهم يلعبون( حال من فاعل ) استمعوه( ، و) لاهية( حال من فاعل ) يلعبون( ، أو من فاعل ) استمعوه( ([34]) . وتَرَك عامداً للوضوح ، أو ساهياً : ) اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون( .
    - ومثال المتباعد من ذلك استشهاده لنون النسوة بقوله - تعالى - في سورة البقرة : ) والمطلقات يتربصن ( ، ) والوالدات يرضعن ( ، ) إلا أن يعفون ( ([35]) .
    · تمثيل باتفاق الفواصل :
    ويستشهد لمسألة بشواهد تتفق في الفاصلة ، ومن ذلك :
    1- استشهاده لخروج الهمزة عن الاستفهام الحقيقي إلى الإنكار التوبيخي بقوله - تعالى - : ) أتعبدون ما تنحتون ؟ ( ، ) أغير الله تدعون ؟ ( ، ) أإفكاً آلهةً دون الله تريدون ؟ ( ([36]) .
    2- واستشهاده لقطع ( كل ) عن الإضافة والمقدّر جمع بقوله - تعالى - : ) كلٌّ له قانتون( ، ) كلٌّ في فلك يسبحون( ، ) وكلٌّ آتـُوه داخرين( ، ) وكلٌّ كانوا ظالمين( ([37]) .
    3- ويأتي بالشواهد على ما يشبه الفاصلة ، نحو استشهاده لمجيء الفاء للعطف والسببية معاً بقوله - تعالى - : ) فوكزه موسى فقضى عليه( ، ) فتلقّى آدم من ربه كلمات فتاب عليه( ([38]) .
    للبحث صلة ، إن شاء الله
    [1] - الأوضح 1/336 ، وشرح الشذور 205 ، وشرح القطر 163 .

    [2] - الأوضح 1/153 .

    [3] - الأوضح 1/169 .

    [4] - الأوضح 3/21 .

    [5] - الأوضح 3/394 .

    [6]- الأوضح 2/70 .

    [7]- الأوضح 2/80 .

    [8]- الأوضح 2/133 .

    [9]- الأوضح 2/138 .

    [10]- شرح اللمحة 2/101 ، وشرح القطر 267 .

    [11]- شرح اللمحة 2/249 .

    [12]- تخليص الشواهد 158 .

    [13]- شرح بانت 40 ، وشرح القطر 134 .

    [14]- شرح بانت 53 .

    [15]- شرح بانت 73 .

    [16]- شرح الشذور 150 ، وشرح القطر 113 .

    [17]- شرح الشذور 297 .

    [18]- شرح الشذور 341 .

    [19]- شرح الشذور 376 .

    [20]- شرح الشذور 414 .

    [21]- شرح بانت 21 ، وشرح الشذور 419 .

    [22]- المغني 822 ، والأوضح 1/217 .

    [23]- المغني 812 .

    [24]- المغني 678 .

    [25]- شرح القطر 164 .

    [26]- المغني 135 ، وشرح بانت 18 .

    [27]- شرح الشذور 182 .

    [28]- المغني 822 .

    [29]- شرح اللمحة 1/173 ، وشرح الشذور 22 ، وشرح القطر 30 .

    [30]- المغني 822 .

    [31]- المغني 678 .

    [32]- تخليص الشواهد 195 .

    [33]- المغني 846 .

    [34]- المغني 537 .

    [35]- شرح القطر 35 .

    [36]- المغني 25 .

    [37]- المغني 264 .

    [38]- شرح بانت 9 .
    محمد خليل الزَّرُّوق

  6. #6

    افتراضي رد: فن الاستشهاد بالقرآن الكريم عند ابن هشام

    (3) تنويع

    وهذا ضرب آخر من طريقته في الاستشهاد أُسمّيه : التنويع ، وهو أن يستشهد بآي من القرآن للمسألة بأنواع من الشواهد على سبيل التبرّع ، ولو لم يذكر تلك الأنواع ما كان في الاستشهاد تقصير أو نقص ، وهو في الغالب لا ينبّه عليها ، ولكنك بالتأمل تتفطن إليها .
    · نوعان :
    فيأتي بشاهدين لنوعين ، ومن أمثلته :
    1- استشهاده لتقديم المفعول وجوباً إذا كان له الصدر بقوله - تعالى - : ) فأيَّ آيات الله تنكرون ؟ ( ، ) أيّاً ما تدعوا ( ([1]) ، فأتى بشاهد لاسم الاستفهام ، وشاهد لاسم الشرط .
    2- واستشهاده لمعنى الظرفية في ( مِنْ ) بقوله - تعالى - : ) ماذا خلقوا من الأرض ؟ ( ، ) إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ( ([2]) ، فأتى بشاهد للظرفية المكانية، وشاهد للظرفية الزمانية .
    3- واستشهاده لمعنى الظرفية في الباء بقوله - تعالى - : ) وما كنت بجانب الغربي ( ، ) نجيناهم بسَحَر ( ([3]) ، فأتى بشاهد للظرفية المكانية ، وشاهد للظرفية الزمانية .
    4- واستشهاده لمعنى الظرفية في الإضافة بقوله - تعالى - : ) بل مكر الليل ( ، ) يا صاحبي السجن( ([4]) ، فأتى بشاهد للزمان ، وشاهد للمكان .
    5- واستشهاده لعطف الفعل على الفعل بقوله - تعالى - : ) لنحيي به بلدة ميتاً ونُسْقيه ( ، ) وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسألكم أموالكم( ([5]) ، فأتى بشاهد للمنصوب ، وشاهد للمجزوم .
    6- واستشهاده لحذف ألف المقصور وبقاء الفتحة إذا جُمع سالماً بقوله - تعالى - : ) وأنتم الأعلَوْن( ، ) وإنهم عندنا لمن المصطفَيْن( ([6]) ، فأتى بشاهد لجمعه مع الواو، وشاهد لجمعه مع الياء .
    7- واستشهاده للتعليق في باب ( ظن ) من أجل الاستفهام بقوله - تعالى - : ) لنعلم أيُّ الحزبين أحصى ( ، ) وسيعلم الذين ظلموا أيَّ مُنقلب ينقلبون } ([7]) ، فأتى بشاهد للاستفهام بالعُمْدة ، وشاهدة للاستفهام بالفضلة .
    8- واستشهاده لـ ( مَن ) الاستفهامية بقوله - تعالى - : ) مَن بَعَثَنا مِن مرقدنا ؟ ( ، ) فمن ربكما ؟ يا موسى( ([8]) ، فأتى بشاهد للتي بعدها فعل ، وشاهد للتي بعدها اسم .
    9- واستشهاده للجملة المضاف إليها بقوله - تعالى - : ) هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ( ، ) يوم هم بارزون ( ([9]) ، فأتى بشاهد للفعلية ، وشاهد للاسمية.
    10- واستشهاده لخبر ( أن ) المخففة إذا كان جملة فعلية دعائية بقوله - تعالى - : ) أن بورك من في النار( ، ) والخامسة أن غَضِب اللهُ عليها( ([10]) فيمن قرأ بالتخفيف ، فأتى بشاهد للدعاء بالخير ، وشاهد للدعاء بالشر .
    · أنواع :
    ويأتي بشواهد لأكثر من نوعين ، ومن أمثلته :
    1- استشهاده لدخول لام الابتداء بعد ( إنّ ) المكسورة على الخبر بقوله - تعالى - : ) إن ربي لسميع الدعاء( ، ) وإن ربك ليعلم( ، ) وإنك لعلى خلق عظيم ( ، ) وإنا لنحن نحيي ونميت ( ([11]) ، فأتى بشواهد للخبر مفرداً ، وجملة اسمية ، وجملة فعلية ، وشبه جملة .
    2- واستشهاده لحذف حرف النداء بقوله - تعالى - : ) يوسفُ ، أعرِضْ عن هذا( ، ) سنفرغ لكم ، أيُّها الثقلان ( ، ) أَنْ أدُّوا إليّ ، عبادَ الله( ([12]) ، فأتى بشاهد لنداء العلم ، وشاهد لنداء ( أيّ ) ، وهما مبنيّان على الضم ، وشاهد لنداء المضاف ، وهو منصوب .
    3- واستشهاده للفعل الذي يلي ( إن ) المخففة إذا كان مضارعاً ناسخاً بقوله - تعالى - : ) وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك ( ، ) وإن نظنك لمن الكاذبين ( ، وإذا كان ماضياً ناسخاً بقوله تعالى : ) وإن كانت لكبيرة( ، ) إن كدت لتُرْدِينِ ( ، ) وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين( ([13]) ، فأتى بشاهد من باب ( كاد ) ، وشاهد من باب ( ظن ) ، في المضارع ، وشاهد من باب ( كان ) ، وشاهد من باب ( كاد ) ، وشاهد من باب ( ظن ) ، في الماضي .
    4- واستشهاده لإعمال ( ما ) عمل ( ليس ) بقوله - تعالى - : ) ما هن أمهاتهم ( ، ) وما منكم من أحد عنه حاجزين ( ، ) ما هذا بشراً ( ، وقال : " ولم يقع في القرآن إعمال ( ما ) صريحاً في غير هذه المواضع الثلاثة " ، ونبّه على أنها تعمل في معرفتين أو نكرتين أو مختلفين ([14]) ، وكل شاهد لنوع .
    5- واستشهاده لكسر همزة ( إنّ ) بعد القول بقوله - تعالى - : ) قال : إنّي عبدالله( ، ) ومن يقل منهم : إنّي إله من دونه فذلك نجزيه جهنم ( ، ) قل : إن ربي يقذف بالحق ( ([15]) ، فأتى بشواهد لفعل القول ماضياً ومضارعاً وأمراً .
    6- واستشهاده للمفعول المطلق المؤكد لعامله بقوله - تعالى - : ) وكلّم الله موسى تكليماً ( ، ) ويسلّموا تسليماً ( ، ) صلّوا عليه وسلّموا تسليماً ( ([16]) ، فأتى بشواهد للعامل ماضياً ومضارعاً وأمراً ، وكل ذلك بصيغة التفعيل .
    7- واستشهاده لظرف الزمان مبهماً ومختصّاً بقوله - تعالى - : ) سيروا فيها ليالي وأياماً( ، ) النار يعرضون عليها غدوّاً وعشيّاً( ، ) وسبّحوه بكرة وأصيلاً( ([17]) ، فأتى بشواهد للعامل ماضياً ومضارعاً وأمراً ، والشواهد كما ترى متشابهة في عطف ظرف على آخر .
    8- واستشهاده لألفاظ العقود في تمييز العدد بقوله - تعالى - : ) وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتمَّ ميقات ربه أربعين ليلة ( ، ) فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً ( ، ) فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ( ، ) ذَرْعُها سبعون ذراعاً ( ، ) فاجلدوهم ثمانين جلدة ( ، ) إنّ هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ( ([18]) ، فأتى بشواهد للعقود من ثلاثين إلى تسعين . وإنما ترك قوله - تعالى - : ) إن يكن منكم عشرون صابرون ( لأنه لم يُصرَّح فيه بالتمييز .
    9- واستشهاده لما يتعدّى بنفسه من الأفعال كأفعال الحواس بقوله - تعالى - : ) يوم يرون الملائكة ( ، ) يوم يسمعون الصيحة ( ، ) لا يذوقون فيها الموت ( ، ) أو لامستم النساء ( ([19]) ، فأتى بشواهد للحواس الخمس .
    10- واستشهاده لاشتراط أن يكون ما قبل ضمير الفصل مبتدأ في الحال أو في الأصل بقوله تعالى : ) أولئك هم المفلحون ( ، ) وإنا لنحن الصافّون ( ، ) كنت أنت الرقيب عليهم ( ، ) تجدوه عند الله هو خيراً ( ، ) إن ترني أنا أقل منك مالاً وولداً ( ([20]) ، فأتى بشواهد من باب المبتدأ ، ومن باب ( كان ) ، ومن باب ( إن ) ، ومن باب ( ظن ) ، وأتى بالضمير أيضاً للمتكلم وللمخاطب وللغائب .
    11- واستشهاده لكسر همزة ( إن ) في العلة بقوله - تعالى - : ) ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ؛ إنه كان حوباً كبيراً ( ، ) وصلِّ عليهم ؛ إن صلواتك سكن لهم ( ، ) إنا كنا من قبل ندعوه ؛ إنه هو البَرّ الرحيم ( ، في قراءة من كسر الهمزة في الأخيرة ([21]) ، فأتى بشواهد للعلة للنهي ، وللأمر ، وللخبر .
    12- واستشهاده للجملة المضاف إليها اسم الزمان ، سواء أكان ظرفاً أم اسماً ، بقوله - تعالى - : ) والسلام عليّ يوم ولدت ( ، ) وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب( ، ) لينذر يوم التلاق ، يوم هم بارزون ( ، ) هذا يوم لا ينطقون( ، قال : " ألا ترى أن اليوم ظرف في الأولى ، ومفعول ثانٍ في الثانية ، وبدل منه في الثالثة ، وخبر في الرابعة ؟ ( بلى ، أرى ! ) ويمكن في الثالثة أن يكون ظرفاً لـ ) يخفى ( من قوله - تعالى - : ) لا يخفى على الله منهم شيء ( " ([22]) .
    · تنويع باتفاق الفواصل :
    ويزيد في التفنّن بأنواع متفقة في الفواصل أو ما يشبهها ، فمن ذلك :
    1- استشهاده لتأخر أدوات الاستفهام عن حروف العطف بخلاف الهمزة - بقوله - تعالى - : ) وكيف تكفرون ؟ ( ، ) فأين تذهبون ؟ ( ، ) فأنّى تؤفكون ؟ ( ، ) فهل يُهلَك إلا القوم الفاسقون ؟ ( ، ) فأي الفريقين ؟ ( ، ) فما لكم في المنافقين فئتين ؟ ( ([23]) ، فأتى بشواهد لست أدوات ، ولو اقتصر على بعضها لكان كافياً . وانظر كيف قرن شاهدي المثنى ، واقتصر على : ) فأي الفريقين ؟ ( قبل تمام الجملة ليتم له الاتفاق ؟
    2- واستشهاده للجملة التابعة لمفرد نعتاً له بقوله - تعالى - : ) من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ( ، ) واتقوا يوماً تُرجعون فيه ( ، ) ربنا ، إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه ( ([24]) ، فأتى بشاهد لها وهي في محل رفع ، وشاهد لها وهي في محل نصب ، وشاهد لها وهي في محل جر ، مع الاتفاق في الأواخر ، وترك ما يتعلق بالشاهد الثاني ، فإن تمامه : ) يوماً تُرجعون فيه إلى الله ( ؛ ليتم الاتفاق أيضاً .

    [1]- الأوضح 2/133 .

    [2]- الأوضح 3/28 .

    [3]- الأوضح 3/37 ، وشرح اللمحة 2/249 .

    [4]- الأوضح 3/86 .

    [5]- الأوضح 3/394 .

    [6]- الأوضح 4/301 .

    [7]- الأوضح 2/62 ، وشرح الشذور 366 .

    [8]- المغني 431 .

    [9]- الإعراب 38 .

    [10]- شرح الشذور 282 .

    [11]- الأوضح 1/344 .

    [12]- الأوضح 4/10 .

    [13]- الأوضح 1/368 .

    [14]- شرح الشذور 193 .

    [15]- شرح الشذور 206 .

    [16]- شرح الشذور 226 .

    [17]- شرح الشذور 231 .

    [18]- شرح الشذور 255 .

    [19]- شرح الشذور 356 ، وشرح اللمحة 2/76 .

    [20]- المغني 641 .

    [21]- شرح بانت 38 .

    [22]- المغني 547 .

    [23]- المغني 22 .

    [24]- المغني 554 ، والإعراب 40 .
    محمد خليل الزَّرُّوق

  7. #7

    افتراضي رد: فن الاستشهاد بالقرآن الكريم عند ابن هشام

    (4) تنظير وترجيح وتوضيح
    هذه أبواب من فن ابن هشام في الاستشهاد بالقرآن الكريم ، كنت على أن أشرح طرائقه فيها ، وأكثر من أمثلتها وألوانها ، ثم رأيت أن ذلك مبثوث في طول كتاب المغني ، حتى إنه قال في مقدمته : " وقد تجنّبت هذين الأمرين ( يعني : إيراد ما لا يتعلق بالإعراب وإعراب الواضحات ) ، وأتيت مكانها بما يتبصّر به الناظر ، ويتمرّن به الخاطر، من إيراد النظائر القرآنية ، والشواهد الشعرية ، وبعض ما اتفق في المجالس النحوية " ([1]) . وتجد ذلك وافراً في الجهة السابعة من الباب الخامس في ذكر الجهات التي يدخل الاعتراض على المعرب من جهتها ، وهي أن يحمل كلاماً على شيء ويشهد استعمال آخر في نظير ذلك الموضع بخلافه ، والجهة الثامنة ، وهي أن يحمل على شيء وفي ذلك الموضع ما يدفعه ، وفي الفصل الطويل الذي عقده للحذف ؛ إذ كان يستدل على المحذوف وكيفية تقديره بالنظائر .
    ولكني أذكر بعض ما أستحسنه من هذه الضروب ، وبعض ما وجدته في غير المغني منها . فمن ذلك :
    1- فصل عقده للتدريب في ( ما ) ، وذكر فيه قوله - تعالى - : ) ما أغنى عنه ماله وما كسب ( ، وأن ( ما ) الأولى تحتمل النافية والاستفهامية ، و( ما ) الآخرة موصول اسمي أو حرفي ، وقوله - تعالى - : ) وما يغني عنه ماله إذا تردّى( ، ) ما أغنى عني ماليه ( ، و( ما ) فيهما تحتمل الاستفهامية والنافية ، ورجّح النفي بقوله - تعالى - : ) فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ( ؛ لأنه متعين فيه ([2]) . فذكر النظائر المتشابهة ، ورجّح بأحدها .
    2- وقولهم : ( جاء زيد ركضاً ) يحتمل المصدرية والحالية ، ورجّح الحالية بقوله - تعالى - : ) ائتيا طوعاً أو كرهاً ، قالتا : أتينا طائعين ( ، فمجيء ) طائعين ( وهو حال، في موضع ) طوعاً أو كرهاً( يدل على أنهما حالان ([3]) .
    3- وقوله - تعالى - : ) فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا ( في الأعراف ، يحتمل أن يكون الأصل : بما كذبوه ، وبما كذبوا به ، ويرجح الآخِر منهما التصريح به في سورة يونس ([4]) .
    4- وتنبيهه على أنه قد يحتمل الموضع أكثر من وجه ، ويوجد ما يرجح كلاًّ منها، كقوله - تعالى - : ) فاجعل بيننا وبينك موعداً لا نخلفه ( ، فالموعد محتمل للمصدر ، ويشهد له : ) لا نخلفه نحن ولا أنت ( ، وللزمان ، ويشهد له : ) قال : موعدكم يوم الزينة ( ، وللمكان ، ويشهد له : ) مكاناً سوى ( ، وإذا أعرب ) مكاناً ( بدلاً من ) موعداً ( لا ظرفاً لـ ) نخلفه ( - تعيّن للمكان ([5]) .
    5- وقوله - تعالى - : ) إلا أن يعفون ( الواو فيه لام الكلمة ، والنون ضمير النسوة ، والفعل مبني ، وأما : ( الرجال يعفون ) فالواو ضمير المذكّرين ، والنون علامة الرفع ، وهي تحذف في النصب ، نحو : ) وأن تعفوا أقرب للتقوى ( ([6]) ، فوضّح بما في الموضع نفسه ، وباللفظ نفسه .
    6- ومجيء ( أخرى ) بمعنى ( آخرة ) ، نحو : ) وقالت أولاهم لأخراهم ( ، فإذا كانت كذلك جمعت على ( أُخَر ) مصروفاً ، واستدل لمجيئها كذلك بقوله - تعالى - : ) وأنّ عليه النشأة الأخرى( ، وقوله : ) ثُم الله ينشئ النشأة الآخرة ( ([7]) ، فاستدل بنظيرين متشابهين عاقبت فيهما الكلمة ما هو بمعناها .
    7- وكسر همزة ( إن ) من أجل اللام بعدها ، نحو : ) والله يعلم إنك لرسوله ، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون( ، ووضح هذا بأنها فتحت مع هذين الفعلين عند فَقْد اللام ، نحو قوله - تعالى - : ) علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم( ، وقوله : ) شهد الله أنه لا إله إلا هو ( ([8]) .
    · النظير في الوهم والخطأ :
    ويأتي بالنظائر في أوهام العلماء في الإعراب وغيره :
    1- فوهَّم الزمخشريَّ في تجويز الحال من الفاعل ومن المفعول في قوله - تعالى - : ) ادخلوا في السلم كافة ( ؛ لأن ( كافة ) مختص بمن يعقل ؛ أي لا يكون إلا حالاً من الفاعل ، قال ابن هشام : " ووَهْمُه في قوله - تعالى - : ) وما أرسلناك إلا كافة للناس( ، إذ قدر ( كافة ) نعتاً لمصدر محذوف ؛ أي : إرسالة كافة - أشدّ ؛ لأنه أضاف إلى استعماله فيما لا يعقل إخراجَه عما التُزم فيه من الحالية . ووهمه في خطبة المفصل إذ قال : محيط بكافة الأبواب - أشدّ وأشدّ ؛ لإخراجه إياه عن النصب البتة "([9]) . فذكر وهم الزمخشري في النظائر على وجه التدرّج ، كما ترى .
    2- ونبّه على خطأ الرازي في تلاوة قوله - تعالى - : ) لا تتخذوا بطانة من دونكم ( ، فإن الرازي سأل : ما الحكمة في تقديم ) من دونكم( على ) بطانة( ؟ وأجاب ، وليست التلاوة كما ذكر . قال ابن هشام : " ونظير هذا أن أبا حيان فسّر في سورة الأنبياء كلمة ) زُبُراً ( بعد قوله - تعالى - : ) وتَقَطَّعوا أمرهم بينهم ( ، وإنما هي في سورة المؤمنون ، وترك تفسيرها هناك ، وتبعه على هذا السهو رجلان لَخَّصا من تفسيره إعراباً " ([10]) . فذكر خطأ الرازي في تلاوة آية ونظّره بخطأ أبي حيان في تلاوة آية أخرى ، ومتابعة من لخص من كتاب أبي حيان .
    · التورية :
    ومن عجيب استشهاده أنه يورِّي بمعنى الآية في الردّ على من يردّ عليه ، قال : " في كتاب المصاحف لابن الأنباري أن بعض الزنادقة تمسّك بقوله - تعالى - : ) وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة ( - في الطعن على بعض الصحابة ( يريد أن يجعل ) منهم ( للتبعيض ) ، والحق أن ( مِنْ ) فيها للتبيين لا للتبعيض ؛ أي : الذين آمنوا هم هؤلاء . ومثله : ) الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم ( ، وكلهم محسن ومتّقٍ ، ) وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسّنّ الذين كفروا منهم عذاب أليم( ، فالمقول فيهم ذلك كلهم كفار " ([11]) . وهو يورِّي بالآية الأخيرة عن التأنيب والتحذير لمن ذكر أنه يطعن على بعض الصحابة ، رضي الله عنهم .
    · مخالفة طريقته :
    على أن ابن هشام قد يخالف طريقته هذه التي شرحتها في الاستشهاد بالقرآن الكريم ، فيترك من الآي الأقرب والأنسب إلى غيره . ووجدت من ذلك :
    1- استشهاده للمفعول له المستوفي للشروط بقوله - تعالى - : ) يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حَذَرَ الموت ( ، ولِمَا فقد شرط المصدرية بقوله - تعالى - : ) هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ( ، وهو هنا الضمير ، ولذا جُرَّ باللام ([12]) . وترك في آية البقرة : ) من الصواعق( .
    2- واستشهاده لتعدية ( نبّأ وأنبأ ) إلى أحد المفعولين بالحرف بآي منها : ) أنبئهم بأسمائهم ، فلما أنبأهم بأسمائهم ( ، ) نبِّئوني بعلم( ، ولتعديتهما إلى المفعولين بغير حرف بقوله تعالى : ) من أنبأك هذا ؟( في سورة التحريم ([13]) . وترك في السورة نفسها التعدية بالحرف ، وذلك قوله : ) فلما نبّأت به( ، ) فلما نبّأها به ( .
    3- واستشهاده لوجوب تأخر الخبر إذا اقترن بـ ( إلا ) معنى بقوله - تعالى - : ) إنما أنت نذير ( ، ولوجوب تأخره إذا اقترن بـ ( إلا ) لفظاً بقوله - تعالى - : ) وما محمد إلا رسول ( ([14]) . وترك : ) إن أنت إلا نذير( ، وهي شبه الآية الأولى .
    4- واستشهاده لاستعمال ( حَسْب ) استعمال الأسماء بقوله - تعالى - : ) حَسْبُهم جهنم ( ، ) فإن حَسْبَك الله ( ([15]) ، فأتى به مبتدأ واسماً لـ ( إن ) ، وترك : ) حَسْبُك الله ( قريباً من موضع الأنفال المذكور .

    خاتمة بتنبيهين

    أحدهما : أني لا أزعم أن هذه المواضع كلها وشبهها مما استخرجه ابن هشام ولم يُسبق إليه ، فلا أشك في أنه أخذ بعضها عمن سلف ، ولكنّ الذي أنسبه إليه عنايته بهذا الفنّ ، وتتبعه له ، وحرصه عليه ، واتخاذه طريقةً ومنهجاً في التأليف لا يكاد يتركه .
    الآخِر : أني إنّما وَفَرْتُ الأمثلة لهذا المنهج وكثّرتها للإغراء بالانتفاع بها في تعليم العربية ، وبمتابعة ابن هشام في هذا الفن ، فيُنتحى نَحْوُه ، ويُحتذى حَذْوُه ، ويُقاس على حاضر ما ذُكِرَ غائبُه ؛ إذ كان القرآن العظيم لا تنقضي عجائبه .
    والله أعلم
    تم البحث بإذن الله وحمده

    بيان الطبعات
    - الإعراب عن قواعد الإعراب ، تحقيق د. علي فودة نيل ، جامعة الرياض ، 1401 هـ = 1981م .
    - أوضح المسالك ، إلى ألفية ابن مالك ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، المكتبة التجارية ، القاهرة ، 1967م .
    - تخليص الشواهد ، وتلخيص الفوائد ، تحقيق د. عباس مصطفى الصالحي ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، 1406 هـ = 1986م .
    - شرح بانت سعاد ، دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة ، 1345هـ .
    - شرح شذور الذهب ، في معرفة كلام العرب ، تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد ، المكتبة التجارية ، القاهرة ، 1953م .
    - شرح قطر الندى ، وبلّ الصدى ، تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، المكتبة التجارية ، القاهرة ، ط 11 ، 1383 هـ = 1963م .
    - شرح اللمحة البدرية ، في علم العربية ، تحقيق د. صلاح راوي ، القاهرة ، ط 2 ، 1984 ـ 1985م .
    - مغني اللبيب ، عن كتب الأعاريب ، تحقيق مازن المبارك ومحمد علي حمد الله ، دار الفكر ، بيروت ، ط 3 ، 1972م .
    - نُزْهَة الطَّرْف ، في علم الصرف ، تحقيق د. أحمد عبد المجيد هريدي ، مكتبة الزهراء ، القاهرة ، 1410 هـ = 1990م .


    [1]- المغني 16 .

    [2]- المغني 414-415 .

    [3]- المغني 729 ، وشرح الشذور 31 .

    [4]- المغني 736 .

    [5]- المغني 776 .

    [6]- الأوضح 1/75 .

    [7]- الأوضح 4/123 ـ 124 .

    [8]- شرح القطر 163 .

    [9]- المغني 732 .

    [10]- المغني 504 .

    [11]- المغني 421 .

    [12]- شرح الشذور 227 .

    [13]- شرح الشذور 376 .

    [14]- الأوضح 1/208 .

    [15]- الأوضح 3/163 .
    محمد خليل الزَّرُّوق

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    181

    افتراضي رد: فن الاستشهاد بالقرآن الكريم عند ابن هشام

    جزاك الله خيراً وأحسن إليك بما أتحفتنا به من الفوائد والفنون
    وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين
    اللهم اكلأنا بعينك التي لا تنام
    آمــين

  9. #9

    افتراضي رد: فن الاستشهاد بالقرآن الكريم عند ابن هشام

    أشكر لك أخي الأستاذ الشيخ عصام المجريسي على دخولك واطلاعك وثنائك ودعائك ، ولك بمثل ما دعوت به ، والله يحفظك .
    محمد خليل الزَّرُّوق

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •