(قوله صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي)
ورد من حديث أبي موسى وعائشة وابن عباس وأبي هريرة وعمران بن حصين وأنس.
1- حديث أبي موسى:
أخرجه أبو داود(2085) والترمذي(1101) وابن ماجه(1881) والدارمي(217 وأحمد(4/394-413) والطيالسي(1554) وابن الجارود(701) (702) (703) (704) وابن حبان(1243-موارد) والدارقطني(3474) وابن حزم في المحلى(9/452) والبغوي في شرح السنة(5/32) والبزار(8/110/310 وغيرهم من طريق أبي إسحاق عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه مرفوعا.
قال الترمذي:هذا حديث حسن.
وصححه ابن حبان.
وقد اختلف في وصله وإرساله كما أشار إلى ذلك الترمذي رحمه الله بقوله:
وحديث أبي موسى حديث فيه اختلاف. رواه إسرائيل وشريك بن عبد الله وأبو عوانة وزهير بن معاوية وقيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى أبو عبيدة الحداد عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. ولم يذكر فيه (عن أبي إسحاق).
وقد روي عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا.
وروى شعبة والثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي.
وقد ذكر بعض أصحاب سفيان عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى. ولا يصح.
ورواية هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي، عندي أصح، لأن سماعهم من أبي إسحاق في أوقات مختلفة، وإن كان شعبة والثوري أحفظ وأثبت من جميع هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق هذا الحديث. فإن رواية هؤلاء عندي أشبه. لأن شعبة والثوري سمعا هذا الحديث من أبي إسحاق في مجلس واحد. ومما يدل على ذلك ما حدثنا محمود بن غيلان قال حدثنا أبو داود قال: أنبأنا شعبة قال: سمعت سفيان الثوري يسأل أبا إسحاق أسمعت أبا بردة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي؟ فقال: نعم.
فدل هذا الحديث على أن سماع شعبة والثوري عن مكحول هذا الحديث في وقت واحد. وإسرائيل هو ثقة في أبي إسحاق.
سمعت محمد بن المثنى يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: ما فاتني من حديث الثوري عن أبي إسحاق الذي فاتني إلا لما اتكلت به على أبي إسرائيل، لأنه كان يأتي به أتم.
فهذه هي وجوه الاختلاف في هذا الحديث، وقد رجح الترمذي رحمه الله رواية الوصل، كما هو ظاهر كلامه رحمه الله.
قال الشيخ الألباني رحمه الله في الإرواء(6/237-23:
وأقول: لا شك أن قول الترمذي أن الأصح رواية الجماعة عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى مرفوعا، هو الصواب، فظاهر السند الصحة، ولذلك صححه جماعة منهم علي بن المديني ومحمد بن يحي الذهلي كما رواه الحاكم عنهما، وصححه هو أيضا ووافقه الذهبي، ومنهم البخاري كما ذكر ذلك ابن الملقن في الخلاصة(ق143/2)، ولكن يرد عليهم أن أبا إسحاق وهو السيعي كان قد اختلط ولا يدرى هل حدث به موصولا قبل الاختلاط أم بعده؟.
نعم، قد ذكر له الحاكم متابعين منهم ابنه يونس، وقد سبقت روايته، وقال:
لست أعلم بين أئمة هذا العلم خلافا على عدالة يونس بن أبي إسحاق، وأن سماعه من أبي بردة مع أبيه صحيح ثم لم يختلف على يونس في وصل هذا الحديث.
ثم وصله الحاكم من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي بردة به.
قلت: أي الألباني: وفي إسناده ضعف، لكن إذا لم يرتق الحديث بهذه المتابعة إلى درجة الحسن أو الصحة فلا أقل من أن يرتقي إلى ذلك بشواهده الآتية، فهو بها صحيح قطعا، ولعل تصحيح من صححه من أجل هذه الشواهد، والله أعلم.
2- حديث عائشة:
ولفظه: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له.
أخرجه أبو داود(2083) والترمذي(1102) وأحمد(24426) (25381) وابن ماجه(1879) وابن حبان(4074) والحاكم(2/16 والبيهقي(7/16 والبغوي في شرح السنة(5/33/2255) من طريق ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.
قال الترمذي: حديث عندي حسن.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وصححه أيضا ابن حبان.
قلت: وابن جريج فإنه وإن كان مدلسا إلا أنه صرح بالتحديث في رواية أحمد وابن الجارود والدارقطني وكذا البيهقي.
وقد اختلف في هذا الحديث أيضا.
قال الترمذي:
رواه ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه الحجاج بن أرطأة وجعفر بن ربيعة عن الزهري عن عروة عن عائشة عن الني صلى الله عليه وسلم.
وروى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
وقد تكلم بعض أصحاب الحديث في حديث الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن جريج: ثم لقيت الزهري فسألته فأنكره. فضعفوا هذا الحديث من أجل هذا.
وذكر عن يحي بن معين أنه قال: لم يذكر هذا الحرف عن ابن جريج إلا إسماعيل بن إبراهيم.
قال يحي بن معين: وسماع إسماعيل بن إبراهيم عن ابن جريج ليس بذلك. إنما صحح كتبه على كتب عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ما سمع من ابن جريج.
وضعف يحي رواية إسماعيل بن إبراهيم عن ابن جريج.
هكذا ذكر الترمذي رحمه الله وجوه الاختلاف في هذا الحديث، والسب في من تكلم في هذا الحديث أن الزهري أنكره رغم أنه حدث به، فقد قال الإمام أحمد: ثنا إسماعيل ثنا ابن جريج قال: أخبرني سليمان بن موسى به، وزاد في آخره:
قال ابن جريج: فلقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه، قال: وكان سليمان بن موسى وكان، فأثنى عليه.
قال الحافظ في التلخيص(3/344):
وأعل ابن حبان وابن عدي وابن عبد البر والحاكم وغيرهم الحكاية عن ابن جريج، وأجابوا عنها على تقدير الصحة بأنه لا يلزم من نسيان الزهري له أن يكون سليمان بن موسى وهم فيه، وقد تكلم عليه أيضا الدارقطني في جزء من حدث ونسي، والخطيب بعده، وأطال في الكلام عليه البيهقي في السنن وفي الخلافيات وابن الجوزي في التحقيق. انتهى
فتلخص مما تقدم أن إنكار الزهري لهذا الحديث لا يدل على توهينه، لأن مسألة أن يحدث المحدث بحديث ثم ينساه أمر وارد لا إشكال فيه، والله أعلم.
3- حديث ابن عباس:
أخرجه أحمد(1/250) وابن ماجه(1880) وأبو يعلى(2507) والبيهقي(7 /177) من طريق حجاج عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا: لا نكاح إلا بولي.
قال البوصيري في الزوائد(2/82):
هذا إسناد ضعيف، حجاج هو ابن أرطأة مدلس، وقد رواه بالعنعنة، وأيضا لم يسمع حجاج من عكرمة. قاله الإمام أحمد. انتهى
وللحديث طريق أخرى، فقد أخرجه الدارقطني(3481) والبيهقي من طريق عدي بن الفضل عن عبيد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا بلفظ:
لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، وأيما امرأة أنكحها ولي مسخوط عليه فنكاحها باطل.
قال الدارقطني:
رفعه عدي بن الفضل ولم يرفعه غيره.
وقال البيهقي:
كذا رواه عدي بن الفضل، وهو ضعيف، والصحيح موقوف.
قلت: لكن تابعه على الرفع سفيان، كذا أخرجه الطبراني في الكبير(12/64/12483) من طريق سفيان عن عبد الله بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
وله طريق أخرى، فقد أخرجه الطبراني في الكبير(11/155/11343) من طريق الربيع بن بدر ثنا النهاس بن قهم عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعا بلفظ:
لا يكون نكاح إلا بولي وشاهدين ومهر ما كان قل أو كثر.
وأخرجه الطبراني في الأوسط(5/264/4517) من طريق الربيع، لكن بلفظ:
البغايا اللاتي يزوجن أنفسهن، لا يجوز نكاح إلا بولي وشاهدين ومهر ما قل أو كثر.
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن النهاس إلا الربيع بن بدر.
قلت: والربيع بن بدر متروك كما قال الهيثمي في المجمع(4/286).
وأخرجه أيضا الطبراني في الكبير(11/142/1129 من طريق معمر بن سليمان الدقي عن حجاج عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا نكاح إلا بولي والسلطان ولي من لا ولي له.
4- حديث أبي هريرة:
أخرجه الطبراني في الأوسط(6/262/5559) من طريق أحمد بن يونس قال حدثنا عمر بن قيس عن عطاء عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي.
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن عطاء إلا عمر بن قيس، تفرد به أحمد بن يونس.
قال الهيثمي في المجمع(4/286):
رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عمر بن قيس المكي وهو متروك.
وله طريق أخرى عن أبي هريرة، فقد أخرجه الطبراني في الأوسط(7/191/6362) من طريق سليمان بن أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، وزاد:
وشاهدي عدل.
وسليمان بن أرقم ضعفه ابن معين والجوزجاني وأبو داود والدارقطني وأبو زرعة كما في الميزان(2/196).
وأخرجه ابن حبان(1246- موارد) أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى حدثنا هلال بن بشر حدثنا أبو عتاب الدلال حدثنا أبو عامر الخزاز عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا: لا نكاح إلا بولي.
وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أبا عامر الخزاز، فقد قال عنه الحافظ في التقريب:
صدوق كثير الخطأ.
وتابعه هشام بن حسان، كذا أخرجه البيهقي(7/177-17 من طرق عنه. وهشام هذا ثقة، من أثبت الناس في ابن سيرين، كذا قال الحافظ في التقريب(2/319).
وتابعه الأوزاعي فرواه عن ابن سيرين عن أبي هريرة موقوفا، بلفظ:
لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها.
قال البيهقي:
هذا موقوف، وكذلك قاله ابن عيينة عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين. وعبد السلام بن حرب قد ميز المسند من الموقوف، فيشبه أن يكون قد حفظه، والله تعالى أعلم
5- حديث عمران بن حصين:
أخرجه الدارقطني(3491) والطبراني كما في المجمع(4/287) من طريق عبد الله بن محرز عن قتادة عن الحسن عنه.
قال الهيثمي:
فيه عبد الله بن محرز وهو متروك.
وفي الباب أيضا عن ابن عمر وجابر وأبي أمامة
6- حديث ابن عمر :
أخرجه الدارقطني(3492) من طريق إسحاق بن هشام التمار نا ثابت بن زهير نا نافع عن ابن عمر .
لكن فيه ثابت بن زهير، قال البخاري: منكر الحديث.
وقال ابن عدي: يخالف الثقات في المتن والسند.
وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الدارقطني وغيره: منكر الحديث. كذا في الميزان(1/364).
7- حديث جابر:
أخرجه الطبراني في الأوسط(6/263/5560) من طريق قطن بن نسير الذارع قال حدثنا عمرو بن النعمان الباهلي قال: حدثنا محمد بن عبد الملك عن أبي الزبير عن جابر بلفظ:
لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل.
قال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن جابر إلا بهذا الإسناد، تفرد به قطن بن نسير.
قلت: قطن بن نسير روى له مسلم وأبو داود والترمذي.
وكان أبو حاتم يحمل عليه.
وقال ابن عدي: كان يسرق الحديث. كذا في الميزان(3/391)
قال الهيثمي في المجمع(4/286):
رواه الطبراني في الأوسط من طريق محمد بن عبد الملك عن أبي الزبير، فإن كان هو الواسطي الكبير فهو ثقة، وإلا فلم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
قلت: على ضعف في أبي الزبير، فإنه مدلس، وقد عنعن.
وله طريق أخرى بلفظ: لا نكاح إلا بولي، وأيما امرأة تزوجت بغير ولي فنكاحها باطل.
كذا أجرجه الطبراني في الأوسط(5/247/448 من طريق يحي بن غيلان قال حدثنا عبد الله بن بزيع عن هشام القردوسي عن عطاء.
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن هشام بن حسان إلا عبد الله بن بزيع، تفرد به يحي بن غيلان.
وله طريق أخرى أخرجها الطبراني أيضا في الأوسط(4/551/393 من طريق محمد بن العباس بن الوليد الزيتوني من أهل الزيتونة، قال حدثنا عمرو بن عثمان الرقي، قال حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعا بلفظ:
لا نكاح إلا بولي، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له.
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الأعمش إلا عيسى بن يونس، ولا عن عيسى بن يونس إلا عمرو بن عثمان، تفرد به محمد بن العباس.
قال الهيثمي في المجمع(4/186):
رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عمرو بن عثمان الرقي وهو متروك، وقد وثقه ابن حبان.
8- حديث أبي أمامة:
أخرجه الطبراني كما في المجمع(4/286).
قال الهيثمي: فيه عمر بن صهبان وهو متروك.