قال ابن قدامة في المغني :
" ويصح الصرف الصبي المميز بالبيع والشراء فيما أذن له الولي فيه في إحدى الروايتين وهو قول أبي حنيفة الثانية : لا يحص حتى يبلغ وهو قول الشافعي لأنه غير مكلف أشبه غير المميز ولأن العقل لا يمكن الوقوف منه على الحد الذي يصلح به التصرف لخفائه وتزايده تزايدا خفي التدريج فجعل الشارع له ضابطا وهو البلوغ فلا يثبت له أحكام العقلاء قبل وجود المظنة ولنا قول الله تعالى : { وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم } ومعناه اختبروهم لتعلموا رشدهم وإنما يتحقق اختبارهم بتفويض التصرف إليهم من البيع والشراء وليعلم هل يغبن أولا ولأنه عاقل مميز محجور عليه فصح تصرفه بإذن وليه كالعبد وفارق غير المميز فإنه لا تصلح المصلحة بتصرفه لعدم تمييزه ومعرفته ولا حاجة إلى اختيارهم لأنه قد علم حاله وقولهم أن العقل لا يمكن الإطلاع لعيه قلنا يعلم ذلك بآثاره وجريان تصرفاته على وفق المصلحة كما يعلم في حق البائع فإن معرفة رشده شرط دفع ماله إليه وصحة تصرفه كذا ههنا فأما إن تصرف بغير إذن وليه لم يصح تصرفه ويحتمل أن يصح ويقف على إجازة الولي وهو قول أبي حنيفة "
والشاهد هنا أنه أجاز بيع الصبي المميز بدون إذن الولي لكن هو موقوف على إجازته فإن أجازه الولي انعقد وإلا فلا
ثم قال في باب الطلاق :
" وأما الصبي الذي لا يعقل فلا خلاف في أنه لا طلاق له وأما الذي يعقل الطلاق ويعلم أن زوجته تبين به وتحرم عليه فأكثر الروايات عن أحمد أن طلاقه يقع اختارها أبو بكر و الخرقي و ابن حامد وروي نحو ذلك عن سعيد بن المسيب و عطاء و الحسن و الشعبي و إسحاق وروى أبو طالب عن أحمد لا يجوز طلاقه حتى يحتلم وهو قول النخعي والزهري ومالك وحماد والثوري وأبي عبيد أنه قول أهل العراق وأهل الحجاز وروي نحو ذلك عن ابن عباس لقول النبي صلى الله عليه و سلم [ رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم ] ولأنه غير مكلف فلم يقع طلاقه كالمجنون ووجه الأولى قوله عليه السلام : [ الطلاق لمن أخذ بالساق ] وقوله [ كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه المغلوب على عقله ] وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال : اكتموا الصبيان النكاح فيفهم منه فائدته أن لا يطلقوا ولأنه طلاق من عاقل صادف فوقع كطلاق البالغ
فصل : وأكثر الروايات عن أحمد تحديد من يقع طلاقه من الصبيان بكونه يعقل وهو اختيار القاضي "
والشاهد أنه أجاز طلاق الصبي المميز الذي يعقل الطلاق ولم يشترط إجازة الولي من عدمه !!!
فما سبب التفرقة بين بيع وشراء الصبي -وكذا نكاحه عند الحنفية - إذا فعلها الصبي دون إجازة الولي يصير العقد موقوفا على إجازة الولي بينما عند الحنابلة يقع طلاق الصبي المميز الذي يعقل الطلاق بخلاف الحنفية لا يقع عندهم طلاق الصبي البتة
ملحوظة الشافعي وابن حزم يمنعان انعقاد أي تصرف للصبي المميز سواء بيع أو شراء أو نكاح أو طلاق !!
إن قيل سبب التفرقة ما هو ضرر محض فلا ينعقد من الصبي المميز قلت : نعم كالردة وسائر الذنوب والمعاصي , أما الطلاق فليس فيه ضرر محض بل هو عقد كالنكاح والبيع !!
الشاهد مما سبق : إما نجيز عقود الصبي المميز جملة سواء أجازها الولي أم لا
أو نوقف عقود الصبي المميز جملة حتى يأذن بها الولي
أو نمنع نفوذ عقود الصبي المميز جملة
فما سبب التفرقة عند الحنابلة ؟؟
وهل أحد صرح من أهل العلم أن بيع الصبي المميز ونكاحه ينعقد حتى لو لم يأذن الصبي ؟؟
وجزاكم الله خيرا