بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي له الحمد كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما مزيدا وبعد:


إلى حفيدات أسماء في العفة والطهر والنقاء... إلى السائرات على درب عائشة وحفصة وسمية... إلى الطاهرات النقيات التقيات العفيفات...

إليكِ أخية بعض الكلمات والنصائح الطيبة النافعة بإذن الله جل في علاه، أعظ بها نفسي قبل قصد وعظِكِ، فلا أظُنُّني أفضل منك، "هو أعلم بمن اتقى"، ولكن

السعيدة من وعظت بغيرها ( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب) هود: 88

و اللهَ تعالى أسأل، أن نكون جميعا من اللواتي يستمعن القول فيتبعن أحسنه.

يا أيتها الأخت المؤمنة.. يا من أنعم عليكِ الله بنعمة الاستقامة.. ووهبك القدرة على التفريق بين حلاله وحرامه...

اِحمدي الله سبحانه واشكريه... وتقربي إليه بذكره وأطيعيه... فإنّ في طاعته راحةُ القلب، وطمأنينتُه وسرورُه وزوالُ همومه وغمومه، بل طاعتُه سبيل

ُ السعادة في الدنيا والآخرة، والقربُ منه منوط بعز الآخرة و الأولى، قال الله تعالى: ( و من يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)وكما قال العلامة السعدي رحمه الله تعالى:

سَعِد الذين تجنبوا سُبل الردى **** وتيمموا لمنازل الرضوان

تجنبوا طرق الخسران، وتيمموا طرق الرضوان

تجنبوا طرق الشيطان، و قصدوا عبادة الرحمن

تجنبوا طرق الجحيم، وتيمموا سبل النعيم

تركوا السيئات، و اجتهدوا فعملوا الحسنات

نزهوا قلوبَهم وألسنتهم وجوارحَهم عن المحرمات والمكروهات، و شغلوها بفعل الواجبات و المستحبات.

تَحَلَّوْا بالأخلاق الرفيعة الجميلة، وتَخَلَّوا من الأوصاف الرذيلة.


فكوني منهم أيتها العفيفة المصونة ليس فقط بحجابك و بعباءتك، و إنما كذلك بأخلاقك و أفعالك.

نعم، حافظي على حجابك... فالحجاب طهارة و عفة و نقاء... قال تعالى: ( يا أيها النبي قل لأزواجك و بناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهنذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين).

نعم و الله... إنه زينة و علامة الطهارة و الشرف في المرأة.. كيف لا؟ و هو دليل حيائها.. و علامة نقائها.. و هو صيانةٌ لها من شياطين الإنس.. فاحرصي

على حجابكِ ـ رحمك الله ـ فإنه سر سعادتكِ.

احذري دعاةَ التبرج و السفور.. فإنهم يريدون الشر لك.. و كوني سَدّا متينا يَضحَدُ أفكارهم.. وحصنا منيعا يُنكِرُ شهواتهم.. نعم يا أختاه.. لقد أقض

مضاجعَهم حياؤكِ وعفتكِ.. فأرادوا أن يُلحقونكِ بركب الفاجرات الغربيات.. من أجل قضاء شهواتهم... و تحقيق رغباتهم.. فاحذريهم إني لك أخيتي من

الناصحين..


و بعد هذه المقدمة اليسيرة و الكلمات المرتجلة فرحا بكن، أردف قولي بذكر غصة تحز في نفسي، من بعض الأخوات هداهن الله لبِسن العباءة وانتقبن، لكن

أفعالهن ما تغيرت و لو تقديرا لحجاب العفة و الوقار، بل تمادين في أفعالهن و ظنَنَّ أن المظهر هو الاستقامة، و تقنّعن بشخصية الناصح الأمين و الحريص

على الطاعة و صالح الأعمال، و لكنْ، في الحقيقة، يا حسرتـــاه على ما فرطن في جنب الله.

ستسألْنَني كيف يجتمع في الظاهر طاعة لله و رسوله بارتداء الحجاب و النقاب، بينما الأفعال عموما و الأقوال خصوصا خلاف ذلك؟

أقول لكم، إن مجالس بعض أخواتنا لا تخلوا من النميمة والغيبة، فهذه فلان تزوجها...، و تلك زوجُها خاصمها أو طلقها، و الأخرى خرجت متبرجة وخلعت

حجابها... وَلائمُ لحوم البشر.

وتتناسى أخواتنا أن الغيبة و النميمة من الكبائر، و من أقبح القبائح، و أرذل الرذائل، و لما كنت يا أختي ممن يتلوا كتاب الله فمؤكد مرت عيناك و تدبر قلبك

آية من سورة الحجرات قال الحق جل و علا فيها: " ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ".
و في السنة حديث النبي الأمين صلى الله عليه و سلم: "لا يدخل الجنة فتان". أي نمام

و عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفية كذا و كذ، تعني قصيرة، فقال: لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر

لمزجته.


و مما يُحزن القلب، العلم بلا عمل، و لا توبة و لا ندم، سبحان الله!!! ألا تخشين أن يكون التزامك هذا، هو نفسُه ما يسمونه بالالتزام الأجوف !!!

يجب علينا أخواتي أن لا نسكت عن الحق، و لا نكف عن النهي عن المنكر و الأمر بالمعروف. و كما قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:" اِلق كلمتك

وامضِ"
.من باب النصح وإبراء الذمة أمام الله عز وجل.

و يجب علينا جميعا معاهدةَ ألسنتنا بالتنقية و التطهير، فكما جاهدتِ أخيتي في إصلاح حجابك و ظاهرك أعمالك، فجاهدي باطنك و أصلحي فعالَ قلبك الذي به

توزن كل أعمالك، فلا نتكلم إلا بما يفيد و ينفع ( قل خيرا أو اصمت)، و لْنجاهد أنفسنا على ذلك حتى تتعود الخير فيكون محبوبا لها، و تنفر من الشر

فيكون مُبَغَّضا عندها.

قال ابن عباس مخاطبا لسانه: " يا لسان! قل خيرا تغنم أو اسكت عن شر تسلم ".و قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يتبين فيها، يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق و المغرب ". متفق عليه.

الغيبة كما نعلم: ذكرك أختك من وراءها بما تكرهه -و إن كان فيها-. (و انتبهن هنا) سواء تعلق ذلك بدينه أو بدنه أو دنياه أو كل ما يمت إليه بصلة

كالزوجة و الولد و نحوها، سواء كان ذلك باللفظ أو كتابة أو رمز أو إشارة، فالمسلم على المسلم حرام دمه و ماله و عِرضُه.

كفارة الغيبة:

ليس للغيبة كفارة إلا التوبة النصوح، و لا تصح إلا بأربعة شروط
:
1ـ الإقلاع عنها في الحال
2ـ الندم على ما مضى
3ـ العزم على أن لا تعود
4ـ استسماح من اغتبته إن علمتَه مسامحَك.

و مما عُرف عند بعض أخواتنا اللعن و السب:


إما لشخص معين كأبنائها و إما بسبب أمر قد أغضبها، و هذه من الأمور التي تدل على السفه و سرعة الغضب، و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم: "ليس

المؤمن بالطعان، و لا اللعان و لا الفاحش و لا البذيء
".
فلنتق الله يا أخية، ولنحرص على طهارة ألسنتنا؛ فالمرأة المسلمة عفيفة المنطق و الكلام، فقد رباها الإسلام على الحياء و الصيانة و حسن الخلق و محامد

الخصال.


السخرية والاستهزاء بمن لا تلبس الحجاب أو ترتكب معصية من المعاصي:

وهذا أيضا مما عُرف عند بعض أخواتنا المنتقبات، قد تناسين أننا بشر نصيب و نخطئ و (كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم) فهل يليق بك يا أخية، أن

تستهزئي بالآخرين!!!!!؟

قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا

تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون".


و السخرية هي الاستهانة و التحقير، و التنبيه على العيوب النقائص و قد يكون بالقول أو بالمحاكاة في الفعل و القول أو بالإشارة و الإيماء. و هل ترضاه

الأخت العفيفة لنفسها فقد قال الرسول صلى الله عليه و سلم: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير " رواه بهذه الزيادة الترمذي.

أرأيت أخية، إن جعلت نفسك مكانها، أليس ممكنا أن يكون فعلُك فِعلَها؟ اللهم لا تبتلينا في ديننا.....و قد صدق القائل: " و رأيت المرءَ يحكُم في نازلةٍ تحُلّ

بغيره، فيقضي فيها بعينِها -إن هي نزلت به- بغير الذي كان حَكَم به؛ فإن كان سراءَ لاَنَ لنفسه و ما عدل، و إن كان ضراء تَرَخَّص لها و أَوجَدَ البدل".

و في الختام أقول، بالله علي و عليك أخية، ما الذي قدمت - لا أقول نُصحا فحسب فهذا واجب شرعي- مدا ليد المساعدة لتلكم الأخت التي اغتيبت يوما،

لمعصية ابتُليت بها، و ما الذي قدمت أخية لتِلكُم الأخت التي تبرجت عبثا و خطأ إما شبهةً أو شهوةً، هنا يكون المِحك و هنا ينكشف الغبار، و قد قال الشاعر:

إن أخاك الصدق إن كان معك ****** و من يضر نفسَه لينفعك

و من إذا ريب الزمان صدعك ***** شتَّتَ فيك شملَه ليجمَعَك
هذا هو الصدق في المحبة التي لا تكون إلا لله، أُنصت لأختي و أَستبينَ هَمَّها فأهتم لهمها و أهتم بها، و أُقَوِّمَ الخطأ و إن اتصل بها، و أغفرَ الزلل و أغض

عنه الطرف و أُصلِحُه إن ألمَّ بها، رحمة بها و سبيلا لدعوتها، فإنما تحتاجك أختُك أخية،ا عند المصيبة تحُلُّ بها، و باغية الخير لا يضرّها متى الوصول،

بقدر ما يهمها كيفية الوصول و إيقانُه، و لا معين على مثل هذا السلوك إلا رب العالمين ملك الملوك.

نسأل الله سبحانه و تعالى أن يجعلنا و إياكم من الذين يحبونه و رسولَه حق المحبة، و أن يرزقنا شفاعته، و أن يرزقنا لقاءَه في جنة الفردوس، و أن

يرزقنا الأخذ بسنته صغيرِها و كبيرِها، و نسأله سبحانه وتعالى أن ينعم علينا و عليكن بإتباع طريقة رسول الله صلى الله عليه و سلم ظاهراً وباطنا.
ـأختكم المقصرة أم بلال بنت محمد غفر الله لها.
منقول من هذا الرابط :
http://www.manzila.org/forum/index.p...51&#entry27351
وقد نقلته في ملتقى أهل الحديث:http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showth...02#post1167302