الحمد لله رب العالمين
* قال ابو الاشبال رحمه الله في مسألة الاقعاء في الصلاة :
( قال النووي في شرح مسلم : " والصواب الذي لا معدل عنه : أن الاقعاء نوعان .
أحدهما : أن يلصق أليتيه بالارض وينصب ساقيه ويضع يديه على الارض , كاقعاء الكلب , هكذا فسره ابو عبيدة معمر بن المثنى وصاحبه او عبيد القاسم بن سلام , آخرون من أهل اللغة , وهذا النوع هو المكروه الذي ورد فيه النهي .
والنوع الثاني : أن يجعل أليتيه على عقبيه بين السجدتين , وهذا هو مراد ابن عباس بقوله : سنة نبيكم وقد نص الشافعي رضي الله عنه في البويطي والاملاء على استحبابه في الجلوس بين السجدتين , وهذا هو مراد ابن عباس ررر عليه جماعات من المحققين , منهم البيهقي والقاضي عياض وآخرون , رحمهم الله تعالى . "
والذي قال النووي تحقيق جيد , ويؤيده كتب اللغة . قال ابن دريد في الجمهرة : " الاقعاء : مصدر : اقعى إقعاء , وهو ان يقعد على عقبيه وينصب صدور قدميه . ونهى عن الاقعاء في الصلاة , وهو ان يقعد على صدور قدميه ويلقى يديه على الارض " )
* قال ابو الاشبال بعد ان ذكر كلام للإمام الخطابي رحمه الله في مسألة القراءة خلف الامام :
( والمسئلة ادق من هذا التسهيل الذي صورها ابن العربي , وقد تعارضت فيها الادلة تعارضاً شديداً , فإن كتاب الله صريح في الامر بالانصات لقراءة القرآن , وهو يشمل الصلاة وغيرها , ثم ورد الامر بالانصات للامام ايضا , وجاءت أحاديث صحاح متواترة : أنه " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " وكل ركعة صلاة وكل مصل داخل تحت هذا العموم الصريح , اماماً كان او مأموماً او منفرداً , وورد حديث مرسل عن عبد الله بن شداد : " ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : من كان له امام فقراءة الامام له قراءة " رواه الدارقطني وغيره , وقال المجد ابن تيمية في المنتقى : " وقد روى مسندا من طرق كلها ضعاف , والصحيح أنه مرسل " )
قلت (ابو عبد الملك ) : حسنه الالباني في " الارواء " وقال في صفة الصلاة قواه ابن تيمية .
ثم قال ابو الاشبال ( والواجب في مثل هذا المقام , إذا تعارضت الادلة , الرجوع الى القواعد الصحيحة السليمة في الجمع بينها إذا لم نعرف الناسخ منها من المنسوخ )
ثم قال ( أما نحن فإنا نذهب الى ان ليس شيء منها منسوخاً ونذهب إلى الجمع بينها مع الترجيح :
أما الاية فإنها عامة تشمل المصلي وغيره , وأحاديث وجوب القراءة عامة ايضا تشمل الامام والمأموم والمنفرد , وحديث " من كان له إمام فقراءة الامام له قراءة " خاص بالمأموم , ولكنه عام في قراءة اي شيء من القرآن , الفاتحة او غيرها , وليس إسناده مما يحتج به أهل العلم بالحديث , فلو كان هذا الحديث صحيحاً , ولم يأت معارض له اقوى منه : كان خصوصه حاكما على عموم غيره , مما يوجب قراءة الفاتحة على المأموم , فإن الخاص حاكم على العام ومقيد له . ولكن حديث عبادة بن الصامت " فلا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها " اقوى منه وأخص , أما قوته وصحته فقد بيناها في موضعها , وأما خصوصه فإنه نص في معناه , إذ يقول رسول الله للمأمومين نهياً لهم عن القراءة خلف الامام : " فلا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها". وقد تأيد هذا النص بأحاديث أخر , هي نص مثله خاصّ , فقد روى البخاري في جزء القراءة : " حدثنا عبد الله بن يوسف أنبأنا عبد الله عن ايوب عن أبي قلابة عن انس أن النبي صلى بأصحابه , فلما قضى صلاته أقبل عليهم بوجهه , فقال : اتقرؤن في صلاتكم والامام يقرأ ؟ فسكتوا فقالها ثلث مرات , فقال قائل , او قائلون : إنا لنفعل , قال فلا تفعلوا , وليقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في نفسه " .. فهذه الاحاديث الصحاح او الحسان , هي نص في موضوعها , وهي من الخاص الصريح , بالنسبة الى الادلة الاخرى , فلو كان حديث " من كان له امام " حديثاً صحيحاً , لكانت هذه الروايات دالة على ان المراد به أن قراءة الامام له قراءة : في غير الفاتحة , أن على المأموم أن يقرأ ام القرآن التي وجبت عليه ركناً من أركان صلاته , ثم يكف عن القراءة وينصف لإمامه فلا ينازعه القرآن , وهي تدل ايضاً على تخصيص الآية وحديث " وإذا قرأ فانصتوا " بما عدا حالة قراءة المأموم الفاتحة . وهذا هو الجمع الصحيح بين الادلة )
قلت (ابو عبد الملك) : وقد وافق الامام الالباني رحمه الله ابو الاشبال في كتابه "صفة صلاة النبي " في مسألة ركنية الفاتحة في الصلاة , ومسألة انصات المأموم للإمام في الجهرية . انظر ص85
وذهب رحمه الله الى نسخ القراءة خلف الامام في الجهرية , وبوجوبها في السرية .انظر ص86-87
......