عندما كان سيدنا خالد بن الوليد ( رضي الله عنه ) يقود جيوش المسلمين في إحدى معارك الإسلام الفاصلة والكبرى ، استهل أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) بإحالة قيادة الجيوش المحمدية الإسلامية من سيدنا خالد إلى سيدنا أبي عبيدة بن الجراح ( رضي الله عنهما ) .
ولم يكد سيدنا أبو عبيدة يستقبل مبعوث أمير المؤمنين حتى طلب منه أن يكتم هذا الأمر لحين نهاية المعركة .. وبقي في كتمانه لهذا الأمر حتى أتمَّ القائد ( خالد بن الوليد ) فتحه العظيم .. وحينئذ تقدم إليه في أدب جليل بكتاب أمير المؤمنين !! وهنا يسأله سيدنا خالد :
( يرحمك الله أبا عبيدة ، ما منعك أن تخبرني حين جاءك الكتاب ؟ )
فيجيبه أمين هذه الأمة : ( اني كرهت أن اكسر عليك حربك .. وما سلطان نريد ، ولا للدنيا نعمل .. كلنا في الله اخوة . )
بلى قد صدقت يا أمين الأمة : فكلكم في الله اخوة .. والأخوة لا تليق
اسماً ومعنىً إلا لمثلكم ولمثل علاقتكم الصادقة تلك .
فو الله لقد زدت من جمال الأخوة جمالا بقولك :(كرهت أن اكسر عليك حربك ) .
كيف استقيت كل هذا الفهم الدقيق للمشاعر الإنسانية ؟
لا ، بل انظروا كيف يشيع البِشرُ في نفس سيدنا خالد التي قد يكون
خالطها شيء من الأسى فيبدي بغضه لحب السلطة والقيادة وهو في
ذلك صادق كل الصدق .، وكيف يجيبه أمين الأمة ابن الجراح :
( وما سلطان الدنيا نريد.. ولا للدنيا نعمل ، كلنا في الله اخوة .)
أفلا يجدر بنا إذن أن نفهم المعنى الحقيقي للأخوة ، وما أجمل وما أعظم
أن نكون جميعا اخوة في الله .