قال الله تعالى : { يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون * هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون } سورة الصف ( 8 – 9 ) .
..........................
قال فضيلة الشيخ " عبد الرحمن السعدي " – رحمه الله - في كتابه " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " صفحة " 859 – 860 " :
( { يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم } أي : بما يصدر منهم من المقالات الفاسدة ، التي يردّون بها الحق ، وهي لا حقيقة لها ، بل تزيد البصير معرفة بما هم عليه من الباطل .
{ والله متم نوره ولو كره الكافرون } أي : قد تكفل الله بنصر دينه وإتمام الحق الذي أرسل به رسله ، وإشاعة نوره على سائر الأقطار ، ولو كره الكافرون ، وبذلوا بسبب كراهتهم كل سبب يتوصلون به إلى إطفاء نور الله فإنهم مغلوبون ، وصاروا بمنزلة من ينفخ عين الشمس بفيهِ ليُطفئها ، فلا على مرادهم حصلوا ، ولا سلمت عقولهم من النقص والقدح فيها ) .
وأردف قائلا : ( ثم ذكر سبب الظهور والانتصار للدين الإسلامي ، الحسي والمعنوي ، فقال : { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق } أي : بالعلم النافع والعمل الصالح ، بالعلم الذي يهدي إلى الله وإلى دار كرامته ، ويهدي لأحسن الأعمال والأخلاق ، ويهدي إلى مصالح الدنيا والآخرة .
{ ودين الحق } أي : الدين الذي يدان به ، ويتعبّد لرب العالمين الذي هو حق وصدق ، لا نقص فيه ، ولا خلل يعتريه ، بل أوامره غذاء القلوب والأرواح ، وراحة الأبدان ، وترك نواهيه سلامة من الشر والفساد ، فما بعث به النبي - صلى الله عليه وسلم – من الهدى ودين الحق أكبر دليل وبرهان على صدقه ، وهو برهان باق ما بقي الدهر ، كلما ازداد به العاقل تفكرا ، ازداد به فرحا وتبصرا .
{ لـِيُظهرَهُ على الدينِ كـُلّه } أي ليُعليه على سائر الأديان بالحجة والبرهان ، ويظهر أهله القائمين به بالسيف والسنان ، فأما نفس الدين فهذا الوصف ملازم له في كل وقت ، فلا يمكن أن يغالبه مغالب ، أو يخاصمه مخاصم إلا فلجهُ وبَلسهُ ، وصار له الظهور والقهر ، وأما المنتسبون إليه فإنهم إذا قاموا به واستناروا بنوره واهتدوا بهديه في مصالح دينهم ودنياهم ، فكذلك لا يقوم لهم أحد ، ولا بد أن يظهروا على أهل الأديان ، وإذا ضيّعوه واكتفوا منه بمجرد الانتساب إليه ، لم ينفعهم ذلك ، وصار إهمالهم له سبب تسليط الأعداء عليهم ، ويعرف هذا من استقرأ الأحوال ونظر في أول المسلمين وآخرهم ) انتهى كلامه رحمه الله تعالى ..